تفسير سفر ملوك الأول 1 للقمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاحان 1-2

استقرار مملكة سليمان

في هذين الأصحاحين نرى سليمان بن داود المولود من بثْشَبع التي لم يكن يحق لداود أن يتزوَّجها، ولم يكن البكر الذي له أن يخلف أباه على العرش، اُختير للمُلك بواسطة أبيه، بناء على دعوة إلهيَّة. إذ قيل له: “هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة، وأُريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان، فأجعل سلامًا وسكينة في إسرائيل في أيَّامه، هو يبني بيتًا لاسمي، وهو يكون لي ابنًا وأنا له أبًا، وأُثبِّت كرسي ملكه على إسرائيل إلى الأبد” (1 أي 22: 9).

يبدو إنَّه كان من المتوقَّع أن يتسلَّم العرش أدونيَّا، الابن الرابع لداود، (1 مل  2: 15، 22)، إذ مات الأبناء الثلاثة السابقون: آمون وإبشالوم (2 صم 3: 2-5) وكيلآب.

إذ شاخ داود جدًا خطَّط أدونيَّا لاستلام الملك، لكن ناثان النبي أطاح بالخطَّة، وتسلَّم سليمان المملكة، وكان سليمان كريمًا في معاملته مع أخيه. لكن إذ صمَّم أدونيَّا على استلام المملكة قتله سليمان.

 

إقامة سليمان ملكًا

اختيار خليفة لداود الملك كان بالأمر الذي يحتاج إلى تدخُّل إلهي، إذ لم يكن في ذلك الوقت قد وُجد نظام ثابت. كان النظام الملكي حديثًا بالنسبة لإسرائيل، لم يمارسه سوى ملكان هما شاول من سبط بنيامين، وداود من سبط يهوذا. لم يخلف شاول أحد أبنائه، ولا أحد أفراد أسرته أو عشيرته أو سبطه، بل ورثه داود كرجل الله المعيَّن منه مباشرة. وقد سبق هذا نظام القضاة لفترة تبلغ حوالي ثلاثة قرون، لم يعتمد هذا النظام على الخلافة، بل يتمتَّع كل منهم بالقيادة متى دُعي من الله ونال بركة منه (مع استثناء أحدهم)، هذه الدعوة هي عطيَّة شخصيَّة لا تورّث. لقد وعد داود الملك زوجته بثْشَبع أن ابنهما سليمان يرثه الملك، لكن أدونيَّا ابن حجيت خطَّط لاستلام المُلك.

 

1. شيخوخة داود:

مات شاول أول ملك على إسرائيل في معركة في خزيٍ وعارٍ، وانتهت أسرته الملوكيَّة. أمَّا داود الملك البار فقد شاخ وفقد طاقاته الجسديَّة، لكنَّه مات متهلِّل النفس، بعد أن استراح قلبه بإقامة ابنه سليمان ملكًا ليكمِّل ما لم يستطع هو أن يفعله.

“وشاخ الملك داود.

تقدَّم في الأيَّام، وكانوا يدثِّرونه بالثياب فلم يدفأ.

فقال له عبيده:

ليفتِّشوا لسيِّدنا الملك على فتاة عذراء، فلتقف أمام الملك،

ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنك،

فيدفأ سيِّدنا الملك.

ففتَّشوا على فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل،

فوجدوا أبيشج الشونميَّة فجاءوا بها إلى الملك.

وكانت الفتاة جميلة جدًا فكانت حاضنة الملك،

وكانت تخدمه ولكن الملك لم يعرفها” [1-4].

شاخ داود الملك ولم تكن ثياب نومه قادرة أن تهبه دفئًا، فتشاور عبيده فيما بينهم للعمل لأجل راحته. يتساءل البعض: لماذا يروي الكتاب المقدَّس هذه القصَّة التي تبدو تافهة؟

  1. لتُظهر أن داود الملك صار ضعيفًا جدًا بسبب شيخوخته، غير قادرٍ على تدبير أمور مملكته، فكان لا بُد من مسح خليفته ليمارس العمل الرعوي الملكي في حياة داود.
  2. لكي يروى فيما بعد خطَّة أدونيَّا لاستلام الحكم بطريقة غير مباشرة برغبته في الزواجبأبيشجحاضنة الملك داود.
  3. الحياة الشاقة التي لحقت بداود النبي والمتاعب جعلته في شيخوخة مبكِّرة. فقد عانى الأمَرِّين من الملك شاول الذي كرَّس طاقاته وطاقات رجاله للتخلُّص من داود. هذا وقد واجه صعوبات لا حصر لها بعد تولّيه العرش، خاصة مشاكل أسرته، مثل اعتداء ابنه أمنون على أخته ثامار، وتمرُّد ابنه إبشالوم (2 صم 10: 15-19). فإن الوصف المذكور هنا لا يناسب إنسان في السبعين من عمره، بل أكثر بكثير. مع هذا فإن الله لم يسمح لهذا الضعف الشديد غير الطبيعي أن يحطِّم نفسيَّة داود النبي، بل فرَّح قلبه حتى اللحظات الأخيرة من عمره.
  4. يرى بعض الدارسين أن ما حلّ بداود من شيخوخة مبكِّرة هو تأديب إلهي من أجل اغتصابه بثْشَبع واغتيال زوجهاأوريَّا الحِثِّي. فإنَّه متى حرَّم الإنسان نفسه من دفء البرّ الإلهي لا تستطيع ثياب العالم، حتى وإن كانت ملكيَّة أن تدفئ قلبه. في حديث أليهو مع أيوب قال له: “أتدرك… كيف تسخِّن ثيابك؟” (أي 37: 17). ويوبِّخ الرب شعبه المنشغل بمصالحه الخاصة لا ببيت الرب قائلًا: “تكتسون ولا تدفأون” (حج 1: 6).
  5. لعلَّ الله أراد أن يقدِّم لنا صورة داود صاحب القلب الناري، والذي لم يتوقَّف عن العمل الإيجابي لحساب مملكة الله منذ صبوَّته، إذ نراه في شيخوخة مبكِّرة لكنَّها سعيدة. فنحن لا ندري ما يحلّ بنا في الغد، لذا يليق بنا أن نهتم برصيد حياتنا وشركتنا مع الله قبل أن تحلّ بنا الشيخوخة أو تُطلب نفوسنا.
  6. ذُكر أن “داود لم يعرفها“، لا ليعلن عن عجزه عن ممارسة العلاقة الزوجيَّة، أو لكي يوضَّح إنَّها ليست من سراريه، وإنَّما ليوضَّح لماذا طلبها أدونيَّا زوجة له بعد وفاة داود أبيه (2: 17).

كان داود في الثلاثين من عمره عندما أقيم ملكًا في حبرون (2 صم 5: 4)؛ وملك 7 سنوات وستَّة أشهر هناك (2 صم 11، 1 أي 3: 4)، وملك 33 سنة في أورشليم (2 صم 5: 5)، وكأنَّه كان عمره في ذلك الحين (قبل نياحته بعامٍ) تسعة وستين سنة. لم يعش اليهود في ذلك الوقت لمدَّة طويلة، فلا نجد ملكًا بعد داود عاش أكثر من ستِّين عامًا سوى سليمان ومنسَّى.

جاءت كلمة “عبيده” [2] هنا بالمعنى العام، وقد وردت في سفريّ الملوك الأول والثاني لتعني إحدى أربع فئات:

*     العبيد slaves.

*     الذين ينالون أرضًا كهبة مقابل خدمتهم للشخص كخدَّام في بيته.

*     العاملون في القصر الملكي.

*     المشيرون الخصوصيُّون. فقد قيل عن نعمان السرياني رئيس الجيش إنَّه عبد للملك (2 مل 5: 6) وعسايا (22: 12)، ونبوزرادان رئيس الشرط الذي حطَّم أورشليم (2 مل 25: 8).

أما العبارة التي بين أيدينا [2] فيقصد بالعبيد الفئة الثالثة، أيّ الذين يعملون في القصر الملكي ويهتمُّون بمخدع الملك(9).

أما عن تفكيرهم في اختيار فتاة عذراء تقف أمام الملك وتكون حاضنة له، فيقول يوسيفوس المؤرخ اليهودي(10) بأن هذا الأمر كان مستخدمًا كعلاج طبِّي للشيوخ، وهو أن تنام بجوار الشيخ ممرِّضة دون الارتباط به كزوجة، وأن هذا كان معروفًا كدواء يوناني مصرَّح به بواسطة جالين Galen.

فتِّشوا عن فتاة عذراء فوجدوا أبيشج الشونميَّة.

أبيشج: اسم عبري معناه “أبي تائه”. كلمة “أبيشج” مشتقَّة من šãgã، وتعني “يخطئ” أو “يضل”، لذا يظن البعض أن والدتها قد دعتها هكذا لأن أباها كان قد هجر البيت وضلَّ. ويرى آخرون إنَّه اسم إله محلِّي متجوِّل كان يتعبَّد له أهل شونيم، لا نعرفه حتى الآن(11).

لقد وردت كلمة “شونميث” في سفر نشيد الأناشيد (6: 13)، سفر العرس بين سليمان وبينها، وهو اسم رمزي للكنيسة ملكة السلام كعريسها، لأن الاسم هو مؤنَّث كلمة “سليمان” في العبريَّة. أمَّا هنا فيرى(12) H.H. Rowley بأنَّها قرية عربيَّة تسمَّى “سولم Sulem” جنوب غربي جبل الدحى، تبعد حوالي سبعة أميال جنوب شرقي الناصرة، وردت في (2 مل 4: 21 إلخ)، كموطن المرأة التي أقام إليشع النبي ابنها. تبعد حوالي ثلاثة أميال ونصف شمال يزرعيل، وخمسة أميال شمالي غرب جبل جلبوع، وعلى بعد 16 ميلًا من جبل الكرمل. وهذه القرية محاطة ببساتين وحقول وبها عين ماء. يرى البعض أن الكلمة مشتقة من sãkan وتعني “في الخدمة”، فإنَّها تمثِّل الإنسان الذي يعمل لخدمة الغير.

قدَّم لنا القديس جيروم في رسالته إلى نيبوتيان Nepotian كاهن Altinum عند خاله الأسقف Heliodorus تفسيرًا رمزيًا لقصَّة أبيشج الشونميَّة اقتطف منها بعض العبارات:

*     إذ يشعر الشيخ بالبرد يلتحف بالبطاطين، لكنَّه يجد دفئه فقط في احتضان فتاة له! كانت بثْشَبع لا تزال حيَّة، وأيضًا أبيجايل، وبقيَّة الزوجات والسراري اللواتي أشار الكتاب المقدَّس إلى أسمائهن. ومع ذلك رُفضت هؤلاء جميعهن بكونهم باردات، لم يجد الشيخ دفئه إلاَّ في حضن فتاة صغيرة.

إبراهيم شاخ وكان أكبر سنًّا من داود، ومع هذا لم يشعر قط بالبرد مع رفقة مع كونها مسنَّة… وموسى قائد الإسرائيليِّين عاش 120 عامًا ولم يطلب تغيير صفُّورة.

من إذن هذه الشونميَّة، الزوجة والحاضنة، التي تشع بالحرارة وتعطي دفئًا لمن هو بارد، وهي مقدَّسة ولا تثير الشهوة فيمن تدفئه؟ لندع سليمان، أحكم الرجال يخبرنا عن أبيه المحبوب. لندع رجل السلام يخبرنا عن أحضان رجل الحرب (داود). لقد كتب: “اقتنِ الحكمة. اقتنِ الفهم. لا تنسَ ولا تعرض عن كلمات فمي. لا تتركها فتحفظك، أحببها فتصونك. الحكمة هي الرأس. فاقتن الحكمة وبكل مقتناك اقتنِ الفهم. ارفعها فتُعلِّيك. تمجِّدك إذا اعتنقتها. تُغطِّي رأسك إكليل نعمة، تاج جمالٍ تمنحك” (أم 4: 5-9).

غالبًا كل الفضائل التي يمارسها الجسد تتغيَّر مع الزمن وتفسد، كالصوم والسهر والعطاء، إذ تصير ممارستها صعبة. أيضًا الرقاد على الأرض والتحرَّك من موضع إلى آخر، واستضافة المسافرين والمثابرة على الصلاة، وافتقاد المرضى، والعمل اليدوي لجلب مال للعطاء. باختصار كل الأعمال التي يمارسها الجسد تنحل… بينما الحكمة وحدها تزداد (مع الزمن).

اسم “أبيشج” نفسه له معنى رمزي يُشير إلى الحكمة العظيمة التي الشيوخ. فإن معناه هو: “أبي فوق وأعلى” أو “زئير أبي“. تعبير “فوق وأعلى” غامض، لكنَّه يشير في هذه العبارة إلى السمو، ويعني أن الشيخ له رصيد ضخم من الحكمة يفيض بسبب كثرته…

علاوة على هذا فإن “أبيشج” تعني “زئيرًا”، تستخدم عن الصوت غير الواضح الذي تحدثه الأمواج والضجيج الصادر عن البحر. من هنا يتَّضح أن الرعد الذي للصوت الإلهي يسكن في أذني الشيخ.

مرَّة أخرى فإن كلمة “الشونميَّة” في لغتنا معناها “أرجوان”، توحي بأن محبَّة الحكمة تهب دافئًا وتشع بهاءً. فإن كان اللون (الأرجواني) قد يُشير إلى سرّ دم المسيح، فإنَّه يصدر إشعاعًا بهيًّا للحكمة(13).

القديس جيروم

بمعنى آخر فإن كل مؤمن يحتاج أن تحتضنه الحكمة العلويَّة النازلة من السماء، تنزع عنه كل برودٍ روحي، وتهبه قلبًا ملتهبًا بنار الحب الإلهي، يتمتَّع بها خلال دم المسيح!

جاء في سفر الحكمة:

الحكمة خير من القوَّة، والحكيم أفضل من الجبار” (حك 6: 1).

فإن الحكمة ذات بهاء ونضرة لا تذبل، ومشاهدتها متيسِّرة للذين يحبُّونها، ووجدانها سهل على الذين يلتمسونها” (حك 6: 13).

فابتغاء الحكمة يبلغ إلى الملكوت” (حك 6: 21).

هب ليّ الحكمة الجالسة إلى عرشك ولا ترذلني من بين بنيك” (حك 9: 4).

يكمل القديس جيروم حديثه موضِّحًا أن هذه الحكمة العلويَّة تهب دفئًا عوض البرودة، وهو دفء النار التي جاء السيِّد المسيح ليلقيها (لو 12: 40). ألقاها في تلميذيه اللذين كانا في الطريق إلى عمواس فقالا: “ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلِّمنا في الطريق ويوضِّح لنا الكتب؟!” (لو 24: 32). هذا الدفء تمتَّع به القينيُّون الخارجون من دفء بيت أب ركاب.

هكذا من يلتصق بالحكمة يحول الروح القدس الناري واهب الحكمة حياته إلى دفءٍ روحيٍ لا يقدر العالم أن ينتزعه من أعماقه.

2. أدونيَّا يخطِّط لاستلام الحكم:

كان أدونيَّا الابن الرابع لداود (2 صم 3: 4؛ 1 أي 3: 2) لكن بعد موت إبشالوم وأمنون وكيلآب صار أدونيَّا هو أكبر أبناء داود الأحياء في ذلك الحين، فحسب نفسه الوارث للعرش (2: 15)، وقد أراد أن يطمئن لذلك قبل موت والده. لكن الله، الملك غير المنظور، احتفظ بحقِّه في اختيار الملك الأرضي (تث 17: 15) الذي يمثِّله في إسرائيل.

لم يشتهِ داود النبي المُلك قط، ولم يجرِ وراء العرش. وحين اختاره الرب ومسحه صموئيل النبي لم يسعَ ليحقِّق ذلك، ولا حسب ذلك سماحًا إلهيًا ليقاتل شاول ويحتلّ مركزه. على العكس كان شاول يطلب نفسه، مكرِّسًا طاقته لهذا العمل، وحين سقط شاول بين يديه أكثر من مرَّة لم يمسه بأذى. وحين قُتل شاول بكاه داود ورثاه بحب قلبي صادق. لكن جاء بعض أولاده يتكالبون على العرش، كما فعل قبلًا إبشالوم الذي لم يطلب العرش وحده بل وطلب رقبة أبيه. وها هو أدونيَّا الآن يندفع ليغتصب العرش. لقد أعد المركبات والخيول، لا ليحارب عن بلده، وإنَّما لكي يغتصب المركز بالمظهر. ويلقي الكتاب باللوم على والده الذي لم يكن حازمًا في تربيته.

في كبرياء قلبه لم يشته المُلك لكي يخدم الآخرين، ويعمل لصالح شعبه، ولمجد الله، وإنَّما لكي يحقِّق الأنا، في تشامخ وأنانيَّة وحب السلطة والسيطرة.

“ثم أن أدونيَّا ابن حجيث ترفَّع قائلا ً: أنا أملك،

وعدَّ لنفسه عجلات وفرسانًا وخمسين رجلًا يجرون أمامه” [5].

*     لا شيء يجعل الرِجل تزل إلاَّ الكبرياء!

المحبَّة تحرَّك الرِجل للسير والتقدُّم والصعود، أمَّا الكبرياء فتدفع الرِجل إلى السقوط(14).

القديس أغسطينوس

وُلد أدونيَّا في حبرون حين كان داود ملكًا على يهوذا. حسب في نفسه إنَّه الوارث الشرعي لكرسي أبيه، تسانده العناصر المحافظة مثل يوآب رئيس جيش إسرائيل وأحد أقرباء الملك (1 أي 2: 16)، وأبياثار الكاهن الذي نجا من المذبحة التي ارتكبها شاول الملك لكهنة نوب، وكان مرافقًا لداود حين كان هاربًا من وجه شاول في بريَّة يهوذا (1 صم 22: 20). كما سانده “رجال يهوذا” الذين كانوا في أورشليم.

اعتمد أدونيَّا على القوَّة الشعبيَّة مثل أخيه إبشالوم، وفشل الاثنان في تحقيق شهوة قلبيهما، مع أن أدونيَّا كانت تسنده القوَّة العسكريَّة (يوآب) ورجال الدين (أبياثار الكاهن).

بلا شك كان أدونيَّا يعلم بالقسم الذي نطق به والده أمام بثْشَبع بأن ابنها سليمان يكون وارثًا له على كرسيه، لهذا عندما خطَّط للمُلك لم يدْعُ سليمان ولا ناثان النبي وبناياهو والجبابرة الذين سمعوا بالقسم وكانوا متحالفين مع داود على إقامة سليمان ملكًا.

لكي يقيم أدونيَّا نفسه ملكًا استخدم وسائل بشريَّة. لقد خطَّط وتحرَّك لاستلام المُلك. اتَّكل على المركبات والخيل: “وعدَّ لنفسه عجلات وفرسانًا وخمسين رجلًا يجرون أمامه” [5]. لم يتجاوب مع تسبحة موسى النبي القائل: “الفرس وراكبه طرحهما في البحر. الرب قوَّتي ونشيدي، وقد صار لي خلاصًا” (تك 15: 1-2).

“ولم يغضبه أبوه قط قائلًا: لماذا فعلت هكذا.

وهو أيضًا جميل الصورة جدًا، وقد ولدته أمُّه بعد إبشالوم” [6].

ولعلَّ من الأخطاء الخطيرة التي سقط فيها داود العظيم في الأنبياء تهاونه في تربية أولاده؛ وتغاضيه عن أخطائهم، فلم يكن ينتهرهم ويؤدِّبهم على أخطائهم الجسيمة. لقد تحقَّق في داود الملك العظيم القول: “من لا يؤدِّب أولاده يؤدِّبه أولاده”. حقًا كان داود النبي رقيقًا حتى مع شاول مضطهده، لكنَّه كان يليق به أن يكون حازمًا في تربية أولاده.

“ولم يغضبه أبوه قط قائلًا لماذا فعلت هكذا؟” [6]. فابنه أمنون اغتصب أخته ثامار. لقد اغتاظ داود جدًا (2 صم 3: 21) لكنَّه لم يكن حازمًا في معاقبته. وإبشالوم ابنه تمرَّد عليه (2 صم 15)، ولم يكتفِ باغتصاب كرسيه بل طلب رأسه، وحين قُتل إبشالوم المتمرِّد تأسَّف على ابنه فوبَّخه يوآب (2 صم 19: 5-8).

الأطفال الذين يتسلَّمهم الآباء هم وديعة ثمينة، أثمن من العالم كلُّه، يعهد بهم الله إليهم لا لكي يمتلكوهم أو يشكِّلوهم حسب أهوائهم، ولا للسيطرة عليهم أو للافتخار بهم، إنَّما أولًا وقبل كل شيء كأشخاص مات المسيح لأجلهم، لكي ينشأوا أعضاء حيَّة في جسد المسيح، هياكل مقدَّسة للروح القدس، أبناء الله، ورثة الله ووارثون مع المسيح، صورة الله التي تمجِّده.

بمعنى آخر يتطلَّع الوالدان إلى طفلهما لا كقنية ثمينة، وإنَّما ككائن حي له ذات قيمتهما لدى الله، يشاركهما ذات النصيب. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:

[إن كان البعض من أجل صنعهم التماثيل وطلاء صور الملوك ينالون كرامة عظيمة، فكم بالأكثر نتقبَّل نحن الذين نزيِّن صورة ملك الملوك، إذ الإنسان صورة الله، ربوات البركات، إذ نقيم مثالًا حقيقيًا؟‍‍‍‍‍‌‌‍‍‍‍ لأن المثال الحقيقي هو في فضيلة الروح، عندما ندرِّب أولادنا أن يكونوا صالحين وودعاء ومسامحين ومحسنين ورفقاء، وعندما نربِّيهم أن ينظروا إلى العالم الحاضر كلا شيء(15)].

هكذا يرى القدِّيس ذهبي الفم أن الوالدين لا يقدِّمان تمثالًا لله بل صورة حيَّة له في ابنهما، يقدِّمانه حاملًا مثال الرب في شركة سماته للسيِّد المسيح، وأيقونة للسماء باستخفافه بارتباكات العالم وإغراءاته. وكأن الوالدين اللذين يحملان صورة الله ويتمتَّعان بشركة الطبيعة الإلهيَّة، ويتهلَّلان بالحياة السماويَّة في أعماقهما وفي بيتهما، إنَّما يقدِّمان جيلًا مقدَّسًا في الرب، لا يقل في الشهادة للرب عن الجيل السابق له، إنَّما يكمِّل عمله!

لا يقف الأمر عند استلامنا أطفالنا من يد الله كوديعة حيَّة، يقومون بتكملة مسيرتنا كما نكمِّل نحن مسيرة الأجيال السابقة، لتلتحم الأجيال معًا كجسد واحد يكمِّل عمل السيِّد المسيح رأس الكل، وإنَّما يلزمنا أن ندرك إنَّنا مطالبون بتقديمهم للرب تقدمة حب، بأن نبعث فيهم روح الجهاد كجنود صالحين روحيِّين يحملون الصليب معنا بفرح.

اتَّكل أدونيَّا على المظهر الخارجي: “وهو أيضًا جميل الصورة جدًا” [6]. كان كأخيه إبشالوم ليس فقط في جمال صورته، وإنَّما في إساءة استخدام هذا الجمال، حيث ربط جمال الجسد بقُبح النفس التي تتمرَّد حتى على الوالدين.

“وكان كلامه مع يوآب ابن صرَوِيَّة ومع أبياثار الكاهن، فأعانا أدونيَّا” [7].

اتَّكل على ذراع بشري وتخطيط بشري، إذ جذب إليه رئيس الجيش يوآب والكاهن أبياثار، ليكونا له سندًا عسكريًا ودينيًّا، متجاهلًا الإرادة الإلهيَّة والعون السماوي. ممَّا يجدر ملاحظته أن الذين أخذوا موقفًا مساندًا لأدونيَّا لم يكن ذلك إيمانًا منهم بأنَّه صاحب الحق في استلام العرش كابن بكر، ولا دفاعًا عن مبدأ في حياتهم وإنَّما لمصالح شخصيَّة ومنافع.

يوآب بكر أولاد صرويَّة أخت داود الملك، وأخ أبيشاي وعسائيل.  يبدو إنَّه كان مقيمًا في بيت لحم. وكرئيس جيش داود أثبت بجدارة قدرته العسكريَّة وشجاعته في المعارك، وإن كان قد سقط في الغدر والعنف مرَّتين، فقد سفك دم أبنير (2 صم 3: 27) وعماسا (2 صم 20: 10) بلا سبب. ظن يوآب إنَّه بمساندته لأدونيَّا في تمرُّده يضمن بقاءه كرئيس للجيش لديه.

أبياثار الكاهن: كان هو الكاهن الوحيد الذي نجا من وحشيِّة شاول في قتله للكهنة في نوب لمساندتهم لداود (1 صم 22: 20-23). وإذ التجأ إلى داود صار المشير الروحي والصديق الحميم لذلك المحارب الطريد. كان مخلصًا لداود بصفة شخصيَّة حتى انضم إلى أدونيَّا المتمرِّد والمغتصب للعرش، متجاهلًا إرادة الله ووعده لداود بأن يخلفه سليمان على العرش. لقد تركه الله يعمل هو ويوآب معًا في هذا العمل الشرِّير وسلَّمهما لأنفسهما، حتى يمتلئ كأس كل منهما فينالا تأديبًا على ما فعلاه قبلًا. أراد أبياثار الكاهن أن يطمئن أن يكون له دوره الفعَّال في حياة الملك الجديد. وربَّما أخذ هذا الموقف بسبب غيرته من صادوق، كما خشي أن يتجاهله سليمان إن استلم الحكم أكثر من والده. فمع أن صادوق كان رئيس كهنة في خيمة الاجتماع بجبعون لكن يبدو إنَّه كان هو القائد كما يظهر ذلك من الإشارة إليه قبل أبياثار (2 صم 15: 24؛ 20: 25؛ 15: 24 إلخ).

يرى البعض أن الكلمة العبريَّة المقابلة ل “أعانا” تحمل أيضًا معنى “ارتعبا أمامه”، ولعلَّه يعني هنا إنَّهما أعاناه مرتعبين منه.

“وأمَّا صادوق الكاهن وبناياهو بن يهوياداع وناثان النبي وشمعي وريعي والجبابرة الذين لداود فلم يكونوا مع أدونيَّا” [8].

بينما كان أدونيَّا يتحرَّك من واقع كبرياء قلبه، معتمدًا على جمال مظهره وقدرته وفرسانه وقدرته على التخطيط البشري واجتذاب رئيس الجيش وأحد الكهنة إلى صفِّه، كان الله يعمل ليُقيم سليمان ملكًا كما سبق فوعد داود بذلك. كان صادوق الكاهن وبناياهو وناثان النبي وشمعي وريعي وجبابرة داود في الجانب الآخر، إذ لم يستريحوا لتصرُّفات أدونيَّا.

صادوق الكاهن: غالبًا ما يُذكر مرتبطًا بخيمة الاجتماع في جبعون في أيَّام شاول (1 أي 16: 39)، ممَّا يشير إلى إنَّه من سبط لاوي. رافق داود الملك في حبرون بعد موت شاول مباشرة (1 أي 12: 28)، كما رافقه في هروبه من أورشليم أثناء تمرُّد إبشالوم وعمل كجاسوس للملك (2 صم 15: 24-29؛ 17: 15). بعد استلام داود الملك صار مع أبياثار يمارسان رئاسة الكهنوت (2 صم 8: 17؛ 15: 24؛ 29: 35). هذا ربَّما أثار شيئًا من الغيرة بينهما، فكان كل منهما يأخذ اتَّجاهًا مضادًا للآخر.

من الصعب أن نفهم وجود رئيسين كهنة في وقت واحد، وندرك علاقتهما ببعضهما البعض. ربَّما كان أبياثار هو رئيس الكهنة الحقيقي وكان المسئول عن المقدَّس الذي فيه تابوت العهد في صهيون، أمَّا صادوق فكان يمارس أعمال رئيس الكهنة في خيمة الشهادة في جبعون (1 أي 16: 39).

بناياهو: أقامه داود الملك قائدًا جديدًا مدبِّرًا للجلاَّدين والسعاة (2 صم 8: 18) عُرف بشجاعته (1 صم 23: 20)، وكان يعتبره يوآب منافسًا له.

ناثان النبي: كان مرافقًا للملك (2 صم 7: 2). ربَّما كان عمله هو الكشف عن الإرادة الإلهيَّة للملك، لكي لا يعمل حسب فكره البشري بل حسب إرادة الله، فيرى الملك في نفسه إنَّه ليس إلاَّ وكيلًا للملك الحقيقي، الله نفسه. حينما أخطأ داود مع بثْشَبع قام ناثان بتبكيته، وإذ أعلن الملك توبته سمع من النبي: “الرب نقل عنك خطيَّتك” (2 صم 12). كان له تقديره الخاص لدى داود الملك، وله علاقة حميمة بالعائلة المالكة (2 صم 12: 25).

شمعي: هو صديق الملك الذي أدرجه سليمان بين عظماء رجاله (14: 18).

ريعي: اسم عبري معناه “ودود”. ربَّما هو نفسه عيرا اليائيري المذكور في (2 صم 20: 26).

الجبابرة: في العبريَّة لا تعني مجرَّد جبابرة في القامة، وإنَّما الذين لهم كيان قوي، لذا فهنا تعني أصحاب السلاطين العاملين تحت قيادة داود الملك، أي رجال الدولة العظماء. ربَّما كانوا الستمائة رجل الذين رافقوا داود الملك في تحرُّكاته الأولى (1 صم 25: 13؛ 27: 2)، والذين صاروا النواة لجيشه.

“فذبح أدونيَّا غنمًا وبقرًا ومعلوفات عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روجل،

ودعا جميع إخوته بني الملك، وجميع رجال يهوذا عبيد الملك” [9].

بدأ أدونيَّا اغتصابه للعرش بتقديم ذبيحة كما فعل إبشالوم من قبله (2 صم 15: 7). كان ذبح حيوانات واشتراك الجماعة في الأكل معًا يُمارس كطقسٍ يمثِّل نوعًا من العهد الجماعي للعمل معًا بروح الإخلاص كما في قدسيَّة خاصة. أراد أن يمسح عمله بصبغة دينيَّة، متظاهرًا بأنَّه قد استلم السلطة من الله نفسه، وأن رئيس الكهنة يشهد بذلك ويقدِّم ذبائح لله. وكأنَّه يمارس شرَّه تحت اسم “الله”، مستخدمًا العبادة لحساب مصالحه الشخصيَّة. أقام مؤامراته خارج أورشليم عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روُجل [9].

حجر الزاحفة: أي حجر إحدى الزواحف أو “حجر الحيَّة” (الزاحفة) أو “حجر الدودة” الزاحفة، وتعرف باسم وادي الرباب. وهو اسم حجر قري عين روجل جنوب غربي أورشليم. ولعلَّه حجر قدسه الكنعانيُّون لوجوده قرب عين ماء. إذ كانوا يرون في عيُّون الماء مصادر الحياة، قدسوها كأن إلهًا حالًا فيها.

عين روجل: وتعني “عين القصار” أو “ينبوع الكمال Fuller” أو “عين الجاسوس”، أو “عين جدول المياه”. وهي على حدود تخوم بنيامين ويهوذا (يش 5: 7؛ 18: 16). غالبًا ما تعني “عين التنِّين” التي وردت في سفر نحميا (2: 13)(16). كان يُظن أن موقعها هو بير أيُّوب، جنوب القدس في وادي قدرون. يرى البعض أن عين روجل الآن احتلتها صخرة نتيجة أحد الزلازل.

“وأمَّا ناثان النبي وبناياهو والجبابرة وسليمان أخوه فلم يدعهم” [10].

دعوة أدونيَّا لكل إخوته ورجال يهوذا فيما عدا أخوه سليمان وناثان النبي وصادوق الكاهن وباناياهو تكشف عن معرفة أدونيَّا باختيار الله لسليمان ملكًا، وإدراكه موقف ناثان الداخلي كرجل الله يحقِّق الإرادة الإلهيَّة. هذا ما يؤكِّده عدم تشاوره مع والده في استلام الحكم. فلو أن أدونيَّا يعرف بأنَّه الوارث الحقيقي للعرش لطلب من والده أن يسنده في قيامه بهذا العمل. تجاهله لوالده فيه تأكيد إنَّه كان يدرك إنَّه يمارس عملًا ضد إرادة والده.

شتَّان ما بين داود الملك وابنه أدونيَّا، فإن الابن لم يرث روح أبيه الوديع الخادم للكثيرين، الذي يطلب مجد الله وبنيان الشعب لا مجد نفسه، والذي لم يركب قط المركبات والخيل بل جاء إلى جليات يهاجمه باسم رب الجنود، ولا خطَّط بطرق بشريَّة لاستلام الحكم، بل طلب تحقيق الإرادة الإلهيَّة.

عدم دعوة ناثان النبي وبناياهو والعاملين معه وسليمان للاشتراك في الطعام الذي هيَّأه أدونيَّا يشير إلى إنَّه لم يكن مستعدًا للسلام، بل كان يتهيَّأ للدخول في صراع عنيف معهم. لم يحدث هذا عن بُخل ولا عن مجرَّد تجاهل متعمِّد، بل عن وجود فريقين متعارضين في أورشليم يمثِّلان خطرًا لوجود انقسام!

يقدِّم لنا أدونيَّا صورة مؤلمة للنفس التي تستخف بالله الملك الحقيقي وخدَّامه العاملين لحسابه، سواء كانوا الوالدين أو الكهنة أو المرشدين. لم يبالِ أدونيَّا بالأمر الإلهي الخاص بإقامة سليمان ملكًا، ولم يسأل والده إذ في نظره هو شيخ عاجز عن تدبير الأمور، كما حسب أخاه سليمان صبيًّا صغيرًا لا يصلح كملكٍ. يرى في نفسه إنَّه وحده القادر أن يحكم ويدبِّر حسب حكمته البشريَّة وقدراته وإمكانيَّاته البشريَّة. هكذا إذ تتسلَّل الخطيَّة إلى القلب تعميه عن رؤية الحق، فلا يقبل الإرادة الإلهيَّة، ولا يطلب مشورة حكيمة بناءة! في عجرفة يظن إنَّه ملك قادر أن يدبِّر ويحكم وينقذ، يتَّكل على حكمته الذاتيَّة وخبراته وإمكانيَّاته.

3. ناثان النبي وبثْشَبع:

كان ناثان النبي الرجل المتحدِّث باسم الله لدى داود الملك، خاصة في الأمور التي تخص خلاص نفسه وخلاص شعبه، مثل الوعد الإلهي لداود بدوام أسرته الملوكيَّة (2 صم 7)، وحثِّه على التوبة عندما أخطأ مع بثْشَبع (2 صم 12)، وهنا يتدخَّل في إقامة سليمان ملكًا. مع كون داود نبيًّا وملكًا وله خبراته المباشرة مع الله، إلاَّ إنَّه كان بروح التواضع يتقبَّل كلمات الرب على لسان ناثان النبي بجديَّة.

تدخَّل ناثان في الأمر من واقع شعوره بالالتزام بتحقيق إرادة الله. لقد سبق فأعلن عن أقامه سليمان ملكًا، فأراد مساعدة داود على تحقيق القسَم الذي حلف به لبثْشَبع. وتعاطف مع بثْشَبع التي وُضعت في موقف مؤلم بعد اغتصابها وقتل أوريا الحثي زوجها، فكان لا بُد من تعويضها، وأيضًا لإنقاذ حياتها وحياة سليمان ابنها من يد أدونيَّا الذي ما كان يمكنه أن يبقيهما حيِّين حتى يضمن بقاءه على العرش (4: 2).

“فكلَّم ناثان بثْشَبع أم سليمان قائلًا:

أما سمعتِ أن أدونيَّا ابن حجيث قد ملك، وسيِّدنا داود لا يعلم” [11].

كنَّا نتوقَّع من ناثان النبي الذي لعب دورًا خطيرًا في تبكيت داود النبي على ما ارتكبه مع بثْشَبع وقتله زوجها أوريا (2 صم 11: 1-7) أن يأخذ صف جماعة المحافظين، فما الذي دفعه إلى ذلك؟

أ. كرجل الله يعرف إرادة الله، فقد وعد الله داود النبي إنَّه سيقيم سليمان ملكًا على كرسيه.

ب. ربَّما رأى إنَّه يجب تعويض بثْشَبع على ما فعله معها داود بتكريم ابنها.

ج. لأنَّه كان معلمًا للصبي سليمان (2 صم 12: 25) شعر بأنَّه يصلح للمملكة أكثر من أدونيَّا أو غيره من إخوته الأكبر منه.

بثْشَبع: ابنة اليعام (2 صم 1: 3) ويدعى أيضًا عميئيل (1 أي 3: 5)، ربَّما حفيده أخيتوفل أحد المشيرين المقرَّبين جدًا لداود النبي (2 صم 23: 34)؛ وزوجة أوريا الحثي (2 صم 11: 3). شغف بها داود الملك وأخطأ معها واحتال على زوجها فقُتل (2 صم 11). تزوَّجها داود الملك وانجب منها شمعي وشوباب وناثان وسليمان.

“فالآن تعالي أشير عليك مشورة،

فتنجِّي نفسك ونفس ابنك سليمان” [12].

واضح أيضًا من كلمات ناثان النبي مع بثْشَبع والدة سليمان أن أدونيَّا كان يعلم بأن أباه يودّ أن يُسلم المُلك لسليمان، وأنه قد وضع في قلبه أن يقتل سليمان وأمُّه بعد استيلائه على العرش [12].

الفعل malleti” هنا يعني “فيه أمان”، وقد دعيت “مالطة” لتعني إنَّها ميناء أمان للأسطول البحري الفينيقي في البحر الكبير، ويُفضل أن ترسو فيه السفن في آمان(17). هكذا يقدَّم النبي مشورة آمنة لسليمان ووالدته حتى لا يقتلهما أدونيَّا.

“اذهبي وادخلي إلى الملك داود وقولي له:

أما حلفت أنت يا سيِّدي الملك لأَمَتَك قائلًا أن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي،

فلماذا ملك أدونيَّا؟”.

“وفيما أنت متكلِّمة هناك مع الملك أدخل أنا وراءك وأُكمل كلامك” [13-14].

يتحدَّث ناثان النبي بأدب شديد مع بثْشَبع، فهو يعلم أن ابنها سيصير ملكًا حسب وعد الله.

4. بثْشَبع تدخل إلى داود:

“فدخلت بثْشَبع إلى الملك إلى المخدع،

وكان الملك قد شاخ جدًا،

وكانت أبيشج الشونميَّة تخدم الملك” [15].

ذهبت بثْشَبع إلى داود في حجرته إذ لم يكن قادرًا على الخروج بسبب شيخوخته وضعفه. كان لبثْشَبع مكانة خاصة لدى الملك داود، لعلَّه كان يشعر بالذنب ويريد دومًا تعويضها. هذا وللاسم ذاته معنى رمزي هام، إذ يعني “بيت السبت”، وكأنَّها تمثِّل البيت الذي فيه يجد الله والإنسان راحتهما، لأن “السبت” تعني الراحة لله والإنسان، يستريح الله في قلب المؤمن الأمين، ويستريح الإنسان بالتصاقه وتكريس قلبه لله.

“فخرَّت بثْشَبع وسجدت للملك،

فقال الملك: ما لك.

فقالت له: أنت يا سيِّدي حلفتَ بالرب إلهك لأمَتَك قائلًا إن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي.

والآن هوذا أدونيَّا قد ملك،

والآن أنت يا سيِّدي الملك لا تعلم ذلك،

وقد ذبح ثيرانًا ومعلوفات وغنمًا بكثرة،

ودعا جميع بني الملك وأبياثار الكاهن ويوآب رئيس الجيش، ولم يدعُ سليمان عبدك.

وأنت يا سيِّدي الملك أعيُن جميع إسرائيل نحوك، لكي تخبرهم من يجلس على كرسي سيِّدي الملك بعده.

فيكون إذا اضطجع سيِّدي الملك مع آبائه إنِّي أنا وابني سليمان نُحسب مذنبين” [16-21].

كلمة hattâim [21] تعني “خاطئين”، أو “الذين تعدُّوا الحدود” (قض 20: 16)؛ فباعتلاء أدونيَّا العرش يقدِّم بثْشَبع وابنها سليمان كمتعدِّيين حدودهما فيحاكمهما ويحكم عليهما ظلمًا.

5. دخول ناثان إلى داود:

“وبينما هي متكلَّمة مع الملك إذا ناثان النبي داخل.

فاخبروا الملك قائلين:

هوذا ناثان النبي.

فدخل إلى أمام الملك، وسجد للملك على وجهه إلى الأرض.

وقال ناثان: يا سيِّدي الملك أنت قلت أن أدونيَّا يملك بعدي، وهو يجلس على كرسيَّ.

لأنَّه نزل اليوم وذبح ثيرانًا ومعلوفات وغنمًا بكثرة،

ودعا جميع بني الملك ورؤساء الجيش وأبياثار الكاهن،

وها هم يأكلون ويشربون أمامه، ويقولون ليحي الملك أدونيَّا” [22-25].

ليحيا الملك” [25] لم يكن يقصد بها طول العمر، أو تمتُّع الإنسان بالحياة الزمنيَّة، لكنَّه كان ينظر إلى الملك كوكيل الله واهب الحيويَّة الفائقة، وكأنَّها تقول له “ليت الحيويَّة الإلهيَّة تكون على وجه الخصوص في الملك، وبالتالي في نسلك إلى الأبد”(18).

“وأمَّا أنا عبدك وصادوق الكاهن وبناياهو بن يهوياداع وسليمان عبدك فلم يدعنا.

هل من قبل سيِّدي الملك كان هذا الأمر ولم تُعلِم عبدك من يجلس على كرسي سيِّدي الملك بعده؟

فأجاب الملك داود وقال:

ادع لي بثْشَبع.

فدخلت إلى أمام الملك ووقفت بين يديّ الملك” [26-28].

كانت العادة لدى الملوك أنَّه إذا التقى بزوجته أو بأحد مشيريه لا يسمح لثالثٍ أن يكون حاضرًا إلاَّ بأذن من الملك، لهذا لم يكن ممكنًا لبثْشَبع وناثان أن يدخلا معًا ويكونا في حضرة الملك. دخلت بثْشَبع أولًا ثم أخبر الملك بوجود ناثان فاستدعاه الملك فتركته بثْشَبع.

“فحلف الملك وقال: حيٌّ هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيقة.

أنه كما حلفتُ لكِ بالرب إله إسرائيل قائلًا إن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيَّ عوضًا عنِّي كذلك افعل هذا اليوم.

فخرَّت بثْشَبع على وجهها إلى الأرض وسجدت للملك وقالت:

ليحي سيِّدي الملك داود إلى الأبد” [29-31].

6. إقامة سليمان ملكًا:

“وقال الملك داود:

ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع.

فدخلوا إلى أمام الملك.

فقال الملك لهم:

خذوا معكم عبيد سيِّدكم واركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي،

وانزلوا به إلى جيحون” [32-33].

يرى Mowinckel أن في هذا إشارة إلى ركوب المسيا على أتان كما جاء في (زك 9: 9، مت 21: 5) عند دخوله أورشليم كملك.

تم ذلك في جيحون، وهو اسم عبري معناه “نبع متدفِّق”. حاليًا عين أم الدرج في الجزء العلوي من وادي قدرون تحت الجانب الشمالي من المنطقة المحصَّنة بأورشليم التي كان يشغلها داود في جنوب شرقي التل. هذه العين تُشير إلى القناة التي تحمل مياها إلى حوائط بركة سلوام. غالبًا قام اليبوسيُّون بحفر هذا الينبوع عام 2000 ق.م.، طمَهُ حزقيا وجرَّ مياهه بأقنية تحت الأرض إلى أورشليم خوفًا من الأعداء لئلاَّ يجدوا مياهًا غزيرة (2 أي 32: 3، 4، 30).

“وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكًا على إسرائيل،

واضربوا بالبوق وقولوا:

ليحيا الملك سليمان” [34].

كان الملوك يُمسحون بزيت مقدَّس يُحفظ في الهيكل، بهذا العمل يشعر الملك أنَّه قد كرّس كل حياته لله بخدمته لشعبه. هذه المسحة تبدو إنَّها قديمة، يرجع أصلها إلى تقليد قديم أخذت عنه الشعوب بطرق مختلفة. نحن نعرف أن يعقوب مسح حجرًا بالزيت لتدشين الموضع في بيت إيل كبيتٍ للرب. عرفت مصر المسحة، فكان سلطان فرعون يقدِّم لمندوبيه خلال المسحة، وأيضًا للملوك الغزاة في سوريا في القرن الخامس عشر ق.م، وكان ذلك يحمل رمزًا أن الممسوح ينال إمكانيَّة خاصة بالمسحة.

كانت المسحة تستخدم في الخطبة والزواج عند المصريِّين وبني حثِّي، وفي القرن الثامن عشر استخدمها الأموريُّون في ماري Mari في المعاملات التجاريَّة، ونقل الملكيَّات.

كانت المسحة تستخدم في الخطبة والزواج عند المصريِّين وبني حثِّي، وفي القرن الثامن عشر استخدمها الأموريُّون في ماري Mari في المعاملات التجاريَّة، ونقل الملكيَّات.

وكانت تستخدم في طقس تحرير العبيد.

استخدمت أيضًا في مسح الكاهن الذي يترك كل شيء ويتفرَّغ لخدمة الله. وصارت المسحة تعادل “التقديس” (خر 28: 41؛ 30: 30؛ 40: 13)، أي نقل الإنسان أو الشيء من العمل العالمي إلى العمل الإلهي الخاص بالله القدُّوس.

هكذا مسح الملك معناه تركه كل ما هو عالمي ليعمل لحساب الله وسط شعبه. يصير معيَّنًا من قبل الله للخدمة.

“وتصعدون وراءه،

فيأتي ويجلس على كرسيَّ،

وهو يملك عوضًا عنِّي،

وإيّاه قد أوصيت أن يكون رئيسًا على إسرائيل ويهوذا.

فأجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال:

آمين. هكذا يقول الرب إله سيِّدي الملك.

كما كان الرب مع سيِّدي الملك كذلك ليكن مع سليمان.

ويجعل كرسيه أعظم من كرسي سيِّدي الملك داود.

فنزل صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع والجلاَّدون والسعاة.

واركبوا سليمان على بغلة الملك داود، وذهبوا به إلى جيحون.

فأخذ صادوق الكاهن قرن الدهن من الخيمة ومسح سليمان،

وضربوا بالبوق،

وقال جميع الشعب: ليحيي الملك سليمان” [35-39].

الخيمة هنا ليست خيمة الاجتماع في جبعون، وإنَّما الخيمة التي أقامها داود لتابوت العهد على جبل صهيُّون (2 صم 6: 17). كان صادوق معيَّنًا رئيس كهنة على خيمة الاجتماع في جبعون بينما أبياثار على تابوت العهد، ولم تكن هناك عداوة بين رئيسي الكهنة لذا استطاع صادوق أن يأخذ المسحة من تابوت العهد في غياب أبياثار.

“وصعد جميع الشعب وراءه.

وكان الشعب يضربون بالناي، ويفرحون فرحًا عظيمًا حتى انشقَّت الأرض من أصواتهم” [40].

جاء تعبير “يرقصون” في العبريَّة بمعنى “يضربون بالمزمار”، وهو تعبير يكشف عن الفرح وليس بالضرورة أن يزمِّرون بالمزمار. فلا يعني هذا أن كل الشعب يجيدون الضرب على المزمار، ولا أن جميعهم كان يزمِّرون، إنَّما كان الكل فرحين متهلِّلين. وذلك كما حدث عندما دخل داود بتابوت العهد إلى أورشليم (2 صم 6: 14).

إلى يومنا هذا نجد في قرى مصر يعبِّرون عن فرحهم باستخدام المزمار أو التصفيق، وكأنَّهم يرقصون وهم يفعلون ذلك، لكنَّه ليس بالضرورة يمارسون الرقص كما نفهمه سواء في الشرق أو الغرب.

“فسمع أدونيَّا وجميع المدعوِّين الذين عنده بعدما انتهوا من الأكل.

وسمع يوآب صوت البوق فقال:

لماذا صوت القرية مضطرب؟” [41]

كانت أُذنا يوآب مرهفتين لسماع البوق فهو قائد حرب.

الكلمة العبريَّة هنا ربَّما لا تعني قرية أو مدينة بل حصنًا أو قلعة.

“وفيما هو يتكلَّم إذا بيوناثان بن أبياثار الكاهن قد جاء.

فقال أدونيَّا: تعال لأنَّك ذو بأس وتبشِّر بالخير” [42].

لقد برهن يوناثان بن أبياثار عن إخلاصه لداود النبي حينما تحرَّك بسرعة عند تمرَّد إبشالوم (2 صم 15-17)، والذي أشار إليه دون شك أدوناوي بدعوته حامل الأخبار الطيِّبة.

حُسب يوناثان إنَّه “رجل موثوق فيه”، بسبب مركزه الاجتماعي لدى الملك، كما كان له استقلاله الفكري.

“فأجاب يوناثان وقال لأدونيَّا: بل سيِّدنا الملك داود قد ملك سليمان.

وأرسل الملك معه صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع والجلاَّدين والسعاة وقد اركبوه على بغلة الملك.

ومسحه صادوق الكاهن وناثان النبي ملكًا في جيحون.

وصعدوا من هناك فرحين حتى اضطربت القرية.

هذا هو الصوت الذي سمعتموه” [43-45].

مسح سليمان ملكًا وتجليسه في حياة أبيه داود كان أمرًا لازمًا بعد محاولة أدونيَّا اغتصاب العرش، حتى لا يرتبك أحد ويتشكَّك.

وصفه المدينة أو القرية إنَّها في صخب يُشير إلى صوت شعب معبَّأ بالمشاعر المثيرة، أو حشد مندفع كالنحل.

“وأيضًا قد جلس سليمان على كرسي المملكة.

وأيضًا جاء عبيد الملك ليباركوا سيِّدنا الملك داود قائلين:

يجعل إلهك اسم سليمان أحسن من اسمك.

وكرسيه أعظم من كرسيك.

فسجد الملك على سريره” [46-47].

جاءوا يهنِّئونه أو يباركون له، وهنا تعني العبارة إنَّهم يطلبون بركة الله المعلنة في داود أن تحل على ابنه سليمان.

“وأيضًا هكذا قال الملك:

مبارك الرب إله إسرائيل الذي أعطاني اليوم من يجلس على كرسييَّ، وعيناي تبصران” [48].

مع شيخوخة داود وشعوره بأن أيَّامه قد اقتربت، ومع ترك الكرسي لابنه سليمان ما كان يشغل ذهنه هو تسبيح الله وتقديم الشكر له، هذا الذي يحقِّق وعده الإلهي له بأن يقيم من نسله ملكًا (2 صم 23: 5، مز 89: 3 إلخ.؛ 123: 11 إلخ.، إش 55: 3).

كثيرًا ما يكرِّر القديس أغسطينوس “لتُغنِّ وكمِّل رحلتك!”، “لتغنِّ وتسير”، “لتغنِّ وجاهد كجندي!”

*     لنسبِّح الآن يا أخوتي لا لكي نفرح بالراحة بل بتعبنا.

وذلك كالمسافرين الذين يغنُّون ويسبِّحون وهم سائرون في رحلتهم…

إن كنت تحقِّق تقدُّمًا، فأنت تسير إلى الأمام، ليكن لك تقدُّم في الصلاح، تقدُّم في الإيمان الحق، تقدُّم في الحياة المستقيمة… غنِّ وأكمل رحلتك.

القديس أغسطينوس

7. أدونيَّا يسجد أمام سليمان:

“فارتعد وقام جميع مدعوِّي أدونيَّا، وذهبوا كل واحد في طريقه.

وخاف أدونيَّا من قِبل سليمان،

وقام وانطلق وتمسَّك بقرون المذبح” [49-50].

كان المذبح عند كل الأمم موضع لحماية للمجرمين المستحقِّين الموت، أمَّا في إسرائيل فبحسب الشريعة يحمي الذين سبَّبوا قتلًا عن غير عمدٍ (خر 21: 14)، وقد حملت مدن الملجأ نفس الفكرة (عد 35). لا يعرف على وجه التحديد هل التجأ أدونيَّا إلى المذبح الذي في تابوت العهد في صهيون، أم في الخيمة في جبعون، أم المذبح الذي بناه داود بأرونة أو أرونان Araunah  (2 صم 24: 18-25). غالبًا الأول، لأنَّه لم يُذكر أنَّه هرب بعيدًا إلى جبعون كما أن المذبح الثالث بلا قرون.

كان يُنظر إلى موضع العبادة كموضع لتحقيق العدالة. لهذا إذ يمسك أحد بقرون المذبح لا يعني هذا عدم محاكمته، وإنَّما عدم قتله حتى تتم محاكمة عادلة، يستطيع خلالها أن يدافع الإنسان عن نفسه ليكشف عن تبرئته من الجريمة. لنفس الغرض أقام الله مدن الملجأ في الضفَّتين الشرقيَّة والغربيَّة حتى يهرب إليها كل قاتل غير متعمِّد للقتلِ (عد 35).

ما فعله أدونيَّا يكشف عما في قلبه، خوفه الشديد من سليمان. وتمسُّكه بقرون المذبح إنَّما هو ردّ فعل لما في أعماقه، وما كان يود أن يفعله بسليمان وأمه لو أن خطَّته قد نجحت واستلم العرش.

فأُخبر سليمان وقيل له:

هوذا أدونيَّا خائف من الملك سليمان.

وهوذا قد تمسَّك بقرون المذبح قائلًا ليحلف لي اليوم الملك سليمان إنَّه لا يقتل عبده بالسيف.

فقال سليمان:

إن كان ذا فضيلة لا يسقط من شعره إلى الأرض.

ولكن إن وُجد به شرّ فإنَّه يموت” [51-52].

لم يرِد سليمان أن يبدأ حكمه بفرض عقوبة قتل لذلك وهب الغادر عفوًا مشروطًا.

“فأرسل الملك سليمان فأنزلوه عن المذبح.

فأتى وسجد للملك سليمان،

فقال له سليمان: اذهب إلى بيتك” [53].

 

من وحي 1 ملوك 1

لأرث أبي داود مع سليمان،

ولتبطل خطة أدونيَّا المغتصب!

 

*   مالي أرى داود الشيخ في حضن أبيشج الجميلة.

هب لي الحكمة تحتضنِّي فتهبني دفئًا روحيًا.

تبقى يا رب حكمتك كفتاة لا تشيخ ترافقني حتى شيخوختي.

*   هوذا أدونيَّا يظن أنَّه صاحب حق ليملك.

يقاومني بحكمته البشريَّة، وقوَّته العسكريَّة، وصداقاته.

يخدع الكثيرين ليغتصب منِّي حقِّي أن ارث داود أبي.

يحرمني من العرش، ويخطِّط لقتلي.

*   أنت تعمل في قلوب رجالك كما عملت في قلب ناثان.

أنت تعطيني نعمة، فتبدِّد خطَّة المقاومين لي.

تحطِّم المغتصب، وتحقِّق وعدك لي.

فأرث مع سليمان عرش أبي داود!

بك أصير ملكًا يا ملك الملوك.

بك أتمتَّع بالعرش، عرش الحب والبذل والخدمة!

*   ليفرح قلب داود في الفردوس،

وليردِّد ما قاله حين جلس سليمان على عرشه:

مبارك الرب إله إسرائيل،

الذي أعطاني اليوم من يجلس على كرسيَّ وعيناي تبصران.

لك المجد يا من أقمتني من المزبلة،

لأجلس مع أشراف أشراف شعبك.

فاصل

فاصل

فهرس تفسير ملوك الأول 
القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير ملوك الأول 2
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى