تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 11 للقمص أنطونيوس فكري

شرح رسالة العبرانيين – الاصحاح الحادى عشر

العلاقة بين الإصحاحات (10، 11، 12) نراها فى (عب 10 : 35، 36، 38) حيث نرى الرسول يحثهم على الجهاد والصبر فى أن يصنعوا مشيئة الله. ويستكمل هذا الفكر فى (12 : 1) لنطرح كل ثقل والخطية.. ولنحاضر بالصبر فى الجهاد الموضوع أمامنا. ونجد الرسول يضع إصحاح 11 فى الوسط ليضع صورة لأبطال الإيمان فى العهد القديم ليقتدى بها هؤلاء العبرانيين المضطهدين ليعرفوا أنهم ليسوا وحدهم الذين تعرضوا للإضطهاد والألام. هذا الإصحاح هو تطبيق عملى من واقع أبطال العهد القديم. 

 

الآيات 1، 2 :- و اما الإيمان فهو الثقة بما يرجى و الإيقان بأمور لا ترى. فإنه في هذا شهد للقدماء.

إن كان الإنسان قد سقط من دائرة الوجود مع الله وتغرب عن وطنه السعيد فى أرض شقائه، إلا أنه ظل مرتبطاً بذلك الوجود الأسمى غير المنظور، فى داخله حنين العودة إليه، وكان الله يغذى هذا الشعور بوعوده الصادقة. فتربت فى قرارة نفسه أحاسيس الإيمان، الإيمان بما يترجاه أو يتمناه والإيمان بصدق الله.

الثقة بما يرجى = نسمع المرتل يقول فى (المزمور 116 : 7، 8) + (أى 19 : 25 – 27) فالإنسان يحلم بالعودة إلى مكان راحته ويترجاه.

الإيقان بأمور لا ترى = الإيمان هو الثقة بالمقدسات الإلهية غير المنظورة كحقائق واقعة وحاضرة، فيحيا الإنسان فى يقين من جهة الأمور غير المنظورة ولا ملموسة بالحواس. هو رؤية واضحة للأمور وتأكد كامل من جهة غير المنظورات كأنها من المنظورات. ومن غير المنظورات مثلاً أمجاد السموات.

فى هذا شهد للقدماء = هم وثقوا فيما ترجوه من الله من جهة الحياة القادمة ووثقوا فى وعوده بالرغم من أنهم لم ينظروها. (11 : 13، 16).

والإيمان يبدأ صغيراً ويظل ينمو، الله ينميه إلى أن يثق المؤمن فى وعود الله تماماً. فمثلاً السماويات وأمجاد السماويات هى أشياء غير منظورة ولكن الروح القدس يعلنها للإنسان قليلاً قليلاً (1كو 2 : 9، 10، 12) + (1تس 3 : 10) + (2تس 1 : 3).

 

آية 3 :- بالإيمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر. 

الله صالح، خلق كل شئ من العدم بكلمته الذاتية يسوع المسيح ربنا. وبه أيضاً جدد الخلقة وخلصها. 

 

الآيات 4، 5 :- بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة افضل من قايين فيه شهد له انه بار إذ شهد الله لقرابينه و به و ان مات يتكلم بعد. بالإيمان نقل اخنوخ لكي لا يرى الموت و لم يوجد لأن الله نقله إذ قبل نقله شهد له بأنه قد ارضى الله.

هابيل :- هابيل دمه يتكلم بعد:

1.     يطلب القصاص.

2.     بإيمانه ظل حياً أما قايين فمات لخطيته.

3.     مازالت الناس تمدحه.

هابيل بتقديمه ذبائح كأنه يشتاق للعودة للحالة الفردوسية فهو يقدم ذبائحه إسترضاء لوجه الله وكنوع من الشكر والعبادة. بل كانت حياته بارة بشهادة المسيح (مت 23 : 35) + (1يو 3 :12). ولذلك كانت ذبيحة هابيل أفضل إذ تسندها أعماله البارة وتقديم قرابينه بالإيمان، الإيمان الحى الذى تسنده الأعمال البارة. ونلاحظ أن الذبائح كانت تشير لعمل المسيح الفدائى لذلك كانت ذبيحة هابيل الحيوانية أفضل من تقدمة قايين النباتية.

أخنوخ :- حياة أخنوخ حملت بالإيمان صورة للكنيسة السماوية الفائقة. أما البار فبالإيمان يحيا. هو بإيمانه إستطاع أن يرضى الله  أخنوخ نموذج لمن يستطيع أن يحيا باراً وسط عالم شرير. ومن يغلب ويسلك بإيمانه فى بر مثل أخنوخ ينقله الله ليحيا معه فى شركة أمجاده. والسؤال لماذا جاهد أخنوخ ليرضى الله ؟ لأنه يؤمن أنه موجود.

 

آية 6 :- و لكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود و أنه يجازي الذين يطلبونه.

الذى يأتى إلى الله = بالصلاة والعبادة والوجود فى حضرته وفى النهاية يحيا معه للأبد (2أى 15 : 1، 2). يؤمن بأنه موجود = مع أنه لا يراه (آية 1) وأنه يجازى الذين يطلبونه =هذا هو رجاؤه هذه الآية تشرح لماذا أرضى أخنوخ الله.

 

آية 7 :- بالإيمان نوح لما أوحي إليه عن أمور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم و صار وارثا للبر الذي حسب الإيمان.

نوح :- بإيمان نوح نجا هو وكل العالم معه من الفناء الكلى. ونرى بر نوح فى (تك 6 : 9، 7 : 1، 5). ونرى طاعة نوح الفورية فى إقامة الفلك الذى به خلص هو وأسرته بل العالم كله. كان هذا لإيمانه فيما قاله الله عن الطوفان القادم وهو لم يراه بل صدق كلام الله، وعوده له ووعيده للعالم الشرير. به دان العالم = إيمان نوح يمثل دينونة للعالم غير المؤمن والخاطئ الذى حوله. وارثاً للبر الذى حسب الإيمان = نوح شهد الله ببره، نتيجة حياته مع الله ولأنه أطاع وصنع الفلك كما أمره الله أضاف على البر الذى له بالإيمان بر الطاعة. نوح ورث برأبائه أخنوخ وغيره.

 

الآيات 8 – 10 :- بالإيمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا ان يأخذه ميراثا فخرج و هو لا يعلم الى أين يأتي. بالإيمان تغرب في ارض الموعد كأنها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق و يعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها و بارئها الله.

إبراهيم :- عظمة إيمان إبراهيم ظهرت أولاً فى أنه ترك الملموسات والمنظورات فى ثقة فى وعود الله عن أرض لم تكن ملموسة ولا منظورة وإعتبرها كأنها موجودة، فهل هو رأى خيرات كنعان ليترك أهله وعشيرته، بل هو آمن بمن يحيى من الموت وقدم إبنه فهو أحب الله أكثر من وحيده. ونحن أخذنا مواعيد فهل نخرج من أرض الخطية، بل إبراهيم حين خرج لم يكن يعلم أنه سيرث أرض كنعان = فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتى. 

كأنها غريبة = هذه تفهم أن إبراهيم عاش فى كنعان التى وعده بها الله على أنه غريب حتى أنه إشترى قبر زوجته. ولكن تفهم أيضاً فى عظمة إيمانه إعتبر أرض العالم أياً كانت أرض غربة، هو مستعد للرحيل دائماً، فهو إعتبر أن وعد الله هو راحته وغناه، وهذا الكلام موجه للعبرانيين المتضجرين من الإضطهاد ولنا.

المدينة التى لها الأساسات = لقد إمتد بصر إبراهيم لما فوق الأرض، لما هو غير منظور، حقاً سيرث أولاده هذه الأرض التى يراها وهى أرض كنعان. ولكن نظره إمتد لأورشليم السماوية. لقد وعده الله ببركة (تك 15 : 1) وعرف أنها سماوية. لقد قدم كل أب من الأباء جانباً من جوانب الإيمان :- 

هابيل :- قدم الجانب الإلهى وهو تقديم الذبيحة المقدسة التى بها يتبرر.

أخنوخ :- كشف عن طبيعة الكنيسة المؤمنة ألاوهو الجانب السماوى. أى تحيا سماوية.

نوح :- أعلن أنه لا خلاص خارج الكنيسة المقدسة. (ومثالها الفلك).

إبراهيم :- قدم الجانب العملى للإيمان وهو الطاعة لله.

 

الآيات 11، 12 :- بالإيمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل و بعد وقت السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقا. لذلك ولد ايضا من واحد و ذلك من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة و كالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد.

سارة :- كما قدم لنا الرسول رجال إيمان ها هو يقدم أمثلة حية لنساء مؤمنات. بالإيمان سارة نفسها = ربما يشير بولس الرسول هنا لضحك سارة حين سمعت بخبر ولادتها لطفل. وبولس يؤكد أنها مؤمنة وآمنت بالوعد ولذلك نفهم أن الضحك قد يكون من فرحتها الشديدة أو أن الخبر هو فوق المعقول، لقد ضحكت سارة وتساءلت لمدة لحظات ثم تحولت مشاعرها للإيمان وعموماً فالإنفعالات الأولى لا تحسب للإنسان فالعذراء مريم أيضاً تساءلت حين سمعت. ولكن الله رأى الإيمان داخل أحشاء سارة مستقراً فيها.

ولد أيضاً من واحد = كان إبراهيم مماتاً فى الجسد وسارة أيضاً مماتة فى الجسد فكلاهما كانا واحد فى موت جسدهما. وهما واحد أيضاً فى جسدهما الواحد بالزواج وواحد فى محبتهما لبعض وإيمانهما الواحد بالله. وذلك من ممات = هنا نفهم أن الوحدة المقصودة هى موت جسديهما أى إنعدام فرصة إيجاد نسل من كليهما. 

 

الآيات 13 – 16 :- في الإيمان مات هؤلاء أجمعون و هم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها و صدقوها و حيوها و اقروا بأنهم غرباء و نزلاء على الأرض. فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. و لكن الآن يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لأنه اعد لهم مدينة.

فى الإيمان مات هؤلاء = أى حسب الإيمان مات إبراهيم وأسحق ويعقوب. وهم لم ينالوا المواعيد = لا إبراهيم ولا إسحق ولا يعقوب إنتفعوا بكنعان مع أنها أعطيت لهم بوعد بل عاشوا فيها غرباء على رجاء الوعد.

غرباء ونزلاء على الأرض = هنا يشرح بولس الرسول أن عظمة إيمان الأباء البطاركة أنهم عاشوا فى الأرض التى وعدهم الله بها كغرباء، ولكنهم رأوا الوطن السماوى السعيد والمواعيد الأبدية مختفية وراء المواعيد الزمنية. تطلعوا بالإيمان إلى وعود الله فصدقوها بالإيمان وحيوها بالعمل الجاد للتمتع بها، وأحسوا أمام هذه الوعود أنهم بحق هم غرباء ينتظرون العبور لوطنهم السماوى. هنا تأنيب للعبرانيين الذين أعطوا الميراث السماوى بالمسيح ويريدون الإرتداد لميراث التراب.

يقولون مثل هذا = قال إبراهيم لبنى حثأنا غريب ونزيل عندكم” (تك 23 : 4).

يطلبون وطناً = من يقول أنا غريب فهو بالتأكيد يعلم أن له وطن وهو يطلبه.

فلو ذكروا ذلك الذى خرجوا منه = كانت أور موطناً أصلياً لإبراهيم ولكنه لم يعتبر نفسه متغرباً عن أور، فلو كان يفكر هكذا لكان قد عاد إلى أور. ولكنه حسب أن وطنه الحقيقى الذى هو متغرب عنه هو السماء.

يدعى إلههم = أنا إله أبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. (مت 22 : 32).

 

الآيات 17 – 19 :- بالإيمان قدم ابراهيم اسحق و هو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده.الذي قيل له أنه باسحق يدعى لك نسل.إذ حسب إن الله قادر على الأقامة من الأموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال.

إبراهيم :- الله جرب إبراهيم لا ليعرف إيمانه، بل بطاعته ظهر إيمانه وهو رأى فى نجاة إسحق صورة للخلاص الذى بالمسيح ففرح (يو 8 : 56). وهو مجرب = أى وهو فى محنة، محنة من يقيد إبنه ليذبحه.

قدم الذى قبل المواعيد = التجربة أصابت الإبن الذى أخذ فيه إبراهيم المواعيد (تك 17 : 19).

إذ حسب أن الله قادر… = كان إيمان إبراهيم عجيباً فهو آمن بأن الله لابد وسيحقق مواعيده فى إسحق فحتى لو ذبحه فالله لابد وسيقيمه ليحقق مواعيده فيه.

أخذه أيضاً فى مثال = لقد عاد إبراهيم بإبنه حياً وكأنه أخذه من بين الأموات وكان هذا مثالاً لقيامة المسيح بعد صلبه. لذلك فإبراهيم رأى خلاص المسيح وفرح.

 

آية 20 :- بالإيمان اسحق بارك يعقوب و عيسو من جهة امور عتيدة.

إسحق :- كانت نية إسحق أن يبارك عيسو. ولكن يعقوب خادع أباه. ونطق إسحق بكلمات البركة التى أوحى بها الله بإيمان أن الله سيبارك إبنه حسب وعده. ولما عرف الخدعة قال نعم ويكون مباركاً (تك 27 :32، 33). أى أن ما قلته بوحى من الله من كلمات البركة على رأس إبنى أياً كان لابد وسينفذه الله، فالله يريد هذا. هنا نرى إصرار إسحق على ما نطق به بالإيمان حتى لو كان ما نطق به هو ضد إرادته شخصياً.

 

آية 21 :- بالإيمان يعقوب عند موته بارك كل واحد من ابني يوسف و سجد على راس عصاه.

يعقوب :- نرى هنا أيضاً أن يعقوب يبارك أيضا بحسب الوحى لا بحسب الرؤيا الطبيعية، ولا بحسب إرادة يوسف. هنا يظهر أن الإختيار هو إختيار الله، ويعقوب بإيمان ينفذ غير عالم بالمستقبل وماذا سيكون عليه إفرايم ومنسى فهو لم يرى شيئاً. سجد على رأس عصاه =هى إنحناءة سجود لله الذى يبارك فى المستقبل كأنه رأى هذه البركة بالإيمان. هو أمسك العصا (ربما عصا يوسف أو عصاه) وسجد لمن بصليبه (عصاه) سيبارك كل البشرية.

 

آية 22 :- بالإيمان يوسف عند موته ذكر خروج بني اسرائيل و اوصى من جهة عظامه.

يوسف :- عند موته = عند إقتراب نهايته. ونلاحظ أن يوسف آمن بأن شعبه لابد وسيخرجون من أرض مصر. وأن خروجهم هو الخلاص. فغناه وسلطته لم ينسياه الحنين لأرض الموعد وطالب بنصيبه فى هذه الأرض ولو لعظامه. فكان يرى المستقبل حاضراً أمامه.

 

آية 23 :- بالإيمان موسى بعدما ولد اخفاه ابواه ثلاثة اشهر لأنهما رايا الصبي جميلا و لم يخشيا امر الملك.

والدا موسى :- هنا نرى الإيمان بالوعد يواجه عواصف شديدة فى مصر. وبولس الرسول إذ إقترب من الحديث عن العظيم موسى لم ينسى إيمان والديه. لأنهما رأيا الصبى جميلاً = كان جمالاً إلهياً غير عادى. وأحسوا أن وراءه أمراً مخفياً وعمل إلهى ينتظره. جماله كانت فيه رهبة. وهذا الجمال هو الذى جذب قلب إبنة فرعون. هذه الرهبة الإلهية جعلت أبواه يخفيانه ويتحملان العاقبة وهى عقوبة الموت. وجرأتهما كانت مسنودة بإيمانهما. ويقول يوسيفوس أن مريم أخت موسى رأت رؤيا خاصة بموسى ولذلك أخفاه أبويه إيماناً بالله.

 

الآيات 24 – 29 :- بالأيمان موسى لما كبر ابى ان يدعى ابن ابنة فرعون.مفضلا بالاحرى ان يذل مع شعب الله على ان يكون له تمتع وقتي بالخطية.حاسبا عار المسيح غنى اعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر الى المجازاة.بالإيمان ترك مصر غير خائف من غضب الملك لانه تشدد كانه يرى من لا يرى.بالإيمان صنع الفصح و رش الدم لئلا يمسهم الذي اهلك الأبكار. بالإيمان اجتازوا في البحر الأحمر كما في اليابسة الأمر الذي لما شرع فيه المصريون غرقوا.

موسى :- موسى كان كلما كبر يشتد حنينه لوطنه الموعود الذى رضع حبه من أمه وأخته وآمن بصدق مواعيد الله عنه. وأحب شعبه وحينما إنحاز للعبرانى المظلوم كان هذا بمثابة قرار للإنضمام تحت نير المظلومين. وضربه للمصرى وقتله كان بداية عملية الفداء لخلاص شعبه هذه التى ولد موسى لأجلها. وكان الإغراء أمام موسى كبيرا فهو إبن إبنة فرعون. ويقول فيلو العلامة اليهودى أنها كانت بلا ولد. ولذلك فموسى كان وريث العرش. ولكنه رفض هذا الإغراء الكبير بسبب إيمانه القوى وإختار أن يذل مع شعبه وفضل هذا عن التمتع الوقتى فى قصر فرعون تحت ظلال خطية أوثان مصر. لذلك تزكى أمام الله فأدخله تحت التدريب فى سيناء ليعده كقائد للشعب. الله هذبه بكل علوم مصر ثم علمه التواضع فى سيناء، علمه أنه سيخرج بنى إسرائيل بيد الله لا بيده هو بالإيمان ترك مصر غير خائف = هو هرب خوفاً من إنتقام فرعون ولكن فى داخل قلبه كان مصمماً بلا خوف أن يكمل المواجهة مع فرعون فى الوقت المناسب ليخلص شعبه بطريقة أو بأخرى. فهو لم يخاف الموت ولكنه خاف أن لا يكمل عمله فى خلاص شعبه. وقد تفهم أن موسى قاد الشعب خارجاً من مصر دون أن يخاف فرعون. بالإيمان صنع الفصح ورش الدم = الإيمان هنا هو طاعة موسى فى رش دم خروف الفصح على القائمتين ليخلص الأبكار. الفصح هو عبور، عبور الملاك المهلك على الشعب الذى رش الدم على أبوابه ولا يهلك أبكار الشعب المحتمى بدم الخروف. هو عبور الفداء، فصح الخلاص. بالإيمان إجتازوا فى البحر = إستمد الشعب إيمانه من إيمان موسى. وإيمانهم حفظ البحر مشقوقاً والدليل أن المصرين الذين هم بلا إيمان إنطبق عليهم البحر لما شرعوا فى تقليد الشعب. فعدم إيمان المصريين يعنى عدم رضا الله.

 

آية 30 :- بالإيمان سقطت اسوار اريحا بعدما طيف حولها سبعة ايام.

الأسوار سقطت بالإيمان وليس بقوة بشرية 

 

آية 31 :- بالإيمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام.

نجد هنا إيمان يحول زانية إلى قديسة.

الآيات 32 – 35 نجد فيهم أمثلة لأبطال إيمان صنعوا أعمالاً عظيمة.

الآيات 35 – 38 نجد فيهم أمثلة لأبطال إيمان تحملوا مشقات عظيمة.

 

آية 32 :- و ماذا اقول ايضا لأنه يعوزني الوقت إن اخبرت عن جدعون و باراق و شمشون و يفتاح و داود و صموئيل و الأنبياء.

الرسول يجول بهم فى كل تاريخهم ليقدم أمثلة من كل حقبة فقد وجد شهود حق لله فى أحلك العصور.

 

آية 33 :- الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعيد سدوا افواه اسود.

قهروا ممالك = فجدعون قهر المديانيين وباراق قهر الكنعانيين وداود قهر الفلسطينين والموآبيين والعمونيين. صنعوا براً = كانت نتيجة نجاحهم فى الحروب وإخضاع الأعداء أن حكموا بالعدل والبر فإرتفع مستوى الأخلاق ومخافة الله. وهؤلاء القضاة ومعهم داود كانوا فى حكمهم يحكمون ضد الخطاة فإنتشر البر 2صم 8 : 15. نالوا مواعيد = نجاحهم فى أداء رسالتهم كان سبباً فى إستقرار إسرائيل وتقويتها وإمتدادها فتحققت مواعيد الله لهم بإمتلاك بقية الأرض وأن يتمتعوا بخيرات الأرض. سدوا أفواه أسود = وهذا حدث مع دانيال.

 

آية 34 :- اطفأوا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا اشداء في الحرب هزموا جيوش غرباء.

أطفأوا قوة النار = وهذا حدث مع الثلاثة فتية. نجوا من حد السيف = موسى نجا من سيف فرعون وداود من سيف شاول وإيليا من سيف إيزابل. تقووا من ضعف = مثال ذلك جدعون الضعيف صار بطلاً وقاد جيش صغير من 300 شخص ليهزم جيش المديانيين الكبير. وصاروا أشداء فى الحرب = مثال لذلك داود والمكابيين الذين هزموا جيوش اليونانيين الغرباء.

 

آية 35 :- اخذت نساء امواتهن بقيامة و اخرون عذبوا و لم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة افضل.

أخذت نساء أمواتهن بقيامة = كما فعلت الأرملة مع إيليا النبى والمرأة الإسرائيلية مع إليشع النبى. هؤلاء آمنوا أن الله قادر أن يقيم أمواتهن من الموت فأقامهم. فى النصف الأول من الآية نرى من آمن بقيامة الموتى فطلبها. أما فى النصف الثانى نرى من آمن بالقيامة فإحتقر حياته وإبتدء من النصف الثانى من آية 35 ينتقل بولس الرسول إلى المجموعة الثانية من أبطال الإيمان أى الذين تحملوا مشقات عظيمة = وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة = وهذا حدث فى أيام المكابيين وما قبلهم. وعذبوا هنا مثل الضرب حتى الموت.

 

آية 36 :- و اخرون تجربوا في هزء و جلد ثم في قيود ايضا و حبس.

تجربوا فى هزء = مثال لذلك أرميا النبى وهو أيضاً وضع فى القيود.

 

آية 37 :- رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنم و جلود معزى معتازين مكروبين مذلين.

رجموا = رجموا أرمياء النبى فى مصر بعد أن تنبأ عليهم بالفناء بسبب عبادتهم للأصنام ورجموا نابوت + (مت 23 : 37) + (أع 7 : 52). نشروا = منسى الملك نشر أشعياء النبى. طافوا فى جلود غنم = هذه الأحداث حدثت أيام أنطيوخس أبيفانيوس. إذ من شدة الإضطهاد هربوا للجبال وتركوا كل أموالهم.

 

آية 38 :- و هم لم يكن العالم مستحقا لهم تائهين في براري و جبال و مغاير و شقوق الأرض.

الله أرسل هؤلاء لينذروا العالم ولكن العالم رفضهم وقتلهم وبذلك أثبت العالم أنه غير مستحق لهم بل مستحق للدينونة. شقوق الأرض = المغائر الطبيعية التى لم تحفرها يد. تائهين فى البرارى = الأباء الذين عانوا من أجل كلمة الحق وكلمة الله وكان إيليا النبى قد حدث معه شئ من ذلك. ومن هؤلاء السواح الأن.

 

آية 39، 40 :- فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالإيمان لم ينالوا الموعد. إذ سبق الله فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا.

لم ينالوا الموعد = وعد الله داود أن كرسيه سيجلس عليه من نسله للأبد ولكنه وغيره من أبطال الإيمان لم يروا تنفيذ وعود الله لهم لأن هذه الوعود تحققت فى المسيح. ولكنهم بإيمانهم صدقوا وكان لهم رجاء فى تحقيق هذا الوعد. وهم إحتملوا الألام وإستشهدوا، والله سمح بهذا ليشهد لإيمانهم ويعلنه للعالم كله هذا الإيمان الصادق الذى جعلهم بحق شركاء فى الموعد بالميراث السمائى. وحتى نحن الأن نحيا بهذا الرجاء وكلنا ننتظر تمام تكميل المواعيد حتى يشترك الجميع فى الإيمان الواحد والضيق الواحد وبعد ذلك فى الميراث السماوى. وبولس الرسول يضع أمام العبرانيين هذه الصورة ليعرفوا أنه يجب عليهم أن يحتملوا الألام لفترة ليتزكى إيمانهم. 

تفسير عبرانيين 10 عبرانيين 11  تفسير رسالة العبرانيين تفسير العهد الجديد تفسير عبرانيين 12
القمص أنطونيوس فكري
تفاسير عبرانيين 11  تفاسير رسالة العبرانيين تفاسير العهد الجديد

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى