تفسير سفر حزقيال أصحاح ٣٦ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح السادس والثلاثون
تركنا فى الإصحاح السابق جبل سعير وهو قفر وسيستمر كذلك. الآن نستدير لجبل إسرائيل أى شعب الله الذى كان خراباً لإستعباد الأعداء له، مثل سعير. وهنا نسمع وعد الله بخلاص شعبه. وإستعادة إسرائيل هنا لأرضها بعد أن كانت فى سبى بابل، وسعير شامت فيها، هى رمز لإستعادة الإنسان لميراثه السماوى، بعد أن أُسْلِمنا للشيطان (رمزه بابل وسعير) بسبب الخطية.
آية 1 :- و انت يا ابن ادم فتنبا لجبال اسرائيل و قل يا جبال اسرائيل اسمعي كلمة الرب.
هكذا أراد الله أن يكون شعبه = جبالاً مرتفعين عن الأرضيات لهم حياة سماوية، ثابتين كالجبال فى إيمانهم غير مزعزعين كو 2 : 7
آية 2 :- هكذا قال السيد الرب من اجل ان العدو قال عليكم هه ان المرتفعات القديمة صارت لنا ميراثا.
شماتة العدو بسقوط أولاد الله وهزيمتهم. وقالوا = المرتفعات القديمة صارت لنا ميراثاً= أى لم يعد هناك مكان مقدس، بل تسيد العدو على كل شئ وقد رأينا سيادة بابل على أورشليم وتخريب الهيكل. ومن قبل رأينا العبادة الوثنية تدخل الهيكل (إصحاح 8). والمرتفعات القديمة هى آدم الذى خلقه الله فى حياة سماوية وبسبب خطيته سقط، فظنهالشيطان أنه صار له ميراثاً أبدياً، لكن الله سمح بأن يسلم الإنسان للباطل فترة للتأديب حتى يأتى المسيح.
آية 3 : فلذلك تنبا و قل هكذا قال السيد الرب من اجل انهم قد اخربوكم و تهمموكم من كل جانب لتكونوا ميراثا لبقية الامم و اصعدتم على شفاه اللسان و صرتم مذمة الشعب.
تهمموكم = إبتلعوكم. والمعنى أنه حينما هزمت بابل الشعب صار فريسة لباقى الشعوب مثل سعير، فأخربوه من كل جانب. فصار مذمة الشعوب. وهذا ما حدث بسقوط آدم أن البشر عموماً صاروا فريسة وسخرية لإبليس وهكذا كل من يسقط فى خطية الآن، يجر هذا عليه خطايا أكثر فيصير مذمة للشعوب
آية 4 :- لذلك فاسمعي يا جبال اسرائيل كلمة السيد الرب هكذا قال السيد الرب للجبال و للاكام و للانهار و للاودية و للخرب المقفرة و للمدن المهجورة التي صارت للنهب و الاستهزاء لبقية الامم الذين حولها.
هنا نجد وعد الله بأنه سيخلص الجميع، وأنه سيأتى للجميع كباراً وصغاراً قديسين وخطاة = جبالاً وودياناً. فالناس درجات فمنهم الجبال = مثل حزقيال وأرمياء ودانيال…الخومنهم درجات أقل فهم أكام ومنهم درجات منخفضة جداً = وديان ومنهم من خربته الخطية = خرب مقفرة وهذه الأخيرة صارت للنهب. ومنهم الذين كانوا معلمين = أنهار
آية 5 :- من اجل ذلك هكذا قال السيد الرب اني في نار غيرتي تكلمت على بقية الامم و على ادوم كلها الذين جعلوا ارضي ميراثا لهم بفرح كل القلب و بغضة نفس لنهبها غنيمة.
أعداء الله وضعوا أياديهم الدنسة على شعبه = أرضه وظنوها ميراثاً لهم وبكل بغضة نفوسهم ضد شعبه فرحوا بقلوبهم لهذا. لكن الله لن يسكت فهذا أثار نار غيرته على شعبه
آية 6 :- فتنبا على ارض اسرائيل و قل للجبال و للتلال و للانهار و للاودية هكذا قال السيد الرب هانذا في غيرتي و في غضبي تكلمت من اجل انكم حملتم تعيير الامم.
لنلاحظ أنه حين يقوم الأمم بتعيير شعب الله أى أهانتهم فهذا يثير غضبه وغيرته.
آية 7 :- لذلك هكذا قال السيد الرب اني رفعت يدي فالامم الذين حولكم هم يحملون تعييرهم.
الله هنا يقسم = رفعت يدى = علامة القسم أن الأمم سيلاقون نفس المصير أى التعيير. فالكأس التى أعدوها لشعب الله سيشربونها، فالصليب الذى أعده هامان صلب عليه هو (قصة إستير). إذاً لا داعى للشكوى من أى إضطهاد فكلما زاد الإضطهاد تزيد مراحم الله.
الآيات من 8 – 11 :- اما انتم يا جبال اسرائيل فانكم تنبتون فروعكم و تثمرون ثمركم لشعبي اسرائيل لانه قريب الاتيان. لاني انا لكم و التفت اليكم فتحرثون و تزرعون. و اكثر الناس عليكم كل بيت اسرائيل باجمعه فتعمر المدن و تبنى الخرب. و اكثر عليكم الانسان و البهيمة فيكثرون و يثمرون و اسكنكم حسب حالتكم القديمة و احسن اليكم اكثر مما في اوائلكم فتعلمون اني انا الرب.
وعد برجوع الشعب إلى أرضه ويكونون فى حرية ويكون لهم ثمر. وهذا اليوم قريب الإتيان = وهناك يوم رمزى وهو عودة الشعب من السبى ويوم حقيقى، هو يوم الصليب. تحرثون وتزرعون = هنا يشبه الله الإنسان بالأرض، التى يجب أن تحرث ليتم تنقيتها، وتزرع لتأتى بثمر. ونحن بالمعمودية نتنقى إذ يموت إنساننا العتيق، ويزرع فينا إنسان جديد على شكل المسيح، لأن المسيح يعطينا حياته رو 6 : 4 – 8 الإنسان والبهيمة = حين تكثر أعدادهم فهذا يشير لزيادة الخير والبركات. لكن الإنسان يشير للسالك بالروح والبهيمة تشير لمن يسلك بحسب شهواته. والروح القدس يقدس كليهما. وأحسن إليكم أكثر من أوائلكم = فنعمة المسيح وعمله جعلتنا فى وضع أفضل من آدم.
الآيات 12 – 15 :- وأمشى الناس عليكم شعبى إسرائيل فيرثونك فتكون لهم ميراثاً ولا تعود بعد تتكلهم. هكذا قال السيد الرب من أجل أنهم قالوا لكم أنت أكالة الناس ومثكلة شعوبك. لذلك لن تأكلى الناس بعد ولا تتكلى شعوبك بعد يقول السيد الرب. ولا أسمع فيك من بعد تعيير الأمم ولا تحملين تعيير الشعوب بعد ولا تعثرين شعوبك بعد يقول السيد الرب.
هنا وعد لشعب الله أن يعود لأرضه. فالكلام هنا للجبال = وأمشى عليكم شعبى إسرائيل. أى يكثر الله الناس داخل الكنيسة، ويكونون فى حالة حركة بلا توقف، ولا يقترب الموت إليهم. وكانت سخرية الأمم على إسرائيل أنها أكالة الناس بالسيف والجوع والوبأ والحصار. ولكن بنعمة المسيح بطل كل هذا.
الآيات 16 – 19 :-وكان إلى كلام الرب قائلاً يا آدم إن بيت إسرائيل لما سكنوا أرضهم نجسوها بطريقهم وبأفعالهم كانت طريقهم أمامى كنجاسة الطامث فسكبت غضبى عليهم لأجل الدم الذى سفكوه على الأرض وبأصنامهم نجسوها فبددتهم فى الأمم فتذروا فى الأراضى كطريقهم وكأفعالهم دنتهم
الله يذكرهم هنا بأن تأديبهم راجع لخطاياهم. فهم نجسوا الأرض المقدسة.
آية 20 :-فلما جاءوا إلى الأمم حيث جاءوا وأنجسوا إسمى القدوس إذ قالوا لهم هؤلاء شعب الرب وقد خرجوا من أرضه
حتى حينما أرسلهم الله للسبى فى أرض غريبة إستمروا فى خطاياهم فنجسوا إسم الله القدوس، وهذه عكس “ليرى الناس أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات”
الآيات 21، 22 :- فتحننت على أسمى القدوس الذى نجسه بيت إسرائيل فى الأمم حيث جاءوا. لذلك فقل لبيت إسرائيل هكذا قال السيد الرب ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل بل لأجل أسمى القدوس الذى نجستموه فى الأمم حيث جئتم
هذه الآيات لا تعنى أن الله لا يهتم بنا، أو يهتم فقط بمجد إسمه القدوس، بل تعنى أن لا شئ فينا يستحق نعمته، بل هو يعمل فينا بمحبته ولأجل مجد إسمه القدوس.
الآيات 23 – 25 :- فأقدس أسمى العظيم المنجس فى الأمم الذى نجستموه فى وسطهم فتعلم الأمم أنى أنا الرب يقول السيد الرب حين أتقدس فيكم قدام أعينهم وآخذكم من بين الأمم وأجمعكم من جميع الأراضى وآتى بكم إلى أرضكم وأرش عليكم ماء طاهر فتطهرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم
حين يؤدب الله شعبه ثم يرفعهم يتعلم الآخرين الدرس فيتقدس الله قدام أعين الأمم. وفى 24 نبوة بدخول الأمم للكنيسة جسد المسيح مع اليهود. وحين يجمع الله شعبه يطهرهم. وهذه نبوة عن عمل المعمودية أى غسل الخطايا القديمة.
آية 26 :- وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديداً فى داخلكم وأنزع قلب الحجر
أنظر شرح الآية حز 11 : 19 صفحة 65. والقلب الجديد، هو القلب المختون بالروح رو 2 : 29 الذى مات منه إنسان الخطية أى شهوة الخطية. فالروح القدس يمنحنا طبيعة جديدة منفتحة على الله عوضاً عن الطبيعة الفاسدة المنفتحة على الشر
آية 27 :- وأجعل روحى فى داخلكم وأجعلكم تسلكون فى فرائضى وتحفظون أحكامى وتعملون بها
هذه نبوة عن سر الميرون الذى به يسكن الروح القدس فى المؤمن المعمد فيعينه على حفظ الوصايا. وذلك بأن يسكب محبة الله فى قلبه رو 5 : 5.
آية 28 :- وتسكنون الأرض التى أعطيت آباءكم إياها وتكونون لى شعباً وأنا أكون لكم إلهاً.
الله يذكر عهده لأبائهم بأن يعطيهم الأرض، وهذا ما حدث يعد العودة من السبى ولكن هذه الآية تنظر لما هو أبعد من ذلك. فهى تشير لإستردادنا الميراث السماوى فمن يسكن الكنيسة الآن سيرث السماء.
الآيات 29 31 :- وأخلصكم من كل نجاساتكم وأدعو الحنطة وأكثرها ولا أضع عليكم جوعاً وأكثر ثمر الشجر وغلة الحقل لكيلا تنالوا بعد عار الجوع بين الأمم فتذكرون طرقكم الرديئة وأعمالكم غير الصالحة وتمقتون أنفسكم أمام وجوهكم من أجل آثامكم وعلى رجاساتكم
حين يسكن الله وسط كنيسته فهو يبارك ببركات روحية بل ومادية أيضاً. ولاحظ أنه فى حالة القداسة والبركة، لو تذكر التائب خطاياه يمقت نفسه لأنه أهان الله يوماً. بل مهما وصلنا لدرجة عالية من القداسة سنظل نمقت أنفسنا إذ نكتشف دائماً وجود خطايا داخلنا 1تى 1 : 15 وهذه علامة التوبة الحقيقية.
آية 32 :- لا من أجلكم أنا صانع يقول السيد الرب فليكن معلوماً لكم فأخجلوا وأخزوا من طرقكم يا بيت إسرائيل
فأخجلوا = الله غفر حقاً، لكن لنقل خطيتى أمامى فى كل حين فلا نسقط فى الكبرياء.
الآيات 33 – 35 :- هكذا قال السيد الرب فى يوم تطهيرى إياكم من كل آثامكم أسكنكم فى المدن فتبنى الخرب. وتفلح الأرض الخربة عوضاً عن كونها خربة أمام عينى كل عابر فيقولون هذه الأرض الخربة صارت كجنة عدن والمدن الخربة والمقفرة والمنهدمة محصنة معمورة
النفس التى يفارقها الله تصبح خراباً موحشة، وحين يعود لها الله تصبح جنة
آية 36 :- فتعلم الأمم الذين تركوا حولكم أنى أنا الرب بنيت المنهدمة وغرست المقفرة أنا الرب تكلمت وسأفعل
الله أب للجميع فهو يصلح من حال شعبه ويجعلهم كجنة، ولكن عين الله أيضاً على الأمم. وحين يرى الأمم عمله مع شعبه يؤمنون به فيتحولون هم أيضاً لجنات.إذاً “لنسعى كسفراء للمسيح كأن المسيح يعظ بنا” فهذا واجب كل مؤمن.
آيات 37، 38 :- هكذا قال السيد الرب بعد هذه أطلب من بيت إسرائيل لأفعل لهم أكثرهم كغنم أناس. كغنم مقدس كغنم أورشليم فى مواسمها فتكون المدن الخربة ملآنة غنم أناس فيعلمون أنى أنا الرب.
حينما تمتلئ النفس من بركة ونعمة ومحبة الله يقدم الإنسان نفسه كذبيحة حية، كغنم سيقت للذبح رو 8 : 36 والآيات تشير لإزدياد عدد المؤمنين فى الكنيسة.