الآباء الغربيون قبل وبعد نيقية

الكنيسة في الغرب

لم يسفر الغرب عن مدارس لاهوتية تضاهي عظمة مدرسة الإسكندرية ومدرسة أنطاكية، ولم يوجد في الغرب أيضاً مجموعات محلية للاهوتيين عظام مثل الآباء الكبادوك الثلاثة. وقد تأثر كُتَّاب الغرب في حالات عديدة بللاهوت اليوناني(الشرقي) سواء المبكر أو المعاصر. ولكن مع ذلك نجد بين الآباء الغربيين في القرنين الرابع والخامس شخصيات قيادية رائدة ليس من يفوقها في الشرق، وكُتَّاب لهم جدارة عالية ليسوا أقل شأناً من الشرقيين.

وكان هناك مركزان واضحان على الشواطيء الجنوبية للبحر المتوسط في القرن الأول من الكرازة بالمسيحية، أحدهما القيروان Cyrenaica، وكان تابعاً لكنيسة الإسكندرية. والآخر قرطاجنة (مدينة تونس الحالية) وكان معرضاً بالأكثر للوقوع تحت تأثير كنيسة روما المجاورة له عبر البحر.

و يعتقد البعض بحسب التقليد أن هذه المنطقة من شمال أفريقيا التي تشمل قرطاجنة تدين ببشارتها بالإنجيل إلى روما. وقد كرز بالإنجيل في البداية، في أفريقيا كما في روما، باللغة اليونانية. كانت معظم اتصالات وعلاقات مسيحيي شمال أفريقيا هي بالعاصمة روما، يتأثرون بعمق بكل ما يحدث هناك؛ كل حركة فكرية وكل احدث يخص الأنظمة، الطقوس، الأدب، يجد له في الحال صدى في قرطاجنة.

 في ۱۸۰م أعلن ترتليان أن كنيسته الوطنية في قرطاجنة تنتمي مباشرة إلى كنيسة روما.

كانت كنيسة قرطاجنة قوية ذات تأثير في الجدالات اللاهوتية الدائرة في العالم المسيحي في الغرب والشرق، كما سنرى. وكانت المنطقة التابعة لكنيسة قرطاجنة تغطي تقريبا مناطق طرابلس وتونس والجزائر وشمالي المغرب الحالية. في مستهل القرن الثالث كان عدد المسيحيين يزداد بسرعة حتى أنه في عصر القديس كبريانوس كان هناك حوالي 150 إيبارشية وأسقف، أسقف قرطاجنة هو الأول بينهم.

 ترجم الكتاب المقدس إلى اللاتينية في قرطاجنة وليس في روما. وهناك في قرطاجنة بدأت المسيحية اللاتينية في الظهور والتعبير عن نفسها في نشاط متزايد في الكتابات اللاتينية (ترتليان والقديس كبريانوس وأرنوبيوس ولاكتانتيوس وأغسطينوس).

 دخلت المسيحية إلى شمال أفريقيا منذ عام 150م ثم بدأت في الاختفاء تدريجيا منذ دخول العرب في القرن السابع وحتى أواخر القرن الحادي عشر، حتى أنه منذ ذلك الحين وإلى عصرنا الحالي لا يوجد مسيحي واحد في ليبيا. وإن كنا نسمع في هذا القرن الـ۲۱ عن كثير من المغاربة والتونسيين يعودون إلى الإيمان المسيحي بفضل وسائل الاتصال الحديثة والانفتاح الثقافي.

الآباء والكُتَّاب الغربيون ما قبل نيقية:

الآباء والكُتَّاب الغربيون ما بعد نيقية:

زر الذهاب إلى الأعلى