شواهد علي وجود الله
يحاول البعض – هذه الأيام – تجديـد فكـرة الإلحاد الذى ينكر وجود االله، أو يرفض وجود االله. ومعروف أن الإيمان باالله إيمان فطرى منـذ الطفولـة، ففـى داخـل قلوبنـا ”جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ.” (جا11:3)
ولكن هذه فكرة عن بعض الشواهد على وجود إلهنا العظيم.
أولاً: عقيدتنا فى وجود الله
نؤمن بوجود االله الذى يشهد له العقـل والطبيعـة والضـمير والوجـدان والـروح الإنسـانية وأخيـراً بتجسده، وبدراسة تاريخ الجنس البشرى نلمس وجود االله.
ثانياً: عقيدة الشعوب فى وجود الله
الاعتقاد بوجود االله موجود عنـد جميـع الشـعوب، حتـى عنـد الـوثنيين يؤمنـون بالإلوهيـة، ولكــن يخطئــون مــن هــو االله..؟ بـل وصـل بهـم الأمـر إلـى الإيمـان بوجـود آلهـة كثيـرين – وبعضهم آمن بوجود إله لكـل صـفة يعرفهـا مـن صـفات الإلوهيـة – وعرفـوا ً أيضـا الصـلاة التـى يقدمونها الله، وما يقدمونه من ذبائح وقرابين…
ثالثاً: الإيمان بوجود الله إيمان فطرى
فالإيمان باالله مغروس حتى فى نفوس الأطفال، فإن حدثت الطفل عن االله، لا يقول لك من هو،أ ن قلت له “لا تفعلٕ هذا الأمر، أو أفعل ذلك ليفرح بك االله”، لا يجادلك فى هذا.. إنه بفطرتـه يـؤمن بوجــود االله، ولا يهتــز هــذا الإيمــان فــى قلبــه أو فــى فكــره، إلا بشــكوك تــأتى إليــه مــن الخــارج: إمــا كمحاربات من الشيطان أو من أفكار الناس وذلك حينما يكبر ويدخل فى سن الشك.
رابعاً: أسباب الإلحاد atheism
1- أسباب دينية: وهى بسبب:
- الهجـوم الشـرس مـن الإعـلام والميـديا فـى نقـد الكتـب المقدسـة، والــذى لا يعـرف إيمانـه بعمق قد يتأثر بهذه الأفكار.
- الأصدقاء وتأثيرهم.
- الأحوال الاقتصادية.
- الموضة والبحث عن كل ما هو غريب ومثير وملفت للنظر.
2- أسباب سياسية:
ففى البلاد الشيوعية، كان سبب الإلحـاد هـو التربيـة السياسـية الخاطئـة، مـع الضـغط مـن جانـب الحكومــة، والخـوف مـن جانـب الشـعب، فلمـا ز ال عامـل الخـوف بـزوال الضغط السياسى دخل فى الإيمان عشر ات الملايين فى روسيا ورومانيا وبولنـدا وغيرهـا. أو أنهـم أعلنوا إيمانهم الذى ما كانوا يصرحون به خوفًا من بطش حكوماتهم.
ً خامسا: أنواع الإلحاد
1- الإلحاد الماركسى: وقد وصفه بعض الكتاب بأن كان ً رفضا الله، وليس ًا إنكار لوجود االله، نتيجة لمشاكل اقتصادية، وبسبب الفقـر الـذى كـان يـرزح تحتـه كثيـرون بينمـا يعـيش الأغنيـاء فــى حيـاة الرفاهيـة والبـذخ، لـذلك اعتقـد هـؤلاء الملحـدون أن االله يعـيش فــى بـرج عـالى لا يهـتم بـآلام الفقـراء مـن الطبقـة الكادحـة!! فرفضـوه ونـادوا بـأن الـدين هـو أفيـون للشعوب يخدرهم حتى لا يشعروا بتعاسة حياتهم..!
2- إلحاد الوجوديين: الذين يريدون أن يتمتعوا بشهواتهم الخاطئـة التـى يمـنعهم االله عنـه، وهكـذا لسـان حـالهم يقــول: “مـن الخيـر أن يكــون االله غيـر موجـود، لكــى نوجـد نحـن!!” أى لكى نشعر بوجودنا فى تحقيق شهواتنا!.. وهكذا سخروا من الصـلاة الربانيـة بقـولهم “أبانـا الذى فى السموات.” نعم ليبقى هو فى السماء، ويترك لنا الأرض.
إذن ليس هو اعتقادا مبنياً على أسس سليمة، إنما هو سعى ور اء شهوات يريدون تحقيقها.
سادساً: كيف نستوعب وجود الله
1- نحـن لا نسـتطيع أن نـدرس أمـراً إلا بمـا يناسـبه مـن وسـائل، فـالفكرة تحتـاج إلـى عقـل يستوعبها، والمادة تحتاج إلى حواس تدرسها، لكن إلهنا العظيم هـو روح خالـد، لـذلك لـن نستطيع أن نستوعبه إلا بالروح القدس.. لذلك يلزمنا قلب مفتوح للخبرة الروحية، ونفس متضعة متعطشة للحق والقداسة، لندرك االله.
هـل يعقـل أن نـدرس الجغرافيـا بمسـلمات علـم الكيميـاء؟! وهـل يعقـل أن نفحـص الرياضـيات بالميكرسـكوب؟! والميكـروب بعلـم الميكانيكـا؟! إننـا نخطـئ كثيـراً إذ نتصــور إمكانيـة اسـتيعاب اللاهـوت بالعقـل والحـواس، لـيس االله فكـرة لنسـتوعبه بالعقـل، ولا مـادة لنسـتوعبه بـالحواس، بـل هو روح نستوعبه بالروح القدس.
2- غير أنه ليس هناك أدنى تعارض بين العقل والإيمـان، فكلنـا يعـرف كلمـة أغسـطينوس الشهيرة: “أنا أؤمن لكى أتعقل” وبالأحرى تعبير القديس بولس الرسول: “بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ”عب 3:11
كــل مــا فــى الأمــر أن الإيمــان هــو المجهــر الــذى تســتخدمه عــين العقــل لإدراك مــا يفــوق حدودها، وهو التليسكوب الذى يقرب للعين المجردة ما لا تراه مع إنه موجود. ليس الإيمان كبتًـا للعقـل، ولا تحـايلاً عليـه، ولكـن العقـل المسـتنير بـالروح القـدس يسـتريح ً تماما لحقائق الإيمان، كما تستريح العين المحدودة لحقـائق علـم البكتريولـوجى بعـد أن تتعـرف وتستعين بالميكرسكوب.
سابعاً: شواھد على وجود الله
الشاھد الأول: التوافق بين العلم والكتاب المقدس: إيماننا بالكتاب المقدس أنه ليس كتابـا ً علميـا، ولكنـه كتـاب يحـدد العلاقـة بـين االله والإنسـان ومـع ذلـك هـل يجـدر بالمسـيحى أن يخالف أو يعادى المراجع العلمية؟ ألا يوجد توافق بين العلم والكتاب المقـدس؟ هـل اسـتطاعتالاكتشـافات الحديثـة فـى العلـم أن تسـلب الإنسـان المسـيحى قدرتـه علـى التوفيـق بـين الإيمـان
وهذا العصر المستنير بالعلم؟
ولابــد أن نوضــح أن معظــم النظريــات العلميــة كانــت مجــرد محــاولات -تخمــين- أى تظهــر نظرية ثم بعد مرور الزمن تأتى نظرية أخرى تلغى النظرية الأولى، مثال ذلك عبارة وردت فى أحـــد المراجـــع العلميـــة التـــى هاجمـت الكتاب المقدس، فبعـد أن أسـهب المؤلف فـى تقديم الشروحات العديدة، بخصـوص نشـأة الأرض نجـده يقـول: “أن مجرتنـا الخاصـة جـزء تافـه مـن هذا الكون الذى وجد ربما منذ ملايـين الملايـين مـن السـنين”. لكـن بعـد التقـدم فـى الدراسـات العلمية ثم فى شرح كيفية وتوقيت نشأة الشمس وكواكبها التسعة. إن دراسة نظـام المجموعـة الشمسـية يعطينـا علـى الأقـل ً مفتاحـا بخصـوص نشـأة ذلـك الجـزء الــذى نحيا فيــه من هذا الكـــون، ألا وهــو الأرض، والتفســير المقبــول ً عمومــا الآن هــو تلـــك النظريـة التــى تفتـرض أن مجموعتنــا الشمسـية ولدت من الشـمس، نتيجــة اقتـراب نجــم ضــخم منها، مما نزع من الشمس خلال فعل قانون الجاذبيـة كـتلاً ضـخمة مـن الغـاز المشـتعل، وهـذه بـردت تـدريجًيا وتبلـورت وصـارت كواكـب، واسـتمرت فـى الـدوران حـول الشـمس علـى الـدوام، هكذا وصلت الأرض إلى حالتها الحاضرة ببطء شديد.
إذن فهـى مجـرد محـاولات لشـرح بعـض التقـدم الـذى يعطينـا علـى الأقـل ً مفتاحــا ممـا يجعلنـا نفترض نظرية.. ببساطة نحن ُنخمن.
وبعد ذلك يستطرد المرجع العلمى فى الحديث بكلمات حاسمة عن “أحداث الماضى السحيق” لكن فلنستمر فى تحليلنا لنصل إلى عمق هذا البرهان الأول على وجود االله، ففى بداية حديث المحـاولات والمفـاتيح والتخمينـات، يفتـرض العلمـاء وجـود “مجموعتنـا الشمسـية” ً مقـدما ووجـود “نجم آخر ضـخم” وقـانون جاذبيـة وكتـل مـن الغـاز الملتهـب ويقولـون أن هـذه بـدأت تبـرد، ثـم تبلورت، واستمرت فى الدوران حول الشمس بمقتضى جاذبيتها.
يــا لــه مــن تصــور جميــل للكــون: نظــام شمســى، نجــم ضــخم، قــوانين محــددة لا تتغيــر.. هــذا افتر اض واضح لقوة عاقله ضخمة.
فكــر معــى- إذن – هـذه الملايـين مـن قـوانين الحـرارة والضـوء والطاقـة والحركــة والمـدارات الفلكية والجاذبيـة.. التـى تتطلـب أن يتحـول كـل جسـم إلـى شـكل دائـرى ً تقريبـا، ويثبـت فـى هـذه الصورة.. وملايين أخرى من القوانين الموجودة. ما معنى هذا؟
ارجع معى إلى عمق الموضوع .. هل المشكلة مجـرد إدراك نظامنـا الشمسـى؟ قطعـا لا! إذ يقول العلمـاء: أن نظامنـا الشمسـى مجـرد واحـد مـن أنظمـة كثيـرة فـى المسـار اللبنـى، أى مجـرة نسـكنها، وهـذه واحـدة مـن ملايـين المجـرات، التـى تشـكل بـدورها ً جـزءا ًا صـغير مـن هـذا الكـون الشاسع.
هل بدأت تلاحـظ بـأى قـانون يقتـرب نجـم مـن أخـر؟ وبـأى قـانون تبـرد الكتـل الحـارة.؟ وبـأى قانون يحدث انجذاب الكواكب؟ وبأى قانون تعمل قوى الجاذبية؟
إن مجرد التأمل الهادئ فى النظريات العلميـة، يرينـا أنهـا تتحـدث عـن كـون تربطـه وتحكمـه قوانين.
إذن.. فوجود قانون ثابت وغير متغير ولا مرئى لكنه فعال… يتطلب وجود واضع له. كمـا يقـول معلمنـا يعقـوب: “َواحِد هُوَ وَاضِعُ النَّامُوسِ، الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟” يع 12:4هــو االله خــالق الكــون ومــن فيه. واضع القانون هذا هو االله.
الشاھد الثانى : نظرية التطور
“التطـور هـو عمليـه نمـو تـدريجى مـن مـادة بسـيطة غيـر منتظمـة وبدائيـة إلـى هـذا التركيب المعقد للكون الطبيعى، وعلى نفس القيـاس، هـو ذلـك التفـرع التـدريجى مـن بدايـة الحيـاة العضـوية علـى كوكبنـا المـأهول، إلـى هـذه الصـورة العديـدة للكائنات، فى المملكتين الحيوانية والنباتية.
لاحظ أن التطور يفترض بداية حيـة عضـوية – حيـة مسـبقًا!! إنـه لا يتحـدث عـن كيفيـةىنشأة الحياة!!
نظريــة التطــور (نظريــة = نحــن نظــن)؛ تقــرر أن كــل صــور الحيــاة التــى نراهــا الآن ومــن ضـمنها الإنسـان وكـل النباتـات والحيوانـات بأنواعهـا الكثيـرة جــًدا، نشــأت تـدريجًيا مـن صــور بسـيطة للغايـة إلـى صـور معقـدة، تعتمـد بعضـها علـى بعـض كمـا نراهـا اليـوم؛ وأن لكـل منهـا دورة حياة خاصة وطريقة تكاثر مناسبة.
نظريـة التطـور إذن تقـرر: أن الحيـاة تطـورت فـى “عمليـة تدريجيـة” بواسـطة “قـوى مقيمـة” إلى أن بلغت هذه الصورة المعقدة.
ولندخل إلى عمق الأمـر.. إن علماء التطور والوراثة والأحياء وكافـة الميـادين الأخـرى لـم يستطيعوا أن يقدموا دليلاً ً واحدا على أن الحياة يمكن أن تنشأ من شئ غير ّ حى.
حقًــا.. لقـد اسـتطاعت بعـض التجـارب المعمليـة أن تـنعش الحيـاة فـى خلايـا ظنوهـا ميتـة، وذلك بواسطة مركبات كيمائية معينة، ولكن هذا يختلف ً تماما عن “التوالد الذاتى أو التلقائى.”
هنـاك خـط فاصـل وفجـوة كبيـرة بـين الحيـاة والمـوت. بـين العـدم والوجـود، وعلمـاء التطـور يجهدون أنفسهم فى افتراضات وتخمينات ونظريات غامضة لشرح كيفية نشأة الحياة. لكن على الجانب الأخـر هناك قانون علمى قاطع وواضـح، يعطينـا دلـيلاً ً هامـا علـى وجـود االله معطى الحياة! إنه قانون نشأة الحياة التى يقرر ببساطة أن الحياة لا تنشـأ إلا مـن حيـاة وغير الحى لا يلد الحى.
وربمـا لا يوجـد لـدى العلمـاء قـانون معـروف يمكـن الرهـان عليـه بصـورة حاسـمة وواضـحة مثل هذا القـانون. وجـود الحيـاة يتطلـب وجـود واهـب لهـذه الحيـاة! لهـذا يقـول الـوحى: “َوَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً” تك 7:2.
االله القــدير، واجــب الوجــود، الحــى ومعطــى الحيــاة، الكــائن قبــل كــل شــئ. واهــب الحيــاة للإنسـان الأول، وأعطـى الكائنـات ً جميعــا إمكانيـة التكـاثر حسـب قـوانين معينـة… حقـاً االله هـو واهب الحياة العظيم وليس سواه.
الشاھد الثالث : المادة لھا بداية ونھاية
إعتمد الجيولوجيون فى بدايـة نظـريتهم علـى كون منظم، ومادة موجودة، كما اعتمدت نظرية التطور على مادة وقوانين وحياة بسـيطة. فما هى المادة؟
المـادة تحتـل ً فراغــا ولهـا وزن، ولكـن لا ضـرورة أن نراهـا، لأن بعـض الغـازات وحتـى الهـواء الذى نتنسمه تعتبر جميعها مادة.
ولقــد كــان العلمــاء حتــى وقــت حــديث يتحــدثون عــن “قـــانون عـــدم فنـــاءىالمادة”، ولكـن اكتشافات الطبيعـة النوويـة وتجـارب مـدام كـورى علـى الراديـوم،لاأثبتت إمكانية تحلل المـادة وتفككهـا. هـذا التحـول فـى المـادة حقيقـة علميـة، فـاليورانيوم 238 يتحلـل شـيًئا ً فشـيئا إلـى رصـاص 206 خـلال مراحـل وسيطة متعددة. هكذا خلال سنوات طويلة يتحول اليورانيوم المشع إلـى رصـاص، ويعطـى طاقـة أثناء إشعاعه هذا. ولا نرى يور انيوم ً جديدا يأتى إلى هذا الوجود.
العلـم إذن يثبـت اليـوم أن هــذه الأرض تســير علــى اضــمحلال.. وهكـذا.. فبقــدر مــا تعلــو الجبــال بقــدر مــا تتآكــل!! وقــاع الأنهــار المـنخفض يرتفــع ً شــيئا ً فشـيئا ليصــير الكــل- إذا مــا اســـتمرت هـــذه العمليـــة – فـــى مســـتوى واحـــد!! هـــذا الأمـــر- بالإضـــافة إلـــى موضـــوع تحـــول اليورانيوم إلى رصاص – يرينا كيف يسير العالم إلى نهاية محتومة.
وهكـذا يؤكـد العلـم أن المـادة ليسـت أزليـة! المـادة أتـت إلـى الوجـود فـى وقـت مـا وحيـث أنهـا ليسـت أزليـة؛ إذن فلهـا نقطـة بدايـة، ٕواذن: فـالخلق وبدايـة العـالم المـادى يتطلـب بالضـرورة وجـود خالق له، والأشياء المصنوعة لابد لها من صانع!.
وأنها مع الكون كله تشبه ساعة ضخمة ملئت ً يوما، وهى الآن تدور وتفرغ شحنتها. وحتى الآن لا نعرف ولم نلاحظ أى طريقة لملئها مـن جديـد. وكـأن الإنسـان ظهـر فـى الصـورة وسـط كـون مـنظم يسـير رويـدا ً رويـداً نحـو نهايتـه المحتومـة! لاحـظ الحقـول والجبـال والوديـان وسـائر المعالم من حولك.!
إن العــالم الجيولــوجى “جـــون بـــاول” لاحــظ عمليــة الغــزو التــى تمارســـها أنهــار كثيـــرة. وأستنتج أنه بعد وقت كاف ستغمر المياة كل اليابسة، مهما كانـت مرتفعـة فـى الأصـل، ليصل الكل إلى المستوى السفلى العام وهو قاع المحيط.
أكيــد أن المــادة صــنعت ولــم تــأت بالصــدفة، وليســت أزليــة. هــذا شــاهد ثالــث: الخليقــة تستدعى وجود خالق لها.
الشاھد الرابع : علم الأجنة المقارن:
“َوَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ، وَدَبَّابَاتٍ، وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذلِكَ. فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.تك 24:1-25
لقــد حــاول العلمــاء أن يثبتــوا فكــرة التطــور”بعلــم الأجنــة المقــارن” وكــذلك بممارســة انتقــاء السلالات والوراثة وكافة زوايا علم التاريخ الطبيعى، وسنلمس هذا الموضوع لمسـة خفيفـة دون استفاضــة، مكتفــين بنقطــة محــددة وهــى أنــه يوجــد قــانون ثابــت وقــاطع وغيــر متغيــر يجعــل التخطى من نوع إلى نوع مستحيلاً.
هناك مئات الأصـناف فـى النـوع الواحـد؛ ومهمـا اختلفـت فـى الحجـم أو الشـكل إلا أنهـا جميعـاً نــوع واحــد، ويحــاول علــم الأجنــة المقــارن أن يظهــر أن أجنــة الأســماك والحيــوان والإنســان تتشابه ً جدا. هذا حق! ولكن ليس دليلاً على التطور، بـل هـو أقـوى دليـل علـى وجـود االله! لقـد عجز العلماء عن تحويل جنين السمكة إلى حيوان أو إنسان إذ نمى الجنين إلى نفس صورة الســمكة التــى وضــعت بويضــته، كــذلك تجــارب انتقــاء الســلالات وتنقيتهــا وتطعيمهــا لا تثبــت التطور بقدر ما تثبـت أن هنـاك قـوانين ثابتـة تحكـم تكـاثر الحيـوان والإنسـان، وأن هـذه القـوانين تعمل فى حدود لا يمكن تحديها أو تجاوزها.
ومع أننا نستطيع اليوم أن نستنبط سـلالات جديـدة مـن نـوع مـا، إلا أنـه لـم تخـرج عـن إطـار النوع ولم تتحول إلى نوع آخر.
إن الفـلاح البسـيط العـاكف علـى أرضـه يعـرف ً حسـنا فكـرة انتقـاء السـلالات، والعلمـاء المتخصصــون فــى معــاملهم يســتطيعون تحديــد صــورة دقيقــة لعمــل الجينــات والكروموزومــات وتفاعلاتها فى الإنسان، من حيث: اللون والخصائص الأخـرى الكثيـرة، ويسـتطيعون أن يتنبـأوا بالصـورة التـى يكـون عليهـا النسـل. هـذا يؤكـد حكمـة االله وقوتـه، إذ وضـع هـذه القـوانين ومـازال يحفظهـا، إلهنـا قـال: “ِلِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ، وَدَبَّابَاتٍ، وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا”تك 24:1
وحفـظ هـذا القـانون كشـاهد رابـع علـى وجـوده تعـالى، ولقـد حـاول العلمـاء – فـى مقارنـة للهيكـل العظمـى للشامبنزى والغوريلا والإنسان – أن يؤكدوا نشـأة الجميـع مـن أصـل واحـد. لكـن هـذه خرافـة عظمى! بل أن هذا التشابه يثبت وجود االله ً أيضا! فهذه فى الواقع “وحدة تصميم” كدليل على مهندس واحد خطط وصمم هذا الكون! هذا مجرد تشابه وظيفى ليس إلا.. فإلهنا هـو واضـع القوانين الحية والفعالة وهو حافظها ً أيضا.
الشاھد الخامس : دورة الحياة
نحـن نحيـا فـى كـون غايـة فـى التعقيـد، وهـو مصـمم بطريقة خارقة! الشروق بهيج باستمرار، والصحارى والجبال والأنهار تنسـجم ً جميعـا فـى جمـال فـائق، مـا لـم تعبـث بهـا يـد إنسـان! لا شـئ يحيــا لنفسـه ويمـوت لنفسـه. وأشـكال الحيـاة تعتمـد
بعضــها علــى بعــض! والســؤال التقليــدى فــى التطــور هــو: مــاذا ظهــر أولاً: الســنبلة أم حبــة القمـح؟ هـل تطـورت الحبـة بـبطء خـلال ملايـين السـنين مسـتقلة عـن جـزع السـنبلة التـى تسـتمد منها حياتها؟
هـل تطـورت الزهـور والحشـائش والأشـجار بـبطء شـديد خــلال ملايـين السـنين مسـتقلة عـنالحبة الصغيرة التى هى أساس حياتها؟
هـذه الأسـئلة يعسـر علـى عـالم التطـور أن يجيـب عليهـا. ً تمامـا كالسـؤال القـديم: مـاذا ظهـر أولا: البيضة أم الفرخة؟ العالم يـتهم هـذا السـؤال بالتفاهـة، والسـبب – ببسـاطة – أنـه لا يعـرف الإجابة، لذلك فهو يحول هذا السؤال إلى مجرد نكتة مضحكة ليهرب من الإجابة.
هذا التعاون المعقد بين صور الحياة يثبت وجود بادئ ومهندس. إنه المصمم العظيم الذى يمثل أمامه هذا الكون بكل تعقيداته، فيعطيه إمكانية الوجود.
لا شـئ يحيـا ويمــوت لذاته. النبــات والحيــوان يــتحللان بعد الموت ليمــدا غيرهما مــن الكائنات الحية بمزيد من الحيـاة. الشـجرة تنمـو ثـم تمـوت، وتسـقط وتصـير جـزءاً مـن أرض الغابة. فتمد الشجيرات الصغيرة بمقومات أساسية للحياة.
هذا الكون المعقد والعظيم، وهـذه الأرض المعقـدة التـى نحيـا علـى سـطحها ونتنسـم هوائهـا..من صنع مصمم عظيم.
خواص المعادن؛ وأجنحة الطيور والذباب، وجمال الشروق، وجنبات البلورة الجميلـة وفـوق الكل.. ذلك التركيب العجيب المذهل جسم الإنسان.. كلها تتحدث عن مصمم خالد.
حقاً إن النظام الموجود فى الكون يعلن عن وجود مصمم عظيم وقدير له.. هو االله..
الشاھد السادس: اعلان الله عن نفسه
1– نبوات العھد القديم: إن ثلـث الكتـاب المقـدس ً تقريبـا نبـوات. مـع أن الكثيـر منـه
يتحدث عما هو آت، لكن الكثير أيضاً قد تم أو يتم ً حاليا.
لقد أرسل االله أنبياءه منذ مئات السـنين إلـى مـدن عظيمـة: كبابـل وعقـرون وأشـدود وأشـقلون وصـور وصـيدا، وأنبـأ هـؤلاء الرجـال العـاديين بخـراب وسـقوط هــذه المـدن، وبالصـورة المعينـة المصاحبة لهذا الخراب. وقد تمت هذه النبوات بحذافيرها، وفى الوقت المحـدد مـن االله.. حقـاًإن االله يعرف المستقبل ويعلن عما فيه بنبوات تتم حتماً!
2- إعلان الله عن نفسه:
- بكلام شفاهى لأشخاص من البشر أو بحلم نبوى.
- برؤيا والإنسان فى غيبه كاملة لحواس الجسد.
- برؤيــا والإنســان يســتخدم بعــض حواســه أو كلهــا.
- بوحى -بالهام- خاص لكتبة الكتاب المقدس.
- بالمعجزات الخارقة لقوانين الطبيعة.
- بتجسد ابن االله الكلمة فى ملء الزمان.
الشاھد السابع : الصلاة المستجابة
لعـل هـذا هـو أهم الشواهد إطلاقاً بالنسبة إلينا كمسيحيين. إنـه: “الصـلاة المسـتجابة” فـلأن الملحـدين والمتشـككين لـم يصـلّوا أبـداً، ولـم يختبروا الصلاة المستجابة لذا فهم يتشككون. ومـا أكثـر الأمثلـة فـى الكتـاب المقـدس والتـاريخ الكنسـى والحيـاة اليوميـة، عـن اسـتجابة االله لصـلوات أبنائـه. إنهـا أمثلـة تفــوق الحصـر، ومجالهـا مفتـوح لكـل المـؤمنين: “ُلِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ” مر 24:11
وقد يتصور البعض أن استجابة الصلاة هى مجرد نفس نتيجة التركيز فى أمر ما، لكنها فى الحقيقــة تــدخل إلهــى مباشــر بطريقــة معجزيــة، تعلـن يـده المقتـدرة إنهـا ثمـرة طاعـة قـوانين االله، والسلوك حسب مشيئته، والإيمان بمواعيده.
هــذه الشــواهد الســبعة التــى تعلــن بوضــوح وجــود إلهنــا العظــيم هـى مجـرد بدايـة بسـيطة للموضوع. لسنا بعد أمام افتراضات وتصورات، فلدينا الكثيـر مـن الأدلـة والشـواهد. ولقـد حـان الوقت الذى نقول فيه مع أيوب: ”أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ،” (أي 19 :25)