القديس برنابا الرسول

 أسمه يعنى أبن النبوءة أو الوعظ. من عائلة يهودية من سبط لاوي، وقد هاجرت عائلتة منذ زمن بعيد وأقامت في قبرص. 

اختاره السيد المسيح له المجد واحداً من السبعين رسولاً. وقد نال نعمة الروح القدس يوم الخمسين مع التلاميذ وبشر معهم وكرز باسم المسيح، ” ويوسف الذي دعي من الرسل برنابا الذي يترجم أبن الوعظ وهو لأوي قبرصي الجنس إذ كان له حقل باعه وأتي بالدراهم و وضعها عند أقدام الرسل” (أع ٣٦:٤-٣٧).

وفي سفر الأعمال ، نجده يقدم شاول للرسل في أورشليم بطريقة تبدو لتبين معرفة سابقة بين الاثنين ” و لما جاء شاول إلي أورشليم ، حاول أن يلتصق بالتلاميذ ، و كان الجميع يخافونه غير مصدقين إنه تلميذ فأخذه برنابا وأحضره إلي الرسل وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريق و إنه كلمه و كيف جاهر في دمشق باسم يسوع ” (أع ٢٦:٩-٢٧).

لقد ذهب شاول إلي أورشليم، بقصد رؤية بطرس. و الأرجح إنه لم يكن ممكنا أن ينجح في مهمته لولا توسط برنابا، الذي تقول بعض التقاليد إنه كان زميلا له في التلمذة و تربي معه عند رجلي غمالائيل. وبحسن مسعاه قربه إلي بطرس و يعقوب و أدخله إلي بيت مريم أم مرقس و أخت برنابا[1]

عند وصول البشري إلي الكنيسة في أورشليم إن رجالا من قبرص والقيروان قد بشروا بالإنجيل للأمم في أنطاكيه أرسل برنابا إلي هناك.” أما المؤمنون الذين تشتتوا بسبب الاضطهاد الذي وقع عليهم بعد موت أستفانوس ، فمروا بفينيقية وقبرص و أنطاكيه وهم لا يبشرون بالكلمة إلا لليهود. غير أن بعضاً منهم وهم أصلا من قبرص والقيروان، وصلوا أنطاكيه وأخذوا يبشرون اليونانيون أيضا بالرب يسوع . فكانت كلمة الرب معهم فآمن عدد كبير واهتدوا إلي الرب ووصلت البشرى بذلك إلي الكنيسة في أورشليم فارسلوا برنابا إلى أنطاكيه . فلما وصل ورأى النعمة التي منحها الله امتلاء فرحا وحث الجميع علي الثبات في الرب بعزم القلب فقد كان برنابا رجلا صالحا ممتلئا من الروح القدس والإيمان وأنضم إلي الرب جمع كبير” (أع ١٩:١١ – ٢٤). و ذهب إلي طرسوس ليطلب شاول كواحد أوجد خاصة ليبشر بالإنجيل بين الأمم وتوجه” برنابا إلي طرسوس يبحث عن شاول ولما وجده جاء به إلي أنطاكيه وكانا يجتمعان مع الكنيسة سنه كاملة ويعلمان جمعاً كبيراً. وفي أنطاكيه أطلق علي تلاميذ الرب أول مرة أسم المسيحيون ” (أع ٢٥:١١-٢٦). ” فقلت أنا ( شاول) من أنت يا سيد فقال : أنا يسوع الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف علي رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادما وشاهدا بما رأيت وبما سأظهر لك به منقذا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا أرسلك إليهم لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلي نور ومن سلطان الشيطان إلي الله ، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين ” (أع ١:٢٦-١٨). محضرا شاول إلي أنطاكيه أرسل معه إلي أورشليم مع معونة للأخوة في أورشليم. ” لذلك قرر التلاميذ في أنطاكيه أن يتبرع كل منهم بما يتيسر له ويرسلوا إعانة إلي الأخوة المقيمين في اليهودية. ففعلوا ذلك وأرسلوا الإعانة إلي الشيوخ بيد برنابا وشاول ” (أع ۳۰-۲۹:۱۱) رجوعهم إلي أنطاكيه :” و كان برنابا و شاول قد أنجزا المهمة في أورشليم فرجعا إلي أنطاكيه ومعهما يوحنا الملقب مرقس ” (أع ٢٥:١٢). لقد كرسوا من الكنيسة لعمل الخدمة التبشيرية فأرسلوا بعيدا عام ٤٥م “وذات يوم وهم صائمون يتعبدون للرب قال لهم الروح القدس: خصصوا لي برنابا و شاول لأجل العمل الذي دعوتهما إليه ” (أع ٢:١٣) وقد حاز برنابا وشاول منذ ذلك الوقت لقب واعتبار الرسل. وكانت خدمتهم التبشيرية الأولي التي سردت في سفر الأعمال ١٣-١٤. وكانت محدودة بقبرص وآسيا الصغرى و بعد عودتهم لأنطاكيه ببعض الوقت (حوالي عام ٤٨م) أرسلوا مع آخرون لأورشليم عام ٥٠ م ليتخذوا قرارا مع الرسل و الشيوخ في السؤال الصعب بخصوص ضرورة الختان للمهتدين من الأمم ؟  “و جاء بعض اليهود (الذين كانوا قد أمنوا بالمسيح ) من منطقة اليهودية إلي أنطاكيه، و أخذوا يعلمون الأخوة قائلين :” لا يمكنكم أن تخلصوا مالم تختتنوا حسب شريعة موسى فجادلهم بولس و برنابا جدالا عنيفا. و بعد المناقشة، قرر مؤمنو أنطاكيه أن يذهب بولس و برنابا مع بعض المؤمنين ليقابلوا الرسل و الشيوخ في أورشليم و يبحثوا معهم في هذه القضية ” (اع ۱:۱۵-۲). و في هذه المناسبة ، فأن بولس و برنابا قد أعترف بهم كرسلا لغير المختونين. و بعد بقاء آخر في أنطاكيه و في طريق عودتهم ، نشب خلافا بين بولس و برنابا علي السؤال هل سيأخذن معهم في الرحلة التبشيرية الثانية، يوحنا مرقس أبن أخت برنابا .” ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا : لنرجع ونفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم؟. فأشار برنابا أن يأخذا معهم أيضا يوحنا الذي يدعى مرقس. و أما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيليه و لم يذهب معهما للعمل، لا يأخذانه معهما. فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر و برنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلي قبرص (أع ۳٦:١٥ – ۳۹). و كان النزاع حادا جدا حتى إنهم قد افترقا إلي شطرين وأخذ برنابا مرقس وأبحر إلي قبرص جزيرة موطنه. و من هنا نجد أن ملاحظات الكتاب المقدس تنتهي.

وبالنسبة إلي أعماله الأخرى ووفاته فأن التقاليد تختلف بعضهم يقول إنه قد ذهب إلي ميلانو وأصبح الأسقف الأول للكنيسة هناك. ومازال هناك عملا أبوكريفا من أعمال القرن الخامس الميلادي يدعى :” أعمال القديس برنابا في قبرص ” و بعد ذلك ” تقريظ برنابا ” للألكسندر ، رجلا قبرصيا. وعندنا رسالة من إحدى وعشرون فصلا تدعى باسم برنابا وقد دافع عن أصالتها بعض كبار الكتاب لكنهم قد تخلوا عنها الآن عموما، ويعتقد أن الرسالة قد كتبت مبكرا في القرن الثاني.[2]

الحياة المتأخرة للقديس برنابا

في نبذة قد نشرت بدير القديس برنابا في سلاميس بقبرص التي كتبها كوماس ، فأن المعلومات التالية تظهر :” القديس برنابا قبرصي الأصل كان أول السبعون تلميذا لربنا يسوع المسيح (وبعد مفارقة بولس) وبعد ذلك زار كثيرا من الأقطار لأذاعه الإنجيل المقدس، لكنه عندما عاد لقبرص قتل في ذلك الوقت بيدي اليهود ودفن القديس مرقس جسده سراً في قبراً فارغاً مقطوعاً في الصخر خارج سلاميس وأغفلت المقبرة وظلت غير معروفة حتى عام ٤٧٧م ففي هذا العام ظهر برنابا في حلم لرئيس أساقفة كونستانيا (سلامیس ) . الذي يدعى أنسيميوس Anthemios وكشف له عن مكان الدفن بجوار شجرة خروب. ووجد أنسيميوس المقبرة في اليوم التالي وبداخلها بقايا القديس برنابا مع مخطوط لإنجيل القديس مرقس علي صدره. فقدم أنسيميوس الإنجيل للإمبراطور البيزنطي زينو zeno بالقسطنطينية وأستلم منه امتيازات الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في قبرص التي هي العباءة القرمزية التي يلبسها رئيس الأساقفة اليوناني لقبرص في أعياد الكنيسة و الصولجان الإمبراطوري والحبر الأحمر الذي يبصم به إمضاؤه حينئذ وضع أنسيميوس البقايا المكرمة للقديس برنابا في كنيسة عظيمة التي أنشأها علي مسافة حوالي ثلاثة دونم غرب المقبرة التي كان قد وجدها وقد أكتشف جزءا من هذه الكنيسة الأولي نتيجة حفريات للشرق من الكنيسة الموجودة وفي إحدى أركانها حفظ تابوتا حجريا في تجويف في البلاطة الحجرية إنه يجب أن يكون أنسيميوس قد وضع بقايا القديس برنابا في ذلك التابوت الحجري وبجواره ، في اتجاه الجدار هناك مقبرة أخرى التي من المحتمل قد دفن فيها القديس أنسيميوس بعد وفاته وكلا المقبرتين فارغتين الآن ولا أحدا يعرف ما الذي آل إليه جسد القديس برنابا. [3]

مستند أبوكريفي ربما يؤرخ منذ القرن الثاني الميلادي يدعى اعترافات أكليمنضس يذكر أن القديس أكليمنضس (يفترض) إنه نفس أكليمنضس المذكور في رسالة فيلبي “هما وأكليمندس ومعاوني الآخرون المكتوب أسماؤهم في سفر الحياة ” (فيلبي ٣:٤) يدعى أن أول معرفته بالمسيحية كانت من خلال تبشير القديس برنابا بالإنجيل في روما. وليس هناك أي تأكيد إضافي لهذه الحقيقة مهما كانت ومن هذا التقليد أن كنيسة قبرص (أرثوذكسية يونانية) تصر بقوة علي إنه علي جزيرة قبرص عاش القديس برنابا ومات.

 روبين باركر في كتابه الدليل الممتاز ” مملكة أفروديت Aphrodite’s Realm يسجل بالأحرى هذا التقليد الوثائقي التاريخي: “إن كنيسة قبرص قد أسسها الرسل بولس وبرنابا عام ٤٥م والأخير قاسي الموت في مدينته الأصلية سلاميس خلال إرساليته الثانية للجزيرة وقد دفن سرا خارج المدينة بواسطة قريبه ورفيقه القديس مرقس . رفاته مع نسخة خطية من إنجيل متى مكتوبة بكتابة خطية لبرنابا قد أكتشفها رئيس أساقفة قبرص أنسيميوس خلال حكم الإمبراطور زينو عام ٤٧٤ ٤٩١م. و قد ساعد هذا الاكتشاف ليضمن استقلال كنيسة قبرص من اعتداء كنيسة أنطاكيه التي كانت حينئذ تحاول أن تجعلها تحت سلطتها الدينية. و في التقاء خاص لجميع الأعضاء في القسطنطينية، أعلن أن كنيسة قبرص ذاتية الإدارة علي اعتبار أساسها الرسولي وامتيازات ثابتة وهبت لها بواسطة الإمبراطور نفسه من ضمنها كانت حق رئيس أساقفة قبرص أن يوقع بالحبر الأحمر.[4]

وبناء علي التقليد الروماني الكاثوليكي فأن رفات القديس برنابا قد تفرقت باتساع. فقيل أن الرأس تكون في كنيسة القديس سيرنين لوزى بفرنسا. وقيل أن جسده الذي قد دفن بالقرب من مكان استشهاده لكن في القرن السابع خلال الاحتلال العربي أخذت رأسه إلي ميلانو ومتأخرا إلي تولوزى”. [5]

  1. ف.ب. ماير. حياة بولس ٩٥.
  2. قاموس الإنجيل: وليام سميث .ص۹۸ – ص ۹۹.
  3. القديس برنابا . كوماس ، نبذة .
  4. مملكة أفروديت . روبين باركر ص ١٣.
  5. دليل المسافرين إلي قديسي أوروبا ماري شارب . ص ۲۸.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى