تفسير سفر عوبديا – المقدمة للقس أنطونيوس فكري
المقدمة
1. عوبديا كلمة عبرية معناها عبد يهوه أو المتعبد ليهوه.
2. بعد أن سقطت أورشليم في يد البابليين. تحالف الأدوميون مع البابليين في إلحاق أكبر أذى بالشعب. فاشترك أدوم في نهب المدينة، وسدوا الطرق أمام الهاربين، وكانوا يمسكونهم ويقتلونهم أو يبيعونهم كعبيد. ومع أن المفروض أن أدوم هو أخو يعقوب إلاّ أنهم شمتوا في بليتهم وساندوا أعدائهم واشتركوا معهم في تحطيمهم بكل الطرق.
3. هذه النبوة القصيرة موجهة ضد أدوم وملخصها “كما فعلت يفعل بك، عملك يرتد على رأسك“.
4. تمتد أدوم من جنوب البحر الميت حتى خليج العقبة، والجزء الجنوبي من أدوم يسمى تيمان، ويستعمل اسم تيمان كتعبير عن كل أدوم. وأشهر مدنهم هما بصري وسالع (بترا). واشتهرت أدوم بمناعة حصونها الطبيعية. فأكثر أرضها جبال. وعاصمتهم في وادٍ ضيق بين الجبال العالية. والطريق الوحيد لهذا الوادي ضيق وعرضه ما بين 4-13 ذراع فقط. وعلى الجانبين جبال واقفة، ويقال أن مئة من أهل البلاد قادرين أن يردوا 10.000مهاجم، ولذلك تكبَّر قلبهم، وهذه خطيتهم الأساسية.
5. أدوم هو عيسو. وفي (تك8:36) نسمع أن عيسو سكن في جبل سعير وصار اسم سعير مرادفاً لأدوم. وسعير = ذو شعر كثيف وأدوم = دموي أو من الأرض. والنبي يستخدم اسم أدوم هنا لدمويتهم ضد شعب الله.
6. إتخِذَ أدوم رمزاً للشيطان كما أن يعقوب هو رمز للكنيسة شعب الله:
أ- لأن أدوم متكبر.
ب- أدوم أو عيسو وُلِدَ في بيت إبراهيم وإسحق، البيت الذي في عهد مع الله أي وُلِدَ داخل حدود العهد، لكنه كان مستبيحاً وباع بكوريته، وبهذا أخفق في تقرير ما كان إمتيازاً له بالولادة فخسر بركته، وهكذا كان إبليس إبناً لله، ولكن لأجل خطاياه خسر كل شئ.
ت- إبليس كان قتالاً للناس منذ البدء (يو44:8) وأدوم يعني دموي. وشعب أدوم كانوا يقتلون شعب الله الهاربين من أمام جيش بابل.
ث- هناك عداوة تقليدية بين عيسو ويعقوب منذ كانا في البطن أي منذ البداية وشعب أدوم إمتنع عن السماح بمرور الشعب وسط أرضهم (عد14:20-21) بل وحاولوا أن يحاربوهم، وهذا سبب لهم ضيقات كثيرة. وحرب أدوم المستمرة ضد شعب الله وعداوته التقليدية، جعلت أدوم رمزاً لإبليس.
ج- ظن أدوم خطأ أن لا شئ سوف يصيبه لأن حصانته الطبيعية تحميه، هكذا إبليس ظن أنه في حماية وأن لا شئ من الدينونة سوف يصيبه.
ح- استعبد إبليس الإنسان، والأدوميون باعوا شعب الله كعبيد.
خ- شماتة الأدوميون في شعب الله = شماتة إبليس في سقوطنا.
د- كما نسمع عن دينونة أدوم هنا سيدان إبليس في يوم الرب.
ذ- يشير أدوم أيضاً لكل أعداء الكنيسة الذين ظلموها كالرومان وكان إبليس يحركهم.
7. النبوة تشير لخلاص الشعب (رمزاً لخلاص الكنيسة). وتكون صهيون مركز نجاة روحية، ومقدساً للرب وميراثاً له. وناراً ضد الأعداء. وينتهي السفر بهذه الآية الرائعة ويكون الملك للرب. فالمعنى الروحي للسفر هو خراب مملكة الشيطان، وتكون الكنيسة ناراً ضده، وخراب كل أعداء الكنيسة وتأسيس ملكوت الله. فيتعبد الناس للرب يسوع فقط (يهوه). وهنا نجد تطابق بين اسم النبي وموضوع نبوته.
8. هناك شبه تطابق بين (أر14:49،16) مع عو1-4 + أر9:49،10 مع عو5،6 + أر7:49،22 مع عو8،9). ولا عجب في ذلك، فالروح القدس الذي أوحى لأرمياء وأوحى لعوبديا هو واحد. فالكتاب كله موحى به من الله وبهذا فهناك شاهدين بنفس الكلمات والتحذيرات يرسلهما الله ليشهدا لأدوم بالخراب الآتي، لعل أدوم تتوب.
9. كان خراب أدوم على مراحل، وقد تنبأ عن خرابهم كل من أرمياء وصفنيا وحزقيال وعوبديا. وضربتهم بابل ولكن خرابهم النهائي كان على يد تيطس الروماني فتمت فيهم نبوات الأنبياء. ولقد استطاع يهوذا المكابي إخضاعهم وجاء بعده يوحنا هركانيوس وأرغمهم على التهود سنة 125ق.م. فصاروا كشعب واحد مع اليهود. ومن الأدوميين جاءت عائلة هيرودس.
10. ما فعله الأدوميون في اليهود أثناء محنتهم على يد نبوخذ نصَّر، ظل اليهود يذكرونه بأسى وهم في السبي في بابل. كانوا يذكرون غدرهم في يوم خرب نبوخذ نصر أورشليم. ورتلوا في السبي هذا المزمور “أذكر يا رب لبني أدوم يوم أورشليم، القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها” (مز7:137). وكأن هذا هو قولهم لجيش بابل ليدكوا أورشليم.
11. سقوط أورشليم كان سنة 586ق.م. ولا نعرف متى تنبأ عوبديا بنبوته هذه غير أن ملك بابل نبوخذ نصر بعد أن حطّم أورشليم بزمن قليل استدار على أدوم وحطمها هي الأخرى. وهناك احتمال أن تكون النبوة بعد خراب أورشليم وقبل خراب أدوم، فهي موجهة لأدوم لعلهم يتوبون. وقد تكون قبل خراب أورشليم فالأنبياء يرون المستقبل كأنه حادث أمامهم.