البابا ديمتريوس الثاني

البطريرك رقم 111

 بعد أن خلا الكرسي المرقسی باستشهاد ابي الاصلاح أصيب القبط بنوع من الذهول أدى إلى أن يظل هذا الكرسي العظيم شاغراً مدة سنة واربعه اشهر ونصف. وحدث في اواخر هذه الفترة أن اجتمع مطارنة أورشليم ومصر ومنفلوط واتجهت انظارهم إلى ضرورة اختبار الراعي الأول . فأستدعوا الأراخنة الذين كانوا على صلة بهم وتناقشوا معهم في هذا الموضوع الحيوي. واستقر الراى على وجوب دعوة الأنبا يؤنس اسقف المنوفية ( وهو القس برسوم الانطوني الذي كان قد رافق الأنبا كيرلس الرابع في رحلته الأولى إلى الحبشة ) فكتبوا إليه يدعونه و لكنه

لم يرد عليهم . فلما استبطأوه بعثوا له برسالة ثانية. واستجاب الانبا يؤنس لهذه الدعوة الملحة . وما أن انتهى الجميع من التداول حتى انتهت كلهم جميعا إلى اختيار القمص ميخائيل عبد السيد رئیس دیر الأنبا مكارى الكبير للكرامة الكهنوتية العظمى . واقيمت شعائر الرسامة الجليلة في 9 بؤونة سنة 1578ش فأصبح بهذا البابا المرقسي الحادي عشر بعد المئة باسم ديمتريوس الثاني وقد وصفه معاصروه بأنه كان شهماً عاقلاً محباً للعلوم فاعتنى بترتيب المدارس و بالغ في وضعها على النحو الذي نحاه البابا کیرلس… .

 وأول زيارة قام بها البابا ديمتريوس كانت لسعيد باشا الوالي الذي هناه على الكرامة التي نالها ثم قال له :” ولا تفعل مثل سلفك ، بل كل ما يلزمك قل لى عليه مباشرة وأنا مستعد لأن أؤديه لك”

وقد وجه البابا ديمتريوس نظراته الأولى إلى الكنيسة المرقسية التي كان أبي الاصلاح قد شرع في تجديدها فأتم بناءها ثم زخرفها.

تم تولى اسماعيل باشا حكم مصر في 18 يناير سنة 1862م. وكان رجلاً واسع الأفق يستهدف النهوض بالبلاد . فكان يستخدم الاكفاء من الرجال سواء أكانوا مسلمين ام مسيحيين.

وكانت البابوية القبطية إذ ذاك اثنتي عشرة مدرسة بالقاهرة وواحدة بمصر القديمة وواحدة بالجيزة ومدرستان بالاسكندرية ( بين بنين وبنات) بتعلمون فيها اللغتين القبطية والعربية والحساب و مبادئ الهندسية و التاريخ والجغرافيا ومبادىء المنطق والألحان الكنسية ثم الفرنسية أو الانجليزية او الايطالية. ويجدر بنا ان نلحظ أن المسئولين عنها جعلوا القبطية لغة اساسية، وذلك بخلاف ماحدث بعد الاحتلال وانتشار المدارس الأجنبية.

كذلك وجد البابا ديمتريوس الثاني الفرصة مواتية لبناء السكن البابوي إلى جوار الكنيسة المرقسية من ناحيتها الغربية. ولما انتهى من بنائه اکمل العمارة التي كان قد بداها في عزبة دير الأنبا مكاري الكبير ايام رياسته لهذ الدير.

 وما يجدر ذكره أن مصر في السنوات الأولى من حكم اسماعيل اصبحت لها مكانة خاصة بين الدول ومن مظاهر هذه المكانة ان الخديوي تفاوض رأسا مع الدول الأوربية في موضوع استبدال المحاكم القنصلية بالنظام القضائي المختلط . كذلك جعل مصر تشترك في معرض باريس حيث اقيم به قسم خاص لها جمع بين صنوف البهجة والعظمة ولفت الأنظار إلى الانتاج المصری وامكانياته.

 على أن العمر لم يمتد بالانبا ديمتريوس الثاني، فلم تستمر بابويته غير سبع سنوات وسبعة شهور وثلاثة أيام وكان انتقاله إلى عالم النور ليلة عيد الغطاس ۱۱ طوبة سنة 1586 ش . ولقد اشتركت الحكومة المصرية ورؤساء الطوائف المسيحية مع الأقباط في احتفالهم بجنازته .

وعملا بالتقليد الكنسي اختير الأنبا مرقس مطران البحيرة ليكون قائم مقاماُ بطريركيا إلى أن يتسلم البابا الجديد مهام كرامته . على أن الكرسي المرقسی ظل شاغراً اربع سنوات و تسعة أشهر وأربعة عشر يوماً.

____

من كتاب قصة الكنيسة القبطية ج4 إيريس حبيب المصري

فاصل

البابا كيرلس الرابع  القرن التاسع عشر عصر النهضة البابا كيرلس الخامس
تاريخ البطاركة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى