تفسير سفر اللاويين ٢٤ للقمص أنطونيوس فكري
شرح اللاويين – الإصحاح الرابع والعشرون
إذ تحدث عن الأعياد المقدسة أراد هنا أن يعلن عن سر الفرح الحقيقى الداخلى خلال الإهتمام بالمنارة الذهبية للتمتع بالإستنارة، والخبز الإسبوعى للتمتع بالشبع. ثم تأتىقصة إبن شلومية الذى جدف، وقد تكون هذه الحادثة قد حدثت مباشرة عقب إستلام موسى لشريعة الأعياد أو تكون قد حدثت فى وقت آخر وذكرها موسى هنا ليشرح أن سر فقدان الفرح والشركة بل أن الموت سببه إهانة الله والتجديف على إسمه
آية 1 :- و كلم الرب موسى قائلا.
وكلم الرب موسى = إذاً فهذه مقدمة فريضة جديدة
الأيات 2 – 4 :- اوص بني اسرائيل ان يقدموا اليك زيت زيتون مرضوض نقيا للضوء لايقاد السرج دائما. خارج حجاب الشهادة في خيمة الاجتماع يرتبها هرون من المساء الى الصباح امام الرب دائما فريضة دهرية في اجيالكم. على المنارة الطاهرة يرتب السرج امام الرب دائما.
أوص بنى إسرائيل = كان بنى إسرائيل هم الذين يقدمون الزيت ومن ثم يشعرون أن هذا النور لهم فهم قدموا الزيت. زيت زيتون مرضوض نقياً = الرض يعنى دق الزيتون فى هاون وتصفيته وهذا يخرج أنقى أنواع الزيت.
السرج = هذه الكلمة وردت فى آية 2 بصيغة المفرد ووردت فى آية 4 بصيغة الجمع فهم سبعة “رؤ 4 : 5” وكونهم سبعة فهذا يشير لمواهب الروح المتنوعة ولكن الروح واحد 1كو 12 : 4. دائماً (آية 2) يذكر المؤرخون أنهم كانوا يضيئون السرج كلها ليلاً ويضيئون ثلاثة فقط بالنهار. المهم أن المنارة دائماً تكون مضاءة. (وفى آية 3) من المساء إلى الصباح = طالما هى مضاءة دائماً فلماذا التشديد على أن تضاء من المساء إلى الصباح ؟
1- هذا يشير لأمانة الله نحو شعبه فبينما هم نيام والظلام حولهم، فالله يبقى لهم المنارة مضاءة، نوراً داخلياً يضيئه الرب وسط الظلام
2- يقول معلمنا بطرس الرسول فى 2بط 1 : 9 “وعندنا الكلمة النبوية وهى أثبت….. إلى أن ينفجر النهار. فكلمات الناموس والأنبياء هى السرج التى أضاءت فى العهد القديم حتى جاء المسيح شمس البر. والآن فكلمة الكتاب المقدس هى السراج الذى ينير حتى يأتى المسيح فى مجده. مز 118 : 105
3- مهما كان الظلام الذى يحيط بالكنيسة فالله يبقى نوره دائماً ليهديها.
4- قال المسيح عن يوحنا المعمدان أنه السراج المنير يو 5 : 35 وهذا كان لأنه يمثل العهد القديم
على المنارة الطاهرة = لأنها مكرسة للرب والمنارة من الذهب النقى وترمز للروح القدس. وقيل هذا أيضاً عن المائدة (آية 6) والمائدة (ذهب وخشب) فهى تشير للمسيح المتجسد.
آية 5 :- و تاخذ دقيقا و تخبزه اثني عشر قرصا عشرين يكون القرص الواحد.
أثنى عشر قرصاً = 12 هو رقم الكنيسة فى العهد القديم والعهد الجديد. فعدد الأسباط 12 والتلاميذ 12. ووضع 12 رغيف أمام الله معناه أن الله يذكر كل شعبه دائماً وفى وسط الظلام نوره ينير لشعبه (فكان نور المنارة يذكر يسقط على الخبز). وحتى بعد الإنشقاق بين مملكتى يهوذا وإسرائيل كانوا يضعون على المائدة 12 رغيف خبز (فُهِم هذا ضمناً من 2 أى 13 : 11).
عُشْرين يكون القرص = 2 × 1/10. العشر هو 1 / 10 إيفة = عُمُر 2.29 لتر. وكان ما يكفى الشخص من المن مقدار عمر. فهو تذكار للمن وكونه عشرين فهذا يشير للتجسد، فرقم 2 يشير للتجسد.
آية 6 :- و تجعلها صفين كل صف ستة على المائدة الطاهرة امام الرب.
أمام الرب = الخبز أمام الله دائماً يشير للمسيح الواقف أمام الآب دائماً يشفع فينا. والخبز يشير للكنيسة التى إلتحمت برأسها المسيح.
آية 7 :- و تجعل على كل صف لبانا نقيا فيكون للخبز تذكارا وقودا للرب.
يوضع اللبان فوق الخبز لمدة أسبوع وفى السبت الجديد يرفع الخبز القديم ليوضع الخبز الجديد، ويوضع فوقه لباناً جديداً. ويكون اللبان نصيب الرب والخبز نصيب الكهنة. وكان البخور يحرق بعد رفع الخبز القديم وغالباً كانوا يضيفونه على البخور اليومى. وكان البخور يحرق عوضاً عن حرق الخبز وهذا معنى. فيكون للخبز تذكاراً وقوداً للرب. وكلمة وقود للرب تعنى أن البخور كان يحرق عوضاً عن الخبز وأن من تقدمات الدقيق كان يحرق على المذبح بعضها. وكون الكهنة يأكلون الخبز فهذا يعنى الشركة فالله نصيبه اللبان والكهنة نصيبهم الخبز. ويشير اللبان لأن عمل الكنيسة هو التسبيح والصلاة
آية 8 :- في كل يوم سبت يرتبه امام الرب دائما من عند بني اسرائيل ميثاقا دهريا.
من عند بنى إسرائيل = كانوا يشترون الخبز من النصف شاقل التى يقدمها كل إسرائيلى بلغ العشرين عاماً سنوياً.
آية 9 :- فيكون لهرون و بنيه فياكلونه في مكان مقدس لانه قدس اقداس له من وقائد الرب فريضة دهرية.
مكان مقدس = هو قدس أقداس يأكله المقدسين الذين صاروا ملوكاً وكهنة يأكلونه وهم مستعدون بالحياة المقدسة. فى مكان مقدس يعنى نفس طاهرة.
الأيات 10 – 12 :- و خرج ابن امراة اسرائيلية و هو ابن رجل مصري في وسط بني اسرائيل و تخاصم في المحلة ابن الاسرائيلية و رجل اسرائيلي. فجدف ابن الاسرائيلية على الاسم و سب فاتوا به الى موسى و كان اسم امه شلومية بنت دبري من سبط دان. فوضعوه في المحرس ليعلن لهم عن فم الرب.
يحكى التقليد اليهودى أن هذا المجدف إبن المرأة الإسرائيلية هو إبنها من رجل مصرى كان يعمل مسخراً وقتل زوج المرأة الإسرائيلية شلومية فى مصر ثم تزوجها وكان ثمرة هذا الزواج أو الإغتصاب هذا المجدف ويقول التقليد أن موسى قتل هذا الرجل المصرى إنتقاماً لشلومية وزوجها. وقد خرج هذا الولد مع اليهود ولكن لأنه إبن مصرى وثنى كان عليه أن يقيم خارج المحلة ويبدو أنه رفض وأراد أن يقيم داخل المحلة فتشاجر معه رجل إسرائيلى فذهبوا للقضاء الذى حكم بأن يقيم هذا الشاب خارج المحلة فسخر هذا الشاب من القضاء ومن الله وجدف على الله.
فى (10) خرج = قد تعنى أنه خرج مع اليهود فى خروجهم من مصر وقد تعنى أنه خرج من خيام الغرباء ودخل للمحلة بدليل قوله وتخاصم فى المحلة. لاحظ أن هذا المجدف هو ثمرة زواج وثنى بمؤمنة وهذا نتيجة طبيعية. ولذا كانت تمنع الشريعة أمثال هذه الزيجات. وكان هذا سبب سقوط سليمان وعموماً فحين يمتزج فى قلب المسيحى حب الله مع حب العالم يكون هذا سبباً كافياً لقساوة القلب ومن ثم السقوط. ولاحظ أن مكان أمثال هