تفسير إنجيل القديس يوحنا 11 للقمص أنطونيوس فكري
إقامة لعازر (يو1:11-46)
الآيات (يو1:11-46):-“ 1وَكَانَ إِنْسَانٌ مَرِيضًا وَهُوَ لِعَازَرُ، مِنْ بَيْتِ عَنْيَا مِنْ قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا. 2وَكَانَتْ مَرْيَمُ، الَّتِي كَانَ لِعَازَرُ أَخُوهَا مَرِيضًا، هِيَ الَّتِي دَهَنَتِ الرَّبَّ بِطِيبٍ، وَمَسَحَتْ رِجْلَيْهِ بِشَعْرِهَا. 3فَأَرْسَلَتِ الأُخْتَانِ إِلَيْهِ قَائِلَتَيْنِ: «يَاسَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ».4فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ:«هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ». 5وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ. 6فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ. 7ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ:«لِنَذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَيْضًا». 8قَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ:«يَا مُعَلِّمُ، الآنَ كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَرْجُمُوكَ، وَتَذْهَبُ أَيْضًا إِلَى هُنَاكَ». 9أَجَابَ يَسُوعُ:«أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هذَا الْعَالَمِ، 10وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ». 11قَالَ هذَا وَبَعْدَ ذلِكَ قَالَ لَهُمْ:«لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَأمَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ». 12فَقَالَ تَلاَمِيذُهُ: «يَاسَيِّدُ، إِنْ كَانَ قَدْ نَأمَ فَهُوَ يُشْفَى». 13وَكَانَ يَسُوعُ يَقُولُ عَنْ مَوْتِهِ، وَهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ رُقَادِ النَّوْمِ. 14فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ حِينَئِذٍ عَلاَنِيَةً: «لِعَازَرُ مَاتَ. 15وَأَنَا أَفْرَحُ لأَجْلِكُمْ إِنِّي لَمْ أَكُنْ هُنَاكَ، لِتُؤْمِنُوا. وَلكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَيْهِ!». 16فَقَالَ تُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ لِلتَّلاَمِيذِ رُفَقَائِهِ: «لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ!». 17فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ. 18وَكَانَتْ بَيْتُ عَنْيَا قَرِيبَةً مِنْ أُورُشَلِيمَ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ غَلْوَةً. 19وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ جَاءُوا إِلَى مَرْثَا وَمَرْيَمَ لِيُعَزُّوهُمَا عَنْ أَخِيهِمَا. 20فَلَمَّا سَمِعَتْ مَرْثَا أَنَّ يَسُوعَ آتٍ لاَقَتْهُ، وَأَمَّا مَرْيَمُ فَاسْتَمَرَّتْ جَالِسَةً فِي الْبَيْتِ. 21فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ:«يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي! 22لكِنِّي الآنَ أَيْضًا أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللهِ يُعْطِيكَ اللهُ إِيَّاهُ». 23قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«سَيَقُومُ أَخُوكِ». 24قَالَتْ لَهُ مَرْثَا:«أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَأمَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». 25قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ الْقِيَأمَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، 26وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟» 27قَالَتْ لَهُ:«نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ».28وَلَمَّا قَالَتْ هذَا مَضَتْ وَدَعَتْ مَرْيَمَ أُخْتَهَا سِرًّا، قَائِلَةً:«الْمُعَلِّمُ قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ يَدْعُوكِ». 29أَمَّا تِلْكَ فَلَمَّا سَمِعَتْ قَأمَتْ سَرِيعًا وَجَاءَتْ إِلَيْهِ. 30وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ جَاءَ إِلَى الْقَرْيَةِ، بَلْ كَانَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لاَقَتْهُ فِيهِ مَرْثَا. 31ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا فِي الْبَيْتِ يُعَزُّونَهَا، لَمَّا رَأَوْا مَرْيَمَ قَأمَتْ عَاجِلاً وَخَرَجَتْ، تَبِعُوهَا قَائِلِينَ: «إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ». 32فَمَرْيَمُ لَمَّا أَتَتْ إِلَى حَيْثُ كَانَ يَسُوعُ وَرَأَتْهُ، خَرَّتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَائِلَةً لَهُ:«يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!». 33فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، 34وَقَالَ:«أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟» قَالُوا لَهُ:«يَا سَيِّدُ، تَعَالَ وَانْظُرْ». 35بَكَى يَسُوعُ. 36فَقَالَ الْيَهُودُ:«انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ!». 37وَقَالَ بَعْضٌ مِنْهُمْ:«أَلَمْ يَقْدِرْ هذَا الَّذِي فَتَحَ عَيْنَيِ الأَعْمَى أَنْ يَجْعَلَ هذَا أَيْضًا لاَ يَمُوتُ؟».38فَانْزَعَجَ يَسُوعُ أَيْضًا فِي نَفْسِهِ وَجَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، وَكَانَ مَغَارَةً وَقَدْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَجَرٌ. 39قَالَ يَسُوعُ:«ارْفَعُوا الْحَجَرَ!». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا، أُخْتُ الْمَيْتِ:«يَاسَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ». 40قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللهِ؟». 41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ:«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». 43وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!» 44فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ».45فَكَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مَرْيَمَ، وَنَظَرُوا مَا فَعَلَ يَسُوعُ، آمَنُوا بِهِ. 46وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَمَضَوْا إِلَى الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُمْ عَمَّا فَعَلَ يَسُوعُ. “
قدَّم إنجيل مرقس معجزة إقامة إبنة يايرس وقدّم إنجيل لوقا معجزة إقامة ابن أرملة نايين. أمّا إنجيل يوحنا الذي كتب بعدهم بحوالي نصف قرن أورد وحده هذه المعجزة التي تدل على لاهوت المسيح، فهي معجزة خارقة لحدود الطبيعة والعقل. وبسبب هذه المعجزة هاج السنهدريم وقرروا قتل المسيح. وهذا ما إهتم إنجيل يوحنا أن يظهره، فهو الذي أورد شفاء مريض بيت حسدا المشلول من 38 سنة وشفاء المولود أعمى. والمسيح هنا ليس صانع معجزات فقط بل هو عنده الحياة الأبدية، القيامة في سلطانه، فهو ترك لعازر في القبر حتى أنتن ثم أقامه وهذه صورة مصغرة لقيامة الأجساد في اليوم الأخير. فالمسيح هو القيامة وهو الحياة فيوحنا يورد المعجزات التي تثبت لاهوت المسيح. وإنجيل يوحنا يقدم لنا هذه الحياة الآن بشرط الإيمان (يو24:5، 25). وهو الذي سيعطي القيامة في اليوم الأخير (يو28:5، 29). وهناك شرط آخر لنوال الحياة يقدمه إنجيل يوحنا وهو التناول من جسد الرب ودمه (يو54:6). ونرى في معجزة لعازر شخص المسيح الإنسان في بكائه، والمسيح الإله في قوته التي أقامت لعازر. فهو حقق ما هو للإنسان وما هو لله في آن واحد. فهو الله ظهر في الجسد (1تي16:3). ألم يقال “في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم” (أش9:63) .
وتضع الكنيسة هذه المعجزة في بداية أسبوع الآلام الذي سينتهي بالقيامة فهي تظهر أن القيامة في سلطان المسيح (يو17:10، 18). تذكر القيامة قبل أن تذكر موته. فهو الحي الذي وإن مات سيقوم ويقيمنا معه. والمسيح صنع 3 معجزات إقامة من الأموات وهي تظهر مستويات الخطية في حياتنا فالخطية هي موت.
1- بنت يايرس…. لم تكفن= من دخلته الخطية حديثاً.. هذا يحتاج كلمة.
2- ابن أرملة نايين.. كُفِّن ولم يُدفن بل شُيِّعَ= من ظهرت خطيته وسط الناس.. يحتاج لمسة.
3- لعازر………. كفن ودفن وأنتن= من أنتنت الخطية فيه.. يحتاج لصراخ الرب بصوت عظيم.
أو قد تكون:
1- بنت يايرس: الخطية مازالت في طور التفكير والتخطيط لها.
2- ابن أرملة نايين: الخطية تم تنفيذها.
3- لعازر: الخطية صارت عادة.
ولعازر المربوط هو أنا المربوط برباطات الخطايا، وأنا في انتظار سماع صوت الله ليعطيني حياة بدلاً من موت الخطية. ومرض لعازر هو مرضي أنا الروحي والذي ينتهي بالموت. ولكن هناك قيامة كما قام لعازر. ولعازر بعد إقامته تعرض لمضايقات كثيرة من اليهود وفكر رؤساء الكهنة في قتله (يو12 : 10). ولقد صار أسقفاً.
ومن ناحية أخرى فكل معجزة إقامة لميت عملها المسيح هي إشارة لشيء مختلف :-
1) بنت يايرس :- هي إشارة لأن الموت كان نتيجة لفساد الطبيعة البشرية. لذلك نجد أن الثلاثة أناجيل – متى ومرقس ولوقا – أوردوا القصة متداخلة مع شفاء نازفة الدم. ولمست نازفة الدم ثياب المسيح فشفيت. وأتى المسيح لإبنة يايرس ولمسها فقامت. ونرى هنا المسيح الذي أتى ليشفى البشرية من أثار الخطية من الموت والنجاسة والأمراض وباقي أثار الخطية.
2) ابن أرملة نايين :- نرى المسيح يتقدم من نفسه ليقيم الولد دون أن يسأله أحد. والمسيح أتى ليخلص البشر من الموت دون أن يسأله أحد.
3) لعازر :- أقامه المسيح بعد أن أنتن. وهذا يشير لأن كل البشر يموتون ولكن على رجاء القيامة، إذ أن المسيح حَوَّل مفهوم الموت إلى أنه مجرد نوم لفترة كما قال عن إبنة يايرس أنها نائمة وهكذا قال عن لعازر.
ويصبح المعنى أن الخطية تسببت في فساد طبيعة الإنسان ونجاسته وموته (المرأة الكنعانية وإبنة يايرس)، فأتى الابن متجسدا ليشفى طبيعتنا ويعطينا حياة أبدية (ابن أرملة نايين)، ولكننا يجب أن نتذوق الموت جسديا أولًا لفترة بسيطة، ويعقبها قيامة لحياة أبدية (لعازر). وبهذا تحول موتنا بالجسد الآن إلى مجرد رقاد (نوم) يعقبه قيامة لحياة أبدية.
آية (2): “وكانت مريم التي كان لعازر أخوها مريضًا هي التي دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها.”
هنا يحدد أن مريم هي التي دهنت الرب بالطيب (2:12، 3+ مر3:14-9) ولكن متى ومرقس لم يذكرا اسمها (مت6:26-13) يوحنا إذ كتب بعد خراب الهيكل كتب اسم مريم وذكر معجزة لعازر، أما متى ومرقس ولوقا فأخفوا المعجزة وأسماء لعازر ومريم خوفًا من أن يقتلهم اليهود الحاقدين لأنهم كتبوا أناجيلهم قبل خراب الهيكل.
آية (3): “فأرسلت الأختان إليه قائلتين يا سيد هوذا الذي تحبه مريض.”
الأختان تلتجئان إلى المسيح فهو الطبيب الشافي. وكلمة الذي تحبه= تدل على قوة العلاقات ومودتها بينهم وبين السيد المسيح. ولاحظ أنهما لم يطلبا الشفاء بل تركا الأمر في تسليم رائع. وعلينا أن نذكر المشكلة لله دون ذكر الحل الذي نراه. وجميل أنهما قالا “الذي تحبه” ولم يقولا “الذي يحبك” فنحن لا ينبغي أن نطالب المسيح بشيء نظير محبتنا له. فمحبة المسيح لنا لا نهائية ولا تقارن بمحبتنا نحن له.وقد تكون الأختان إذ علمتا بمؤامرة الفريسيين ضده لم يطلبا منه أن يأتي بل في إيمان طلبتا منه أن يصنع شيئًا.
آية (4): “فلما سمع يسوع قال هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله به.”
ليس للموت= أي ليس للموت العام المستمر أو ليس نهايته الموت فهو سيقوم كما حدث. هذه تناظر (يو3:9). فالله يقصد إعلان مجده بواسطة المسيح ليتمجد المسيح. وهم طلبوه أن يأتي ليشفي لعازر وهو تأخر لأنه قصد أن يصنع معجزة أكبر بكثير من الشفاء. لكن هناك من يتصور أن الله لا يسمعه إذا تأخر في الاستجابة. فإذا تأخر الله علينا في استجابته لطلبتنا، فذلك حتى يعطينا أكثر ممّا نطلب أو نفتكر، أي يعطي بركة أعظم فكل نقص في حياتنا ليس صدفة بل هو لمجد الله. ولاحظ حيرة التلاميذ وعتاب الأختين لتأخر المسيح في الذهاب إلى لعازر.. وهكذا نفعل نحن كثيرًا. ولكن علينا في ضيقاتنا أن نؤمن أن المسيح سيتمجد وعلينا أن ننتظر. ولنلاحظ أن الموت وهو أشد أعدائنا ما هو إلاّ رقاد في نظر المسيح.
لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله به= واضح هنا أن المسيح يربط بين الله وبينه وما يمجد الله يمجده هو فهما واحد.
الآيات (5، 6): “وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر. فلما سمع أنه مريض مكث حينئذ في الموضع الذي كان فيه يومين.”
وكان يسوع يحب.. الصداقة مع يسوع لا تعني إعفائنا من الألم والمرض والموت. وكان يسوع في عبر الأردن (يو10: 40) . ونلاحظ أن المسافة من عبر الأردن إلى بيت عنيا حوالي يوم. ومعنى هذا أن الرسول حين وصل للمسيح كان لعازر قد مات. فلعازر كان له 4 أيام في القبر حين عاد المسيح (يوم لسفر الرسول من عند لعازر في بيت عنيا إلى عبر الأردن+ يومين مكث فيهم المسيح في إقليم بيريه + يوم سفر الرجوع إلى بيت عنيا). ولنلاحظ أن كل صمت للرب يخفي غرضًا أسمى.
الآيات (7، 8): “ثم بعد ذلك قال لتلاميذه لنذهب إلى اليهودية أيضًا. قال له التلاميذ يا معلم الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك وتذهب أيضًا إلى هناك .”
نلاحظ أن الرب لم يقل لنذهب إلى بيت عنيا بل قال لنذهب إلى اليهودية= فعينيه قد تثبتتا على أورشليم وعلى الصليب (لو51:9) وهو يعلم أن ذهابه هو للصليب. ولقب معلم= وبالعبرانية رابي يكني به عن أعلى مراتب العلم والأستاذية ويعني العالم أو العلامة ويقابل الآن الأستاذ الدكتور.
الآيات (9، 10): “أجاب يسوع أليست ساعات النهار اثنتي عشرة إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر لأنه ينظر نور هذا العالم. ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه.”
المعنى المباشر أنه على الإنسان أن يعمل طالما كان هناك نهار، فالنهار هو وقت العمل والحركة. فطالما هنالك نور لن يعثر. ولكن أيضًا بالنسبة للإنسان فهو غير قادر على العمل في ظلام الليل لئلا يعثر.
وروحيا فالليل يشير للخطية، فمن يسير في نور المسيح أي يسلك بحسب وصاياه فهو لن يعثر. أما من يسلك وراء شهواته فإنه يسلك في طريق خطر ونهايته الموت.
وبالنسبة للمسيح فهو النور الحقيقي وهو يعمل بلا توقف، فلو توقف لإنهار الكون والخليقة، لذلك قال الرب يسوع “أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يو5 : 17)، فهو يحفظ خليقته ولا يتوقف عن العمل لحظة. وبالتالي لا يوجد ليل بالنسبة للمسيح.
والله يظل يعمل مع كل واحد ليقوده للإيمان والتوبة، ولكن إن أغلق الإنسان قلبه في عناد أمام عمل الله ودعوته، حينئذ يأتي وقت ويكف الله عن العمل مع هذا الإنسان. وهنا نقول أن هذا الإنسان دخل أو صار في الليل ومصيره صار الهلاك. ولنأخذ أمثلة :-
1) “خرج يهوذا وكان ليلا” (يو13 : 30) هذا يعنى أن المسيح إستنفذ كل المحاولات معه، وهو يعاند فتركه المسيح لمصيره وقال له “ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة” (يو13 : 27).
2) الله يقسي قلب فرعون (راجع تفسير الآيات رو9 : 17 ، 18 في مكانها).
3) راجع قول الرب “أعطيتها زمانا لكي تتوب…” (رؤ2 : 21).
4) “أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض…” (رو1 : 28) فالله يظل بنعمته يعمل مع الإنسان ليقوده للتوبة. فإن ظل يقاوم يمنع نعمته عنه، فيندفع في طريق الهلاك.
5) ظل الله يحاول مع آخاب الملك، وكانت آخر محاولات الله لإثنائه عن دخول الحرب على فم ميخا النبي. ولما رفض أسلمه الله إلى روح شرير أضله فذهب للحرب ومات وهلك (1مل16 – 22).
ولكن النهار هنا يقصد به المسيح الأعمال التي يعملها أثناء فترة وجوده على الأرض بالجسد. ومن أعماله هنا إقامة لعازر.
وقصد المسيح بهذا أن ينبه تلاميذه بأن تخويفهم له غير لائق، فهو الذي يحدد ميعاد موته، بل هو حدده منذ الأزل. فهم كانوا يحذرونه أن هناك خطورة على حياته، وكان رده عليهم أن نهار حياته على الأرض مازال قائماً، أي أن المسيح له مهمة ينجزها فإن أتمها يأتي ليل آلامه ثم موته وأنه أي المسيح هو النور، وطالما أنتم معي فلا تخافوا فأنتم بمنأى عن الظلمة وأعمالها. ساعات النهار إثنتى عشر= أي زمان خدمتى على الأرض محدد، كساعات النهار. الليل= هو ساعة مؤامرة اليهود ليصلبوه. فلن يكون للأعداء سلطان عليه قبل أن ينهي مهمته ولن يمكنهم صلبه قبل ذلك. والمعنى لم يأتي وقت الصليب بعد فلأتمم أعمالي… لا تخافوا. والله خلقنا لأعمال صالحة .. (أف10:2) والحياة كافية لأن نتمم العمل الذي خلقنا لأجله. والله هو نور حياتنا ينير لنا كل خطواتنا (يو35:12 + 4:9، 5) ولذلك علينا أن لا نخاف من العثرات طالما هو فينا أي النور فينا.
ولكن ستأتي ساعة على المسيح قال عنها “هذه ساعتكم وسلطان الظلمة” (لو53:22). هي الساعة التي أنهى فيها عمله فسمح للأعداء أن يلقوا عليه الأيادي (قارن مع يو58:8، 59 + يو11:19). والمسيح يقصد أن يقول لتلاميذه هذه الساعة لم تأتي بعد وأنا الذي أحدد متى تأتي.
وبالنسبة لكل إنسان ستأتي عليه ساعة ينهي أعماله فلماذا نطمع في زيادة أعمارنا، بل ولماذا نخاف من المخاطر ونهرب منها، من يهرب من المخاطر لينقذ حياته من الموت (مثل من ينكر المسيح خوفاً من الموت) فهو يمشى في الليل لا يشرق حوله نور الله، وعناية الله لا تحيطه وتحميه، هو حَرَم نفسه من نور الله ورضاه، بل هو يعرض نفسه لخطر حقيقي. فالموت في سبيل الله وأن نتمم الرسالة التي خلقنا الله لأجلها هو خيرٌ من حياة نهرب فيها من الله (مثال لذلك يونان). بل أن كل عاصي أو خاطئ لا يريد أن يتوب هو يتعثر في ظلمة عصيانه لأنه فقد نور المسيح في داخله.
إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر= من يسلك في طريق القداسة تصير له العثرات والضيقات كلا شيء بل تكون أكاليل له. من يمشي في الليل= من لا يشرق حوله نور الله وعناية الله لا تحيطه، بسبب خطيته أو بسبب خوفه على حياته من المخاطر، وتصوره أنه بهروبه منها يطيل حياته فيهرب من المخاطر ولا يتمم واجبه.. يعثر= من يفعل الشر يعثر أي هو الذي يخاف أما من لا يفعل شراً فلماذا الخوف. وهل يليق هذا بالمسيح أن لا يذهب لأورشليم لينقذ حياته ولا يتمم واجبه ولماذا يخاف وهو بلا خطية (أي المسيح) .
النور ليس فيه= النور هو المسيح وهو ينير بصيرتنا الداخلية فلا نعثر. ومن يسير في الليل أي ليس بحسب مشيئة الله يعثر.
الآيات (11-13): “قال هذا وبعد ذلك قال لهم لعازر حبيبنا قد نام لكني اذهب لأوقظه. فقال تلاميذه يا سيد إن كان قد نام فهو يشفى. وكان يسوع يقول عن موته وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم.”
حبيبنا= تشير للصداقة بين المسيح ولعازر. ونلاحظ أن لعازر قد مات الآن ومع هذا فعلاقة المحبة مازالت قائمة بينه وبين المسيح وبين التلاميذ أيضاً. فالكنيسة كلها في شركة حب، وتبقى المحبة قائمة حتى بعد الموت. فهنا لعازر قد مات.
قد نام= لقد غير المسيح مفهوم الموت إلى أنه رقاد. وطالما هو في الرب فسيكون هناك قيامة. “ليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال” (أوشية الراقدين). ولكن من هو الذي له نصيب في هذه القيامة؟ الإجابة هو من قام من رقاد الخطية. فالموت الحقيقي ناتج عن الخطية (رؤ6:20 + أف14:5+ لو24:15+رؤ1:3) وراجع (مت24:9) “الصبية نائمة” وكلمة نام التي إستخدمها المسيح تعني [1] إمّا رقاد الراحة أو [2] فقدان الوعي أو الشعور. لذلك إلتبس الأمر على التلاميذ. ورقاد الراحة قد يفيد أنه رقد نتيجة حمى وقد تفيد معنى الموت وقد فهمها التلاميذ على أنها مرض.
الآيات (14-16): “فقال لهم يسوع حينئذ علانية لعازر مات. وأنا افرح لأجلكم أني لم اكن هناك لتؤمنوا ولكن لنذهب إليه. فقال توما الذي يقال له التوأم للتلاميذ رفقائه لنذهب نحن أيضًا لكي نموت معه.”
هنا تكلم المسيح بوضوح وبدون تورية، تاركًا المعنى الروحي للموت أي أنه نوم، إلى المعنى الواضح المباشر وأن لعازر قد مات. وهذا ليكشف لتلاميذه أنه عالم بكل شيء. ثم ليزداد إيمانهم بعد المعجزة وإيمانهم هو ما يفرح الرب= أنا أفرح لأجلكم= فالمسيح لم يفرح لأن لعازر قد مات، لكن لأن التلاميذ سيرون سلطانه على الموت فلا يتشككوا من أحداث الصليب. لنذهب إليه= هذه تعني أن لعازر ظل حيًا أمام الرب (وهذا معنى أنه نام). لكي نموت معه= المعنى أن التلاميذ كانوا يعلمون أن الذهاب إلى أورشليم فيه خطورة على حياة المسيح وتلاميذه ومعنى كلام توما لو ذهبنا مع المسيح سنموت معه، أي مع المسيح الذي لا بُد وأن اليهود سيقتلوه، أو مع لعازر الذي هو الآن ميت وهم سيلحقوا به. فتوما إستصعب فكرة القيامة وإستسهل فكرة أن يموت مع المسيح لمحبته له. فكر توما كان تعبيرًا عن الحزن الشديد الذي يفقد صاحبه كل رجاء. ونلاحظ أن اليهود حاولوا رجم المسيح في الزيارة السابقة ولكن هذه المخاطر لم تثنى توما ولا التلاميذ أن يظلوا مرافقين لمعلمهم الذي أحبوه، ولكن لا يتركونه. توما قدم المحبة ولكنه لم يستطع أن يقدم الإيمان. ولأن يوحنا يكتب للأمم فقد ترجم اسم توما لليونانية.
الآيات (17-19): “فلما آتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر. وكانت بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو خمس عشرة غلوة. وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما عن أخيهما.”
لماذا سكت المسيح على لعازر مدة 4 أيام أي حتى أنتن؟ كان اليهود يؤمنون ولهم تقليد أن الروح تظل تحوم حول الميت 3 أيام وتحاول دخول الجسد، ثم بعد انحلاله تشمئز الروح وتذهب لتنضم إلى بقية أرواح الموتى. وكون أن السيد يقيم لعازر في اليوم الرابع فهذا يظهر لليهود أن له سلطان على الهاوية التي تضم أرواح المنتقلين، والتي ذهب إليها لعازر بعد اليوم الثالث. ولذلك يكرر القديس يوحنا موضوع الأربعة أيام مرتين في آيات (17، 39). الغلوة = ثُمْن ميل أي حوالي 200 متر = 145خطوة وهي مقياس يوناني. ونلاحظ أن قرب بيت عنيا من أورشليم جعل كثيرين من يهود أورشليم يأتون للتعزية فيشاهدوا المعجزة وينشروا الخبر في أورشليم. وكان هذا هو السبب في استقبال المسيح الحافل يوم أحد الشعانين.
آية (20): “فلما سمعت مرثا إن يسوع آت لاقته وأما مريم فاستمرت جالسة في البيت.”
مرثا بطبيعتها نشطة فهي تذهب لإستقبال السيد، ومريم هي الهادئة في البيت. مريم استمرت مع المعزين في البيت ولم تعلم بقدوم الرب. وربما أخبر أحدًا مرثا بقدوم الرب فأسرعت تجري إليه دون أن تخبر مريم ليعطيها تعزية في وفاة أخيها.
الآيات (21-24): “فقالت مرثا ليسوع يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي. لكني الآن أيضًا اعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه. قال لها يسوع سيقوم أخوك.”
ربما حملت كلمات مرثا نوع من الإيمان المحمل بالشك، وربما هي تقصد أنك أنت يا رب مازلت في نظري قادر على الشفاء بالرغم من أنك لم تأتي لتشفي أخي. وربما كان لها أمل يشوبه الشك في أن يقيم السيد أخيها ولكنه أمل بعيد إذ قد إنتن، لذلك قالت. لو كنت ههنا = ولكن نرى هنا أن إيمان قائد المئة أقوى من إيمان مرثا.. “قل كلمة فقط فيبرأ الغلام”. فهو آمن أن قدرة المسيح على الشفاء تتحدى المكان (مت8:8). وهنا نسمع إيمان مرثا بالقيامة. وغالبًا دخلت فكرة القيامة لليهود من (دا 2:12+ 2مك9:7، 14) كلام مرثا لو كنت ها ههنا فيه ثقة في يسوع أنه قادر على الشفاء لو كان موجودًا. لكنه يعني أن يسوع قادر أن يمنع الموت ولكنه لا يقدر أن يعطي حياة. ولكن كلامها لا تذمر فيه.
الآيات (25-27): “قالت له مرثا أنا اعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير. قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد أتؤمنين بهذا. قالت له نعم يا سيد أنا قد آمنت انك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم”
المسيح هو القيامة الآن للخاطئ وهو القيامة للميت (يو24:5-29) القيامة هي طبيعته. هو يعطي للخاطئ قيامة فيبدأ حياته من الآن. وتكون حياته هي المسيح.. (غل20:2). ولاحظ أن السيد لم يقل سأُدَبّرْ له قيامة أو أعد له أو أطلب له، بل قال أنا القيامة أي القيامة كائنة فيه. فكل من يتحد بالمسيح (إيمان/ معمودية/ توبة) تكون له قيامة. والقيامة ثمرة الحياة، وهو الحياة، فلا بُد أنه سينتصر على الموت. والانتصار على الموت هو القيامة. والإيمان بالمسيح يعطي حياة وهذه معجزة أكبر من إقامة لعازر. فلعازر قام وظل حيًا لعدة سنين ثم مات. أمّا من يؤمن بالمسيح فله حياة أبدية ويقوم في اليوم الأخير. فمعجزة المسيح الأعظم هي الإقامة من موت الخطية. هذه هي الحياة الأبدية (يو57:6) لكن مرثا ظنت أن المسيح هو إنسان له دالة عند الله كل ما يطلبه يعطيه الله له، لكنه لا يقدر من نفسه أن يقيم ميت. لذلك بدأ المسيح يتقدم بإيمان مرثا عمن هو وماذا يستطيع وأنه هو الحياة ذاتها وهو القيامة وهذا هو الفرق بين يسوع وإليشع مثلًا. وقول المسيح لمرثا يشمل الحياة لها، فهي قد آمنت، والحياة للعازر أيضًا. لذلك فالذي قام من الأموات الآن سيكون موته عبور للحياة الأبدية.. “هو حياتنا كلنا وقيامتنا.. ” (أوشية الإنجيل). أتؤمنين بهذا= هنا المسيح يسأل مرثا ليحرك إيمانها قبل المعجزة. أنت المسيح ابن الله هو إيمان ناقص فهي لا تؤمن أن المسيح سيقيم لعازر. لكن هذا إيمانها المحفوظ في قلبها كما نطقه بطرس والأعمى ونثنائيل من قبل. وهذا هو غرض كتابة إنجيل يوحنا (30:20، 31). هذا الإيمان هو الصخرة التي بنيت عليها الكنيسة (مت16:16+ 33:14+ 3:4+ مر1:1). من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد= الحياة الأبدية التي يقصدها الرب هنا هي حياة المجد والفرح. أما الخطاة ستكون لهم حياة دينونة بلا مجد ولا فرح. فالشيطان موجود والآن وإلى الأبد لكن هو ليس حي، بل مصيره بحيرة متقدة بنار. لكن الحياة الأبدية هي حياة في النور والفرح والمجد ورؤية الله وشركة المحبة مع القديسين. . هذا الحوار بين السيد وبين مرثا كان هدفه زيادة إيمان مرثا فتعرف حقيقة المسيح، وهذا يعمله الرب مع كل منا لينمو إيماننا ويُشفى، ولاحظ أن هذا الأسلوب اتبعه الرب أيضًا مع مريم المجدلية (يو 20).
الآيات (28-32): “ولما قالت هذا مضت ودعت مريم أختها سرًا قائلة المعلم قد حضر وهو يدعوك. أما تلك فلما سمعت قامت سريعًا وجاءت إليه. ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا. ثم أن اليهود الذين كانوا معها في البيت يعزونها لما رأوا مريم قامت عاجلًا وخرجت تبعوها قائلين أنها تذهب إلى القبر لتبكي هناك. فمريم لما أتت إلى حيث كان يسوع ورأته خرت عند رجليه قائلة له يا سيد لو كنت ههنا لم يمت آخي.”
إذن سبب أن مريم لم تذهب مع مرثا أنها لم تكن تعلم أن الرب قد أتى. سريعًا= دليل محبتها الشديدة ليسوع. يا سيد لو كنت ها هنا= نفس كلمة مرثا (هما إتفقتا في هذا). سرًا= هي دعت أختها لتنال من مراحم الرب. وتتعزى بعيدًا عن صياح المعزين. فكل من يتعزى من المسيح يدعو الآخرين. وما فعلته مريم ينبغي أن يفعله كل متألم.. أن يجري للمسيح فيعزيه المسيح.
الآيات (33-35): “فلما رآها يسوع تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون انزعج بالروح واضطرب. وقال أين وضعتموه قالوا له يا سيد تعال وانظر. بكى يسوع.”
تبكي.. واليهود يبكون.. بكى يسوع= الكلمات اليونانية تختلف فبكاء مريم واليهود هو بكاء بصوت مسموع للتعبير الظاهري عن الحزن. أمّا بكاء يسوع فهو كلمة أخرى تفيد “أدمعت عيناه بدون صوت” فهو تأثر من حزن مريم واليهود، نحن أمام يسوع الذي له إنسانية كاملة وله أرفع وأرق المشاعر التي يمكن أن تصدر عن إنسان أمام فاجعة موت حبيب له. وأمام تفجع ذويه عليه، بل هو حزن على ما أصاب الخليقة من موت. نحن أمام المسيح بناسوته وعواطفه البشرية يبكي متأثرًا أمام موقف الموت الذي هو أعظم ألم للبشر. وهكذا بكى يسوع على مدينة أورشليم (لو41:19) لأنها ستهلك، فهو هنا أيضًا بكى حزنًا على مصير الإنسان. وبكاء المسيح هو شهادة عن كمال ناسوته وعن كمال مشاعر قلب الله ومحبته للإنسان “في كل ضيقهم تضايق”. إنزعج بالروح= هنا نحن أمام لاهوت المسيح المقتدر. ولكننا نحن أيضًا أمام ناسوت كامل فكلمة إنزعج هو تعبير لا نفهمه يعبر عن حزنه مما حدث للإنسان الذي خلقه على صورته. وحزنه من بكاء الناس. وإرادته أن يفعل شيئًا لإنقاذ المتألمين. كما يعبر عن ما سيخرج منه، أي قوة الحياة المحيية، قوة تنتصر على الموت والفساد الذي لحق بجسد لعازر وعلى الشيطان وعلى الهاوية ليخرج لعازر من قبره بل ومن الهاوية. فإن كان شفاء نازفة الدم احتاج لقوة تخرج منه (لو46:8) فكم وكم القوة التي تُخْرِجْ من الهاوية، هي قوة روحية هائلة والروح هو الجزء من إنسانية المسيح الذي به هو في شركة مباشرة مع الآب. واضطرب= نتيجة ما تحمله جسده من أحزان واضطراب الآخرين فهو يشاركنا أحزاننا ويحملها عنا (أش4:53) وهذا التعب ظهر عليه أمام الناس. وكلمة اضطرب ذكرت عن المسيح 3 مرات [1] هنا [2] (يو21:13) فهو يضطرب ويحزن للخيانة [3] (يو27:12) كما ذكرت كلمة بكي أيضًا 3 مرات [1] هنا [2] (لو41:19). والبكاء هنا على أورشليم كان بصوت مسموع فهو يبكي على ما أصاب البشر. فناسوت المسيح كان ناسوتًا كاملًا وانفعالاته حقيقية. [3] المرة الثالثة ذكرها بولس الرسول (عب5: 7) وكانت عن آلام الصليب.
أين وضعتموه= يعلن عن نيته في عمل المعجزة، وينبه الجمهور للمعجزة الآتية فيتحول الجمهور لشهود عيان وهي لا تعني قطعًا عدم معرفته بالمكان ولكن تعني خذوني إلى هناك.
الآيات (36، 37): “فقال اليهود انظروا كيف كان يحبه. وقال بعض منهم ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضًا لا يموت.”
لم يكن لديهم أي إيمان بالمعجزة. إذا كانت دموعه أعلنت حبه فكم وكم دمه الذي سال. لكنهم ظنوا دموعه علامة ضعف.
الآيات (38، 39): “فانزعج يسوع أيضًا في نفسه وجاء إلى القبر وكان مغارة وقد وضع عليه حجر. قال يسوع ارفعوا الحجر قالت له مرثا أخت الميت يا سيد قد انتن لأن له أربعة أيام.”
فإنزعج= هو مازال تحت تأثير هذه القوة الجبارة التي ستقيم ميت قد أنتن. ولكن انزعج الأولى كانت بسبب بكاء مريم والآخرين. وانزعج هنا بسبب شك الناس. ارفعوا الحجر= هنا نرى أن على الإنسان أن يجاهد ويشترك بجهده والله يسكب نعمته. ولكن على الإنسان أن يفعل ما يستطيعه. وتحريكهم للحجر يجعلهم شهود عيان إذ يروا الجسد الملفوف ويشتموا رائحة العفونة. وخدام الكنيسة كل ما عليهم أنهم بالتعليم يرفعون الحجر لتدخل قوة الرب المحيية بالروح القدس ليوقظ النفوس من موت الخطية. قول مرثا قد أنتن= يشير لتصورها أن السيد يريد أن يراه كصديق يحبه ولم تتصور حدوث معجزة.
آية (40): “قال لها يسوع ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله.”
بالإيمان تستعلن القيامة ويشرق النور. وكل من آمن بالمسيح سيرى مجده وكل من آمن وإحتمل الآلام ناظراً للمجد المعد سيراه بالتأكيد. إن آمنت ترين مجد الله= وهذا عكس ما يريده الإنسان فالإنسان يريد أن يرى ليؤمن، وهذا ليس إيمان، فالإيمان هو الثقة بما يرجى والأيقان بأمور لا ترى” (عب11: 1).
الآيات (41، 42): “فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعًا ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني.”
هنا نرى الابن الوحيد المحبوب يتكلم مع أبيه جهارًا بخصوص المشيئة الواحدة والعمل الواحد والمجد الواحد. وصلاة المسيح غرضها:-
1- أن القيامة ستتم بأمر المسيح وهي أيضًا عمل الآب لكي يؤمن الجمع أن ما يحدث ليس بقوة سحرية ولا بقوة الشيطان. بل بقوة الله. فالمعجزة ستثبت الوحدة الإلهية الكائنة بين الآب والابن خصوصًا بعد صلاة الابن لله الآب. والمسيح أعلن هدف الصلاة. لأجل هذا الجمع. ليؤمنوا. فهو لا يصلي ليأخذ قوة بل ليرى الجمع العلاقة التي بينه وبين الله فلا يقولوا أنها بقوة بعلزبول كما قالوا قبلًا.
2- ظهر فيها توافق المشيئة فالمسيح لم يطلب بل شكر الآب على ما اتفقا عليه. إنك في كل حين تسمع لي= قول المسيح تسمع لي هذه = ما قيل أن الروح القدس يكلمنا بما يسمعه (يو 16: 13) وهذا كله تعبيرا عن طبيعة الوحدة في الثالوث، وبالتالي فهم لهم مشيئة واحدة.لكن الآب يريد وها الابن ينفذ.وقوله اشكرك= هي تعبير عن فرح المسيح بعودة الحياة للأموات، ونفس المفهوم “تهلل يسوع بالروح” حينما خضعت الشياطين لتلاميذه، فخلاص النفوس الذي أتى من اجله يشبعه (إش53: 11)، وبنفس المفهوم شكر عند تأسيس سر الإفخارستيا الذي سيعطى حياة للبشر (لو10:21 +اش53:11 + مت26:27)
3- اما نحن فكل صلاة نصليها باسم المسيح فهي مستجابة. لذلك ننهي صلواتنا قائلين “بالمسيح يسوع ربنا” (يو23:16-24، 26).
4- ظهر أن هناك تمايز بين الأقانيم فالابن ليس هو الآب والآب ليس هو الابن.
5- المسيح يصلي بالنيابة عن البشر. فهو كإنسان كامل يمثل البشر يصلي ليبطل سلطان الموت الذي يسود علينا (يو7:15). والمسيح لم يسأل الآب بل شكر لثقته في استجابة الآب له. ونحن علينا أن نطلب بثقة في المسيح. وفي الاستجابة إعلان لحب الله لنا.
آية (43): “ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجًا.”
صرخ بصوت عظيم= لتُفتح الهاوية وتُخْلِي قوات الجحيم أسيرها. فهو يصرخ لأنه يتعامل مع قوات عنيدة ويأمرها باقتدار عظيم وقوة وجلال (مز4:29، 7، 8) هو كان كمن يصرخ في نائم ليوقظه. هنا خرجت قوة هائلة من الرب. لقد خرجت قوة جبارة من جسده لتحيي الميت. لعازر هلم خارجًا= لم يخرجه باسم أحد بل بسلطانه. وهو ينادي لعازر باسمه فتعود روحه لجسده.
آية (44): “فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة ووجهه ملفوف بمنديل فقال لهم يسوع حلوه ودعوه يذهب.”
هنا المسيح يريد أن يحتوي رعبهم وذهولهم وليتأكدوا أنه ليس شبحًا، أو شخص آخر غير لعازر، كان مختبئًا في الداخل. وكان اليهود يلفون كل يد وحدها وكل رجل وحدها، لذلك استطاع لعازر أن يخرج. حلوه= [1]هذا هم قادرين عليه [2] ليسير في القرية.
الآيات (45، 46): “فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم ونظروا ما فعل يسوع آمنوا به. وأما قوم منهم فمضوا إلى الفريسيين وقالوا لهم عما فعل يسوع.”
هنا يهود آمنوا وهؤلاء سمعوا صوت المسيح وآمنوا فصارت لهم حياة. وهناك من ليس له أذن روحية ولا حواس روحية (لو31:16). هؤلاء تصوروا أن قيامة لعازر معناها ضياع هيبة السنهدريم. وهؤلاء كانوا جواسيس الفريسيين وقالوا لهم عمّا فعل يسوع. أعمال المسيح صارت رائحة حياة لحياة (للذين آمنوا) ورائحة موت لموت (للذين ذهبوا للفريسيين).
هياج اليهود وذهاب يسوع إلى مدينة إفرايم 47:54
الآيات (47، 48): “فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعًا وقالوا ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وامتنا.”
إجتمع أعداء المسيح معًا فمعجزة إقامة لعازر ضد إيمان الصدوقيين وضد مراكز رؤساء الكهنة والكتبة وضد مصالحهم المادية. لذلك فمن هذه اللحظة تنحى الفريسيون وتولى رؤساء الكهنة التخطيط لقتل المسيح. فهو يصنع معجزات وهم بلا أي قوة. والعجيب اعترافهم أن يسوع يصنع آيات كثيرة ومع هذا لم يؤمنوا. وكان رأيهم أن عدم حفظ السبت الذي كان المسيح في نظرهم الضيق يكسره بمعجزاته بالإضافة للحياة السماوية التي يطلبها (وكل همهم هو الماديات)، ستخلخل التمسك بالأرض والغيرة على الميراث الأرضي والآبائي والناموسي، فيسهل هذا للمستعمر الروماني الإستيلاء على الأرض والحكم معًا، أو أنه بسبب هذه الثورة الروحية (تجمهر الناس وراء المسيح) يستولى الرومان على ما بقى من سلطة رئيس الكهنة والسنهدريم. هم خافوا أن الرومان يعتبروا أن جمهرة الناس حول المسيح هي ثورة وطنية فيحرموا الكهنة من امتيازاتهم لأنهم لم يخمدوها. وتتلاشى عناصر الأمة اليهودية التي تقوم على الأرض والناموس. خصوصًا حينما رأوا كثرة المؤمنين بالمسيح وأن الجماهير تريده ملكًا فخافوا على مراكزهم أن يخمد الرومان هذه الثورة ويهدموا الهيكل، فحولوا الموضوع لقضية وطنية يأخذون موضعنا= الموضع هنا المقصود به الهيكل. أمتنا= فقدان حريتهم السياسية والدينية. ويتضح من هنا نفاقهم فالرومان كانوا يحتلونهم فعلًا ومسيطرين على بلادهم. ولكن كان الخوف على مراكزهم وأموالهم ومن أن يسلبهم المسيح من نفوذهم وسلطانهم على الشعب. وأكثرهم خوفًا كان قيافا رئيس الكهنة. وبحكم مركزه كان رئيسًا لمجمع السنهدريم (مجلس الشيوخ اليهودي) والذي كان له السلطان الأعلى على اليهود في أمور دينهم ودنياهم. وله تجارته في الهيكل وله منها مكاسب مادية ضخمة خاف من ضياعها. ونلاحظ أنه إذا انطلق الفكر من زاوية المصالح الشخصية يضل الإنسان. ولقد هدم الهيكل فعلًا. ولكن بسبب ثورات اليهود ضد الرومان، ولأن الله كان قد تخلى عنهم إذ قتلوا يسوع.
آية (49): “فقال لهم واحد منهم وهو قيافا كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة انتم لستم تعرفون شيئًا.”
راجع أيضًا (يو12:18، 13+ 49:11+ لو2:3+ أع5:4، 6) فمن هو رئيس الكهنة؟ هل هو حنان أم قيافا أو كلاهما؟! يشرح يوسيفوس هذا الأمر بأن الوالي الروماني فاليروس جراتوس أسقط حنان رئيس الكهنة من رتبته سنة 14م. بعد أن كان قد شغلها 7سنوات. ولكن ظل تأثيره قويًا بسبب قوة شخصيته. حتى أن الشعب استمر يعترف به كرئيس للكهنة بالرغم من إقالته. وتوّلي بعده رئاسة الكهنة عدة أفراد من عائلته كان آخرهم قيافا، الذي شغل رياسة الكهنوت في الفترة من سنة 25- سنة 36م أي طوال فترة خدمة الرب يسوع. وكان قيافا معروفًا بالجهل والقسوة. وأسقطه الوالي فيتلوس الذي أتى بعد بيلاطس. لذلك فحينما ذهبوا بالسيد إلى حنان كان هذا من قبيل المجاملة ولقوة شخصيته ولكن رسميًا كان قيافا هو الذي سيصدر الأمر. وقول الكتاب في هذه السنة= لا تعني أن رئيس الكهنة يعين كل سنة بل تعني هذه السنة المقبولة التي تم فيها خلاص البشرية بصليب المسيح (لو19:4+ أش2:61). أنتم لستم تعرفون شيئًا= لماذا أنتم مترددون في اتخاذ قرار بقتل المسيح. عمومًا كان الرومان يخلعون ويعينون رؤساء الكهنة بكثرة، حتى أنهم عينوا 28شخصًا في هذا المنصب في نحو 107 سنة (يوسيفوس).
الآيات (50-53): “ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها.ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة. وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه.”
كان رأي قيافا هو موت المسيح لأنه مضِّل يُضِّلْ الشعب وموته خيرٌ من هلاك أمة بأسرها إذا أخذها الرومان. ولكن يوحنا رأى في كلمات قيافا نبوة عن عمل المسيح الفدائي فالمسيح مات فعلًا حتى لا يموت كل الناس. ورأي يوحنا أن رئيس الكهنة له هذه القدرة على التنبؤ بحكم منصبه كرئيس كهنة. فمواهب الرب لا تنقطع عن رجال الله بسبب فسادهم لأن هذه المواهب هي للخدمة. كانت نبوة قيافا صحيحة بالرغم من أنه كان له قصد مختلف لكن ما تفوه به كان حقًا. وبلعام فعل نفس الشيء بل هو كان كحمار بلعام.
آية (54): “فلم يكن يسوع أيضًا يمشي بين اليهود علانية بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البرية إلى مدينة يقال لها أفرايم ومكث هناك مع تلاميذه.”
ذهب يسوع إلى أفرايم على بعد 20 كم من أورشليم لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد. وليس خوفًا من الموت بل ليكمل رسالته. من هذه الآية نفهم أن الرب يسوع أقام لعازر قبل دخوله إلى أورشليم بعدة أيام.
آية (55): “وكان فصح اليهود قريبًا فصعد كثيرون من الكور إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم.”
هذا ثالث فصح يُذكر في إنجيل يوحنا (13:2 + 4:6). قريبًا= لقد اقترب عيد الفصح اليهودي واقترب أيضًا يوم الصليب يوم يُذبح فصحنا الحقيقي يسوع. فصعد كثيرون= يحدد يوسيفوس العدد الصاعد للفصح بحوالي ½ 2 مليون نسمة. ليطهروا أنفسهم= كان يمتنع على المنجسين أن يقدموا الفصح. ولكن كان التطهير الحقيقي آتيًا بدم المسيح. لذلك كانت الآية التالية مباشرة فكانوا يطلبون يسوع.
ولاحظ أن القديس يوحنا لا يقول عيد الفصح، بل يقول فصح اليهود فالفصح الحقيقي في نظره هو المسيح فصحنا، واليهود ما عادوا شعبا لله بعد ما فعلوه بالمسيح.
الآيات (56، 57): “فكانوا يطلبون يسوع ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل ماذا تظنون هل هو لا يأتي إلى العيد. وكان أيضًا رؤساء الكهنة والفريسيون قد اصدروا أمرًا أنه إن عرف أحد أين هو فليدل عليه لكي يمسكوه.”
كان قرار السنهدريم ورؤساء اليهود أن من يعرف طريق يسوع يسلمه لهم أو يخبرهم بمكانه ليقتلوه، كان هذا القرار قد انتشر وذاع خبره بين الشعب فتساءلوا هل يأتي المسيح إلى الفصح وهو عالم بهذا القرار أم يخشى الموت!! وهل يخشى الموت من له سلطان على الموت وقد أقام لعازر. وكان الشعب متلهفًا على رؤية من أقام لعازر من الأموات بعد أن أنتن. وهم واقفون في الهيكل= حيث كان يسوع يعلمهم (يو7، 8).
تفسير يوحنا 10 | تفسير إنجيل القديس يوحنا القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يوحنا 12 |
تفسير العهد الجديد |