تفسير سفر إشعياء ٥٥ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس والخمسون

 

هنا نرى الدعوة للجميع ليتركوا ملذات العالم ويتذوقوا نعمة الروح القدس وأفراحه وتعاليمه، دعوة ليتوب الجميع ويرفضوا الشر، وليؤمن غير المؤمنين فيتذوقوا ثمار الخلاص من شبع وإرتواء. واضح في هذا الإصحاح نتائج الخلاص وهو حلول الروح القدس. والخلاص من بابل هو رمز للخلاص العظيم الذي صنعه المسيح، ولا يذكر خلاص بابل بجانبه فحين يتم المرموز إليه لا نعود نذكر هذا الرمز.

 

آية (1)  آية العطاش جميعا هلموا إلى المياه و الذي ليس له فضة تعالوا اشتروا و كلوا هلموا اشتروا بلا فضة و بلا ثمن خمرا و لبنا.

المياه = هي ينابيع الروح القدس (يو 7 : 37 + رؤ 22 : 17) والمتكلم هنا كبائع يقف ليبيع بضاعته مجاناً. والشرط الوحيد أن يشعر الإنسان بعطشه أي بالاحتياج ليأتي ويأخذ. وهذا الخلاص مقدم لمن ليس له فضة أي فقير في المال وفقير في الأعمال الصالحة، فهو مقدم للمحتاجين (رؤ 3  : 14-18) وبركات الخلاص فائقة الثمن لا يقدر أحد على دفع ثمنها فلذلك يقدمها المسيح مجاناً والخمر = يعنى الفرح فمن ثمار الروح القدس فرح وسلام. واللبن = يعنى التعليم فهو يعلمنا كل شيء.

 

آيات (2، 3) لماذا تزنون فضة لغير خبز و تعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا و كلوا الطيب و لتتلذذ بالدسم أنفسكم.أميلوا آذانكم و هلموا إلي اسمعوا فتحيا أنفسكم و اقطع لكم عهدا أبديا مراحم داود الصادقة.

لماذا تزنون فضة لغير خبز = لم يكن هناك نقود مسكوكة فى ذلك الوقت بل كان يعطون فى مقابل ما يشترونه فضة بالوزن. والخبز هو للشبع والمعنى لماذا تبعثرون طاقاتكم ومواهبكم أي وزناتكم في العالم الزائل الباطل وفيما لا يشبع = ليس خبز، فهذا العالم هو كالآبار المشققة التي لا تضبط ماء. استمعوا إلىَ = علينا أن ننتبه أن وعود الله حق ونستمع إليه فالله لا يرغمنا على طريقه. ومن يستمع سيأكل الطيب وتتلذذ بالدسم أنفسكم = يروون من دسم بيتك ومن نهر نعمك تسقيهم (مز 36 : 8) وأكل الدسم هو أكل جسد المسيح ونهر النعم هو نهر ثمار الروح القدس. وهذا عهد أبدى = العهد الجديد عهد النعمة، حصلنا عليه بدم المسيح ومراحم داود = أي الوعود بدوام مملكة داود، أى أن المسيح يملك على شعبه فتكون له شعباً ويملك هو علينا. “ليأت ملكوتك”.

 

آية (4) هوذا قد جعلته شارعا للشعوب رئيسا و موصيا للشعوب.

المسيح هنا سُمِى داود فى الآية السابقة،  فهو من نسله “هو أصل وذرية داود” (أر 30 : 9 + حز 34 : 23+ رؤ 22 : 16) وشارعاً = أي مشرع شريعة المحبة الجديدة.

 

آية (5) ها امة لا تعرفها تدعوها و امة لم تعرفك تركض إليك من أجل الرب .إلهك و قدوس إسرائيل لأنه قد مجدك.

المخاطب هنا هو المسيح والمعنى أن الأمم سيدعوهم المسيح وسيركضون إليه.

 

آيات (6، 7)  طلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه و هو قريب. ليترك الشرير طريقه و رجل الإثم أفكاره و ليتب إلى الرب فيرحمه و إلى إلهنا لأنه يكثر الغفران.

هنا نرى أهمية الصلاة والتوبة دائماً.

 

آيات (8، 9)  لان أفكاري ليست أفكاركم و لا طرقكم طرقي يقول الرب. لأنه كما علت السماوات عن الأرض هكذا علت طرقي عن طرقكم و أفكاري عن أفكاركم.

طرق الله عجيبة، فهو يحول إنسان خاطئ للتوبة عن طريق إصابته بمرض أو تجربة. وهكذا عن طريق السبي أمتنع اليهود نهائياً عن الوثنية. وقد أستخدم بولس الرسول هذه الآيات حينما تأمل في أن الله قَبِل اليهود أولاً ثم رفضهم وقَبِل الأمم، ثم يعود في نهآية الأزمنةويقبل اليهود (رو 11 : 23، 24)

 

آيات (10، 11) لأنه كما ينزل المطر و الثلج من السماء و لا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض و يجعلانها تلد و تنبت و تعطي زرعا للزارع و خبزا للأكل.هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إلي فارغة بل تعمل ما سررت به و تنجح فيما أرسلتها له.

كلمة الرب في كتابه المقدس أو كلمة الكرازة لا ترجع فارغة = بل يكون لها ثمار وكلمة الله تشبه المطر لأنها نازلة من  السماء، وتنزل على الأرض اليابسة (آدم وكل شعب الله أُخِذوا من الأرض وإلى التراب يعودون ) فيرويها ويكون لها ثمار.. و المطر لا يعود إلى السماء إلا بعد أن يروى الأرض ويعمل عمله (هو يعود للسماء بعد أن يتبخر).

 

آية (12)  لأنكم بفرح تخرجون و بسلام تحضرون الجبال و الآكام تشيد أمامكم ترنما و كل شجر الحقل تصفق بالأيادي.

الشعب سبق لهم الخروج من مصر رمز العبودية. بفرح خرجوا، وبعد خروجهم رنموا، هكذا في خروجنا من سبى خطيتنا علينا أن نفرح ونتهلل.

 

آية(13):- عوضا عن الشوك ينبت سرو و عوضا عن القريس يطلع اس و يكون للرب اسما علامة ابدية لا تنقطع

الشوك كان لعنة من ثمار الخطية والمعنى هنا أنه عوضاً عن لعنة الخطية ستكون بركات وتكون أشجار جميلة نافعة عوضاً عن الأشواك المؤلمة. ويكون للرب إسماً = أي يتمجد الرب في أبنائه المؤمنين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى