تفسير سفر حزقيال ١٦ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح السادس عشر

لازال الله يبرر نفسه من أجل الخراب الذى سيأتى على أورشليم، فبعد أن شبه أورشليم بعود الكرم الذى سيحرق، يشبهها هنا بعروس زانية خائنة لا تستحق سوى الهجر والتخلى، وهذا الإصحاح من المفيد أن نطبقه على الشعب اليهودى مرة ثم ثانية على الكنيسة ككل. ومرة ثالثة على النفس البشرية. هو إصحاح معاملة الله معى وإنتشالى من الضياع ثم خيانتى له. هذا الإصحاح هو أنشودة الخلاص المجانى حتى نكون عروس مقدسة للمسيح.

 

الآيات 1 – 5 :-

و كانت الي كلمة الرب قائلة. يا ابن ادم عرف اورشليم برجاساتها. و قل هكذا قال السيد الرب لاورشليم مخرجك و مولدك من ارض كنعان ابوك اموري و امك حثية. اما ميلادك يوم ولدت فلم تقطع سرتك و لم تغسلي بالماء للتنظف و لم تملحي تمليحا و لم تقمطي تقميطا. لم تشفق عليك عين لتصنع لك واحدة من هذه لترق لك بل طرحت على وجه الحقل بكراهة نفسك يوم ولدت.

عرف أورشليم برجاساتها = بدء الأنشودة هو إكتشاف خطايانا. وهذه الرجاسات يكرهها الله، ويجب أن نكرهها نحن أيضاً، خصوصاً أننا شعبه. ورجاسات أورشليم تفوق رجاسات العالم كله.. لماذا ؟ لأنها ناكرة للجميل. فبعد كل ما قدمه الله لها تسير وراء آخر. وهنا يوضح الله أصلها الحقير. مخرجك ومولدك من أرض كنعان. أبوك أمورى وأمك حثية = كان اليهود يفتخرون بأنهم أولاد إبراهيم يو 8 : 33 + مت 3 : 9. ولكن أولاد إبراهيم حقيقة هم أولاده بالإيمان غل 4 : 11، 12. أما هؤلاء فأعمالهم تشبه الكنعانيين الذين لعنوا من أجل خطاياهم لذلك هم أولاد الكنعانيين، هذا نسب أخلاقى وليس عرقى، كما قيل عن كل من يفعل الخطية أنه إبن لإبليس 1يو 3 : 10 + يو 8 : 44 (الكذاب إبن لإبليس فى هذه الآية). وهنا بهذه الآية كون أنهم أولاد كنعان فلقد نزعت عنهم بنوتهم لإبراهيم يو 8 : 39، 40 وآية 4، 5 صورة مؤلمة للجنس البشرى كله، إذ يولد ورجاساته تعمل فى داخله “هأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى مز 51 : 5”. هذا معنى لم تقطع سرتك = فعن طريق السرة يأتى الغذاء للطفل أولاً، والمعنى هنا أن مصادر الخطية، خطية أبائك مازالت تغذيك، فكنت فى نجاسة الخطية الأصلية، ولم يطهرك أحد = ولم تغسلى بالماء للتنظيف. ولم يسترك أحد فظللت عارية، فالخطية تساوى العرى = لم تقمطى تقميطاً = فلا يوجد فى البشر من يغسل أدناسنا أو يحمل عارنا ويسترنا بقماط. ولم تملحى تمليحا الملح يستخدم ليمنع الطعام من الفساد (كالفسيخ مثلاً)، فلم يكن هناك ثلاجات أو ثلج فى ذلك الزمان. فكان الملح علامة عدم الفساد (2أى 13 : 5 + مر 9 : 49، 50 + كو 4 : 6). والمسيح أتى ليفتدينا ويستر علينا ويفيض علينا من نعمته التى تحفظنا من الفساد. لذلك فالكنيسة فى صلاة الحميم تضع ملحاً فى الماء إشارة للنعمة التى سيحصل عليها الطفل فى المعمودية فتحفظه من الفساد (وتضع فى الماء زيتاً إشارة لعمل الروح القدس وحلوله على المعمد فى سر الميرون الذى يعقب سر العماد، فالكنيسة فى صلاة الحميم تعلن إهتمامها بالطفل وأنها فيها بأسرارها كل ما يحتاجه الطفل ليحيا فى عدم فساد). ولم تشفق عليك عين = بل حين ولدت الأمة اليهودية كان ذلك فى مصر فى أرض العبودية، وفرعون كرمز للشيطان أذلهم وإستعبدهم.وطرحت بكراهة نفسك = فالمصريين كرهوهم بل إعتبروهم رجس، ولنلاحظ أن من عروها قد كرهوها، والشيطان يسهل لنا طريق الخطية ليس حباً فينا بل كراهية لنا، وليدمرنا.

 

الآيات 6 – 14 :-

فمررت بك و رايتك مدوسة بدمك فقلت لك بدمك عيشي قلت لك بدمك عيشي. جعلتك ربوة كنبات الحقل فربوت و كبرت و بلغت زينة الازيان نهد ثدياك و نبت شعرك و قد كنت عريانة و عارية. فمررت بك و رايتك و اذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك و سترت عورتك و حلفت لك و دخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. فحممتك بالماء و غسلت عنك دماءك و مسحتك بالزيت. و البستك مطرزة و نعلتك بالتخس و ازرتك بالكتان و كسوتك بزا. و حليتك بالحلي فوضعت اسورة في يديك و طوقا في عنقك. و وضعت خزامة في انفك و اقراطا في اذنيك و تاج جمال على راسك. فتحليت بالذهب و الفضة و لباسك الكتان و البز و المطرز و اكلت السميذ و العسل و الزيت و جملت جدا جدا فصلحت لمملكة. و خرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب.

نجد هنا حصراً لما قدمه الله للأمة اليهودية أولنا. مدوسة بدمك = كانوا على حافة الخراب والهلاك فى مصر، مكتوب عليهم الموت فقلت لك بدمك عيشى. قلت لك بدمك عيشى = هذه كقول بولس الرسول “أما أنا فكنت بدون الناموس عائشاً قبلاً رو 7 : 9” وهذه كما يقول المثل العامى عن مريض أو فقير معدم “أهى عيشة والسلام”. أى قرر لها الله الحياة، الله نظر إلى هذا العالم فى نجاسته يتمرغ فى دمه (يموت ويهلك) وهو منبوذ مطرود، لكن الله فى صلاحه يريد للبشر الحياة. فقال لهم الله بدمك عيشى أى تعيش كما هى، مجرد حياة لأنه مازال هناك دم فى عروق البشر يبقى عليهم أحياء لفترة من الزمن، ولكنهم فى خطاياهم مدوسين من إبليس = مدوسة بدمك، ومدوسين من خطاياهم، وفاقدين للحياة الأبدية وقول الله هنا بدمك عيشى = أى لتبقى حياتك البشرية لفترة، وعيشى بحالتك ولا تموتى، حتى أتدخل بنعمتى، فتولدى ميلاداً جديداً فى المعمودية بعد الفداء، وذلك فى ملء الزمان، أما الآن فيكفى أنك حية وإنتظرى. وتكرار بدمك عيشى، يعنى توجيه هذه الكلمة للأمم واليهود. والله لم يتركها تحيا فقط بل إهتم بها ورعاها وأعطاها بركات زمنية = فربوت وكبرت ونما الجنس البشرى وإزدهر فى كل مكان = جعلتك ربوة، وبلغت زينة الأزيان = جعلها الله جميلة، فكم من مدن جميلة وحضارات عريقة وفلسفات وعلوم، لم يبخل الله على العالم بشئ (وشئ شبيه بذلك فلقد إستمر العالم الشيوعى يسب الله أكثر من سبعين سنة، والله يفيض عليهم قوة وعلم وغذاء….. الخ). ولاحظ أنه بالرغم من إضطهاد المصريين لشعب الله، قول الكتاب عنهم “ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وإمتدوا فإختشى منهم المصريون خر 1 : 12. الله أعطاهم نمواً عددياً. والله أعطى لبقية الشعوب نمواً ونضجاً عقلياً وصار للعالم جمال ونضج وفكر = نهد ثدياك ونبت شعرك = فالتشبيه بعروس، والعروس لا تخطب إلا إذا نضجت وعلامة النضج للفتاة ثدياها، ألن تستعملها فى إرضاع أولادها. والكنيسة ترضع أولادها لينموا فى الإيمان. هذا القول يشير لأن المسيح أيضاً أتى فى ملء الزمان غل 4 : 4 بعد أن صار العالم ناضجاً مستعداً لذلك المجئ. واليهود كان لهم ثديان يرضعان منهما أولادهم وهى الناموس والأنبياء. والكنيسة لها أيضاً ثديان هما العهد القديم والعهد الجديد. عريانة وعارية = تكرار القول فيه إشارة

1)    لأنها مولودة بالخطية فعريانة إشارة للخطية الأصلية. وعارية إشارة لخطاياها الحالية.

2)  عريانة إشارة للخطية، فآدم لم يشعر أنه عريان إلا بعد أن أخطأ وعارية فيه إشارة للشعور بعدم الإحتياج للمسيح رؤ 3 : 17

3)    عريانة إشارة لليهود بسبب تعديهم على الناموس وعارية إشارة للأمم لخطاياهم.

فمررت بك وإذا زمنك زمن الحب = لقد صارت العروس ناضجة الآن، وعلى العريس أن يتقدم لخطبتها. فالشعب اليهودى فى مصر صار ناضجاً ليتحرر فأرسل الله لهم موسى، وبالنسبة للكنيسة فلقد جاء المسيح بنفسه لها. كان موسى مخلصاً للشعب فى زمن حب الله لهم، وكان المسيح فى تجسده أبلغ مثل للحب “ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه يو 15 : 13. وحين مر السيد عليها كانت عريانة بفعل الخطية، فستر السيد عليها = وبسطت ذيلى عليك = هذا ما فعله بوعز مع راعوث إشارة للمسيح عريس نفوسنا (را 3 : 9). فالقدوس لم يستنكف من أن يأخذنا له عروساً. ودخلت معك فى عهد = كان العهد الأول لآدم وحواء “نسل المرآة يسحق رأس الحية” والوعد الثانى لنوح بعدم الهلاك “قوس قزح” والوعد الثالث لإبراهيم بالختان والوعد الرابع مع موسى بالذبائح وخروف الفصح، والوعد الخامس والأخير بدم المسيح. فحممتك بالماء = لليهود بالمرور فى البحر الأحمر، ولنا بالمعمودية (= تطهير) ومسحتك بالزيت = هذا رمز لعمل الروح القدس، فمع اليهود كان هذا للأنبياء والملوك والكهنة. أما فى العهد الجديد فكلنا مسحنا بالميرون وصرنا هياكل للروح القدس. وغسلت عنك دماءك = بالمعمودية نغسل من دماء خطايانا الأصلية التى ولدنا بها والحالية التى إرتكبناها بعد المعمودية. وبعد المسح بالروح القدس نصير له = فصرتِ لى = لاحظ أن المسح بالميرون فيه تكريس للممسوح فيصير قدساً أى مخصصاً لله. وألبستك مطرزة = تلبس أفخر الملابس بعد أن كانت عارية. وأفخر ما نرتديه هو المسيح “البسوا المسيح” فبالمعمودية تصير لنا حياة المسيح الكامل فى صفاته (رو 13 : 14 + فى 1 : 21) ونعلتك بالتخس = كما ألبس الإبن الضال حذاء فى رجليه، هذه حماية لنا لنسير وسط العالم ولا ننحرف عن طريق الله. والكتان = علامة النقاوة والطهارة. والبز = علامة البر. والحلى = هى عربون الروح الذى يكسب النفس جمالاً. ووضع الإسورة فى يديها = هو تقديس طاقات العمل لحساب الملكوت وخزامة فى أنفها وأقراطاً فى أذنيها = لتقديس حواسها. أما تاج جمالها= فهو السيد المسيح نفسه. وتحليت بالذهب = الحياة السماوية. والفضة = كلمة الله مز 12 : 6 وأكلت السميذ = جسد المسيح غذاء للنفس، أما اليهود فأكلوا المن وقد يكون أيضاً لليهود الحلى والذهب والفضة هى ما أخذوها من المصريين. وأكلت العسل = حين أكل حزقيال كلمة الله (الدرج) كان فى فمه كالعسل. وهكذا داود وأرمياء ويوحنا (راجعتفسير إصحاح 3 آيات 1-15). وخرج لك إسم فى الأمم = هكذا جاءت ملكة سبأ لسليمان. والكنيسة دائماً منارة للعالم كله

 

الآيات 15 – 34 :-

فاتكلت على جمالك و زنيت على اسمك و سكبت زناك على كل عابر فكان له. و اخذت من ثيابك و صنعت لنفسك مرتفعات موشاة و زنيت عليها امر لم يات و لم يكن. و اخذت امتعة زينتك من ذهبي و من فضتي التي اعطيتك و صنعت لنفسك صور ذكور و زنيت بها. و اخذت ثيابك المطرزة و غطيتها بها و وضعت امامها زيتي و بخوري. و خبزي الذي اعطيتك السميذ و الزيت و العسل الذي اطعمتك و ضعتها امامها رائحة سرور و هكذا كان يقول السيد الرب. اخذت بنيك و بناتك الذين ولدتهم لي و ذبحتهم لها طعاما اهو قليل من زناك. انك ذبحت بني و جعلتهم يجوزون في النار لها. و في كل رجاساتك و زناك لم تذكري ايام صباك اذ كنت عريانة و عارية و كنت مدوسة بدمك. و كان بعد كل شرك ويل ويل لك يقول السيد الرب. انك بنيت لنفسك قبة و صنعت لنفسك مرتفعة في كل شارع. في راس كل طريق بنيت مرتفعتك و رجست جمالك و فرجت رجليك لكل عابر و اكثرت زناك. و زنيت مع جيرانك بني مصر الغلاظ اللحم و زدت في زناك لاغاظتي. فها انا ذا قد مددت يدي عليك و منعت عنك فريضتك و اسلمتك لمرام مبغضاتك بنات الفلسطينيين اللواتي يخجلن من طريقك الرذيلة. و زنيت مع بني اشور اذ كنت لم تشبعي فزنيت بهم و لم تشبعي ايضا. و كثرت زناك في ارض كنعان الى ارض الكلدانيين و بهذا ايضا لم تشبعي. ما امرض قلبك يقول السيد الرب اذ فعلت كل هذا فعل امراة زانية سليطة. ببنائك قبتك في راس كل طريق و صنعتك مرتفعتك في كل شارع و لم تكوني كزانية بل محتقرة الاجرة. ايتها الزوجة الفاسقة تاخذ اجنبيين مكان زوجها. لكل الزواني يعطون هدية اما انت فقد اعطيت كل محبيك هداياك و رشيتهم لياتوك من كل جانب للزنا بك. و صار فيك عكس عادة النساء في زناك اذ لم يزن وراءك بل انت تعطين اجرة و لا اجرة تعطى لك فصرت بالعكس.

نجد هنا حصراً للشر العظيم الذى إرتكبوه فى نكران واضح لجميل الله. كانت جريمتهم هى الوثنية ويسميها الكتاب زنا روحى، فهى خيانة بالقلب، إذ يحب أحداً غير الله. وبدأت العبادة الوثنية فى أواخر أيام سليمان وإستمرت. هنا إنحراف هذه العروس وراء آخر غير عريسها. وفى حالتنا هو إرتباطنا بالأمور العالمية على حساب الله. وبدء السقوط هو الكبرياء = إتكلت على جمالك = فالنفس التى تثق فى جمالها وتظن أنها بارة تقوم بدور الزانية، لأنه فيما تفعله حسناً لا تفعله لإعلان مجد الله بل هى تطلب مجدها الذاتى، وسكبت زناك على كل عابر = أى عبدوا كل أوثان جيرانهم. وأخذت كل ما أعطاهم الله من مواهب وزينة (صحة ومال وإسم…) وزنيت عليها = أى إستخدمت كل شئ فى الخطايا. وبالنسبة لليهود فهم قدموا كل شئ للأوثان. بل قدموا أولادهم ذبائح للأوثان= هم عملوا هذا فعلاً ولكن روحياً كم من أولاد لنا، جسديين أو روحيين كنا سبباً فى هلاكهم. ولاحظ هنا أن الله يقول ذبحت بنىَ = فالأولاد هم أولاده هو، أما الآباء فما هم سوى خدام لله يربون الأولاد لحساب الله. ومما ضاعف خطيتها نكرانها لجميل الله عليها = لم تذكرى أيام صباك = يوم أخرجهم الله من أرض مصر وفاض عليهم ببركاته مظهراً لهم تفاهة أوثان وآلهة الشعوب. وبنيت لنفسك قبة = فىكل مكان صنعوا لأنفسهم مذابح للأوثان. وروحياً فهذا يعنى أينما سار الإنسان لا يهتم سوى بملذاته وشهواته. وهى تدعوا الآخرين للزنا معها أى بالنسبة لليهود يُدخِلون كل أصنام جيرانهم مصر وأشور… الخ. هذا يشبه من تتحول الخطية فى حياته إلى حالة مرضية، يخطئ بلا شبع، وفى خطايا قد تكون متضادة (زنا وكبرياء مثلاً) والنتيجة أنها رجست جمالها = فبالخطية تفقد صورة المسيح فينا. وبنى مصر الغلاظ اللحم = أى المتكبرين. زنيت  معهم = هذه تشير غالباً لإتكالهم على مصر، وعملهم معاهدات وحلف مع مصر لتحميهم، وكانت العادة فى عقد المعاهدات للحماية أن من يطلب الحماية يقدم العبادة لآلهة من يطلب منه الحماية، وهذا حدث أيضاً مع أشور آية 28. ولنلاحظ أنهم عبدوا آلهة الفلسطينيين فأسلمهم الله ليدهم، وهكذا مع مصر وأشور وبابل. وهكذا من يحب خطية تحرقه نيران هذه الخطية. وهى زانية تحتقر الأجرة، بل تعطى من يزنى معها هدايا = هذه إشارة للذهب والفضة التى يدفعونها للشعوب لعقد معاهدات معهم. وهم بعبادتهم لأوثان هذه الشعوب يرتكبون الزنا الروحى. والتشبيه هنا أن من عادة الزوانى أنهن يأخذن أجراً، ولم يسمع أن زانية دفعت هدية لأحد، أما هؤلاء فقد دفعن لآلهة الشعوب المجاورة. أو ليس هذا مثل من يضيع صحته ويصرف أمواله فى سبيل خطاياه. تأخذ أجنبيين مكان زوجها = الزوج هنا هو الرب، وزوجها هو الذى يدافع عنها، لكنها أخذت أوثاناً مكان زوجها.

 

الآيات 35 – 43 :-

فلذلك يا زانية اسمعي كلام الرب. هكذا قال السيد الرب من اجل انه قد انفق نحاسك و انكشفت عورتك بزناك بمحبيك و بكل اصنام رجاساتك و لدماء بنيك الذين بذلتهم لها. لذلك هانذا اجمع جميع محبيك الذين لذذت لهم و كل الذين احببتهم مع كل الذين ابغضتهم فاجمعهم عليك من حولك و اكشف عورتك لهم لينظروا كل عورتك. و احكم عليك احكام الفاسقات السافكات الدم و اجعلك دم السخط و الغيرة. و اسلمك ليدهم فيهدمون قبتك و يهدمون مرتفعاتك و ينزعون عنك ثيابك و ياخذون ادوات زينتك و يتركونك عريانة و عارية. و يصعدون عليك جماعة و يرجمونك بالحجارة و يقطعونك بسيوفهم. و يحرقون بيوتك بالنار و يجرون عليك احكاما قدام عيون نساء كثيرة و اكفك عن الزنى و ايضا لا تعطين اجرة بعد. و احل غضبي بك فتنصرف غيرتي عنك فاسكن و لا اغضب بعد. من اجل انك لم تذكري ايام صباك بل اسخطتني في كل هذا فهانذا ايضا اجلب طريقك على راسك يقول السيد الرب فلا تفعلين هذه الرذيلة فوق رجاساتك كلها.

نجد هنا أجرة الخطية. فمن زنوا معهم سيكونوا هم سبباً فى خرابهم. أليس فى الأمراض الجنسية مثالاً لذلك (الزهرى والإيدز). إذاً الشخص يهلك من خطيته. وسيكون تأديبها علنياً = قدام عيون نساء كثيرة = حتى يتعظ الجميع. والنساء الكثيرة هنا هى شعوب كثيرة، فالله يعلن قداسته لباقى الشعوب فى رفضه خطية شعبه. والله يستر كثيراً على خطايانا، فإذا أصر المرء على خطيته تكون فضيحته فربما يتوب. والأمور الخاطئة التى يظن الإنسان أن فيها سعاته يكون فيها خرابه. ويتركونك عريانة وعارية = إننا نفضح أمام الجميع، لو تخلى عنا المسيح الذى يسترنا. أحل غضبى بك. فأسكن ولا أغضب بعد = هذه ضربة إفناء للخطاة، وتطهير لمن بقى فيه رجاء، وعندما يفنى الأشرار ويتطهر الباقين يسكن غضب الله. فإلهنا نار آكلة عب 12 : 29 وأكفك عن الزنا = هذا ناتج عن التطهير إذ سمح الله بتأديبهم. وتاريخياً فاليهود بعد عودتهم من السبى لم يعودوا أبداً لعبادة الأوثان. لاحظ أن خراب الشعب أتى على يد أصدقائه “فإن أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه” والعكس إن لم ترضى الرب طرق إنسان جعل أصدقاؤه فى حرب معه. ويسحب الله منه كل ما سبق وأعطاه له من بركات، ويتركه بلا زينة = عريانة وعارية

 

الآيات 44 – 59 :-

هوذا كل ضارب مثل يضرب مثلا عليك قائلا مثل الام بنتها. ابنة امك انت الكارهة زوجها و بنيها و انت اخت اخواتك اللواتي كرهن ازواجهن و ابناءهن امكن حثية و ابوكن اموري. و اختك الكبرى السامرة هي و بناتها الساكنة عن شمالك و اختك الصغرى الساكنة عن يمينك هي سدوم و بناتها. و لا في طريقهن سلكت و لا مثل رجاساتهن فعلت كان ذلك قليل فقط ففسدت اكثر منهن في كل طرقك. حي انا يقول السيد الرب ان سدوم اختك لم تفعل هي و لا بناتها كما فعلت انت و بناتك. هذا كان اثم اختك سدوم الكبرياء و الشبع من الخبز و سلام الاطمئنان كان لها و لبناتها و لم تشدد يد الفقير و المسكين. و تكبرن و عملن الرجس امامي فنزعتهن كما رايت. و لم تخطئ السامرة نصف خطاياك بل زدت رجاساتك اكثر منهن و بررت اخواتك بكل رجاساتك التي فعلت. فاحملي ايضا خزيك انت القاضية على اخواتك بخطاياك التي بها رجست اكثر منهن هن ابر منك فاخجلي انت ايضا و احملي عارك بتبريرك اخواتك. و ارجع سبيهن سبي سدوم و بناتها و سبي السامرة و بناتها و سبي مسبييك في وسطها. لكي تحملي عارك و تخزي من كل ما فعلت بتعزيتك اياهن. و اخواتك سدوم و بناتها يرجعن الى حالتهن القديمة و السامرة و بناتها يرجعن الى حالتهن القديمة و انت و بناتك ترجعن الى حالتكن القديمة. و اختك سدوم لم تكن تذكر في فمك يوم كبريائك. قبل ما انكشف شرك كما في زمان تعيير بنات ارام و كل من حولها بنات الفلسطينيين اللواتي يحتقرنك من كل جهة. رذيلتك و رجاساتك انت تحملينها يقول الرب. لانه هكذا قال السيد الرب اني افعل بك كما فعلت اذ ازدريت بالقسم لنكث العهد.

حينما يسقط المؤمن فى الشر يكون أشر من غير المؤمن مت 5 : 13. والله دعاهم أولاً أولاد الحثيين والأموريين، والآن يزيد لها أن أختين هما السامرة (مملكة إسرائيل) وسدوم. وسميت السامرة الأخت الكبرى لأنها كمملكة أكبر من يهوذا. وخطية يهوذا فاقت خطايا أختيها فبررتهم. وهى كرهت زوجها (الله) وبنيها (فقدمتهم ذبائح). وهنا عدد الله خطايا سدوم ولم يذكر خطيتهم البشعة وهى الشذوذ الجنسى، ولكن الخطايا المذكورة هنا هى التى تقود لهذه الخطية الكبرياء و الشبع أى النهم وسلام الإطمئنان أى عدم الخوف من أثار الخطية أو عقوبتها. وظلم الفقير لذلك وصلت بهم الحالة إلى فعل الرجس. هذه الحالة المتردية التى وصل لها الجميع، وصاروا سبايا للخطايا، أى إسرائيل ويهوذا وسدوم… لا علاج لها إلا بمجيء المسيح. فى هذه الحالة فقط يرجع الله يهيمن. ففى المسيح تصير الخليقة جديدة 2كو 5 : 17 = يرجهن إلى حالتهن القديمة = أى إلى حالة ما قبل السقوط والفساد. ولاحظ حالة الكبرياء التى كانت عليها يهوذا، فهى لم تكن تذكر سدوم فى فمها. وذلك قبل أن ينكشف شرها = وقبل أن ينكشف شرها سمح الله بتهديد الأراميين لها وتعيير وإحتقار الفلسطينيين ولاحظ فى هذا 1) الضربات تأتى بالتدريج  2) فى هذا إشارة لإحتقار الشياطين لمن يسقط فى غوايتهم

 

الآيات 60 – 63 :-

و لكني اذكر عهدي معك في ايام صباك و اقيم لك عهدا ابديا. فتتذكرين طرقك و تخجلين اذ تقبلين اخواتك الكبر و الصغر و اجعلهن لك بنات و لكن لا بعهدك. و انا اقيم عهدي معك فتعلمين اني انا الرب. لكي تتذكري فتخزي و لا تفتحي فاك بعد بسبب خزيك حين اغفر لك كل ما فعلت يقول السيد الرب

هنا فتح الله باب الرجاء ثانية بالوعد بالمسيح = عهداً أبدياً وحينئذ ستقبل الجميع، وليس بعهدها السابق، حينما كانوا وحدهم شعب الله المختار. ففى المسيح سيقبل الكل وهذامعنى ولكن لا بعهدك = وأيضاً بلا ختان أو دم ذبائح حيوانية. بل بدم المسيح الذى يغفر = أغفر لك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى