تفسير سفر الملوك الثاني ١٢ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الثانى عشر
الآيات 1-3:- في السنة السابعة لياهو ملك يهواش ملك اربعين سنة في اورشليم واسم امه ظبية من بئر سبع. وعمل يهواش ما هو مستقيم في عيني الرب كل ايامه التي فيها علمه يهوياداع الكاهن.
الا ان المرتفعات لم تنتزع بل كان الشعب لا يزالون يذبحون ويوقدون على المرتفعات
ذكر الأم بإسمها دلالة أنه كان لها نوع من الإحترام والسلطة وواضح هنا أمانة يهوياداع فى تعليم الملك يوآش. ويتضح تأثير يهوياداع عليه فى أنه بعد أن مات يهوياداع سمع لرؤساء يهوذا وعبدوا السوارى والأصنام (2 اى 17:24-19) ولكن الآية فى أخبار الأيام لا تشير أنه هو بنفسه الذى عبد الأصنام بل أنه سمح لرؤساء يهوذا بذلك ولكنها مسئوليته فهو الملك. المرتفعات = كان الشعب قد تعود على ذلك وكان ذلك مخالفاً للشريعة ولكنه لم يكن خطية فظيعة مثل السجود للبعل.
الايات 4-8:- وقال يهواش للكهنة جميع فضة الاقداس التي ادخلت الى بيت الرب الفضة الرائجة فضة كل واحد حسب النفوس المقومة كل فضة يخطر ببال انسان ان يدخلها الى بيت الرب.لياخذها الكهنة لانفسهم كل واحد من عند صاحبه وهم يرممون ما تهدم من البيت كل ما وجد فيه متهدما.و في السنة الثالثة والعشرين للملك يهواش لم تكن الكهنة رمموا ما تهدم من البيت.فدعا الملك يهواش يهوياداع الكاهن والكهنة وقال لهم لماذا لم ترمموا ما تهدم من البيت فالان لا تاخذوا فضة من عند اصحابكم بل اجعلوها لما تهدم من البيت.فوافق الكهنة على ان لا ياخذوا فضة من الشعب ولا يرمموا ما تهدم من البيت.
كانت عثليا وأتباعها قد إعتدوا على الهيكل وحطموا منه وهم صيروا أقداسه للبعليم (2 اى 7:24) فأراد يوآش ترميم الهيكل ووضع تدبيرا للكهنة بأن كل الفضة التى تدخل للهيكل يأخذوها ويستعملونها فى الترميم وكانت مصادر الفضة 1- ثمن التقدمات التى أراد أصحابها فدائها بفضة (لا 12،11:227) 2- الفضة الرائجة = اى فضة النفوس وهى 2/1 شاقل لكل نفس 3- التبرعات. ولكن هذه الطريقة لم تنجح لأن الكهنة إهتموا بمصالحهم بالأكثر ولذلك وبعد مضى زمان طويل لم يحدث تقدم فى ترميم الهيكل ولذلك منع الملك الكهنة من أن يأخذوا الفضة من الشعب.
الآيات 9-16:- فاخذ يهوياداع الكاهن صندوقا وثقب ثقبا في غطائه وجعله بجانب المذبح عن اليمين عند دخول الانسان الى بيت الرب والكهنة حارسو الباب جعلوا فيه كل الفضة المدخلة الى بيت الرب. وكان لما راوا الفضة قد كثرت في الصندوق انه صعد كاتب الملك والكاهن العظيم وصروا وحسبوا الفضة الموجودة في بيت الرب.و دفعوا الفضة المحسوبة الى ايدي عاملي الشغل الموكلين على بيت الرب وانفقوها للنجارين والبنائين والعاملين في بيت الرب.و لبنائي الحيطان ونحاتي الحجارة ولشراء الاخشاب والحجارة المنحوتة لترميم ما تهدم من بيت الرب ولكل ما ينفق على البيت لترميمه.الا انه لم يعمل لبيت الرب طسوس فضة ولا مقصات ولا مناضح ولا ابواق كل انية الذهب وانية الفضة من الفضة الداخلة الى بيت الرب.بل كانوا يدفعونها لعاملي الشغل فكانوا يرممون بها بيت الرب.و لم يحاسبوا الرجال الذين سلموهم الفضة بايديهم لكي يعطوها لعاملي الشغل لانهم كانوا يعملون بامانة.و اما فضة ذبيحة الاثم وفضة ذبيحة الخطية فلم تدخل الى بيت الرب بل كانت للكهنة.
