تفسير سفر حزقيال ٤٧ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع والأربعون

الآيات 1 – 5 :

ثم ارجعني الى مدخل البيت و اذا بمياه تخرج من تحت عتبة البيت نحو المشرق لان وجه البيت نحو المشرق و المياه نازلة من تحت جانب البيت الايمن عن جنوب المذبح. ثم اخرجني من طريق باب الشمال و دار بي في الطريق من خارج الى الباب الخارجي من الطريق الذي يتجه نحو المشرق و اذا بمياه جارية من الجانب الايمن. و عند خروج الرجل نحو المشرق و الخيط بيده قاس الف ذراع و عبرني في المياه و المياه الى الكعبين. ثم قاس الفا و عبرني في المياه و المياه الى الركبتين ثم قاس الفا و عبرني و المياه الى الحقوين. ثم قاس الفا و اذا بنهر لم استطع عبوره لان المياه طمت مياه سباحة نهر لا يعبر.

البيت هو جسد المسيح والمياة نازلة من تحت جانب البيت الأيمن = وما هذا إلا جنب المسيح المطعون الذى جرى منه دم وماء. والمسيح نفسه قال من آمن بى تجرى من باطنه أنهار ماء حى.. قال هذا عن الروح القدس يو 7 : 37 إذاً فأنهار الماء تشير إلى الروح القدس الذى فاض على الكنيسة ومن الكنيسة إلى الآخرين بواسطة عمل المسيح الكفارى الذى إكتمل بإنطلاقه للسماء وجلوسه عن يمين الآب شفيعاً فينا بدمه للأبد. “وإن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى. فكأنه بإكتمال عمله حل الروح القدس على كنيسته بفيض.وهو يخرج من تحت عتبة البيت = لأن عمل الروح فى الإنسان عمل سرى خفى مخفى مع المسيح فى الله كو 3 : 3 وقيل عن الروح القدس نهر سواقيه تفرح مدينة الله مز 46 : 4. والمياه جارية = فهى ليست مياه آسنة ولكنها جارية كنهر ينتشر بسرعة وهكذا إنتشرت الكرازة بسرعة وأيضاً فالروح القدس فى الإنسان يظل يدفعه دائماً للأمام وللكمال. وهى خارجة من جنوب المذبح = والمذبح هو الصليب المقدم عليه المسيح ذبيحة. والبيت متجه نحو المشرق = فكنيسة المسيح تتجه نحو المسيح شمس البر مشرقها. وهذه المياه تجرى ناحية البحر الميت أى إلى المشرق ونلاحظ أن المياه بعد1000 ذراع وصلت للكعبين وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت للركبتنين وبعد وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت إلى الحقوين وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت لإرتفاع لا تصله قامة الإنسان لأن المياه طمت مياه سباحة نهر لا يعبر  = ومعنى هذا أن الروح القدس يحمل الإنسان ويقوده ولنراجع سفر أعمال الرسل أو سفر أعمال الروح القدس لنرى كيف كان الروح القدس يقود الكنيسة وفى بعض الأحيان ضد رغبة وتخطيط الرسل أنفسهم. فالإنسان الروحى فى بداية حياته الروحية تكون له رغباته التى هى قد تكون ضد مشيئة الروح القدس. وبمشيئته يقاوم تيار الروح القدس. ومشيئة الإنسان معبر عنها هنا بمفاصل الرجل، فالرجل هى التى تقود الإنسان فى سيره. ومع حداثة الإنسان الروحى لا يكون فى العمق وكأن المياه تغمر الكعبين فقط محاولة أن تظهر له إتجاه التيار ولكن يكون للإنسان الحرية والمقاومة حتى لا يسير فى إتجاهه. وكلما دخل الإنسان الروحى للعمق يزيد عمق المياه. والعمق هنا هو الدخول للسماويات المعبر عنها برقم 1000 ذراع. وكلما زاد عمق المياه يزداد توجيه الروح القدس للشخص وتصل المياه للركبتين مما يجبره على السير فى إتجاه التيار لإحساسه بمقاومته. وفى كمال العمق الروحى يحس الإنسان وكأنه محمولاً بالروح القدس هو يسيره حسبما يشاء وقارن مع أش 33 : 21 “بل هناك الرب العزيز لنا مكان أنهار وترع واسعة الشواطئ لا يسير فيها قارب بمقذاف وسفينة عظيمة لا تجتاز فيها” فالقارب بمقذاف أى القارب الذى له إمكانية توجيه نفسه والسفينة العظيمة لها دفة وأشرعة تسير أينما تريد. ولكن الله لنا نهر يحملنا إلى حيث يريد هو. وقارن مع قول السيد المسيح لبطرس “لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء. ولكنك متى شخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء يو 21 : 18” وقارن مع قول الرب لنيقوديموس “الريح تهب حيث تشاء… هكذا كل من ولد من الروح يو 3 : 8. وهذا معنى “لتكن لا إرادتى بل إرادتك” وهذا ما نصليه دائماً لتكن مشيئتك”. هذه الأيات معزية جداً فهى دليل أن الله يريد أن يوجه كنيسته ويحملها، هو الذى يحمل السبعة كواكب فى يمينه رؤ 1 : 16

 

آية 7 :- و عند رجوعي اذا على شاطئ النهر اشجار كثيرة جدا من هنا و من هناك.

الأشجار هم المؤمنين الذين يرويهم الروح القدس. (المزمور الأول) يعطون ثمر فى أوانه

 

آية 8 :- و قال لي هذه المياه خارجة الى الدائرة الشرقية و تنزل الى العربة و تذهب الى البحر الى البحر هي خارجة فتشفى المياه.

البحر هنا هو البحر الميت وهو بحر مملوء ملحاً بنسبة عالية (راجع للملح الناتج من حريق سدوم) ويسمى بحيرة سدوم الكبريتية التى تقف عبرة للنقمة الإلهية. ولذلك لا يعيش فى هذه البحيرة أى كائنات بحرية. وهذا البحر يشير للعالم المملوء بالخطية. من يحيا فيه يموت من ملوحته “من يشرب من هذا الماء  يعطش”. وهذا البحر عن يمين أورشليم أو شرقها لذلك كانت المياه تجرى إليه لتشفيه. هذا هو عمل الروح القدس أن يشفى الذين ماتوا بحب العالم ويعطيهم حياة ثانية. والبحر ذو الرائحة الكريهة (العالم) سيكثر رواده

 

آية 9 :- و يكون ان كل نفس حية تدب حيثما ياتي النهران تحيا و يكون السمك كثيرا جدا لان هذه المياه تاتي الى هناك فتشفى و يحيا كل ما ياتي النهر اليه.

بل أن هذا البحر حينما يشفى يتحول لنهر فيقال هنا نهران. فالعالم غير المؤمن أصبح كنيسة أى نهراً آخر. قطعاً هذا من محبة الله فهو النهر الحقيقى ولكن هذا كما قال السيد عن نفسه “أنا نور” وقال “أنتم نور” فنحن به ننير وهكذا الكنيسة بالروح القدس تصير نهراً ويكون السمك كثيراً = السمك رمز للمؤمنين الذين يحيون وسط العالم ولا يموتون مثل السمك يعيش فى البحر ولا يموت. ولذلك كان المسيحيون القدماء يرمزون للمسيحية برسم سمكة. بل أن كلمة سمكة باليونانية “إخثيس” = الحروف الأولى من “يسوع المسيح إبن الله مخلصنا “. وزيادة السمك تشير لكثرة عدد المؤمنين الذين يشفيهم الروح القدس.

 

آية 10 :- و يكون الصيادون واقفين عليه من عين جدي الى عين عجلايم يكون لبسط الشباك و يكون سمكهم على انواعه كسمك البحر العظيم كثيرا جدا.

عين جدى تقع غرب البحر الميت فى منتصفه وعين عجلايم تقع على شمال البحر الميت والصيادون هم الكارزون والخدام الذين يستخدمهم الله ليصطادوا الناس.

 

آية 11 :- اما غمقاته و بركه فلا تشفى تجعل للملح.

غمقاته = مستنقعاته وهذه مع بركه لا تشفى. وهذه المستنقعات هى أماكن مقفولة لا يطولها تيار الماء الجارى وتشبه النفوس التى أغلقت على نفسها لا تريد أن الروح يشفيها فهذه تظل فى مستنقعها مملوءة بالملح وميتة. كخاطئ لا يريد أن يقدم توبة فلن يستطيع الروح القدس أن يشفيه فقد أغلق الباب أمامه. أو إنسان حزين بسبب تجربة ورافض أن يطلب تعزية مغلقاً قلبه أمام عمل الروح

 

آية 12 :- و على النهر ينبت على شاطئه من هنا و من هناك كل شجر للاكل لا يذبل ورقه و لا ينقطع ثمره كل شهر يبكر لان مياهه خارجة من المقدس و يكون ثمره للاكل و ورقه للدواء.

هنا عكس الآية السابقة. فمن فتح قلبه لعمل الروح القدس سيشفى ويصبح كشجر له ثمر، بل أن ورقه للدواء. وهكذا إنسان الله مملوء ثمراً وحتى حديثه  وكلامه يفرح، يعزى الحزين ويشجع الضعيف وإبتسامته فى سلامه تكون كدواء. فالورق يشير للمظهر

 

الآيات 13 – 23 :

هكذا قال السيد الرب هذا هو التخم الذي به تمتلكون الارض بحسب اسباط اسرائيل الاثني عشر يوسف قسمان. و تمتلكونها احدكم كصاحبه التي رفعت يدي لاعطي اباءكم اياها و هذه الارض تقع لكم نصيبا. و هذا تخم الارض نحو الشمال من البحر الكبير طريق حثلون الى المجيء الى صدد. حماة و بيروثة و سبرائم التي بين تخم دمشق و تخم حماة و حصر الوسطى التي على تخم حوران. و يكون التخم من البحر حصر عينان تخم دمشق و الشمال شمالا و تخم حماة و هذا جانب الشمال. و جانب الشرق بين حوران و دمشق و جلعاد و ارض اسرائيل الاردن من التخم الى البحر الشرقي تقيسون و هذا جانب المشرق. و جانب الجنوب يمينا من ثامار الى مياه مريبوث قادش النهر الى البحر الكبير و هذا جانب اليمين جنوبا. و جانب الغرب البحر الكبير من التخم الى مقابل مدخل حماة و هذا جانب الغرب. فتقتسمون هذه الارض لكم لاسباط اسرائيل. و يكون انكم تقسمونها بالقرعة لكم و للغرباء المتغربين في وسطكم الذين يلدون بنين في وسطكم فيكونون لكم كالوطنيين من بني اسرائيل يقاسمونكم الميراث في وسط اسباط اسرائيل. و يكون انه في السبط الذي فيه يتغرب غريب هناك تعطونه ميراثه يقول السيد الرب

هنا توزيع الأرض وهذا يشير لميراث ملكوت السموات والبركات التى حصلنا عليها بعمل المسيح. وهذا طبيعى أن يأتى بعد أن تكلم عن الروح القدس فى الآيات السابقة. والخيرات التى حصلنا عليها من الروح هكذا لا تحصى حتى أن المسيح قال “خير لكم أن أنطلق فإنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى”. وإشارة لهذه البركات يحدثنا هنا على التقسيم. ويكون التقسيم بالقرعة (22) فالله هو الذى يعطى وإذا أعطى الله فهو “يعطى بسخاء ولا يعير”وكما قيل فى المزمور “الحبال وقعت لى فى أماكن حسنة” أى القرعة. فبركات الله لا تحصى فهو صانع خيرات. قارن مع أف 1 : 11 “الذى فيه نلنا نصيباً معينين سابقاً حسب قصد الذى يعمل كل شئ حسب رأى مشيئته “إذاً هذا التقسيم إشارة لبركات وثمار الروح القدس الأن وأيضاً لميراث الملكوت الأبدى ولاحظ أن سبط يوسف أخذ نصيبين فهذا جزاء العفة ولاحظ أن الغرباء لهم نصيب وهذا إشارة لدخول الأمم أيات 22، 23. ولكن كلمة غريب هنا فى الأصل اللغوى تختلف عما جاء فى 44 : 7 فهنا تشير للغريب الذى يعيش بينهم (إشارة للأمم) وفى 44 : 7 تعنى الأجانب الدخلاء 

 

زر الذهاب إلى الأعلى