تفسير رسالة كورنثوس الأولى ٩ للقمص أنطونيوس فكري

شرح كورنثوس الأولى – الإصحاح التاسع

مقدمة

 إعتاد الرسول ألاّ يقدم وصايا ما لم يختبرها في حياته، لذا إذ طالب أصحاب الضمير القوى بالتنازل عن حقوقهم في أكل لحم سيكون سبب عثرة لإخوتهم، وذلك بدافع المحبة. قَََََدْمَ الرسول نفسه مثالاً في ذلك، فمع أنه رسول للمسيح بدليل :- 1) أنه رأى المسيح 2) هو بشرهم وهم عمله. إلاّ أنه لمحبته لهم تنازل عن حقوقه الرسولية فلم يتركهم ينفقوا عليه حتى لا يثقل عليهم، بل إستعبد نفسه للجميع ليربح الجميع. وبينما كان من حقه أن تكون له زوجة تخدمه، فإنه رفض ليتفرغ تماماً للخدمة. وهو هنا يرد بالمناسبة على من شكك في رسوليته قائلآً.. أنه لم يكن من تلاميذ الرب بينما كان الرب على الأرض. وهو يدافع عن رسوليته حتى يطيعوه إذ طلب منهم الإمتناع عن الأكل في الهياكل الوثنية، فعليهم أن يلتزموا بما يقوله فهو رسول للمسيح. والإمتناع عن ذلك لسببين :- 

1-   عدم إعثار الضعفاء (إصحاح 8)

2-   الأكل فيه إشتراك في مائدة الشياطين (إصحاح 10)

ومع أنه رسول فهو حر مثلهم ولكنه بحريته إمتنع حتى لا يعثر أحداً فلا يقولوا نحن أحرار نأكل في المكان الذي نريده فهو رسول ومَثَلْ لهم.

 الآيات 1-14

آية 1 :- الست أنا رسولا الست أنا حرا أما رأيت يسوع المسيح ربنا ألستم انتم عملي في الرب.

هنا يؤكد رسوليته، فالمسيح إختاره حين ظهر له وصار شاهداً على القيامة وأنهم كما هم أحرار فهو أيضاً حر، وبحريته قبل خدمة المسيح وتنازل عن حقوقه.

 

آية 2 :- إن كنت لست رسولا إلى آخرين فإنما أنا إليكم رسول لأنكم انتم ختم رسالتي في الرب.

إن جاز لأحد أن يشكك في رسوليتى، فإنه لا يجوز لكم أنتم هذا لأنكم ختم رسالتي = 1) فالورقة لا تصلح أن تكون مستنداً ما لم يكن عليها ختم وأنتم ختم إثبات وصحة وصدق رسوليتى إذ تركتم الوثنية وآمنتم وصارت لكم كنيسة في كورنثوس وصارت لكم مواهب 2) ما رأيتم فيَّ ومنى من قوات وعجائب آمنتم بواسطتها.

 

آية 3 :- هذا هو احتجاجي عند الذين يفحصونني.

هنا يوقف الرسول نفسه في محكمة ليرد على إتهاماتهم وعلى من يشكك في محبته لهم 

 

آية 4 :- العلنا ليس لنا سلطان أن نأكل ونشرب.

سلطان = حق. من هنا يوضح لهم الرسول حقوقه الرسولية، وأنهم يجب أن يتكفلوا بإعاشته، ومطالبه ليست كثيرة = نأكل ونشرب. فإذا كنت قد تنازلت عن حقوقي فكيف تشككوا فيَّ فأنا لا أسعى وراء ربح ولست بمخادع.

 

آية 5 :- العلنا ليس لنا سلطان أن نجول باخت زوجة كباقي الرسل واخوة الرب وصفا.

أليس لنا سلطان أن نكون مثل باقي الرسل وتكون لي زوجة تخدمني وعليكم أن تعولوني وتعولوها، لكنني فضلت البتولية لأتكرس تماماً لخدمتكم. فبطرس كان متزوجاً وكذلك إخوة الرب يعقوب ويوسى ويهوذا وسمعان.

 

آية 6 :- أم أنا وبرنابا وحدنا ليس لنا سلطان أن لا نشتغل.

كان بولس وبرنابا وحدهما يشتغلون بأيديهم حتى لا يتضايق أحد.

 

آية 7 :- من تجند قط بنفقة نفسه ومن يغرس كرما ومن ثمره لا يأكل أو من يرعى رعية ومن لبن الرعية لا يأكل.

يتحدث الرسول عن نفسه وعن رفقائه في الخدمة كجنود للمسيح يجاهدون من أجل أن يمتد وينتشر ملكوت السموات ويقول من ذا الذي يدافع عن بلده ويُلْزَمْ بنفقة الحرب. ومثال آخر فالكنيسة هي كرم روحي يغرسه الرسول أفلا يأكل الغارس من عمل يديه، ومثال آخر يشبه نفسه به كراعٍ لنفوس رعيته أفلا يشرب من لبن رعيته. فالكرام والراعى لهما أجرة على تعبهما. وأجرة الراعى عادة في الشرق يأخذها كمية لبن من رعيته.

 

آيات 8، 9 :- العلي اتكلم بهذا كانسان أم ليس الناموس أيضا يقول هذا. فانه مكتوب في ناموس موسى لا تكم ثورا دارسا العل الله تهمه الثيران.

هذه من (تث 25 : 4) ومع أن الله تهمه الثيران ويعولها لكنه يهتم بالأولى بخدامه. فكما أنه يجب أن يترك الثور وقت الدراس ليأكل مما يدرسه، على الخادم أن تلتزم رعيته بنفقاته. العلى أتكلم بهذا كإنسان = ما أقوله ليس رأيي كإنسان بل هو رأى الناموس. وهو يستشهد بالناموس فالمعترضين عليه كان أكثرهم من أصل يهودي.

 

آية 10 :- أم يقول مطلقا من أجلنا انه من أجلنا مكتوب لانه ينبغي للحراث أن يحرث على رجاء وللدارس على الرجاء أن يكون شريكاً في رجائه.

الله أهتم أن ينبه شعبه في القديم بأن لا يهتموا بخدامه فيقدموا لهم ما يحتاجونه لمعاشهم، كما أن الحراث والدراس يعملان على رجاء الحصول على ثمار عملهم. مطلقاً = بلا شك

 

آية 11 :- إن كنا نحن قد زرعنا لكم الروحيات افعظيم إن حصدنا منكم الجسديات.

فالروحيات (الكرازة بالإنجيل) لا تقارن بالجسديات. والجسديات التي يطلبها هي قوت جسده. وهكذا فالباقيات لا تقارن بالفانيات 

 

آية 12 :- إن كان آخرون شركاء في السلطان عليكم أفلسنا نحن بالأولى لكننا لم نستعمل هذا السلطان بل نتحمل كل شيء لئلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح.

إن كان آخرون شركاء في السلطان عليكم = 1) الولاة وجباة الضرائب 2) اليهود الذين علموكم الناموس 3) المعلمين الحقيقيين أو الكذبة. كل هؤلاء يستفيدون منكم وتدفعون لهم صاغرين. أفلسنا نحن بالأولى = لأننا ولدناكم في الإيمان ولأننا نتحمل كل شئ = (أنظر (2كو 11 : 7 – 12) لترى ما تحمله الرسول). لكن الرسول لم يلزمهم بنفقاته حتى لا تتعوق الخدمة، مع أن هذا حقه.

 

آية 13 : – ألستم تعلمون أن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح.

هنا يستعمل الرسول معلوماته اليهودية. فاللاويين الذين يخدمون الهيكل يأكلون مما يقدم للهيكل. والكهنة يأكلون مما يقدم للمذبح، فهم يحصلون علي أنصبتهم من ذبائح الخطية والسلامة. هو يقول هذا حتى لا يسيء إلي من يحصل علي حقوقه من رعيته من بقية الرسل، فهم بهذا لا يخطئون.

 

آية 14 : – هكذا أيضا أمر الرب أن الذين ينادون بالانجيل من الانجيل يعيشون.

حتى لا يظنوا أن هذا هو تعليم العهد القديمفها هو يستشهد بأقوال السيد المسيح = الرب (مت 10 : 10 + لو 10 : 7، 8) ” الفاعل مستحق أجرته “.

 الآيات 15 – 18

آية 15 : – أما أنا فلم استعمل شيئا من هذا ولا كتبت هذا لكي يصير في هكذا لانه خير لي أن أموت من أن يعطل أحد فخري.

أما أنا فلم أكتب لكم هذا حتى أحصل منكم علي أموال بل لتتشبهوا أنتم بي وتتركوا بعضاً من حقوقكم في أكل ما ذبح للأوثان، محبة للضعفاء. وأنا أخدمكم وأتعب في عمل يديَّ (أع 20 : 34) لأنفق علي نفسي حتى أفتخر بكم أمام الرب. وخيرٌ لي أن أموت (جوعاً وعطشاً) من أن تتعثروا إذ تنفقوا عليَّ = من أن يعطل أحد فخري = فخري أن يكون الكل مؤمنين وتمتلئ الكنيسة. هذا أفضل من أي أموال. 

 

آية 16 : – لانه إن كنت ابشر فليس لي فخر إذ الضرورة موضوعة علي فويل لي إن كنت لا ابشر.

أنا أحس بإلتزام في التبشير فالرب أمرني بهذا (رو 1 : 14). ولن يعطلني شيء عن هذا حتى إن لم تنفقوا شيئاً عليَّ. ففي هذا مجدي الأبدي. ويلٌ لي = 1) من توبيخ ضميري 2) من ضياع المكافأة السماوية. فليس لي فخر = فأنا مكلف ولا أطلب مقابل مادي لذلك، لا أفتخر بخدمتي وأطلب عنها أجراً.

 

آية 17 : – فانه إن كنت افعل هذا طوعا فلي اجر ولكن إن كان كرها فقد استؤمنت على وكالة.

لأنه إن كنت أكرز بدافع من رغبتي وبإختياري دون إضطرار بل في حرية فسيكون لي الحق في مكافأة. أما إذا كنت أكرز عن كره وإلزام كأن أمر الخدمة قد فرض علىَّ فرضاً، فأنا أباشر عملي كشخص استؤمن على وكالة ما. علي أي الأحوال فأنا لن أكف عن الكرازة فالرب أمرني. وهنا نري نوعين من الخدام 1) من يخدم بتغصب 2) من يخدم بفرح.

المهم سواء هذا أو ذاك المهم أن يخدم. ولا يعمل عمل الرب برخاوة، فالخدمة تكليف من الله. 

 

آية 18 : – فما هو اجري إذ وأنا ابشر اجعل انجيل المسيح بلا نفقة حتى لم استعمل سلطاني في الانجيل.

فما هو أجري = الرسول يشرح في 17، 18 أنه لا ينتظر عائداً أو أجراً علي خدمته منهم، فهو مستأمن علي رسالة ومسئولية، وهو سعيد بأنه يعمل مع المسيح لمجده ولإنتشار ملكوته. وربما هم يتعجبون سائلينو ما هو أجره ؟ أو ما هو الذي ينتظره من تعبه ؟.. هو إنتشار الإنجيل. وهذا ما قاله في (19)لأربح الكثيرين إستعبدت نفسي للجميع.

 الآيات 19 – 23

آية 19 : – فاني إذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لاربح الاكثرين.

الرسول ضحي بكل شيء حتى أنه مثلاً لا يثور لكرامته = استعبدت نفسي هو يقدم خدماته ولا يطلب شيء كأنه عبد ليكسب الجميع، وهذا هو المسيحي الخادم. فلنحرص في معاملة الآخرين ألاّ نطلب حقوقنا بل نكسب نفوس الآخرين.

 

آية 20 : – فصرت لليهود كيهودي لاربح اليهود وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لاربح الذين تحت الناموس.

قطعاً ليس المقصود علي حساب ضميره وعقيدته، بل هو يكلم كل واحد بلغة يفهمها، يظهر محبته لليهود محترماً الناموس فيما لا يتعارض مع المسيحية، لذلك ختن الرسول تلميذه تيموثاوس حتى يستطيع الخدمة وسط اليهود وأوفي النذور وحلق شعره. والرسول لا يدعو للتلون، بل أنه علينا أن نكلم كل واحد بالأسلوب الذي يلائمه. حبه للناس جعله يعمل هذا ليجتذبهم للإيمان. فكان من غير المعقول أن يكلم اليونانيين من الناموس وهم لا يعلمون عنه شيئاً. إنما حين كلمهم إستشهد بشعر قاله شاعرهم المشهور أبيمينيدسلأننا به نحيا ونتحرك ونوجد “. كما قال بعض شعرائكم أيضاً لأننا أيضاً ذريته (أع 17 : 28). ولكن لماذا التكرار ؟ صرت لليهود.. وللذين تحت الناموس. لأن هناك يهود آمنوا بالمسيح وتحرروا من الناموس. لكل واحد لغة يكلمه بها.

 

آية 21 : – وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس مع أنى لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس للمسيح لاربح الذين بلا ناموس.

الذين بلا ناموس = الأمم مثلاً. فهو أظهر للأمميين أنه لا يرتبط بطقوس الناموس والتقاليد. ولكن هذا لا يمنعه من أن يلتزم بالناموس الأخلاقي، كأني بلا ناموس = لم يلزمهم بناموس موسى، بل أظهر لهم أنه تحرر منه.ناموس المسيح = لا يفهم من هذا أنه صار بلا قانون ولا ناموس. فالحياة مع المسيح لها التزاماتها و قوانينها. هو ناموس حب الله، ولا يخالف وصاياه بسبب هذا الحب.

 

آية 22 : – صرت للضعفاء كضعيف لاربح الضعفاء صرت للكل كل شيء لاخلص على كل حال قوما.

حرصت أن أعامل الضعفاء في المعرفة والإيمان بمحبة ورفق، فهو كان مستعداً أن يمتنع عن أكل اللحم تماماً حتى لا يعثرهم، هو لا يشاركهم ضعف إيمانهم، بل هو يسايرهم بالطريقة التي لا يتعثرون بها حتى يجذبهم إلي الإيمان. خلاصة الكلام أنه علي الخادم أن يكون حكيماً في معاملة كل واحد، فليس ما يصلح لفرد يصلح لآخر.قصة : – راهب يأس من خطية إستعبدته، وكان سيترك الدير. فقال لهُ آخر، وأنا مثلك، تعال نصوم ونصلي ليرحمنا الله وظل هكذا حتى ترك خطيته = صرت للضعفاء كضعيف.

 

 

آية 23 : – و هذا أنا افعله لاجل الانجيل لاكون شريكا فيه.

الرسول يعمل كل هذا ويخدم كل هذه الخدمة لا سعياً وراء مكسب مادي بل ليكون شريكاً في مجد وبركات الإنجيل الأبدية، أي التي وَعَدَ بها الإنجيل.

 الآيات 24 – 27

آية 24 : – ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحدا يأخذ الجعالة هكذا اركضوا لكي تنالوا.

هنا يستشهد بأمثلة من المباريات الرياضية 1) الجري في هذه الآية 2) والملاكمة في آية 26. يركضون = الكلمة تشير لجهاد وعرق وتعب وصراع مرير وفي هذا إشارة لخدمة بولس وجهاده في الكرازة، وهو يركض ليحصل علي إكليل المجد = الجعالة = هي مكافأة الفوز. وهذا الكلام موجه لكل واحد منا. فالحياة الروحية ليست هي حياة الكسل والخمول والتخاذل. ولكن هناك فرق بين السعي في ميدان الرياضة وفي الميدان الروحي، ففي الأول يأخذ المكافأة شخص واحد هو البطل وربما إثنين. أما في المجال الروحي فكل من يجاهد يحصل علي المكافأة، جميعنا مدعوون للحصول علي الإكليل ولكن هناك درجات في السماء لمن يجاهد أكثرفنجماً يمتاز عن نجم في المجد ” (1 كو 15 : 41) 

 

آية 25 : – وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء أما أولئك فلكي يأخذوا اكليلا يفنى واما نحن فاكليلا لا يفنى.

يضبط نفسه = رياضياً، فاللاعبون كانوا يمتنعون عن الطعام والشراب ويلتزمون بنظام صعب ليحافظوا علي أوزانهم. ويمتنعون عن المعاشرات الجنسية حتى لا يستهلكوا قواهم، وروحياً مطلوب الصوم والجهاد في الصلاة والخدمة ومراقبة حواس الجسد من الطياشة في الخطية وغصب الإرادة علي السير في الطريق الصحيح، (2 تي 2 : 5 + 4 : 7، 8).

إكليل يفني = كانوا يضعون علي رأس الفائز إكليل من نباتات، و كان هذا يفني بعد يوم أو يومين.

 

آية 26 : – إذا أنا اركض هكذا كأنه ليس عن غير يقين هكذا أضارب كأني لا اضرب الهواء.

كأنه ليس عن غير يقين = ففي المجال الرياضي آلاف يركضون وواحد فقط يأخذ الإكليل. أمّا نحن المؤمنين فكل من يجاهد يأخذ إكليل، هذا عن يقين. والمعني أنه عليكم أن تتمثلوا بي فأنا إذ أجاهد وأركض فأنا أعرف ما هو الهدف الذي أسعي وراءه وأعرف الكيفية والوسيلة التي أحقق بها الجعالة، أي أنني لا أجاهد باطلاً كمن يضرب الهواء = هكذا أضارب كأني لا أضرب الهواء = أضارب الهواء هو مثل يشير للملاكم الذي يخطئ الهدف، بسبب مهارة الملاكم المنافس الذي يفلت من ضربات خصمه. وبهذا تتبدد قواه في الهواء وليس ضد الخصم. أما نحن ففي جهادنا نسدد ضربات حقيقية لإبليس بقيادة ومعونة وإرشاد الروح القدس فأنا أعرف أنني أحارب أعداء حقيقيين (أف 6 : 11، 12) وهم ليسوا خيال أو وهم. ولذلك إستخدم الرسول ألفاظ أضارب وأصارع، فلا هوادة في هذه الحرب بل علينا بالسهر فخصمنا إبليس كأسد زائر (2 بط 5 : 8، 9). وأعدائنا هم إبليس والعالم والجسد. في مجال الألعاب الرياضية هناك من يبذل جهداً ولا يفوز ولكن في المجال الروحي كل من يبذل جهداً يحصل علي إكليل لا يفني. 

 

آية 27 : – بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا

هنا نجد الرسول يطبق علي نفسه ما قاله في (غل 2 : 20) ” مع المسيح صلبت فأحيا… ” فنراه يفعل ما يفعله الرياضي، و يجاهد و يضبط نفسه في كل شيء، وهذا كما قلنا يكون بالإنقطاع عن الطعام والشراب والجنس للرياضيين، أمّا بالنسبة للرسول ولحياتنا الروحية فعلينا أن نقمع أهواء الجسد ونصلب الأهواء والشهوات (غل 5 : 24) في أصوام، في سهر، في مطانيات، في خدمة، صالبين أهواء الجسد كالزنا والطمع والحسد فهذه تميت الحياة الروحية. إذاً علي الجسد أن يكون خاضعاً للروح. لقد شعر الرسول بالرغم من كل كرازته أن نصيبه السماوي أو إكليله معرض للضياع إن لم يقمع جسده ويستعبده ويضبط نفسه ويقمع شهواته. إذاً الحياة الروحية هي جهاد متواصل لئلا يفقد المؤمن المتواني ما سبق وكسبه. والرسول يذكر هذا لئلا يظن السامعون أن الرسول يفتخر متكبراً بسبب التنازلات التي ذكرها لأجل الخدمة، لذلك يؤكد أنه لا يضمن شيء بل هو يصارع ويجاهد حتى النفس الأخير. 

تأمل : – إذا ثار الجسد ضد الإرادة وطلب لذته يصبح أخطر عدو للإنسان، فهو بهذا يرفض الخضوع لتوجيهات الروح. ومن لا يركب جسده سيركبه جسده، ومن لا يذل جسده سيذله جسده. إن كنت تريد أن تنتصر علي عدو في خندق حصين، إقطع عنه الإمدادات، هذه فائدة الصوم والمطانيات والجهاد في الصلاة والخدمة، وإعتبار الجسد ميتاً أمام شهواته.

فاصل

أقرأ أيضاً

فاصل

تفسير كورنثوس الأولى 8 تفسير رسالة كورنثوس الأولى تفسير العهد الجديد
تفسير كورنثوس الأولى 10
 القمص أنطونيوس فكري
تفاسير رسالة كورنثوس الأولى تفاسير العهد الجديد

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى