الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد
تفسير سفر الرؤيا اصحاح 16 – كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
الأصحاح السادس عشر
سبع جامات غضب الله
مقدمة عامة للأصحاح:
يأتي هذا الأصحاح استكمالًا لما أشار إليه الأصحاح الخامس عشر (ضربات السبعة ملائكة) وهو يصفها هنا بالتفصيل، ويلاحظ في هذه الضربات السبعة الآتي:
أولًا: تشابهها لحد كبير مع الضربات العشر التي ضرب بها الله المصريين مع اختلاف كونها رمزية لها مدلولات روحية بينما الضربات العشر كانت كما تكلم بها الله حقيقية تمامًا.
ثانيًا: أنها تشابه أيضًا الأبواب السبعة التي كانت تحمل ضربات وانتقامًا أيضًا، ولكنها أكثر شدة من ضربات الأبواق (رؤ8-6).
(1) الجام الأول (ع1-2):
1 وسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ الْهَيْكَلِ، قَائِلًا لِلسَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ: «امْضُوا وَاسْكُبُوا جَامَاتِ غَضَبِ اللهِ عَلَى الأَرْضِ.» 2 فمَضَى الأَوَّلُ وَسَكَبَ جَامَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحَدَثَتْ دَمَامِلُ خَبِيثَةٌ وَرَدِيَّةٌ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ بِهِمْ سِمَةُ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِصُورَتِهِ.
ع1: جامات: جمع جام والجام هو إناء يشبه الكأس.
سمع القديس يوحنا الأمر الصادر بالبدء في تنفيذ أي سكب هذه الضربات (الجامات) على الأرض، ويصف الصوت بأنه كان عظيمًا للدلالة على شدة الأحداث التالية وخروج هذا الصوت من الهيكل معناه أنه يمثل الإرادة الإلهية.
ع2: فمضى الأول: أي أول الملائكة الممسكين بالجامات.
دمامل خبيثة: أي غير قابلة للشفاء وغير معروفة للأطباء.
بعد صدور الأمر للملائكة قام الأول بالتنفيذ وشملت ضربته الأرض، ولكن لم تصب كل سكانها بل من تبع الشيطان وابتعد عن طريق الحق الإلهي. وضربة الدمامل هذه تشابه الضربة السادسة التي ضرب الله بها المصريين ويزداد الشبه أيضًا في أنها لم تصب كل من كان في أرض مصر بل من كان لهم “سمة فرعون” أي الوثنيين أما شعب الله فكان محفوظًا منها.
أما الدمامل فهي تشير إلى الإضطراب والقلق، فانتشارها في الجسد يُذهب الراحة منه كذلك رائحتها النتنة تشير إلى تجاديف الناس اللذين لهم صورة الوحش، وأشد ما في هذه الضربة أنها ضربة بلا علاج وما أسوأ أن يتألم الإنسان بألم لا شفاء منه ولا نهاية له.
† يا إلهي أليس هذا ما يحدث فعلًا لكل من ترك الطريق وسجد للوحش، أي أسلم ذاته للعالم وسلطانه وملذاته فتكون النتيجة قلقًا وتعبًا وألمًا لا نهاية له إلا بالعودة لأحضانك والتمتع بحضرتك.. أشكرك يا إلهي لأن كل من يحيا معك أعطيت له الحصانة من مثل هذه الضربات الموجعة.
(2) الجام الثاني والثالث (ع3-7):
3 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الثَّانِي جَامَهُ عَلَى الْبَحْرِ، فَصَارَ دَمًا كَدَمِ مَيِّتٍ. وَكُلُّ نَفْسٍ حَيَّةٍ مَاتَتْ في الْبَحْرِ. 4 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الثَّالِثُ جَامَهُ عَلَى الأَنْهَارِ وَعَلَى يَنَابِيعِ الْمِيَاهِ، فَصَارَتْ دَمًا. 5 وسَمِعْتُ مَلاَكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ: «عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِى كَانَ وَالَّذِى يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هَكَذَا. 6 لأَنَّهُمْ سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ، فَأَعْطَيْتَهُمْ دَمًا لِيشْرَبُوا، لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ.» 7 وسَمِعْتُ آخَرَ مِنَ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: «نَعَمْ، أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، حَقٌّ وَعَادِلَةٌ هي أَحْكَامُكَ.»
ع3: تذكرنا هذه الضربة بضربة البوق الثاني التي أخذت بثلث البحر (ص8: 8) فقط أما هنا فالضربة من شدتها شملت البحر وكل ما فيه.
البحر: يشير للعالم المضطرب بأفكاره وأفعاله.
صار دما: أسوأ صورة تجزع النفس البشرية من النظر إليها.
كدم ميت: أي دم جامد فقد الحياة والحركة الذاتية التي يحملها وبالتالي هو دم مُجلط وعفن.
كل نفس.. ماتت: المقصود الناس التي يجرفها العالم في تياراته ولا تحمل هوية روحية ولم تستجب لله ونداءاته.
يستخدم الوحى الإلهي أكثر الصور قسوة على النفس لتصوير حالة من يأتي عليهم غضب الله.. والغرض الأول من هذا الوصف الصعب هو حمل الناس على التوبة والرجوع فتكون لهم النجاة من هذه الويلات.
ع4: ما حدث في البحر شمل أيضًا الأنهار كلها والتي ترمز دائمًا إلى مصادر الحياة وكأن الله يريد أن يقول لنا أن الموت سوف يكون عامًا شاملًا كل شيء، وهذه الضربة تذكرنا بالضربة الأولى التي ضرب بها الله فرعون وأرض مصر أيضًا (خر7: 19).
ولعل أيضًا الأنهار والينابيع تشير إلى الهراطقة الذين كانوا أولًا نبعًا للتعليم والإيمان السليم ثم انحرفوا وصاروا يقدمون ماءً سامًا وتعليمًا مخالفًا لما استلمته الكنيسة، ولهذا استحقوا جام غضب الله.
ع5-7: لأنهم سفكوا..: الكلام هنا يعود على أتباع الوحش الذين يحملون سمته ويضطهدون كنيسة الله، أو على الهراطقة الذين أتعبوا الكنيسة بهرطقاتهم.
لصعوبة وشدة هذه الضربة جاء الكلام على لسان الملاك يوضح أن ما حدث كان مرتبطًا بعدل الله المطلق وفصاحته وجاء كلام الملاك في صورة:
1- تسبيح لاسم الله: إذ مجَّد الله الكائن الأزلي الأبدي وأبرز صفة عدله المطلق في أحكامه.
2- توضيح أن ما يحدث للأشرار هو ما يستحقونه بالفعل وأن العقاب جاء بمثل نوع الخطأ (ع8) ولأنهم سفكوا دماءً أعطوا أن يشربوا دمًا، “فإن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا” (غل6: 7).
3- إعتراف (ع7): أي أعلنت باقي الخليقة السمائية، في شخص الملاك الآخر، إيمانها بما نطق به الملاك الأول بأن الله هو الحق والعادل في كل أحكامه ويجازى كل واحد بحسب استحقاقه وإن كان يطيل أناته على الأشرار ولكن قصاصه باقٍ لمن لا يتوب.
† إلهى ومخلصى الصالح، ما أن تقع عيناى على الكلمات التي تتحدث عن عدلك ومجازاتك إلا وأجد نفسي مرتجفا متذكرا خطاياى ولا ينقذنى من هذا سوى تذكر مراحمك الواسعة جدًا لكل من يطلبها… ولهذا أصرخ مع كل شعب كنيستك “كرحمتك يا رب ولا كخطايانا”.
(3) الجام الرابع والخامس (ع8-11):
8 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الرَّابِعُ جَامَهُ عَلَى الشَّمْسِ، فَأُعْطِيَتْ أَنْ تُحْرِقَ النَّاسَ بِنَارٍ، 9 فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقًا عَظِيمًا، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الذي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيعْطُوهُ مَجْدًا.
10 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ جَامَهُ عَلَى عَرْشِ الْوَحْشِ، فَصَارَتْ مَمْلَكَتُهُ مُظْلِمَةً. وَكَانُوا يَعَضُّونَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْوَجَعِ. 11 وجَدَّفُوا عَلَى إِلَهِ السَّمَاءِ مِنْ أَوْجَاعِهِمْ وَمِنْ قُرُوحِهِمْ، وَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِهِمْ.
ع8-9: يُفْتَرَض في الشمس أن تكون مصدر الدفء والنور والبهجة كما هي من أساسيات الحياة ولكنها تحولت لأداة حرق وألم شديد، والمعنى المقصود من ذلك أن كل ما كان سبب بركة أو افتخار أو تعزية.. صار سبب ألم وضيق، والنار هنا مجازية فليس من المعقول أن من احترق احتراقًا عظيمًا لا يزال حيًا ويجدف على اسم الله، ولكن هذا ينطبق بالأكثر على الخيرات المادية التي يعطيها الله للإنسان، ولكن بسبب انغماس وانشغال الناس بها تتحول إلى نار حارقة مقلقة تفقدهم سلامهم بل تلتهمهم وتفترسهم فينسون الله، وبدلًا من عودتهم إليه واعترافهم بخطاياهم حتى تعود البركة إليهم، يجدفون على اسمه ويرفضونه فتزداد كآبتهم وضيقاتهم ويتألمون بها.
ع10: جاء الانتقام الإلهي الخامس موجهًا إلى مملكة الوحش ذاته وهي كل قوة مضادة لملكوت المسيح، ولأنهم هم مملكة الظلام نفسها صار انتقام الله منهم بأن يصيبهم بظلام أكثر فيصبحوا كالعميان المتخبطين، ولبيان شدة آلامهم من هذه الضربة، يصورهم الوحى بأنهم “يعضون ألسنتهم“، فمن المعروف أن عضّ اللسان شيء مولم جدًا على الإنسان، فكم يكون إذًا الوجع الأكبر الذي يجعل الإنسان يعضّ لسانه؟!
ع11: كمثل كل السابقين لم تأت هذه الضربة بتوبتهم بل على العكس صاروا من ظلمة إلى ألم “قروح” ومن ألم إلى يأس فجدَّفوا على اسم الله العلى.
† ليتك يا أخى تستخدم العالم ولكن لا يتسلط عليك ولا تتعلق به، فلا تعطى لنفسك كل ما تشتهيها واستخدم كل شيء بمقدار حتى لو كان لديك القدرة أن تشترى وتمتلك كل ما تريد. وهنا تظهر أهمية الصوم والإلتزام به، فهو يساعدك على ضبط نفسك فلا تستعبدك هذه الشهوات ويعجز إبليس عن محاربتك بها فيكون لك خلاص من هذه الضربات التي تصيب الأشرار المنغمسين في العالم.
(4) الجام السادس (ع12-16):
12 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ جَامَهُ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْفُرَاتِ، فَنَشِفَ مَاؤُهُ، لِكَىْ يُعَدَّ طَرِيقُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ. 13 ورَأَيْتُ مِنْ فَمِ التِّنِّينِ، وَمِنْ فَمِ الْوَحْشِ، وَمِنْ فَمِ النَّبِىِّ الْكَذَّابِ، ثَلاَثَةَ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ شِبْهَ ضَفَادِعَ، 14 فإِنَّهُمْ أَرْوَاحُ شَيَاطِينَ صَانِعَةٌ آيَاتٍ، تَخْرُجُ عَلَى مُلُوكِ الْعَالَمِ، وَكُلِّ الْمَسْكُونَةِ لِتَجْمَعَهُمْ لِقِتَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ. 15 «هَا أَنَا آتِى كَلِصٍّ. طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَلاَّ يَمْشِىَ عُرْيَانًا فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ.» 16 فجَمَعَهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الذي يُدْعَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ «هَرْمَجَدُّونَ.»
ع12: كانت بابل هي مملكة الشر التي سبت واستعبدت شعب الله وصارت رمزًا لكل الشر وسطوته في الكتاب المقدس، وجاء هنا الغضب الإلهي موجهًا إلى أشهر أنهارها (الفرات) وسبب فخرها وخيرها، فيجففه الله، أي يحصر مجدها في إشارة إلى بدء زوالها ونهاية إثمها.
ملوك من مشرق الشمس: بعد أن أزال الله مجد بابل بتجفيف نهرها (الفرات)، يخرج من عند الله أي من الشرق ملوك يملكون بدلًا من بابل، وهذا ما حدث عندما أزالت مملكة مادي وفارس الإمبراطورية البابلية ويحدث في النهاية عندما يملك المسيح بعد أن يزيل مملكة الشيطان.
ع13: يلاحظ أن الأعداد من (15-16) تصور منظرًا إعتراضيًا ما بين الجام السادس والجام السابع.