إستخدم الملك نظام الصندوق المثقوب لتجميع الفضة ومن لهُ سلطان على فتح هذا الصندوق كان هو رئيس الكهنة وكاتب الملك ولكن هذه الطريقة سببت شىء من الخسارة للكهنة. وجعله بجانب المذبح = مذبح المحرقة حتى يراه كل الداخلين ألا أنه فى (14،13) قارن مع 2اى 14:24 لم يعمل أنية لبيت الرب حتى اكملوا ترميمه ولما اكملوا أتوا بالفضة وعملوها أنية لبيت الرب. وكان البيت فارغا لأن الملوك كانوا قد أخذوا آنيته وأعطوها لأعدائهم (1 مل 26:14 + 18:15).
الآيات 17-21:- حينئذ صعد حزائيل ملك ارام وحارب جت واخذها ثم حول حزائيل وجهه ليصعد الى اورشليم.فاخذ يهواش ملك يهوذا جميع الاقداس التي قدسها يهوشافاط ويهورام واخزيا اباؤه ملوك يهوذا واقداسه وكل الذهب الموجود في خزائن بيت الرب وبيت الملك وارسلها الى حزائيل ملك ارام فصعد عن اورشليم.و بقية امور يواش وكل ما عمل اما هي مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك يهوذا.و قام عبيده وفتنوا فتنة وقتلوا يواش في بيت القلعة حيث ينزل الى سلى لان يوزاكار بن شمعة ويهوزاباد بن شومير عبديه ضرباه فمات فدفنوه مع ابائه في مدينة داود وملك امصيا ابنه عوضا عنه.
كعادة كاتب سفر الأيام أنه يبحث عن الخطية التى كانت سببا فى الضربة الموجهة لشعب الرب نجد ان كاتب الأيام يذكر أن يوآش بعد موت الكاهن يهوياداع قد إستماله رؤساء يهوذا لعبادة الأصنام (2 اى 15:24-21) ولم يتركه الله بلا إنذار فأرسل لهُ زكريا بن يهوياداع الكاهن ليحذر من نتائج عبادة الأصنام فأمر الملك برجم زكريا فرجموه فى دار بيت الرب (ولعل هذه هى الحادثة التى أشار إليها السيد المسيح مت 35:23. لذلك نجد أن الله سمح لحزائيل بالصعود على يهوذا لأن حزائيل كان قد إستولى على كل أرض جلعاد باشان من إسرائيل ولم يعد هناك حاجز بين أرام ويهوذا وتمت نبوة إليشع (12:8) وحارب جت = جت كانت فى بعض الأحيان خاضعة ليهوذا وفى أحيان أخرى خاضعة للفلسطينين ولا نستطيع معرفة لمن كان تخضع فى ذلك الوقت (1 صم 8:5 + 2 اى 8:11 + 6:26) إلا أن حزائيل قد إستولى عليها ثم إستدار منها ليصعد على أورشليم 2 اى 24،23:24 ونجد أن الرب دفع رؤساء يهوذا ليد حزائيل ودفع الجيش كله ليده. وإضطر يوآش أن يلجأ لموقف مخزى ويستسلم ثم أعطاه يوآش كل ما فى خزائن بيت الرب. وربما أن حزائيل صعد إلى أورشليم مرتين الأولى هى المذكورة فى سفر الملوك وفيها أعطى يوآش لحزائيل كل ما فى بيت الرب والثانية ضرب الجيش والرؤساء وترك يوآش فى مرض عظيم وهذه المرة الثانية كانت بعد الأولى بسنة وهى المذكورة فى سفر الأيام والسبب فى هذا التفسير قوله. وفى مدار السنة 2 اى 23:24 وكان الإستسلام المخزى وتسليم آنية بيت الرب لحزائيل هو الذى شجعه أن يصعد ثانية إلى أورشليم. وفى 2 اى 25:24 نجد أن يوآش مرض بعد صعود الأراميين بأمراض كثيرة فلازم الفراش وإنتهز عبداه هذه الفرصة فقتلاه. ولم توضح أسباب الفتنة وربما أن يوآش لم يتماشى مع سياسة هؤلاء ولكن السبب الواضح أن الله لن يتركه طالما أمر برجم رئيس الكهنة البرىء الذى كانت كل خطيته أنه نبهه إلى خطورة عبادة الأوثان. بيت القلعة = الذى بناه سليمان وكان يوآش قد أحتمى به فى وقت الخطر. سلى = غالباً هى الطريق إلى بيت القلعة. ولاحظ عدم دفنه فى قبور الملوك بل فى مدينة داود دليل عدم الإكرام الإعتيادى للملوك.