تفسير رسالة كورنثوس الأولى أصحاح ١٤ للقمص تادرس يعقوب ملطي

الإصحاح الرابع عشر
التكلم بالألسنة

 

بعد أن تحدث الرسول عن “المواهب الروحية” وأوضح أهمية المحبة في ممارسة هذه المواهب، الآن يوضح مركز “التكلم بالألسنة” بين المواهب الأخرى، فيضعها في آخر القائمة، ويعالج المفاهيم الخاطئة لها وإساءة استخدامها. 

لقد سبق لي معالجة هذا الموضوع في نبذة سبق نشرها، وقد شعرت بأهمية عرضها هنا كملحقٍ لهذا الإصحاح. 

1. سمو النبوة عن التكلم بألسنة 1-5.

يسألهم الرسول أن يجتهدوا فيما تمتعوا به من مواهب روحية في حدودٍ معينةٍ، وأن يمتلئوا غيرة في التنبؤ أي كلمة الوعظ وتفسير الكتاب المقدس.

“اتبعوا المحبة…” [1]. 

هذه الآية تكملة الإصحاح السابق. يحثنا الرسول أن نتبع المحبة ونجاهد بكل غيرة لكي نقتنيها ونمارسها، فنحتمل ونصدق ونرجو ونحيا أشبه بملائكة اللَّه. قد تبدو الوصية صعبة، لكنها تصير طبيعية وسهلة لمن يسلم حياته في يد اللَّه، ويحسب الوصية وعدًا إلهيًا يُطالب اللَّه أن يحققها في حياته. من يختبرها بحق يجد فيها لذّة، لأنها تبعث في داخله سلامًا، هو عربون الحياة السماوية المطوبة.

بقوله: “اتبعوا المحبة” يعنى أن نجعلها هدفنا الرئيسي، إذ هي أعظم وأبقي من الإيمان والرجاء، نسعى إليها بالصلاة المستمرة والخضوع لمشيئة الروح (1 كو 12: 11، 31). يتطلع الرسول إلى المحبة كأغنى عطايا الروح القدس للمؤمن وأعظمها، ترفعه إلى السماء، وتهبه تذوقًا للشركة في سمات السمائيين، وتفتح أمامه باب الشهادة بالحب حتى نحو الأعداء المقاومين.

v لم يقل فقط “لنحب” إنما يقول: “اتبعوا المحبة” [1]. توجد حاجة إلى غيرة كثيرة… 

حب اللَّه هو الذي يوحد الأرض بالسماء. 

إنه حب اللَّه الذي أجلس الإنسان على عرش ملوكي.

محبة اللَّه هي التي أعلنت عن اللَّه على الأرض.

إنها محبة اللَّه التي جعلت الرب خادمًا. 

محبة اللَّه هي التي جعلت المحبوب يُسلَّم لأعدائه، يُسلَّم الابن لمبغضيه، الرب لخدّامه، اللَّه للناس، الحر للعبيد.

القديس يوحنا الذهبي الفم

“ولكن جدوا للمواهب الروحية،

وبالأولى أن تتنبأوا” [1].

إذ نحمل الحب نطلب المواهب الروحية، لأنه بدون الحب تصير المواهب علة كبرياء وحسد وغيره وصراعات وانشقاقات في الكنيسة.

إذ نتمتع بالحب ونمارس الحياة المطوّبة نجتهد في الشهادة للَّه بكلمة الكرازة وتفسير كلمة اللَّه، ولا نطلب التكلم بألسنة أو صنع المعجزات. إذ يقارن الرسول بين التكلم بالألسنة وشرح كلمة اللَّه أو النبوة يحثنا على الأخيرة بكونها الأفضل لبناء الجماعة.

يميز البعض بين “النبوة” و”التعليم“، فيروا أن النبوة تحمل التهاب القلب بروح اللَّه لسحب كل إنسان للإيمان الحي وخبرة الحياة الجديدة في المسيح يسوع. أما التعليم فهو كشف عن غوامض ما ورد في الكتاب المقدس، وتوضيح العقائد الإيمانية لأجل بنيان الكنيسة وبنيان كل مؤمن. النبوة والتعليم من مواهب الروح القدس، لا يمكن الاستغناء عن إحداهما.

v يقول بولس أن النبوة هي أعظم المواهب بعد المحبة لأنها لمنفعة الكنيسة وفائدتها, إذ بها يتعلم كل أحد أسس ناموس اللَّه.

أمبروسياستر

“لأن من يتكلم بلسانٍ لا يكلم الناس بل اللَّه،

لأن ليس أحد يسمع،

ولكنه بالروح يتكلم بأسرارٍ” [2].

يري دكتور لايتفوت Dr. Lightfoot أن اللسان غير المعروف هنا هو اللغة العبرية. إذ كانت نصوص العهد القديم تُقرأ بالعبرية، وهي تحوي أسرار اللَّه الفائقة من نبوات عن السيد المسيح ورموز وظلال. ولم يكن يقدر السامعون أن يفهموها ما لم يوجد من يترجمها إلى اللغة التي يعرفها السامعون. هكذا من يقرأ من العهد القديم يفهم ويتحدث مع اللَّه، أما السامعون فلا ينتفعون شيئًا. يحتاج القارئ أن يهبه الروح إمكانية الترجمة ليوضح أسرار اللَّه المخفية بلغة الشعب المستمع له.

لم يقلل الرسول من أهمية التكلم بألسـنة أجنبية متى وُجد أجانب، أو متى كرز الشخص بين أجانب [22]. إنما يقلل من شأنها متى كانت بلا نفع، وكان كل الحاضرين يتكلمون بلغة واحدة.

يقصد بالأسرار هنا الحقائق الإنجيلية السامية وخطة اللَّه للخلاص الفائقة للفكر البشري.

v ظن الكورنثوسيون أن موهبة التكلم بالألسنة موهبة عظيمة، لأن التلاميذ تسلموها أولاً, ولأنها تحمل مظهرًا عظيمًا. لكن هذا ليس بسبب حتى تُعتبر أعظم المواهب. السبب الذي لأجله نالها التلاميذ أولاً هو أنها علامة أن يذهبوا إلى كل موضع ويكرزوا بالإنجيل.

القديس يوحنا الذهبي الفم

وأما من يتنبأ،

فيكلم الناس ببنيان ووعظ وتسلية” [3].

من له موهبة النبوة أو الحديث الروحي الذي يسحب القلب نحو الحياة العتيدة والفكر السماوي أفضل ممن له موهبة التكلم بألسنة. يليق بالاثنين من له موهبة النبوة ومن له موهبة التكلم بألسنة أن يقدما ذات الحق الإنجيلي. يعمل الاثنان من أجل بنيان الكنيسة, أي استنارتها وتمتعها بروح القوة. 

ومن أجل الوعظ، أي الممارسة العملية للحياة الإيمانية الصادقة والسلوك المقدس في الرب. 

ومن أجل التسلية أو الراحة، ويعنى تشجيع المؤمنين بتقديم الوعود الإلهية وفتح أبواب الرجاء أمامهم، فيشعروا بالراحة وسط الآلام، والحياة المطوبة وسط الضيقات والاضطهادات.

v يُبنى الشخص عندما يجد الإجابة على النقاط موضع البحث، فيتشجع عندما يقدر أن يحتمل, ويتعزى عندما يستمر في الرجاء حتى إن تطلع الآخرون باستخفاف إلى نظامه. معرفة الشريعة تقوى نفسه وتشجعه ليترجى أمورًا أفضل.

أمبروسياستر

v يعتبر بولس هذه الموهبة سامية، لأنها تُستخدم لأجل الصالح العام. دائمًا يعطي كرامة أعظم للمواهب التي تستخدم لنفع كل أحدٍ.

القديس يوحنا الذهبي الفم

من يتكلم بلسان يبني نفسه،

وأما من يتنبأ فيبني الكنيسة” [4].

من يتكلم بلسان غير معروف للحاضرين لكنه بلغة مفهومة له فهو يدرك الحق، ويبنى نفسه في المسيح يسوع، لكنه لا ينفع الحاضرين في شيء. كمثال إذ يقرأ النصوص من العهد القديم بالعبرية يفهم أسرار اللَّه ويدرك خطته، أما من يحدث الشعب باللغة التي يفهمها فيبنى كنيسة اللَّه.

v الفارق بين الألسنة والنبوة بتدقيق هو الفارق بين النفع الفردي ونفع الكنيسة كلها.

القديس يوحنا الذهبي الفم

إني أريد أن جميعكم تتكلمون بألسنة،

ولكن بالأولى أن تتنبأوا،

لأن من يتنبا أعظم ممن يتكلم بألسنة

إلا اذا ترجم حتى تنال الكنيسة بنيانًا” [5].

واضح أنه يتحدث هنا عن لغات مفهومة وليس عن هلوسة غير معقولة، وكما يقول Lightfoot إذ يتكلم كثيرون باللغة العبرية يليق أن يترجم أحد ما قد قيل.

v في هذا النقطة قارن (الرسول) بين المواهب العظمى والأدنى الخاصة بالتكلم بالألسنة، مظهرًا أنها ليست غير نافعة تمامًا ولا أيضًا مفيدة جدًا في ذاتها. ففي الواقع كان ينتفخون جدًا بسببها، إذ كانوا يظنّون أنها موهبة عظمى. ظنّوا أنها عظيمة لأن الرسول نالها أولاً واستخدمها بطريقة رائعة، على أي الأحوال يلزم ألا يظنّوا أنها فوق كل المواهب الأخرى.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

v ولكن بالأولى” والأعظم؛ لا يفهم ذلك على أن التنبوء ضد التكلم بالألسنة، وإنما أسمى منها. هنا أيضًا واضح أنه لا يسيء إلى الموهبة، إنما يقودهم إلى ما هو أفضل، مظهرًا اهتمامه بمصلحتهم بروح لا تحمل حسدًا قط. إذ لم يقل: “أريد أن اثنين أو ثلاثة” بل “جميعكم تتكلمون بألسنة“. ليس هذا فقط وإنما “أن تتنبأوا“، وهذه أولى من تلك، “لأن من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة”. وإذ أثبت ذلك وبرهن عليه صار يدافع عنه بمهارة. لذلك يضيف: “إلا إذا تُرجم، أي إن كان قادرًا على ذلك، أي على الترجمة. فإنه بهذا يتساوى مع الذي يتنبأ.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

v لم يستطع بولس أن يمنع التكلم بالألسنة، لأنها هو موهبة من الروح القدس, ولكن الانشغال بالنبوة أكثر قبولاً لأنها أكثر نفعًا.

أمبروسياستر

2. عدم نفع التكلم بألسنة غريبة 6-14.

“فالان أيها الاخوة

إن جئت إليكم متكلمًا بألسنة فماذا أنفعكم إن لم أكلمكم

إما باعلانٍ أو بعلمٍ أو بنبوةٍ أو بتعليمٍ” [6].

كان لدي الرسول بولس موهبة التكلم بألسنة [18]، لكنه لم يستخدمها كنوعٍ من الاستعراض، وإنما لتوصيل كلمة الإنجيل للذين لا يفهمون اللغة المحلية للبلد التي يتحدث فيها.

عوض الحديث بألسنة يحدثهم الرسول بإعلان ومعرفة ونبوة وتعليم:

الإعلان: هو كشف عن أسرار إلهية خفية فائقة المعرفة.

المعرفة: هي تفسير لما يبدو غامضًا، وتمتع بالعلم عوض الجهالة.

النبوة: الحديث الروحي لسحب القلب للحياة الأبدية.

التعليم: تقديم مبادئ مسيحية واضحة.

تحمل هذه التعبيرات الأربعة معنى كشف الأمور والحديث الصريح والبسيط وإعلان الحق للتمتع بالحق والحياة الإنجيلية العملية والدخول بهم إلى السمويات. 

v يقول بولس هذا ليظهر أنه مهتم بنفع الكنيسة لا بالاستخفاف بمن لهم موهبة الألسن. هو نفسه كان يمكنه أن تكون له, لكنها قد تكون بلا نفع ولا تُجدي إن أسيء تفسيرها.

القديس يوحنا الذهبي الفم

“الأشياء العادمة النفوس التي تعطي صوتًا 

مزمار أو قيثارة 

مع ذلك إن لم تعطِ فرقا للنغمات

فكيف يعرف ما زمر أو ما عزف به؟” [7]

يقدم الرسول مثالاً عمليًا لمن يتكلم بألسنة لا يفهمها الحاضرون. إنها أشبه بمن ينفخ في مزمار أو يضرب على قيثارة دون تمييز للنغمات وبلا نظام وانسجام، فمع سمعات أصوات موسيقية لكنها مزعجة متنافرة تُفقد المستمع هدوءه وسلامه. عمل الموسيقي أن تخلق جوًا من الفرح أو تعزيات أثناء الحزن وتعبر عن مشاعر الموسيقي لتثير مشاعر الحاضرين نحو هدفٍ واضحٍ.

v إن كنا نطلب درجات متفاوتة في الآلات التي بلا حياة كم بالأكثر نطلبها في الكائنات الحية.

v إن كان حتى في الأدوات الموسيقية التي بلا حياة يوجد نفس الشيء، سواء أكان مزمارًا أو قيثارة، فإن ضُربت أو نُفخ فيها بارتباك بلا مهارة وبدون تناسق وبقدر معين لائق فإنها لن تسبي أحدًا من السامعين. فإن كنت لا تضرب أو لا تنفخ في المزمار بحسب الفن فأنك لا تفعل شيئًا. الآن إن كانت هذه الأمور التي بلا حياة تحتاج إلى التمييز والتناغم والاستخدامات اللائقة، وفي هذه الأصوات التي بلا فاعلية نجاهد ونصارع لكي نسكب عليها معنى كهذا، كم بالأكثر يليق بالبشر المملوءين بالحياة والعقل أن يجعلوا معنى للموضوع في المواهب الروحية.

القديس يوحنا الذهبي الفم

“فإنه إن أعطى البوق أيضًا صوتًا غير واضح،

فمن يتهيأ للقتال؟” [8]

يُستخدم البوق في المعارك، ولكل نغمة لها معنى. خلال أصوات البوق يمكن للجند أن يدركوا غاية ضرب البوق مثل استدعائهم معًا، أو حماسهم في السير نحو المعركة، أو دعوتهم بالبدء في ضرب العدو، أو انسحابهم إلى حين للراحة أو انسحابهم تمامًا. وكأن ضربات البوق لها لغة مفهومة تحرك مشاعر الجنود وتوجههم وتهيئهم للعمل العسكري.

إن ضُرب البوق ولم يُدرك الجندي أنه بوق للاستعداد للمعركة لا يحمي نفسه فيتعرض للَّهلاك. هكذا من يتكلم بألسنة لا يفهمها المستمعون لا يدركوا دورهم ويتعرضون للدمار.

v البوق علامة الحرب لذلك عندما تتحقق النفس من أن تتسلح بفضائل عظيمة هكذا بالضرورة تدخل الحرب ضد الرئاسات والقوات وضد حكام العالم (الشرير).

العلامة أوريجينوس

هكذا أنتم أيضًا إن لم تعطوا باللسان كلامًا يُفهم،

فكيف يُعرف ما تكلم به؟

فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء” [9].

من يتكلم بلغة غير مفهومة يكون كمن يتكلم في الهواء، كأن ليس أحد حاضرًا أمامه، وبالتالي لا ينتفع به أحد.

v إن كان التكلم بالألسنة بلا نفع فلماذا أعطيت؟ إنها أعطيت لنفع الشخص الذي ينالها, ولكن إن كانت لنفع آخرين أيضًا فيلزم وجود ترجمة.

القديس يوحنا الذهبي الفم

ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم

وليس شيء منها بلا معنى” [10].

مع أنه يوجد لغات كثيرة في العالم هذا عددها، لكن ليست لغة ما توجد لمجرد الاستعراض، إنما لها معنى خلالها تتم العلاقات بين الأشخاص.

“فإن كنت لا أعرف قوة اللغة

أكون عند المتكلم أعجميًا

والمتكلم أعجميًا عندي” [11].

قوة اللغة في معناها وفهمها. فإن كنت لا أفهم ما يقوله المتحدث معي يصير بالنسبة لي وأنا بالنسبة له كبرابرة لا نفهم بعضنا، لا يمكن أن نتعاون معًا ونعمل معًا، ولا يفهم أحدنا الآخر.

يقصد بكلمة “بربري” أو “أعجمي” الشخص الذي يتكلم بلغة غريبة لا يفهمها المستمع إليه.

“هكذا أنتم أيضًا إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية

اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا” [12].

إذ ترغب في المواهب الروحية أسألك أن تسعي أن تتحدث بلغة مفهومة وواضحة، وذلك للعمل لحساب بنيان الكنيسة. هذا البنيان هو أهم ما يسعى إليه الروح، وغاية ما نشتهيه. حسن أن يشتهي الإنسان أن يتمتع بمواهبٍ روحيةٍ، لكن يجب أن يكون غايتها هو بنيان الكنيسة. بمعنى أن ما يشتهيه الإنسان لا أن تكون له موهبة التكلم بالألسنة ولا صنع المعجزات بل خلاص نفسه وخلاص اخوته.

v بناء الكنيسة عند بولس هو المحك الأصيل في كل ما يقوله.

v ألا ترون هدفه في كل مكان كيف يتطلع إلى أمرٍ واحدٍ باستمرار وفي كل الأحوال وهو النفع العام، نفع الكنيسة، واضعًا هذا قدامه كقانون؟

لم يقل: “لتنالوا المواهب” بل “أن تزدادوا“، أي لكي تنالوها بفيضٍ عظيمٍ. حاشا لي أن أريد لكم ألا تملكوها، بل أود أن تزدادوا فيها، بشرط أن تستخدموها للنفع العام.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

v تُثار النفس وتفرح عندما تتعلم شيئًا أكثر عن الكتب المقدسة. كلما توجهت بالأكثر إلى هذا الاتجاه تتخلى بالأكثر عن الرذائل. لهذا السبب ينصح بولس أنه يليق بالشخص أن يجاهد لعمل اتصالات واضحة.

أمبروسياستر

“لذلك من يتكلم بلسان فليصلِ لكي يترجم” [13].

ليت ذاك الذي يتكلم أو يقرأ النبوات الواردة في العهد القديم في لغتها الأصلية أن يطلب من اللَّه أن يفهمها وينال نعمة ترجمتها، لكي يقدمها للآخرين في أعماق جديدة، ولكي تسنده في الشهادة للسيد المسيح.

من يتكلم بلغة لا يفهمها السامعون فليصلِ لكي يترجم ويفسر بطريقة معقولة ومقبولة لكي يُمكن للسامعين أن يفهموا ما يُقال.

v إن كان الشخص الذي يتكلم بألسنة ليس لديه الإمكانية للترجمة فإن الآخرين لن يفهموا, لكنه سيعرف ما يتحرك به ليقوله الروح. عندما يفهم الآخرون ذلك حسنًا سيأتي الثمر. هنا كما في كل موضع نتعلم أن نطلب الصالح العام للكنيسة.

العلامة أوريجينوس

v الآن يقول هذا لكي يجلبهم بعضهم مع بعض، فإن كان إنسان ليست له موهبة الترجمة، فليلجأ إلى آخر له هذه الموهبة، فيجعل موهبته مفيدة خلاله. 

في كل موضع يشير (الرسول) إلى عدم الكمال لكي يربطهم ببعضهم البعض. 

القديس يوحنا الذهبي الفم 

“لأنه إن كنت أصلي بلسانٍ

فروحي تصلي

وأما ذهني فهو بلا ثمر” [14].

إن كانت صلواتي مقتطفة من عبارات وأقوال نبوية باللغة التي كُتبت بها فإن روحي تصلي، وقلبي ينشغل بالعمل، ولكن فهمي يكون غير مثمرٍ في حياة الآخرين، لأنهم لا يفهمون صلواتي، وأنا لا أقدر أن أفسرها لهم.

يري بعض الدارسين أن الحديث هنا عن الصلوات الجماعية والتسبيح الكنسي عندما يقدم بلغةٍ لا يفهمها الشعب، فمع ما تحمله العبادة من روح له تأثير على الأعماق لكن يبقى العقل خاملاً لا يتابع المعنى.

ماذا يعني بأن روحي تصلي؟ تشير الروح هنا إلى النية الداخلية أو القلب كمركزٍ للمشاعر والعواطف. أما الذهن فيُقصد به القدرة علي الفهم والقدرات العقلية.

v إن قدمت كلمة مديح للَّه, ليست جديدة ولا منتعشة بتعليم الروح وتعليم نعمة اللَّه يقدم فمك ذبيحة تسبيح، أما ذهنك فيُتهم بالعقم الخاص بالجسد القديم من الأمس.

العلامة أوريجينوس

v هنا يعني نفس شيء أيضًا، أن اللسان يتكلم، ولا يتجاهل الفهم الأمور التي يُنطق بها. فإن لم يكن الأمر هكذا يحدث تشويش آخر. 

القديس يوحنا الذهبي الفم 

3. العبادة بروحٍ وفهمٍ 15-20.

“فما هو اذا؟

أصلي بالروح وأصلي بالذهن أيضًا،

أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضًا” [15].

أصلي بالقلب وبكل أحاسيسي ومشاعري المكرسة لحساب الرب، وفي نفس الوقت يشترك فيها الفهم. بهذا يرتفع قلبي إلى السماء وترتفع قلوب اخوتي معي، إذ يدركون ما أصلي به وما أسبح به الرب.

هنا يوضح الرسول الآتي: 

1. التزام الكنيسة بالتسبيح وتقديم التشكرات للَّه جنبًا إلى جنب مع الصلوات والطلبات والتضرعات.

2. تُمارس العبادة بكل القلب والمشاعر والأحاسيس لإعلان الحب الداخلي نحو اللَّه.

3. أن تُقدم العبادة بلغة مفهومة لأجل بنيان الحاضرين.

بقوله: “أصلّي بالروح… وأسبح بالروح” يقصد أيضًا ممارسة العبادة بقيادة الروح القدس القادر أن يلهب الأعماق بالحب.

v لا تقدر أذهاننا أن تصلي ما لم يُصلي الروح من أجلها فتطيعه, فإننا لا نقدر حتى أن نرتل ونسبح الآب في المسيح بترنيم لائق ونغم موسيقي وقياس لائق وانسجام ما لم يسبحه أولاً الروح الذي يبحث كل شيء حتى أعماق اللَّه ويرتل لذاك الذي يعرف أعماقه ويدرك ما هو قادر عليه.

العلامة أوريجينوس

v يبدو لي أن العبادة والصلاة بالروح في بساطة هو أن يُقدم الروح الصلاة والعبادة له.

القديس غريغوريوس النزينزي

v صلاة الذين يرتلون مقبولة لدى اللَّه إن كان القلب نقيًا، يحمل ذات الرسالة التي تكشف عنها كلمات التسبحة.

كاسيودورس

v لم يهتم (الرهبان المصريون) بكمية الآيات (التي ترنم في الصلاة) بل بضبط الفكر، هادفين نحو “أرنم بالروح وأرنم بالفهم“. هكذا يعتبرون أن التسبيح بعشرة آيات بفهمٍ وفكرٍ أفضل من سكب مزمور كامل بذهن مشوّش. هذا يحدث أحيانًا بسبب سرعة المتكلم حين يفكر في المزامير الباقية التي تُرنم وعددها، ولا يهتم بأن يكون المعنى واضحًا لسامعيه، فيسرع لكي ينهي الخدمة.

القديس يوحنا كاسيان 

وإلا فإن باركت بالروح،

فالذي يشغل مكان العامي كيف يقول آمين عند شكرك،

لأنه لا يعرف ماذا تقول” [16].

فإنك أنت تشكر حسنًا، 

ولكن الاخر لا يُبنى” [17].

فإن باركت“، هي أسمى أنواع الصلوات والتسابيح أن يشترك المؤمن مع السمائيين في مباركة اسم اللَّه. يجاوب الشعب بالقول: “آمين“، كان ذلك مستخدمًا عند اليهود ( تث 27 : 15- 26؛ نح 6 :1)، وفي الكنيسة الأولى.

كانت صلوات المجمع تدعى “أولوجيا eulogie” أي ” بركات” إذ يقدم الشعب تسابيح شكر وبركة لاسم اللَّه الغني في نعمة وعطايا لنا.

يليق بالمؤمن ألا يكون أنانيًا، فبينما يشعر بكل كيانه أنه مدين للَّه بحياته وخلاصه فيقدم ذبيحة شكر وتسبيحًا له لا يترك أخاه غير مدرك لما ينطق به ولا يتجاوب معه في حياة الشكر والتسبيح. في حبٍ صادقٍ لا يبرر المؤمن تصرفاته بأن شكره أو تسبيحه مقبول لدى اللَّه باللغة الأجنبية دون أن يشترك معه أخوه في هذا.

v انظروا كيف يجلب هنا أيضًا الحجر الذي له إلى الميزان المائي لضبط استقامة الحائط، ففي كل موضع يبحث عن بنيان الكنيسة. يقصد هنا بالعامي “غير المتعلم” الإنسان العلماني، ويعني أنه هو أيضًا يعاني خسارة ليست بقليلة عندما لا يقدر أن يقول “آمين”. ما يقوله هو هذا: إن كنت تبارك بلسانٍ بربريٍ وأنت لا تعرف ما تقول، ولا تقدر أن تترجمه فإن العلماني لن يجيب: “آمين”… مرة أخرى إذن إذ يعطيه راحة بخصوص هذا حتى لا يرى الموهبة رخيصة. نفس الملاحظة كما فعل قبلاً: عندما ينطق بأسرارٍ أو يتحدث مع اللَّه، ويبني نفسه، ويصلي بالروح قاصدًا تقديم راحة ليست بقليلة خلال هذه الأمور، هكذا يقول هنا: “أنت تتشكر حسنًا” إذ تتكلم متحركًا بالروح، لكن الآخر لا يسمع شيئًا ولا يفهم ما يُقال، فيقف هنا ولا ينال نفعًا عظيمًا بهذا.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

“أشكر الهي إني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم” [18].

يُظهر الرسول أنه لا يستخف بموهبة التكلم بألسنة، فهو يشكر اللَّه أنه قد وهبه ذلك لكي يحدث الكثيرين بلغتهم. إذ كان بولس رسولاً للأمم وهبه اللَّه التكلم باللغات أكثر من غيره حتى يتمكن من الخدمة في كل البلاد التي يزورها ويخدم فيها.

v كانت موهبة التكلم بالألسنة غريبة، أما النبوة فمعروفة وقديمة، وقد أعطيت لكثيرين بعكس الأولى، ومع هذا لم يهتم بها كثيرًا، ليس لأنه لم يستخدمها، ولا لأنه لم ينلها بل يبحث دومًا في الأمور الأكثر نفعًا، بكونه متحررًا من كل مجدٍ باطلٍ، مهتمًا بأمرٍ واحدٍ فقط: كيف يجعل سامعيه في حالٍ أفضل.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

“ولكن في كنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني

لكي أعلم آخرين أيضًا

أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسانٍ” [19].

يقول Dr. Pearce أن أصعب مشكلة في هذا الإصحاح هو إدراك ما يقصده الرسول بكلمتي “روح” pneuma و”ذهن” nous اللتين تكررتا كثيرًا. من العبارة واضح ما يقصده الرسول هو أن يوجه الكنيسة للصلاة والتسبيح لا باللغة العبرية التي كُتب بها العهد القديم خاصة الترنم بالمزامير، وإنما أن يُصلي ويرنم بلغة الشعب حتى يدرك كلمة الوعظ والصلاة والشكر والتسبيح للَّه.

يقول Dr. Pearce أن الرسول يقدم الروح والذهن كأنهما مقابلان لبعضهما البعض. فيقصد بالروح أن يفهم الإنسان المتكلم أو المرتل دون الذين حوله، ويقصد بالذهن أن يدرك الجمهور ما ينطق به المتكلم أو المرتل. 

أيها الاخوة لا تكونوا أولادًا في أذهانكم،

بل كونوا أولادًا في الشر،

وأما في الأذهان فكونوا كاملين” [20].

يليق بنا ألا نسلك كأطفالٍ بلا التزام أو مسئوليةٍ أو فهمٍ، بل نكون ناضجين وكاملين كما أن أبانا كامل. لنكن أطفالاً في الشر، لا نحمل روح الخبث بل بساطة القلب والحب.

هنا يلزمنا إدراك معنى ثلاث كلمات يونانية واردة في هذه العبارة:

1. paidia معناها أطفال بوجه عام وعلى وجه الخصوص الذين ينمون لكي يرسلوا إلى المدرسة ويتقبلوا التعليم. وكأن الرسول يقول: لست أريدكم أن تكونوا أطفالاً paidia صغارًا كمن يبتدءون في الذهاب إلى المدرسة لتعلم المبادئ الأولية بل يكون لهم الفهم والإدراك الكافي لهذه المبادئ. 

2. أما من جهة الخبث فكونوا أطفالاً neepios، وهي مشتقة من nee تعنى طفلا infant عاجزًا عن الكلام في المرحلة البدائية للطفولة. أي يعجز عن أن يهدف نحو الشر أو يتحدث به.

3. كامل teleioi من teleoo وتعني الإنسان الذي بلغ النضوج الكامل في القامة والفهم. فهو يود أن نكون ناضجين جسديًا وفكريًا.

هكذا يحسب الرسول بولس الذين ينتفخون بالتكلم بألسنة يمارسون عملا طفوليًا غير ناضج، يحتاجون إلى دخول في مدرسة الخدمة ليتدربوا علي الحب العملي والبحث الجاد عن خلاص اخوتهم بفهمٍ وتعقلٍ، لا بانفعالات عصبية طفولية. فالايمان ليس مجالاً للَّهوٍ طفوليٍ بل هو عمل متعقل ناضج. إنه يحترم في الطفولة البساطة وعدم الخبث كما قال السيد المسيح أنه يلزمنا أن نصير كالأطفال لندخل ملكوت السموات (مت 18: 3). لكنه يطالبنا ألا نتشبه بهم في العجز عن الفهم والإدراك أو عدم الالتزام بالمسئولية.

v إذ كان لهؤلاء موهبة الألسنة والتي كانت أقل المواهب، ظنّوا أنهم نالوا كل شيء، لذلك يقول: “لا تكونوا أولادًا“، أي لا تكونوا بلا فهمٍ حيث يجب أن تكونوا مفكّرين، لكنكم صرتم كالأطفال البسطاء حيث الشر والمجد الباطل والكبرياء. لأن من هو طفل في الشر يلزم أن يكون أيضًا حكيمًا. وحيث أن الحكمة مع الشر ليست حكمة هكذا أيضًا البساطة مع الغباوة ليست بساطة. يلزم مع البساطة أن نتجنب الغباوة، ومع الحكمة نتجنب الشر.

v أن تكون طفلاً في الشر هو أنك لا تعرف حتى ما هو الشر.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

v يريدهم بولس أن يكونوا ناضجين عقليًا حتى يقتطفوا بدقةٍ ما هو لازم لبنيان الكنيسة. بهذه الطريقة يتركون خلفهم المكر والأخطاء, مجاهدين عوض ذلك من أجل الأمور التي تقود إلى صالح الاخوة.

أمبروسياستر

v لا تكونوا أطفالاً في الفهم، وإنما في المكر كونوا أطفالاً صغار فتكونوا في الفهم كاملين… يمكن التعبير عن هذا هكذا: “لا تكونوا أطفالاً، ومع ذلك كونوا أطفالاً”.

v الحكمة الإلهي نفسه إذ حمل طبيعتنا الضعيفة جاء لكي يجمع أبناء أورشليم تحت جناحيه، كدجاجة تجمع فراخها، لا لكي نبقى دومًا صغارًا بل إذ نكون أولادًا في الشر نكف عن أن نكون أولادًا في الفكر.

القديس أغسطينوس 

 

4. التكلم بألسنة لغير المؤمنين 21-25.

مكتوب في الناموس

إني بذوي ألسنة أخرى

وبشفاه أخرى 

سأكلم هذا الشعب،

ولا هكذا يسمعون لي يقول الرب” [21].

يقصد بالناموس هنا العهد القديم ككل، وقد ورد هذا القول في إشعياء 38: 11  12. يشير في إشعياء إلى أن اللَّه يعلم شعبه اليهودي المتمرد الخضوع له بتأديبهم وسط شعب يتكلم بلغة أخري، أي بشعبٍ غريبٍ، إذ سلمهم للكلدانيين (السبي الأشوري لإسرائيل ثم البابلي ليهوذا). لم يشر الرسول إلى عبارة نبوية خاصة بالتكلم بألسنة، وإنما يشير إلى استخدام اللَّه للغة الأجنبية لتأديب الشعب الرافض لصوت اللَّه. فكما أدّب شعبه بالبابليين الذين أذلوا الشعب الجاحد، هكذا يستخدم اللَّه التكلم بألسنة لغير المؤمنين، أي للأمم قبلاً. وكأن غاية التكلم بالألسنة ليس الاستعراض ولا عدم الفهم وإنما الحديث مع غير المؤمنين بلغتهم التي يجهلها المتكلم، يتحدث بها كعطية مجانية من قبل اللَّه. بهذا يدرك اليهود والأمم أن اللَّه هو مخلص الجميع.

إذًا الألسنة آية،

لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين.

أما النبوة فليست لغير المؤمنين بل للمؤمنين” [22].

التكلم بألسنة هو آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين. فكما تحدث اللَّه مع شعبه القديم بلغة التأديب خلال البابليين أي بلغة غريبة حتى يكفوا عن تمردهم ويؤمنوا، هكذا في العهد الجديد يقدم التكلم بالألسنة لكي يحدث غير المؤمنين من اليهود والأمم بلغات أجنبية (غير العبرية) حتى يؤمن الكل! إنه صوت إلهي لرافضي الإيمان بالإنجيل وعمل اللَّه الخلاصي للعالم كله! فمتي آمنوا بالرب وقبلوا الإنجيل فلا حاجة لليهود أن يسمعوا الرسل يتحدثون بألسنة الأمم، ولا حاجة للأمم، إن وجد من يعرف لغتهم، أن يبشرهم أحد بلغتهم وهو لم يتعلمها.

فالتكلم بالألسنة ليس للمسيحيين الذين قبلوا الحق الإنجيلي بل لغير المسيحيين ليدركوا دعوة اللَّه لهم بلغتهم التي كان يجهلها الرسل.

بنيان الكنيسة يحتاج إلى كلمة النبوة الهادئة البناءة، لكي يتمتع المؤمنون بالمعرفة الصادقة، وتنسحب قلوبهم إلى الحياة السماوية والعالم العتيد.

v الألسنة علامة لغير المؤمنين لا لتعليمهم, وأما النبوة فهي للمؤمنين وغير المؤمنين لنصحهم.

v لا يحتاج المؤمن أن يرى آية بل يطلب فقط تعليمًا ووعظًا.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

“فإن اجتمعت الكنيسة كلها في مكانٍ واحدٍ،

وكان الجميع يتكلمون بألسنة،

فدخل عاميون أو غير مؤمنين،

أفلا يقولون أنكم تهذون؟” [23]

يكشف الرسول هنا عن سوء استخدام الموهبة، إذ كانوا يجتمعون معًا، وكل يتحدث بلغة مخالفة، فيتحول الاجتماع إلى نوع من الهذيان والجنون! عوض الحديث مع الشعب باللغة التي يفهمونها والتي لم يتعلمها المتحدث كانوا يهذون بلغات غير مفهومة من عامة الشعب.

بقوله: “عاميون” يقصد أناس لا يفهمون اللغة التي ينطق بها المتكلمون. وكأن المتكلمين يتكلمون بلغات أجنبية موجودة في العالم ولا يهذون بكلمات غامضة، ومع هذا فإن الرسول يرفض ذلك حتى لا تتحول العبادة الكنسية إلى نوع من الهذيان. 

هكذا تحولت الكنيسة في كورنثوس إلى الشعب الذي تبلبلت ألسنتهم عندما أرادوا بناء برج لمقاومة اللَّه، عوض تمتعهم بالجو البنطقستي حينما سمع كل واحدٍ اللغة التي وُلد فيها (أع2: 8). 

“ولكن إن كان الجميع يتنبأون،

فدخل أحد غير مؤمن أو عامي،

فإنه يوبخ من الجميع،

يحكم عليه من الجميع” [24].

إذا دخل غير مؤمنٍ الكنيسة ووجد كل في دوره يتحدث عن الإيمان بتعقلٍ وفهمٍ وإدراكٍ بروح هادئ وديع يبكته ضميره ويقبل الإيمان، إذ يفهم الكلمة الموجهة إلى قلبه.

يحكم عليه الجميع، إذ يدرك كأن خطاياه صارت واضحة للجميع حيث لم يتمتع بعد بغفرانها ولا بِبِرّ المسيح فيه. يدرك حاجته إلى المخلص للتمتع بالحياة الجديدة المقدسة في الرب.

“وهكذا تصير خفايا قلبه ظاهرة،

وهكذا يخر على وجهه ويسجد للَّه مناديًا 

أن اللَّه بالحقيقة فيكم” [25].

شتّان ما بين جماعة تنطق بلغات مجهولة لا يفهمها غير المؤمن وبين جماعة مقدسة تتعبد وتكرز بالرب الهادئ الوديع. وكما يقول الرسول عن الجماعة الأخيرة:

أولاً: تعطى الفرصة لغير المؤمن أن يدرك في هدوء بما في أعماقه من خطايا، وكأنها قد صارت ظاهرة وتحتاج إلى علاج. وكأن قلبه قد انشق بسيف الروح (عب4: 12؛ يع 1: 23)، بكلمة الرب التي ينطق بها الكارز. يشعر كل واحدٍ أن الكلمة موجهة إليه شخصيًا ليتمتع بعمل اللَّه الخلاصي. يقول مع السامرية: “إنسان قال لي كل ما فعلت” (يو 4: 19، 29). 

ثانيًا: يحثه قلبه علي الخضوع للَّه والسجود أمامه، طالبًا التمتع بالخلاص، أي يقبل الإيمان بالمسيح المخلص ويسجد له. 

ثالثًا: يشهد أمام أسرته وأصدقائه ومن حوله عن عمل اللَّه في كنيسته وأثره عليه: “مناديًا أن اللَّه بالحقيقة فيكم“.

v عندما يرى أن اللَّه يُسبح والمسيح يُعبد وليس شيء من التشويش يحدث أو أمر ما يتم سرًا كما يحدث بين الوثنيين عندئذ يُفهم بوضوح أن هذه هي ديانة حقة.

أمبروسياستر

 

5. المواهب والتشويش 26-33.

“فما هو إذًا أيها الاخوة؟

متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور،

له تعليم،

له لسان،

له إعلان،

له ترجمة،

فليكن كل شيء للبنيان” [26].

إذ تجتمع الكنيسة للعبادة يشترك الكل معًا في التسبيح، وليكن لكل واحدٍ عمله حسب موهبة الروح المعطاة له. يود الرسول بولس أن يعمل الكل، ولكن بنظامٍ وتدبير مؤكدًا أن يكون كل شيء لبنيان الكنيسة.

v ألا ترون أساس المسيحية ونظامها؟ كيف أن عمل العامل الماهر هو أن يبني، هكذا هو عمل المسيحي أن يفيد قريبه في كل الأشياء. وإذ بغيرة حطّ من شأن الموهبة (لإساءة استخدامها) فلئلا تبدو أنها كمالية، فإنه يطلب أن يهدم كبرياءهم لاغير. لذلك فإنه أحصاها مع بقية المواهب، قائلاً:

له مزمور، له تعليم، له لسان“. 

فإنه منذ القدم كانوا يجعلون من المزامير موهبة والتعليم موهية. مع ذلك يقول: “فليكن لكل شيء هدف واحد وهو تصحيح الأقرباء، ولا يكن شيء مصادفة. فإن كنتم تأتون دون أن تبنوا أخاكم فلماذا أتيتم؟ 

في الواقع إنني لا أركز على الفوارق بين المواهب. أمر واحد يشغلني، أمر واحد أرغبه، أن تفعلوا كل شيء للبنيان. هكذا من له موهبة أقل سيسرع أكثر ممن له مواهب أعظم، إن كان لا ينقصه البنيان. نعم! تُمنح المواهب لكي يُبنى كل أحدٍ، فإن لم يحدث هذا تصير الموهبة لإدانة مقتنيها”. 

القديس يوحنا الذهبي الفم

“إن كان أحد يتكلم بلسانٍ فاثنين اثنين،

أو على الأكثر ثلاثة ثلاثة،

وبترتيبٍ وليترجم واحد” [27].

في كل اجتماع لا يتكلم أكثر من شخصين أو ثلاثة كل في دوره باللغة التي لا يفهمها بعض الحاضرين ويقوم شخص واحد بترجمة ما قيل.

v لم يمنع بولس التكلم بألسنة, ربما يقلل من شأن الموهبة لكنه يصر على ضرورة وضع ضوابط لها لأجل بنيان الكنيسة كلها.

القديس يوحنا الذهبي الفم

“ولكن إن لم يكن مترجم،

فليصمت في الكنيسة،

وليكلم نفسه واللَّه” [28].

إن لم يوجد من هو قادر أن يترجم فليس من حق أحدٍ أن يتكلم بما لم يفهمه الحاضرون. ليصّلِ أو يسبح في داخله، ولا يرفع صوته بلغةٍ غير مفهومة للحاضرين.

v لأنكم جئتم ليس معًا بقصد إظهار أن لديكم موهبة، بل لكي تبنوا السامعين، كما سبق فقال: “ليكن كل شيء للبنيان” [26] .

v أمرهم منذ البداية أن يحذروا عندما قدم تمييزًا بين العرافة والنبوة. الآن يأمرهم أن يميزوا ويتجسسوا لإدراك الأمر حتى لا يدخل معلم شيطاني خلسة.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

 

v الشخص الذي يتكلم بالروح القدس يتكلم عندما يختار ذلك وعندئذ يمكنه أن يصمت مثل الأنبياء. أما الذين بهم روح دنس فيتكلمون حتى عندما لا يريدون. ينطقون بأمورٍ لا يفهمونها.

سفيريان أسقف جبالة

“أما الأنبياء فليتكلم اثنان أو ثلاثة،

وليحكم الآخرون” [29].

يحرص الرسول بولس علي روحانية الاجتماعات الكنسية سواء للوعظ أو العبادة. فكما طالب ألا يتحدث أكثر من اثنين أو ثلاثة باللغات التي لا يعرفها كل الحاضرين يطالب أيضًا الذين يتكلمون بكلمة الوعظ ألا يكثر عددهم فلا يتكلم أكثر من أثنين أو ثلاثة ليدرك المتكلم إمكانية الحاضرين للاستماع، فتكون لكلمته الروحية فاعليتها.

يري البعض أن دور الثلاثة الذين يتكلمون في الاجتماع هو أن يقوم أحدهم بقيادة ترنيم مزمور والثاني بكشف الأسرار الإلهية (العتيدة) والثالث بالحث على الحياة الإيمانية العملية. 

أما المعلمون الآخرون فيكون لهم روح التميز ليحكموا بأن ما قام به الثلاثة ليس إلا لبنيان الكنيسة، وأنهم مارسوا العمل بروح اللَّه القدوس وليس باستعراض مواهبهم.

هكذا يهتم الرسول بولس بوجود أناس حكماء لهم روح التمييز حتى تسلك الكنيسة تحت قيادة الروح وليس بفكر بشري.

“ولكن إن أعلن لآخر جالس فليسكت الأول” [30].

إن تحدث معلم بروح الحق عن أمرٍ هامٍ بصمت الأول حتى تسلك الكنيسة بترتيب. ينهي الأول حديثه باختصار ليعطي الفرصة للآخر دون إطالة، ولا يتحدث أيضًا الاثنان في نفس الوقت.

v على وجه الخصوص, يليق بمن في مرتبة عالية أن يفسح المجال لمن هو أقل. ببساطة ليست هذه حالة فيها تمُنح كل ميزة لفرد بمفرده. هذا، وأن الذي له رتبة صغيرة ليس بلا موهبة. لا يوجد أحد ليس لديه نعمة اللَّه.

أمبروسياستر

“لأنكم تقدرون جميعكم أن تتنبأوا واحدًا واحدًا،

ليتعلم الجميع،

ويتعزى الجميع” [31].

لعله يقصد أنه يمكن إعطاء الفرصة لكل واحدٍ أن يتكلم كل في دوره، لكن لا يتكلم الجميع في اجتماعٍ واحدٍ، لا يتكلم الكل معًا بلا نظام أو ترتيب.

v يسأل بولس أن نتبع تقليدًا للمجمع اليهودي, حيث كان الشعب يحاورون وهم جلوس على كراسيهم أو على أرائك أو على الأرض كل حسب رتبته. إن أعُطى لأحدهم ممن هم جلوس على الأرض إعلان يلزم أن يُسمح له أن يتكلم ولا يُحتقر بسبب دنو رتبته.

أمبروسياستر

“وأرواح الأنبياء خاضعة للأنبياء” [32].

لعل بعض الوعاظ كانوا يشعرون بأن الروح القدس قد أعلن لهم شيئًا فيتكلمون بلا نظام. هنا يؤكد الرسول أنه حتى الأنبياء، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد، الذين يقودهم الروح القدس ويعلن لهم بعض الأسرار الإلهية يهبهم كمال الحرية ليختاروا الوقت المناسب للكلمة. لا ينزع الروح القدس عن النبي حريته، فمن حقه أن يتكلم أو يصمت، وبروح التمييز يلزم أن يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.

بقوله “خاضعة الأنبياء” يكشف الرسول عن العمل الجماعي لهم، فمن حق جماعة الأنبياء أن تنظم كلمة النبوة أو الوعظ، ولا ينفرد أحدهم مصممًا علي رأيه، كأن روح اللَّه يقوده دون اخوته الأنبياء. 

“لأن اللَّه ليس إله تشويش، بل إله سلام،

كما في جميع كنائس القديسين” [33].

سلوك القادة الكنسيين بلا نظام يسئ إلى اللَّه الذي هو إله ترتيب وليس إله تشويش.

جاءت الكلمة اليونانية المترجمة” تشويش” بمعنى “ضجيج” و”عدم هدوء”. فهو إله سلام وهدوء ونظام. سماواته أيضًا تحمل هذه السمات! لذا فإن كنائس القديسين كأيقونات حية للسماء لا يُسمع فيها صرخات ضجيج أو عدم نظام، فهي كنائس ملك السلام!

v بالحق كانت الكنيسة في أيام بولس بالأكثر أشبه بالسماء, لأن الروح كان يدير كل شيء، ويحرك كل عضوٍ بدوره. وأما الآن فيبدو لدينا فقط رموز هذه المواهب. نحن أيضًا لدينا اثنان أو ثلاثة يتكلمون في الخدمة, ولكن هؤلاء هم فقط ظل لما كان يحدث. الكنيسة الحاضرة تشبه امرأة سقطت من أيام غناها السابقة وعادت لتحمل العلامات الخارجية لغناها، حيث تظهر الصناديق والسلال التي كانت تضع فيها ثروتها لكنها فارغة. هذا حق ليس فقط من جهة المواهب بل ومن جهة الحياة والفضيلة أيضًا.

v إن كان قد منع من يتكلم بألسنة من الكلام إن لم يوجد مترجم لأنه لا نفع لذلك، فمن المنطق أيضًا يحدّ من النبوة إن لم تحمل هذا النوع بل تسبب تشويشًا واضطرابًا وإثارات نفسية غير عاقلة.

v بالحق الكنيسة كانت سماءً، لذلك فالروح يحكم كل شيء ويحرك كل واحدٍ من القادة ويعطيه وحيًا.

v مرة أخرى يصفع الذين اختاروا السلوك بلا لياقة ويسلكون بعار الجنون، ولا يحافظون على رتبتهم اللائقة. فإنه ليس شيء يبني مثل النظام الحسن والسلام والحب، بالرغم من أن المقاومين لهم يحاولون نزع هذه الأمور.

القديس يوحنا الذهبي الفم

6. احترام النظام الكنسي 34-40.

“لتصمت نساؤكم في الكنائس،

لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن،

بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا” [34].

يبدو أن بعض الكورنثوسيات كن يتكلمن بألسنة ويسببن ضجيجًا في الكنيسة. 

v إن كان الأمر هكذا ماذا نقول عن فيلبس الذي كان له أربع بنات يتنبأن؟ إن كن قادرات على فعل ذلك لماذا لا تسمح للنبيات عندنا أن يتنبأن؟

نجيب على هذا السؤال هكذا. 

أولا: إن كانت النبيات لدينا يتكلمن فلتُظهرن علامات النبوة فيهن. 

ثانيُا: حتى إن كانت بنات فيلبس يتنبأن لم يفعلن ذلك داخل الكنيسة. هكذا في العهد القديم بالرغم من أن دبورة قيل أنها كانت نبية (قض4:4) لم توجد أية إشارة أنها وجهت حديثًا للشعب مثل إشعياء أو إرميا. نفس الأمر بالنـسبة لهلدة (2 مل 22: 14).

العلامة أوريجينوس

v لقد ضعُفت الحية وارتبطت باللعنة, أما حواء فقد خُتم فمها بالصمت، الأمر النافع, لكنها أيضًا تخدم كقيثارة تسبح الخالق.

القديس مار أفرام السرياني

v أود أن أرى غيرة كل رجل وورع كل امرأة. لتحرق كل عدم تقوى من ذهنك, ضع نفسك على المطرقة والعصيان الكافر تحت المطرقة… عندئذ ينفتح باب الفردوس لكل رجل وامرأة بينكم.

القديس كيرلس الأورشليمي

“ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئًا

فليسألن رجالهن في البيت،

لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة” [35].

v يطلب الطوباوي بولس من النساء تواضعًا عظيمًا وسلوكًا مقبولاً لدى الجماعة، ليس فقط من جهة ملابسهن ومظهرهن بل ويهتم بذلك حتى في نظام أحاديثهن. 

v إن كنا ندبر بيوتنا هكذا نصير بذلك مؤهلين لتدبير الكنيسة. لأنه بالحق البيت هو كنيسة صغيرة. هكذا يمكننا أن نفوق كل الآخرين إن صرنا أزواجًا صالحون وزوجات صالحات. تطلّع إلى إبراهيم وسارة واسحق والثلاثمائة وثمانية عشر الذين وُلدوا في بيته (تك 14:14). كيف كان البيت كله في تناغم معًا، كيف كان الكل مملوءين تقوى، وتمموا الوصية الرسولية. لقد احترمت زوجها، اسمع كلماتها: “لم يحدث لي بعد هذا حتى الآن، وسيدي أيضًا قد شاخ” (تك 12:18). وهو أيضًا أحبها هكذا فكان يطيعها في كل شيء. وكان الشاب فاضلاً وهكذا الغلمان الذين وُلدوا في بيته كانوا هم أيضًا ممتازين. فلم يمتنعوا عن أن يُعرّضوا حياتهم للخطر مع سيدهم، ولم يتأخروا ولا سألوه عن السبب لماذا يحاربون معه ضد الملوك”.

القديس يوحنا الذهبي الفم 

“أم منكم خرجت كلمة اللَّه،

أم إليكم وحدكم انتهت” [36].

يعاتب الرسول بولس قادة الكنيسة في كورنثوس فيسألهم هل يظنوا أن كنيستهم هي الكنيسة الأم في العالم منها انطلقت الكرازة، لتنفرد بعادات مختلفة تمامًا عن بقية الكنائس. لقد صارت دون غيرها كنيسة يسودها التشويش لا النظام، يتكلم البعض بألسنة لا للبنيان بل بضجيج، ويعظ البعض معًا دون ترتيب، وتُمارس بعض النسوة بعض تصرفات متعجرفة ويقمن باعتراضات وتساؤلات لا هدف لها الخ. الكنيسة في كورنثوس ليس أم الكنائس ولا آخر كنيسة ولا هي الكنيسة الوحيدة في العالم التي كرز بها الرسول، لذا لاق بها أن تسلك بانسجام مع بقية الكنائس.

“إن كان أحد يحسب نفسه نبيًا أو روحيًا

فليعلم ما اكتبه إليكم أنه وصايا الرب” [37].

إن كان أحد يظن أنه تحت قيادة الروح القدس، وأنه قادر علي التعليم حسب مشورة اللَّه وبطريقة روحية فإن ما أكتبه إنما هي وصايا الرب ويجب قبولها والطاعة لها. ما يكتبه ليس ثمرة بلاغته أو فكره الشخصي.

“ولكن أن يجهل أحد فليجهل” [38].

من أراد بإرادته أن يجهل سلطاني الرسولي، إني أعلم وأكتب وصايا الرب فإني أتركه لجهلة، يتحمل مسئولية عناده ومقاومته للحق بإرادته.

“اذا أيها الاخوة جدوا للتنبوء،

ولا تمنعوا التكلم بألسنة” [39].

هذا هو ملخص كل الإصحاح، وغاية الرسول منه إنه يسألهم أن يجاهدوا بكل اشتياق وغيرة في الكرازة والحديث البنّاء، دون أن يمنعوا التكلم بالألسنة إن كان لبناء الجماعة المقدسة.

v ألا ترون كيف أنه حتى النهاية يحرص على الاختلاف بينهما (التنبؤ والتكلم بألسنة)؟ ماذا يعني أن الواحد (التنبؤ) ضروري جدًا، والآخر ليس كذلك. لذلك يقول: “إن الواحد يُشتهي جدًا والآخر “لا يُمنع”.

القديس يوحنا الذهبي الفم

“وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب” [40].

ماذا يعنى باللياقة والترتيب؟ أن تُوضع كل الأمور في نصابها حسب أهميتها دون تجاهلها ولا المبالغة فيها. فتمارس الكنيسة أعمالها بوقارٍ وترتيبٍ حسن وجديةٍ.

هنا اقتبس الرسول التعبير الخاص بالترتيب من التعبيرات العسكرية حيث يلزم أن يكون الجيش في نظام دقيق. أي خلل في النظام العسكري يؤدي إلى انهيار الجيش وضياع الدولة، هكذا يلزم ألا يستهين أحد بالنظام الكنسي.

v ليس شيء ما يبنى مثل النظام الحسن والسلام والحب ,وليس شيء يكون مدمرًا مثل عكس هذه الأمور. ليس فقط في الأمور الروحية بل وفي كل شيء فليراعي الإنسان هذه الأمور.

القديس يوحنا الذهبي الفم

ملحق للاصحاح 14

التكلم بالألسنة

اختفت موهبة التكلم بالألسنة تقريبًا بانتهاء عصر الرسل؛ ومع بداية القرن العشرين بدأت تظهر الحركةالخمسينيةPentecostal Movement تُنادى بضرورة العماد بالروح القدس الذي يصحبه حتمًا تكلم بألسنةglossolalia.

فماذا يعنى “التكلم بالألسنة”؟

ولماذا اختفت هذه الموهبة؟

وهل من حاجة إليها في عصرنا الحاضر؟

الألسنة والخلاص 

يروي لنا سفر التكوين بدء ظهور اللغات المتعددة والألسنة، فقد أراد البشر أن يقيموا لأنفسهم برجًا رأسه في السماء، ليس شوقًا إلى السموات، وإنما هروبًا من اللَّه، فتبلبلت ألسنتهم (تك 11). وصارت الألسنة المتعددة علامة انقسام البشرية وعدم وحدتها. وإذ أراد اللَّه أن يقيم من الأمم كنيسة مقدسة، جسد المسيح الواحد، لم ينزع الألسنة وإنما وهب تلاميذه في يوم الخمسين أن يتكلموا بالألسنة القائمة في ذلك العصر ليقبل الكل “الإيمان الواحد”، وينعم الجميع بالحياة الجديدة السماوية، ليترنموا قائلين مع الرسول: “أقامنا معه وأجلسنا معه في السمويات في المسيح يسوع” (أف 2: 6).

ظهرت موهبة التكلم بالألسنة مع مولد الكنيسة في يوم الخمسين (أع 2: 1-13)، فقد نالوا عطية الحديث بألسنة لم يسبق لهم أن تعلموها (أع 2: 4، 6، 8، 11)، حيث تفاهموا مع سامعيهم بلغاتهم (أع 2:37) كوعد السيد المسيح نفسه (مر17:16). ومن ناحية أخرى عندما ألقى الرسول بطرس عظته بلغته فهمها الجميع، وكأن الروح قد قدم ترجمة فورية لكل لغات الحاضرين.

قدم الروح عطيتين: الأولى كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم وُهب لكل تلميذ اللغة الخاصة بحقل الكرازة الذي عُين له؛ والثانية كما يقول القديس أغسطينوس نال كل رسول أحيانًا إمكانية الحديث بلغة كل شعبٍ يلتقي به ليعلن الروح أن الكنيسة الجامعة تضم الكل.

الحاجة إلى التكلم بالألسنة

1. لم تكن هذه الموهبة بالنسبة للرسل آية استعراضية، فقد جاء مسيحنا لا يصيح ولا يسمع أحد صوته (مت 12: 19)، وقد وهب كنيسته روحه الناري ليلهب القلب بنار الحب الإلهي بروح الوداعة والتواضع، كي يعمل الجميع، لا بمظاهر حماسية وكلمات غير مفهومة، بل بحياة هادئة متزنة وحكيمة.

لقد سمع الحاضرون في يوم الخمسين “كل واحد منهم لغته التي وُلد فيها” (أع 2: 8). أعطاهم الروح لغات بشرية مفهومة، فكان الكل يعظمون اللَّه.

2. لقد أغلق اليهود على أنفسهم من جهة الإيمان فقاوموا ترجمة الكتاب المقدس إلى اليونانية، وطالبوا الدخلاء أن يتعبدوا بلغتهم وحدها، وكأن السماء تتحدث بلغتهم. لذا كان لائقًا أن تكون علامة حلول روح اللَّه بالنسبة للشعوب الأممية أن يسمعوا لغتهم ممن لم يتعلموها، تأكيدًا لهم ولليهود انفتاح الباب لخلاصهم. لذا يقول الرسول: “إذا الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين” (1 كو 32:14). 

يصف القديس إيريناؤس يوم البنطيقستي في كتابه “ضد الهرطقات” قائلاً: [هذا الروح أيضًا… كما يقول لوقا حلّ في يوم البنطقستي على التلاميذ بعد صعود الرب، مقدمًا قوة لضم كل الأمم إلى مدخل الحياة، ولفتح عهدٍ جديدٍ. بهذا أيضًا صار اتفاق في كل اللغات، فنطقوا بتسبيح للَّه. لقد جاء الروح بالقبائل البعيدة إلى الوحدة، وقدم للآب بكور كل الأمم.]

3. وهب الروح القدس الكنيسة لغة الحب الروحي ووحدة الإيمان ممجدًا تمايز اللغات القائمة فعلاً وتنوع الثقافات.

4. إذ لم يكن العهد الجديد قد دُوِّن وجُمع، كان الروح القدس يعزى الكنيسة ويبنيها خلال مواهب النبوة والألسنة وترجمتها.

لماذا اهتم الرسول بولس دون غيره بهذه الموهبة؟

1. بكونه رسول الأمم؛ وهذه الموهبة تخص انفتاح باب الإيمان أمامهم، لذا التزم بمعالجة هذا الأمر.

2. أساء الكورنثوسيون الموهبة، فتحولت من موهبة لبناء النفس إلى كبرياء وتشامخ مع تشويش، لهذا عند معالجته لها اتبع الترتيب التالي:

أ. تحدث عن المواهب بصفة عامة (1كو 2)، واضعًا التكلم بالألسنة في آخر القائمة (10:12، 22)، مؤكدًا أهمية المواهب بغير كبرياء أو تشامخ، إذ يقول: “اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة ” (1 كو 13:12).

ب. لكى يحطم كبرياءهم ختم حديثه السابق معلنًا عظمة الحب البنّاء عن المواهب الروحية بقوله: “ولكن جدوا للمواهب الحسنى؛ وأيضًا أريكم طريقًا أفضل” (1 كو 31:12).

ج. بدأ الحديث عن الحب بتحطيم إساءة استخدام موهبة التكلم، قائلاً: “إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة، ولكن ليس لي محبة فقد صرت نُحاسًا يطن أو صنجًا يرن” (1 كو 1:13). يلاحظ هنا أنه لا يقف عند التكلم بكل اللغات البشرية، وإنما حتى إن نطق الإنسان بلغة الملائكة؛ وهى ليست لغة بشرية مادية ذات أصوات وموجات صوتية، إذ ليس لهم حناجر ولا أحبال صوتية، إنما هي لغة الروح الهادئة التي تتحدث بها الأرواح المقدسة. كأنه يقول: إن بلغتم إلى ما هو سماوي بدون الحب وهذا مستحيل، فتصيرون في نظر اللَّه صانعي ضجيج.

د. لئلا يظنوا أنه يقلل من شأن الموهبة بسبب شعوره بنقص، قال: “أشكر إلهي إني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم” (1 كو 18:14).

التكلم بالألسنة في كورنثوس

تحولت موهبة التكلم بالألسنة من دورها البنَّاء للكنيسة إلى مشكلة خطيرة تهدد إيمان الكنيسة استدعت أن يكتب الرسول إليها عنها في شيء من التفصيل:

1. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن خلطًا حدث بين الذين يتمتعون بالموهبة كوسيلة لبناء الجماعة واجتذاب الأمم للإيمان وبين من يمارسها كعملٍ شيطانيٍ، إذ كانوا ينطقون بكلمات غامضة غير مفهومة، وأحيانًا بكلمات تجديف على السيد المسيح (1كو 3:14). لقد عرفت الديانات اليونانية هذه الظاهرة، فقد كتب فوجيل الشاعر الرومانى (70-21 ق.م.) في قصيدة الأنيادا عن نبية يونانية كانت تتكلم بألسنة غير مفهومة، وتنتابها انفعالات هستيرية.

2. يرى بعض الدارسين أن الوثنين كانت تنتابهم حالات هستيرية أثناء عبادتهم، فإذا ما أرادوا الخلاص منها يلعنون الإله لكي يفارقهم الروح. وان هذا ما حدث في كنيسة كورنثوس، حيث صار البعض يجدفون على السيد المسيح (يقول: يسوع أناثيما 3:12).

3. سقط البعض في كبرياء، فظنوا أنهم بالتكلم بالألسنة يرتفعون إلى قامة روحية عالية، لذلك وضع الرسول هذه الموهبة في آخر قائمة المواهب (1 كو 28:14)، كما أعلن طريقًا أفضل من الاتكال على المواهب ألا وهو المحبة (1 كو 31:12؛ 1:13).

4. في جو المنافسة القاتلة تحولت الموهبة إلى تشويش (1 كو 33:14)، إذ كانوا يتفوهون بكلمات غير مفهومة وصيحات عالية، ينظرون إلى أصحاب الروح الهادئ الوديع باحتقار كأشخاصٍ غير روحيين لا مواهب لهم، مما أدى إلى انحطاط معنويات الآخرين.

5. ظهور روح الحسد والغيرة طلبًا في مزيد من المواهب الظاهرة لنوال مجدٍ باطل! 

6. حث الرسول شعبه ألا يطلبوا الموهبة من اللَّه، بل بالأحرى يسألونه مواهب أعظم، وهي الإيمان والرجاء والمحبة (1 كو 1:13، 13).

موقف الرسول بولس

وضع الرسول بولس في الأصحاح الرابع عشر من رسالته الأولي إلى أهل كورنثوس ضوابط ومعايير لهذه الموهبة، منها:

v موهبة هادفة نحو بنيان الكنيسة:” حتى تنال الكنيسة بنيانا” [5]؛ “إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا” [12]؛ “متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم له لسان… فليكن كل شئ للبنيان” [26].

v يتكلم الإنسان بلسان مفهوم: “إن لم تُعطوا باللسان كلامًا يُفهم فكيف يُعرف ما تُكلم به، فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء؛ ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم وليس شئ منها بلا معنى” [9، 10].

v اللسـان موجه إلى غير المؤمـنين أصحاب لغة أجنبية: “إذًا الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين” [22].

v بلياقة وترتيب: “ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب” [40]؛ “فإن اجتمعت الكنيسة كلها في مكانٍ واحدٍ وكان الجميع يتكلمون بألسنة فدخل عاميون أو غير مؤمنين أفلا يقولون إنكم تهذون” [23]؛ إن كان أحد يتكلم بلسان فاثنين اثنين أو على الأكثر ثلاثة ثلاثة وبترتيب وليترجم واحد” [27]. معنى العبارة الأخيرة هكذا: إذا وجد غرباء يتكلم أصحاب موهبة الألسن في كل اجتماع اثنين فقط أو ثلاثة باللغات الأجنبية التي يفهمها الغرباء الحاضرون، ويقوم المترجم بعمله لأجل المواطنين حتى ينتفعوا بالكلمات الروحية البناءة ويحكموا بروح التمييز.

v أن تُمارس الموهبة بروح التمييز (1 كو 10:12)، وهى عطية لا تُقدم للجميع كعلامة ملء الروح أو العماد بالروح، وإنما لتحقيق الهدف السابق ذكره.

هل استمرت الموهبة في الكنيسة؟

يظهر من حديث ترتليان في القرن الثاني أن هذه الموهبة لم تكن موجودة في أيامه، كما كتب ميلتياد Militiades ضد البدعة المونتانية أن يكفوا عن التكلم بألفاظٍ غامضةٍ غير مفهومةٍ، حيث أدمجت موهبة التكلم بالألسنة في موهبة النبوّة، وجاءت شهادات الآباء تؤكد اختفاء الموهبة… لماذا؟

1. حققت الموهبة غايتها بقبول الأمم الإيمان.

2. ما تدعيه بعض طوائف القرن العشرين من اعتبار التكلم بالألسنة العلامة الوحيدة لما يسمونه بمعمودية الروح ينافي الفكر الرسولي [ المؤتمر الدولي الخمسيني الخامس 31/5/1912] الذي يحسبها في آخر قائمة المواهب.

3. استخدام الطوائف انفعالات تتنافى مع روح المسيح الوديع الهادئ.

4. استخدام كلمات غامضة يدّعى إنسان أو آخر إنه يترجمها يتنافى مع ما ورد في (1كو 12: 10) من وجود “تمييز الأرواح” للحكم على صدق الموهبة.

5. قدم الروح الموهبة ليضم الأمم، أما ما تمارسه الطوائف فيقسّم الكنيسة ويشقها عوض أن يوّحدها.

6. ارتباط الحركات الأخيرة في بدء القرن العشرين بالتكلم بالألسنة كنشوة خلالها ينطق الإنسان بكلمات غامضة وانفعالات نفسية لها خطورتها، حيث خلط البعض بين الموهبة كعمل روحي بنّاء وبين الانفعالات التي يمارسها غير المسيحيين، وقد أوضح الدارسون أن هذه الظاهرة توجد في غير المسيحية. هذا وقد دفع هذا التطرف (النطق بكلمات غامضة) بعض الدارسين إلى تطرف مضاد بالقول إن موهبة الألسن في يوم الخمسين كانت قصة رمزية تمثل حقيقة عمل الروح القدس الغالب للانقسامات العميقة بين البشر بما فيها من انقسام في اللغة.

دفاع بعض الخمسينيين

ألسنة الملائكة

يعتمدون على كلمات الرسول: “إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة” (1 كو 1:13)؛ وقوله: “لأن من يتكلم بلسان لا يكلم الناس بل اللَّه، لأن ليس أحد يسمع، ولكنه بالروح يتكلم بأسرار… من يتكلم بلسان يبنى نفسه، وأما من يتنبأ فيبنى الكنيسة” (1 كو 14: 2، 4).

يستحيل أن يكون الرسول قد عني أن أصحاب هذه الموهبة ينطقون بألسنة ملائكة، للأسباب التالية:

1. لم يسقط الملائكة في بلبلة ألسنة وتنوعها، ولا يمثلون أممًا ذات لغات متباينة وإلا احتاجوا إلى مترجمين فيما بينهم؛ كما يعني هذا حرمانهم من روح الوحدة.

2. حينما يتحدث الملائكة مع بشرٍ إنما هو تنازل منهم أن ينطقوا بلغاتنا البشرية حتى يمكننا أن ندرك الرسالة الإلهية المرسلة خلالهم.

3. يقول الرسول: “والألسنة ستنتهي” (1 كو 13:8)؛ فلو عني ألسنة الملائكة والسمائيين، فهل يتوقفوا عن الحديث الملائكي في الأبدية؟!

لقد وُهب البعض أن يصلوا بلغةٍ معينة كالفارسية أو اللاتينية حتى يتأكد الكل أن اللَّه قد فتح الباب ليس فقط للكرازة بلغات متعددة حقيقية وإنما فتح باب العبادة أيضًا. ليس ثمة لغة واحدة للعبادة كما ظن بعض اليهود. ومع هذا فإن الرسول يوضح أن هذه العطية تبني النفس ببركة إلهية، وإن كان لا يفهمها الحاضرون من غير أصحاب هذه اللغة تبنيهم ما لم يُوجد مُترجم. من جهة أخرى يؤكد الرسول حاجة المصلي نفسه إلى فهم ما يصلي به وما يرتل به: “إن كنت أصلي بلسانٍ فروحي تصلي وأما ذهني فهو بلا ثمر؛ فما هو إذًا ؟ أصلي بالروح وأصلي بالذهن أيضًا” (1 كو 14:14، 15).

لغة الروح ورقصاته

يرى بعض الخمسينيين أن التكلم بألسنة هو خبرة الروحٍ، أشبه بإشراقة نورٍ لا يمكن تصويرها بكاميرا ذات نور باهر (flash)… هو خبرة روح تُمارس ولا تُوصف، يُعبر عنها بالكلمات الغامضة والرقصات والأحلام الصادرة عن اللاشعور. يعتمدون في ذلك على بعض الأحداث التاريخية مثل تحدث القديس باخوميوس مؤسس نظام الشركة بلغات لم يتعلمها، وعلى أحاديث الآباء، خاصة المتوحدين، عن الدهش (الرؤيا السماوية).

يرد على ذلك بالآتي:

1. تعبر نشوة الروح أو رقصاتها في سير القديسين عن تهليل داخلي خفي لا يصاحبه حركات جسدية هستيرية، إنما هي انفتاح للقلب على السماء! 

2. حياة الآباء الروحية العالية سرّ خفي، كُشف أحيانا خلال بعض تلاميذهم، وليس استعراضًا في وسط الجماعة

3. ما حدث مع القديس باخوميوس كان بترتيب وحكمة، فقد ضم ديره جنسيات مختلفة، وكان الروح يهبه ذات اللغة التي يتحدث بها مع أب الأسرة الأجنبية، وهى لغة حقيقية مفهومة. 

جاء أيضًا عن القديس مقاريوس أن أحد أشراف روما أراد الحديث معه في سرّ خاص به وقد رفض وجود مترجم كي لا يُكتشف سره، فصلى القديس مقاريوس وأعطاه اللَّه أن يتكلم بلغة الشريف كمن وُلد فيها.

وجاء في رسالة من كنيسة سميرنا تدعى “استشهاد بوليكربس”، فيه عرض لما حدث مع الأسقف الشيخ عام 155ق.م فيه يرد خبرة التكلم بالألسنة. لقد سمح العسكر للأسقف أن يصلي لمدة: “وقف وصلى، وإذ كان مملوءً من نعمة اللَّه حتى استطاع ألا يتوقف لمدة ساعتين، وقد دُهش من سمعوه”.

فاصل

من وحي 1 كو 14

هب لي لسان الحب!

أرنم لك بالذهن كما بالروح!

v هب لي لسان الحب!

قلبي يبحث عنك وعن اخوتي يا أيها الحب،

فأتبع المحبة وأجتهد في إضرام مواهبك لي!

فلا أُفكر ولا أتكلم أو أعمل إلا بمسحة الحب!

v وهبت كنيستك الأولى موهبة التكلم بالألسنة،

لتفتح بحبك أبواب الرجاء أمام كل الأمم والشعوب.

هب لي أن تفتح قلبي ليجد كل إنسانٍ موضعًا فيه.

لست أطلب موهبة للاستعراض،

بل حبًا يحملني إلى قلوب حتى المقاومين لي.

v بالحب علمني أن أصلي بذهني كما بالروح،

وأرنم لك بالذهن كما بالروح.

فانسجم مع كل اخوتي في عبادتي،

ونشترك جميعًا بفهمٍ وحكمةٍ روحيةٍ.

في عبادتي أحمل كل إنسان بالحب إليك.

أُسر بخلاصه، وشركة مجده معك.

v هب لنا جميعًا أن نعبدك معًا بالروح.

نعبدك بلغةٍ مفهومةٍ، حتى يشترك ذهننا مع روحنا.

نعبدك بروح الهدوء والنظام،

فأنت لا تصيح، ولا يسمع أحد صوتك.

أنت إله نظام وليس إله تشويش.

v هب لنا الكنيسة أيقونة للسماء.

لا يُنزع الفرح عنها!

تتهلل دومًا وتفرح بتوبة الخطاة.

تعمل دومًا لأجل رجوع كل نفسٍ إليك.

تهيئ كل إنسانٍ ليحمل صورتك.

ويمتلئ رجاءً في يوم عرسه الأبدي.

v هب لي ولاخوتي روح الحب والحكمة،

فتتناغم عبادتنا مع سلوكنا في طريق حبك،

فننعم بالحياة السماوية.

 

فاصل

أقرأ أيضاً

فاصل

 تفسير كورنثوس الثانية 13 تفسير رسالة كورنثوس الأولى تفسير العهد الجديد
 تفسير كورنثوس الثانية 15
 القمص تادرس يعقوب ملطي
تفاسير رسالة كورنثوس الأولى تفاسير العهد الجديد

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى