ثورة الأقباط في عهد موريس

 

وجاء بعد يوستنيانوس يوستينس۲ سنة 565 م، وكان اشفق على العباد من سلفه، و يظهر أن ذلك من تأثير زوجته ابنة أخت الملكة ثيودورة، فترك الناس يدينون بما يشاؤون فتمكنت الكنيسة القبطية من استرجاع مراكز من التي اغتصبت منها وتحسنت أحوال شعبها ورعيتها . وخلف يوستينوس طيباريوس۲ سنة 582م الذي تنازل عن الملك لموريس سنة 582 م وفي أوائل حكمه حدثت ثورة في مصر في الوجه البحرى تحت زعامة ثلاثة أخوة من الأقباط هم ابوسخيرون ومينا ويعقوب من بلدة عقيلة (محافظة البحيرة) وسببها ان حاكم قسم سمنود ( غربية ) القي القبض على رجلين قبطيين من ذوي الوجاهة والاعتبار أحدهما يسمى قسا بن صموئيل والآخر بانون بن آموني، فهجم الثائرون على الرومانيين في جهة بنا وابي صير ( بالقرب من سمنود ) وطردهم منها، فارسل الوالي الي الامبراطور يشكوه أمره فأمر الإمبراطور يوحنا والى الاسكندرية بقمع الثائرون الذين كانوا قد وضعوا يدهم على اقاليم الوجه البحرى وحاولوا الاستيلاء على الاسكندرية فاغتصبوا الحنطة التي كانت مرسلة اليها.

وحدثت من جراء ذلك مجاعة اهتاج منها سخط القوم على الوالي وكادوا يفتكون به لولا أعيان الأقباط الذين ردوا عنه اعتداء الغوغاء.
ومع أن يوحنا والى الاسكندرية كان صديقا للثلاثة الاخوة الا أنهم استمروا في مقاومتهم. فعزله القيصر وعين بدله رجلاً يسمى بولس. وتمكن اسحق ابن اكبر الثلاثة الأخوة من الانتصار على
الرومانيين فاستولى على كثير من مراكبهم وسعي خلفهم إلى قبرص يكتسح أمامه قوتهم الحربية حتى خاف الإمبراطور من سوء النتيجة وطلب انه يوليوس بطريركه في مصر أن يعقد صلحاً مع الثلاثة الأخوة.
وكان يوليوس البطريرك الروماني على جانب عظيم من دماثة الأخلاق فاكتسب  رضاء المصريين منه واجتمع مع الثلاثة الأخوة لاجراء الصالح في مسقط رأسهم فأبوا القبول الا اذا أعاد
الامبراطور صديقهم يوحنا الوالى فأجاب طلبهم ورجع الوالي الى منصبه وعين لقيادة الجيش رجلا يدعى ثيوذوروس.
وحدث أن قائد الجيش الجديد أخذ القبطين المأمورين وثلاثة آخرين من عظماء المصريين كانوا قد سجنوا معهما وأوقفهم على شاطيء النيل المقابل للشاطيء الذي احتشد عليه الثائرون وأمرهم بطرح السلاح والا يقضى على الخمسة الرجال فتوسل المأسورون الى الثائرين أن يكفوا عن القتال شفقة بهم فألقى معظم هؤلاء الأسلحة وعبروا النهر وتقابلوا مع أصحابهم المقبوض
عليهم ولم يبق في ساحة النزال الا الثلاثة الأخوة و بعض أصدقائهم وظلوا يقاتلون الجيش الروماني باستبسال ولكنهم غلبوا أخيرا وفروا الى مدينة صان (شرقية ) فقبض عليهم الرومانيون ومضوا بهم الى الاسكندرية ومروا بهم في الشوارع ليعتبر بهم العصاة. ثم طرح الثلاثة الأخوة وابنهم اسحق في السجن ولبث يوحنا الوالي يدافع عنهم طول مدة ولايته بدون جدوى حتى تعين مكانه وال جديد فتطع رؤوس الاخوة ونفى اسحق نفيا مؤبداً . وأمر الامبراطور بأخذ ممتلكات الثائرين وحرق مدينتي
عقيلة وصان.
ولم تكد نار هذه الثورية تخمد حتى قامت ثورات أخرى في خمس مدن وهي صان وخربتا او بسطة وسهور وأخميم وغيرها. وانتهت جميعها بمذابح وحشية من الوطنيين الذين لازمهم الفشل في كل تدابيرهم. وبالجملة فلم يكد ينتهي القرن السادس حتى بلغت العداوة بين المصريين والرومانيين أشدها، خصوصاً عندما أنفذ القيصر أمر الى نائبه بمصر بطرد جميع الأقباط من خدمة الحكومة وعدم قبول أحد منهم في مصالحها قصداً منه في اذلالهم فكان ذلك من أقوى البواعث على قنوط الأقباط واعتزالهم الروم بالكلية وقطع كل العلاقات معهم، وكان كل ما اشتد الضيق بالاقباط كلما ازدادوا تمسكنا برأيهم وطمعا في نوال الاستقلال الديني الذي اشتروه، من دماء الألوف المؤلفة

زر الذهاب إلى الأعلى