تفسير رسالة يوحنا الأولي أصحاح 2 للقديس أغسطينوس

 العظة الأولى ( 1 يو 1:1 – 11:2)
الجزء الثاني (1يو 2: 1-11)

7- ولئلا يظن أحد أنه يعطى السماح بالخطية حين يقول : “هو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم” وعلى ذلك يقول الناس لأنفسهم لنخطئ اذاً، لنفعل بأطمئنان ما نريده ، والمسيح يطهرنا أنه أمين وعادل ، يطهرنا من كل أثم . أنه يأخذ منكم هذا الامان الكاذب ويضع فيكم خوفاً مقدماً، اذا سكنت المخافه قلوبكم كانت نفوسكم في أطمئنان لانه “امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا”. لابد أن نقاوم أنفسنا دائما ونغصبها ولنتغير باستمرار لنصل إلى الكمال . لأجل ذلك يكمل الرسول قائلا : ” يا أولادي أكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا”

ولكن إذا تغلبت علينا الخطية في حياتنا الفانية الزائلة هذه ، ماذا نفعل ؟ هل نيأس ؟ اسمعوا ماذا يقول الرسول : ” أن أخطأ احد فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار وهو كفاره لخطايانا ” . هو إذن الشفيع ، افعلوا كل جهدكم لكي لا تخطنوا ولكن إن كانت بعض الخطايا تغلبنا بسبب الضعف في هذه الحياة فاننا نفحصها مباشرة، احزنوا عليها ، دنوها مباشرة، واذا دنتم أنفسكم تأتون سريعاً إلى الغفران.

لكم شفيع فلا تخافوا اذاً في اعترافكم ان لا تجدوا من يدافع عنكم لانه ان كان في أمور هذا العالم اذا أوكل لانسان الى محام مشهور وذى لسان بارع أمر الدفاع عنه أفلا ينقذه ؟ ! فهل تهبوا ذواتكم ودفاعكم لكلمة الله وتخزون ؟ ! لنفرح معاً ” لنا شفيع عند الآب”.

8- لاحظوا أن الرسول نفسه هنا يحفظ الاتضاع رغم قداسته المؤكدة وعظمته الانسانية فهو الذي شرب أسرار حب المسيح من حضنه بطريقة سرية ، انه التلميذ الذي تغذي باسرار اللاهوت من صدر واحضان الرب ونطق ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الله الكلمة “ ( یو1: 1) ، رغم كل ذلك لم يقل ” لكم شفيع عند الآب” ولكن قال ان أخطأ احد “فلنا” شفيع عند الآب ، لم يقل “لكم” شفيع . لقد اختار أن يضع نفسه في صف الخطاة لكي يكسب المسيح شفيعاً له ولم يضع نفسه بدلاً من المسيح کشفیع لئلا يُحسب ضمن المتعظمين الذين سيقعون تحت الدينونة.

يا اخوتي ، يسوع المسيح بار ، وهو شفيع لنا عند الآب ، وهو بار وخال من الخطية وهو بنفسه كفارة لخطايانا اذا تمسكنا بذلك ، اختفت الهرطقات والانقسامات . لانه من این تأتي الانقسامات ؟ . تأتي حين يقول الناس عن أنفسهم “أننا ابرار”، اننا نطهر ونقدس غير الطاهرين . أو اننا نبرر الخطاة أو ندعي اننا نسأل وننال ما نطلب لأجله. لكن ماذا يقول يوحنا : ” أن أخطأ احد فلنا شفيع عند الأب يسوع المسيح البار”.

وربما يقول بعض الناس هنا : الا يصلي القديسون من اجلنا ؟ الا يسأل الأساقفة والكهنة لأجل الشعب ؟ نعم يصلون ولكن نلاحظ الانجيل ونرى كيف أن هؤلاء الخدام أنفسهم في احتياج ايضا لصلوات الشعب إذ يقول الرسول للرعية : ” صلوا لاجلنا نحن ايضا ” ( كو4: 3) . یا اخوتي نحن نصلي لاجلكم وانتم ايضا تصلون من اجلنا ، دعوا كل الاعضاء تصلي من اجل بعضهم البعض ودعوا الرأس يشفع فينا جميعاً.

لا تعجب إذن اذا استمر الرسول هنا ليسد أفواه الذين يقسمون كنيسة الله . لان الذي قال “لنا يسوع المسيح البار كفارة لخطايانا” كانت عينه على أولئك الذين يميزون أنفسهم ويقولون ” هوذا المسيح هنا أو هوذا هناك ” ( مت 32:24) ويعلن عن ذاك الذي اشترى الكل وأمتلك الكل ، لهذا السبب استمر الرسول يقول “ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا ” .

ما هذا يا إخوتي ؟ لقد وجدناه في حقول الوعر ( مز132: 6) ، لقد وجدنا الكنيسة وقد امتدت في كل العالم . إن المسيح هو كفارة لخطايا كل العالم وليس لخطايانا فقط ، لكم كنيسة تشمل العالم كله لا تتبعوا المبررين الكذبة المقطوعين عن الحق . ولكن كونوا ساكنين في هذا الجبل الذي ملأ كل الارض لان “المسيح هو كفاره لخطايانا وليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا” ، الذي اشتراه بدمه .

الوصية الجديدة : 

9- “بهذا نعلم اننا قد عرفناه أن حفظنا وصاياه” . بماذا يوصينا ؟ “من قال انه قد عرفه ولا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحق فيه ” ولكن الذي يحفظ كلمته ففي هذا قد تكملت محبة الله بالحقيقة “ (1يو2: 5) .

هل يمكن ان تكون هذه الوصية شيئاً غير المحبة ؟ اننا نسأل ما هي وصيته وهو يقول لنا “ولكن الذي يحفظ كلمته في هذا قد تكملت محبة الله”. لاحظوا الانجيل لتروا اذا ما كانت الوصية هي المحبة ، يقول الرب : ” وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا ” (يو 13: 34) ، ” بهذا نعرف اننا فيه ” ( 1يو 5:2) . اكتمال المحبة ؟ ما هو كمال المحبة ؟

ان تحبوا اعداءكم لدرجة أن يصيروا اخوة لكم ، حبنا هذا لا يمكن أن يكون حباً بشرياً جسدانياً. جيد ان تتمنی لانسان ما خیرات زمنية ولكن حتى ان لم يحدث هذا فروحه تبقى سالمة في امان . جيد جداً ان تتمنوا الحياة لاصدقائكم؟ ولكنه فعل شرير جداً أن تفرحوا بموت أحد أولئك الذين تعتبرونهم أعداءكم، بل أنه ربما تكون الحياة الطويلة التي تتمنونها لاصدقائكم ليست في خيرهم، وهكذا ايضاً ربما يكون الفرح الذي تفرحونه عند موت أعدائكم يكون لخيرهم!.

ليس مؤكداً ان تكون هذه الحياة الحاضرة التي نحياها مفيدة لانسان ما أم غير مفيدة ولكن الحياة مع الله مفيدة بغير أدنى شك. لذلك حبوا أعداءكم وانتم تتمنون أن يصيروا اخوة لكم، حبوا اعداءكم وانتم تتمنون ان يصيروا في شركة معكم. لقد كان قلبه مفعماً بالحب ذاك الذي علق على الصليب وقال ” يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون ” ( لو 23: 34). لم يقل یا ابتاه اعطهم العمر الطويل ولم يطلب حياة على الأرض للذين صلبوه بالحقيقة. لقد ابعد عنهم الموت الأبدی بصلاته المملوءة رحمة وبقوته الفائقة القدرة ، نعم كثير منهم قد آمن وغفرت لهم خطاياهم بدم المسيح المسفوك ، سفكوا دمه وهم يكيدون له ولكنهم عادوا فشربوا دمه حينما أمنوا به. أشار الرب الى كمال المحبة محبة الأعداء أخذ يحثنا قائلاً: “كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل” من يقول أذا أنه فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك يسلك هو أيضا “ ( 1يو 2: 6).

ماهي نصيحة الرسول لنا ؟

من قال إنه فيه ، في المسيح ، ينبغي أنه كما سلك ذاك ينبغي أن نسلك نحن أيضا . هل نسير معاً على الماء ؟ أن هذا ليس في متناول ايدينا ، ولكن نسير معه في طريق البر ، أي طريق ؟ لقد ذكره قبل ذلك . لقد علق على الصليب وصار في طريق البر . انه طريق المحبة المسيحية . ” يا ابتاه أغفر لهم لأنهم لايدرون ماذا يفعلون” اذا تعلمتم أن تصلوا لأجل أعدائكم فانكم تسيرون في طريق الرب.

10- أيها الأخوة لست أكتب اليكم وصية جديدة بل وصية قديمة كانت عندكم من البدء الوصية القديمة هي الكلمة التي سمعتموها من البدء (۲يو۷:۲) . ماهي الوصية التي يدعوها قديمة؟ التي سمعتموها من البدء ، قديمة لأنكم سمعتموها فعلاً والا يكون مناقضاً لقول الرب . حيث يقول ” وصية جديدة أنا أعطيكم ” ( يو 13: 34) .

لماذا هي وصية قديمة ؟

قديمة ليست لانها تختص بالانسان العتيق ( القديم ) ولكن لماذا ؟ “التي سمعتموها من البدء” الوصية القديمة التي سمعتموها فهي قديمة من جهة أنكم سمعتموها قبلاً، وفي الوقت نفسه يوضح أنها جديدة إذ يقول : “وصية جديدة أكتب اليكم”، ليست وصية أخرى ولكن نفس الوصية القديمة هي نفسها وصية جديدة . لماذا ؟ ” ماهو حق فيه وفيكم” ، قديمة لأنكم تعرفونها ولكن لماذا هي جديدة ؟

“إن الظلمة مضت والنور الحقيقي الآن يضيء”، انظروا أنها جديدة لأن الظلمة تتبع الانسان العتيق الذي مضى ولكن النور يتبع الانسان الجديد الذي لبسناه. يقول القديس بولس : “اخلعوا الانسان العتيق والبسوا الجديد”( کو ۹:۳ ، ۱۰ ) ، ويقول ايضا “كنتم قبلاً ظلمة أما الآن فنور في الرب ” ( أف ۸:۵ )

المحبة هي النور :

۱۱- ان قال أحد إنه في النور وهو يبغض أخاه فهو الى الآن في الظلمة . ” يا أخوتی احبوا أعداءکم” ان کنتم تحبون اخوتكم فقط فانتم لستم کاملين ولكن ان کنتم تبغضون اخوتكم ماذا تكونون؟.

ليفحص كل انسان قلبه ، لايحتفظ احد بای بغضة لاخيه حتى ولو كانت كلمة جارحة ، ” ليتنا لانتحول الى تراب بسبب تنافسنا على أمور ترابية” ! من يبغض أخاه لايقول إنه يسير في النور “من قال إنه في النور ويبغض أخاه فهو الى الآن في الظلمة ” لقد كان بعض الناس وثنيين ولكنهم صاروا مسيحيين ، لقد كانوا في الظلمة وهم وثنيين ولكن الان صاروا مسيحيين بنعمة الله فهم يرددون ذلك بكل فرح.

يقول الرسول : ” لقد كنتم قبلا ظلمة أما الآن فنور في الرب ” ، كانوا يعبدون الاوثان ولكن الان يعبدون الرب، كانوا يعبدون الأشياء المصنوعة والان يعبدون خالق الكون كله ، لقد تغيروا بنعمة الله فصاروا يمجدون الله بكل فرح .

الآن يعبدون الاب والابن والروح القدس ، ويبغضون الأوثان والشياطين ولكن مع ذلك فان یوحنا مازال في اشتياق الى ان يتغيروا ! بينما كثيرون يمتدحون هذا الانسان الذي تغير . مازال الرسول ينظر اليه بقلق وخوف . یا أخوتي ينبغي أن نقبل هذا الجزع على الام الكبرى ( يقصد المحبة ) . لقد سكنت هذه الام في قلب يوحنا وهكذا ليس بلا سبب خوفها علينا بينما الاخرون يمدحوننا ، لقد سكنت المحبة في قلب يوحنا حين نطق بهذا الكلام.

لأي سبب هو خانف علينا بينما يرانا الناس ويغبطوننا ؟ . ما الذي يخيفه على الذي يقول إنه في النور؟ ماهذا ؟

الذي يقول : إنه مسیحی ويبغض أخاه فهو الى الان في الظلمة ، اننا لانحتاج إلى تفسير أو شرح أكثر . لنفرح ان لم يكن هكذا فينا … ولننتحب أن كان هذا موجودا في قلوبنا .

12- من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. من هم أولئك الذين يسببون عثرة ؟ . إنه ذاك الذي يغضب المسيح والكنيسة . الذي يغضب المسيح يكون كمن يحترق بالشمس والذي يجرح الكنيسة یکون كمن يحترق بالقمر ولكن المزمور يقول ” لاتضربك الشمس بالنهار ولا القمر في الليل ” ( مر121: 6) .

إنك إذا تمسكت بالمحبة سريعاً لن تسقط أبدأ من المسيح أو من الكنيسة . لأن الذي يبغض الكنيسة كيف يكون في المسيح وهو الذي لايحسب عضوا في المسيح ، كيف يكون في المسيح ذلك الذي لا يحسب من جسد المسيح ؟ الذين يعثرون هم أولئك الذين يبغضون المسيح أو كنيسته. وهذا هو معنی عبارة المزمور “فالحريق هو طريق العثرة أو السقوط” . لاحظ أولاً التشبيه نفسه. فكما أن الشخص الذي يتعرض للحريق لا يطيق ذلك ولا يحتمل ويهرب بعيداً هكذا الذي لا يحتمل الوجود في الكنيسة ويتحمل نتيجة ذلك فانه يبعد نفسه عن المسيح وعن الكنيسة ويبقى في العثرة.

أنظروا كيف تكلم المسيح عن أولئك الجسدانيين الذين يفصلون أنفسهم عن الكنيسة قائلا : ” من لا يأكل جسد ابن الانسان ويشرب دمه فليس له حياة فيه ” ( يو6: 54 – 69) . بعض الناس قالوا هذا الكلام صعب ورجعوا إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه وبقي الاثنا عشر ( یو6).

كل هؤلاء احترقوا بالشمس ورجعوا إلى الوراء ولم يستطيعوا أن يحتملوا قوة الكلمة ، بينما بقى الأثنا عشر ، ولئلا نظن أننا نفید المسيح شيئاً بايماننا به بل اننا المستفيدون ، فحين بقى الاثنا عشر قال لهم الرب “ألعلكم أنتم ايضا تريدون أن تمضوا” أعلموا أنني انا الأساس بالنسبة لكم ولستم انتم بالنسبة لي . ولكن الذين لم يحترقوا بالشمس اجابوا بصوت بطرس : ” يارب الى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك”.

من هم الذين يحترقون من الكنيسة مثل القمر؟

أنهم أولئك الذين يسببون انقسامات . اسمعوا مايقوله الرسول : ” من يعثر وأنا لا ألتهب ” (1كو11: 9) . ان ذلك معناه أنه لا توجد أدنى عثرة في ذلك الذي يحب أخوته ، الذي يحب اخوته يتحمل كل شيء في سبيل الوحدة وهكذا في وحدانية المحبة يكمن الحب الأخوي. أن احببتم اخوتكم لاتوجد فيكم أدنی عثرة ، اسمعوا قول المزمور ” سلام جزيل للذين يحبون شريعتك وليس فيهم عثرة ” ( مزمور119: 165) .

سلام جزيل للذين يحبون شريعة الله لانهم ليس فيهم عثرة . أولئك الذين يسببون العثرات يحطمون السلام ، الذين لايسببون عثرة ويحبون شريعة الله هم الذين في المحبة.

ربما تقولون ان النبي قال : يحبون شريعة الله  ولم يقل يحبون اخوتهم اسمعوا ما يقوله الرب: ” وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً”  ماهو الناموس أو الشريعة سوى الوصية .

والوصية هي المحبة، كيف يمكننا ألا نسبب عثرة أن لم نحتمل بعضناً بعضا كما يقول بولس ” محتملين بعضكم بعضاً بالمحبة مسرعين الى حفظ وحدانية الروح برباط السلام ” ( أف4: 3،2) . ولكي يوضح أن هذا هو ناموس المسيح يقول : ” احملوا بعضكم اثقال بعض ” وهكذا تمموا ناموس المسيح ( غل6: 2) .

13- لأن الذي يبغض أخاه هو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعرف أين يذهب (1یو2: 20) .

أتوسل اليكم أن تنتبهوا “ان من يبغض أخاه يمشي في الظلمة ولايعلم أين يذهب لأن الظلمة قد أعمت عينيه”. من یکونون عميانا أكثر من أولئك الذين يبغضون اخوتهم.

لعلكم تدركون انهم عميان لأنهم لايرون الجبل.

الحجر الذي قطع من الجبل بدون يدين، أليس هو المسيح الذي أتي من شعب اليهود وبدون عمل انسان. الم يحطم هذا الحجر ممالك الأرض إلى قطع صغيرة والتي هي كل مذاهب الأوثان والشياطين، لقد کبر هذا الحجر وتعظم حتى صار جبلاً عظيماً ملأ كل الأرض.

حين يريدون أن يرى انسان القمر الجديد يقول : انظر القمر ! واذا كانت رؤيته ضعيفة فاننا نشير له باصبعنا إلى القمر لکی يراه . 

أننا بهذه الطريقة نشير الى الكنيسة الان.

أليست أبوابها مفتوحه ؟ . اليست ظاهرة لكم؟ الا تجتمع اليها كل الشعوب . فيها يتحقق ماقيل لابراهيم “بنسلك تتبارك جميع أمم الأرض” ( تك22: 18) . لقد أخذ الوعد انسان بسبب ایمانه والان العالم كله قد امتلأ بالمؤمنين ، انظروا الجبل وقد ملأ الأرض كلها ، انظروا المدينة التي قيل عنها ” لايمكن أن نخفي مدينة موضوعة على جبل” ( مت5: 14) . ان الذين يعثرون في الجبل حين نقول لهم اصعدوا اليه ، يجيبون “لايوجد جبل” ويصدمون رؤوسهم به أسرع مما يفكرون في السكن فيه.

لقد قرأنا إشعياء بالامس وكثير منكم لاحظوا ليس بعيونيهم فقط بل بآذانهم أيضا ليست عيون الجسد بل عيون القلب يقولون : ” ويكون في أخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتاً في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال ونجرى اليه كل الأمم ” ( أش2 : 2 ).

ماذا يمكن أن يظهر أكثر من هذا الجبل؟

توجد جبال غير معروفة لأنها في جزء صغير من الأرض ولكن هذا الجبل ليس هكذا لأنه ملأ وجه كل الأرض وعنه أيضاً قيل “جاهد على رأس الجبل “.

+ إنه جبل فوق رؤوس الجبال كلها ، وأيضا يقول عنه “تجتمع اليه كل الأمم”.

* من منكم لايمكنه التعرف على هذا الجبل ؟
* من يريد أن يحطم رأسه بالعثرة فيه ؟
*من لايمكنه أن يري المدينة الموضوعة على الجبل ؟
ولكن لا تتعجبوا أن هذا الجبل غير معروف لمن يبغضون اخوتهم لأنهم يسيرون في الظلمة ولا يعرفون أين يذهبون لان الظلمة أعمت عيونهم.

أنهم لايرون الجبل ، لا تتعجبوا ، لأن ليس لهم أعين، كيف ؟ لأن الظلمة قد أعمتهم لأنهم يبغضون اخوتهم .

حين يتعصبون لشعب معين ويفصلون أنفسهم عن باقي الأرض وهم بذلك لايريدون أن يحتملوا من أجل سلام المسيح ، أنهم أولئك الذين يشوهون صورة اخوتهم ويشتكون عليهم.

 

العظة الثانية (١ يو٢ :١٢-١٧)


“12أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 13أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ. 14كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ.

15لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. 16لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. 17وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.” (1يو٢: ١٢ – ١٧).

قراءة الأنجيل مهمة لحياتنا وثبات ايماننا:

الأشياء التى نقرأها فى الكتب المقدسة هى لأجل تعليمنا وخلاصنا لذلك يجب علينا أن نسمعها باهتمام فائق وعلاوة على ذلك نستودعها ايضاً باهتمام فى قلوبنا فهى لها قوة عظيمة أمام الهراطقة الذين لا تكف ولا تهدأ مكائدهم لاصطياد الضعفاء والمتهاونين.

تذكرووا دائماً أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح مات لأجلنا وقام “أُسلم لأجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا” (رو٢٥:٤). لقد سمعتم عن التلميذين اللذين تقابل معهما السيد فى الطريق (أمسكت أعينهما عن معرفته) وجدهها فى يأس من الخلاص بالمسيح، كانوا يعتقدون أنه تألم ومات مثل أى انسان غير عارفين أنه ابن الله الحي الى الأبد، اعتقدوا انه مات بالجسد وانه لن يعود ثانية للحياة كأنه واحد من الأنبياء.

لقد سمعتم كلمات الرب نفسه لهؤلاء التلاميذ، لقد بدأ من موسى يفسر لهم الكتب ماراً بجميع الأنبياء موضحاً لهم أن كل ما تألم به قد سبق الانبياء واخبروا به لئلا يترددوا فى تصديق قيامة الرب ثانية ويفشلوا فى الايمان به انه قام ثانية، اذا لم يكن الانبياء قد سبقوا واخبروا بهذه الأمور.

إن قوة الايمان تزداد حين نعرف ان كل الأمور التى حدثت سبق واخبر بها الأنبياء. وهذان التلميذان لم يعرفاه الا عند كسر الخبز وبالحقيقة ان الذى لا يأكل ولا يشرب يحكم على نفسه أثناء كسر الخبز أنه لايعرف المسيح ( 1كو11: 29).

وبعد ذلك ظن التلاميذ الأحد عشر أنهم رأوا روحاً، فأعطاهم نفسه ليلمسوه هو هو الذى أسلم نفسه لأيدى أعدانه ليصلبوه، اسلم نفسه لأحبائه ليلمسوه، أنه الطبيب الشافى لكل أحد، شفى شر هؤلاء وقلة إيمان أولئك.

لقد سمعتم فى سفر الأعمال كم ألفاً من قاتلى المسيح قد آمنوا، وإن كان قد أمن به الذين قتلوه أفلا يؤمن به من داخله الشك فيه لفترة قليلة؟ وحتى بالنسبة لاولئك الذين أعطاهم نفسه ليلمسوه لم يكن هذا كافياً لهم ولكنه قوى قلوبهم وأكد لهم بواسطة الكتب المقدسة لكى يؤمنوا، لقد نظر الينا فى المستقبل نحن الذين “انتهت الينا أواخر الدهور” اننا لايمكن أن نلمسه بأيدينا ولكن يوجد لنا ما نستطيع أن نقرأه.

يجب أن نتنبه الى “كلام الكتب” ونحفظه فى قلوبنا لأن ذلك هو الذى يحفظنا من الأخطار غير المحسوسة التى يمكن أن تتسرب الينا تدريجياً، لقد سر الله ان يضع فى كتبه المقدسة مالا يستطيع أحد أن يعترض عليه إذا أراد أن يؤمن بالمسيح، لأنه إن كان هؤلاء قد أمنوا ققط لانهم لمسوه فماذا نفعل نحن؟. الآن المسيح صعد الى السماء وهو لن يأتى الا فى اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات فكيف نستطيع أن نؤمن به اذن؟ الا بالطريقة التى أرادها ورسمها للايمان به (يقصد كلام الكتب المقدسة ) حتى لاولئك الذين لمسوه ليتأكدوا منه. لقد شرح لهم الكتب وبين لهم كيف كان يجب أن يتألم المسيح وان يتم كل ما كُتب عنه فى ناموس موسى والانبياء والمزامير لقد احاطهم وقدم لهم كل النصوص القديمة من الكتب.

إن كل ماهو موجود فى الكتب المقدسة يخبرنا عن المسيح ولكن لمن له أذن تسمع، لقد فتح ذهنهم ليفهموا الكتب، ونحن أيضاً يجب أن نصلى لأجل ان يفتح الله اذهاننا لنفهم.

الكنيسة جسد المسيح فى كل الأرض:

٢- ماذا أراهم الرب مما هو مكتوب عنه فى ناموس موسى والانبياء والمزامير ؟ ماذا بين لهم ؟ ليته يخبرنا هو بنفسه.
لقد تحدث الانجيلى باختصار بهدف ان نعرف اننا ينبغى ان نفهم ونصدق كل ما اشتملت عليه الكتب المقدسة. لقد تحدث الرب مع التلاميذ عن اسفار كثيرة وصفحات عديدة وما احتوته عنه. ماهو هذا المكتوب عنه ؟

“انه ينبغى أن يتألم المسيح ويقوم فى اليوم الثالث”. هنا الحديث عن العريس “ينبغى ان المسيح يتألم ويقوم” العريس نفسه أوضح لنا ذلك، لنرى الآن ماذا قال عن العروس، لأنكم اذا تعرفتم على العريس والعروس تأتون بعقل الى الزواج. إن كل إحتفال (فى الكنيسة) هو احتفال زواج، اننا نحتفل بحفل رواج الكنيسة، ابن الملك مزمع أن يتزوج بزوجة، انه نفسه الملك، والمدعوون الى العرس هم انفسهم العروس. لاحظوا أنه كما فى العرس الجسدى يكون بعض المدعوين ضيوفا وواحدة هى العروس. كذلك هنا فى الكنيسة يوجد من ياتون كأنهم ضيوف ولكن اذا اتوا واصلحوا أهدافهم يصيرون عروساً.

كل الكنيسة هى عروس المسيح، بداية الكنيسة والثمرة الأولى لها هى جسد المسيح الذى تجسد به (كانت العروس هنا واتحدت بالعريس فى تجسده). لذلك كان معقولاً جدا أنه حينها اراد ان يشير الى هذا الجسد قام بكسر الخبز وانفتحت أعين التلميذين وعرفاه (عند كسر الخبز).

حسناً ماذا قال الرب مما هو مكتوب عنه فى الناموس والانبياء والمزامير؟

 “ينبغى ان المسيح يتألم” واضاف “وان يقوم ثانية” أنه حزين على اولئك الذين اغلقت أعينهم (عنه)، لقد سبق الأنياء واخبرو ايضاً أنه “يقوم ثانية” ولكن لماذا كان يجب أن يتألم المسيح ويقوم ثانية ؟ لكن “تذكر وترجع الى الرب كل أقاصى الارض وتسجد قدامك كل قبائل الأمم” (مز22: 27).
لأجل ذلك يجب أن تعرفوا انه كان ينبغى أن يتألم المسيح ويقوم ثانية.

وفى هذه الحادثة (ظهوره لتلميذى عمواس) ماذا اضاف ايضاً؟ لقد قدم لهما العريس واعلن ايضا عن العروس فقال “وينبغى أن يكرز باسمه فى جميع الأمم للتوبة ومغفرة الخطايا مبتدئاً من أورشليم”.
ماسمعتموه يا اخوتى تمسكوا به ولايشك احد ان الكنيسة (فى كل الأمم) بدأت فى أورشليم وامتدت الى كل الأمم، اننا نعرف الحقل الذى زرعت فيه الكرمة ولكن حين تنمو لا تعود تميز الحقل لأنها تغطى الكل.

+ أين بدأت ؟ فى أورشليم، وإلى أين سارت ؟ الى كل الأمم. بقيت بقية قليلة يجب أن تنضم اليها لأن الكنيسة تضم الكل.

وفى الوقت نفسه بينما تضم الكنيسة الكل فان رب البيت يستحسن أن يقطع بعض الأغصان غير المثمرة الذين هم الهراطقة والمنقسمين، لا تدعوا هذه الأعضاء المقطوعة تؤثر عليكم لئلا تقطعوا ولكن بالعكس يجب عليكم أن تنصحوهم وتشجعوهم ليطعموا (فى الكرمة) من جديد.

لقد استعلن للكل ان المسيح تألم وقام ثانية وصعد الى السموات وجعل الكنيسة ظاهرة فى كل العالم (لأنه قد بشر باسمه فى كل الأمم للتوبة ومغفرة الخطايا).

إن الكنيسة بدأت فى أورشليم وصارت مثل جبل عظيم ولكن هناك من لايراه، أنها مثل شمعة موضوعة على منارة ولكن هناك من أغمض عينيه حتى لايرى النور.

2 – حين نقول لاولئك اذا كنتم تنتمون الى الكنيسة الجامعة فيجت ان تتواصلوا مع الكنيسة التى انتشر منها الانجيل للعالم كله، مع مدينة أورشليم، اذا قلنا لهم ذلك اجابوا : اننا لا نتعامل مع المدينة التى ذبح فيها ملكنا وربنا، كما لو كانوا يبغضون المدينة التى ذبح فيها السيد. اليهود رأوه على الارض وذبحوه وهؤلاء بفعلهم هذا يحتقرونه وهو جالس الان فى السماء.
أيهبا أكثر سوءا ؟
أولئك هزأوا به لانهم ظنوه انساناً وهؤلاء يحتقرون اسراره وهو الاله، انهم يكرهون ويترفعون على المدينة التى قتل فيها… يا لهم من اناس متدينين! يالعظمة الرحمة ! يحزنون كثيراً لذبح المسيح وهم يذبحونه فى البشر!. (يقصد القديس أن يسخر بالذين يتعاطفون مع المسيح له المجد وفى الوقت نفسه يكرهون أخوتهم فى جسد المسيح).

لقد أحب المسيح هذه المدينة واشفق عليها وجعل التبشير بالانجيل يبدأ منها، جعل من هناك بداية الكرازة باسمه، ان الذين يفزعون من التعامل معها انما قطعوا انفسهم لانهم احتقروا الاصل.
(هنا يعقد القديس تشبيها مطولا بين أورشليم والكنيسة).

ماذا قال المسيح لتلاميذه؟

“لاتبرحوا أورشليم بل انتظروا موعد الآب الذى سمعتموه منى” (أع 1: 5 ، 2: 1-12) انهم لايحبون المدينة التى يسكن فيها الذين قتلوا المسيح، ولكن قد وضح للجميع ان قتلة المسيح قد طردوا من هذه المدينة، ان الذين كانوا يشتعلون فيها الغيظ ضد المسيح يعبدونه فيها بخشوع الآن. لقد كانت هى المدينة التى أرادها السيد ليبقى فيها تلاميذه حتى يرسل لهم الروح القدس.
اين ولدت الكنيسة عندما حل الروح القدس من السماء وملأ مائة وعشرين أخا فى مكان واحد، لقد تضاعف عدد التلاميذ الإثنى عشر عشرة مرات. كانوا جالسين وحل عليهم الروح القدس “وملأ كل المكان، وصار صوت كما من هبوب ريح عاصفة وصارت السنة من نار كأنها منقسمة على كل واحد منهم ” لقد سمعتم فى سفر الاعمال فى الفصل الذى قرئ اليوم (كانوا يقرأون سفر أعمال الرسل من عيد القيامة وحتى عيد العنصرة).

بدأوا يتكلمون بالسنة كما أعطاهم الروح ان ينطقوا وجميع الذين كانوا حاضرين من يهود الشتات سمعوا كل واحد يتكلم بلسانه فتعجبوا كيف ان هؤلاء الرجال العاميين والجهلة نطقوا فجأة ليس بلسان أو اثنين ولكن بالسنة كل الشعوب المختلفة. وحين سمعت كل الألسنة كان هذا دليلاً على ان كل اللغات والالسنة لابد ان تؤمن. لنستيقظ ايها الاخوة لكى نرى موهبة روح الله ولنصدق الاشياء التى كتبت عنه ولنلاحظ تحقيق النبوات التى جاءت فى المزامير: “لاقول ولا كلام الذين لايسمع صوتهم فى كل الارض خرج منطقهم والى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم” (مر19: 3، 4).

ولئلا يظن أحد ان كل هذه اللغات والالسنة تكون فى مكان واحد قال “الى كل الارض خرج منطقهم والى المسكونة بلغت اقوالهم” ليدل على ان عطية المسيح لكل شعوب الارض. لماذا ؟ لانه جعل فى الشمس مظلته، أعنى المسكونة كلها باتساع الارض، مظلته هى جسده، مظلته هى كنيسته جعلها فى الشمس، ليس فى الليل ولكن فى النهار. ولكن لماذا لم يتعرف عليه هؤلاء ؟ لنرجع الى الدرس الذى انتهى بالامس. لماذا لم يتعرفوا عليه؟.

المحبة والوحدانية :

من يبغض اخاه يمشى قى الظلمة ولا يعرف اين يذهب لان الظلمة فد أعمت عينيه“.
لنرى ما قيل بعد ذلك حتى لانبقى فى الظلمة. كيف يمكننا ان لا نبقى فى الظلمة؟ اذا احببنا الاخوة. وما هو برهان محبتنا للاخوة؟ برهان ذلك ان نحافظ على الوحده وان
نحفظ المحبة.

٤- “أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ.“. (1يو2: 12).
يقول :”أيها الأولاد” لانكم بغفران الخطايا  تولدون من جديد ميلاداً ثانياً، فالميلاد الجديد هو غفران الخطايا. ولكن من أجل إسم من غفرت الخطايا؟

ليس من اجل اسم بولس أو بطرس. ان المحبة الام الحنون فى قلب الرسول تتمخض لتلد أولادها الصغار فاتحة احشاءها وبالكلمات كأن قلبها يتمزق، تندب أطفالها الذين تراهم يولدون سقطاً، تخاطب الذين لاجل ذواتهم يقسمون الكنيسة فى خيانة للوحدة يحاولون
التفريق، تدعوهم هى الى الاسم الواحد، تدعو أولئك الذين يريدون ان يتشيعوا لاسماء كثيرة انها تصدهم عن محبتها هى لاجل محبة المسيح فيقول الرسول : “هل صلب بولس لاجلكم أم باسم بولس اعتمدتم “. (١كو ١٣:١).

ماذا يقول لهم الرسول؟

لا اريد ان تكونوا لى حتى تستطيعوا ان تكونوا معى، وحين تكونون معى، نكون كلنا له ذاك الذى مات عنا الذى صلب من اجلنا، لذلك يقول هنا : “خطاياكم غفرت من اجل اسمه” وليس من اجل اى اسم اخر.

يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم والى الابد :

5- “أكتب اليكم ايها الآباء” (١ يو١٣:٢)   أولاً ابناء “لانه قد غفرت لكم خطاياكم من اجل اسمه”
أبناء : لأنكم قد ولدتم من جديد وأخذتم الحياه جديدة.
لماذا أباء؟ “لأنكم قد عرفتم الذى من البدء” لان البدء دائماً له علاقة بالابوة. المسيح جديد فى تجسده لكن قديماً بلاهوته. ماذا تظنون من نحو قدمه، كم سنة عمره ؟ هل تعتقدون انه أكبر عمراً امه ؟ بالتأكيد هو كذلك “لأن كل الاشياء كائنة به” (يو ١: ٢). ان كان قد خلق كل الاشياء فهو الذى خلق امه والتى صار مولوداً منها. هل تعتقدون : انه أقدم من امه فقط؟

إن قدمه قديم قبل أجداد أمه، قبل ابراهيم “قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن”(يو ٨ :٥٨). انه قبل ان يخلق السماء والارض والانسان، قبل كل ذلك كان الرب كائنا. لم يقل “قبل ابراهيم كنت حاضراً” ولكن “انا كائن”.

إنه ليس ضمن من يقولون “كنا” أو من يقولون “سنصير” ) انه دانما “كائن” كاله هو كائن، لايمكن ان يقول “كنت” أو “أصبحت”. انه كائن فى يوم من الازل والى الابد، هذا اليوم ليس بين أمس وغداً لانه اذا انتهى الامس بدأ اليوم واذا انتهى اليوم بدأ غدا ولكن هذا اليوم، يوم بلا ظلام، بلا ليل، بلا فراغات، بلا قياسات، لا ساعات، سموه ما شئتم.

إن شئتم  سنة أو سنين …كما تريدون. انه قال عن نفسه: “سنوك لن تفنى” (مز102: 27) ولكن متى دعى اليوم؟ حين قيل للرب “الرب قال لى انت ابنى انا اليوم ولدتك” (مز2: 7) لقد ولد من الآب الآرلى الابدى، ولد من الازلية فى الابدية، بلا بداية، بلا حدود، بلا محدودية أو اتساع لانه هو ما هو لانه هو نفسه الكائن. هذا هو اسمه الذى اخبر به موسى”تقول لهم أهيه ارسلنى اليكم”.

لماذا اذا نتحدث انه قبل ابراهيم؟ لماذا قبل نوح أو آدم؟.
اسمعوا قول الكتاب: “قبل كوكب الصبح ولدتك” (مز١١٠: ٣). ببساطة قبل السماء والارض. لماذا ؟ “لأن به كان كل شئ وبغيره لم يكن شئ مما كان” (يو ٣:١) بهذا قد
عرفتم انكم اباء ، وصرتم آباء حين عرفتم “الذى من البدء”.

أباء وأبناء وأحداث :

٦ – أكتب اليكم أيها الاحداث .هنا أولاد واباء واحداث.
أولاد: بسب الولادة من جديد
آباء: بسبب معرقة الذى من البدء.
لماذا أحداث ؟ لانكم فد غلبتم الشرير.
فى الاولاد : الولادة
فى الاباء : القدم .
فى الاحداث : القوه .
اذا كان الشرير قد غُلب من الاحداث فها هو “المسيح” يحارب معنا. ابليس يحارب لكن لا يغلب . لماذا ؟

لاننا أقوياء، لان المسيح القوى فينا، هو الذى صار مثل ضعيف فى ايدى صالبيه، جعلنا نحن أقوياء رغم انه لم يقاومهم . “لأنه صلب فى ضعف ولكنه أقيم فى قوة الله) (2كو13: 4).

٧- أكتب اليكم ايها الاولاد (الاطفال) لماذا أولاد (أطفال) ؟. لانكم قد عرفتم الآب .

أكتت اليكم ايها الآباء، هو يؤكد ويكرر “لانكم قد عرفتم الذى من البدء”. تذكروا انكم اباء واذا نسيتم ذاك الذى من البدء تفقدون إبوتكم “اكتب اليكم ايها الاولاد مرة ثانيه أكرر ؛ أعتبروا انكم اولاد (أحداث) حاربوا لكى تنتصروا لكى تفوزو بالاكليل، تواضعوا لكى لاتسقطوا فى الحرب “اكتب اليكم أيها الأولاد لانكم أقوياء وكلمة الله ثابته فيكم وقد غلبتم الشرير”.

محبة الله ومحبة العالم :
٨- كل هذه الامور يا اخوتى ” لاننا قد عرفنا الذى من البدء، لاننا عرفنا الاب” فى كل ذلك نجده يحث على المعرفة بوضوح ولا يذكر المحبة. اذا عرفنا ليتنا نصل الى المحبة، لان المعرفة بدون المحبه لاتخلص الانسان، المعرفة تنفخ ولكن المحبة تقدس (1كو8: 1).

إذا أعترفتم بالايمان بعقولكم وليس لكم محبة تشبهون الشياطين، الشياطين اعترفوا بابن الله وقالوا “ما لنا ولك”(مت8: 29) ولكن الرب طردهم. الذين يخافون من أثامهم عليهم ان يقدموا محبتهم لمن يغفر خطيتهم.

ولكن كيف يمكن ان نحب الله ؟ هل اذا احبنا العالم ؟ ان الرسول يهيئنا لكى نمتلى بالمحبة.
يوجد نوعان من المحبة : محبة الله، ومحبة للعالم.

اذا ملكت فينا محبة العالم، فلا يوجد موضع لمحبة الله فينا.
أطردوا محبة العالم من قلوبكم لتسكن فيكم محبة الله، افسحوا الطريق لما هو أفضل.

 كفوا عن محبة العالم وسوف تبدأ محبة المسيح أن تسكن فيكم .

اذا أفرغتم قلوبكم من المحبة الارضية فسوف ترتوون من المحبة الالهية ، وتبدأ المحبة المسيحية تسكن فيكم والتي لايمكن أن ينبع منها أي شئ شرير . اسمعوا اذا لكلماته ، انه ينظر الى قلب الانسان كأنه حقل يسكن فيه ، بأي حال سوف يجده وجده ملينا بالاعشاب سوف ينقية منها واذا وجده نظيفا سوف يبدأ في زراعته ، سیزرع فيه شجرة عظيمة هي شجرة المحبة.

ما هي الاعشاب التي سيقتلعها ؟ انها محبة العالم . أستمعوا اليه وهو ينظف القلب من الاعشاب الضارة قائلا ” لانحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب ” ( 2يو2: 15) .

9- حين تسمعون ” إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب لاتفهموا ذلك بطريقة خاطئة يا أخوتي انه كلام الله ، لقد تحدث الروح القدس في الرسول وحديثه هو الحق بعينه ( إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب ) .

هل ترغبون في محبة الآب لكي تشتركوا في ميراث الابن ؟ لاتحبوا العالم . أطردوا محبة العالم الشريرة ( من قلوبكم ) لكي تمتلئوا بمحبة الله . أنتم آنية ، لكنكم أنية ممتلئة . اسكبوا الذي فيكم لكي تتقبلوا ما تفتقرون اليه . لقد ولدنا ثانية من الماء والروح ، حسن لنا جدا أن لا نحب العالم والا تحولت الاسرار المقدسة فينا إلى دينونة لنا بدلا من ان تكون وسيلة تساعدنا لكي نخلص.

لكي تكون لكم قوة الخلاص يجب أن تكون فیکم جذور المحبة لكي تنالوا قوة على الصلاح ولا تكونوا ( مسيحيين في الشكل فقط . (2تی2: 5) . الصورة جميلة ومقدسة ولكن اذا لم تمتلكوا الجوهر فكيف يكون الشكل جميلا ؟

إن الغصن الذي يقطع يلقى في الحريق . امتلكوا الصورة ولكن عن طريق إقتناء الجوهر فبأي طريقة يمكن ان تعمقوا الجذور مالم تنقوا أولا الأرض؟

ذلك بأن تحفظوا المحبة كما يقول القديس : ” وانتم متأصلون ومتأسسون في المحبة ” ( اف17: 3 ) . كيف يمكن أن تتعمق المحبة بين الأعشاب البرية التي هي محبة العالم ؟ نقوا أرضكم من هذه الاعشاب.

لقد وضعت فيكم بذرة قوية أبدية وخالده لاتدعوها تزرع في ارض تخنقها ، هذه هي الكلمات التي تنقى قلوبكم لانحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم ان أحب أحد العالم فلن تثبت فيه محبة الاب “ . 

في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة :

۱۰- لان كل ما في العالم ( شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشه ) ثلاثة أمور قال عنها أنها ليست من الاب بل من العالم ، العالم يمضي وشهوته ، أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الابد .

لماذا لا نحب الاشياء التي خلقها الله ؟ . ماذا تختارون ؟ إما أن تحبوا الاشياء الزمنية التي تفني مع الزمن أو تميتوا العالم فيكم فتعيشوا مع الله الى الابد .

الاشياء الفنانية كالنهر يجرف الانسان امامه . ولكن ربنا يسوع المسيح مثل شجرة مغروسه عند مجاري المياه . اخذ جسدا ومات وقام ثانیه وصعد إلى السموات .

وضع نفسه بارادته في العالم كمن وضع نفسه أمام نهر الأمور الفانية .

هل تريدون أن تخترقوا تيار هذا النهر الى الاعماق ؟ تمسکوا سريعا بالشجرة .

هل محبة الأشياء التي في العالم تصيبكم بالدوار ؟ تمسكوا سريعا بالمسيح لانه لاجلكم صار زمنيا لكي تصيروا أبديين ، صار زمنيا وهو الأبدی.

شئ ما قد أخذه من الزمان ( يقصد الجسد ) ولكنه لم بنقص شيئا من ابديته .

اننا ولدنا في عدم الخلود ، الخطية جعلتنا نميل إلى الفناء ، فصار هو زمنيا بالرحمه لكي يرفع خطايانا .

+ في السجون ، ما ابعد الفرق بين الانسان المسجون وبين من يقوم بزيارته !

حين يذهب انسان في وقت ما لزيارة انسان أخر مسجون نراهم الاثنين داخل السجن ولكن ما ابعد الاختلاف بينهما .

واحد منهم قضيته تكبله وتشده إلى اسفل والاخر بسبب انسانیته اتي الى هناك . بذنوبنا صرنا الى حاله الفناء ولكن برحمته جاء إلى أسفل . لقد دخل إلى الأسر کمخلص وليس کمسجون .

لقد سفك الرب دمه لاجلنا ، اعطانا خلاصا ، وحول رجاءنا اليه.

فبينما نحن نحمل الفناء في اجسادنا صرنا بالايمان ننال الخلود في المستقبل ، وبينما تتقاذفنا الامواج وسط البحر لنا مرساة الرجاء قد تثبتت بالحقيقة في شاطي الامان ( المرسی ) .

11- ليتنا لا نتمسك بمحبة العالم ولا الاشياء التي في العالم لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة وهي ليست من الاب بل من العالم . ولنلا يقول انسان منکم ( إن الاشياء الموجودة في العالم هي خليفة الله ) أعني : الماء ، الارض ، البحار ، الشمس ، القمر ، النجوم ، كل اجرام السماء وكل الزواحف والمخلوقات التي في البحار . والمخلوقات التي على الأرض ، الحيوانات ، الأشجار ، الطيور … كل هذه في العالم وقد خلقها الله نفسه . لماذا أذا يجب الا نحب ما خلقه الله ؟

دعوا الروح القدس يسكن فيكم وهو سيجعل هذه الاشياء كلها صالحة ، ولكن ويل لكم ان احببتم هذه الاشياء المخلوقة وابغضتم خالقها الذي صنعها .

هذه الاشياء جميلة في أعينكم ولكن ما ابعد الفرق بين جمالها وجمال خالقها ، ليتكم تنتبهون يا أحبائي . ونحن نوصيكم حتى يخدعكم الشيطان بأفكاره قائلا استمتعوا بخليقه الله ، وهل خلق الله هذه الاشياء إلا لكي تتمتعوا بها ؟

هكذا يستقي الانسان منها حتى الثماله ويسكر فيهلك ، وينسی خالقه وباستخدامه الاشياء المخلوقة في شهواته الخاصة وليس بطريقة وقتية فانه يحتقر الخالق نفسه . لأجل ذلك يقول الرسول اتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك الى الابد أمين (رو1: 25 ) .

الله لم يمنعكم من أن تحبوا هذه الأشياء . ليس لكي تتعلقوا بها وتميلوا اليها بسبب اللذه ، ولكن نكرمها بهدف ان نحب خالقها . تماما یا اخوتي مثلما يقدم العريس خاتم الزفاف لعروسه وحينما تسلمت الخاتم تعلقت به واحبته أكثر من العريس الذي قدمه لها وصنعه خصيصا الأجلها ألا تكون روحها الآن قد زنت مع عطية العريس حتى وان كانت كل ما فعلته انها تعلقت بهذا الخاتم فقط ؟ .

لتحب ما قدمه لها العريس بأي بطريقة ولكن يجب  الا تقول “هذا الخاتم يكفيني ولا أريد أن أرى وجهه ( العريس ) الآن » أي نوع من النساء يمكن أن تكون هذه العروس .

من منا لا بالبغضة نحو هذه الحماقة ؟

من منا لا يعلن انها قد أذنبت وزنت بعقلها ؟

من يستبدل محبة الله بمحبة الذهب فانه يحب الخاتم بدلا من العريس . ان كان فيكم هذا الفكر فانتم تحبون الخاتم بدلا من العريس لا تنتظروا أن تروا وجهه ، لقد أعطاكم عربون محبته فتحولت به قلوبكم عنه بدلا من تقديم نفوسكم اليه كعروس مخطوبة . لقد قدم العريس المهر لکی به يصير محبوبا . لقد قدم لكم الله كل هذه الاشياء التحبوه هو الذي خلقها . بل يوجد أكثر من ذلك ، لقد أعطاكم بسرور ، نفسه ، هو الذي خلق كل الاشياء ولكن ان احببتم هذه الاشياء التي خلقها الله واهملتم الخالق ، وأحببتم العالم الا تعتبر محبتكم هذه زنی . 

12-“العالم” كلمة تطلق ليس فقط على هذه الخليقة التي صنعها الله السموات ، الارض ، البحر الاشياء المنظوره ، ولكن سكان العالم نسميهم ايضا العالم  تماما مثلما نطلق لفظ  “البيت” على الجدران وايضا على الذين يسكنون داخلها .

احيانا في بيت معین نرى انحرافا في حياة الساكنين فيه فلا نقول عليه إنه جميل ، قد نقول إنه بيت جميل لانه مزين ومزخرف بشكل جميل أو بمعنى أخر نقول  بيت جميل  ونقصد انه لا داخله أي انسان سيئ الخلق أو منحرف ، لا تصدر فيه أعمال الظلم أو السلب أو الاضطهاد ، فنحن هنا لا نكرم أو نمدح المبنى ولكن الذين يقطنون فيه هكذا نطلق كلمه “بیت” على هذا وذاك .

هكذا الذين يحبون العالم ، بالحب یکونون ساکنين في هذا العالم بينما الذين تتعلق قلوبهم بالسماء يكونون ساکنين في السماء بينما اجسادهم تسير على الارض اذا فمن يحبون العالم ندعوهم “العالم”. هؤلاء الناس تكون في حياتهم هذه الاشياء الثلاثة ” شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة” لانهم يشتهون ان يأكلوا ويشربوا ويتزوجوا ويتمتعوا بهذه اللذات .

 ألا توجد حدود معينة مسموح بها في التعامل مع هذه الأمور ؟ أم أنه يقول لا تحبوا هذه الأشياء بمعنى أنه لا تأكلوا ولا تشربوا ولا تتزوجوا أو تنجبوا أولادا ؟ . هذا المعنى غير مقصود هنا .

ولكن كل شيء بمقدار ، كما وضع لنا الخالق ، حتى لا تقيدكم هذه الأشياء بمحبتكم لها فتتحولوا إلى محبتها للتمتع بها وليس لأجل ضرورة استخدامها فقط . ومع ذلك سوف لا تقتنعون الا اذا وضعنا أمامكم اختيار من شيئين هذا أم ذاك ؟.

هل تريدون أن تكسبوا مالا أم أن تكونوا ابرارا؟.

أفترضوا أنه ليس لنا المال الضروري لكي نعيش ، لكي نأكل ونشرب ، ماذا تفعلون اذا كان لا يمكن أن تحصلوا على هذه الأشياء الا عن طريق الخطية ؟

أليس من الأفضل أن تعطوا محبتكم لذلك الذي لا يمكن أن تفقدوه بدلا من أن تفقدوا حياتكم بالخطية ! أنكم ترون المكسب ولكنكم لا ترون ضياع الأيمان.

هذا ماتحدث هو به الرسول أنه ( شهوة الجسد الشهوة وراء هذه الأشياء التي تنتمي إلى الجسد مثل الطعام والزواج وكل الأمور التي تشابه ذلك . 

12- “شهوة العيون” يقصد بشهوة العيون كل الأشياء اللافتة للنظر وما أكثرها ؟ !

كل مايوجد في المسارح والمعارض وعند السحرة ، كل مایعمل في الظلام ، أنه الفضول وشهوة العيون.

هذه الأمور احيانا تحارب حتى خدام الله فيتمنوا أن يصنعوا المعجزات ليجربوا الله هل يسمع صلواتهم لصنع المعجزات ، أن ذلك فضول “شهوة العيون” “ليس من الأب بل من العالم”.

اذا اعطانا الله قدرة على صنع المعجزات فلنستخدمها لأنه أراد ذلك ، ولكن لا تظنوا أن أولنك الذين لا يصنعون المعجزات لا ينتمون الى ملكوت الله .

حينما فرح الرسل أن الشياطين تخضع لهم ماذا قال لهم الرب ” لا نفرحوا بهذا أن الأرواح نخضع لكم ولكن افرحوا أن أسماءكم مكتوبة في السموات ” ( لو10: 2).

بهذا يجب أن يفرح التلاميذ وان تفرحوا أنتم أيضا . ويل لكم بالحقيقة أن لم تكن اسماؤكم مكتوبة في السموات .
هل نقول ويل لكم أن لم تقيموا موتی ؟ !
هل نقول ويل لكم ان لم تمشوا على الماء ؟ !
هل نقول ويل لكم ان لم تخرجوا شياطين ؟ !

اذا اعطيتم القوة لذلك استخدموها باتضاع وليس بأفتخار أو عظمة . حتى الأنبياء الكذبة قال عنهم الرب ” بصنعون آیات وعجائب ” ( مت24: 24).

ليتنا نتخلى عن طموحات العالم الزائلة والتي هي العظمة والافتخار.  ان الانسان يريد أن يبنى لنفسه كثيرا من العظمة وهو يظن نفسه عظيمة بسبب الغنى أو بسبب القوة .

المسيح حارب عنا وغلب :

14- هذه الأمور الثلاثة موجودة ولا يمكن أن يختبر الطبع البشری والجشع بخير هذه الأشياء ، شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ، وهذه الثلاثة تعرض لها الرب حين جربه الشيطان . ( مت 4: 1-10) .

تعرض الرب للتجربة بشهوة الجسد حين قيل له ” ان كنت ابن الله فقل أن تصير الحجارة خبزا حين جاع بعد الصوم الطويل .

ولكن بأي طريق قد صد الرب المجرب وعلم جنوده فنون الحرب ؟

 لاحظوا ماذا قال له : ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله.

وتعرض أيضا لتجربة شهوة العيون التي تتعلق بصنع المعجزات حين قال له “اطرح نفسك الى اسفل لأنه مكتوب  أنه يرسل ملائكته ليحملونك على أيديهم لئلا تصدم بحجر رجلك وقد قاوم الرب المجرب ولم يصنع المعجزة ، لأنه لو صنعها لكان يبدو أنه اذعن للشيطان أو صنعها كنوع من الفت ولكن الله يصنع حين يشاء لكي يشفي الضعفاء لأنه لو كان قد صنع المعجزة هنا لكان يظن أنه يريد فقط عمل المعجزة ، ولنلا نظن ذلك لاحظوا كيف أجاب حتى حين تتعرضون لتجربة مشابهة تجيبون بنفس الكلمات ” أذهب عنى باشبطان لأنه مكتوب لا نجرب الرب الهك أي أنني اذا فعلت ذلك أكون كمن يجرب الله .

لقد قال مايريد ان تقولوه أنتم أمام التجربة.

قد يعرض العدو علیکم ذلك ويقول ( أي نوع من الرجال أنت ) أي نوع من المسيحيين أنت ؟ أنك لم تصنع معجزة واحدة . صل لكي تقيم الموتی ، صل لکی تخرج الشياطين !

اذا تعرضت لهذه التجربة في أي لحظة أجب وقل ” مکتوب لا نجرب الرب الهك لذلك سوف لا أجرب الرب الهي كما لو انني أكون فقط من خاصته حين أصنع المعجزات ولا أكون من خاصته اذا لم أصنع معجزة وما معنى كلماته ، اذا افرحوا أن أسماءكم مكتوبة في السموات ؟

كيف تجرب الرب بتعظم المعيشة؟ 

حين أخذه ابليس إلى مكان عال وقال له : ” أعطيك كل هذه ان خررت وسجدت لى “.

أراد الشيطان أن يجرب ملك العالم كله بمجد و عظمة هذا العالم الارضي ولكن الرب خالق السماء والأرض سحق الشيطان تحت أقدامه .

ماهي الفائدة العظيمة التي عادت علينا من نصرة الرب على الشيطان ؟

لقد اراد بأجابته أن يعلمنا مايجب أن نعلمه . مکتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد .

اذا تمسكت بهذا لن تبق فيك رغبة ملحة أو شهوة جامحة نحو العالم ، واذا ذهبت من حياتك شهوة العالم فسوف لا تتعرض للتجربة بشهوة الجسد أو شهوة العيون وتعظم المعيشة .

بذلك سوف تفسح مكانا للمحبة الاخوية حين تأتي الى قلبك فيمكنك أن تحب الله . لأنه اذا كانت محبة العالم موجودة فان محبة الله لا يمكن أن تتواجد . تمسك بقوة محبة الله لأن الله يبقى إلى الأبد لكي تبقى معه إلى الأبد .

لأن مثل كل انسان هكذا تكون محبته .

 هل تحب الأرض ؟ ! سوف تصير إلى الأرض .
هل تحب الله ؟ ماذا أقول ؟ هل تصير الها ؟ !

ماكان يجب أن أتجرأ لأقول ذلك من عندي لولا قول الكتاب ” أنا قلت أنكم آلهة وبنو العلي كلكم ” ( مز82: 6) .

لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب لأن كل مافي العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الأب بل من العالم “من الناس ، من الذين يحبون العالم ” والعالم يمضي وشهوته أما من يصنع ارادة الله فيثبت الى الأبد .

العظة الثالثة ( ۱یو ۱۸:۲-۲۷)

18أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. 19مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا. 20وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. 21لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ. 22مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ. 23كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الابْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا. 24أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ. 25وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 26كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ. 27وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.“ (۱ يو ۱۸ : ۲-۲۷ ) .

النمو في الإيمان :

يا أولادى انها الساعة الأخيرة” في هذه الأية يخاطب الأولاد لكي يحفزهم على النمو إذ أنها ” الساعة الأخيرة” أن الانسان لا ينمو في عمره أو بناء جسده بالإرادة ، فالانسان لا ينمو جسدياً بارادته كما لم يولد جسدياً بارادته ، اما حين يكون الميلاد متروكاً لارادة الانسان فان النمو ايضا يخضع لارادة الانسان. فلا يمكن لاحد أن “يولد من الماء والروح” الا بارادته الخاصة وبالتالى فاذا اراد يمكنه ان ينمو وان اراد ايضاً ينتفص.

ماذا يعنى النمو هنا ؟ معناه ان نتقدم الى الامام. ماذا يعنى أن ينقص ؟ ان يرتد الى خلف فى عجز من عرف انه قد ولد ثانية ليته  يعرف أيضاً أنه ولد طفلاً يحتاج ينمو، ليته يتعلق بثدى أمه لكى ينمو سريعاً، الأم هى الكنيسة وثدياها هما تعاليم العهدين القديم والجديد، لييتنا اذا نرضع باسمتمرار لبن التعاليم الروحية الحقة والتى
تمت فى وقتها المناسب لاجل خلاصنا الابدى.

هكذا إذا استمر فى الغذاء وتقوى يمكنه أن يأكل من الطعام “القوى الذى للبالغين” والذي هو “قى البدء كان الكلمة والكلمة كان عد الله وكان الكلمة الله” (يو1: 1).

اللبن الذى نشربه هو المسيح الوديع والمتضع فى جسده والطعام القوى هو (ايماننا) ان المسيح واحد مع الآب فى الجوهر باللبن يغذيكم لكى يطعمكم الطعام القوى بعد ذلك لكى بالقلب الروحى نستطيع أن نلمس المسيح أى ان نؤمن انه مساو للآب فى الجوهر.
٢- لاجل هذا السبب منع السيد مريم (المجدلية) من ان تلمسه قائلاً ” “لاتلمسينى لانى لم أصعد بعد الى أبى”، ما معنى ذلك؟

لقد وضع نفسه للتلاميذ لكي يلمسوه فهل ينأى بنفسه عن ان تلمسه مريم؟ ألم يكن هو الذي خاطب تلميذه الذي شك قائلاً ” هات أصبعك وضعها في أثر الحربة” (يو20: 17-27).

هل كان في هذا الوقت قد صعد إلى أبيه؟ لماذا إذا منع مريم من أن تلمسه وقال ” لا تلمسيني لاني لم أصعد بعد إلى أبي” هل نقول أنه أعطى للرجال أن يلمسوه وخشى في الوقت نفسه ان تلمسه النساء؟ ان لمسته تطهر كل جسد. كل انسان يلمسه يتطهر.

هل خشى ان نلمسه من اراد أولا أن يستعلن لها ؟

ألم تحمل المرأه بشارة القيامة وأعلنت قيامته للرجال ، بواسطة المرأه ، وهكذا هزم الحية بنفس طريقتها ( يقصد ان الحية أغوت المرأة أولاً وجعلتها واسطة غواية لأدم الرجل فاستعلن لها المسيح أولاً وجعلها حاملة البشارة للرسل الرجال).

هكذا لأن خبر الموت قد وصل الرجال بواسطة المرأة ( حواء ) فان المرأة ايضا قد بشرت الرجال بالحياة .

لماذا اذا رفض أن تلمسه ؟ انه يريد ممن يلمسه أن يكون فاهما لمعنى اللمسة الروحية لان اللمسة الروحية تتم بالقلب النقي. الانسان الذي يحمل قلبا نقيا يستطيع أن يصل إلى المسيح بهذه اللمسة وهي أيمانه بأن المسيح مساو للاب ، ولكن الذي لايدرك لاهوت المسيح لايصل إلا إلى الجسد ولكنه لايلمس الألوهة ! ما اخطر أن نصل فقط إلى ما وصل اليه صالبوه الذين عذبوه اي ان نؤمن به كأنسان ، لانهم لو عرفوا لها صلبوا رب المجد . عظيم جدا أن نفهم کیف أن الكلمة هو الله وعند الله منذ البدء وان كل الاشياء به خلقت مثلما أعلن هو نفسه لنا حين قال لفيلبس ” انا معكم زماناً هذا مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رأني قد رأى الأب ” ( يو14: 9) . ولئلا يتوانى احد في النمو والتقدم للامام يقول الرسول : ” ياأولادى انها الساعة الاخيرة ” . تقدموا ، اركضوا ، انموا ( لانها الساعة الاخيرة ) ، ورغم أن هذه الساعة ) طويلة إلا أنها ( الساعة الاخيرة ) لقد استخدم كلمة ( الساعة ) ليعبر عن الازمنه الاخيره ، لانه في الزمان الاخير سوف يأتي المسيح يسوع ربنا .

ربما يتساءل البعض وما هي علامات الساعة الاخيرة ؟ بالتأكيد سوف يظهر أولاً ” ضد المسيح ” ثم بعد ذلك الدينونة . والقديس يوحنا يعلم ذلك ولكن خوفا من أن يظن الناس انها ليست الساعة الاخيرة ، لانهم لم يروا “ضد المسيح” قال لهم ” قد سمعتم ان ضد المسيح يأتي والان قد صار أضداد كثيرون للمسيح ” . فهل يمكن أن يكون هناك أضداد كثيرون للمسيح ولاتكون ( الساعة الاخيرة ) ؟

أضداد المسيح :

4 – من هم اذا أولئك الذين يدعوهم ( أضداد المسيح ) ؟

لقد استمر في كلامه ليوضح ذلك ( بهذا نعرف انها الساعة الاخيرة ) بماذا ؟

لانه قد أتی أضداد كثيرون للمسيح ! منا خرجوا  !

انظروا أضداد المسيح ! ، خرجوا منا اننا نندب على هذه الحقيقة ، ولكن الرسول يعزينا “لكنهم لم يكونوا منا ” ، كل الهراطقة كل المنشقين والمبتدعين خرجوا منا ، من الكنيسة ، ولكنهم لو كانوا منا لبقوا معنا ولم يخرجوا . لذلك فانهم قبل ان يخرجوا أيضا لم يكونوا منا ، وان كان ذلك كذلك فانه يوجد كثيرون في الداخل لم يخرجوا ولكنهم ذلك أضداد للمسيح .

اننا نتجرأ أن نقول ذلك ، ولكن كيف يعرف انسان في الداخل انه ليس ضداً للمسيح ؟

أن الرسول مزمع ان يحدد أوصافهم ، ليمتحن كل انسان نفسه .

ان ضد المسيح في لغتنا معناه الذي يسير عکس ما سار المسيح ، وليس كما يأخذه البعض انه ضد المسيح ، لانه يأتي قبل المسيح ( يقصد القديس التعليق على كلمة Ante Christ وهي تعني ما قبل المسيح والتي لم تستخدم هنا وكلمة Anti Christ وهي ضد المسيح والتي استخدمها الرسول هنا ، أنها لن تكتب هكذا ) . ولكن ضد المسيح معناها الذي يعيش بطريقة لاتتفق مع تعاليم المسيح وهدفه.

والان من هو ( ضد المسيح ) لقد فهمنا من كلام الرسول أنه لايمكن ان يخرج انسان خارجا الا اذا كان ضدا للمسيح ، بينما أولئك الذين ليسوا ضدا للمسيح لا يمكن أن يخرجوا ان الذي ليس ضدا للمسيح يتمسك جدا بجسده . يتمسك بعضويته وانضمامه لجسد المسيح . أن الاعضاء لايكون احد منهم ضد الآخر ، وانما الجسد الكامل يتكون من كل الاعضاء.

ماذا قال الرسول وهو يتحدث عن انسجام الاعضاء . ” اذا تألم عضو فإن كل الاعضاء تتألم معه واذا تمجد عضو فإن كل الأعضاء تفرح معه “ ( 1کو12: 26).

اذا كان الأمر هكذا أنه اذا تألم عضو تألمت سائر الأعضاء واذا تمجد عضو تفرح سائر الأعضاء ، فان هذا الانسجام بين الأعضاء لايمكن أن يوجد فيه أضداد للمسيح.

ولكن يوجد اعضاء في جسد ربنا يسوع المسيح هم عناصر رديئه ” هذا إذا اعتبرنا أن جسد المسيح مازال تحت الشفاء وان کماله لن يتم الا بقيامة الأموات ” . هؤلاء الاعضاء اذا لفظوا الى الخارج فان الجسد يرتاح ، اذا خرج الرجال الاشرار من الكنيسة فانها ترتاح ، الانسان يقول : حين يتخلص منهم الجسد ويطرد هؤلاء إلى الخارج ، أن هذه العناصر الرديئه لیست منی رغم انهم خرجوا منی كيف انهم ليسوا منی ؟ إنهم لم يقطعو من جسدي ولكنهم كانوا سبب اختناق لي وهم بالداخل منا خرجوا ولكن لاتحزنوا ( لانهم لم يكونوا منا ) . ما الدليل على ذلك ؟ لانهم لو كانوا منا لبقوا معنا .

ربما تقولون أن كثيرين من هؤلاء ينالون معنا الأسرار المقدسة ، لقد اقتبلوا المعمودية وكل ما يتمتع به المؤمنون . البركة الرسولية ، الافخارستيا وكل السرائر المقدسة ، انهم يشتركون معنا في المذبح الواحد رغم انهم ليسوا معنا .التجربة تكشفهم انهم ليسوا منا .

 حين تأتي عليهم التجربة ينفجرون مثل من تأتي عليهم الرياح الشديدة ، يطيرون كعصافة تذريها الريح أنهم ليسوا حنطة لذلك جميعهم سوف يتطايرون ولا يبقون حين يبدأ الرب في تنقية بيدره في يوم الدينونة . ( منا خرجوا ولكنهم لم يكونوا منا . لانهم لو كانوا منا لبقوا معنا ) .

ولكي تتأكدوا ياأحبائي من هذا الكلام ، الا يوجد اناس قد خرجوا ثم عادوا ثانية ، هل هؤلاء يعتبرون أضداد للمسيح؟

أولئك الذين ليسوا أضداد للمسيح لايمكن أن يستمروا خارجا ، هكذا بإرادة الانسان الحرة يختار أن يكون مع المسيح أو ضدأ له . أما أن نكون ضمن الأعضاء أوان نكون عناصر رديئه ( في الجسد ) . الذين يغيرون انفسهم للأفضل يكونون بالحقيقة أعضاء في الجسد ، ولكن الذي يستمر في شره يكون عضوا فاسداً وحين يقطع الى خارج فان الاعضاء المتبقيه سوف ترتاح منه .

” منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لانهم لو كانوا منا لبقوا معنا ” ولكنهم خرجوا ليظهروا أنهم ليسوا جميعهم منا لذلك أضاف “ليظهروا” لانهم حتى حين كانوا في الداخل لم يكونوا منا ولكنهم لم يكونوا ظاهرین وبخروجهم إلى خارج ظهروا.

 ” أما أنتم فلكم مسحة من القدوس لكي تكتشفوا حقيقة انفسكم ” ، هذه المسحة الروحية هي الروح القدس نفسه ، الذي نؤمن حقا أن الصورة المرئية لها هي الأسرار المقدسة.

وعن هذه المسحة التي للمسيح قال إن الذين لهم هذه المسحة يعرفون أن يميزوا بين الخير والشر ولا يحتاجون إلى ان يعلمهم احد لان المسحة نفسها تعلمهم .

6- “اكتب اليكم ليس لانكم لاتعرفون الحق ولكن لأنكم تعرفونه . وان كل كذب ليس من الحق” ( 1یو2: 21)

لاحظوا كيف يرشدنا أن نعرف ضد المسيح .

+ من هو المسيح ؟ الحق … هو نفسه قال ( أنا هو الحق ) ( يو14: 6).

ولكن الحق ليس فيه كذب ولذلك فان الذين يكذبون ليسوا في المسيح.

لم يقل إن بعض الذين يكذبون هم في الحق ، وبعضهم ليسوا في الحق ، لاحظوا الآيه ، لاتدللوا انفسكم لاتداهنوا انفسكم أو تتملقوها ، لاتخدعوا أنفسكم ولاتغشوها ، الحق ليس فيه كذب.

لنرى معاً ما هو الكذب الذي يكذبه “ضد المسيح”. لانه صور كثيرة للكذب “من هو الكذاب الا الذي ينكر ان يسوع هو المسيح” .

لكلمة يسوع معنی ولكلمة المسيح معنى أخر بالرغم من انه واحد هو يسوع المسيح مخلصنا ولكن اسمه الحقيقى يسوع مثلما ندعو موسى باسمه أو ايليا أو أبراهیم هكذا دعى ربنا باسمه الحقيقي . “یسوع” اما “المسيح” فهي صفة ، صفة لطبيعته القدسية مثلما نقول : النبي او الكاهن ، هكذا حين نقول :”المسيح ” نفهم أنه المسيح والذي فيه يحصل كل العالم على الخلاص .

كان اليهود يترجون مجئ هذا المسيح ولكن لانه جاء في اتضاع لم يعرفوه ، لقد كان الحجر صغيرا لذلك عثروا فيه وتحطموا ولكن هذا الحجر ( كبر وصار رجلا عظيما ) ( دا2: 35) .

ماذا يقول الكتاب “من سقط على هذا الحجر يترضض ، ومن سقط عليه يسحقه”. لاحظوا الفرق بين التعبيرات ، يقول من يسقط على هذا الحجر يترضض ولكن الذي يسقط عليه الحجر يسحقه .

في البداية لان المسيح اتي في اتضاع فقد عثر ( وترضض ) الناس ولكن سوف يأتي في مجده يوم الدينونه والذي يدان يسحقه الحجر.

أما الذين لم يعثروا فيه فلن يسحقوا ، فالانسان الذي لم ( يترضض ) به في اتضاعه سوف لايفزع منه حين يأتي في مجده . المسيح حجر عثرة وكلامه مرارة لكل الناس الاشرار .

7- انظروا واسمعوا أن كل الذين خرجوا من الكنيسة وقطعوا من وحدتها كلهم اضداد للمسيح.

لايشك احد في ذلك لان الرسول نفسه يقول ” منا خرجوا لكنهم لا يكونو منا ، ولانهم لو كانوا منا لبقوا معنا” . أي أن الذين لم يبقوا معنا ولكن خرجوا منا فقد ظهروا انهم ضد المسيح.

كيف يبرهن على أنهم ضد المسيح ؟ بالكذب “من هو الكذاب الا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح”.

هنا يا احبائی سر عظيم أعلنه الله ونحن نثبته بسرور في قلوبكم.

لقد خرجوا منا وتحولوا إلى الدوناتيين واذا ما سألناهم اذا ما كان يسوع هو المسيح يعترفون على الفور أن يسوع هو المسيح وبذلك لا‏ يمكننا ان ندعو احداً منهم ضداً للمسيح ولا هو يدعونا كذلك ويكون هو لم يخرج منا ونحن لم نخرج منهم . واذا لم يخرج أي منا من الاخر فنحن اذا في وحدة ، واذا كنا في وحده واحدة فما معنی وجود مذبحين في هذه المدينة ؟

+ ما معنى وجود البيوت المنقسمة والزيجات المنقسمة ؟ !
+ ما معنى وجود فراش واحد ومسيح منقسم ؟ !

ان الرسول يحثنا على ان نعرف ما هو الحق . أما أن يكونوا قد خرجوا منا أو نحن خرجنا منهم ، ولكن لا يمكن ان يتخيل أحد اننا نحن الذين خرجنا منهم لاننا نملك الوعد بميراث الرب كما نقرأ ” أعطيك كل الامم میراثاً لك وسلطانك الى أقطار الأرض” ( مز2: 8) ها اننا نملك ميراث المسيح وهم لا يملكونه لانهم ليس لهم شركة مع كل الأرض ، ليس لهم شركة بجسد الرب المسكوني الذي نال الخلاص بدم المسيح.

لنا الرب نفسه القائم من بين الأموات الذي قدم نفسه للتلاميذ الذين كانوا في شكوك لكي يلمسوه وبينما هو يعالج شکوکھم قال لهم أما كان ينبغي ان المسيح يتألم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث وان يبشر باسمه في كل الأمم بالتوبة لمغفرة الخطايا ” ( لو24: 46و47).

این ، بأي طريق ، والی ای الشعوب ” يبشر بإسم المسيح “؟ .

“في كل الأمم مبتدئا من أورشليم”. ان عقولنا تقف مندهشه ازاء وحدانية هذا الميراث ، ومن ليس له شركة هذا الميراث فقد خرج الى خارج.

الايمان بالحياة وليس باللسان فقط :

8- ولكن لا نحزن لانهم ” منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لانهم لو كانوا منا لبقوا معنا “ ( 1يو2: 19) طالما خرجوا منا فهم اضداد للمسيح وما داموا أضدادا للمسيح فهم كاذبين ، وما داموا کاذبون فهم ينكرون ان يسوع هو المسيح .

مرة أخرى نعود إلى المشكلة الصعبة وهي اننا اذا سألناهم واحد فواحد فهم يعترفون ان يسوع هو المسيح.

الصعوبة تأتي اذا فهمنا الذي جاء بالرسالة بمفهوم ضيق . کیف ترون السؤال ؟ إذا لم يكن مفهوماً فاننا نصير نحن وهم في موقف صعب. 

إما أن نكون نحن اضدادا للمسيح ، وإما أن يكونوا هم اضدادا للمسيح . نقول عنهم : انهم اضداد للمسيح لانهم خرجوا منا وهم يقولون عنا كذلك بالمثل .

ولكن الرسالة حددت من هو ضد المسيح باشارة واضحة “الذي ينكر أن يسوع هو المسيح” . هو نفسه “ضد المسيح”.

الان دعونا نسأل الذي ينكر وليتنا لا نلاحظ الكلام واللسان بل الأعمال . الجميع اذا سألناهم فانهم يعترفون بفم واحد أن يسوع هو المسيح لكن ليصمت الفم قليلا لنسأل الأعمال والحياة.

اذا كان الكتاب المقدس نفسه يخبرنا أن انكار المسيح هو شئ يتم ليس فقط باللسان ولكن بالعمل فحينئذ سوف نكتشف اضداد کثیرین للمسيح ، الذين بالفم يعترفون به ولكن بالعمل والحياة يسقطون من المسيح.

این نجد ذلك في الكتاب المقدس ؟

اسمعوا الرسول بولس يتحدث عن ذلك قائلا : ” يعترفون بانهم يعرفون الله ولكنهم بالاعمال بنکرونه “ ( تي1: 16). 

هؤلاء هم أضداد المسيح ، من ينكر المسيح باعماله هو ضد المسيح ، فنحن لا يهمنا ما يقولون بل ما يفعلون.

الاعمال نفسها تتكلم فهل نحتاج معها الى كلمات ؟

هل يوجد انسان شرير لا يريد أن يتكلم كلاماً جيداً؟ ولكن ماذا يقول الرب لهؤلاء : ” أيها المراؤون کیف بمكنكم ان تتكلموا بالصالحات وانتم اشرار” ( مت12: 34 ) .

أصواتكم تصم أذني ولكنني افحص افکار کم ، اری ارادتكم الشريرة وانتم تظهرون ثماراً كاذبه.

انني اعرف ماذا يجب على أن أحصد ، انني “لا أجتنی من الشوك عنباً ولا اجتني من « العلیق تینا » لان كل شجرة تعرف من ثمارها ” ( مت12: 7، 16).

ضد المسيح الكاذب هو الذي يعترف بفمه أن يسوع هو المسيح وباعماله ينكره ، الكذاب هو الذي يتكلم بشئ ويفعل شيئا آخر .

9- والان يا اخوتى إذا فحصنا الأعمال سوف نجد كثيرين أضداداً للمسيح ، ليس فقط الذين خرجوا ولكن كثيرين في الداخل ولم يظهروا بعد.

يا أحبائي طالما أن الكنيسة مازال فيها من يحلفون بالكذب ، المحتالون ، المدمنون على اعمال السحر ، الذين لهم حياة مع الأشرار ، الزناه ، السكيرون ، المرابون ، سارقو الأولاد ، وكل الخطايا الأخرى التي لا يمكن أن نذكرها كلها بالاسم ، هذه الأشياء ضد الايمان بالمسيح ، ضد كلمة الله .

كلمة الله هو المسيح ، وكل شئ ضد كلمة الله كل ما يعمل ويتعارض مع المسيح.

هل تريدون ان تعرفوا كيف يقاوم هؤلاء المسيح ؟ 

يرتكبون بعض الشرور ولانهم لا يجرأون على انکار وصية المسيح فانهم يقاومون خدامه الذين يوبخونهم واذا أظهروا لهم ان ما يتكلمون به هو كلام المسيح وليس كلماتهم الخاصة فانهم يبذلون قصارى جهدهم ليقنعوهم أن هذه ليست كلمات المسيح بل كلماتهم الخاصه فيسقطون بذلك فيما هو ابعد من ذلك إذ يبدأون في البحث عن اخطاء في كلام المسيح نفسه.

کیف ؟

الا يقول بعض الناس “لماذا خلقنا الله هكذا على هذا الضعف” كل يوم نسمع ذلك من الناس الذين يدانون بسبب أعمالهم وبأرادتهم الفاسدة يتهمون خالقهم .

وخالقهم يصرخ اليهم من السماء “لان الذي خلقنا هو الذي يجدد خلقتنا” أنا خلقت الانسان قنوعا أمينا وطاهراً، أن اعمالی تمجدنی ، ان تمجيد الفتية الثلاثة في أتون النار هو الذي حفظهم من الحريق اعمال الرب تمجد الرب ، السماء والأرض والبحار تمجده.

سبحوا الرب ياكل جنود السماء ، سبحوه ایها الملائکه ، سبحيه ايتها النجوم ، سبحه ایها النور ، سبحوه یا جميع ما يسبح في المياه ، وكل ما يطير على وجه السماء ، سبحوه أيتها الدواب والزواحف ، كل هؤلاء يسبحون الله .

هل سمعتم أن الجشعين ومحبي المال يسبحون الله ؟
هل سمعتم أن السكيرين يسبحون الله ؟
هل سمعتم أن المتنعمين والمترفين يسبحون الله ؟

كل من لا يسبح الله في هذا النشيد لا يكون من أعمال الله ، صححوا أعمالكم حتى ما يخلص فیکم الذي صنعه الله ، إن لم تريدوا ذلك وتمسكتم بخطيتكم فانكم تصيرون أضدادا للمسيح .

ادخلوا إلى الداخل ، لا تظلوا خارجا ، یا أضداد المسيح ، كونوا في الداخل ولا تظلوا مثل التبن الذي يطرح خارجاً، لانكم لستم حنطة بل تبن حملتكم الريح خارجاً.

۱۰- هذه الأمور ظاهرة لكم الآن يا اخوتي ، لا يقل أحد إنني لا أعبد المسيح لكني أعبد الله الآب . ” من ينكر الابن فليس له الآب والابن ومن يعترف بالابن فله الآب والابن ابضا “ ( 1يو2: 23).

انه يتحدث اليكم انتم الحنطة ليت هؤلاء يسمعون الذين هم تبن لكي يصيروا هم ايضا حنطة ، ليفحص كل انسان ضميره ان كان محبا للعالم ليته يتغير ويصير محبا للمسيح لكي لا يكون ضدا له . اذا اخبره احد أنه ضد المسيح فهو مستحق ولكن ان كان احد من الذين يجاهدون حسنا قيل عنه انه ضد المسيح فهو يسمع الرب يقول له ” اصبر ان قالوا عنك شيئا رديئا ، افرح معي لانني انا ايضا تكلموا عني ردياً” . ولكن ان كان الكلام حقيقيا عن انسان فليخف الان ويفحص ضميره ،. واذا خاف أن يدان هكذا فليخف بالحرى من ان يكون هكذا.

۱۱- “اما انتم فما سمعتموه من البدء فليثبت اذا فيكم ان ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء فانتم ايضا تثبتون في الابن وفي الآب وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به ، الحياة الابدية “ ( 1يو2: 24و25).

ربما تسألون عن المكافأه وتقولون إن الذي سمعناه من البدء حفظناه بأمانه في كل خضوع ولقد تعرضنا لكل صنوف الخطر والمتاعب والتجارب في سبيل الاستمرار على الايمان لقد وقف الجميع ضدنا ، لقد حاربنا ضد هذه الأمور جميعها . ماهي ثمار ذلك ؟ النتيجة ؟ ماذا سيعطيني بعد ذلك لأنني تحملت الكثير من  التجارب في هذا العالم ؟ لا أرى أية بادرة للراحة . الفناء يحاصر روحي والجسد الفاسد يجذبها إلى أسفل إلى أشياء لا تليق ولكني أحتمل كل الأمور لأجل أن يبقى الذى سمعته من البدء ، هل استطيع أن أقول لإلهي ” لأجل كلماتك الخارجة من فمك تحملت كل شئ من جهة أعمال الناس فبكلام شفتيك أنا تحفظت من طرق المعتنف ” ( مز17: 4 ) . لأجل أية مكافأة أفعل ذلك ؟ أسمعوا ولا تخوروا .

أن كان يمكن أن تخوروا بسبب المصاعب فيجب أن تتقووا بسبب المكافأة .

هل يوجد انسان يعمل في الكرم ويتخلى في قلبه عن المكافأة الموعود بها ، هل يتركها تنسل وتضيع من قلبه ، لو افترضنا انه نسي المكافأة فان يديه تخور في العمل ولكن اذا تذكر المكافأة باستمرار فان ذلك يجعله قوي التحمل وهو يعمل . والذي وعدنا بالمكافأة لا يمكن أن يخيب توقعاتنا .

كم هو أهم من ذلك كثيرا أن تكونوا أقوياء وأنتم تعملون في حقل الله ، حين يكون الذي وعدكم هو الحق نفسه الذي لا يموت ولا يأتي أحد بعده ولا يخدع من أعطاهم الوعود.

ماهو هذا الوعد ؟

لننظر إلى ما وعدنا به . ماذا يحب الناس هنا الفضة أم الذهب أم الأملاك التي ينفق الانسان عليها الذهب ؟ هل أماكن المتعة أم البيوت الفخمة ؟ العبيد الكثيرين أم البهائم الكثيرة ؟ ليست هذه هي المكافأة التي وعدنا اذا تحلمنا التعب . ماذا اذا ؟ ” الحياة الأبدية “ .

لقد سمعتم الرسول ، وفي فرحكم تتهللون ، سوف تنتقلون من التعب الى الراحة الكاملة في الحياة الأبدية . لأن هذا هو الوعد الذي وعدنا به الحياة الأبدية .

وهذا هو الذي حذرنا منه ” النار الأبدية” .

ماذا يقول للذين عن يمينه ” تعالوا الى يا مبارکی آبی رثوا الملكوت المعد لكم قبل تأسيس العالم”

ماذا يقول للذين عن اليسار ؟

” اذهبوا الى النار الابدية المعدة لابليس وجنوده . اذا لم يكن في قلوبكم حب للأولى فليكن فيها خوف من الثانية . 

12- المسيح إذاً وعدنا بالحياة الأبدية لذلك يقول الرسول : هو الوعد الذي وعدنا به الحياة الأبدية ” أكتب اليكم هذا عن الذين يضلونكم” ( 1یو2: 25و26 ) . لا تدعوا احد يضلكم حتى الموت ، ليکن فیکم اشتياق إلى وعد الحياة الأبدية .

ماذا يمكن للعالم أن يعدنا به ؟

ليعطي العالم ما يشاء من الوعود فأنه يعد انسانا سوف يموت غدا فبای وجه سوف يقابل ذلك الذي يبقى إلى الأبد ، ربما يقول أحد “انني لاجل التهدید صنعت بعض الشرور ” بماذا هددوك ؟ السجون ، السلاسل ، النيران ، العذابات ، الوحوش الضارية … ربما ولكن ليس بالنار الأبدية ! لیکن لكم خوف من عقاب الله ومحبة للوعد الذي وعدنا به ، عند ذلك يصير العالم كله تافها اذا وعد أو اذا هدد .

في المسحة أخذنا علامة سرية ، العطية نفسها غير مرئية ، العطية أو المسحة غير المرئية هي الروح القدس . المسحة غير المرئية هي المحبة ، والمحبة جذر قوی داخل قلب الانسان لا يمكن أن تحرقها اشعة الشمس مهما كانت قوتها ، أن الجذر يتغذى وينمو بدفء الشمس لكن لا يذبل منها أبدا !

أساس المعرفة الروحية :

13- أما أنتم فالمسحة التي اخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم الى أن يعلمكم احد بل كما نعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا كما علمتكم تثبتون فيه ” (1یو2: 27) .

اذ كان الامر هكذا فلأي سبب نقوم نحن بتعليمكم يااخوتي ؟ اذا كانت ( المسحة تعلمكم كل شيء ) . يبدو وكأننا نتعب بلا فائدة ، ماذا ينفعنا هذا الصراخ الذي نصرخه ؟ لنترككم لهذه المسحة ولندع مسحته تعلمكم كل شيء

+ أنني أسال نفسي هذا السؤال وايضا أسأل الرسول يوحنا .

لیتلطف على الرسول كطفل صغير . ليوحنا الرسول نفسه أقول : هل الذين تتحدث اليهم لهم هذه المسحه ؟ أنت تقول لهم هذه المسحة تعلمكم كل شيء اذا لاي غرض كتبت رسالة مثل هذه .

ماهي التعاليم التي نعطيهم اياها ، اية نصائح ، ای تهذيب ؟

+ انظروا الان بااخوتی ، انظروا السر الخالد . ان صوت كلماتنا يصل أذان الذين يسكن فيهم السيد . لا تعتقدوا أن الإنسان يتعلم من انسان آخر .

نستطيع نحن أن نشجع بكلمات أفواهنا ولكن ان لم يكن موجودا فيكم الذي يعلمكم ، فنكون كمن بسبب ضوضاء بلا فائدة

هل لكم يا اخوتی عقل لتفهموا ؟
هل سمعتم جميعكم هذه العظة ؟

ولكن ما أكثر الذين سيتركون هذا المكان دون ان يتعلموا . أنا من ناحیتی فقد تكلمت للجميع ولكن الذين لا تتحدث داخلهم المسحة ، الذين لا يعلمهم الروح القدس نفسه سوف يرجعون غير متعلمين . تعليم المعلمين من الخارج وهو نوع من المساعدة أو التشجيع أو الاسعافات الأولية . أما الذي يعلم القلوب من الداخل له عرشه موضوعا في السماء .

لأجل ذلك قال هو نفسه في الأنجيل ” لا تدعوا لكم معلمين على الأرض معلمكم واحد المسيح ” ( مت23: 8) ليته يتكلم هو بنفسه فيكم من الداخل حيث لا يمكن لأحد من الناس أن یکون ، بالرغم من أنه قد يوجد بجانبكم كثيرون ولكن لا يمكن لأحد أن يكون بقلبكم . لا تدعوا أحد يملك قلبكم غير المسيح وحده .

ليت مسحته تستقر في قلبك حتى لا يظل عطشانا وسط القفر بل يجد ينبوعا يرويه . أقول لكم أنه يوجد رب واحد وسيد واحد يعلمكم في داخلكم .

المسيح يعلم . بالهامه من الداخل . اذا لم يوجد روح المسيح ومسحته فان الكلمات الخارجية تكون ضوضاء بلا فائدة . اننا يااخوتي حين نعلمكم نكون مثل الزارع حين يقلم الشجرة ، يعمل من الخارج ، يضع الماء ، ويجتهد في الزراعة ، ليعمل مایعمله من الخارج .

+ هل هو الذي يشكل التفاحة أو يخلقها ؟
+ هل هو الذي يکسى الاغصان بالاوراق ؟
+ هل يستطيع الزارع أن يضع اي شيء من الداخل ، من الذي بضع هذا ؟

اسمعوا الرسول الزارع يقول : ” أنا غرست وابلوس سقی ولكن الله هو الذي ينمي اذا ليس الغارس شيئا ولا الساقی شيئا ولكن الله هو الذي ينمي ” ( 1کو3: 6و7) ، هذا نقوله لكم ان كنا نسقى بالكلمات لكننا لسنا شيئا على الاطلاق ، فالله هو الذي ينمى وهو الذي “مسحته تعلمكم كل شيء”. 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى