تفسير سفر حزقيال أصحاح ٣٧ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح السابع والثلاثون
نجد هنا صورة رائعة للفرق بين عمل المعمودية وعمل سر الميرون. فما حدث نتيجة خطية آدم أن الإنسان مات وتحول إلى عظام يابسة، وتحولت الأمم إلى أمم ميتة كعظام يابسة بلا حياة، وبلا ثمر. وكرمز لهذا فها هى أمة إسرائيل بسبب خطاياها، هى فى السبى، وكأنها عظام يابسة. وكما تعود إسرائيل من السبى إلى أرضها لتدب فيها الحياة مرة أخرى، هكذا بالمسيح سيحيا الإنسان ثانية. فالمسيح جاء وحول الموت إلى حياة، وبالمعمودية نولد من جديد، وبالميرون
(أو وضع اليد) يدب فينا الروح. وكرمز لهذا كانت العودة من السبى. ونرى فى أع 19 : 1 – 6 شرح للفرق بين المعمودية وحلول الروح القدس.
ونلاحظ أن حالة العظام اليابسة يرتد لها كل من يرتد للخطية ويتقسى قلبه.
آية 1 :- كانت على يد الرب فأخرجنى بروح الرب وأنزلنى فى وسط البقعة وهى ملآنة عظاماً
يد الرب = إشارة للمسيح الذى بقيامته سيعطى حياة. رو 6 : 4- 8. واليد تشير للمسيح فهو قوة الله 1كو 1 : 24 + أش 59 : 1 + أش 51 : 9 – 11 + أش 51 : 1. فأخرجنى بروح الرب = الروح القدس الذى يعمل فى الكنيسة إنسكب على الكنيسة بإستحقاقات دم المسيح المخلص، وهو يعطى الميلاد الجديد فى المعمودية (فالمعمودية ميلاد من الماء والروح يو 3 : 5) ثم يحل على المعمد ليعطيه قلباً جديداً، ويثبته فى المسيح 2كو 1 : 21. ومن يثبت فى المسيح يصير خليقة جديدة حية 2كو 5 : 17. إذاً العمل هو عمل مشترك للإبن الكلمة (يد الرب) والروح القدس. ولأن النبى يرمز لهذا العمل، فهو سيتنبأ لتقوم العظام ويدب فيها الحياة، ونرى هنا يد الرب وروحه القدوس يعملان فى النبى رمزاً لعمل أقنومى الإبن والروح القدس فى إعطاء حياة جديدة للإنسان الذى مات بالخطية.وأنزلنى = فالخطية أنزلتنا من فوق ملآنة عظاماً = لا أمل فى قيامتها ثانية. وهى ملأنة فكل بنى آدم ماتوا.
الآية 2 :- وأمرنى عليها من حولها وإذا هى كثيرة جداً على وجه البقعة وإذا هى يابسة جداً
يابسة جداً = إنقضى على موت أصحابها زمن طويل، أى منذ سقط آدم
الآيات 3 – 5 :- فقال لى يا إبن آدم أتحيا هذه العظام فقلت يا سيد الرب أنت تعلم فقال لى تنبأ على هذه العظام وقل لها أيتها العظام اليابسة أسمعى كلمة الرب هكذا قال السيد الرب لهذه العظام هأنذا أدخل فيكم روحاً فتحيون
الإجابة المنطقية للسؤال فى آية 3 هى لا. فهل يعقل أن يقوم إنسان قد ألقى فى قبر، أو هل هناك أمل فى عودة اليهود لأورشليم بعد أن تشتتوا فى السبى، أو هل هناك أمل فىتوبة خاطئ أثيم. لكن إن كان عقل الإنسان قد حكم بأن إجابة السؤال السابق بلا، لكن كلمة الرب، الإبن أى المسيح بعمل فدائه قادر أن يعطى حياة للموتى ولإسرائيل ولكل خاطئ فيحيا وهذا معنى = إسمعى كلمة الرب. فمن يسمع صوت إبن الله يحيا يو 5 : 24، 25 قال السيد الرب… أدخل فيكم روحاً = هذه تساوى “ومتى جاء المعزى الذى سأرسله إليكم أنا من الآب روح الحق الذى من عند الآب…
يو 15 : 26″ قال السيد الرب = أى الإبن الكلمة الذى سيرسل روحه يدخل فينا فيعطى حياة = فتحيون
آية 7 : –فتنبأت كما أمرت وبينما أنا أتنبأ كان صوت وإذا رعش فتقاربت العظام كل عظم إلى عظيمة
فتنبأت = حقاً إن الروح هو الذى يعطى حياة، ولكن الله يطلب خداماً يتكلمون والروح يضع فى أفواههم ما يقولونه “أطلبوا من رب الحصاد” (مت 9 : 38) أن يرسل فعلة إلى حصاده. فكان يمكن أن الروح يقيم هذه العظام بدون أن يتكلم النبى، ولكن الله يريد أن يظهر كرامة وأهمية الخدمة “عظ وبخ إنتهر فى وقت مناسب وغير مناسب 2تى 4 : 2”. وبينما أنا أتنبأ كان صوت هذا هو صوت الروح القدس الذى ينبه القلوب الميتة فتقدم توبة وتزلزل كيان الخاطئ وإذا رعش = هكذا أرتعد بولس حينما كلم الرب أع 9 : 6 وهكذا أرتعب فيلكس حينما كلمه بولس أع 24 : 25 فتقاربت العظام = هذا ما سيحدث مع اليهود حين يجمعهم الله من كل أنحاء السبى إلى بلادهم، كما يجمع العظام لجسد واحد. وهكذا سيحدث مع كنيسة المسيح. فيتكامل الجسد الذى هو كعظام مرتبطة بمفاصل بالمسيح الرأس أف 5 : 30 + كو 2 : 19 + أف 4 : 15، 16.
آية 8 :- ونظرت وإذا بالعصب واللحم كساها وبسط الجلد عليها من فوق وليس فيها روح
هنا العظام تحولت إلى جسد من جديد. هذه هى الولادة الجديدة بالمعمودية
آية 9 :- فقال لى تنبأ للروح تنبأ يا إبن آدم وقل للروح هكذا قال السيد الرب هلم يا روح من الرياح الأربع وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا
هنا وربما هذه هى المرة الوحيدة التى يصلى فيها أحد فى الكتاب المقدس للروح القدس، ونحن نصلى للروح القدس ليملأنا ويسكب فينا محبة الله، وهكذا تعلمنا الكنيسة فى صلوات الساعة الثالثة “أيها الملك السمائى المعزى روح الحق…” وقوله الرياح الأربع فيه إشارة لأن الروح القدس سيملأ كل العالم.
آية 10 :- فتنبأت كما أمرنى فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جداً جداً
هذا تشبيه نفخة الكاهن فى وجه المعمد قائلاً “إقبل الروح القدس” فبعد ولادته الجديدة يأخذ نعمة الروح القدس فيحيا. وقاموا جيش عظيم جداً جداً هكذا أولاد الله هم مرهبين للشياطين بالروح القدس الذى يسكن فيهم وبالمسيح الذى يثبت فيهم. “هم كجيش بألوية” المسيح يغلب بهم نش 6 : 10 + رؤ 6 : 2
الآيات 11 – 14 :- ثم قال لي يا ابن ادم هذه العظام هي كل بيت اسرائيل ها هم يقولون يبست عظامنا و هلك رجاؤنا قد انقطعنا. لذلك تنبا و قل لهم هكذا قال السيد الرب هانذا افتح قبوركم و اصعدكم من قبوركم يا شعبي و اتي بكم الى ارض اسرائيل. فتعلمون اني انا الرب عند فتحي قبوركم و اصعادي اياكم من قبوركم يا شعبي.و اجعل روحي فيكم فتحيون و اجعلكم في ارضكم فتعلمون اني انا الرب تكلمت و افعل يقول الرب.
المقصود أن الله سيعطى حياة ثانية لشعبه إسرائيل، ولكن هذا يرمز لقيامة النفس الخاطئة وقيامة كنيسة العهد الجديد والقيامة الأخيرة من الأموات يو 25:5-29 (وفى هذه الآيات نرى قيامتين للمؤمنين)
الآيات 15 – 27 :- و كان الي كلام الرب قائلا.و انت يا ابن ادم خذ لنفسك عصا واحدة و اكتب عليها ليهوذا و لبني اسرائيل رفقائه و خذ عصا اخرى و اكتب عليها ليوسف عصا افرايم و كل بيت اسرائيل رفقائه. و اقرنهما الواحدة بالاخرى كعصا واحدة فتصيرا واحدة في يدك. فاذا كلمك ابناء شعبك قائلين اما تخبرنا ما لك و هذا. فقل لهم هكذا قال السيد الرب هانذا اخذ عصا يوسف التي في يد افرايم و اسباط اسرائيل رفقاءه و اضم اليها عصا يهوذا و اجعلهم عصا واحدة فيصيرون واحدة في يدي. و تكون العصوان اللتان كتبت عليهما في يدك امام اعينهم. و قل لهم هكذا قال السيد الرب هانذا اخذ بني اسرائيل من بين الامم التي ذهبوا اليها و اجمعهم من كل ناحية و اتي بهم الى ارضهم. و اصيرهم امة واحدة في الارض على جبال اسرائيل و ملك واحد يكون ملكا عليهم كلهم و لا يكونون بعد امتين و لا ينقسمون بعد الى مملكتين.و لا يتنجسون بعد باصنامهم و لا برجاساتهم و لا بشيء من معاصيهم بل اخلصهم من كل مساكنهم التي فيها اخطاوا و اطهرهم فيكونون لي شعبا و انا اكون لهم الها. و داود عبدي يكون ملكا عليهم و يكون لجميعهم راع واحد فيسلكون في احكامي و يحفظون فرائضي و يعملون بها. و يسكنون في الارض التي اعطيت عبدي يعقوب اياها التي سكنها اباؤكم و يسكنون فيها هم و بنوهم و بنو بنيهم الى الابد و عبدي داود رئيس عليهم الى الابد. و اقطع معهم عهد سلام فيكون معهم عهدا مؤبدا و اقرهم و اكثرهم و اجعل مقدسي في وسطهم الى الابد.و يكون مسكني فوقهم و اكون لهم الها و يكونون لي شعبا.فتعلم الامم اني انا الرب مقدس اسرائيل اذ يكون مقدسي في وسطهم الى الابد
خلق الله الإنسان وفى ذهنه أن يكون هناك وحدة، فحواء جزء من آدم والأولاد أجزاء منهما كليهما أى الكل جزء من آدم. ولذلك فكل الخليقة هى جسد آدم. وكانت خطة الله أن يكون هناك وحدة بينه وبين آدم ( لو أكل من شجرة الحياة). ولكن الخطية دمرت هذه الوحدة فإنفصل آدم عن الله وتحول إلى عظام، بل قتل الأخ جسده (قايين وهابيل) فهم جسد واحد. أى أن الخطية كسرت هذه الوحدة. وجاء المسيح ليعيد هذه الوحده بيننا كجسد واحد، وبيننا وبينه (يو 17 : 20 – 24). وفى هذه الآيات يرمز لهذا الإنفصال بين الإخوة بالإنفصال بين يهوذا وإسرائيل. ولكن عمل المسيح سيعيدهم إلى الوحدة ثانية. وتم تمثيل هذا بربط عصوين واحدة ترمز ليهوذا وواحدة ترمز لإسرائيل لجعلهما عصا واحدة ثانية. ومن خلال هذه الوحدة سيحكم داودعبدى = أى المسيح يملك على الكنيسة الواحدة. فهو الذى جعل الأثنين واحداً أف 2 : 14 وإختيار داود كرمز للمسيح هنا :- 1- لأن المسيح إبن داود 2- كانت المملكة أيام داود مملكة واحدة بلا إنقسام، فحيث الشقاق والخصومة لا يستطيع المسيح أن يملك (مز 133 ).وفى المسيح يجتمع الكل وهو يكون رأساً لهم حتى السمائيين والأرضيين أف 1 : 10 ومن خلال هذه الوحدة أقطع عهد سلام = فلا سلام بدون حب. بل قد تكون العصوين قد جمعتا على شكل صليب، فتكون كل هذه البركات من عمل صليب المسيح أف 2 : 16