تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 للأنبا بولس البوشي
الأصحاح الثاني
رؤ 2: 1-7
من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة أفسس، هكذا يقول الضابط، الذي السبع كواكب بيده اليمنى، السالك في وسط السبع مناير الذهب، إني عارف بأعمالك، وتعبك، وصبرك، وأنك لا تقدر (أن) تحتمل الشر، وقد جربت القائلين أنهم رسل، فوجدتهم كذبة وليس هم رسلاً، وأنت فقد صبرت واحتملت لأجل اسمي ولم تضجر. ولكني واجد عليك(أي لائم لك)، لأجل تركك المحبة القديمة. فاذكر الآن كيف سقطت وتُب، وإلا أنا آتي وأزعزع منائرك من مواضعها إذا لم تتب. ولكن هذا الشيء عندك، أنك أبغضت أعمال الشعوب الغريبة[1]، التي أنا أبغضها. من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة، المغروسة في وسط الفردوس الإلهي» (رؤ 2: 1-7).
التفسير: یعنی «بملاك الكنيسة» رئيس البيعة، والوصية جامعة له ولرعيته، فقصد السبع نواحي التي كان يوحنا الإنجيلي بشر فيها، والوصية جامعة لهم ولكل المؤمنين مثلهم. فابتدأ بذكر الأسقف، الذي كان بأفسس، لأنه الأول، كما قال لهم بولص: «انظروا لكل الرعية التي أقامكم عليها الروح القدس أساقفة». فأول ما حذرهم الرسول، ثم ألزم الرعية لهم لأن عيبها يلزمهم، كما في الوصية الرسولية.
فأما قوله: «هكذا يقول الضابط الذي السبعة كواكب بيده اليمنى»، عني يده المنيعة (أي) قوة إلوهيته، الضابطة الكل. لأن اليمين هي القوة، ليست يمينا محسوسة، بل كما قال داود النبي: «يمين الرب رفعتني، يمين الرب صنعت القوة». وأيضاً مكتوب في التورية: «بقوة ذراعك سحقت المناصبين لنا» . وقوله: «السالك في وسط السبع منائر»، الذي ذكر أولاً أنهم السبع كنائس، يعني أنه حال في كل مكان بقوة لاهوته المالئ الكافة، محتوي على الكل، ولا شيء يحتويه. فلهذا قال: «إني عارف بأعمالك، وتعبك وصبرك»، يعني أن كل شيء مكشوف أمامه، وعلمه محيط بكل شيء وأعمالنا الصالحة والرديئة. فمدح صبره وتعبه ثم عرفه ضعفه البشري، عند احتمال الشرور والبلوى، لكي يتضع، ويطلب المعونة منه.
وقوله عن الرسل الكذبة، شبيهاً بما قال الرسول الإلهي بولس أنهم: «رسل كذبة وأنبياء غدرة يشبهون نفوسهم برسل المسيح» وما يتلو ذلك، فقد يجب الحذر منهم. وقوله إنه «واجد عليه لتركه المودة القديمة»، يعني (تركه) الحرارة الأولى المتحركة فينا من جهة النعمة، وأنه لم يدم فيها، فلهذا قال: «إني واجد عليك»، أي لائم لك، تنازل معنا نحن الضعفاء كصالح ومحب البشر، لم يعجل علينا بالقضاء، بل أعطانا مهلةً وسعة للتوبة، ليرينا جوده ومحبته لنا وإرادته إقامتنا.
ثم قال: «اذكر الآن كيف سقطت وتب»، عرف كافة الرعية أنه يذكر لكل واحد نوع هفواته، (وأنه يجب أن) يتوب في سببها قبل الوفاة. ثم أضاف القول: «إذا لم تتب أنا آتي إليك، وأزعزع منائرك من مواضعها»، أرانا كمثل أب حنون، شفقته أولاً وعتابه؛ وعرفنا مثل ملك جبار، نفاذ انتقامه، إذا تمادينا على المعصية إلى الوفاة.
ثم عطف وقال: «ولكن هذا الشيء عندك، أنك باغض أعمال الشعوب الغريبة، التي أنا أبغضها»، يعني أنك باغض الخطيئة التي باغض لها، بل وأنت متهاون بالتوبة، فلهذا لم أرفضك بالكلية، بل أنا أحب أن ترجع عما أنت عليه، كارها فيه، لتكون كاملاً، ويظهر برك قدامي، ويكون أجرك مضاعفاً. وقوله له: «أذنان سامعتان فليسمع»، يعني ليس هذا القول لازم لشعب دون شعب، بل لكل من له سمع وفهم.
ثم قال: «ما يقوله الروح للكنائس»، يعني روح الله لكافة جماعة المؤمنين.
ثم قال: «من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة»، لم يعن عليه حرباً محسوسة، بل (عليه أن) يغلب الرذيلة بالفضيلة، وعند ذلك ينال الحياة المؤبدة مع الله بلا انقضاء. قال: «التي في وسط فردوس إلهي»، لأن وسط الشيء غاية كماله، (أي) في أحسن ما يكون في الملكوت المؤبدة والفردوس المشتهى من الكل، ذي الأثمار الفاضلة، الكثيرة الأنواع. وقوله: «إلهي» لأجل تجسده بجسد كامل ذي نفس عقلية، كاملاً مثلنا في كل شيء، ما خلا الخطية.
وسمّى البشرية إخوته كالمكتوب: «إني أبشر باسمك إخوتي»، وأيضاً الرسول يقول: «كما أن الأبناء اشتركوا في اللحم والدم، كذلك هو أيضاً اشترك في هذه الأشياء مثلهم». وكما أظهر فعل إلوهيته بقوة الآيات، كذلك أيضاً أظهر نوع تجسده بهذه الأشياء، فهو إله متأنس وله الفعلان جميعا، الذي يليق باللاهوت والذي يليق بالتجسد أيضا.
رؤ2: 8-11
من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة اسمرنا، هكذا يقول الأول والآخر، الذي صار ميتاً وعاش، إني أعرف حزنك ومسكنتك، وغناك، ولم أجد أحداً من الذين يقولون إنهم يهود، وليس هم كذلك، بل مجمع الشيطان. فلا تخف من الأحزان، الذين يأتون عليك، لأن الشيطان سوف يلقي قوماً منكم في الحبس، ليجربكم ويضيق عليكم عشرة أيام، فكن أميناً إلى الموت، وأنا أعطيك إكليل الحياة. من له أذنان سامعتان فتسمع ما يقوله الروح للكنائس. والذي يغلب لا يقهره الموت الثاني» (رؤ2: 8-11).
التفسير: ذكر رئيس كنيسة اسمرنا، ونواحيها قائلاً: «هكذا يقول الأول والآخر»، يعني أنه الإله بالحقيقة، الذي ليس له ابتداء ولا انتهاء. وإذا سمعت الألفاظ المتنازلة لأجل التدبير البشري وكيفية التجسد، فلا تدع من قلبك هذه الألفاظ العالية التي تليق بالألوهية، وهو هذا (أن) الواحد فاعل العجائب (هو نفسه) القابل الآلام.
وقوله: «الذي صار ميتاً وعاش»، يعني أنه قبل الآلام والموت بالجسد، من غير خيال). وهو الحياة الحي المحيي بقوة لاهوته، الغير متألم في طبعه، غير المائت، كما قال الكبير كيرلس رئيس أساقفة الإسكندرية:
[إذ (أن) الرب غير منظور ولا محسوس في جوهر لاهوته، اتحد بجسد بشري ليقبل به الآلام والموت عنا، ولم يتحد به خلواً من النفس العقلية، بل بنفس عاقلة ناطقة، التي لها قبول الآلام، وملاقاة الموت، فتألم بالجسد، والجسد فهو له بالاتحاد، فلهذا حسبت له الآلام من حيث الاتحاد، لا من حيث الاستحالة].
وقوله: «إني عارف حزنك» وما يتلوه، يعني أنه عالم بكل شيء كما تقدم القول في التفسير. وأما قوله: «لم أجد أحداً من الذين يقولون إنهم يهود وليس هم يهوداً، بل مجمع الشيطان»، لأن اليهود كانوا يسمون أطهاراً من أجل الختان، الذي يسمونه طهارة، كما تجد الأمم يسمونه بهذا (الاسم) إلى اليوم، وهو بالضد من ذلك، بل إنما هي رمز على تطهير المعمودية المقدسة، كما كتب الرسل الأفاضل أن الرب أعطانا المعمودية عوض الختان، وجسده ودمه عوضاً من لحم الخراف. والرسول الإلهي بولس يعلم قوة ذلك، فقال: «ليس من انتحل اليهودية هو يهودي، بل اليهودي من كان يهودي السريرة، والختان فهو ختان القلب من تلقاء الروح». عني الرسول باليهودية النقاوة، ليس بالاسم ولا بالختان، بل نقاوة القلب وطهارته، من تلقاء الروح القدس بالمعمودية. فلهذا قال في الأبوغالمسيس: «ليس هم كذلك بل مجمع الشيطان»، لأنهم تمسكوا بالظل وتركوا الحقّ، فلهذا استولى عليهم الشيطان، لما خذلهم الله من عنايته، لكفرهم.
ثم شجع الجماعة أن لا تخف من الأحزان المترادفة عليهم، من أجل فعل الصلاح. ثم عرّفهم أن الشيطان يجرب قوماً منهم وهم الأقوياء الذين فيهم، ويضايقهم عشرة أيام، لأن العشرة هي عقد العدد، ومنها يبتدئ، فعني (بالرقم عشرة) إلى الوفاة. فبين ذلك قائلاً: «فكن أميناً إلى الموت، وأنا أعطيك إكليلاً». كما قال: «الذي يصبر إلى المنتهى يخلص». ثم أعلمنا الكافة ما هذا الإكليل والخلاص، فقال: «الذي يغلب لا يقهره الموت الثاني»، كما شهد في الإنجيل أن المؤمنين به العاملين وصاياه لا يذوقون الموت، بل ينتقلون من الموت إلى الحياة.
رؤ2: 12-17
من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة برغاموس، هكذا يقول صاحب السيف ذي حدين، قد عرفت أنك موضع كرسي الشيطان، وأنك متمسك باسمي ولم تجحد الإيمان بي، وأنك قد ثبت في الأيام التي قتلوا فيها الشاهد الأمين. ولكن عندك أسماء قلائل قد تمسكوا بتعليم بلعام، الذي علم بالق، أن يلقي الشكوك أمام بني إسرائيل، ليأكلوا ذبائح الأصنام ويزنوا. وهكذا عندك قوم متمسكين بأعمال الشعوب، فإن لم تتب وإلا أنا آتي إليك، وأجازيك بسيف في، من له أذنان سامعتان فليسمع، ما يقوله الروح للكنائس. الذي يغلب أنا أعطيه من المن المخفى، ولباساً أبيض وعليه اسم جديد مكتوب لا يعرفه إلا الذي أخذه» (رؤ2: 12-17).
التفسير: أمر رئيس كنيسة برغاموس قائلاً: «هكذا يقول صاحب السيف ذي حدين»، يعني نفاذ كلمته الماضية، كما يقول الرسول بولص. وقوله: «قد عرفتُ أنك موضع كرسي الشيطان»، غني بقية القوم الذين عندهم فضلة عبادة الأوثان، لأن حيث يكون بربا[2] الأصنام، يكون كرسي الشيطان بلا شك. وقوله: «إنك متمسك باسمي» يعني القوم المؤمنين الثابتين في وسط الكفر، بلا ارتياب.
وأما قوله: «إنك ثبت في الأيام التي قتلوا فيها الشاهد الأمين» عني بهذا (الذي ثبت) خاصة الإنجيلي يوحنا، رأس السبع كنائس المُشار إليها، لأنهم مساهموهم في الوصية، هذا الذي ثبت بجلد ومحبة عند صلبوت الرب دون كافة إخوته الرسل، حتى نظر الغاية. وسمّى الرب ذاته «الشاهد الأمين»، وهكذا أيضاً سمّاه رسوله بولص قائلاً: «الذي شهد قدام بيلاطس شهادة حسنة، جاءت في وقتها»، وذلك أنه قال لبيلاطس إن «مملكته ليست عالمية تزول بل أبدية تدوم»، وأنه «لهذا ولد وجاء إلى العالم»، عني أنه كائن منذ الأبد، قال: «لكيما أشهد بالحق، وكل من هو من الحق يسمع صوتي». وقال لرئيس الكهنة ومجمع اليهود: «إنكم من الآن ترون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة آتياً على سحاب السماء»). وحتى إلى وقت إسلام النفس أعلن ذاته أنه ابن الله، عندما صرخ بصوت عظيم: «يا أبتاه في يديك أسلم روحي». وإنما أعلمنا بهذا أن نموت على الحق، ولا نرتاب في شيء ولا نميل إلى الباطل. (وقد) اتّبع أثره الشاهد الفاضل أول الشمامسة استافائس مقدم الشهداء، عندما أقاموه في المجمع وشهدوا عليه بالزور أنه يجدف على الناموس)، فلم ير ذلك الفاضل أن يقتل على هذا الظن الرديء، فابتدأ من إبراهيم رأس الآباء وتحض المعنى أولاً فأول إلى موسى واضع الناموس، (بل) وإلى أيامه، بوجيز من القول. ثم أعلمهم أخيراً أنهم (هم) الذين لم يحفظوا الناموس، بل (وأنهم) مقاومون للأنبياء، ولم يقبلوا مجيء البار القدوس الذي شهدت له الأنبياء، فإنهم لم يزالوا في كل زمان وحين مقاومين للروح القدس، وأنهم قبلوا الوصية ولم يحفظوها، فلهذا مات على شهادة الحق وصار أول الشهداء.
وقوله: «عندك أسماء قلائل قد تمسكوا بأعمال الشعوب» أعني بقية عبدة الأوثان، فإذا لم يتوبوا، فهو يأتي عليهم بالموت سريعاً ويهلكهم بكلمته، التي هي أحد من سيف ذي حدين. ثم كرز لكل البيع: «من له أذنان سامعتان فليسمع» ليعلمنا أن الأمر واصل لكل المؤمنين.
وقوله: «الذي يغلب أنا أعطيه أن يأكل من المن المخفى» أعني ليس كالمن المحسوس الذي أكله بنو إسرائيل الجسدانيون وماتوا، لأن ليس به الغاية. قال: «ولباس أبيض وعليه اسم مكتوب» لم يعن لباسًا محسوسا، بل ضياء نفوس الصديقين وأجسامهم معا في القيامة الجامعة، كما شهد قائلاً: «إن الصديقين يضيئون مثل الشمس في ملكوت أبيهم»، وقوله: «إلا الذي أخذه» كالمكتوب أنه: «لم تر عين ولم تسمع به أذن ما أعده الله لمحبيه»، وبحق أنه يزيد يزيد عن الوصف، فلهذا لا يعرف تلك الكرامة على التحقيق إلا الذي ينالها.
رؤ2: 18-29
من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة تاديرا، هكذا يقول ابن الله، الذي عيناه كلهيب النار وقدماه كمثل النحاس المسبوك: إني عارف بجميع أعمالك وإيمانك ومحبتك وخدمتك وصبرك، وأن أعمالك الأخيرة أصلح من الأولى. بل أنا واجد عليك لتركك إزبال[إيزابل] القائلة إنها نبية، وهي مودية، وتضل عبيدي ليزنوا ويأكلوا ذبائح الأصنام. وقد أعطيتها الآن وقتاً لتتوب من زناها، ولم تشأ أن تتوب. وهو ذا أنا ألقيها على سرير الحزن العظيم، هي ومن يتفق معها، إذا لم تتب من أعمالها، وبنوها أهلكهم بالموت. و(هكذا) تعلم كل الجماعات إني فاحص القلوب والكلى، ومجازي كل واحد كنحو أعماله. وأقول لكم، أنتم الذين بقوا في تاديرا ممن ليس عندهم التعليم، ولم يعرفوا عمق الشيطان، كما يقولون، إني لا ألقي عليكم ثقلاً آخر سوى الذي تمسكتم به، أقيموا فيه إلى حين آتي. والذي يغلب أنا أعطيه سلطاناً على الأمم، يرعاهم بقضيب من حديد، ويسحقهم مثل آنية الفخار، كمثل ما أخذتُ أنا أيضاً من الآب. وأعطيه النجم الذي يشرق في أوان الصبح، من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس» (رؤ2: 18-29).
التفسير: أوعز إلى رئيس كنيسة ثياديرا قائلاً: «هكذا يقول ابن الله»، أعني (صفة) القدم والأزلية، التي له مع الآب. قال: «الذي عيناه كلهيب النار، وقدماه كالنحاس المسبوك»، عني أنه فاحص كل البرايا ويطلع على الكافة، وأن سبله بلا عيب، فاحص القلوب والكلى. قوله: «أعماله» من الإيمان والمحبة والخدمة والصبر. ثم مدح وقال: «إن أعمالك الأخيرة أصلح من الأولى»، لأجل استقامة أمورهم، ورجعتهم من هفواتهم.
ثم ذكر أنه «واجد عليه» ليس من أجل أعماله أنها رديئة، بل لتركي القوم العتاة بغير تأديب، وشبههم بأزبال الرديئة، وأنه إذا ترك تأديبهم ورخص لشعب المسيح عبيد الله أن يخالطوهم، أضلوهم واستمالوهم إلى نحو أعمالهم. فإن هذا واجب على كل الرؤساء، أن يعظوا شعبي ويصلحوهم ويحذروهم من معاشرة الرديئي السيرة، كما يعلمنا الرسول قائلاً: «تباعدوا من كل أخ رديء السيرة ولا يسير في الوصايا التي تعلمتموها منا».
وقوله: «أعطيتها وقتاً لتتوب»، أظهر كثرة تحننه وإمهاله له ليوسع لنا التوبة. وقال: «إذا لم تتب هو يجازيها، ومن يتفق معها في أعمالها»، عني بذلك الأمة الرديئة ومن يوافقها من المؤمنين، وذكر «كل الشعوب»، عني كافة المسكونة، ليعلموا «أنه فاحص القلوب والكلى»، لا يخفى عنه شيء، وهو ديان العدل وحده.
ثم ذكر القوم الساذجين منهم «الذين (لا) يعرفون عمق المجرب ولا يخالطون تعليم الأمم الكفرة»، قال إنه «لا يكلفهم مشقة بل (عليهم أن) يتمسكوا بتعليم الرسل إلى حين مجيئه»، عني ملاقاته بالوفاة. والذي يجده متمسكاً بذلك إلى المنتهى «أعطاه السلطان والعكاز الجديد» المكتوب في الزبور عني قوته المنيعة ليرض المقاومين مثل آنية خزف، لأن من شأن العكاز الحديد أن يسحق الخزف بلا صعوبة، وهكذا قوة الله تسحق الأفكار وكل قوة العدو، شبيهاً به، لأنه هو الفاعل في أولياه وعاملي وصاياه إلى الانقضاء، كما قال: «من دوني لا تقدرون على شيء».
وقوله: «كما أخذتُ من الآب»، لأنه بالتجسد صار البكر والمقدم لنا في الخيرات، كما يقول الرسول.
وقوله: «أعطيه النجم الذي يشرق في أوان الصبح» غني المعرفة التي تزيل عنا ظلمة الضلالة، وتكون متقدمة لإشراق شمس البر في قلوبنا، له المجد إلى الأبد آمين.
- تأتي في القبطية من الكلمة اليونانية النقولاويين، أو أتباع نيقولاوس. ولكن يبدو أن الكاتب قرأها وهكذا فهمها بمعنى الشعوب الأخرى أو الغريبة.
- بربا من الكلمة القبطية الصعيدية ومعناها هيكل أو معبد، وتأتي بالقبطي البحيري.
تفسير رؤيا 1 | تفسير سفر الرؤيا | تفسير العهد الجديد | تفسير رؤيا 3 |
الأنبا بولس البوشي | |||
تفاسير سفر الرؤيا | تفاسير العهد الجديد |