تفسير سفر العدد ٢٩ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح التاسع والعشرون
الأعياد وذبائحها وتقدماتها
الآيات 1-6:- عيد الهتاف
نبدأ من هنا أعياد النصف الثانى من السنة وفى خلال الشهر السابع نحتفل بثلاث أعياد وكانت هذه الفترة راحة بالنسبة للعاملين فى الزراعة، ما بين الحصاد وبذر البذور وكأن الله أراد أن يفرغهم للعبادة المفرحة فى هذه الفترة (لذلك ينبغى أنه نقدس عطلاتنا لله)
ولاحظ فى آية6:- أن تقديمهم لذبائح يوم الهتاف لا يعفيهم من ذبائح رأس الشهر والمحرقة اليومية، فعمل شىء مقدس لا يعفينى من باقى واجباتى المقدسة مثلاً لو ذهبت للكنيسة هذا لا يعفينى من صلاتى المنزلية فى هذا اليوم. وعيد الأبواق فيه يضربون الأبواق كأن الله يعلن لشعبه أن يستعدوا للعيدين العظيمين عيد الكفارة وعيد المظال.
الآيات 7-11:- عيد الكفارة
فيه يتذللون وفيه يقربون محرقة للرب رائحة سرور (8) هكذا يمتزج تذللهم بالفرح إذ يُسر الله بهم لا بمن أجل تذللهم لكن من أجل المصالحة التى تحقق بينه وبينهم خلال المحرقة ونلاحظ هنا أن ذبيحة الكفارة هى ذبيحة خطية ولكن يقدم بجانبها ذبيحة خطية أخرى والسبب أنهم فى تقديمهم ذبيحة الخطية أنهم فى تقديمهم ذبيحة الكفارة ربما يخطئوا فيحتاجوا لما يكفر عن هذا. ولنسأل أنفسنا هل حينما نقدم توبة تكون توبة حقيقية أن هى توبة فيها إستهتار وهذه خطية جديدة تحتاج توبة عليها.
ويقدمون فى يوم الكفارة محرقات لأنه فى كل شىء (حتى فى توبيتنا) يجب أن تكون أعيننا على مجد الله وسروره.
الآيات 12-38:- عيد المظال
يعقب عيد الكفارة وفى عيد الكفارة نراهم يتذللون. أما فى عيد المظال فكله أفراح فمن يزرع بالدموع يحصد بالإبتهاج. ونلاحظ أن أيام الفرح يجب أن تكون أيام ذبائح. ونحن يجب أن تكون أيام فرحنا أيام أفراح روحية نفرح بأن تكون لنا فيها علاقة بالله فهذا هو الفرح الحقيقى، بل هذا يريد الفرح. وهنا كل أيام إقامتهم فى المظال (والمظال تشير لأيام غربتنا بالجسد) نجدهم يقدمون ذبائح. وهكذا تعمل الكنيسة قداسات مستمرة.
وعيد الكفارة يشير للصليب لهذا إرتبط بالصوم والتذلل أما عيد المظال فهو يشير إلى ثمار الصليب بما يحمله من قوة قيامة وصعود وتمتع بالروح القدس. وإستمرار العيد 8 أيام يشير إلى الحياة المقامة فى المسيح أى الحياة الأخرى، هو عيد الفرح والإنطلاق نحو السماويات ونلاحظ كثرة الذبائح والتقدمات ففى خلال 7 أيام يقدم 70 ثوراً. ففى اليوم الأول يقدم 13 ثوراً وفى اليوم الثانى يقدم 12 ثوراً وهكذا حتى اليوم السابع يقدم 7 ثيران فيكون الإجمالى (13+12+11+10+9+8+7=70) وهو رقم كامل. ولاحظ أن الذبائح تبدأ بـ 13 وهو رقم الخطية وتنتهى بـ 7 وهو رقم كمال. وكثرة عدد الذبائح تشير لأن الفرح الحقيقى ينبع من عمل الذبيحة الحقيقية المسيح. بمعنى آخر كلما إكتشفنا فوة الذبيحة ننعم بالفرح السماوى. وهذه الذبائح تشير للمسيح الذى فعل كنيسته من حالة الخطية (13) إلى حالة الكامل (7). ونجد فى اليوم الثامن أنه يقدم ذبيحة واحدة بعد أن قدمت ذبائح كثيرة والمعنى أن ذبائح العهد القديم الكثيرة والمتعددة تنتهى بذبيحة المسيح الواحدة على الصليب، ولاحظ أن الذبيحة الواحدة تقدم فى اليوم الثامن ورقم (8) هو رقم القيامة لأن المسيح ذبيحتنا الحقيقية قام من الأموات. ونلاحظ تناقص الذبائح من يوم إلى يوم دليلاً على تناقص أهمية ذبائح العهد القديم إلى أن تختفى تماماً ولا يوجد سوى ذبيحة المسيح.
الآيات 40،39:- التقدمات الشخصية
بجانب هذه الذبائح والتقدمات الجماعية على مستوى كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وكل سنة توجد النذور والتقدمات والسكائب والذبائح التى يقدمها الإنسان بإرادته الشخصية ليتمم العمل الجماعى مع الشخص وعبادة الجماعة مع عبادة كل عضو فيها.