تفسير المزمور 129 للقمص أنطونيوس فكري

 

في المزمور السابق سمعنا أن الرب يبارك المتقي الله، هل معنى هذا أنه يحيا بلا ألم؟ هنا يكمل المرتل الصورة، فطالما نحن على الأرض سنضطهد من إبليس ومن الأشرار.

 

الآيات (1، 2): “«كَثِيرًا مَا ضَايَقُونِي مُنْذُ شَبَابِي». لِيَقُلْ إِسْرَائِيلُ: «كَثِيرًا مَا ضَايَقُونِي مُنْذُ شَبَابِي، لكِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيَّ.”

هنا صورة للكنيسة التي اضطهدها الأشرار منذ بدايتها= منذ شبابي. بل يقال هذا أيضًا عن شعب إسرائيل الذي اضطهده المصريون في مصر وعماليق في سيناء. فعمومًا شعب الله يثير ضده الشيطان زوابع الاضطهاد دائما “وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِٱلتَّقْوَى فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ” ولأن الله وسطها لَمْ يَقْدِرُوا عليها. فالكنيسة صعب أن يهزمها أحد فهي عروس المسيح (2تي12:3 + أع5:9).

 

آية (3): “عَلَى ظَهْرِي حَرَثَ الْحُرَّاثُ. طَوَّلُوا أَتْلاَمَهُمْ».”

عَلَى ظَهْرِي حَرَثَ الْحُرَّاثُ. طَوَّلُوا أَتْلاَمَهُمْ = “على ظهري جلدني الخطاة وأطالوا إثمهم” (سبعينية) فهذه نبوة عما حدث للمسيح. أَتْلاَمَهُمْ = هي الأخاديد الباقية بعد مرور المحراث في الأرض إشارة لأثار الجروح الناشئة من ضرب السياط على جسد المخلص. والله يسمح بأن الأشرار يحرثون على ظهر البار (أي يضطهدونه) لينقي البار ويكون أرضًا صالحة لنمو كلمته.

 

آية (4): “الرَّبُّ صِدِّيقٌ. قَطَعَ رُبُطَ الأَشْرَارِ.”

قَطَعَ رُبُطَ الأَشْرَارِ = “يقطع أعناق الخطاة” (سبعينية). ورُبُطَ الأَشْرَارِ إشارة إلى حيلهم ومكائدهم واضطهاداتهم التي يشدونها على أعناق المؤمنين لكن الرب يقطعها. وقطع أعناق الخطاة يشير لكسر كبريائهم وعقوبتهم بسيف العدل الإلهي.

 

آية (5): “فَلْيَخْزَ وَلْيَرْتَدَّ إِلَى الْوَرَاءِ كُلُّ مُبْغِضِي صِهْيَوْنَ.”

هي صلاة تشبه (رؤ10:6). ونحن نصلي ليبعد عنا الله تجارب إبليس الشريرة.

 

الآيات (6، 7): “لِيَكُونُوا كَعُشْبِ السُّطُوحِ الَّذِي يَيْبَسُ قَبْلَ أَنْ يُقْلَعَ، الَّذِي لاَ يَمْلأُ الْحَاصِدُ كَفَّهُ مِنْهُ وَلاَ الْمُحَزِّمُ حِضْنَهُ.”

شبه الأشرار بعشب السطوح، إذ ليس له جذور فييبس سريعًا، فلا شركة لهم مع الرب، بل خطاياهم وشهواتهم تحرقهم، إذ لا تعزية من الله لهم. بل عدله أيضًا يحرقهم. الذي لا يملأ الحاصد كفه منه = إذ ليس لهم ثمر. ولا المحزم حضنه= هؤلاء لا يحتضنهم الرب أبدًا. وعمليًا فعشب السطوح يخرج بكميات قليلة وبلا فائدة فلا يجمعه أحد.

 

آية (8): “وَلاَ يَقُولُ الْعَابِرُونَ: «بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ. بَارَكْنَاكُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ».”

كل من يراهم يدرك أن لا بركة لهم من الرب. أما أولاد الله فلهم بركة = باركناكم باسم الرب = البركة هي لأولاد الله وشعبه فقط، ولذلك عليهم أن لا يخافوا من الأعداء الأشرار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى