تفسير سفر يهوديت 12 للقمص أنطونيوس فكري
آيات (1-20): “حِينَئِذٍ أَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهَا مَوْضِعَ خَزَائِنِهِ، وَأَمَرَ أَنْ تَمْكُثَ هُنَاكَ وَأَوْصَى بِمَا يُعْطَى لَهَا مِنْ مَائِدَتِهِ. فَأَجَابَتْهُ يَهُودِيتُ وَقَالَتْ: «إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ مِمَّا أَمَرْتَ أَنْ يُعْطَى لِي لِئَلاَّ تَكُونَ عَلَيَّ خَطِيئَةٌ، وَلكِنِّي آكُلُ مِمَّا أَتَيْتُ بِهِ». فَقَالَ لَهَا أَلِيفَانَا: «إِذَا فَرَغَ هذَا الَّذِي أَتَيْتِ بِهِ فَمَا نَصْنَعُ بِكِ؟» فَقَالَتْ يَهُودِيتُ: «تَحْيَا نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي إِنَّ أَمَتَكَ لاَ تُنْفِقُ هذِهِ جَمِيعَهَا حَتَّى يَصْنَعَ اللهُ بِيَدِي مَا فِي خَاطِرِي». فَأَدْخَلَهَا عَبِيدُهُ الْخَيْمَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا. فَلَمَّا صَارَتْ فِي دَاخِلِهَا سَأَلَتْ أَنْ يُرَخَّصَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي اللَّيْلِ قَبْلَ الصَّبَاحِ لِتُصَلِّيَ وَتَتَضَرَّعَ إِلَى الرَّبِّ، فَأَوْصَى أَصْحَابَ مُخْدَعِهِ أَنْ يَأْذَنُوا لَهَا كَمَا تُحِبُّ فِي أَنْ تَخْرُجَ وَتَدْخُلَ لِتَعْبُدَ إِلهَهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. فَكَانَتْ تَخْرُجُ لَيْلًا إِلَى وَادِي بَيْتَ فَلْوَى وَتَغْتَسِلُ فِي عَيْنِ الْمَاءِ، وَبَعْدَ صُعُودِهَا كَانَتْ تَتَضَرَّعُ إِلَى إِلهِ إِسْرَائِيلَ أَنْ يُرْشِدَ طَرِيقَهَا لِتُخَلِّصَ شَعْبَهَا، ثُمَّ تَدْخُلُ وَتُقِيمُ فِي خَيْمَتِهَا طَاهِرَةً إِلَى أَنْ تَأْخُذَ طَعَامَهَا فِي الْمَسَاءِ. وَكَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَنَّ أَلِيفَانَا صَنَعَ عَشَاءً لِعَبِيدِهِ وَقَالَ لِبُوغَا خَصِيِّهِ: «انْطَلِقِ الآنَ وَأَقْنِعْ تِلْكَ الْعِبْرَانِيَّةَ أَنْ تَرْضَى بِالإقَامَةِ مَعِي طَوْعًا». فَإِنَّهُ عَارٌ عِنْدَ الأَشُّورِيِّينَ أَنْ تَسْخَرَ الْمَرْأَةٌ مِنَ الرَّجُلِ وَتَمْضِيَ عَنْهُ نَقِيَّةً. فَدَخَلَ حِينَئِذٍ بُوغَا عَلَى يَهُودِيتَ وَقَالَ: «لاَ تَحْتَشِمِي أَيَّتُهَا الْفَتَاةُ الصَّالِحَةُ أَنْ تَدْخُلِي عَلَى سَيِّدِي وَتُكَرَّمِي أَمَامَ وَجْهِهِ وَتَأْكُلِي مَعَهُ وَتَشْرَبِي خَمْرًا بِفَرَحٍ». فَأَجَابَتْهُ يَهُودِيتُ: «مَنْ أَنَا حَتَّى أُخَالِفَ سَيِّدِي كُلُّ مَا حَسُنَ وَجَادَ فِي عَيْنَيْهِ فَأَنَا أَصْنَعُهُ وَكُلُّ مَا يَرْضَى بِهِ فَهُوَ عِنْدِي حَسَنٌ جِدًّا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي». ثُمَّ قَامَتْ وَتَزَيَّنَتْ بِمَلاَبِسِهَا، وَدَخَلَتْ فَوَقَفَتْ أَمَامَهُ. فَاضْطَرَبَ قَلْبُ أَلِيفَانَا، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اشْتَدَّتْ شَهْوَتُهُ. وَقَالَ لَهَا أَلِيفَانَا: «اشْرَبِي الآنَ، وَاتَّكِئِي بِفَرَحٍ فَإِنَّكِ قَدْ ظَفِرْتِ أَمَامِي بِحُظْوَةٍ». فَقَالَتْ يَهُودِيتُ: «أَشْرَبُ يَا سَيِّدِي مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا قَدْ عُظِّمَتْ نَفْسِي الْيَوْمَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ أَيَّامِ حَيَاتِي». ثُمَّ أَخَذَتْ وَأَكَلَتْ وَشَرِبَتْ بِحَضْرَتِهِ مِمَّا كَانَتْ قَدْ هَيَّأَتْهُ لَهَا جَارِيَتُهَا، فَفَرِحَ أَلِيفَانَا بِإِزَائِهَا وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا أَكْثَرَ مِمَّا شَرِبَ فِي جَمِيعِ حَيَاتِهِ.”
آيات (1-4): نرى تمسك يهوديت بشريعة إلهها حتى أمام هذا القائد الوثني. حتى يصنع الله بيدي ما في خاطري= هذه فهمها أليفانا أنها تعني دخوله بيت فلوي وبالتالي لأورشليم، أما قصدها الحقيقي ميعاد قتله، أي حينما يخلص الله شعبها منه.
آيات (5-9): ثلاثة أيام= هي طلبت النزول إلى الوادي لتغتسل فتصلي طاهرة حسب عادة اليهود. وطلبها ثلاثة أيام لأنها واثقة أن الله سيتدخل قبل الخمسة أيام التي حددوها. ونزولها للوادي يوميًا كان يقربها من مدينة بيت فلوي، ولذلك فهي حين قتلت أليفانا وذهبت برأسه إلى بيت فلوي ظنها الحراس ذاهبة لتغتسل وتصلي كعادتها.
آيات (10-14): عبيده= ضباطه الكبار. وكانت الوليمة فرحًا لانتصاره القريب وفرحه بيهوديت الذي مال قلبه إليها. ولاحظ أن الخطايا يقال عنها شيء عادي بل إنه عار أن لا تمارس الخطية وتخرج فتاة من عند رجل دون أن يعاشرها!! هذا هو منطق الشيطان. والذي أنقذ يهوديت من هذا الموقف الحرج هو صلواتها.
آيات (17-20): قد عظمت نفسي اليوم= أليفانا فهمها عن نفسه، أنها سعيدة معه، وهي تقصد أنها رأت خلاص الله لشعبها في تلك الليلة. وشربت= نوع من العصير ولا يسكر. وأليفانا من فرط شهوته شرب دون وعي وأكثر مما كان يشرب في كل ليلة فسكر وفقد اتزانه.