تفسير سفر أعمال الرسل – المقدمة للقمص تادرس يعقوب
الكنز المخفي!
قدم القديس يوحنا الذهبي الفم رئيس أساقفة القسطنطينية سلسلة من العظات على سفر أعمال الرسل في السنة الثانية أو الثالثة من سيامته، افتتحها بقوله: [جعلت من هذه القصة (قصة أعمال الرسل) موضوعي، حتى أقدم ما لا تعرفوه عنها، فلا يبقى مثل هذا الكنز مخفيًا عن البصر. فإنها بالحق تنفعنا ليس بأقل من الأناجيل، إذ هي مشحونة بالحكمة المسيحية والتعليم الصحيح، خاصة فيما يخص الروح القدس. ليتنا لا نعبر عليها سريعًا، بل نفحصها بدقةٍ. نرى ما نطق به المسيح من نبوات في الأناجيل يتحقق على مستوى الواقع. ونلاحظ في الوقائع ذاتها الشهادة البهية للحق المشرق فيها، والتغيير القدير الذي حلَّ بالتلاميذ حيث حلَّ الروح عليهم.]
إن كانت الأناجيل تسحب قلوبنا بالشوق نحو الالتقاء بالسيد المسيح المصلوب، الملك الروحي (إنجيل متى)، وخادم البشرية (إنجيل مرقس)، وصديقها (إنجيل لوقا)، ابن الله الوحيد الجنس القادر وحده أن يخبرنا عن الآب ويكشف لنا الأسرار الإلهية (إنجيل يوحنا)، فقد جاء سفر الأعمال ليقدم لنا روحه القدوس الذي قاد البشرية في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض. نراه يلهب القلوب ويجتذبها نحو المخلص، يعمل في الرسل، كما في الشعوب، ليشَّكل كنيسة المسيح الحاملة أيقونة عريسها السماوي، ويهيئها للعرس الأبدي.
إلهنا الصالح قادر أن يعمل بروحه الناري حتى يبقى سفر الأعمال مفتوحًا على الدوام، فتصير الأرض وملؤها للرب ومسيحه، ويتمتع الكل بقلوب متسعة لا تكف عن الشهادة لإنجيل الخلاص بروح الحب الباذل، فيكمل السفر بمجيء السيد المسيح على السحاب، ليضم كنيسته إلى مجده الأبدي.
ليفتح روح الله القدوس كنز هذا السفر حتى تغتني كل نفس بالخيرات السماوية، وتفيض على من حولها، فيحمل الكل السمات السماوية الفائقة.
مقدمة في
سفر أعمال الرسل
يقدم لنا هذا السفر قصة الكنيسة في بدء انطلاقها بعد صعود السيد المسيح وحلول روحه القدوس ولقرابة ثلاثين عامًا. قدمها الإنجيلي لوقا ملهمًا بالروح القدوس، ليكشف لنا عن الكنيسة في العصر الرسولي: سرّ مولدها ونموها وعبادتها وشهادتها للسيد المسيح وقوتها بعمل الروح القدس، ويكشف عن تحقيق ما سبق فوعد به السيد تلاميذه: “ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر”. وأيضًا وعده الإلهي: “لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض” (أع 1: 8).
سفر أعمال الرسل هو سفر كنيسة المسيح في عصر الرسل، التي قبلت إنجيله، ومارسته عمليًا في حياتها اليومية كما في العبادة والكرازة.
هو إنجيل الروح القدس الذي أنعم على الكنيسة بالوجود في يوم العنصرة، واستلم كنيسة المسيح ليقودها ويجتذب إليها النفوس فتتمتع بالمخلص، واهبًا إياها قدسية الحياة المستمرة.
هو سفر انفتاح الكنيسة بالحب على العالم لتخدمه وتغسل قدميه.
هو سفر الكنيسة الفقيرة الغنية، تفتقر مع عريسها وتغتني به.
هو سفر القوة الداخلية التي لا تضعف ولا تشيخ.
هو سفر الكنيسة المقدسة التي لا تطيق الشر لكنها تترفق بالخطاة.
الإنجيل العملي
افتتحه لوقا الإنجيلي بقوله: “الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به” (أع 1:1). وكأن الأناجيل الأربعة هي “الكلام الأول” الخاص بأعمال السيد وتعليمه، وهذا السفر هو تكملة لهذا الكلام، فما ابتدأ به السيد حين كان حاضرًا بالجسد على أرضنا يكمله الآن بروحه القدوس وحضوره السري في وسط كنيسته. هكذا يكشف السفر عن حقيقة إنجيلية هامة، وهي أن السيد المسيح الصاعد إلى السماء حي، حاضر، وعامل، ومتكلم في كنيسته، ويبقى هكذا إلى يوم ظهوره الأخير حيث تكمُل كنيسته، وتتمتع بشركة مجده. سفر الأعمال هو إنجيل حي يشهد عن حضور المسيح عاملاً ومتكلمًا في كنيسته ومن خلالها ولحسابها.
v توجد تعاليم واردة هنا ما كنا نستطيع أن نعرفها بالتأكيد كما نحن عليه الآن لو لم يوجد هذا السفر؛ كان يبقي تاج خلاصنا مخفيًا من جهة الحياة العملية كما التعليم.
القديس يوحنا الذهبي الفم
سفر أعمال الروح القدس
يقدم لنا هذا السفر أعمال الروح القدس، المعزي، الذي وعد به السيد تلاميذه. إذ نراه وراء تاريخ الكنيسة، فهو القائد الحقيقي والمرشد والمعلم القادر أن يجتذب النفوس لتختبر عمل السيد المسيح الخلاصي. يُشرق على الكنيسة بنوره، فيملأها وسط الضيقات ببهاءٍ إلهيٍ خفي جذَّاب، ويعمل بناره المتقدة، فيلهب القلوب بنار الحب الإلهي. إنه النهر الإلهي الذي ينساب من السماء ليقيم علي الأرض مدينة الله، الفردوس الإلهي المثمر، عوض البرية القاحلة بالجفاف الروحي.
v الأناجيل هي تاريخ ما فعله المسيح وما قاله، وسفر الأعمال ما قاله المعزي الآخر وما فعله. لكن هذا الروح صنع أمورًا كثيرة، وردت في الأناجيل أيضًا، والمسيح لا يزال يعمل في سفر الأعمال في البشر كما عمل في الأناجيل. فقط عمل الروح هناك في الهيكل، والآن يعمل خلال الرسل. هناك عمل، إذ جاء إلى رحم البتول وشكَّل الهيكل، والآن يعمل في نفوس الرسل. هناك جاء على شكل حمامة، وهنا على شكل نارٍِ.
القديس يوحنا الذهبي الفم
سفر كنيسة المسيح المصلوب المتهللة
يكشف لنا هذا السفر عن طبيعة كنيسة المسيح المصلوب منذ نشأتها، فقد تشكلت بالروح القدس وسط الأنين والضيق، لتحمل شركة الآلام والصلب مع عريسها المتألم. لكن حضوره في وسطها يحول الأنين إلي فرحٍ مجيدٍ، والضيق إلي تعزياتٍ سماويةٍ، فتحيا مسبحة لله وسط أتون الاضطهادات.
v يليق بالمسيحي أن يكون “هلليويا” من رأسه إلى قدمه.
v لنفرح ونشكر، ليس لأننا صرنا مسيحيين، وإنما لأننا صرنا المسيح! أتدرك ذلك؟ أتفهم النعمة العظيمة التي يهبنا الله إياها؟ قف في خشية وفرح. لقد صرنا المسيح!
v “من يخرج باكيًا، حاملاً البذور للغرس، يعود بتراتيل الفرح، حاملاً السنابل معه” (مز ١٢٦: ٦).
هذا المزمور الذي يتحدث إلى روح الذين هم مصممون على الاستمرار في الرحلة الروحية إلى الله، يناسبنا تمامًا ليعنيننا في أوقات الحزن والكآبة. هذا العالم دون شك هو وادي الدموع الذي فيه يزرع الإنسان وهو باكٍ.
إنه يسندك لتستمر في إيمانك.
على أي الأحوال، إن شرحت ما يعنيه هذا السفر بالبذور التي نغرسها الآن، فهي الأعمال الصالحة التي خلقها الله لكل واحدٍ منا لكي نفعلها (أف ٢: ١٠)، وقد خطط لنا أن نمارسها بقوة روحه في وسط أتعاب هذه الحياة المضطربة.
من يتعلم أن يمارس عمل الله في هذا العالم – وادي الدموع والأتعاب هذا – يصير متهللاً مثل المزارع المجتهد الذي يغرس البذور حتى في موت الشتاء، فهل تقدر الرياح الباردة والجو القاسي أن يمنعها عن العمل؟ حتمًا لا!
هكذا يليق بنا أن نتطلع إلى متاعب هذه الحياة كما هي. تُلقي الملاهي في طريقنا بواسطة الشرير، بقصد أن ننحرف عن الأعمال الصالحة التي خُلقنا لكي نعملها. تطلعوا ماذا يقول المرتل: “من يخرج باكيًا…” بالحق يجد علة للبكاء، يجد كل واحدٍ منا ذلك. ومع هذا يلزمنا أن نسير، ممارسين أعمال الله الصالحة في طريقنا.
يا لبؤسنا إن كنا قد دُعينا للعمل بجدية فقط لكي نبكي دون التطلع إلى أية ثمرة لعملنا. يا لبؤسنا إن كنا لا نجد أحدًا يمسح دموعنا.
لكننا نعرف أن الروح القدس يعمل لكي نستمر في الغرس وسط دموعنا، لأن الروح يعدنا خلال المرتل أننا نعود مندهشين بالفرح! نحمل ثمر تعبنا كتقدمة له.
القديس أغسطينوس
وضع السفر بين أسفار العهد الجديد
حتى نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني كان يُنظر إلى هذا السفر كتكملة للإنجيل بحسب معلمنا لوقا. وقد جاءت بداية السفر متناسقة مع نهاية الإنجيل. غير أنه بعد تسجيل الإنجيل بحسب القديس يوحنا جمعت الكنيسة الأناجيل الأربعة معًا، وصار هذا السفر هو الرابطة بين الأناجيل كلها ورسائل الرسل، فكما تكشف الرسائل عن كتابات الرسل، جاء السفر يكشف عن أعمالهم بروح الله القدوس، أو أعمال المسيح فيهم وبهم ولحسابهم. سفر الأعمال هو حلقة الوصل بين الأناجيل ورسائل الرسل، فإنه ما كان يمكننا التمتّع بفهم هذه الرسائل كما ينبغي ما لم تُقرأ خلال خلفيّة هذا السفر. هذا والسفر يساهم بطريقة حيويّة في دراسة الربط بين تعليم السيّد المسيح والتعليم الرسولي.
جاء هذا السفر في بعض المخطوطات بعد رسائل القديس بولس، بكونه يقدم الأحداث الخاصة بخدمة القديس بولس والتي وردت في رسائله.
فيما يلي مقارنة بين هذا السفر والأناجيل المقدّسة.
- تقدم لنا الأناجيل السيّد المسيح بكونه المسيّا المخلّص، وجاء سفر الأعمال ليُظهر أن المسيّا حاضر في كنيسته التي تترقّب مجيئه.
- قدّمت لنا الأناجيل ما ابتدأ يسوع يفعله من أجلنا، وجاء سفر أعمال الرسل يعلن أنه لا يزال بروحه القدّوس في كنيسته.
- تُحدّثنا الأناجيل المقدّسة عن المخلّص المصلوب القائم من الأموات، ويصوّره لنا سفر الأعمال أنه الصاعد إلى السماء والممجّد، هو رب الكنيسة وقائدها.
- في الأناجيل المقدّسة نسمع تعاليم السيّد المسيح التي تقودنا للخلاص بدمه، وفي الأعمال نتلامس مع عمله الخلاصي في كنيسته المقدّسة لاجتذاب الأمم إلى المجد.
كاتب السفر
لم يذكر كاتب السفر اسمه، لكن يؤكد التقليد الكنسي أن كاتبه هو لوقا الإنجيلي، يدعم ذلك الشواهد الداخلية في السفر والخارجية:
الشهادات الداخلية
- يعلن الكاتب انه رفيق الرسول بولس في أسفاره حتى سفره الأخير إلي روما (أع16: 10-40 ؛ 20: 5-6؛ 21: 1-8؛ 27: 1-28: 16).
- يتشابه مع انجيل لوقا من جهة الشخص المُوجه له السفر (لو 1: 1-4؛ أع1: 1)، وهو ثاوفيلس، غالبًا من أشراف الإسكندرية. كما يتشابهان في اللغة والأسلوب.
- وحدة الفكر في السفرين، نذكر على سبيل المثال:
v يشتركان في الدوافع الأساسية: الاهتمام بالجانب التاريخي، وأيضًا الجغرافي، وتأكيد دور الروح القدس في خدمة المسيح (انجيل لوقا) وفي خدمة الرسل (أعمال الرسل).
v الاهتمام بخلاص العالم كله (لو 2: 32؛ أع 10: 34).
v الاهتمام بخدمة المرأة (لو 7: 37-38؛ أع 9: 36).
v الاهتمام بالصلاة (لو 11: 13؛ أع 1: 24).
v ذكرت كلمة النعمة (Xapic) في إنجيل لوقا 9 مرات، وسفر الأعمال 17 مرة، بينما لم ترد في إنجيل متى أو مرقس.
v الاهتمام بمغفرة الخطايا (لو 2:38؛ أع 5: 31).
v لا يحملان روح التعصب تجاه الحكومات الأجنبية (لو 20: 20-26؛ أع 16: 36-39).
v استخدام مصطلحات طبية دقيقة، واهتمام السفرين بالمرضى، والعناية بهم، ومعجزات الشفاء، حيث أن الكاتب هو لوقا الطبيب.
الشهادات الخارجية
- وثيقة ترجع إلى حوالي عام 160 م، عبارة عن مقدمة لإنجيل لوقا، وقد أضافت أن لوقا كاتب سفر الأعمال، كٌتبت هذه الوثيقة ضد مرقيون Anti-Marcionite.
- القانون الموراتوري للأسفار المقدسة (ما بين 170 و200 م) يضع سفر “أعمال جميع الرسل” ضمن الأسفار القانونية (لأن مرقيون كان يحسب القديس بولس وحده رسولاً دون غيره).
- يقول القديس إيرينيؤس إن لوقا “زميل بولس” هو كاتب الإنجيل والأعمال.
- جاء في إكليمنضس السكندري (حوالي 190 م): [يشهد لوقا في سفر الأعمال أن بولس قال لرجال أثينا: “أنا أرى أنكم متدينون في كل شيء”.]
- جاء أيضًا في القديس إكليمنضس السكندري: [معروف أن لوقا هو الذي كتب بقلمه أعمال الرسل.]
- جاء في العلامة ترتليان (حوالي سنة 200 م)، في حديثه عن حلول الروح القدس على الرسل في العلية وهم يصلون أنها حقيقة واردة في “تسجيل لوقا“، أي في سفر الأعمال.
- جاء في يوسابيوس القيصري: [لوقا من جهة جنسه مواطن من إنطاكية، مهنته طبيب، اشترك أساسًا مع بولس، ومع بقية الرسل، ولكن بصورة أقل. وترك لنا أمثلة لشفاء النفوس التي اكتسبها وذلك في سفرين ملهمين: الإنجيل وأعمال الرسل.]
- اقتباس كثير من الآباء والكتابات منذ القرن الأول من هذا السفر وقد خصّص الخوري بولس الفغالي فصلاً كاملاً عن اقتباسات الآباء الأوّلين من سفر الأعمال، مثل القديس إكليمنضس الروماني، ورسالة برناباس، والديداكية، والراعي لهرماس، ورسالة الشهيد إغناطيوس إلى ماغنزيا، والقديس بوليكربس أسقف سميرنا،واستشهاد بوليكاربوس، والرسالة إلى ديوغنيتس، ومخطوطة وصايا رؤساء الآباء الاثني عشر، والشهيد يوستين، وأعمال بولس (حوالي سنة 160م)، وخطاب من جنوب الغال سنة 177 ورد في يوسابيوس.
اسم السفر
حمل هذا السفر أسماء كثيرة، منها:
- أعمال الرسل praxeiv twn apostolwn كما جاء في Res Gestae وفي نسخة Codex Bezae.
- أعمال الرسل القديسين praxeiv twn agiwn apostolwn كما جاء في النسخة الإسكندرانية Codex Alexandrinus، ونسخ أخرى، وفي كثير من كتابات الآباء اليونانيين واللاتين.
- دعاه البعض “الإنجيل الخامس”، ودعاه Oecumenius “إنجيل الروح القدس”.
- دعاه القديس يوحنا الذهبي الفم “الكتاب to biblion”، و”الدليل على القيامة apodeixiv anastasewv”.
تاريخ كتابة السفر
يظن البعض أن السفر قد كُتب في الإسكندرية، لكن غالبية الدارسين يرون أنه كُتب في روما أثناء سجن الرسول بولس بعد وصول القديس لوقا إليها مع القديس بولس (أع 28: 16).
يرى كثير من الدارسين أن سفر الأعمال كُتب حوالي سنة 63م حيث نهاية ما ورد في السفر. في هذه الفترة بدأت حرب شنعاء ضد المسيحيين، وربما استشهد القديس لوقا بعد فترة وجيزة. وإذ أُحرقت روما وتعرض المسيحيون للذبح والحرق تأخر ظهور إنجيل لوقا وسفر الأعمال (ككتابٍ واحدٍ)، ولم يظهر إلا بعد الحرب السبعينية (حرق الهيكل علي يد تيطس) وهدوء الموقف واستعادة الكنيسة شيئًا من الحرية.
يبرّر بعض الدارسين كتابة السفر قبل عام 64م بالآتي:
- يظهر اهتمام القدّيس لوقا في إنجيله بأورشليم أكثر من الإنجيليّين متى ومرقس، فقد دُعي “راوي الرحلات Travel-narrative (لو9: 51-16: 15). حيث ركّز على تحرّكات يسوع المسيح نحو أورشليم. ويظهر اهتمامه بالمدينة المقدّسة في عرضه للقصص الخاصة بالقيامة. فقد ركّز على أورشليم. فلو أنّه سجّل السفر بعد أحداث خراب أورشليم عام 70م لما تجاهل هذا الحدث.
- إذ يسجّل السفر ما عانته الكنيسة الأولى من متاعب ما كان يمكن تجاهل الاضطهاد الذي أثاره نيرون عام 64م، حيث استشهدت أعداد كبيرة من المسيحيّين من بينهم القدّيس بطرس وبولس. حتمًا سُجّل هذا السفر قبل ثورة نيرون العارمة، خاصة وأن السفر روى استشهاد كل من يعقوب بن زبدي واستفانوس، فلماذا لم يشر إلى استشهاد القدّيسين بطرس وبولس؟
- يقدّم لنا السفر طبيعة اللاهوت المسيحي في صورته البدائيّة كما يناسب بدء عصر الرسل. فلغة السفر اللاهوتيّة تكشف إلى حد ما عن تاريخ كتابته، مثل دعوة المسيحيّين “تلاميذ” والإشارة إلى يوم الأحد بأول الأسبوع، كما جاء الوصف لكثير من الأحداث تكشف أن الكاتب شاهد عيان له علاقة قويّة بالرسل ويعيش في جوّ الكنيسة في عصر الرسل.
- اتجاه الدولة نحو الكنيسة: يلاحظ في السفر أن الحكّام الرومان والقادة لم يثيروا اضطهادات ضد الكنيسة، وإن وُجدت فهي بوازع من اليهود. وفي بعض المواقف وقف الحكّام في صف بعض الرسل مثل القدّيس بولس حيث أنقذوا حياته من الخطط التي وضعها اليهود لقتله. هذا الاتّجاه كان سائدًا قبل اضطهاد نيرون للكنيسة عام 64م.
- لم يشر سفر الأعمال إلى رسائل القدّيس بولس وغيره من الرسل ممّا يظهر أنّه كتب قبل جمع هذه الرسائل.
غاية السفر
- سجل لنا الإنجيلي غاية كتابة الإنجيل، وهو تحقيق ما ابتدأ يسوع أن يعمله ويعلم به إلى يوم صعوده (لو 1:1-4)، وجاء هذا السفر يحمل ذات الهدف منذ لحظة صعوده إلى قرابة ثلاثين عامًا ليحقق عمل السيد المسيح خلال كنيسته بعد صعوده. أي تحقيق سفر أعمال المسيح بروحه القدوس في كنيسته الشاهدة له. فهو العامل فيها، وهو الذي أرسل إليها روحه القدوس.
v يبدو أعمال الرسل أنه يروي قصة غير مزخرفة تصف ببساطة طفولة الكنيسة الحديثة الولادة، لكن إذ نتحقق أن كاتبها لوقا الطبيب يمتدحه الإنجيل، نرى أن كل كلماته هي دواء للنفس المريضة.
القديس جيروم
- تحقيق الوعد الإلهي الخاص بانتشار المسيحية في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض (أع 1: 8)، أي انفتاح باب الإيمان لجميع الأمم، وهذا يحسبه الرب معجزة المعجزات التي صنعها ربنا يسوع بروحه القدوس خلال تلاميذه ورسله. العامل الأساسي في نشر الإيمان هو حلول الروح القدس الذي قدم للتلاميذ موهبة التكلم بالألسنة ليجتذب الأمم ويُبكم أفواه المتعصبين من اليهود، كما سندهم بعمل الآيات والمعجزات باسم يسوع المسيح، وقام بتوجيههم وجذب النفوس إلي الكلمة.
إلى فترة طويلة لم يكن من السهل على اليهود أن يتقبلوا دعوة الأمم للإيمان، خاصة إن دخلوا مباشرة دون تهودهم. هذا ما نلمسه من بعض كتابات الآباء وحوارهم مع اليهود، مثل كتابات العلامة ترتليان، الذي أبرز نبوات العهد القديم في قبول الأمم مثل ما جاء في المزمور: “أنا اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثك” ( مز2: 7؛ 8)؛ وأيضًا “في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصي المسكونة كلماتهم” (مز 19: 4)
هذا وقد اشتركت القوات السمائية في العمل، فظهرت خدمة الملائكة بقوة لحساب انتشار ملكوت الله خلال الكنيسة.
لقد أعلن السيد لتلاميذه أنهم يُقدمون لملوك وولاة ويُحاكمون أمام مجامع (مت 10: 18)، هذا كله لن يقف عائقًا للكرازة في العالم كله (مت 24: 14).
- سفر تاريخي لاهوتي: ينقل لنا الفكر اللاهوتي خلال أحداث تاريخية، معلنًا في بساطة أن السيد المسيح هو محور التاريخ، وأن تاريخ الخلاص جزء لا يتجزأ من التاريخ العام.
سجل لنا هذا السفر أعمال بعض الرسل مثل القديسين بطرس ويوحنا وبولس وغيرهم. لكنه ركز على عمل الروح القدس فيهم كقائدٍٍ ومدبرٍ لحياة الكنيسة الأولى، وعن عمله لكي تمتد الكرازة إلى أقصى المسكونة. لهذا ما أن وصل القديس بولس إلى روما، وشهد للسيد المسيح في عاصمة الدولة الرومانية التي كانت تسود العالم، حتى انتهى السفر دون إشارة إلى استشهاد القديس بولس في أيام نيرون. لأن غاية السفر هي أن البشارة بالخلاص قد بلغت بكل جرأة حتى قصر الإمبراطور.
يكشف هذا السفر عن استمرار قصد الله من التاريخ، فإن كانت أحداث الخلاص التي تمّت بالمسيح يسوع مخلّص العالم دخلت التاريخ كأحداث تاريخيّة، لكنّها يبقى هذا العمل الإلهي الفائق حسب “مشورة اللَّه المحتومة وعلمه السابق” (2: 23). هكذا أيضًا أحداث الكرازة المسجّلة في سفر الأعمال، هي أحداث تاريخيّة ووقائع زمنيّة، لكنّها تبقى شاهدة على استمرار تنفيذ خطّة اللَّه في العالم حتى تتحقّق كنيسة المسيح بكمالها، فتتأهّل للميراث الأبدي وشركة المجد. أحداثها هي تحقيق لنبوّات وردت في العهد القديم يقوم الروح القدس نفسه بتحقيقها عبر الأزمنة إلى يوم مجيء الرب الأخير.
- إنجيل الروح: إذ كثيرًا ما يشير هذا السفر إلى الروح القدس، فواضح أن غاية السفر ليس الكشف عن المتاعب التي واجهتها الكنيسة في بدء انطلاقها، وإنّما تأكيد أن اللَّه بروحه القدّوس هو الموجّه لكل حركة في تاريخها. فنمو الكنيسة لم يتحقّق خلال مجهودات الرسل الذاتيةومواجهتهم للمصاعب، إذ بحسب الفكر البشري كان يستحيل قبول العالم للإيمان، لكنّه هو ثمرة تحرّك اللَّه نفسه محب البشر، العامل في حياة الرسل كما الشعب… يعطي الروح القدس الرعاة قوة للكرازة، ويهبهم مواهب للرعاية. هو عطية الله لأولاده في المعمودية، يهب حكمة روحية، ويقدم كلمة وقت الضيق (6: 10)؛ مواهبه لا تقتني بمال (أي بالسيمونية أعمال 8). كما يظهر قوة الروح القدس في مواجهة المقاومين من اليهود، وفي وقوف التلاميذ والرسل أمام ولاة وملوك والسلطات. إنه حصن الكنيسة المحيط بها، وسرّ قوّتها ومجدها. وكما جاء في سفر زكريّا: “وأنا يقول الرب أكون لها سور نارٍ من حولها، وأكون مجدًا في وسطها” (زك 2: 5).
- دفاع عن رسولية القديس بولس رسول الأمم. فقد تعرضت شخصيته للنقد الشديد، وأُتهم بمقاومة موسى “الناموس”، وأنكرت بعض الجماعات رسوليته. إنه وثيقة دفاعية، توفق بين الفكرين البولسي والبطرسي إن صح التعبير، بين الرغبة في كسب الأمم وبين الالتزام بحفظ الناموس.
تشابه الرسولان: فكلاهما ابرأ معوقين (أع 3؛ 14)، وشفيا المرضى بطرق غريبة (أع5؛ 19)، وحُسبا ساحرين (أع 8؛ 13)، وأعادا إنسانا للحياة (أع9؛ 20)، وخرجا من السجن بطريقة معجزية (أع 12، 16)، وقاما بثلاث رحلات تبشيرية. هذا التماثل بين الشخصيّتين قُدّم بطريقة رائعة ومثيرة بهدف تأكيد أن القدّيس بولس كان رسولاً على ذات المستوى مع القدّيس بطرس.
أبرز السفر مواقف لبطرس الرسول في خدمته للأمم، ومواقف للرسول بولس فيها يحرص ألا يكسر الناموس (أع 16؛ 18).
- وثيقة لاهوتية تعليمية: يحوى 18 مقالاً أو خطابا يمثلون رُبع السفر، أغلبها تقدم صورة حية لتعليم الكنيسة الأولى وفكرها اللاهوتي. يمكننا القول أن سفر أعمال الرسل قدّم بذار قانون الإيمان المسيحي، خاصة الإيمان بعمل اللَّه الخلاصي، والتعرّف على الآب والروح القدس يسوع المسيح والروح القدس، وعملهم في حياة الكنيسة كما في حياة المؤمن كعضو حيّ في الكنيسة. غير أنّه لا يمكننا القول بأن ما ورد في السفر هو المنهج الكامل لكل تعاليم الكنيسة. فمع تناغم ما ورد في السفر مع رسائل الرسل، إلاّ أن الرسائل قدّمت في شيء من التوسّع العقائد الإيمانيّة والتعاليم المسيحيّة والسلوك اللائق بالمؤمن في حياته الخاصة وبيته والكنيسة والمجتمع الذي يعيش فيه.
- مرشد للكنيسة: يقدم هذا السفر الخطوط الرئيسية لكنيسة السيد المسيح، كمرشدٍ لها عبر الأجيال، حتى تنمو بلا انحراف، وسط الضيق.
- لم يكن يشغل ذهن الإنجيلي لوقا تسجيل تاريخ الكنيسة الأولى، أو عرض لتاريخ الرسل وأعمالهم المجيدة، لكن غايته كرازيّة. فالسفر عمل تبشيري ينادي بالخلاص لكل إنسان أين كان موقعه، وأيّا كانت ظروفه. فالسيّد المسيح نفسه يقدّم بروحه القدّوس الخلاص للجميع دون تفرقة عنصريّة. يقدّم إنجيله لليهودي كما لليوناني والروماني… للرجل كما للمرأة، للولاة والحكّام وقوّاد الجيش كما للفقراء وعامة الشعب، للأغنياء كما للفقراء.
سمات السفر
- الدقة التاريخية مع العرض في شيء من التفصيل بحيوية.
- البلاغة الأدبية العالية في اليونانية.
- سفر موضوعي، يقدم عمل الله الفائق خلال حقائق واقعية، مع عدم تجاهل الضعف البشري حتى بالنسبة للقيادات الكنسية (أع 15: 39).
- قلب هذا السفر وعموده الفقري هو “تكونون لي شهودًا” (1: 8) وقد وردت كلمة “يشهد” أكثر من 30 مرّة. ما تشهد به الكنيسة هو أنه باسمه وحده يتحقّق الخلاص للعالم (4: 21). يلزم أن تصدر هذه الشهادة عن القلب، لأنّه من فضلة القلب يتكلّم اللسان (مت 12: 34). هكذا لم يكن ممكنًا تحقيق هذه الشهادة إلاّ بحلول الروح القدس في الكنيسة، فيحمله المؤمن في قلبه ويتمتّع بما يخبره به عن السيّد المسيح خلال حياته الجديدة المقامة. فالشاهد الحقيقي هو الروح القدس الساكن في القلب والعامل فيه وبه. الروح أيضًا هو العامل في قلوب السامعين ليجتذبها لا للمؤمن المتكلّم بل للَّه المخلِّص الساكن فيه.
- هذا السفر هو سفر القّوة: “تنالون قوّة” (1: 8)، تتحدّى قوّات الظلمة وفساد العالم وخطط الشرّ، ليُعلن النور في حياة المؤمنين.
الكرازة في العالم
رأينا في إنجيل يوحنا (14: 12) السيد المسيح يعد بأن من يؤمن به يعمل الأعمال التي يعملها السيد نفسه وأعظم منها. وأما سرّ عظمتها فهي أنها تتم باسمه بعد صعوده وتحقق غاية مجيئه، انتشار الكرازة بين الأمم بصورة فائقة لم تتم أثناء خدمة السيد علي الأرض. وقد جاء سفر الأعمال يعلن تحقيق هذا الوعد الإلهي، لا كتاريخِ يسجله لنا الإنجيلي لوقا بوحي الروح القدس، وإنما كبدء انطلاقة حية لكي ينفتح باب الرجاء أمام الكنيسة لتعمل عبر الأجيال، متكئة علي هذا الوعد، حتى تصير الأرض وملؤها للرب ولمسيحه.
v الآن قد تحققت تمامًا كل هذه الأمور بكل دقة، بل ونرى في هذا السفر أنه تحقق ما هو أكثر كما أخبرهم (السيد المسيح) حين كان معهم. بجانب هذا نرى الرسل أنفسهم يسرعون في طريقهم كمن هم محمولين على أجنحة فوق البر والبحر. هؤلاء الذين كانوا قبلاً جبناء وبلا فهم صاروا فجأة أشخاصًا غير ما كانوا عليه؛ صاروا أناسًا يحتقرون الغنى، ويسمون فوق المجد (الباطل) والهوى والشهوات، وباختصار فوق كل النزعات.
علاوة على هذا، صاروا يعملون بروح الإجماع، فلا وجود للحسد كما كان قبلاً، ولا للشوق القديم نحو التعالي، بل تحققت فيهم كل الفضائل في لمساتها الأخيرة؛ تشرق المحبة فيهم جميعًا ببهاءٍ فائقٍ، هذه التي أمرهم بها الرب قائلاً: “بهذا يعرف الجميع إنكم تلاميذي، إن كان لكم حب بعض لبعض” (يو 13: 35).
القديس يوحنا الذهبي الفم
عنصرة كل الدهور
مع كل قداس للموعوظين في كل أحدٍ أو في أيام الأسبوع، تلتزم الكنيسة بقراءة فصلٍِ من سفر أعمال الرسل “الأبركسيس”، ليس لأنه يذكرنا بانطلاقة الكنيسة في العنصرة وتكوين الجماعات المسيحية الكنسية الأولى وفكرها وحياتها في الرب، وإنما يمثل مرآة عملية للكنيسة الأصلية، تكشف اليوم عن مفاهيم الكنيسة في أحداث العنصرة، فتمارس العنصرة عبر كل الدهور.
سفر أعمال الرسل ووديعة البشارة
يكشف سفر الأعمال عن وديعة البشارة المفرحة، التي تسلمها الرسل والتزموا بها هم والأساقفة والقسوس والشمامسة، بل والشعب. يجدون لذة داخلية وفرحًا فائقًا بتسليم هذه الوديعة وسط مضايقات العدو واضطهاده لاسم يسوع وكنيسته. هكذا تشعر الكنيسة أن رسالتها الأولى هي تلمذة الأمم للتمتع ببهجة خلاص الله وأن يكونوا هم بدورهم شهودًا له حتى تبلغ البشارة إلى أقصى الأرض. هذا الالتزام المفرح تحققه الكنيسة على مستوى الجماعات المقدسة كما على مستوى كل عضوٍ فيها شخصيًا.
يسوع المسيح في سفر الأعمال
- اسم يسوع المسيح
يقول القديس باسيليوس الكبير إن اسم “يسوع المسيح” هو ملخص الإيمان كله. فهو اعتراف به كابن للآب، وهو من مسح بالروح القدس. فالاسم يضم الآب والروح ويعلن ألوهية الرب، أي يضم أسماء أقانيم الثالوث فيه.
v النقطة التي ركز عليها المسيح جدًا هي أن يُعرف أنه جاء من عند الآب، فقد كان هدف الكاتب الرئيسي أن يعلن أن المسيح قام من بين الأموات، وصعد إلى السماء وأنه عاد إلى الله (الآب) وجاء من عنده.
القديس يوحنا الذهبي الفم
- يسوع المسيح حاضر في كنيسته
يبدأ سفر الأعمال بصعود السيد المسيح إلى السماء، ووقوف التلاميذ في دهشة أمام هذا المنظر، مع أنهم كانوا عاجزين عن العبور معه بأجسادهم إلى حيث هو صاعد. وظهر لهما ملاكان مجيدان ليبشرانهم بأنه كما صعد من المشارق ليحمل قلوبهم إلى سمواته، سيأتي من المشارق ليحملهم مع كافة مؤمني العهد القديم والجديد إلى حضن الآب، يشاركون العريس مجده الأبدي! وانتهى السفر بالرسول بولس الأسير في روما يشهد في العاصمة بيسوع المسيح مخلص العالم. أما بين الأصحاحين فكأن قائد موكب الكنيسة على الأرض هو الروح القدس الذي يعلن حضور المسيح في الكنيسة التي تشاركه آلامه وتختبر عربون مجده. وكأن السيد الذي صعد إلى السماء جسديًا هو حاضر في كنيسته التي تكمل آلامه حتى ينعم العالم كله بالخلاص خلال كرازة الكنيسة بعريسها، وقبولها الاضطهاد بمسرة قلبٍ.
- يسوع الرب والمسيح
غاية حلول الروح القدس هو التمتع بعمل الثالوث القدوس. فبعد حلوله يتحدث القديس بطرس عن أن الله قد برهن بآيات وقوات أن يسوع الذي قتله اليهود هو المسيح الذي تنبا عنه داود أنه قائم من الأموات وجالس عن يمين كرسي مجده في السماوات (أع 2: 22-35). وختم عظته هكذا: “الله جعل يسوع، هذا الذي صلبتموه أنتم، ربًا ومسيحًا” (2: 36).
هكذا يؤكد الروح القدس أن قتل المسيح على الخشبة ليس غضبًا إلهيًا عليه بل إعلان لربوبيته، حيث يبيد الموت عنا، ويملك في القلوب كربٍ وملكٍ سماويٍ. كانت كرازة الرسل في الهيكل والبيوت هي البشارة بيسوع المسيح (5: 42). وكأن غاية الرسل المُضطهدين هو بث روح الفرح بمجيء المسيح الذي طالما اشتهى الآباء والأنبياء رؤيته والالتقاء معه.
جاء لقب “المسيح” ليس لقبًا سياسيًا وطنيًا بل لقب سماوي يمس خلاص العالم كله (3: 21). ففي السامرة كان فيلبس “يكرز لهم بالمسيح” (8: 5-8). وفي تسالونيكي كان الرسول بولس يحاجج اليهود “أن هذا هو المسيح يسوع الذي أن أنادي لكم به” (17: 3). وفي كورنثوس كان الرسول بولس “يشهد لليهود بالمسيح يسوع” (18: 5)، وهكذا في أخائية (18: 28) وفي قيصرية (26: 23).
- يسوع القدوس البار (3: 14- 15)
ارتبط اسم يسوع بالقدوس والبار: “لا تدع قدوسك يرى فسادًا” (2: 27). “فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم صرتم مسلميه وقاتليه” (7: 52)
أراد اليهود الخلاص منه بتسليمه للأمم وقتله وهو القدوس البار، من يحمله فيه يحمل قداسته وبرَّه. وكما يقول الرسول بولس: “صار لنا برًا وقداسة” هكذا قدم لنا فهمًا جديدًا للقداسة والبرّ لا يقدر الناموس بحرفيته أن يحققه.
- يسوع العبد والخادم
“إن إله إبراهيم واسحق ويعقوب، إله آبائنا، مجد فتاه (أو عبده) يسوع الذي أسلمتموه أنتم. أنكرتموه… أنكرتم القدوس البار… رئيس الحياة قتلتموه” (3: 13-15).
“أقام الله فتاه (عبده) أرسله يبارككم يرد كل واحدٍ منكم من شروره” (3: 26).
في طلبة الكنيسة بعد إطلاق القديسين بطرس ويوحنا من السجن: “لتُجر آيات وعجائب باسم فتاك (عبدك) القدوس يسوع” (4: 30).
لقد سبق فقدم لنا إشعياء النبي الكثير من تسابيح العبد المتألم (إش 53). إنه الخادم الحقيقي الذي مسحه الآب ليعلن الحب الإلهي الباذل والعملي، “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3: 16).
- المسيح والدعوة للتوبة
جاء السفر كله دعوة للتوبة metanoia (2: 37-40)، ففي المسيح وحده أمكن بروحه القدوس تغيير الاتجاه الداخلي وتجديد الطبيعة، لكي ما يعطي المؤمن وجهه لله أبيه، ويقدر أن يعطي القفا للشر مهما كانت اغراءاته.
- اسم يسوع المسيح والمعمودية
في هذا السفر نلاحظ أن التوبة يرافقها نوال العماد باسم يسوع المسيح الذي فيه ننال الميلاد الجديد، والشركة في جسد المسيح لنحمل صورته، ويمكننا بالروح القدس الساكن فينا أن نجدد العهد الذي تمتع به موسى في سيناء. هذا الذي قتلوه هو إله سيناء الذي طالما يعتزون به. وقد قام، لا لحاجة خاصة به، بل لكي نُدفن في المعمودية ونقوم معه، ونختبر قوة قيامته في حياتنا اليومية. هذه شهادة عملية لقيامته: “ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضًا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه” (5: 32).
في اختصار، الكرازة بالمسيح المصلوب القائم من الأموات ليس موضوع مناقشات جدلية فلسفية، لكنها خبرة القيامة، وتحول إلى أشخاص أحياء، كأعضاء في جسده القائم من الأموات، الجسد الواحد، لنحيا بروحٍ واحدٍ ونفسٍ واحدةٍ. بهذا تتحول حياتنا إلى حياة فصحية، عيد لا ينقطع، وفرح دائم بالمسيح فصحنا الحقيقي!
الروح القدس في سفر الأعمال
يُدعى سفر الأعمال “سفر الروح القدس“، فقد بدأ السفر بوعد السيد المسيح لتلاميذه بحلول الروح القدس عليهم ليهبهم قوة الشهادة له في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض. وجاء السفر كله يعلن قيادة الروح القدس للكنيسة بكل وسيلة لتحقيق هذا الوعد الإلهي.
إن تطلعنا إلى الكتاب المقدس ككل نرى الروح القدس دائم العمل منذ الخلقة وإلى مجيء السيد المسيح الأخير ليقدم للإنسان كل الإمكانيات، ويهيئه للدخول في الأمجاد الأبدية. ويمكننا الكشف عن عمله الإلهي في المراحل التاريخية الأربع التالية:
- عمل الروح قبل خلقة آدم وحواء.
- عمل الروح بعد السقوط (زمن الإعداد لمجيء المسيح).
- عمل الروح في زمن المسيح.
- عمل الروح في زمن كنيسة العهد الجديد.
لم يتوقف معلمنا لوقا البشير عن الكشف عن عمل الروح غير المنقطع خلال الثلاث المراحل الأخيرة.
أ. عمل الروح قبل خلقة آدم وحواء: يبدأ سفر التكوين بالحديث عن الروح القدس الذي كان يرف على وجه المياه حيث كانت الأرض خالية وخاوية، بلا شكل ولا جمال ولا نفع، ليقيم من هذه الأرض عالمًا جميلاً رائعًا، يمثل قصرًا ملوكيًا يعيش فيه آدم وحواء كملكٍ وملكةٍ في قصرهما، تعمل كل الطبيعة بكل إمكانياتها وجمالها لسعادتهما. هذا الروح عينه يبقى يعمل عبر كل الزمن ليقيم من كل مؤمنٍ عالمًا جميلاً، بل عروسًا مقدسة مهيأة للعرس السماوي الفريد المفرح.
ب. عمل الروح القدس بعد سقوط الإنسان: ركز الرسل في أحاديثهم الواردة في هذا السفر على دور الروح القدس في تهيئة شعب الله لقبول عمل السيد المسيح الخلاصي. ففي أول حديث للقديس بطرس بعد الصعود يقول: “ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود” (16:1). فالروح القدس كان يقود رجال الله ليتنبأوا عن أحداث الخلاص، لكي يتمتع العالم كله بالحياة الجديدة. كانت الفترة من سقوط الإنسان إلى مجيء السيد المسيح فترة إعداد للبشرية لقبول السيد، خاصة خلال النبوات، فلا نعجب إن قال موسى النبي لتلميذه يشوع: “يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا جعل الرب روحه عليهم” (عد 29:11). لقد غار يشوع على الشيخين ألداد وميداد لأنهما تنبأ في المحلة وليس داخل الخيمة، أما موسى النبي فاشتهى أن يعمل الروح القدس في حياة الشيوخ القادة كما في الشعب دون حدود مكانية.
ج. عمل الروح القدس في زمن المسيح: الروح القدس الذي لم يكف عن أن يعمل، خاصة في الأنبياء، لتهيئة الشعب لقبول المخلص، عمل أيضًا في زمن السيد المسيح. فيذكر لوقا البشير كيف هيأ الروح القدس القديس يوحنا ليكون السابق للسيد المسيح: “ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس… لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا” (لو 15:1، 17). كما كشف عن دور الروح القدس في تجسد الكلمة المخلص: “الروح القدس يحل عليكِ، وقوة العلي تظللكِ، فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله” (لو 35:1).
د. عمل الروح القدس في زمن الكنيسة: جاء سفر الأعمال يكشف بفيضٍ عظيمٍ عن تحقيق الوعد الإلهي: “ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي” (يو 26:15)”.
منذ العنصرة والروح القدس يقود بنفسه الكنيسة خلال الكهنة كما من خلال الشعب، ليكون لكل عضوٍ دور حيٌ للشهادة السيد المسيح. لقد انطلق بالكنيسة يدشن الشهادة للسيد المسيح في أورشليم فاليهودية والسامرة ثم إلى الأمم، حتى بلغ بها إلى القصر الإمبراطوري في روما عاصمة العالم في ذلك الحين.
v الروح القدس العامل في أورشليم: حلٌ الروح القدس على التلاميذ في العلية (أع 2) هذا الذي وهب الرسل والمعلمين والأنبياء… كل منهم دوره. بل هو الروح العامل في الكنيسة كلها. هذا ما تحقق حسب نبوة يوئيل النبي: “يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبابكم رؤى، ويحلم شيوخكم أحلامًا، وعلى عبيدي أيضَا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون… ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص” (أع 17:2 -21). هكذا حلٌ الروح القدس على الكنيسة ليحول كل قلبٍ إلى نبي، ليشهد للأمجاد المقبلة خلال خبرة عربونها. يعمل في الرجال والنساء، كما في الشباب والشيوخ، مقدمًا الخلاص لكل من يدعو باسم الرب، سواء كان يهوديًا أو سكيثيا أو بربريًا… كما أقام الروح القدس أنبياء في أورشليم، من بينهم أغابوس الذي تنبأ عن الجوع العظيم العتيد أن يصير على جميع المسكونة (أع 27:11-28 ).
v الروح القدس العامل في السامرة: لم يُحصر الروح القدس بمدينة أورشليم ولا بهيكل سليمان كما يتوقع اليهود. فإذ قبلت السامرة كلمة الله أرسلت الكنيسة القديسين بطرس ويوحنا، اللذين “وضعا الأيادي عليهم، فقبلوا الروح القدس” (أع 17:8). لقد قاد الروح القدس القديس فيلبس ليتقدم ويرافق مركبة الرجل الأثيوبي خصي وزير لكنداكة ملكة أثيوبيا (أع 29:8)، بل ونراه يخطفه ويأتي به إلى أشدود (أع 39:8 -4).
v الروح القدس يعمل في كل الأرض: لم يكن ممكنًا لآخر غير الروح القدس أن يقتحم العالم الأممي، ليحرك القلوب ويجتذبها إلى الإيمان بالمصلوب، ولكي يهبهم الميلاد الجديد في المعمودية، ويجدد على الدوام أفكارهم لينموا بغير انقطاع، فيصيروا أيقونة العريس السماوي. لم يكن ممكنًا لرسولٍِ ما أن يتجاسر ويعمد أممي دون أن يتهود أولاً، لذا بادر الروح القدس وحلٌ على كرنيليوس وأهل بيته وكل الحاضرين من الأمم قبل أن ينهي القديس بطرس حديثه معهم (أع 44:10)، عندئذ فقط استطاع القديس أن يقول: “أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا؟” (أع 47:10). وفى كل مدينة إذ وضع القديس بولس يديه على المؤمنين حلّ الروح القدس عليهم (أع 6:19).
الروح القدس هو الذي يقيم الخدام العاملين في هذا الكرم. “قال الروح القدس: افرزوا ليبرنابا وشاول للعمل الذي دعوتها إليه” (أع 2:13). أما قوله “لي” فيكشف عن حرص الروح القدس أن ينسب هذا العمل له، فهو يختار العاملين، وهو العامل فيهم وبهم حتى يحقق عمله الإلهي خلال الكنيسة التي يقدسها. ويبقى سفر الأعمال يؤكد هذه الحقيقة كما سنرى أثناء دراستنا للسفر.
كان الروح القدس يكشف للرسول بولس حتى ما سيحل به من شدائد أثناء خدمته: “غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلاً إن وثقًا وشدائد تنتظرني” (أع 23:20).
وفي حديث القديس بولس مع كهنة أفسس يقول: “احترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه” (أع 28:20).
أخيرًا إذ بلغ الأسير بولس روما، دخل متهلل، الروح فقد حقق الروح القدس ما سبق أن أنبأ به على لسان إشعياء النبي، إذ قال: “حسنًا كلم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي، قائلاً: اذهب إلى هذا الشعب وقل… فليكن معلومًا عندكم أن خلاص الله قد أُرسل إلى الأمم، وهم سيسمعون” (أع 28: 25-28).
سفر الأعمال والبرهان علي القيامة
الكرازة هي دعوة للإيمان بالسيد المسيح المصلوب القائم من بين الأموات، لكي يختبر المؤمن عربون القيامة في حياته اليومية. ولما كان الإيمان بالقيامة من الأموات يكاد يكون مستحيلاً في ذلك الوقت، لذلك أغدق الله على الرسل والتلاميذ بآيات وعجائب غير المعتادة باسم السيد المسيح كما ورد في هذا السفر لتأكيد حقيقة القيامة.
v المعجزات الرسولية هي البرهان علي القيامة، وأما عن المعجزات الرسولية فهذا السفر هو مدرستها.
القديس يوحنا الذهبي الفم
سفر الأعمال والحياة الكنسية
أينما انطلق المؤمن، لعلة أو أخرى، فإن ما يشغله أن يرى تكوين جماعة مقدسة، جسد المسيح المقدس، لها سماتها وإمكانياتها لبنيان ملكوت الله، مهما كان العدد قليلاً أو الإمكانيات المادية بسيطة. فإن الروح القدس يغني الكنيسة، ويقودها بإمكانياته الإلهية.
أما أهم ملامح الكنيسة الأولى فهي:
- كنيسة فرح: في كل جوانب حياتها التعبدية والكرازية، ووسط الضيق في الحياة اليومية… حيث يدرك المؤمنون أن النبوات قد تحققت، وأن عمل الفداء تم، منتظرين مجيء المسيا الأخير وقيامة الأموات.
- إسرائيل الجديد الروحي البعيد عن الفكر الصهيوني المادي المتعصب، إذ تحقق ملكوت المسيح بواسطة عمل روحه القدوس.
- كنيسة متفتحة على الأمم… لكي يفتح قلوب اليهود على الأمم استخدم الله كل وسيلة لانتزاع روح التعصب منهم: مثل إرسال ملاك لفيلبس كي يكرز للأثيوبي (أع 8)؛ وظهور السيد المسيح نفسه لشاول الطرسوسى رسول الأمم (أع 9)؛ وإلزام الروح القدس بطرس أن يتحرك نحو كرنيليوس الأممي (أع 10).
- كنيسة صداقات عاملة في الرب: في هذا السفر نتلامس مع صداقة الرسولين بطرس ويوحنا (أع 3؛ 4؛ 8)؛ وصداقة برنابا وبولس الرسولين (أع 11؛ 13؛ 15)؛ صداقة الرسولين برنابا ومرقس (أع 16)، وأيضًا الرسول بولس وسيلا ومع لوقا البشير ومع تيموثاوس وأيضًا مع أكيلا وبريسكلا الخ.
سفر الأعمال والعبادة
في كلمات قليلة عبَّر الإنجيلي لوقا عن الحياة الكنسية بقوله: “وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات” (أع 2: 42). كانت الحياة الكنسيَّة هي فكر إيماني رسولي، مع شركة حب عمليَّة، وعبادة جماعيّة وشخصيّة لا تنقطع. وجاء السفر كلّه يؤكد أن الجماعة المقدّسة كنيسة صلاة دائمة، فحين تحدّث الرسول بولس أمام أغريباس قدّم الآباء الأوّلين أنهم كانوا “عابدين بالجهد ليلاً ونهارًا” (أع26: 7). هكذا جاءت كنيسة العهد الجديد تكمل ذات المسيرة “الصلاة بلا انقطاع”. وإن كان السفر هو إعلان عن الشهادة للسيد المسيح حتى تبلغ إلى أقصى الأرض، فإن هذا لن يتحقّق إلا بروح الصلاة كنداء السيد المسيح: “اطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعله لحصاده”.
الكنيسة الأولى كما يصوّرها لنا الإنجيلي لوقا مجتمع صلاة دائم، تجد في الصلاة شركتها مع إلهها، وممارستها لحياة التسبيح الملائكيّة، وسندها في الكرازة، وعونًا في الضيق! تصلّي أينما اجتمعت، ويمارس كل عضو صلواته أينما حلّ، وتحت كل الظروف، لا يحدّ الصلاة مكان ما، ولا زمن معيّن.
- كانت تصلّي في الهيكل كل يومٍ بنفسٍ واحدة] (أع 2: 46)، وحينما كان رسول أو مؤمن من أصل يهودي يأتي إلى أورشليم يصلّي في الهيكل كما فعل الرسول بولس (أع 21: 26؛ 22: 17). وكان للمسيحيّين صلواتهم في البيوت حيث لم تكن بعد قد نشأت مبانٍ كنسيَّة (أع 2: 46)، يمارسون فيها سرّ الإفخارستيّا والصلوات الليتورجيّة وغيرها. كما كانوا يصلّون في مخادعهم كما فعل شاول (أع 9: 11)، أو على السطوح كما فعل القديس بطرس (أع 10: 9). ولا يكفّ المؤمن عن التسبيح والصلاة حتى في السجن الداخلي كما فعل القدّيسان بولس وسيلا (أع 16: 25). وفي توديع رسول إذ كانت الكنيسة تجتمع ولو على الشاطئ ليركع الكل ويصلّون (أع 21: 5؛ 20: 26).
- كانت الكنيسة تجتمع في اليوم الأول من الأسبوع (أع 20: 7-10). ففي ترواس نجد التلاميذ مجتمعين من مساء السبت حيث يبدأ الأسبوع، ويطيل الرسول بولس حديثه إلى نصف الليل، انتهى الاجتماع بالاحتفال بسرّ الإفخارستيا أو كسر الخبز.
- التزم المؤمنون بممارسة صلوات السواعي، فقد اعتاد اليهودي التقي أن يمارس الصلاة ثلاث مرّات يوميًا، كما كان يفعل داود النبي ودانيال النبي. فقد صعد القديس بطرس على السطح نحو الساعة السادسة لكي يصلّي (أع 10: 9).
- الصلاة هي سرّ اختيار خدّام مقدّسين للرب، فعند اختيار التلميذ الثاني عشر (متياس) صلّت الكنيسة كلّها (أع 1: 15-26). وعند تكريس بولس وبرنابا للكرازة بين الأمم (أع 13: 2) صلّوا، وأيضًا عند سيامة قسوس للرعاية (أع 14: 23).
- الصلاة هي سند الخدّام في الرعاية، فصلّى القديس بطرس عند إقامة طابيثا (أع 9: 40)، وصلّى بولس الرسول عند شفاء بوبليوس (أع 28: 8).
- الصلاة حتى من أجل المقاومين والمضطهدين، فركع القديس إستفانوس ليصلّي من أجل راجميه في لحظات رجمه (أع 7: 60).
- أما غاية الصلاة فهي تمتع كل نفسٍ بشريّةٍ بعذوبة الحياة الجديدة، فلا نعجب من قول الرسول بولس أمام المحفل: “كنت أصلّي إلى اللَّه، أنه بقليل وبكثير ليس أنت فقط، بل أيضًا جميعً الذين يسمعونني اليوم، يصيرون هكذا كما أنا، ما خلا هذه القيود” (أع 26: 19).
سفر الأعمال وروح الحب والوحدة
يكشف لنا سفر الأعمال عن التباين بين أعضاء الكنيسة، حتى بين الرسل، فلكل منهم شخصيته المستقلة ومواهبه وقدراته، لكنه يشعر باحتياجه إلى الآخرين ليفكر الكل معًا، ويتشاورون، ويعملون بروح الحب والوحدة.
- لعل مجمع أورشليم (أع 15) هو أروع مثل لذلك، حيث لم ينشغل أحد قط فيمن يقود المجمع ويرأسه، بل كل يقدم الآخر في الكرامة. هذا وقد اشترك أيضًا العاملون مع الرسل في المجمع بروح الحب والوحدة.
- مساندة كنيسة أورشليم العاملين في مناطق أخرى، فأرسلت القديسين بطرس ويوحنا لمساندة القديس فيلبس في السامرة (أع 14:8). وكأن الكنيسة كلّها تعمل معًا بغية خلاص كل نفسٍ، دون التطلّع إلى طلب مراكز للقيادة على مستوى الأفراد أو حتى الكنائس المحليّة.
- بحث برنابا عن شاول لكي يخدم معه سنة كاملة في أنطاكية (أع 25:11) لتصير مركز خدمة للأمم في بلاد كثيرة. فلم يحتكر القدّيس برنابا الخدمة هناك، بل يجد مسرّته أن ينتفع بمواهب القدّيس بولس دون تتطلّع إلى من تُنسب خدمة الأمم.
- فرز الروح القدس برنابا وشاول للكرازة (أع 2:13)، فقد قام روح اللَّه نفسه باختيار الخدّام وتوزيع العمل حيث كانت الكنيسة مجتمعة معًا بروح الحب والوحدة.
- مع تخصيص القديس بطرس لخدمة الختان اختاره الروح ليكرز لباكورة الأمم، قائد المائة كرنيليوس (أع 10)، حتى لا يشعر أنه غريب عن كنيسة الأمم. كما بدأ القديس بولس رسول الأمم بالخدمة بين اليهود. وبهذا تخف الفجوة بين اليهود والأمم الذين قبلوا الإيمان بالسيد المسيح، ويتمتّع الكل بروح الحب والوحدة.
سفر الأعمال والتحرر من حركة التهود
مجيء المجوس إلى اليهودية يبحثون عن مخلص العالم يكشف عن التزام الأمم أن يبحثوا عنه في أسفار العهد القديم. لكن يلزمهم ألا يُستعبدوا لحرفية الناموس، مع الاحترام المتبادل للمقدسين من الفريقين. كان يلزم التحرر من العوامل السياسية.
سفر الأعمال وملء الزمان
منذ نال آدم وحواء الوعد بمجيء المخلص الذي يردهما إلى حياة فردوسية منتصرة ومجيدة وهما يترقبان تحقيق هذا الوعد الإلهي كأنه يتم حالاً دون انتظارٍ لملء الزمان. وورث أبناؤهما هذه الرغبة المتقدة، فكان عند ظهور نبيٍ يتساءل الشعب إن كان هو المسيا المنتظر أم يترقبون آخر. وإذ جاء ملء الزمان وجاء يسوع المسيح ظنوا أنه يملك زمنيًا على الأرض، ولم يكونوا قادرين على انتظار ملء زمان مجيئه الأخير، لهذا إذ وعد بروحه القدوس تساءل التلاميذ: “هل في هذا الوقت ترد المُلك إلى إسرائيل؟” (أع 1: 6)
سجل القديس لوقا الإنجيل بإعلان الروح القدس، فنقل سامعيه إلى أحداث الخلاص من صلب وموت وقيامة ثم صعود إلى السماء، وختم السفر بقوله: “وأخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم؛ وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأُصعد إلى السماء، فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرحٍ عظيمٍ، وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله. آمين” (لو 24: 50-53).
هكذا ضم القديس لوقا البُعد السماوي إلى تاريخنا الخلاصي. قدم حركة تصحيح للفكر اليهودي، وهو أن لكل عملٍ ملء زمان، فقد مرت آلاف السنوات يترقب آدم وبنوه مجيء المسيا الملك… وقد جاء في ملء الزمان، لكن لا ليملك على الأرض، بل ليصعد إلى السماء ويصعدهم معه، فقدم لمسات أخروية سماوية للحياة البشرية. لقد جاء غير الزمني وخضع للزمن، لكي يحملنا إلى ما وراء الزمن. هذا التصحيح جزئي، إذ ظن حتى التلاميذ والرسل أنه بإنهاء حضور المسيح المنظور على الأرض يأتي فورًا ليحمل مؤمنيه بروحه القدوس إلى العالم غير المنظور!
التزم القديس لوقا أن يسجل سفر الأعمال ليؤكد الحقيقتين التاليتين:
- مجيء السيد المسيح وصعوده إلى السماء لم ينزع حضوره فينا ونحن نخضع للزمن حتى يضم معنا البشرية إلى أقاصي الأرض، فترتفع معنا إلى الحياة الإنقضائية (الإسخاتوليجية)، فالكنيسة كجسد المسيح تُعلن حضوره غير المنظور حتى يحمل كل الأمم إلى مجده.
- مع ترقبنا لمجيئه الأخير الإسخاتولوجي فإننا نخضع في واقعنا للزمن، بينما ترتفع قلوبنا فوق الزمن. فمجيئه له ملء الزمان حتى تحقق الكنيسة رسالتها وسط الاضطهادات من الخارج والضيقات من الداخل، تواجه الكنيسة العالم وتتحداه بالروح القدس. فتضم إليها كل يوم الذين يخلصون، هؤلاء الذين يبدو واقعهم السماوي حاضرًا منذ الآن وهم عابرون التاريخ، طال أم قصر، حتى يبلغوا إلى اللقاء مع السيد المسيح في مجيئه الأخير، لقاء الوجه للوجه.
سفر الأعمال هو دعوة لخبرة الحياة الأخروية في حاضر شعب الله أو في تاريخ كنيسته، مدركين أن مجيئه قادم حتمًا، لكن في ملء الزمان. لهذا سجل القديس لوقا في الاصحاح الأول كلمات السيد المسيح قبيل صعوده: “ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه” (أع 1: 7).
الآيات والعجائب والرؤى في سفر الأعمال
اتّسم سفر الأعمال بإبراز صورة حيّة للكنيسة في عصر الرسل، فيقدّم لنا أمثلة ليست بقليلةٍ من الآيات والعجائب والرؤى التي تمتّعت بها الكنيسة، لا لاستعراض إمكانيّاتها، وإنّما لخدمة النفوس، واجتذاب القلوب للتمتّع بعمل اللَّه فيها.
أهم هذه الأعمال هي:
- حلول الروح القدس في يوم الخمسين (ص 2) تحقيقًَا للوعد الإلهي (يؤ 2: 28-32)، غايته التمتّع بقوة الشهادة للسيّد المسيح.
- التكلّم بالألسنة (ص 2)، غايته ردّ الأمم إلى الحضن الإلهي، حيث يسمع كل إنسان إنجيل الخلاص بلغته التي وُلد فيها.
- موت حنانيا وسفيرة لأنّهما كذبا على الروح القدس (5: 1-11)، لبثّ روح المخافة مع الحب الإلهي الفائق، فلا تمتد يد المؤمن لتفسد مقدّسات اللَّه وتستخف بحبّه.
- انفتاح أبواب السجن أمام الرسل (5: 19-20)، إذ لا يمكن للعالم بكل طاقاته أن يكتم كلمة اللَّه.
- رؤيا إستفانوس للسماوات المفتوحة أثناء رجمه (7: 55)، تعلن مساندة السيّد المسيح نفسه للشهود الأمناء له.
- ظهور السيّد المسيح لشاول الطرسوسي وهو في طريقه إلى دمشق (9: 1-6)، ليشهد له أمام الأمم، ويُسرّ بشركة الآلام مع مخلّصه للتمتّع بقوّة قيامته.
- إعادة البصر لشاول (9: 15-22)، ليُدرك تمتّعه بالبصيرة الداخليَّة ويعتزّ بها.
- رؤيا كرنيليوس (10: 1-8)، ليصير شاهدًا على محبّة اللَّه لكل الأمم بلا محاباةٍ.
- رؤيا بطرس الرسول (10: 9-48)، ليحرره من حرفيّة الناموس التي تقف حجابّا حاجزًا للخدمة بين الأمم.
- نبوّة أغابوس عن المجاعة (11: 28)، لكي يشترك المؤمنون بالحب العملي في مساندة إخوتهم المحتاجين.
- انطلاق الرسول للخدمة بعد رجمه مباشرة (14: 19-20)؛ لا توجد قوّة ما تعوق الشهادة للقائم من الأموات.
- رؤيا بولس الرسول عن المكدوني الذي يطلب العبور إليه (16: 9)، لكي يعبر الإنجيل إلى قارة أوربّا.
- الزلزلة وفتح أبواب السجن وسقوط القيود في سجن فيلبّي (16: 25-31)، غايتها الإعلان عن استجابة السماء للمسبحين، وقبول السجّان وأهل بيته الإيمان.
- سقوط أبناء سكاوا اليهودي السبعة في خزي وفضيحة عندما أرادوا إخراج الروح الشرّير باسم يسوع الذي يكرز به بولس (19: 13-16)، لإعلان عدم إساءة استخدام اسم يسوع، فإنّه يعمل خلال المؤمنين به، الصادقين في إيمانهم.
- نبوّة أغابوس عمّا سيحلّ بالرسول بولس في أورشليم (21: 10-14)، ليكشف اللَّه عن تسليم بولس الرسول حياته، وعن استعداد الرسول أن يموت من أجل المسيح، كما تكشف عن مشاعر الحب المتبادل بين الخدّام والشعب في المسيح يسوع.
- لم تصب لدغات الحيّة حياة الرسول بولس (28: 3-5)، لكي يؤمن أهل الجزيرة بالسيد المسيح الحافظ خدّامه.
- يسند الرب رسله وخدّامه بالآيات لا لهدف سوى الشهادة لعمل المسيح الخلاصي.
خلال بطرس الرسول شًفي الأعرج (ص 3)، وبظلّه شُفي مرضى كثيرون (5: 15-16)، كما شفى المفلوج إينياس (9: 33-34)، وأقام طابيثا من الموت (9: 36-40).
صنع القدّيس إستفانوس عجائب وآيات (8: 6-7، 13)، وأيضًا القدّيسان بولس وبرنابا (14: 3).
وأورد السفر بعض المعجزات والآيات التي تمّت على يديّ بولس الرسول، مثل ضرب عليم الساحر بالعمى لمقاومته للكلمة (13: 11)، وشفاء المُقعد من بطن أمّه في لسترة (14: 10)، وإخراج روح شرّير من عرّافة في فيلبّي (16: 18). وفي أفسس “كان اللَّه يصنع على يديّ بولس قوّات غير المعتادة (19: 11-12). وفي ترواس أقام الشاب أفتيخوس من الموت (20: 10-12)، وفي جزيرة مليطة شفى أبا بوبليوس مقدّم الجزيرة (28: 8-9).
أقسام السفر
- الإعداد لقيام الكنيسة ص 1-2.
- الشهادة في أورشليم ص 3-7.
- الشهادة في اليهودية والسامرة ص 8-9.
- الكرازة إلى أقصى الأرض ص 10-28.
أولاً: رحلات القدّيس بولس الكرازيّة:
ا. رحلة القدّيس بولس التبشيريّة الأولى (1400 ميلاً) 13-15.
ب. رحلة القدّيس بولس التبشيريّة الثانية (2800 ميلاً) 16-18.
ج. رحلة القدّيس بولس التبشيريّة الثالثة (2800 ميلاً) 18: 24-21: 16.
ثانيًا: أسر القدّيس بولس:
ه. أسره في أورشليم 21: 17-23: 35.
و. أسره في قيصريّة 24-26.
ز. أسره في روما 27-28.
العظات والكلمات الواردة في السفر
الرسول بطرس (أع 1 ؛2 ؛ 3؛ 4) ؛ الرسولان بطرس ويعقوب (أع 15)؛ غمالائيل (أع 5) استفانوس الشماس (أع 7)؛ الرسول بولس (أع 13؛ 14؛ 17؛ 20؛ 22؛ 24؛ 26؛ 28)؛ كاتب مدينة أفسس (أع 19)، ترتلوس (أع 24).
أما الخطوط العريضة لأهم هذه الكلمات فهي:
1- السيد المسيح مركز النبوات، يقيم خيمة (مملكة) داود الساقطة
2- صلب المسيح وقيامته وصعوده كسر خلاص للعالم.
3- دعوة للتوبة والرجوع إلى المسيح الذي صلبوه.
العظات الرئيسيّة في السفر
1 |
بطرس في العنصرة |
2: 14-40 |
تفسيره لمفهوم “العنصرة” |
2 |
بطرس في الهيكل |
3: 12-26 |
دعوة اليهود طالبي يسوع للتوبة |
3 |
بطرس في السنهدرين |
4: 5-12 |
شهادة ليسوع شافي الأعرج |
4 |
اسطفانوس في السنهدرين |
7: 2-53 |
اتّهام اليهود برفضهم للمسيّا |
5 |
بطرس للأمم |
10: 28-47 |
الدعوة مقدّمة للأمم كما لليهود |
6 |
بطرس في كنيسة أورشليم |
11: 4-18 |
خبرته في يافا وخدمته بين الأمم |
7 |
بولس في مجمع انطاكية |
13: 16-41 |
يسوع هو المسيّا حسب النبوّات |
8 |
بطرس في مجمع أورشليم |
15: 7-11 |
الخلاص مقدّم للجميع بالنعمة |
9 |
بطرس في مجمع أورشليم |
15: 13-21 |
لا حاجة للختان بالنسبة للأمم |
10 |
بولس لشيوخ أفسس |
20: 17-35 |
بقاء الإيمان بالرغم من ظهور معلّمين كذبة وضيق |
11 |
بولس للجمهور بأورشليم |
22: 1-21 |
تحوّله للإيمان ودعوته للعمل بين الأمم |
12 |
بولس في السنهدرين |
23: 1-6 |
دفاعه معلنًا أنه فرّيسي روماني الجنسيّة |
13 |
بولس للملك أغريباس |
26: 2-23 |
تحوّله وغيرته على الإنجيل |
14 |
بولس لقادة اليهود بروما |
28: 17-20 |
عرض لميراثه اليهودي |
من وحي أعمال الرسل
حولت لنا الأرض سماء!
v هب لي أن أنضم إلى رسلك وتلاميذك،
فأتمتع معهم بلقائك بهم، يا أيها القائم من الأموات.
أستمع إلى صوتك العذب يحدثهم عن أمور الملكوت،
فتلتهب أعماقي شوقًا نحو السماوات!
أراك في داخلي، تقيم ملكوتك المتهلل.
v أتلمس عمل روحك القدوس في العالم كله!
لتحول أرضنا إلى سماء،
والبشرية إلى ملائكة!
v صعدت إلى السماء، فحملت قلوبنا معك.
أرسلت لنا روحك الناري، يقيم منا خدامًا ملتهبين نارًا.
يعطينا لسانًا وكلمة، لتسحب القلوب إلى معرفتك.
نعم ليبقى روحك الناري يرف على وجه الأرض كلها،
يقيم من البشرية عروسًا مقدسة، أيقونة حية لك، يا عريس الكل!
v ليحملني روحك إلى أورشليم، فأشهد لك هناك.
المدينة التي قتلتك، صار منها مؤمنون وشهود لك!
المدينة التي طردتك خارج المحلة لتُصلب على الجلجثة،
تفتح لها أحضان أبيك، لينعم سكانها بالحب الإلهي.
v ليحملني روحك القدوس إلى السامرة مع فيلبس،
أتهلل بعمله في الغرباء، ليصيروا أهل بيت الله.
ولأرى رسول الختان يكرز لأول أممي في قيصرية،
فيحل روحك على كرنيليوس وأهل بيته،
حقًا ليس لعملك حدود!
v أبغضك اليهود بنو جنسك، واضطهدوا كنيستك.
ظن شاول الطرسوسي أنه حتمًا يمحو اسمك من وجه الأرض.
ظهرت له مشرقًا يا شمس البرّ،
بهاؤك العجيب أفقده البصر الزمني،
وانفتحت بصيرته، ليرى بهاء المجد الأبدي!
صار إناءً مختارًا، لا عمل له سوى الشهادة لك في كل موضع.
v أقمت منه ما هو أشبه بملاك.
أحاطت به الآلام من كل جانب،
فتهللت نفسه كأن ما حلّ به إنما حلّ بجسد آخر ليس بجسده!
صار كطيرٍ ينطلق من بلدٍ إلى بلدٍ،
ليس له أن يسند رأسه،
حتى تسند يا مخلصي رأسك في كل قلبٍ!
v تحولت حياته إلى رحلات تبشيرية عجيبة!
ما كان يمكن لكثير من الرسل أن يحققوا ما حققته به!
كرز في البر والبحر، وبين الفلاسفة وأمام ملوك وولاة.
أينما حلّ صار لك شعب، تكسبه بكلماتك على فمه!
v احتار الكل في وصف رسولك بولس.
هل صار ملاكًا لا يقتني شيئًا، لكنه يقتني كل شيء؟
هل تقدس بكليته، حتى صارت الخرق التي على جسمه مقدسة،
تشفي المرضى وتخرج الشياطين،
بينما بقي هو يعاني من المرض؟
روحك العجيب قدس كل كيانه،
قدس قلبه وفكره، روحه وجسده،
كلماته وعظاته وقلمه وكتاباته،
قدس وقته ومواهبه!
صار أشبه بروح، كأن لا جسد له!
v ألا ترسل في كل جيلٍ كارزين لتعمل بهم في الكثيرين؟
لتقم دومًا من شاول المضطهد والمفتري والمجدف،
رسولاً كارزًا وشاهدًا لك!
“كان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون”
أع 47:2
“ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم،
وتكونون لي شهودًا،
في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض”
أع 8:1
سفر أعمال الرسل : 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 –17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 –27 – 28
تفسير سفر أعمال الرسل : مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7– 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 –15 – 16 –17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 –25 – 26 –27 – 28