تفسير سفر حزقيال أصحاح ٣٤ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الرابع والثلاثون
لم يسجل تاريخ هذا الإصحاح وما بعده، وربما كان تاريخهم بعد خراب أورشليم ليفسر أسباب هذا الخراب وليعطى رجاء فى المستقبل. ومن ضمن أسباب الخراب إهمال وأنانية الرعاة الذين لم يكونوا رقباء ينذرون الشعب ولا إهتموا بخلاص نفوس الرعية، بل كان كل ما إهتموا به هو كيف يستفيدوا من هذا الشعب مادياً وتمتلئ جيوبهم. لذلك قال السيد المسيح “الذين أتوا من قبلى هم سراق ولصوص” وهم أجراء يهتمون بالأجر ولكن قلبهم ليس على رعيتهم. ويا ويل أمة شعبها خاطئ وكهنتها بهذا الوصف، لهذا خربت يهوذا. ولكن من المعزى أنه فى هذا الإصحاح نسمع وعد بمجئ المسيح الراعى الحقيقى والراعى الصالح للخراف (قارن مع يو 10)
آية 2 :- يا ابن ادم تنبا على رعاة اسرائيل تنبا و قل لهم هكذا قال السيد الرب للرعاة ويل لرعاة اسرائيل الذين كانوا يرعون انفسهم الا يرعى الرعاة الغنم.
يرعون أنفسهم = يهتموا بما يعود عليهم من نفع مادى ومعنوى وليس بالشعب
آية 3 :- تاكلون الشحم و تلبسون الصوف و تذبحون السمين و لا ترعون الغنم.
الراعى يشرب لبن خرافه، وهذا يعنى أن يكتفى من شعبه بأن يكون فى مستوى مادى معقول. لكن ليس أن يذبح السمين = يأخذوا أجود ما عند الشعب.
آية 4 :- المريض لم تقووه و المجروح لم تعصبوه و المكسور لم تجبروه و المطرود لم تستردوه و الضال لم تطلبوه بل بشدة و بعنف تسلطتم عليهم.
هم يطلبون الأغنياء لمصلحتهم الخاصة، فلماذا يطلبون المرضى والضعفاء، وعدم إهتمامهم بهؤلاء الضعفاء الفقراء جعلهم يتشتتون.
آية 8 :- حي انا يقول السيد الرب من حيث ان غنمي صارت غنيمة و صارت غنمي ماكلا لكل وحش الحقل اذ لم يكن راع و لا سال رعاتي عن غنمي و رعى الرعاة انفسهم و لم يرعوا غنمي.
عادت فى هذا الإصحاح نغمة حلوة فالله يقول غنمى. ويدين الرعاة الذين لا يرعونهم
آية 10 :- هكذا قال السيد الرب هانذا على الرعاة و اطلب غنمي من يدهم و اكفهم عن رعي الغنم و لا يرعى الرعاة انفسهم بعد فاخلص غنمي من افواههم فلا تكون لهم ماكلا.
اكفهم عن رعى الغنم = هذا يعنى أنتهاء الكهنوت اليهودى طالما المسيح الكاهن الأعظم قد أتى. والله سيطلب قطيعه ليرعاه هو بنفسه. أما هؤلاء الأجراء فلن يرعوا حتى أنفسهم فالمسيح راعى الكل
آية 13 :- و اخرجها من الشعوب و اجمعها من الاراضي و اتي بها الى ارضها و ارعاها على جبال اسرائيل و في الاودية و في جميع مساكن الارض.
نبوة عن أن الكنيسة التى سيرعاها المسيح ستكون فى إسرائيل وفى كل الأرض
آية 14 :- ارعاها في مرعى جيد و يكون مراحها على جبال اسرائيل العالية هنالك تربض في مراح حسن و في مرعى دسم يرعون على جبال اسرائيل.
جبال إسرائيل العالية = تشير لعلو وسمو الكنيسة المرتفعة عن الأرضيات وأبوها سماوى وسيرتها هى فى السماويات فى 3 : 20.
آية 16 :- و اطلب الضال و استرد المطرود و اجبر الكسير و اعصب الجريح و ابيد السمين و القوي و ارعاها بعدل.
سأبيد السمين القوى = تعنى من كان له راحة وعاش فى الخطية يشربها كالماء، هذا لن يرعاه الله.
آية 17 :- و انتم يا غنمي فهكذا قال السيد الرب هانذا احكم بين شاة و شاة بين كباش و تيوس.
أحكم بين شاة وشاة = الله هو وحده الذى يستطيع أن يميز بين السمين القوى والخروف الضال
الآيات 18، 19 :- اهو صغير عندكم ان ترعوا المرعى الجيد و بقية مراعيكم تدوسونها بارجلكم و ان تشربوا من المياه العميقة و البقية تكدرونها باقدامكم. و غنمي ترعى من دوس اقدامكم و تشرب من كدر ارجلكم.
الله أعطى المياه العميقة = أى فهمم كتب الله وأسراره ومحبته وهذا يعلنه الله لخدامه ليشرحوه لشعبه، والخدام هم خدام المصالحة، عليهم أن يصالحوا الشعب مع الله 2كو 5 : 18. إذاً على الخدام أن يشربوا من المياه العميقة (هى عميقة لأنه مهما حاول الخادم أن يدرك عمقها لن يستطيع، لن يستطيع أحد أن يدرك عمق محبة الله) ويعطوا الآخرين ليشربوا. أن يسمعوا ويفهموا ويفرحوا من نعم الله لهم، ثم يعطوا ويعلموا ويقودوا شعبهم. ولكنهم بتصرفاتهم لوثوا المياه وقدموا لشعبهم معلومات ملوثة، وهذه تعنى :-
1- إما إهمال تعليم الفقراء، وكلموهم بأى كلام، وبدون إهتمام.
2- بمحبتهم الضعيفة وإحتقارهم للفقراء أعطوا صورة رديئة للناس عن الله
ترعوا المرعى الجيد = أى ما يأتى منه عائد مادى كبير. وبقية مراعيكم تدوسونهاأى يحتقروا الفقراء. ولنلاحظ أن الناس ترى فى الخدام صورة لله. والله يقول = أصغير عندكم هذا = فحتى لو كان صغير عندكم، فهو عندى شئ أثيم جداً سأنتقم منكم بسببه
آية 21 :- لانكم بهزتم بالجنب و الكتف و نطحتم المريضة بقرونكم حتى شتتموها الى خارج.
بهزتم = دفعتم جانباً الضعفاء ولم تشفقوا عليهم (كما فعل الكتبة والفريسيين)
آية 23 :- و اقيم عليها راعيا واحدا فيرعاها عبدي داود هو يرعاها و هو يكون لها راعيا.
عبدى داود = هو الراعى الحقيقى المسيح إبن داود. الذى قلبه حسب قلب الله. راعياً واحداً = فالمسيح الذى جعل الإثنين واحداً أف 2 : 14. فما عاد هناك قطيعين أو دولتين. الكنيسة هى كنيسة واحدة، كما كانت إسرائيل دولة واحدة أيام داود.
الآيات 25 – 30 :- و اقطع معهم عهد سلام و انزع الوحوش الرديئة من الارض فيسكنون في البرية مطمئنين و ينامون في الوعور. و اجعلهم و ما حول اكمتي بركة و انزل عليهم المطر في وقته فتكون امطار بركة. و تعطي شجرة الحقل ثمرتها و تعطي الارض غلتها و يكونون امنين في ارضهم و يعلمون اني انا الرب عند تكسيري ربط نيرهم و اذا انقذتهم من يد الذين استعبدوهم.فلا يكونون بعد غنيمة للامم و لا ياكلهم وحش الارض بل يسكنون امنين و لا مخيف. و اقيم لهم غرسا لصيت فلا يكونون بعد منفيي الجوع في الارض و لا يحملون بعد تعيير الامم. فيعلمون اني انا الرب الههم معهم و هم شعبي بيت اسرائيل يقول السيد الرب.
المسيح ملك السلام أقام سلاماً بين السمائيين والأرضيين وبين الله والإنسان وبين الإنسان والإنسان = وأقيم معهم عهد سلام. وسينزع الوحوش الرديئة = يقيد إبليس بسلسلة رؤ 20 : 1 – 3. وأنزل عليهم المطر أى يفيض الله على شعبه من نعمته. وأكبر نعمة أن يسكن فينا روحه القدوس ومن يسكن فيه الروح القدس يكون كشجرة مغروسة على المياه = تعطى ثمرها إشارة لثمار الروح غل 5 : 22، 23. والمسيح كسر نيرنا مع الشيطان لذلك قال إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً يو 8 : 36 = تكسيرى ربط نيرهم. وحين يسود المسيح علينا كرئيس ويملك علينا لن يجرؤ شيطان = الأمم أن يغتنمنا غرساً لصيت = هو المسيح غصن البر (أر 23 : 5) الذى له إسم فوق كل إسم فى 2 : 9 ويعلمون إنى أنا الرب إلههم = أى كفايتهم وسلامهم وقوتهم وحريتهم وكل شئ لهم. أناس أنتم = بهذا نفهم أن الغنم هم شعب الله.