تفسير رسالة العبرانيين أصحاح 2 للقديس يوحنا ذهبي الفم
الأصحاح الثاني
باقي العظة الثالثة (عب2: 1-4)
يقول “لذلك يجب أن ننتبه أكثر إلى ما سمعناه لئلا نفوته ” (عب ١:٢).
هنا أراد أن يقول لأنه يجب أن يعلو انتباهنا لما يُقال الآن على انتباهنا للناموس. لكنه لم يقل ذلك صراحةً ولا قدمه بشكل نصيحة أو من خلال شرح. هكذا كان من الأفضل (أن يعرضوا رؤيته بهذه الطريقة).
“لأنه إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة قد صارت ثابتة وكل تعد ومعصية نال مجازاة عادلة. فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصا هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا” (عب ٢:٢-٣).
لماذا يجب علينا أن ننتبه أكثر إلى ما سمعنا؟ أليست هذه الأمور وتلك هي ا لله ؟ أم أنه يقول يجب علينا أن نسمع أكثر مما سمعنا للناموس، أو نسمع بتركيز أكبر، إنه هنا لا يعقد مقارنة، حاشا ونظرًا لأنهم منذ زمن بعيد كانوا يحملون تقديرًا كبيرًا للعهد القديم، بينما ازدروا بكل ما يختص بالخلاص على أنها أمور جديدة، فإنه يظهر بقوة، أنه يجب أن نسمع أكثر للتعاليم المتعلقة بالخلاص. كيف؟ إنه يبدو كما لو كان يقول إن هذه التعاليم وتلك (الخاصة بالناموس)، هي بالتأكيد تعاليم الله، ولكن ليست بطريقة مماثلة. وهذا قد أوضحه لنا بعد ذلك. غير أنه أخذ يوضحه بطريقة تدريجية ، قائلاً : ” فأنه لو كان العهد الأول بلا عيب” وأيضاً ” وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الإضمحلال ، وأمور أخرى كثيرة مثل هذه، ولكنه لم يتجاسر بعد أن يتكلم بمثل هذا في البداية، حتى يجذب السامع ويكسب ثقته، من خلال أعداده على نحو أقوى.
إذا أخبرني، لماذا يجب أن ننتبه أكثر؟ يقول لئلا نفوته. أي لئلا نضل ونسقط. ويظهر هنا كم يكون السقوط مرعبًا، لأنه يصعب الرجوع لمن ابتعد نتيجة للتكاسل أو التغافل. إن كلمة “نفوته” (أي نبتعد) ، قد أخذها ق بولس من سفر الأمثال، لأنه يقول : ” يا ابني إنتبه لا تبتعد عن طريقي هكذا يبين سهولة الإنزلاق، ورعب الهلاك، أي أن عدم الطاعة لا تخلو من المخاطر بالنسبة لنا. ويبين من خلال كل ما يضيفه أن العقاب سيكون عقابًا شديدا، ولكنه يترك للإنسان أن يستنتج ماهية ذلك العقاب لأن ما يجعل كلمته أقل إزعاجا هو عدم إصدار الحكم من جانبه هو، بل يتركه لمن يستمع لرسالته نفس الأمر فعله ناثان النبي في العهد القديم، ويفعله المسيح في إنجيل متى، قائلاً ماذا يفعل بأولئك الكرامين ، مُلزما المستمعين أنفسهم أن يصدروا الحكم لأن هذا هو الإنتصار الأعظم.
بعد ذلك، بعدما قال ” لأنه إن كانت الكلمة التي تكلّم بها ملائكة قد صارت ثابتة ” لم يضف “بالأكثر جدا الكلمة التي بشر بها المسيح”، لكنه ترك هذا الكلام، وتحدث بمستوى أبسط قائلاً : ” فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره”. ولاحظ كيف يعقد المقارنة. يقول ” إن كانت الكلمة التي تكلّم بها ملائكة”. هناك (أي في العهد القديم) ” تكلّم بها ملائكة”، أما هنا (أي في العهد الجديد ” ابتدأ الرب بالتكلّم”) وهناك ( في العهد القديم) الأمر لم يتعدى كلاما ، أما هنا في العهد الجديد فالأمر يتعلق بالخلاص. بعد ذلك ولكي لا يقول أحد ، ماذا إذا ، هل كل ما تقوله يا بولس هو للمسيح؟ فإنه يسبق ويبين أنه موضع ثقة. فمن حيث إنه قد سمع تلك الأمور (من المسيح، فهذا يظهر أنه موضع ثقة، ومن حيث أن تلك الأمور تُقال الآن من الله، وليست فقط من الصوت الذي نزل من السماء كما حدث في حالة موسى، فقد صارت حقائق مؤكدة من خلال آيات
٤. لكن ماذا يعني ” إن كانت الكلمة التي تكلّم بها ملائكة قد صارت ثابتة؟” وفي الرسالة إلى أهل غلاطية يقول نفس الكلام تقريبا : ” الناموس قد زيد…مرتبا بملائكة في يد وسيط، وأيضاً ” الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه . وفي كل موضع يقول إن الناموس أُعطى بالملائكة. البعض ادعى أنه يقصد موسى. إلا أن هذا الكلام لا يستقيم ولا يثبت، لأنه هنا هو يتكلّم عن ملائكة كثيرين. ويقصد بالملائكة هنا، أولئك الذين في السماء. إذا ماذا يمكننا أن نقول ؟ نقول إما أنه يقصد الوصايا العشرة فقط لأن هناك تكلّم موسى وسمع الله، وإما أن هناك ملائكة كانوا حاضرين وأمرهم الله (أن يتكلموا)، وإما أنه يتكلم هكذا عن كل ما قيل وحدث في العهد القديم لأنه جعل الملائكة مشاركين لكل أحداث العهد القديم. لكن كيف يقول في موضع آخر أن “الناموس بموسى أُعطى”، وهنا يقول “تكلّم بها ملائكة؟” لأنه يقول ” إن الرب نزل في دخان”.
” لأنه إن كانت الكلمة التي تكلّم بها ملائكة قد صارت ثابتة”. ماذا تعني كلمة “ثابتة”؟ تعني حقيقية، وصادقة، لأنه في الوقت الملائم قد تحقق كل ما قيل. إما أن هذا هو ما يقصده، أو أن هذه الكلمة سادت، وتحققت التهديدات، وإما أن لفظة “كلمة” يقصد بها الأوامر. لأن الملائكة، وهم مرسلين من الله، أُمروا بأشياء كثيرة خارج نطاق الناموس، كما جاء بسفر القضاة ولشمعون”. ولهذا لم يقل “ناموس”، بل قال “كلمة”. وأعتقد أنه ربما يقول ذلك، لكي يعلن بهذا، تلك الأمور التدبيرية التي تمت بواسطة ملائكة. إذا ماذا سنقول ؟ إن الملائكة الذين أُستؤمنوا على الأمة، وبوقوا بالأبواق، كانوا حاضرين في ذلك الوقت، وقد حدثت بعض الأحداث الأخرى مثل ظهور النار والدخان
” وكل تعد ومعصية نال مجازاة عادلة”، أليس معصية ما، ليس الأمر هكذا ، بل كل (تعد ومعصية). لم يبقى هناك شيئ بدون مجازاة. لكن ق بولس، قال “نال مجازاة عادلة”، بدلاً من أن يقول “نال” عقاباً”، ولماذا قال هذا؟ هكذا إعتاد الرسول بولس ألا يصنع تمييزاً كبيرا بين الكلمات، فهو يستخدم كلمات لها صدى سيئ في أمور مفرحة، كما يقول في موضع آخر مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح ” . وأيضا في موضع آخر يذكر المكافأة بدلاً من الجحيم، وهنا يدعو العقاب أجرة. “إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً . . أي أن العدل لم يُفقد، بل الله هو الذي طبقه وحوّل العقوبة إلى أولئك الذين أخطأوا. ولكن الخطايا لا تحدث كلها في العلن في حالة مخالفة الوصايا.
” فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصا هذا مقداره” (عب ٣:٢).
هو بهذا قد أعلن أن ذلك الخلاص الذي (كان يتم في العهد القديم)، لم يكن بهذا القدر. وبالصواب أضاف كلمة ” هذا مقداره”. لأنه يقول أن الله لم يخلصنا الآن من حروب، ولا سيعطينا الأرض وخيراتها، بل سيبطل الموت وسيختفي الشيطان، وسيُعطى ملكوت السموات والحياة الأبدية. كل هذا إذا قد أعلنه في إيجاز، قائلاً : ” إن أهملنا خلاصا هذا مقداره”. بعد ذلك يقدم ما هو جدير بكل تصديق قائلاً: ” قد ابتدأ الرب بالتكلّم به. إن بداية الخلاص كانت من المصدر ذاته، وهذا الخلاص لم يحمله إنسان إلى الأرض ولا قوة مخلوقة، بل الابن الوحيد الجنس ذاته.
” ثم تثبت لنا من الذين سمعوا “. ماذا يعني “تثبت؟ يعني أومن به، أو صار موضع يقين. لأنه يقول أن لدينا العربون (عربون خلاصنا)، أي أنه لم يُمحى، ولم ينتهي بل ما زال يسري ويسود والسبب هو عمل القوة الإلهية. ماذا يعني من الذين سمعوا؟”. يعني أولئك الذين سمعوا عن الخلاص من الرب هؤلاء جعلوننا نتيقن.
وهذا أمر عظيم وجدير بالتصديق. وهذا ما ذكره .ق. لوقا أيضاً في بداية الإنجيل كما سلّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة “. إذا كيف تثبت؟ وماذا يحدث لو كان الذين سمعوا هم الذين ابتدعوا تلك الأمور أى الآيات والعجائب ؟ إنه ينفي ذلك ، مُظهرًا كيف أن النعمة ليست بشرية، لذلك أضاف
“شاهدا الله معهم” (عب ٤:٢).
أي لو أنهم هم الذين ابتدعوا هذه الآيات والعجائب ما كان ممكنا أن يشهد الله معهم بهذه الأمور، أي أن هؤلاء يشهدون، لكن الله أيضا يشهد (معهم).
كيف يشهد الله ؟ ليس بكلام، ولا بصوت (لأن هذا أيضا كان موضع تصديق)، فكيف؟ بآيات وعجائب وقوات متنوعة”. بالصواب يذكر عبارة وقوات متنوعة”، لكي يعلن وفرة المواهب، الأمر الذي لم يحدث مع من سبقوا من الأقدمين، إذ لم تحدث معهم كل هذه المعجزات وبهذا القدر من التنوع. أي أننا لم نؤمن أو نصدق هؤلاء هكذا بسذاجة، بل بآيات وعجائب. وبناء على ذلك لم نؤمن بهؤلاء، بل بالله نفسه الذي شهد معهم.
” ومواهب الروح القدس حسب إرادته”. حسنا، ما معنى هذا، خاصةً في الوقت الذي فيه يصنع السحرة معجزات وتطاول اليهود على المسيح قائلين أنه يخرج الشياطين بقوة بعلزبول؟ إن اليهود لا يستطيعون أن يصغوا مثل هذه المعجزات، ولهذا قال ” وقوات متنوعة”. كما أن معجزات السحرة لم تكن لها قوة، بل كانت ضعفاً وخيالاً وأمورًا باطلة. ولهذا قال ” ومواهب الروح القدس حسب إرادته”.
ه- هنا أعتقد أنه يقصد شيئًا آخر. أي أنه كان من الطبيعي ألا يكون هناك كثيرون أصحاب مواهب والتي ربما تكون قد اختفت لأن هؤلاء صاروا أكثر خمولاً. ولكي يعزيهم في هذا أيضاً، ولكي لا يتركهم يسقطون، نسب كل شيء إلى إرادة الله هكذا يقول أن الله يعرف ما يوافق كل واحد، وهكذا يوزع النعمة، الأمر الذي يفعله في الرسالة إلى كورنثوس، قائلاً: ” وأما الآن فقد وضع الله الأعضاء كل واحد منها في الجسد كما أراد”، و ” لكنه لكل واحد يُعطى إظهار الروح للمنفعة ” . هو يظهر أن الموهبة تُعطى بحسب إرادة الآب. لكن مرات كثيرة نجد أن الكثيرين لم يأخذوا موهبة بسبب حياة النجاسة والخمول، وفي بعض الأحيان، برغم أنهم يحيون حياة حسنة ونقية لم يأخذوا الموهبة لأي سبب؟ إنه يفعل هذا حتى لا ينحرفون، ولا يفتخرون، وحتى لا يصيروا أكثر خمولاً، ولا يتباهون أكثر. لأنه إن كان بدون موهبة، يمكن لضمير من يسلك حياة نقية أن ينقاد إلى الكبرياء، فبالأكثر جدا (هذا يحدث) عندما توجد النعمة حتى أن المواهب تُعطى بالأكثر للمتضعين، وللبسطاء، وبالأكثر جدا للبسطاء، لأنه يقول ” بإبتهاج وبساطة قلب . حقاً بهذه الطريقة، كثف إرشاده لهم ودفعهم إلى الأمامحتى لو كانوا بعد متكاسلين.
لأن المتضع الذي لا يتباهى بنفسه، يصير أكثر همة نشاط، عندما يأخذ موهبة، لأنه يرى أنه أخذها دون أن يستحق، ولأنه يعتبر نفسه غير مستحق لهذا. غير أن الذي يعتقد أنه قد حقق شيئًا، يعتبر أن الأمر هو دين له، وينتفخ ويفتخر، حتى أن الله يدبر هذا الأمر، كما ينفع. ويمكن للمرء أن يرى هذا الأمر يحدث في الكنيسة أيضا، لأن واحد يمكن أن يبشر، وآخر لا يستطيع أن يفتح فمه. إذا ينبغي ألا يحزن أحد من أجل هذا، لأنه ” لكل واحد يُعطى إظهار الروح للمنفعة”. أي لو أن سيداً ما يعرف ما هو الذي يستأمن عليه كل أحد، فبالأكثر جدا الله الذي يعرف جيدا أفكار البشر، ويعرف كل شئ قبل أن يُولد هؤلاء شيئ واحد فقط يستحق الحزن هو الخطية وليس شيئًا آخر.
لا تقل، لماذا لا أمتلك أموال؟ أو لو كان لدي أموال لكنت قد أعطيت للفقراء، لست تعرف ما إذا كان المال سيجعلك طماعاً أم لا، بالتأكيد أنت تقول هذه الأمور الآن، لكن عندما تكسب الأموال، ستصير إنساناً آخر. لأنه عندما نشعر بالشبع، نتصور أنه يمكن أن نصوم، ولكن بعد فترة زمنية قصيرة من تناولنا الطعام، ينتابنا فكر آخر أيضًا عندما لا نكون سكارى، نتصور كيف أنه بإمكاننا أن ننتصر على شهوة السكر. ولكن عندما تسيطر علينا الرغبة في السكر، فلن يكون لدينا بعد نفس الرأى. لا تقل لماذا لا أملك موهبة التعليم أو لو كانت عندي لكنت بنيت كثيرين. ألا تعلم أنه لو كان لديك هذه الموهبة، ربما نتج عن هذا إدانتك، وربما تصبح الغيرة أو الخمول سببا لإختفاء الموهبة. بالطبع أنت الآن متحرر من كل هذا، وإن لم تعط حصة الطعام المقررة، لا تدان، لكن حين تكون لديك الموهبة عندئذ ستصير مسئولاً عن أمور لا حصر لها. ومع ذلك فأنت في هذه الحالة لن تكون متجردًا من الموهبة. عليك أن تحدد من ستكون من خلال القليل الذي عندك إن إمتلكت تلك الموهبة، لأنه يقول : ” فإن لم تكونوا أمناء في مال الظلم فمن يأتمنكم على الحق. برهن على ذلك مثلما برهنت الأرملة ( صاحبة الفلسين)، لأنها كانت تمتلك فلسين وكل ما إمتلكته قد أعطته.
هل تطلب أموال؟ عليك أن تثبت أنك تزهد في القليل لكي أستأمنك على الكثير، لكن إن كنت لا تحتقر القليل، فبالأكثر جدا لن تحتقر الكثير. أيضاً في مجال الكلمة، بيّن أنك تستخدم النصح والإرشاد كما ينبغي. أليس عندك الفصاحة الخارجية؟ أليس عندك غنى في المعاني؟ لكن لديك معرفة في الأمور العامة. فقد يكون لك ابنا، جارًا، صديقا أخا، قريبًا، فإن لم تكن قادرًا أن تتحدث حديثا طويلا في الكنيسة، يمكنك أن تنصح أو ترشد هؤلاء بشكل خاص. هنا لا يحتاج الأمر لخطابه، ولا لكلام كثير، لقد أظهر لهؤلاء أنه لو أنك تمتلك فصاحة في الحديث، فإنك ستكون إيجابيًا وفعالاً ومشاركاً. فإن لم تهتم بالقليل، فكيف أستأمنك على الكثير؟ إذا من حيث أن هذا الأمر يمكن لأي أحد أن يفعله أسمع كيف يسمح به الرسول بولس للكافة ” أبنوا أحدكم الآخر كما تفعلون أيضاً” و ” عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام.
الله يعرف كيف يوزع المواهب لكل واحد هل أنت أفضل من موسى؟ إسمع كيف يتضايق، قائلاً: “العلي حبلت بجميع هذا الشعب أو لعلي ولدته حتى تقول لي أحمله في حضنك كما يحمل المربي الرضيع . وماذا فعل الله؟ نزع عنه النعمة، وأعطاها لآخرين، مُظهرًا أنه ولا حتى حين تحمّل الشعب، كان هذا راجع لموهبته بل للروح القدس. لو كان عندك الموهبة، لكان من الممكن أن تفتخر مرات عديدة، ولكنت انحرفت عن الطريق المستقيم مرات عديدة، فأنت لا تعرف ذاتك كما يعرفك الله. ليتنا لا نقول إلى أي شيء يرمي هذا الأمر، ولماذا حدث هذا ؟ عندما يدبر الله، فينبغي ألا نطالبه بمسئوليات. لأن هذا المسلك)، هو ملمح لأسوأ أنواع الجحود والحماقة. نحن عبيد ، وعبيد نختلف كثيرا عن السيد، ولا نعرف تلك الأمور التي تحدث كل يوم.
دعونا لا نفحص حكم الله، فعلينا أن نحفظ ما أعطاه لنا، سواء كان قليلاً، أو لا قيمة له بالمرة، وعلى كل حال فإننا سنرتقي. أو من الأفضل أن نقول، لا يوجد شيئًا قليلاً في عطايا الله. هل تتضايق لأنك لا تملك موهبة التعليم؟ أخبرني إذا ، ماذا تعتقد أنه الأفضل موهبة التعليم، أم موهبة شفاء أمراض؟ بالطبع الأفضل هو موهبة شفاء أمراض. لكن ألا تعتقد أن الأفضل من موهبة شفاء أمراض، أن يفتح أحد أعين العميان؟ ألا تعتقد أن الأفضل أن يقيم أحد أمواتا؟ وأخبرني بعد، ألا تعتقد كيف هو أفضل أن يُصنع هذا بظلال ومناديل ، من أن يصنعه بكلام ؟ وماذا ستقول، أخبرني أن تقيم أمواتا بظلال ومناديل، أم أن تمتلك موهبة التعليم؟ على كل الأحوال ستقول الأول، أي أن تقيم أمواتا بظلال ومناديل.
٦- إذا لو أنني برهنت لك، أن موهبة أخرى هي أسمى بكثير من هذا، فإنك لن تأخذها حتى إذا كان يجب عليك أن تأخذها، ولهذا فإنك حقا تفقدها بعد، فماذا ستقول؟ فإن هذه الموهبة من الممكن أن يمتلكها ليس واحد أو اثنين، بل كل البشر. أعرف أنكم تشعرون بدهشة وحيرة كبيرة، طالما أنكم مهيئون أن تسمعوا أنه يمكنكم أن تمتلكون موهبة أسمى من أن تقيموا أمواتا، وأن تفتحوا أعين عميان، وأن تصنعوا تلك المعجزات التي كانت تحدث في عصر الرسل، وربما تعتبرون هذا الأمر، غير جدير بالتصديق حسنًا، ما هي هذه الموهبة؟ إنها المحبة. لكن أرجوا أن تصدقوني لأن هذا الكلام ليس لي، بل هو للمسيح، الذي يتكلم من خلال بولس. إذا ماذا يقول؟ ” ولكن جدوا للمواهب الحسنى، وأيضاً أريكم طريقاً أفضل” .. ماذا يعني ” أريكم طريقاً أفضل؟” ما يقوله يعني: أن الكورنثيين كانوا أنذاك قد أفتخروا بالمواهب، وكل من كان عنده الموهبة يتكلم لغات مختلفة وهي أقل موهبة، وكانت هذه المواهب موضع تباهي تجاه الآخرين. فلتقولوا إذا ، هل تريدون مواهب هكذا بشكل عام؟ أنا أريكم طريقاً للمواهب، ليس فقط أسمى ، بل أسمى بكثير. إذ يقول بعد ذلك ” إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن. وإن كانت لي نبوءة وأعلم جميع الأسرار وكل علم. وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليست لي محبة فلست شيئا”
أرأيت الموهبة؟ إذا فلتتغيروا (لتنالوا) هذه الموهبة ؟ هذه أسمى من موهبة إقامة الموتى، وهذه أسمى بكثير من كل المعجزات الأخرى. ومن حيث أن الأمر هو هكذا، إسمع ماذا يقول المسيح متحدثا إلى تلاميذه: ” بهذا يعرف الجميع أنكم ” تلاميذي إن كان لكم حبًا بعضكم نحو بعض . ثم بعد ذلك، لكي يظهر، بأي شيء يعرف الجميع أنهم تلاميذه، لم يشر إلى المعجزات، فإلى ماذا كان يشير؟ قال ” إن كان لكم حبًا بعضكم نحو بعض”. وأيضا يتوجه نحو الآب قائلاً : ” ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني”. وقال لتلاميذه ” وصية جديدة أنا أعطيتكم أن تحبوا بعضكم بعضاً “. فذاك الذي يحب هو أكثر تقديرًا وأكثر بهاءًا من أولئك الذين يقيمون أمواتا. وهذا صواب. لأن تلك الموهبة إقامة الموتى، ترتبط بالكامل بنعمة الله، لكن موهبة المحبة ترتبط بمحاولتك أنت. هذا بالحق هو ملمح المسيحي هذه الموهبة تظهر من هو تلميذ المسيح الذي يتألم، الذي ليس له أى شركة مع الأمور الأرضية. وبدون هذه المحبة فلا الشهادة أيضا يمكن أن تفيد في شيء.
ولكي تعلم، لاحظ هذا جيدًا. لقد نال بولس أثنين أو من الأفضل أن نقول ثلاث فضائل سامية أن يُجرى معجزات أن يعرف كل شيء، أن يحيا حياة الصلاح، لكن بدون المحبة، قال أن كل هذا هو لا شيء. وكيف أن كل هذا لا يستحق أي شيء، سأخبركم به، يقول ق. بولس وإن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى أحترق. ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئًا ” . لأنه من الممكن بعد، عندما يوزع ويقدم المرء ،أمواله، ألا يكون عنده محبة. لكن هذه الأمور قيلت لكم باستفاضة في القسم الخاص بالمحبة، وأنا أحيل القرّاء إلى هذا القسم. لكن الآن وكما قلت لنشتهي بغيرة هذه الموهبة (موهبة المحبة)، لنحب بعضنا بعضا، ولن نحتاج لأي شيء لنوال الفضيلة بل كل الأشياء ستصير سهلة بالنسبة لنا، وبدون أتعاب، وسنحقق كل شيء بسرعة شديدة.
لكن ها هو الآن يقول، لنحب بعضنا بعضا، لأن الواحد قد يحب صديقين أو ثلاثة أصدقاء، والآخر أربعة. لكن هذه ليست محبة لله، بل هي محبة للنفس، بينما المحبة لله لا تحمل هذا المبدأ، بل الذي يُحب يسلك نحو الجميع كما لو كانوا أخوته، وشركائه في الإيمان وهو يحبهم لأنهم أخوة حقيقيين. بينما يحب الهراطقة، وعبدة الأوثان واليهود، لأنهم أخوة بحسب الطبيعة (الإنسانية)، بل والأشرار والأردياء أيضاً، سيتراءف بهم، وسيبكي ويتألم من أجلهم.
وبهذه الموهبة سنصير على شبه الله إذا أحببنا الجميع، حتى أعداءنا أيضاً، وليس إن صنعنا ،معجزات لأننا نحب الله حين يصنع معجزات، لكننا نحبه بالأكثر جدا عندما يصنع إحسانًا بالبشر، وعندما يُظهر غفرانا للخطايا أو تسامحا عن الشرور. إذا لو كان هذا الأمر، فيما يختص بالله، يستحق الإعجاب كثيرا، فبالأكثر جدا في حالة البشر، فمن الواضح أن هذه المحبة تجعلنا مستحقين للإعجاب. إذا فلنترجى هذه المحبة بحماس. وهكذا لن نمتلك شيئًا أقل من بولس، وبطرس، ومن أولئك الذين أقاموا أمواتا كثيرين، حتى وإن كنا لا نستطيع أن نشفي مريض مصاب بارتفاع في درجة حرارته. لكن بدون المحبة، حتى وإن كنا بعد نصنع معجزات أكثر من الرسل، وحتى إن كنا نخاطر بحياتنا) مرات عديدة من أجل الإيمان، فلن ننتفع شيئًا . وهذه الأمور لا أقولها أنا ، بل يعرفها جيدا المعطي المحبة. إذا فلنؤمن بذلك.
هكذا بالطبع سيمكننا أن ننال الخيرات التي وعدنا الله بها، والتي ليتنا نشترك فيها جميعًا بالنعمة ومحبة البشرء اللواتي لربنا يسوع المسيح، الذي يليق به مع الآب والروح القدس المجد والقوة والكرامة الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور أمين.
العظة الرابعة (عب2: 5-15)
” فإنه لملائكة لم يخضع العالم العتيد الذي نتكلم عنه لكن شهد واحد في موضع قائلا ما هو الإنسان حتى تذكره، وإبن الإنسان حتى تفتقده وضعته قليلا عن الملائكة” (عب ۲: ۵-۷)
١. كم كنت أود أن أتأكد ما إذا كان هناك من يسمع بحرص شديد هذه الأقوال التي قيلت أم أنني ألقي البذار على الطريق لأنه سيتعين على في هذه الحالة أن أجعل تعاليمي أكثر بهجة لأننا سنتكلم . حتى لو لم يكن هناك من يسمع. إنطلاقا من الخوف الذي وضعه علينا مخلصنا لأنه قال بشر هذا الشعب حتى وإن لم يسمع لك، أما أنت فستكون قد نجيت نفسك. وعلى أية حال فإنني إذا كنت قد اقتنعت بجديتكم فسيتحتم علي أن أتكلم ليس عن خوف فقط بل بكل سرور أيضاً. لكن الآن حتى لو لم يكن هناك من يسمع وإن لم يثر عملي إحساسا بالجدية، وطالما إنني قد أتممت الدور الذي عُهد إلى، بل وأكثر مما يجب، فسيظل الجهاد غير مبهج. لأنه ما هي المنفعة التي نحصل عليها حين نتجنب إدانة أنفسنا ومن ثم لن يستفيد أحد؟
ولكن إذا إنتبهتم فإننا سوف لا نحصل على فوائد جراء تجنب معاقبة أنفسنا، قدر تقدمكم.
كيف إذن سأعرف ذلك. بعد ملاحظتي لبعض منكم ممن لا ينتبهون فسأناقشهم على انفراد عندما أتقابل معهم وسأسألهم فإذا وجدتهم يحتفظون بشيء مما قيل لهم (لا أقول كل شيء، لأن ذلك لن يكون سهلا بالنسبة لكم) فإنني لن أشك بالطبع في بقية ما قيل حتى لو احتفظوا بالقليل من الكثير، ومن الواضح أنني لن أشك فيما بعد فيما يختص بالكثير. وكان ينبغي أن أسألكم دون تحذير أو ملاحظة مسبقة مني، ودون تحفظ منكم، لكنه أمرا مفرح إن استطعت أن أبلغ غايتي هكذا ، أو من الأفضل القول إنه من الممكن أن أسألكم دون تحفظ من جانبكم.
إذا من حيث إنني سأسألكم، فهذا قد سبق وقلته لكم. لكن متى سأسألكم، لم أصرح بهذا بعد ربما اليوم، ربما غدًا، ربما بعد عشرين أو ثلاثين يوما، وربما بعد أيام قليلة، أو كثيرة. هكذا الله أيضًا، جعل يوم رقادنا غير معروف، إذا كان يحدث اليوم أو غداً ، أو سيحدث بعد عام كامل، أو بعد سنوات عديدة، فلم يسمح أن يكون هذا اليوم معروفاً لنا، حتى أنه بالرجاء غير المعلن نحفظ أنفسنا على الدوام في الفضيلة ومن حيث أننا سنرقد، فهذا قد قلته، لكن متى، فهذا لم أقله. هكذا أنا أيضًا، قلت سأسأل ، لكن لم أضف متى، قاصدا أن تهتموا بهذا على الدوام ويجب ألا يقول أحد، أنني سمعت هذه الأمور قبل أربعة أو خمسة أسابيع أو أكثر، ولا أستطيع أن أتذكرها. لأنه هكذا أريد أن يحتفظ المستمع بهذه الأمور، حتى يتذكرها على الدوام، ويحتفظ بها في قلبه، ولا يحتقر الكلام. فأنا أريد أن تحتفظوا بتلك الأقوال، لا لكي تخبروني بها، بل لكي تستفيدوا منها، وهذا هو ما يعنيني. ولكن لأنني قلت كل ما يجب أن أقوله، لكي أجعلكم في أمان، فهناك ضرورة أن أعود بعد ذلك (للشرح).
إذا عما سنتكلم اليوم؟ يقول ق. بولس “فإنه لملائكة لم يُخضع العالم العتيد الذي نتكلم عنه” ترى هل يتكلم عن عالم آخر؟ هذا غير ممكن، بل هو يتحدث عن هذا العالم. ولهذا فقد أضاف ” الذي نتكلم عنه، حتى لا يترك الذهن ينخدع ويبحث عن عالم آخر. إذا فكيف يدعوه “العالم العتيد”؟ كما يقول أيضا في موضع آخر ” الذي هو مثال الآتي ١٠ ، متكلما عن آدم والمسيح في الرسالة إلى أهل رومية، داعيًا المسيح حسب الجسد أنه هو الآتي”، مقارنة بأزمنة آدم، لأنه بالحقيقة كان آتيا هكذا الآن أيضاً، لأنه قال وأيضًا متى أُدخل البكر إلى العالم” حتى لا تعتقد أنه يقصد عالماً آخر، فيؤكد عليه من مواضع أخرى كثيرة، ومن حيث إنه قد دعاه عتيدا ، لأن العالم كان عتيدا، بينما ابن الله فدائم الوجود. إذا فهذا العالم العتيد لم يخضعه لملائكة، بل للمسيح. ومن حيث أن هذا الكلام قيل عن الابن، فهذا واضح، لأنه لن يستطيع أحد أن يقول أنه قيل عن الملائكة.
بعد ذلك يسوق شهادة أخرى ويقول : ” لكن شهد واحد في موضع قائلا: لماذا لم يذكر إسم النبي، بل أخفاه؟ وفي شهادات أخرى يفعل نفس الأمر، مثلما يقول: وأيضا متى أُدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله” و ” أنا أكون له أباً. وعن الملائكة يقول “الصانع ملائكته رياحاً”، ” وأما عن الإبن فيقول” ” وأنت يا رب في البدء أسست الأرض”. هكذا هنا أيضا يقول: ” لكن شهد واحد في موضع قائلاً هنا هو لا يذكر إسم ذاك الذي قال هذه الشهادة، بل ويقدم هذه الشهادة، كما لو كانت معلنة ومعروفة جدًا، أعتقد أنه بهذا يظهر كيف أن هؤلاء العبرانيين يعرفون الكتب جيداً. ” ما هو الإنسان حتى تذكره وإبن الإنسان حتى تفتقده. وضعته قليلاً عن الملائكة بمجد وكرامة كللته وأقمته على أعمال يديك. أخضعت كل شيء تحت قدميه “
۲ وعلى الرغم من أن هذه الأمور قد قيلت عن الطبيعة الإنسانية بصفة عامة، إلا أنها تنطبق على المسيح حسب الجسد بشكل أساسي. لأن عبارة
“أخضعت كل شيء تحت قدميه” (عب ٨:٢).
تشير إلى المسيح أكثر من كونها تشير إلينا، لأن ابن الله إفتقدنا عندما كنا لا شيء، وبعدما أخذ طبيعتنا واتحد بها صار أسمى من الجميع. ” لأنه إذ أخضع الكل له لم يترك شيئًا غير خاضع له. على أننا الآن لسنا نرى الكل بعد مخضعا له”. ما يقوله يعني الآتي: لأنه قال ” حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك” ، وكان من الطبيعي أنهم لا زالوا بعد قلقين فقد أورد فيما بينهما، بعض الشهادات الأخرى، لذلك أضاف هذه الشهادة التي تؤكد على تلك الشهادة (التي شهد بها واحد في موضع). أي حتى لا يقولوا كيف وضع أعداءه تحت قدميه، ما دمنا نحن قد عانينا كل هذه المعاناة؟ فقد أشار باستفاضة إلى هذا الأمر قبلاً في كلام (لأن كلمة “حتى” لا تُشير إلي ذلك الذي يحدث على الفور، بل إلى ما سيحدث بمرور الزمن، لكنه يشرحه هنا بطريقة أفضل، وهو يعني بهذا أنه لا ينبغي أن يعتقد أحد، لأنهم لم يخضعوا بعد أنهم لن يخضعوا لأنه من حيث أنه يجب أن يخضعوا، فهذا أمر واضح. وقد قيلت النبوة لهذا السبب ” لأنه إذ أخضع الكل له لم يترك شيئًا غير خاضع له”.
إذا كيف لم يخضع له كل شيء؟ لأنه سيخضع له بعد حين. إذا طالما أن كل شيء يجب أن يخضع له إلا أنه لم يخضع بعد، فلا ينبغي أن تحزن أو تقلق لأنه عندما تأتي النهاية، ويكون كل شيء قد أخضع له، وكنت لا تزال تعاني من هذه الأمور، فيكون من الصواب أن تحزن على أننا الآن لسنا نرى الكل بعد مخضعًا له إن الملك لم يملك بشكل واضح حتى الآن. إذا لماذا تقلق هل لأنك تعاني؟ إن الكرازة لم تسد على الجميع بعد ، ووقت الخضوع التام لم يحن بعد ثم يقدم بعد ذلك تعزية أخرى، لأن ذلك (أي الإبن الذي سيخضع له الكل، قد مات بالفعل، وعانى الكثير من الآلام.
” ولكن الذي وضع قليلا عن الملائكة يسوع تراه مكللاً بالمجد والكرامة من أجل الم الموت” (عب ٩:٢ ) .
أرأيت كيف أن كل الأشياء تنطبق عليه؟ حقا فإن كلمة “قليلا” تناسب بالأكثر ذاك الذي مكث في الجحيم ثلاثة أيام فقط، وليس نحن الذين مكثنا وقتا طويلاً في الفساد. نفس الأمر ينطبق على عبارة بالمجد والكرامة”، فهى تنطبق على يسوع، أكثر من كونها تنطبق علينا وأيضا يذكرهم بالصليب، محاولاً أن يحقق أمرين أن يظهر إهتمامه بهم، وأن يقنعهم أن يحتملوا كل شيء بشجاعة، مثبتين أفكارهم في المعلم (أي الإقتداء بالمسيح). لأنه إن كان الذي تسجد له الملائكة، إحتمل أن يُوضع قليلاً عن الملائكة من أجلك، فبالأكثر جدا ، ا يجب عليك يا من أنت أقل من الملائكة، أن تحتمل كل شيء من أجله. بعد ذلك يظهر أن المجد والكرامة هما الصليب، تماماً كما يدعوه المسيح مجدا ، قائلاً ” أتت الساعة لكي يتمجد إبن الإنسان”. إذا إن كان المسيح قد دعى آلامه مجدا ، لأجل عبيده ، فبالأكثر جدا يجب عليك أن تدعو آلامك مجدا لأجل الرب. أترى كم هي عظيمة ثمرة الصليب؟ لا تخف من أجل هذه المعاناة بالطبع أنت تعتبرها أمراً صعبًا، لكنها ستجلب لك خيرات لا حصر لها. إنه يبين فائدة التجربة وفقا لهذه الأمور. بعد ذلك يقول : ” لكي يذوق بنعمة الله” والمسيح بالتأكيد، عانى هذه الآلام، لكي تظهر نعمة الله فينا. يقول ق. بولس ” الذي لم يشفق على إبنه بل بذله لأجلنا أجمعين ” . ولأي سبب فعل هذا؟ فعل ذلك لا لكي يجعلنا مدينين له بهذا، لكنه فعل ذلك بالنعمة لأجلنا. وأيضا في الرسالة إلى أهل رومية يقول ” بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين ” نعمة الله أرادت له أن يذوق الموت ” لأجل كل واحد”. وليس لأجل المؤمنين فقط، بل لأجل العالم كله.
لكن ما أهمية كل هذا إن لم يؤمن الكل؟ لقد فعل ما كان عليه أن يفعله، وقال ق. بولس بدقة ” لكي يذوق الموت لأجل كل واحد ، ولم يقل أنه يموت”؛ بل كمن ذاق الموت بالحقيقة، بعدما مكث في القبر لفترة قليلة، ثم قام سريعا. إذا فبقوله ” من أجل ألم الموت، يكون قد أعلن عن الموت الحقيقي، بينما عندما يقول ” أعظم من الملائكة، فإنه يُعلن عن القيامة مثلما يفعل الطبيب، فهو ليس في إحتياج أن يتذوق الطعام المعد للمريض، لكن بسبب رعايته له، يذوقه هو نفسه أولاً، لكي يقنع المريض ويشجعه على قبول الطعام. هذا ما فعله المسيح، لأن جميع الناس كانوا يخافون الموت، ولكي يقنعهم أن يحتقروه، ذاق هو نفسه الموت، وإن كان غير محتاج إلى ذلك. لأنه يقول لأن” رئيس هذا العالم آت وليس له في شيء “” هكذا فكلا التعبيران “بنعمة الله” و “لكي يذوق الموت لأجل كل واحد”، يحملان نفس المعنى الذي يعنيه.
” لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام” (عب ١٠:٢).
3- إنه يتحدث عن الآب. ألا ترى هنا كيف أن كلمة “وبه ” “ما” ، تناسب الآب أيضًا. وما كان له أن يفعل هذا ، إن كان الابن أقل، وإن كان هذا العمل لائق فقط بالابن. ما يقوله يعني الآتي : أنه فعل كما يليق بمحبته للبشر، من حيث أنه يظهر إبنه البكر أكثر بهاءً من الجميع، وضعه مثالاً للآخرين مثل الرياضي الشجاع والأسمى من الجميع.
رئيس خلاصهم”، أي سبب الخلاص أرأيت كم هو الفارق كبير بيننا وبين الإبن الحقيقي؟ فالمسيح ابن ونحن أيضاً أبناء، لكن المسيح يخلّص ونحن نخلُص. أرأيت كيف يوحدنا ثم بعد ذلك يفصلنا؟ يقول ” وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد”. هنا جمعنا معًا، و” رئيس خلاصنا”، وأيضًا فصلنا مرة أخرى ” أن يكمل بالآلام”. إذا فالآلام هي كمال وسبب خلاصنا.
ألا ترى أن الآلام ليست دليلاً على أن من يُعانوها هم أناس متروكون ومرفوضون. لكن الله قد كرّم الابن أولاً بهذه الآلام أي بأن قاده للمجد بالآلام لأنه بالحقيقة كونه قد أخذ جسداً ، وتألم بكل ما تألم به، فهذا ما يعتبر أعظم بكثير من خلقه للعالم من العدم. وهذا بالطبع هو عمل محبة للبشر، أما الخلاص فهو أعظم من ذلك بكثير. ولكي يبيّن هذا تحديدا، يقول ق. بولس ” ليُظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع.
” الذي من أجله الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام، أي كان يجب على ذاك الذي يعتني بكل الأشياء وخلقها جميعا، أن يبذل ابنه من أجل خلاص الآخرين، الواحد لأجل الكثيرين. لكنه لم يقل هذا ، بل قال أن يكمله بالآلام، لكي يظهر أن من يتألم من أجل آخر، لا يُفيد الآخر فقط، بل هو نفسه يصير أكثر بهاءً وأكثر كمالاً. وهذا قد قاله للمؤمنين، لكي يشجعهم. كذلك فإن المسيح تمجد آنذاك عندما تألم. وعندما أقول أنه تمجد لا تعتقد أنه أخذ مجدًا (أي مجد إضافي)، لأن مجد الطبيعة الإلهية، هو له على الدوام، ولم يأخذ أي شيء في ذلك الوقت.
“لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم أخوة” (عب ١١:٢).
انظر أيضا كيف يوحدّهم بأن منحهم كرامة وتعزية، وجاعلاً إياهم أخوة للمسيح، ووفقاً لهذا يكون الجميع من واحد. ويؤكد هذا أيضا يظهر أنه يقصد الوحدة حسب الجسد، أضاف عبارة “المقدس والمقدسين”. وقد دعاه في الجزء السابق “رئيس خلاصهم”. ” لأن الله واحد الذي منه الأشياء” (١كو ٨ : ٦). فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم أخوة. أرأيت أيضا كيف أنه يظهر الإمتياز؟ لأن بقوله “لا يستحي”، يوضح أن كل هذا لم يكن راجع لسبب يخص طبيعتنا بل بسبب حنو ذاك الذي لا يستحي (أن يدعوهم أخوة)، وبسبب إتضاعه الشديد. ورغم إننا من واحد، فإن الابن يقدس ونحن نتقدس، الفارق عظيم، المسيح يأتي من الآب كابن حقيقي أي من جوهره، أما نحن كمخلوقين فقد جبلنا من العدم. وبناء على ذلك فالفارق كبير. ولهذا يقول ” لا يستحي أن بعد ذلك. ولكي جميع يدعوهم أخوة”.
” قائلا اخبر باسمك أخوتي” (عب١٢:٢)
لأنه عندما ليس جسدا، لبس أيضا الأخوة، وجعل مجيثه في الجسد مرافقاً للعلاقة الأخوية.
وهذا بالطبع يقوله بشكل مبرر، لكن ماذا يريد أن يقول بعبارة
“وأيضا أنا أكون متوكلا عليه ؟” (عب ١٣:٢).
قال عن حق العبارة التالية “وأيضا ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله” أي كما أنه هنا يظهر نفسه في وحدة مع الآب، هكذا هناك يظهره (داود النبي) كاخ فيقول “ساخبر بإسمك اخوتي”. وأيضا يظهر الإمتياز والفارق العظيم، عندما يقول
” فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم” (عب ١٤:٢ ) .
٤- ألا ترى أنه يقصد التشابه؟ من جهة الجسد ” إشترك هو أيضا كذلك. فيهما، ليخجل كل الهراطقة، وليختبئ كل من يقول إن يسوع اتي ظاهريًا وليس حقيقيا. لأنه لم يقل إشترك هو أيضاً كذلك فيهما ، ثم بعد ذلك صمت (وحتى لو أنه قال هذا لكان كافيا)، ولا أيضًا كان ظهوره خياليًا أو صوريًا، لكنه كان ظهورًا حقيقيا. لأن كلمة “كذلك لا تقبل الشك بعد ذلك يبين علاقة الأخوة ويذكر تدبير الأمر لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس”. إنه يظهر هنا شيئا مستحق للإعجاب أن الشيطان هزم بنفس الوسيلة التي ساد بها من قبل. وهذا الذي كان سلاحه القوي الموجه ضد البشر أي الموت، قد سحقه المسيح ليس هذا فقط بل وأظهر قوة المنتصر العظيمة ألا ترى كم صنع الموت
حسنا؟
” ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية” (عب ١٥:٣).
لأي سبب ترتعدون، ولماذا تخشون هذا الذي إنكسرت شوكته؟ إن الموت لم بعد مخيفا بعد، بل أذل وأهين، وصار بلا قيمة، لكن ماذا تعني عبارة “الذي خوفاً من الموت كانوا كل حياتهم تحت العبودية؟ ماذا يقصد بهذا؟ يقصد أن من يخاف الموت هو عبد ويقبل كل شيء لكي لا يموت أو يعني أمرا اخر، وهو ان الجميع كانوا عبيدا للموت وممسكين تحت حكمه، إذ لم يكن قد إنقضى بعد، أو أن لم يكن هذا هو المقصود، فيكون معناه أن البشر عاشوا دوما بالخوف، لأنهم كانوا منتظرين الموت بصفة دائمة، ولم يستطيعوا أن يشعروا بأي فرح، لأن هذا الخوف قد تملك عليهم. فهذا هو ما أشار إليه قائلاً: ” كل حياتهم”.
هنا هو يظهر أن كل المتعبين والمذلين والمضطهدين، وكل مَنْ ليس له وطن وثروة وكل الأمور الأخرى، يعيشون أكثر سعادة وأكثر حرية من أولئك الذين عاشوا قديما في رفاهية ولم يعانوا شيئا من هذا، لأن هؤلاء أمضوا كل حياتهم تحت تأثير هذا الخوف، وكانوا أيضًا عبيداً، بينما أولئك قد تخلّصوا من هذا الخوف، وأصبحوا يحتقرون الموت الذي كان يرتعد منه هؤلاء مثل شخص يشجع سجينا محكوما عليه بالإعدام، وهو منتظر دوماً هذا الحكم، هكذا كان الموت قديماً. لكن الآن فقد صار نفس الشيء، كما لو أن شخصا يطرد بأدب جم ، هذا الخوف من آخر، فيحثه بأدب أن يجاهد، ويحدد له موضوع الجهاد ، ويعده أن يقوده إلى الملكوت لا إلى الموت.
أيا من الاثنين إذا ترغب أن تكون؟ هل من السجناء الذين يُشجعون ، وينتظرون الحكم كل يوم، أم من أولئك الذين يجاهدون كثيرًا، ويتعبون بإرادتهم، لكي ما يُتوجوا بإكليل الملكوت؟ أرأيت كيف أنه شجّع نفوسهم ورفعها عاليا؟ وأظهر أنه ليس فقط قد تقض الموت، بل وأبطل قوة ذاك الذي خطط ليشن حرب دائمة ضدنا بعداء مرير، أي الشيطان لأن مَنْ لا يخاف الموت، فهو خارج سلطة الشيطان الإستبدادية. فهناك شخص يقبل أن يتجرد من كل ما عليه إجتنابًا لأن يُمس في جلده وكل ما يملكه يبذله عن نفسه وعندما يقرر المرء أن يحتقر حتى حياته، فلن يكون عبداً فيما بعد؟ إنه لن يخاف أحد، ولن يرتعب من أحد، وسيكون أسمى من الجميع بل وأكثر حرية من الكل. لأن من يحتقر حياته، فهو بالأولى جدا سيحتقر كل الأمور الأخرى. وعندما يتقابل الشيطان مع نفس مثل هذه، فلن يستطع أن يتمم فيها أيًا من أعماله. أخبرني، بماذا سيخيفها، هل بفقدان المال، أم بفقدان الكرامة، والنفي من الوطن ؟ هذه كلها أمور تافهة لمن لا يحتسب نفسه ثمينة عنده، بحسب قول ق. بولس.
ألا ترى أنه أبطل طغيان الموت، وفي ذات الوقت نقض قوة الشيطان؟ لأن الذي يعرف جيدا حكمة القيامة، كيف سيخاف الموت، وكيف سيرتعب فيما بعد؟ إذا لا تحزنوا قائلين لماذا نعاني هذه وتلك؟ فإن الغلبة تصبح بالقيامة أكثر بهاء، ولكنها لن تكون مشرقة، إن لم يكن المسيح قد نقض الموت بالموت والمدهش أنه قد غلبه بنفس وسائل قوته، مُظهرًا في كل موضع إبتداعه وضلاله، إذًا لا يجب أن نرفض العطية التي أعطاها لنا ، ” لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح. إذا لنقف بشجاعة محتقرين الموت.
ه- ولكنني أشعر برغبة في التنهيد بمرارة ويعتريني الحزن، مُفكرًا إلى أي مدى قد سمي بنا المسيح، وكيف انحدرنا نحن أنفسنا بأنفسنا إلى أسفل. لأنه عندما أرى النائحين في الأماكن العامة والصرخات التي ترتفع من أجل الأموات والبكاء والنحيب والتصرفات الأخرى غير اللائقة والرديئة، صدقوني، إني أشعر بالخجل أمام الأمم واليهود والهراطقة الذين يرون ذلك، وكل الذين يسخرون منا علانية لهذا السبب. ومهما استفضت في شرحي لفلسفة القيامة فسيذهب كل ذلك هباءًا، لماذا؟ لأن الأمم لن ينتبهون لما أقوله، بل إلى ما تفعلونه أنتم، وكيف يمكن لأحد هؤلاء أن يحتقر الموت في اللحظة التي يرى فيها إنسانا آخر ميتا؟
إن الأمور التي تكلم بها الرسول بولس هي أمور رائعة وتستحق أن تقال عن الحياة السمائية ومحبة الله للبشر. ماذا يقول؟ يقول ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية. لكن أنتم لم تتركوا لأنفسكم فرصة لتصديق هذه الأمور، لأنكم حاربتموها بأعمالكم، على الرغم من أن الله قاوم مثل هذه التصرفات أي السلوك المنافي للإيمان لكي يمحو هذه العادة السيئة. لأنه أخبرني. لماذا نوقد المشاعل المبهجة ؟ ألا نرسلها (أمامنا) كالعدائين؟ ماذا نريد من الصلاة؟ ألا نمجد الله بها ، ألا نشكره لأنه بالفعل كلّل الميت، خلصه من الأتعاب ومن الخوف وقربه منه؟ أليس من أجل ذلك نرفع التسابيح ونشدو بالترانيم؟ إن هذا كله يعتبر بمثابة إعلان عن أُناس فرحين لأنه يقول: ” أمسرور أحد ؟ فليرتل أما الأمم فلا يلتفتون إلى هذا.
إذا لا تحدثني عن الذي يبحث في ما هى الحكمة وراء حدوث الضيقات وهو خارج الضيقات، لأنه هكذا لا يعتبر عظيمًا على الإطلاق ولا يدعو للإعجاب، بل بين لي كيف يصل المرء إلى الحكمة وهو يجتاز ضيقات مستمرة، وعندئذ سأؤمن بالقيامة. وأن يفعل ذلك كل نساء العالم (أي ينتحبن)، فهذا ليس بالأمر المستغرب على الإطلاق على الرغم من أن ذلك يعتبر أمرًا خطيرًا لأنهن مطالبات بالتحلي بالحكمة. ولهذا فإن ق بولس يقول أيضا : ” لكن لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم ، هذه الأمور لم يكتبها إلى متوحدين ولا إلى عذارى، بل إلى نساء يعشن في العالم، وأيضا متزوجات، على أن الأخطر من ذلك هو عندما تقول امرأة ما، أو رجل ما، أنهم صلبوا للعالم، وفي نفس الوقت نرى أن الرجل ينتف شعره، والمرأة تصرخ بشدة، فهل هناك ما هو أسوأ من هذا؟ صدقوني أنا الذي يتكلم بهذه الأمور، إن صارت الأمور الكنسية كما ينبغي لها أن تحدث فإن أبواب الكنيسة ستبقى مغلقة لسنوات عديدة أمام هؤلاء. لأن الذين يستوجبون الحزن بالحقيقة هم الذين ما ، زالوا بعد يخافون ويرتعدون من الموت، أي الذين لا يؤمنون بالقيامة.
ولكن قد يقول البعض، أنا لا أشك في القيامة، بل العادة هي التي تحكمني. لماذا إذا ، أخبرني عندما نذهب في رحلة، وأجل في رحلة بعيدة، ألا تفعل نفس الأمر (أي ألا تفارق الأقارب والأحباء) ؟ يقول، إنني أبكي وقتها، وأنتحب. وهذا هو برهان لتلك التي تحيا بحسب العادة، بينما في حالة الموت، فالأمر متعلق بتلك التي فقدت رجاءها في العودة. فكر ماذا سترنم في تلك الساعة “ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك لأن الرب قد أحسن إلى، وأيضا “لا” أخاف شرًا لأنك أنت ، وأيضًا أنت ستر لي من الضيق تحفظني. فكر في معنى هذه المزامير. إلا أنك لا تستطيع أن تدرك ذلك إذ أنك تكون فاقدا لوعيك من شدة الحزن لكن على الأقل يجب أن تفكر جيداً في جنازات الآخرين (أي خذ العبرة) حتى تنال عزاء فيما يخصك. تقول ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك لأن الرب قد أحسن إلي هل تقول أنه أحسن إلي، وتبكي؟ أليس هذا تمثيل ونفاق؟ لأنه إن بما تقول فلن يكون هناك ضرورة لأن تحزن أما كنت تمثل وتنافق، وتعتبر أن هذه الأمور أساطير أو خرافات، فلماذا ترنم؟ ولماذا تحتمل أولئك الموجودون هناك في الجنازة؟ ولماذا لا تطرد المرنمين؟ هذا هو برهان على مسلك حقاً كنت تؤمن لأناس مخبولين. وهذا يتنافى مع كل ما هو مقبول و معقول.
حتى الآن فأنا لازلت أنصح ، ولكنني سأستخدم القسوة فيما بعد. لأنني بالفعل خائف بشدة، ربما بهذه الطريقة، يشق مرض الحزن المخيف طريقه إلى داخل الكنيسة. إذا سنعالج هذا النحيب فيما بعد. لكن الآن أنا أوصي وأنادي الأغنياء والفقراء والنساء والرجال، ليتكم ترحلون من هذه الحياة، دون أن يحزن عليكم أحد، وطبقا للقانون المتعارف عليه و القاعدة الصحيحة، فإن الآباء بعدما يتقدم بهم العمر، يرافقهم أبناءهم، والأمهات بناتهن، والأحفاد وأحفاد أحفادهم إلى شيخوخة طاعنة، ولا أتمنى أبدا أن يحدث أى موت مفاجئ أو قبل أوانه. وأرجو من الأساقفة، ومنكم جميعا أن تصلوا إلى الله، بعضكم لأجل بعض، وأن تصلوا معا هذه الصلاة ولكن وهذا ما لا أتمنى أن يتحقق ويحدث إن حدث موت مر أو صعب وأعني بمر، ليس من جهة طبيعته، لأن الموت لم يعد مر بعد ، كذلك فهو لا يختلف أبدا عن النوم ، لكنني أعني بمر من جهة حالتك الداخلية)، أما إذا حدث هذا (الموت) وأستأجر البعض هؤلاء النسوة النائحات صدقوني حين أقول، ومن يريد أن يغضب فليغضب، سأبعده لوقت طويل عن الكنيسة مثل عابد الأوثان لأنه إن كان الرسول بولس يدعو الطماع ، عابد أوثان ، فبالأكثر جدا ذاك الذي يُدخل العادات الوثنية، ونتكلم عن حالة المؤمن.
أخبرني لماذا تدعو الكهنة والمرنمين؟ أليس لكي تتعزى، أليس لكي تكرم ذاك الذي مات؟ لماذا تهينه إذا؟ لماذا تشهر به؟ ولماذا تصنع ملهاه كما لو كنت تؤدي مشهدًا مسرحيا ؟ أما نحن فقد أتينا لنشرح بحكمة الأمور الخاصة بالقيامة، معلمين الجميع، وأولئك الذين لم يصابوا بعد بمرض الحزن)، بإعطاء الكرامة للمنتقل، فإن حدث في أي وقت شيء مثل هذا أى) الموت المفاجيء)، فليتحلوا بالشجاعة، فهل تستدعي أولئك النائحات الذين يبطلن تعليمنا، على قدر ما يستطيعن؟
– هل هناك ما هو أسوأ من هذه السخرية وهذا الهزؤ ؟ وهل هناك ما هو أخطر من هذا الإنحراف ؟ فلتستحوا وتخجلوا. ولكن إن لم تريدوا هذا، فأنا لن أحتمل أن تدخلوا مثل هذه العادات المدمرة إلى الكنيسة. لأنه يقول: ” الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع . وبالنسبة لهؤلاء النسوة البائسات والتعسات، فإننا نمنعهن من خلالكم أن يأتين في جنازات المؤمنين، لكي نخبرهن بالفعل على أن ينحن على شرورهن، وأن نعلمهن ألا يفعلن هذه الأمور في أحزان الآخرين، بل أن ينحن بالأكثر على مصائبهن لأنه الأب الحنون أيضًا، عندما يكون لديه ابنا فاسدًا ، لا يكتفي فقط بنصيحته بألا يقترب من الأشرار، بل يحذره ويخيفه أيضًا. إذا ها أنا أنصحكم أنتم وأولئك النسوة النائحات، متحدثًا إليكم حتى لا تدعوهن أنتم أيضا إلى الكنيسة، ولا تسمحوا لهن أن يأتين من تلقاء أنفسهن.
ويا ليت كلامي وتهديدي يكون له أثرًا أكبر أو يحقق شيئًا أكثر. ولكن وهو الأمر الذي لا أتمنى أن يحدث إن إستهنتم بأقوالنا فسأضطر أن أنفذ تهديدي فيما بعد معاقبًا إياكم بالقوانين الكنسية، وهؤلاء النسوة يكون عقابهن كما يليق بهن. وإن أظهر شخص وقاحة، واحتقر هذه الأقوال، فدعه يسمع لكلام المسيح الذي يقول، لا سيما الآن وإن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. ولكن إن لم يسمع فخذ معك أيضا واحد أو اثنين. وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار.
إذا إن كان ذاك الذي يُخطئ إلى، عندما لا يمتثل، فإن المسيح هكذا يوصي أن أتحول عنه فلتحكموا أنتم كيف يجب أن أسلك تجاه ذاك الذي يخطئ إلى نفسه وإلى الله، لأنكم تتهمونني بأنني لا أسلك برقة نحوكم.
فإن كان أحد يستهين بالقيود التي نضعها عليه، فدع المسيح يعلمه أيضًا، إذ يقول ” كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء. وبالطبع بالرغم من أنني بائس ولا شيء، ومستحق للإزدراء، كما أنا هكذا بالفعل، ولكنني لا أنتقم لنفسي، ولا أريد الغضب، بل إني أهتم بخلاصكم. ليتكم تخجلوا لأنه إن كان أحد يحتمل الصديق عندما يلومه أو يؤنبه بقسوة أكثر مما ينبغي، ولأنه يفعل هذا بدافع الصداقة وليس بدافع التباهي، فبالأكثر جدا يجب أن يحتمل المعلم عندما يوبخه ذلك المعلم الذي هو ذاته لا يتكلم هكذا بسلطة، ولا كحاكم، بل كمسئول أو كمعلم. لأنني لا أقول هذه الأمور، راغبا في أن أظهر سلطة (فكيف أتكلم عن سلطة أنا الذي أتمنى ألا تمارسوا هذه الأشياء؟)، بل لأنني أتالم وأتمزق لأجلكم.
سامحوني إذا لأجل هذا الكلام، ولا يحتقر أحد سلطان الحل والربط الذي للكنيسة. لأن الذي يربط ليس إنسان، بل المسيح هو الذي أعطانا هذا السلطان وهو الذي يجعل البشر مستحقين لمثل هذه الكرامة العظيمة. بالطبع نحن نريد أن نستخدم السلطان لكي نحل الرباطات، أو الأفضل ألا يكون هناك ضرورة لأن نستخدم هذا السلطان. لأننا لا نريد أن يوجد لدينا أي شخص مربوط، لسنا بهذا القدر من التعاسة والحقد، برغم من أننا لا شيء يذكر بالمرة. لكن إن كنا مجبرين، فسامحوني فإننا لا نسعد بالربط، ولا لأننا نريده، بل أننا نأسف لأجلكم أنتم المربوطين. وإن كان أحد يزدرى بهذا الربط سيأتي وقت الدينونة، الذي سيعلمه. ولا أريد أن أتكلم عما سيعقب ذلك لئلا أؤذي أذهانكم.
إذا أنا لا أتمنى أن أضطر لاستخدام هذا السلطان، ولكن إن اضطررت، فسأتمم واجبي على أكمل وجه وسأضع القيود. وإن كسر أحد هذه القيود ، فسأكون قد أديت واجبي وغير مسئول عما سيعقب ذلك، بل من أجل هذا ستدافع عن نفسك أمام ذاك الذي أمرني أن أربطك . وهذا يشبه ملكا يجلس أولاً، فإذا أمر أحد الحراس الحاضرين أن يربط واحدا من الجنود ويضع له القيود ، فإذا عصى هذا الحارس أمر الملك وكسر القيود ، ألا يُهان الحارس، بل بالأكثر يُهان الملك الذي أعطى الأمر. إذا إن كان كل ما يحدث بالمؤمنين يعتبرها الله قد حدث له شخصيًا، فعندما تُهينون أولئك الذين أخذوا الأمر أن يعلموا، فبالأكثر جدا سيتصرف كما لو كان هو ذاته الذي . هين ولكن ليت هذا السلطان لا يُطبق على أحد ممن هم في هذه الكنيسة ، ويُربط. لأنه كما أنه من الأفضل ألا يخطئ أحد ، هكذا فإنه من المفيد أن يحتمل التوبيخ إذا أخطأ.
إذا فلنتحمل التوبيخ، ولنحرص على ألا نخطئ لكن إن أخطأنا فلنتحمل التوبيخ، لأنه كما أنه من الأفضل ألا يُصاب أحد ، لكن إن حدث وأُصيب، فمن المفيد أن يُعالج موضع الإصابة بالدواء المناسب، هكذا يجب أن يحدث هنا. بل ليت ألا يحتاج أحد هذا الدواء. ولكننا قد تيقنا من جهتكم أيها الأحباء أمورًا أفضل ومختصة بالخلاص وإن كنا نتكلم هكذا “. لكنني تكلّمت بقسوة، حتى أطمئن عليكم تماماً ، لأنه خير لي أن تعتبروني وقحا، وقاسيا، وسفيها، من أن تفعلوا تلك الأمور التي لا ترضى الله ولكنني أثق بالله أن هذا التوبيخ سيكون نافعا لكم، بل ستتغيرون كثيرًا ، حتى أنكم ستتقبلوا هذه الكلمات، وتجدون فيها مدحا وثناءًا عليكم. أعني أن نعيش بحسب إرادة الله، لكي نستحق جميعا نوال تلك الخيرات التي وعد بها الله أولئك الذين يحبونه بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي يليق به مع الآب والروح القدس المجد والقوة والكرامة، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور أمين.
العظة الخامسة (عب2: 16-18)
” لأنه حقا ليس يُمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم ” (عب ١٦:٢).
١- يريد ق بولس أن يبيّن محبة الله الفائقة للبشر، إذ قال “فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم إشترك هو أيضا كذلك فيهما ، يوضح هذا الجزء ويقول لأنه حقا ليس يمسك الملائكة لا تفهم هذا الكلام بشكل سطحي، ولا تعتبر أن كون الكلمة قد أخذ جسدنا، حدثا بسيطا، لأنه لم يهب هذا للملائكة. ولهذا فقد تكلّم هكذا لأنه حقًا ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم”. ماذا يعني بقوله هذا؟ يعني أنه لم يأخذ طبيعة الملائكة، بل أخذ طبيعة الإنسان. وماذا تعني كلمة “يمسك؟” يعني أنه لم يشترك في طبيعة الملائكة، بل في طبيعتنا.
لماذا لم يقل “تعهد”، بل إستخدم كلمة “يُمسك ؟ المعنى مجازي، خاص بأولئك الذين يطاردون كل من يبغضهم، ويفعلون كل شيء حتى يمنعوهم من الهرب، ويمسكون بهم. أي أن الطبيعة الإنسانية تفر وتبتعد عن الله، وترحل بعيدا جدا (لأنه يقول أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين.. وبلا إله في العالم). المسيح طارد الطبيعة الإنسانية وأمسك بها من هنا يتأكد أو يتبرهن أنه صنع هذا بسبب محبته للبشر فقط، وبسبب إهتمامه بنا. مثلما يقول: “آليس جميعهم أرواحا خادمة مُرسلة للخدمة لأجل العتدين أن يرثوا الخلاص. هكذا يبرهن على عناية الله واهتمامه الفائق بالطبيعة الإنسانية، فعن طريق المقارنة التي عقدها الرسول بولس يشير إلى هذه العناية الإلهية الفائقة جدا قائلاً: “لأنه حقا ليس يُمسك ملائكة”.
حقا أنه لأمر عظيم ومدهش ومذهل أن يجلس الجسد الذي هو من طبيعتنا في السماء، وتسجد له الملائكة، ورؤساء الملائكة، والسيرافيم والشاروبيم عندما أفكر في هذا الأمر مرات عديدة أذهل، وأتخيل أمورًا عظيمة للجنس البشري.
لأنني أرى المقدمات العظيمة والبهية، وإهتمام الله الكبير بطبيعتنا. ولم يقل فقط يُمسيك البشر”، بل أراد أن يسمو بهم، وأن يظهر جنس البشر عظيما ومكرما ، فيقول “بل يُمسك نسل إبراهيم”.
” من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء” (عب١٧:٢).
ماذا يعني بعبارة “في كل شيء”؟ تعني أنه ولد، تغذي، ونما، وعانى بكل ما عاناه، وأخيرًا مات. هذا هو معني “كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء”. إذا فبعدما تكلّم كثيرًا عن عظمته، وعن مجده السمائي، تكلم عن تدبير الله. ولاحظ كيف يقدمه بهذا القدر الكبير من الحكمة والقوة وقد تخلى عن الكثير جدا ، حتى يصير شبهنا ، الأمر الذي يظهر إهتمامه الكبير، لأنه بعدما قال قبلاً “فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم أشترك هو أيضا فيهما “””” ، وهنا يقول “كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شيء”. كما لو كان يقول، إن ذاك الذي هو فائق العظمة، بهاء مجد الله، ورسم جوهره، ذلك الذي خلق العالم، الذي يجلس عن يمين الآب، هو نفسه أراد وحرص على أن يصير أخا لنا، ولهذا ترك الملائكة، والقوات السمائية، ونزل إلينا، وأتى لكي يُمسك بطبيعتنا.
إنتبه إلى مقدار الخيرات التي منحها لقد نقض الموت وأنقذنا من إستبداد الشيطان، وحررنا من العبودية وكرّمنا بعدما صار أخا لنا. ولم يكرمنا فقط بأن صار أخا لنا، بل بأمور أخرى كثيرة. لأنه أراد أن يصير رئيس كهنتنا أمام الآب، ولهذا أضاف لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أمينًا في ما لله. لقد أخذ جسدنا، بسبب محبته للبشر فقط، لكي يرحمنا. لأنه لا يوجد سببا آخر للتدبير، إلا هذا فقط، أي أنه رأى أننا مطروحين أسفل ضائعين والموت يسود علينا، فرحمنا.
“حتى يكفر خطايا الشعب” لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أمينا”. ماذا يعني بكلمة “أمينا؟” يعني أنه حقيقي وقادر. لأن الإبن فقط هو رئيس الكهنة الأمين، قادر أن يخلص أولئك الذين هم رؤساء كهنة من خطاياهم. وقد صار إنسانًا لكي يقدم الذبيحة التي تستطيع أن تنقينا وأضاف “في ما لله”. أي بسبب خدمته لله. لقد كنا أعداء الله، محكوما علينا، محتقرين. ولم يوجد أحد يقدم عنا ذبيحة. وقد رأى أننا مقيمين في تلك الحالة فرحمنا دون أن يُعين لنا رئيس كهنة، بل صار هو نفسه رئيس كهنة أمينًا، ثم أضاف “لكي يكفر خطايا الشعب”، حتى يُظهر كيف صار أمينًا.
“لأنه في ما هو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين” (عب ١٨:٢).
٢. وهذا أمر وضيع وتافه وغير جدير بالله. لأنه في ما هو قد تألم”. إنه يتكلم هنا عن المسيح المتجسد، وربما قال ذلك لينبه السامعين، وبسبب ضعفهم. إن كلامه يعني الآتي: أنه تألم بما تألمنا به والآن فهو لا يجهل آلامنا، أي أنه لا يعرف هذه الآلام كإله فقط، بل يعرفها كإنسان أيضاً، لأنه جُرب بهذه الآلام في الواقع، وتألم كثيراً، فيعرف كيفية المشاركة في الآلام. وإن كان الله بالطبع لا يتأثر بشيء، إلا أنه يشير هنا إلى تلك الأمور التي لها علاقة بالتجسد. كما لو إنه يقول إن جسد المسيح هذا عانى آلاماً كثيرة. وأنه يعرف معنى الضيقة، ومعنى التجربة، وليس أقل منا نحن الذين جُرِّبنا بالآلام، لأن المسيح بالحقيقة قد تألم.
ماذا يعني إذا بعبارة يقدر أن يعين المجربين ؟ يقول : إنني برغبة شديدة، سأمد يد المساعدة للإنسان، وسأظهر له رأفة. لأن اليهود أرادوا أن يكون لهم شيئًا أكبر من المؤمنين القادمين من الأمم، فيظهر أن ذلك قد تحقق (أي أنه من هؤلاء أتى الخلاص)، الأمر الذي لم يؤذ الأمم على الإطلاق. وما هو هذا؟ هو أن من هؤلاء أتى الخلاص، لقد أتى ليعين هؤلاء أولاً، ولهذا أخذ جسداً. يقول لأنه حقا ليس يُمسيك ملائكة بل يُمسيك نسل إبراهيم”. وبهذا يكرم أب الآباء (أي إبراهيم) ويوضح معنى “نسل إبراهيم”. لأنه يذكرهم، بالوعد الذي أُعطي لإبراهيم، القائل جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك “، مُظهرًا بهذا، مدي القرابة الوثيقة جدا، وهي أنه من واحد إنحدر الجميع. ونظراً لأن تلك القرابة لم تكن قوية قبل التجسد فقد تحدث عنها مرة أخرى ثم ركز حديثه على تدبير التجسد، ويقول: “حتى يكفر خطايا الشعب”. بالطبع كانت إرادته بأن يصير إنسانًا، وفي ذلك دليل على عناية ومحبة كبيرة. لكن الآن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل والخيرات الأبدية التي أُعطيت لنا بواسطة (الإبن). “حتى يكفر خطايا الشعب”. ولماذا لم يقل “خطايا” العالم”، بل قال خطايا الشعب”؟ لأنه بالحقيقة رفع خطايا جميعنا. لأن كلامه في البداية كان لهؤلاء (العبرانيين). كما أن الملاك قال ليوسف أيضا وتدعو إسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم هذا إذا ما كان ينبغي أن يحدث أولاً ، ولهذا أتى، لكي يخلص هؤلاء (شعبه)، ومن خلالهم يخلص الأمم، وإن كان العكس هو ما حدث هذا ما قاله الرسل منذ البداية: إليكم أولاً إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم ، وأيضا “إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص. هنا يظهر أصل اليهود قائلاً: “حتى يكفر خطايا الشعب”.
إنه يتكلم أولاً عن هذه الأمور. ومن حيث إنه هو بالطبع الذي يغفر خطايا الجميع، فهذا ما أظهره للمقعد قائلاً: “مغفورة لك خطاياك” وفي المعمودية، لأنه يقول للتلاميذ فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس”. ولكن عندما يتكلم الرسول بولس عن الجسد، كان يقول كل شيء بتواضع، دون أن يخشى شيئًا، إذا لاحظ ماذا يقول بعد ذلك.
تفسير رسالة العبرانيين 1 | رسالة العبرانيين 2 | تفسير رسالة العبرانيين | تفسير العهد الجديد | تفسير رسالة العبرانيين 3 |
القديس يوحنا ذهبي الفم | ||||
تفاسير عبرانيين 2 | تفاسير رسالة العبرانيين | تفاسير العهد الجديد |