تفسير سفر إرميا ٢٥ للقمص أنطونيوس فكري

ملخص لخدمة أرمياء في كل الفترة السابقة:

الآيات 1-7:- 1- الكلام الذي صار إلى إرميا عن كل شعب يهوذا في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا هي السنة الأولى لنبوخذراصر ملك بابل. 2- الذي تكلم به إرميا النبي على كل شعب يهوذا وعلى كل سكان أورشليم قائلا. 3- من السنة الثالثة عشرة ليوشيا بن امون ملك يهوذا إلى هذا اليوم هذه الثلاث والعشرين سنة صارت كلمة الرب إلى فكلمتكم مبكرا ومكلما فلم تسمعوا. 4- وقد ارسل الرب إليكم كل عبيده الانبياء مبكرا ومرسلا فلم تسمعوا ولم تميلوا اذنكم للسمع. 5- قائلين ارجعوا كل واحد عن طريقه الرديء و عن شر أعمالكم واسكنوا في الأرض التي اعطاكم الرب اياها واباءكم من الازل والى الأبد. 6- ولا تسلكوا وراء آلهة أخرى لتعبدوها وتسجدوا لها و لا تغيظوني بعمل ايديكم فلا اسيء إليكم. 7- فلم تسمعوا لي يقول الرب لتغيظوني بعمل ايديكم شرا لكم.

هذه النبوة مؤرخة بالسنة الأولى لنبوخذ نصر حين بدأ سيف الرب يعمل. وفي هذه الآيات مراجعة للنبوات التي قيلت عن يهوذا وأورشليم لسنوات ماضية والإشارة لأن الشعب لم يهتم بها، ولم تنجح خدمة النبي مع هذا الشعب غليظ الرقبة. في (2) كلمة الرب على كل شعب يهوذا = اهتمام الله بكل واحد. وهكذا خدام الله يجب أن يهتموا بكل واحد ويعملوا على توصيل كلمة الله لكل واحد . وذكر اسم نبوخذ نصر في (1) ثم خطايا الشعب بعد ذلك يعنى أن الله يريد أن يُظهر أنه لعدم توبة الشعب ولخطاياهم الكثيرة بدأ الرب يُعِّد أداة التأديب في نفس الوقت. لذلك سماه الله في (9) عبدى= فهو منفذ لإرادة الله. وفي (3) إرمياء يعظهم ويعلمهم 23 سنة إذًا فالله يحصى لنا كم تمتعنا بوسائل النعمة التي يعطيها لنا. وبقدر ما تطول بقدر ما يكون حسابنا عسيرًا. فكلمتكم مبكرًا = أي أنذرتكم مبكرًا قبل وقوع الضربات فلم تسمعوا . وفي (4) كل عبيده = فالله لاهتمامه بشعبه أرسل لهم أنبياء كثيرين مثل ميخا وناحوم وحبقوق قبل إرمياء بقليل ، وصفنيا عاصر إرمياء . وهؤلاء كلهم سجل الكتاب المقدس نبواتهم ولكن هناك كثيرين لم يُسَجِّل الكتاب نبواتهم. عمومًا الله لا يبقى نفسه بلا شاهد . وفي (5)، (6) الكل كانت لهم كلمة واحدة إرجعوا كل واحد = أي توبوا ولكنهم لم يسمعوا(7).

 

الآيات 8-14:- 8- لذلك هكذا قال رب الجنود من أجل انكم لم تسمعوا لكلامي. 9- هانذا ارسل فاخذ كل عشائر الشمال يقول الرب والى نبوخذراصر عبدي ملك بابل واتي بهم على هذه الأرض وعلى كل سكانها وعلى كل هذه الشعوب حواليها فاحرمهم واجعلهم دهشا وصفيرا وخربا أبدية. 10- وابيد منهم صوت الطرب وصوت الفرح صوت العريس وصوت العروس صوت الارحية ونور السراج. 11- وتصير كل هذه الأرض خرابا ودهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة. 12- ويكون عند تمام السبعين سنة أني اعاقب ملك بابل وتلك الامة يقول الرب على اثمهم وارض الكلدانيين واجعلها خربا أبدية. 13- و اجلب على تلك الأرض كل كلامي الذي تكلمت به عليها كل ما كتب في هذا السفر الذي تنبا به إرميا على كل الشعوب. 14- لأنه قد استعبدهم أيضًا امم كثيرة و ملوك عظام فاجازيهم حسب أعمالهم وحسب عمل اياديهم.

هم لم يسمعوا لصوت الأنبياء ويتوبوا. لذلك فالله لهُ طرق متعددة لذلك فلأنهم أهانوا إرمياء وسخروا منهُ لذلك سيُرسل الله عليهم ملك بابل الجبار الذي لن يقدروا أن يهزأوا بهِ ويهينوه كما فعلوا بإرمياء. فالله لهُ آلات رحمة مثل إرمياء وباقي الأنبياء ، ولهُ آلات غضب مثل نبوخذ نصر. ولأن الله يؤدب فقط ولا يفنى فبعد ما إستخدم آلات غضبه وأدبهم ، عاد وإستخدم آلات رحمة لإنقاذهم مثل كورش (فالله هو رب الجنود، الكل جنود تحت أمره لينفذوا مشيئته). وفي (9) عشائر الشمال = هم الشعوب الشمالية المتحدة تحت قيادة نبوخذ نصر وهي الشعوب الخاضعة لهُ التي كون منهم جيشه. وعلى كل هذه الشعوب حواليها = فالله هو إله يهوذا وكل الشعوب، وهو يؤدب الجميع ولكن هو يذكر يهوذا أولًا، فمن يعرف أكثر يعاقب أكثر. وفي (10) الله يبيد صوت الفرح = لأن أفراحهم لم تكن مقدسة بل كلها خطية ووثنية. لذلك فالخراب عام لأن الخطية عمت الجميع. صوت الأرحية = جمع رحى فالأرض أُفْرِغَتْ من ساكنيها. وعموما لقد كان من نتائج الخطية ضياع الفرح من الإنسان، وهذا معنى طرد آدم من الجنة، جنة عَدْنْ (عَدْنْ = فرح). وجاء المسيح ليعيد لنا الفرح “أراكم فتفرح قلوبكم” (يو16: 22).

 آية (11) نتيجة الخطية سيخسرون حريتهم ويخدمون ملك بابل 70 سنة.

  1. تحديد السبعين سنة فيه إثبات لصدق نبوة إرمياء وفيه راحة وعزاء للشعب المسبى فسيعرفون أن هناك نهاية لآلامهم هي نبوة تعطيهم أمل ورجاء في الخلاص.
  2. عين دانيال كانت على هذه النبوة التي حسب منها زمن الرجوع (دا2:9) إذًا فنبوة هذا الكتاب كلها كانت مع المسبيين. وأيضًا عين عزرا كانت على هذه النبوة (عز1:1).
  3. أما كاتب سفر أخبار الأيام فقد فهم حكمتها. لماذا هي 70 سنة بالذات (2أى21:36) فقد قال “لإكمال كلام الرب بفم أرمياء وحتى استوفت الأرض سبوتها لأنها سبتت في كل أيام خرابها لإكمال سبعين سنة” والمعنى:- حين دخل الشعب أرض الميعاد كان لهُم وصية الله، أن يزرعوا الأرض ست سنوات ويتركوها في السنة السابعة للراحة لكن العقلية المادية رفضت هذا المنطق. وبينما وعدهم الله أنه في السنة السادسة ستعطيهم الأرض ضعفين إلا أنهم لم يقتنعوا بهذا المنطق الإيماني ولم ينفذوا هذه الوصية إلا لفترات قصيرة ثم امتنعوا عن تنفيذها. وغالبًا كانت المدة التي انقطعوا فيها عن تنفيذ هذه الوصية = 490 سنة. فتكون السنين التي فلحوا الأرض وزرعوها فيها ضد الوصية = 490÷ 7 = 70 سنة. ولكن الله أراح الأرض هذه السبعين سنة بطردهم منها. وتكون كلمة سبتت تعني أن الأرض أخذت راحتها التي كان مفروضا أن تأخذها في كل سنة سابعة فيوم السبت هو اليوم السابع في الأسبوع وهو يوم راحة.
  4. ذهابهم للسبي كان عقوبة لخطيتهم. ولكنه كان لفترة محدودة بعدها جاء كورش رمز المسيح وأطلقهم أحرارًا، هكذا نحن بخطيتنا سقطنا في عبودية إبليس إلى أن جاء المسيح وخلصنا.
  5. 70 = 7×10 ورقم 10 يشير للوصايا العشر ورقم 7 يشير للكمال = كمال كسر الوصايا، فالبشر لم يتركوا وصية إلا وكسروها. ورقم 7 يشير لأيامهذا العالم إذًا رقم 70 هي المدة التي فيها إستعبد شعب الله وتشير للإستعباد نتيجة كسر الوصايا في هذا العالم.
  6. كان عدد شعوب العالم 70 شعبًا (تك 10)، ونفس رقم 70 هو عدد النفوس التي نزلت إلى مصر مع يعقوب. ومصر أرض العبودية، وهذا يعنى أن كل البشرية سقطت في العبودية للشيطان (ورمزه هنا بابل). ولكن كان ذلك على رجاء الحرية (رو8: 20) والحرية كانت بالمسيح (ورمزه هنا كورش ملك فارس).
  7. وفي نهاية السبعين سنة ستخرب بابل (12) وهذا ما حدث بعد الصليب فقد قُيِّد الشيطان الذي رمزه بابل (رؤ2،1:20) وتكون الـ 70 سنة رمزًا للمدة من سقوط آدم حتى الصليب حين حررنا المسيح. وكما إستخدم الله ملك بابل لتأديب شعبه هكذا يسمح الله للشيطان أن يضرب شعبه ليؤدبهم بالتجارب والضيقات التي يثيرها ضدهم. وهذا حدث مع أيوب وزانى كورنثوس (1كو5) بل مع بولس الرسول نفسه (2كو12).
  8. كيف تحسب السبعين سنة:- بدأ تسلط بابل على يهوذا سنة 606 ق.م. بعد معركة كركميش (صفحة 1) ونداء الملك كورش الفارسي برجوع أهل السبي إلى أوطانهم كان سنة 536 وفي سنة 606 جاء نبوخذ نصر إلى يهوذا وأخضع يهوياقيم وقام بسبي كثيرين من يهوذا (السبي الأول) الذين كان منهم دانيال والثلاث فتية. وبحساب هذه المدة بين السبي الأول ونداء كورش نجدها 70سنة. وهناك طريقة أخرى للحساب فقد تم تخريب الهيكل سنة 586 ق.م. وتم تجديده سنة 515 ق.م. فيكون الزمن أيضًا سبعين سنة..
  9. تصير هذه الأرض خرابًا ودهشًا = فمن يتملك عليه الشيطان يصير خرابًا ودهشًا لأنه بعد أن كان الإنسان على صورة الله فسدت طبيعته، ولكن شكرًا لله الذي أعطانا إمكانية استعادة صورته. ثم في (12) تصير هذه الأمة بابل التي ترمز للشياطين خرابًا أبديًا. إذًا الإنسان كان استعباده للشيطان مؤقتًا منذ سقوط آدم حتى مجيء المسيح وهو ما رمز له بفترة السبعين سنة أما الشيطان فخرابه أبدى في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20) = خِربا أبدية آية (9).
  10. في آية (14): استعبدهم أمم كثيرة وملوك عظام = فقد سقطت بابل تحت حكم كورش الفارسي فاستعبدها. وبعد الصليب أعطى الله أولاده “الملوك والكهنة” سلطانا أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو أي الشياطين (لو10: 19).

 

الايات 15-29:- 15- لأنه هكذا قال لي الرب إله إسرائيل خذ كاس خمر هذا السخط من يدي واسق جميع الشعوب الذين ارسلك أنا اليهم اياها. 16- فيشربوا و يترنحوا ويتجننوا من أجل السيف الذي ارسله أنا بينهم. 17- فاخذت الكاس من يد الرب وسقيت كل الشعوب الذين ارسلني الرب اليهم. 18- أورشليم ومدن يهوذا وملوكها ورؤساءها لجعلها خرابا ودهشا وصفيرا ولعنة كهذا اليوم. 19- وفرعون ملك مصر وعبيده ورؤساءه وكل شعبه. 20- وكل اللفيف وكل ملوك ارض عوص وكل ملوك ارض فلسطين واشقلون وغزة وعقرون وبقية أشدود. 21- وادوم ومواب وبني عمون. 22- وكل ملوك صور وكل ملوك صيدون وملوك الجزائر التي في عبر البحر. 23- وددان وتيماء وبوز وكل مقصوصي الشعر مستديرا. 24- وكل ملوك العرب وكل ملوك اللفيف الساكنين في البرية. 25- و كل ملوك زمري وكل ملوك عيلام وكل ملوك مادي. 26- وكل ملوك الشمال القريبين والبعيدين كل واحد مع أخيه وكل ممالك الأرض التي على وجه الأرض و ملك شيشكيشرب بعدهم. 27- وتقول لهم هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل اشربوا واسكروا وتقياوا واسقطوا ولا تقوموا من أجل السيف الذي ارسله انا بينكم. 28- ويكون إذا ابوا أن ياخذوا الكاس من يدك ليشربوا أنك تقول لهم هكذا قال رب الجنود تشربون شربا. 29- لأني هانذا ابتدئ اسيء إلى المدينة التي دعي اسمي عليها فهل تتبراون انتم لا تتبراون لأني أنا ادعو السيف على كل سكان الأرض يقول رب الجنود.

يشبه هنا الغضب القادم بكأس يدور على جميع الشعوب فالكل قد أخطأ. هو كأس غضب الله وأداته هو نبوخذ نصر. هو كأس مملوء شرابًا سامًا وسيرغمون على شربه (28) . ولاحظ أن غضب الله هنا مهما كان شديدًا فهو مثل كأس صغير فيمقابل غضبه في الأبدية. وهذا الكأس مُرسَل بيد إرمياء فالله أقامه كقاضٍ للأمم(10:1) ليحكم عليهم. والأمم هي الأمم المجاورة ليهوذا. ومعنى أن إرمياء يعطيهم ليشربوا هو أنه سيتنبأ عليهم. ويهوذا وضعت أولًا (18) لأن القضاء يبدأ ببيت الله (1بط 17:4)+(حز6:9) وغالبًا فقد كانت عين نبوخذ نصر على أورشليم المحصنه الغنية وسط كل هؤلاء أولًا. وذلك لأن عين الله كانت ضدهم فمن يعرف أكثر يدان أكثر. وقولهُ كهذا اليوم أن هذا الخراب كان قد بدأ يحدث، ثم يأتي الدور على فرعون، الذي كان اليهود يحبوا أنيعتمدوا عليه (19) . ولكنه في نظر الله كان كقصبة مكسورة. ولأن كثيرين منهم هربوا إلى مصر، فالنبوة كانت موجهة لهم بأن هذا البلد الذي لجأوا إليه وأحسوا فيه بالإطمئنان وإستمروا في خطاياهم بلا توبة سوف يخرب أيضًا. وفي(20)اللفيف= هم الشعوب المختلطة بهم أو الأقليات التي تعيش وسطهم. ومن (19-26) يعَدِّد كل الأمم المحيطة التي سيسودها ملك بابل. والسبب أن كل هذه الشعوب قد أخطأت لله “فالجميع زاغوا وفسدوا معًا، ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد” (رو12:3) الكل فسد يهودًا وأمم، الكل إستجاب لاغراءات إبليس فسقط في عبوديته. وهذا معنى أن بابل ستسود على الكل يهودًا وأمم بل كل ممالك الأرض التي على وجه الأرض= فالكل أبناء آدم، والكل ورث خطية آدم، لذلك فالكل إستُعبِدَ لإبليس. وكما رأينا سابقًا فلن ينجو إبليس من نتائج عمَلهُ، فيسقط هو ايضًا وملك شيشك يشرب بعدهم = ربما يذكر النبي اسم بابل بطريقة رمزية حتى لا يثير ملك بابل ضده، ولأن شيشك تعنى يغطس إشارة لإلقاء إبليس في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20) (26). وملك شيشك هو ملك بابل (راجع إر41:51). وقد تكون شيشكاسم مدينة كبيرة في بابل والدمار الذي سيأتي على كل هؤلاء مشبه بالترنح والجنون من شدة الضربة، وخطيئة السُكْرْ تفقد الإنسان صحته وكرامته وعقله وقراره الصحيح. أليس هذا ما يصنعه إبليس مع كل من يتملكه حين يقبل غوايته. يفقده كل شيء.  حقًا “إن الخطية قتلت كثيرين وكل قتلاها أقوياء” وتشبيه الخراب بالسكر معناه أنهم من شدة الأهوال يفقدون القدرة على اتخاذ القرار الصحيح ويجن القادة المسئولين من حجم الخسائر ويتقيأون كل الغنى والثروة التي حصلوا عليها بالظلم ويفقدون كرامتهم ولا يقومون (27). وتنبأ إرمياء بأن تغطس بابل أي دمارها يكون نهائيا، وذلك بأن أمر سرايا بأن يرمى حجرا في وسط الفرات رمزا لأن بابل ستغطس تحت الويلات الآتية عليها ونهايتها (إر51: 63). وفي (29،28) رفضهم شرب الكأس هو رفضهم لكل المعانى والإنذارات وعدم تصديقهم لشىء منها ورفضهم التوبة ورفضهم للتأديب الذي أحب الله أن يؤدبهم به. ولكن الآلام والتأديب سيحدث سواء قبلوه أم رفضوه = تَشْرَبُونَ شُرْبًا = ومن يقبل ويتوب يخلص ومن يظل على تمرده يهلك. ولكن كان على إرمياء أن يخبرهم أنها كلمة الله وأنهم لن يمكنهم مقاومة ضابط الكل وهو الذي يحاكم كل الأمم مهما كانت عظمتها. وهو الذي دان إبليس.

 

الآيات 30-38:- 30- وانت فتنبا عليهم بكل هذا الكلام وقل لهم الرب من العلاء يزمجر ومن مسكن قدسه يطلق صوته يزئر زئيرا على مسكنه بهتاف كالدائسين يصرخ ضد كل سكان الأرض. 31- بلغ الضجيج إلى اطراف الأرض لأن للرب خصومة مع الشعوب هو يحاكم كل ذي جسد يدفع الأشرار للسيف يقول الرب. 32- هكذا قال رب الجنود هوذا الشر يخرج من امة إلى امة وينهض نوء عظيم من اطراف الأرض. 33- وتكون قتلى الرب في ذلك اليوم من اقصاء الأرض إلى اقصاء الأرض لا يندبون ولا يضمون ولا يدفنون يكونون دمنة على وجه الأرض. 34- ولولوا أيها الرعاة واصرخوا وتمرغوا يا رؤساء الغنم لأن ايامكم قد كملت للذبح وابددكم فتسقطون كاناء شهي. 35- ويبيد المناص عن الرعاة والنجاة عن رؤساء الغنم. 36- صوت صراخ الرعاة وولولة رؤساء الغنم لأن الرب قد اهلك مرعاهم. 37- وبادت مراعي السلام من أجل حمو غضب الرب. 38- ترك كشبل عيصه لان ارضهم صارت خرابا من أجل الظالم ومن أجل حمو غضبه.

يظهر في هذه الآيات غضب الله على الخطية وسقوط الإنسان فيها. وهذا يجلب مزيدًا من الخراب على الأمم وعلى يهوذا، بواسطة نبوخذ نصر ولكن فليعرف الكل أن الله هو الذي أتى عليهم زائرًا (30) على مسكنه = على بيته الذي جعلوه مغارة لصوص كالدائسين = دائس المعصرة. فنبوخذ نصر سيدوس كل هذه الشعوب والله سمح بهذا بسبب خطاياهم. ولأنللرب خصومة معهم بسببها (31). وسيكون الشر شاملًا الأرض كلها (33،32) وزئير الرب مرعب للخطاة مفرح للقديسين، ولكنه هنا ضد الأشرار. ومن مسكن قدسه = فالقرار سماوي وليس قرار نبوخذ نصر. وهو قام ضد الأشرار كشبل ترك عيصه = أي عرينه ليبحث عن فريسته. وكان غضبه ضد الخطية كنوء عظيم. فالجيش الكلدانى كان كإعصار قادم من الشمال محطمًا كل شيء أمامهُ. وفي (34) سيصبح كل الملوك = الرعاة ورؤساء الغنم = غير قادرين على شيء إلا لأن يتركوا أنفسهم للأسف ولأن يولولوا. وسيسقطون كإناء شهى= وحين يكسر الإناء سيُرمى فهو أصبح بلا قيمة وفي (35) يبيد المناص منهم= أي لن يجدوا طريقًا للهرب. وفي (37)بادت مراعى السلام = فالله أعطاهم مراعى سلام ولكنهم عوضًا عن أن يشكروا على هذه النعم أحبوا الخطية ودنسوا أنفسهم.

لاحظ أن الآية (32) أن الشر يخرج من أمة لأمة = هي تحقيق نبوة النبي السابقة في أنه سيعطى الكأس للجميع (15) فالشر يدور مثل الكأس. ولكن في هذا أيضًا تحذير لأن مجىء الكأس على جارى أولًا يعطيني فرصة لكي أتوب قبل أن تأتي عليَّ الكأس.

هذه الآيات تحمل شكل وسمات يوم الدينونة، فالله خلق الإنسان ليفرح وسقط. وسمح الله بتأديب الإنسان. فمن قبل التأديب يهلك في الدينونة.

زر الذهاب إلى الأعلى