تفسير سفر إشعياء ٢٧ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح السابع والعشرون
الآية الأولي مناسبة لنهآية الإصحاح السابق، الذي حدثنا عن عقوبة الشيطان ودينونته وبعد ذلك نسمع صوت الرب نفسه يرتفع عالياً بالنشيد فرحاً بشعبه المُخَلَص. هو نشيد كرمة لكنه غير نشيد الكرمة في (ص 5) فهناك وجد الله عنبا رديئاً لأن إسرائيل حسب الجسد لم ينتج ثمراً لله أما الآن فنري الجنات مثقلة بعنب شهي.
آية (1) في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة لوياثان الحية المتحوية و يقتل التنين الذي في البحر.
الرب هنا كملك وحاكم وقاض يستخدم سيفه في عقوبة لوياثان = وهي كلمة عبرية معناها ملتوٍ أو ملتف كالحية، وهي كلمة تشير لوحش كبير. وقد يشير هذا للممالك التي ظلمت شعب الله أو للشيطان.
آيات (2، 3) في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهات. أنا الرب حارسها اسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها احرسها ليلا و نهارا.
غنوا = السمائيين هم الذين يغنوا إذ أدركوا عمل الله الخلاصي لكنيسته (رؤ 5 : 11 – 14) هنا نسمع تسبيح الكاروبيم وال 24 قسيساً لأجل الخلاص. أسقيها أي رعآية مستمرة بأمطار نعمته المجانية أي روحه القدوس الكرمة المشتهاة = شعب الله. وهي كرمة محبوبة لصاحبها، هو يحرسها ولا يسلمها لحارس. يحرسها ليلاً = أي وسط الضيقات يعينها و يعزيها ولا يتركها. ونهاراً = هي أوقات السلام التي لا يعاني فيها أبناء الله أي ضيقات. وفيها يتعرض المؤمن لأن ينسي الله وينشغل في العالم، بل أن في الضيق يسهل علي المرء أن يلجأ لله. وقارن مع نشيد الكرمة السابقة (ص 5) والذي نزع سياجها. و أصحاب التفسير الألفي يقولون عن هذه الآيات أنها ستحدث خلال فترة الألف سنة، ولكن من تذوق العملالخلاصي أدرك قوة عمل الصليب في حياته الآن. وأنه يحيا هذه الألف سنه الآن، ويحيا في أفراح الخلاص الآن.
آية (4) ليس لي غيظ ليت علي الشوك و الحسك في القتال فاهجم عليها و احرقها معا.
ليس لي غيظ = فهو نسي خطايانا وغسلها بدمه. ولا يعود يديننا. ليت عليَ الشوك = الشوك هو إشارة للخطية، بل هو نتاج الخطية “تخرج لك الأرض شوكاً وحسكاً” وهنا نري شهوة المسيح في محبته أن يحمل هو كل لعنات وثمار خطايانا، لذلك تكلل رأسه بإكليل شوك، هذه كانت إرادته وشهوته. ولكن من يريد أن يترك المسيح، ويظل في خطيته فسيحترق مع أشواك خطيته.
آية (5) أو يتمسك بحصني فيصنع صلحا معي صلحا يصنع معي.
هنا مره أخري نرى شهوة قلب الله أن يصنع صلحاً مع الإنسان وحتى الأشرار من منهم يتمسك بحصن الرب يصنع معه الرب صلحاً فيخلص من النار.
آية (6) في المستقبل يتأصل يعقوب يزهر و يفرع إسرائيل و يملأون وجه المسكونة ثمارا.
هذه نبوة برجوع إسرائيل، ولكن النبوة تمتد لما هو أبعد من هذا. فالمسيح هو أصل يعقوب وذريته، فتصبح كلمة يتأصل يعقوب نبوة عن التجسد فالكنيسة تنمو ويكون لها جذور وثمار حلوة، ويؤكد هذا بقية الآية. يزهر ويفرع إسرائيل ويملأون وجه المسكونة ثماراً = هذه هي الكنيسة جسد المسيح حين تتأصل في نعمة الله وتزهر فضائل وتنمو في كل المسكونة ويدخلها كل الأمم.
آية (7) هل ضربه كضربة ضاربيه أو قتل كقتل قتلاه.
ضرب إسرائيل يكون للتأديب فمن يحبه الرب يؤدبه، وضرب الأعداء لإفنائهم.
آيات (8، 9) بزجر إذ طلقتها خاصمتها أزالها بريحه العاصفة في يوم الشرقية. لذلك بهذا يكفر إثم يعقوب و هذا كل الثمر نزع خطيته في جعله كل حجارة المذبح كحجارة كلس مكسرة لا تقوم السواري و لا الشمسات.
هنا إسرائيل مشبهة بامرأة زانية حذرها زوجها لتعود عن زناها ولم ترجع. فطلقها بزجر = أي بعنف وخاصمها. وأزالها = طردها من مكانها أي من بيتها. بريح شرقية = وهي ريح عنيفة مضره، وهذا إشارة لما سوف يحدث في سبي بابل فقد طردهم الله من أرضهم وذهبوا إلي بابل. ولكن الله لم يترك شعبه للأبد. بل كفر إثم يعقوب، وكان ثمر عمل الله نزع الخطية وتكسير مذابح الأوثان. وهكذا طرد أدم من الجنة إلي أن كفر المسيح عن إثمه. والريح العاصفة تشير للتجارب، والريح تزيل القش والعصافة وتترك الثمار، هذه هي الآلام التي يسمح بها الله لينقي شعبه. لكن لليهود تشير لبابل.
آيات (10، 11) لان المدينة الحصينة متوحدة المسكن مهجور و متروك كالقفر هناك يرعى العجل و هناك يربض و يتلف أغصانها. حينما تيبس أغصانها تتكسر فتاتي نساء و توقدها لأنه ليس شعبا ذا فهم لذلك لا يرحمه صانعه و لا يترأف عليه جابله.
هذا حال أورشليم حين يتركها الله ويهجرها فحين كان الله معها كانت حصينة وفرحة ولكن الله جاء لهم وصلبوه، تركوا الله فتركهم الله وأصبحت أورشليم متوحدة. والمسكن مهجور ومتروك كالقفر. وهناك يرعي العجل = قد يشير للشيطان لأنهم عبدوا العجل عبادة وثنية. وهذا طبيعي فالمكان الذي يتركه الله يرعي فيه الشيطان. وحين ترعي العجول في المدينة فهذا فيه إشارة للخراب التام.
وتيبس أغصانها = فالتينة حين لعنت جفت أغصانها ولذلك تستعمل في الحريق. وتركهم لله ورفضهم للمسيح يدل أنهم شعب ليس بذي فهم وللآن فكل نفس تترك المسيح وترفضه وتختار طريق الشر يرعي فيها الشيطان وتكون معرضة للحريق. ومن يفعل هذا يكون بلا فهم.
آيات (12، 13) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يجني من مجرى النهر إلى وادي مصر و انتم تلقطون واحدا واحدا يا بني إسرائيل.و يكون في ذلك اليوم انه يضرب ببوق عظيم فيأتي التائهون في ارض أشور و المنفيون في ارض مصر و يسجدون للرب في الجبل المقدس في أورشليم.
سبق في الآيات السابقة وأنبأ برفض اليهود، ولكن كان في هذا بركة للأمم فكان الله يجني من مجري النهر = الفرات إلي مصر وهذا يعني دخول الأمم، ولكن الله لن يترك شعب إسرائيل فسيلقطون واحداً واحداً (البقية) و حين تدخل هذه البقية الإيمان يضرب بوق عظيم = هو البوق الذي يأتي بعده الرب. وقبل مجيء الرب تحدث النبوة التي سبق وتنبأ عنها في (ص 19) أي إيمان عظيم في أشور ومصر مع إيمان بقية إسرائيل ويسجد الجميع للرب في الجبل المقدس (الكنيسة) حينئذ يقال مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل. لذلك يري البعض أن في هذه الآيات نبوة برجوع بعض اليهود لإسرائيل في نهآية الأيام ليؤمنوا بالمسيح.
ومرحلياً فالبوق هو كورش الذي رد المسبيين من بابل، وهي الإنجيل الذي رد العالم كله.