تفسير سفر التثنية ٢٠ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح العشرون
الآيات 1-4:- ذا خرجت للحرب على عدوك و رايت خيلا و مراكب قوما اكثر منك فلا تخف منهم لان معك الرب الهك الذي اصعدك من ارض مصر.و عندما تقربون من الحرب يتقدم الكاهن و يخاطب الشعب.و يقول لهم اسمع يا اسرائيل انتم قربتم اليوم من الحرب على اعدائكم لا تضعف قلوبكم لا تخافوا و لا ترتعدوا و لا ترهبوا وجوههم. لان الرب الهكم سائر معكم لكي يحارب عنكم اعداءكم ليخلصكم.
الشعب الآن يستعد لدخول الأرض وسيواجه حروباً شديدة لكن العجيب أن موسى القائد لا يعطيهم خططاً حربية ولكن يدعو الكهنة أن يطمئنوا الشعب أن الله يحارب عنهم (مز 7:20) فلا يجب أن يخافوا. إن سر الشجاعة هنا هو الثقة فى الله. وفى حروبنا الروحية. بتقدمنا رئيس كهنتنا الرب يسوع ويعطينا ثقة وأمان وسلام. الذى أصعدك من أرض مصر = ما يزيد ثقتنا فى الله أن نذكر أعماله السابقة معنا. وكان الكاهن أيضاً يذكر الشعب بالشريعة حتى يتوب كل مقاتل وكان يقدم ذبائح محرقات وسلامة ويباركهم ويصلى من أجلهم.
الآيات 5-9:- ثم يخاطب العرفاء الشعب قائلين من هو الرجل الذي بنى بيتا جديدا و لم يدشنه ليذهب و يرجع الى بيته لئلا يموت في الحرب فيدشنه رجل اخر. و من هو الرجل الذي غرس كرما و لم يبتكره ليذهب و يرجع الى بيته لئلا يموت في الحرب فيبتكره رجل اخر. و من هو الرجل الذي خطب امراة و لم ياخذها ليذهب و يرجع الى بيته لئلا يموت في الحرب فياخذها رجل اخر. ثم يعود العرافاء يخاطبون الشعب و يقولون من هو الرجل الخائف و الضعيف القلب ليذهب و يرجع الى بيته لئلا تذوب قلوب اخوته مثل قلبه.و عند فراغ العرفاء من مخاطبة الشعب يقيمون رؤساء جنود على راس الشعب.
نجد هنا قواعد الإعفاءات من الخروج للحرب
1- من بنى بيتاً ولم يدشنه
2- من غرس كرماً ولم ينتج أى لم يعطى باكورة
3- من خطب إمرأة ولم يتزوجها
4- الخائف والضعيف القلب. كل هؤلاء لا يصلحون للحرب. وقد يكون لهذه الإعفاءات الجانب الإنسانى فمن لم يدشن بيته الجديد أى لم يحتفل بسكناه بعد. وعلى ذلك فإعفائه من الحرب حتى لا يكون شاعراً بحزن على أنه لم يفرح ببيته والرب لا يريد أن يكسر قلب أولاده.
علاوة على أن من يخرج للحرب بقلب حزين لن يستطيع أن يحارب بحماس وعزم. وهكذا كل خائف وهذا ما فعله الجواسيس مع الشعب إذ أذابوا قلوب الشعب فالخائف والحزين سيضعف قلوب باقى إخوته. ولقد نفذ جدعون هذه الشريعة حرفياً وإستطاع بقوة الله وعمله عن طريق عدد صغير من جيشه أن يهزم جيوش أعدائه الجرارة. ولنلاحظ أن العدو الأول للإيمان هو الخوف (رؤ8:21) فعلينا أن لا نخاف الشياطين بل ندرك قوة نعمة الله التى تهب الغلبة والنصرة ونلاحظ فى هذه الأيات إرتباط الخوف بالأمور الزمنية الأرضية مثل بناء بيت لم يدشن…. ألخ. ولكن من مات عن العالم لن يخاف من شىء أو على شىء. فسر قوتنا هو الإيمان بالله كقائد وسر الخوف هو الإرتباط القلبى بالزمنيات (2تى4:2) .
آية10-12:- حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح. فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك. و ان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها.
للتسخير = أى فى أعمالهم الزراعية والعمرانية. وهنا تأمل روحى فالمسيحى عليه أن يستعبد العالم لا أن يستعبده العالم بمعنى أن يتعايش مع العالم ولا يسمح لمبادىء العالم أن تسوده بل عليه بقدوته ومحبته وصلاته أن يؤثر فى العالم فيكون نوراً للعالم
آية14،13:- و اذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. و اما النساء و الاطفال و البهائم و كل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك و تاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك.
قتل الذكور لخطورتهم وإستعدادهم للحرب وقد سبق وأعلنوا الحرب ضد شعب الله . وكانت الغنائم مكافأة لهم. وروحياً فكل حرب نغلب فيها لنا عليها مكافأة.
آية15:- هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا.
الأعداد من 10-15 تنطبق على المدن البعيدة وليست على مدن الشعوب الكنعانية فهذه أمرهم الرب بتحريمها لذلك قال ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا = أى ليست مدنا كنعانية فهذه لا تفاوض معها ولا دعوة للصلح. فأهل كنعان أولاً قد صدر ضدهم الحكم بالهلاك لشرورهم وثانياً لشرورهم ووثنيتهم لو تبقى منهم أحد لأفسد الشعب وعلمهم الوثنية. أما المدن البعيدة فتأثيرها ضعيف عليهم من الناحية الروحية.
إذاً المدن الداخلية داخل كنعان تشير للخطايا والشهوات الداخلية المفسدة هذه يجب إهلاكها أما المدن البعيدة فتشير للعالم كله الذى يجب أن نتعايش معه لكن لا نستعبد له.
آية16-18:- و اما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما. بل تحرمها تحريما الحثيين و الاموريين و الكنعانيين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين كما امرك الرب الهك. لكي لا يعلموكم ان تعملوا حسب جميع ارجاسهم التي عملوا لالهتهم فتخطئوا الى الرب الهكم.
هذه تشير لقطع الشر من القلب وإبادة كل عوامل الخطية (صور معثرة / صداقات معثرة…)
آية20،19:- اذا حاصرت مدينة اياما كثيرة محاربا اياها لكي تاخذها فلا تتلف شجرها بوضع فاس عليه انك منه تاكل فلا تقطعه لانه هل شجرة الحقل انسان حتى يذهب قدامك في الحصار. و اما الشجر الذي تعرف انه ليس شجرا يؤكل منه فاياه تتلف و تقطع و تبني حصنا على المدينة التي تعمل معك حربا حتى تسقط
كانت الأشجار تستخدم فى صنع المتاريس حول أسوار المدن والله هنا يسمح بقطع الأشجار عديمة الثمر لصنع الإستحكامات الحربية والمنجنيقات (آلات رمى السهام ورمى الأحجار داخل المدن) أما الأشجار المثمرة فيستبقونها. وغالباً كان الشجر غير المثمر هو الذى يستخدمه الوثنيون للعبادة تحته. والمعنى الروحى أنه كما أن المسيح لعن التينة غير المثمرة سيعاقب كل شجرة أو كل إنسان بلا ثمر روحى (مز1)