تفسير سفر العدد ٢٧ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح السابع والعشرون
بنات صلغماد وإقامة يشوع (الإيمان القوى)
بنات صلغماد هن نموذج رائع للإيمان القوى. ولنقارن بين مواقف عدم إيمان الشعب فى العديد من المواقف التى شككوا فيها فى دخولهم الأرض وبين ثقة بنات صلغماد فى ذلك وطلبهن أن يكون لهن نصيب. وايضاً نجد هنا نموذج للإيمان فى إهتمام موسى تبعيين حلف لهُ يكمل المسيرة حتى أرض الميعاد. كلهم لهم إيمان حى فى أن وعد الله سيتم.
وبالرجوع إلى (عد33:26) نجد أن صلغماد لم يكن لهُ بنون بل بنات فلم يدخل فى التعداد. فأتت بناته يعرضن قضيتهن بقوة حجة وبشجاعة لكن فى وقار وإتضاع وأعلن أن أباهن مات ميتة طبيعية كما مات كل الجيل السابق ولكنه لم يكن من جماعة قورح الذين حاولوا إغتصاب الكهنوت وكان سؤالين لماذا يحذف إسمه من بين وارثى الأرض الجديدة. فكانت كلماتهن كلها إيمان وتمسك بوعود الله وهذا يفتح السماء للإستجابة وكان قانون جديد أنه إن لم يكن للمتوفى إبن فترثه بنته وإن لم يكن له إبنة فإخوته أو أعمامه أو أقرب من لهُ فى عشيرته ونلاحظ:-
1- الله وعدنا بالميراث لكنه يريدنا أن نصارع فى الطلب منه وفى الصلاة بلجاجة وإيمان
2- هؤلاء البنات يمثلن العذارى الحكيمات فهن ملأن آنيتهن بزيت الإيمان.
3- كون أن الله وافق على طلبهن بأن يبقى لصلغماد أبيهن إسم رغماً عن موته ميتة طبيعية أى نتيجة الخطيئة الأصلية فهذا يفتح لنا باب الرجاء أن كل من يموت ميتة طبيعية له نصيب فى الميراث المسماوى فخطايانا العادية التى يقدم عنها توبة لا تمنع نصيبنا بل يمنعه تحدى الله ورفض التوبة وراجع (غل 29،28:3) فنحن لنا ميراث
4- نتيجة إصرار بنات صلغماد على الحصول على نصيبهن كان بركة هذا حصولهم على قانون جديد للميراث
5- معانى الأسماء صلغماد = صل فى حاد = ظل فى خوف فهذا هو حالنا فكلنا ولدنا فى ظل الخطية خائفين من الموت وكنا قبل المسيح فى عبودية (عب 15:2) ونلاحظ فى أسماء بنات صلغماد النمو فى النعمة مع المسيح 1) محلة = عجز / وهن / ضعف 2) فوعة = تجوال 3) حجلة = ترقص فى فرح
4) ملكة = مَلِكَة 5) ترصة = مقبولة والمعنى أنه فى ظل ولادتنا تحت الخطية كنا فى حزن قلبى
بسبب خطايانا وكنا نتجول كمن يبحث عن حل وتعزية ومعونة وهذا وجدناه فى المسيح فتحول
حزننا لفرح وهو جعلنا ملوكاً وكهنة وسنكون مقبوليين أمامه وبلا عيب فيه.
الآيات 12-23:-
أقر الله موسى أن يصعد للجبل لينظر أرض الميعاد من فوق فهو لن يدخلها وموسى لم ينفذ هذا الأمر فوراً بل وضع بعض الترتيبات وترك بعض الوعظات التى إستمرت طوال سفر التثنية (عد28 – تث 33). وهنا الله يطلب منه أن يصعد الجبل كما حدث مع هرون وهذا هو موت القديسيين صعود لأعلى. وفى الصعود نرى ورأى موسى أرض الميعاد، وتستريح نفسه إلى أن ما جاهد لأجله سنين عديدة رآه أخيراً. هذه مكافأة لموسى
آية13:-
كما ضُمَ هرون أخيك = إذاً الموت ليس فناء فقومه مازالوا موجودين فى مكان ما.
آية16:-
تظهر هنا عظمة موسى فهو لم يطلب من الله عن نفسه بل عن الشعب حتى لا يستمر بلا راعى فيتشتت. هذه هى الرعاية وهذا هو الحب أن ينس الخادم نفسه من أجل الجماعة. ومن عظمته أيضاً أنه لم يوصى بأن يحتل أبناؤه مراكز القيادة. بل هو يترك الرب يختار من يراه. وهكذا الكنيسة فى إختيار أحد الرعاة ينبغى أن تصلى كثيراً.
آية18:-
يشوع الذى كان ذراع موسى الأعين وتلميذة ولم يكن يفارق خيمته (خر11:33) وهذه هى التلميذة. وهو الذى دخل أرض الموعد وجاء يقدم لإخوته عربون الحياة الجديدة. ضع يدك عليه = لهذا إرتبط وضع الأيدى بسيامة خدام الله وتسليم بركة إلهية (يعقوب وأولاد يوسف) وشفاء المرضى وفى الكنيسة يستعمل فى السيامة وحلول الروح القدس وصلاة التحليل للمعترفين (أع 6:6، 3:13 + 1 تى22:5 + 2تى16:1 + مز 5:6،23:8 + لو 4:4، 13:13 + مت 18:9، 15،13:19)
آية19:-
أوقفه قدام العازار الكاهن وقدام كل الجماعة = هنا نرى الدور الإيجابى للكهنة والشعب فى السيامات. فالشعب كما الكهنة لا يقفوا متفرجين بل يلتزمون بالمساهمة فى هذا العمل والتعاون معهم.
آية20:-
أجعل من هيبتك عليه = إن كان موسى يضع الأيدى. لكن الله الذى وهب موسى روحه ومهابته هو الذى يهب يشوع ذات العطايا. وكان على موسى أن يتكلم عن يشوع وصفاته الجليلة أمام الشعب فيها به الشعب مثل موسى ويشركه معه فى الرعاية فى فترة حياته فلا يختلف عليه أحد بعد موت موسى.
آية21:-
على يشوع أن يتعاون مع رئيس الكهنة الذى يسأل بالأوريم والتميم (الأنوار والكمالات، إشارة لعمل الروح القدس الذى يهب الإنسان إستنارة وكمال أما موسى وحده هو كان يكلم الله دون رئيس كهنة بل وجهاً لوجه.