تفسير صموئيل الثاني ٤ للقمص تادرس يعقوب

الأصحاح الرابع

نهاية مملكة شاول

 بقتل أبنير غدرًا بيد يوآب انتهت مملكة شاول إذ كان ايشبوشث ملكًا صوريًا، قتله أخوان “بَعْنة ورَكاب” غدرًا وهو على سرير فراشه نائمًا. ولم يبق وارثًا للملكة إلا مفيبوشث بن يوناثان، وكان أعرج يعجز عن تولي العرش.

١. انهيار ايشبوشث         [١].

٢. قتل ايشبوشث           [٢-٨].

٣. الانتقام لايشبوشث       [٩-١٢].

١. انهيار ايشبوشث:

“ولما سمع ابن شاول أن أبنير قد مات في حبرون ارتخت يداه وارتاع جميع إسرائيل  [١]. عدم ذكر اسمه هو نوع من الاحتقار، فقد فَقد ايشبوشث كرامته وقوته لأن مملكته قامت على أبنير الذي غدر به يوآب. خبر خيانة أبنير لايشبوشث والغدر بأبنير حطم نفسية الملك الشكلي فارتخت يداه، بل وارتاع الشعب كله، فقد مات القائد الشجاع ولا يعرفون ماذا يفعل بهم داود.

٢. قتل ايشبوشث:

غدر به بَعْنَة ورَكاب ابنا رِمُّون من بئيروت التي للجبعونيين، من بني بنيامين [2]. هذان كانا في خدمة الملك، انتهزا الأحداث، وشعرا بانهيار الملك وتخلي الشعب عنه، فأرادا اللحاق بخدمة داود الملك بتقديم رأس منافسه ايشبوشث. هذان خانا الملك الذي أقامهما في البلاط للخدمة، بجانب أنهما من ذات سبطه، مما يجعل جريمتهما أكثر بشاعة.

يرى البعض أنهما في الأصل كنعانيين من الجبعونيين الذين قطع معهم يشوع بن نون عهدًا (يش ٩) وأُعطيت مدنهم للبنياميين. يبدو أن البيئروتيين – من بينهم رِمُّون والد بَعنه ورَكاب – هربوا إلى جتَّايم عندما قتل شاول بعض الجبعونيين ليعطي أملاكهم للبنياميين. لهذا فإنه وإن كان هذان الأخان قد التحقا بخدمة ابن شاول لكنهما يحملان كراهية وبغضة نحو بيت شاول، عبَّرا عنها بقتل الملك. لقد دخلا بيته بحجة أنهما يطلبان حنطة وكان ذلك في وقت الظهيرة – ما بين الساعة الثانية عشرة والثالثة بعد الظهر؛ وجدا الملك نائمًا في سريره فقطعا رأسه وجاءا بها إلى داود مقدمين تعليلاً لاهوتيًا: “قد أعطى الرب لسيدي الملك انتقامًا في هذا اليوم من شاول ونسله” [٨].

“بَعْنة” معناها “ابن الضيق” أو “العناء”[23]، وركاب معناها “راكب”[24] أو “فارس”. “رِمُّون” معناها “شجرة رمان”[25]، “بئيروت” معناها “آبار” مدينة مبنية على سفح الأكمة التي كانت جبعون مبنية عليها، تفيض من سفحها مياه بغزارة، وهي تبعد حوالي عشرة أميال شمالي أورشليم، تدعى الآن “البيرة”[26].

بقتل ايشبوشث خلى الجو تمامًا لداود إذ لم يعد من بيت شاول سوى مفيبوشث بن يوناثان، كان ابن خمس سنين حينما قُتل أباه وجده في الحرب، فحملته مربيته وهربت، وإذ كانت مسرعة وقع فانكسرت عظام رجليه والتحمت خطأ في غير موضعها فصار أعرج [٤]، غير قادر على تولي العرش لعجزه الجسدي ولصغر سنه (حوالي ١2 سنة).

٣. الانتقام لايشبوشث:

أكد داود النبي للخائنين الشريرين أنه ليس في حاجة إلى عون الأشرار مثلهما بل هو متكل على الله الذي فدى نفسه [٩]. إنه لم يستحسن قتل شاول ولا أبنير فكيف يقبل قتل رجل على سرير فراشه؟!

طلب الدم البرئ منهما، فقُطعت أياديهما التي قتلت والأرجل التي هربت، وعُلقت جثتاهما على بِركة حبرون حتى يدرك القادمون للاستقاء أن داود لا يملك خلال هرق دم برئ، وأنه لا يُسر بهذين الخائنين. إما رأس ايشبوشث فدفنت بتكريم في مقبرة أبنير في حبرون.

هذا التصرف يفرح قلب الله الذي أقام داود ملكًا كما يسر قلوب البنياميين وأتباعهم، إذ يرون أن داود لا يحمل عداوة تجاه بيت شاول بل محبة وإخلاصًا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى