يو5: 26 لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته، كذلك أُعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته
“24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. 25اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. 26لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، 27وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. 28لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، 29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ. 30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.” (يو5: 24-30)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته،
كذلك أُعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته”. (26)
يتحدث ربنا يسوع هنا بكونه المسيا الذي يخلص العالم ويهبه الحياة.
v “أُعطي” بسبب الوحدة معه. أُعطي لا لكي تؤخذ منه، بل لكي يتمجد في الابن. لقد أُعطى لا لكي يقوم الآب بحراستها، بل لكي تكون ملكًا للابن.
v لا تظن أنها هبة مجانية للنعمة، إذ هي سرّ ميلاده. إذ لا يوجد أي اختلاف في الحياة بين الآب والابن، كيف يمكنك أن تظن أن الآب وحده له الخلود وليس للابن؟
v
أنظر، أنت تقول وتعترف أن الآب يعطى الحياة للابن لكي تكون له الحياة في ذاته، وذلك كما أن الآب له الحياة في ذاته، فلا يكون الآب في حاجة والابن أيضًا ليس في حاجة. كما أن الآب هو الحياة هكذا الابن هو الحياة، وكلاهما يتحدان في حياة واحدة وليس حياتين، لماذا يُقال أن الآب يعطي الحياة للابن؟ ليس كما لو كان الابن بدون حياة ونال الحياة، لأنه لو كان الأمر هكذا لما كانت له الحياة في ذاته.
v ماذا إذن قوله “أعطي الابن أن تكون له حياة في ذاته“؟ أقول باختصار أنه ولد الابن… كأنه يقول: “الآب الذي هو الحياة في ذاته قد ولد الابن الذي هو الحياة في ذاته. يمكن فهم كلمة “أعطي” dedit بمعنى “ولد” genuit.
v ماذا يعني له الحياة في ذاته؟ لا يحتاج إلى الحياة من آخر، بل هو نفسه فيض من الحياة، منه ينال الغير – الذين يؤمنون به – الحياة… لقد أُعطي أن تكون له الحياة في ذاته، لمن أعطي؟ لكلمته، لذاك الذي هو “في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند اللَّه”.
v ألا ترون أن هذا يعلن عن الشبه الكامل إلا في نقطة واحدة، هي أن الواحد هو أب والآخر هو ابن؟ فإن تعبير “أعطي” لمجرد إبراز هذا التمايز أما البقية كلها فمتساوية ومتشابهة تماما. واضح إن الابن يفعل كل شيء بسلطان وقوة مثل الآب، وأنه لا يستمد القوة من مصدر آخر، إذ له الحياة في ذاته مثلما للآب.
تفسير الأب متى المسكين
26:5- لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الابن أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ.
الكلام هنا هو في صميم الطبيعة الإلهية. والمسيح يحدد موقعه من هذه الطبيعة بالنسبة للآب. ولكن لا يمكن الكلام عن الطبيعة الإلهية دون التعبير عن الذات الإلهية.
الطبيعة الإلهية يشترك فيها الآب والابن على السواء، فالطبيعة الإلهية للآب هي نفسها الطبيعة الإلهية للابن. «والحياة» هي من صميم خواص الطبيعة الإلهية.
ولكن الحياة في الله ليست ممنوحة ولكن هي خاصية الذات الإلهية، فكيان الله حي بذاته. «أنا الكائن بذاتي». والذات الإلهية واحدة، هي أب وابن كل منهما قائم في الذات الإلهية الواحدة. فالآب له بالضرورة الحتمية حياة في ذاته الإلهية، والابن بنفس الضرورة الحتمية له حياة في ذاته الإلهية.
الآية هنا لا تفيد على الإطلاق أن الآب «أعطى» حياة للابن في ذاته، هذا محال؟ ولكن الآب أعطى الابن «أن يكون» له حياة في ذاته كما الآب له حياة في ذاته، أي أن هذا هو حال كيان الابوة والبنوة!
فإذا كانت طبيعة الحياة الذاتية هي في الابن كما في الآب، فلماذا أضاف المسيح القول أن الآب أعطى الابن أن يكون له هذا؟ واضح أن السبب هو التمييز بين الآب والابن في الذات الإلهية.
وإليك قول ذهبي الفم في هذا الموضوع: [أترى كيف أن المسيح يعلن التعادل الكامل بيهما إلا في نقطة واحدة وهي أنه: واحد هو الآب، وواحد هو الابن, لأن بقوله «قد أعطى» يوضح هذا التمايز، ولكنه يعلن أن كل شيء ما عدا هذا متساو تماما. وعليه فمن الواضح أن الابن يعمل كل شيء بسلطان وقوة مثل الآب تماماً. وأن الابن لا يأخذ قوة من أي مصدر كان لأنه له حياة كما الآب له حياة]
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (26): “انه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته.”
الطبيعة الإلهية للآب هي نفسها الطبيعة الإلهية للإبن. والحياة هي من صميم خواص الطبيعة الإلهية. فالله حي بذاته أي الحياة ليست ممنوحة له. لذلك نصلي “قدوس الحي الذي لا يموت”
أعطى الإبن أيضاً= أغسطينوس يقول أن أعطى تساوي ولد، فالإبن مولود وله حياة في ذاته من آب له حياة في ذاته. ليس أنه أعطاه شيئاً من خارجه فهو لأنه مولود منه بالطبيعة له نفس ما للآب كولادة النور من الشمس. هو لم يعطه حياة في ذاته، بل أعطى الإبن أن تكون له الحياة في ذاته. هو لم يقل (الآب أعطى للإبن حياة في ذاته) فهذا يعني أن الإبن لم يكن له حياة في ذاته، والآب أعطى له حياة. ولكن قال (أعطى الإبن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته) فالإبن فيه الحياة التي في الآب. الحياة الذاتية التي لا تموت. ولأن له الحياة في ذاته يستطيع أن يحيي من يسمع صوته. والآية تشير للتساوي التام والتطابق التام بين الآب والابن خصوصاً أن لفظ أيضاً يشير لهذا فكل ما هو للآب هو للإبن (يو10:17). ويقصد بالآية أن هناك تقسيم للعمل داخل الثالوث القدوس. وهو يذكر هذه الآية هنا بعد آية (25) لكي يشير أن للإبن سلطان أن يعطي حياة لمن يسمع صوته ويتوب ويؤمن. ويقولها قبل آية (29): فللإبن سلطان أن يعطي حياة للأموات. وقد رأينا توزيع الأعمال أيضاً في آية (22) فالدينونة هي للإبن. فالآب له حياة في ذاته والإبن له حياة في ذاته. ولكن كلمة أعطى تفيد التمايز بين الآب والإبن. وكما أن الآب لا يستمد وجوده من آخر كذلك الإبن لا يستمد وجوده من آخر. والإبن بإتحاده بالآب هو أيضاً واهب حياة بسلطانه المطلق الناتج عن هذا الإتحاد. ولكن بحكم أن المسيح كان تجسده في فكر الله منذ الأزل فإن الآب أعطى أن تكون للإبن الحياة في ذاته ليعطيها بكونه فادياً، ولكن بكونه إلهاً ذا جوهر واحد مع الآب فهو له الحياة في ذاته، هو نبعها ومعطيها. ويمكن بتشبيه بسيط أن نقول أن الآب أعطى الإبن كذا= أنني مثلاً خصصت ذراعي اليمنى لكذا.. والإبن مشبه فعلاً بذراع الله (أش9:51). بإختصار فالمعنى أن الآب له حياة في ذاته، ومولود منه إبن له نفس طبيعته، أي له حياة في ذاته. ولأن الآب يريد أن يعطي حياة للبشر يكون هذا عمل الإبن. فالإبن ينفذ إرادة الآب. وإرادة الآب والإبن واحدة لأنهما واحد. لكن الآب يريد والإبن ينفذ.