التنين.. الوحش.. النبي الكذاب: هم الثلاث قوى التي يستخدمها الشيطان والذين جاء ذكرهم في (ص13)، ولكن أعيد تسمية الوحش الثاني (ص13: 11)، “النبى الكذاب” هنا.
رأى القديس يوحنا الشيطان هنا في صورة جديدة تدل على صفاته بالأكثر إذ خرج من أفواه الثلاثة، ثلاثة أرواح نجسة على شكل ضفادع.. فلماذا ضفادع إذًا…؟! إلاّ لأنها تمثل الشيطان أفضل تمثيل:
1- فالضفادع تتواجد في البرك والمناطق الوحلة الطينية (فهذا هو مكان ومكانة الشيطان).
2- الضفدع حيوان قبيح اللون والشكل.
3- الضفدع حيوان ليلى موطنه ومكانه الظلمة دائمًا.
4- الضفدع حيوان صوته (نقيقه) يزعج ويقلق الناس الذين يسمعونه (كما يفعل الشيطان مع أبناء الله).
ع14: تخرج هذه الشياطين بآيات وعجائب تصل لحد المعجزات وهي تعلم أن هذه هي حربها الأخيرة (وخاصة بعد أن جفَّ نهر الفرات)، فتجتهد لتجمع كل أبنائها من رؤساء هذا العالم الأشرار لمقاتلة أولاد الله في حربها الأخيرة معهم.
اليوم العظيم: هو يوم قضاء الله العادل والأخير أي يوم الدينونة.
الله القادر: أي مهما فعل الشيطان فالنصرة لله وحده.
ع15: ها أنا آتى كلص: الكلام هنا للسيد المسيح، ومعناه أنه يأتي فجأة وبلا تحديد لزمن مجيئه.
يحفظ ثيابه: أي مستعدًا بثياب الفضيلة والبر.
لئلا يمشى عريانًا: أي من يجده المسيح غير مستعد في وقت مجيئه سوف يكون مفضوحًا أمام الناس ويرون خزيه.
هذه الآية إعتراضية بين الأعداد (15-16) وهي دعوة من المسيح لكل تابعيه بوجوب السهر والإستعداد لمقالاته في أي وقت.
† تفهمى يا نفسي ذلك اليوم الرهيب واستيقظى وأضيئى، مصباحك بزيت البهجة، لأنك لا تعلمين متى يأتي نحوك الصوت القائل هوذا العريس قد أقبل، فانظرى يا نفسي لا تنعسى، لئلا تقفى خارجًا مثل الخمس عذارى الجاهلات بل اسهرى متضرعة لكي تلتقى بالمسيح الرب… وينعم عليك بعُرس مجده الإلهي الحقيقي… (من صلوات الأجبية).
ع16: فجمعهم: أي الشيطان بأرواحه النجسة جمع كل أتباعه وجيوشه.
هرمجدُّون: كلمة عبرية معناها جبل مجدو، وهو جبل معروف لليهود شهد أحداثًا تاريخية متنوعة مثل انتصار القضاة جدعون وباراق ودبورة، إذ علم الشيطان بقرب نهاية عمله على الأرض جمع كل طاقاته للحرب الأخيرة، وبالطبع “هرمجدون” هنا لا تشير إلى مكان محدد فالحرب ليست مادية ولكنها تشير إلى موقعة النهاية وانهزام الشيطان ودينونته الأخيرة.
(5) الجام السابع (ع17-21):
17 ثمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ جَامَهُ عَلَى الْهَوَاءِ، فَخَرَجَ صَوْتٌ عَظِيمٌ مِنْ هَيْكَلِ السَّمَاءِ، مِنَ الْعَرْشِ، قَائِلًا: «قَدْ تَمَّ.» 18 فحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ، وَحَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ صَارَ النَّاسُ عَلَى الأَرْضِ، زَلْزَلَةٌ بِمِقْدَارِهَا عَظِيمَةٌ هَكَذَا. 19 وصَارَتِ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ، وَمُدُنُ الأُمَمِ سَقَطَتْ، وَبَابِلُ الْعَظِيمَةُ ذُكِرَتْ أَمَامَ اللهِ، لِيعْطِيَهَا كَأْسَ خَمْرِ سَخَطِ غَضَبِهِ. 20 وكُلُّ جَزِيرَةٍ هَرَبَتْ، وَجِبَالٌ لَمْ تُوجَدْ. 21 وبَرَدٌ عَظِيمٌ، نَحْوُ ثِقَلِ وَزْنَةٍ، نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى النَّاسِ، فَجَدَّفَ النَّاسُ عَلَى اللهِ مِنْ ضَرْبَةِ الْبَرَدِ، لأَنَّ ضَرْبَتَهُ عَظِيمَةٌ جِدًّا.
ع17: عند سكب الملاك السابع جام غضب الله الأخير، أعلنت السماء أنه كملت الجامات السبع.
على الهواء: أي على مملكة الشيطان الذي اعتبر الهواء مسكنه وسلطانه (أف2: 2).
قد تم: ترادف كلمة “قد أكمل” التي نطق بها المخلص على الصليب، وتتفق مع عبارة “بها أكمل غضب الله” (رؤ15: 1).
ع18: تكرر تعبير “رعود وبروق وزلازل” في مواقع عدة في سفر الرؤيا مثل (رؤ 8: 5)، (رؤ 11: 19) وكلها صاحبت أحداث هامة، ولكـن هنا ولأن النهاية قد قربت، يوضح القديس يوحنا أنه لم يحدث مثلها أو في قوتها قبل ذلك وبمثل عنفها في كل عمر البشرية منذ خلقها.
ع19: المدينة العظيمة: رأى البعض أنها بابل؛ لأنها ترمز للشر ورأى البعض أنها أورشليم حيث صلب المسيح، ولكن في معناها الروحي هي مملكة الشيطان التي تفاخر بها.
ثلاثة أقسام: أي انهدمت وتبعثرت وفقدت قوتها، وعدد ثلاثة يمثل الكمال، أي كان خرابها كاملًا.
بابل العظيمة: ترمز هنا لمركز المدينة العظيمة ومكان عرش وكرسى الشيطان.
كان من أثر هذه الزلزلة العظيمة، أو كأس غضب الله الأخير إنهيار مملكة الشر وسقوط قوتها وسقط الشيطان نفسه وكذلك سقط كل أتباعه أي مدن الأمم، أما بابل -والتي ترمز لمركز الشر وعرش الشيطان- فقد ذُكِرَت منفصلة، لتوضيح أن لله قصدًا آخر في شأن عقابها عقابًا نهائيًا مضاعفًا، عبر عنه “بكأس خمر سخط غضبه” وهو تعبير في مجمله يعنى الغضب المذخر من الله طوال الأيام (مثل الخمر المعتق) ضد الشر ومملكته.
ع20: هذا العدد استكمال وتوضيح لصورة الزلزلة الشديدة التي لم يحدث مثلها على الأرض، إذ هربت الجزائر بمعنى تغطت بالماء واختفت ولم توجد الجبال بمعنى إنحلال عناصر الأرض وبداية اختفاء معالمها الجغرافية المعروفة.
ع21: بَرَد عظيم: مثال ضربة البرد على أرض مصر (خر9: 18-25). وتعنى تساقط الثلوج مع الصقيع.
ثقل وزنه: حوالي (17,5 كجم) والمعن المراد هو شدة ثقلها على الناس.
وأتى كمال هذه الضربة في أن الله أنزل بردًا على الناس لم يعرفه العالم قبلًا في شدته وقوته لعل من يتأمل ويتبين تكون له فرصة للتوبة، ولكن هيهات، فكما حدث قبلًا، جدف الناس على الله بدلًا من تقديم التوبة له. وهذا يدل على قسوة قلوب الناس وجحودهم في الزمن الأخير.
† إن حلَّت بك ضيقة فاحترس من التذمر وراجع نفسك لئلا تكون بسبب خطيتك وتهاونك أو تقصيرك في علاقتك مع الله، لأن كل الأشياء يسمح بها الله لخيرك واستكمال توبتك؛ وإن لم تكن بسبب خطيتك فاقبلها كتدبير إلهي يساعدك على الإرتباط به، وحتى لو لم تكن تفهم الآن، فقبولك لها يجعل الله يشرح لك فيما بعد حينها تستطيع أن تفهم.
تفسير رؤيا 15 | تفسير سفر الرؤيا | موسوعة تفسير العهد الجديد | تفسير رؤيا 17 |
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة | |||
تفاسير سفر الرؤيا | تفاسير العهد الجديد |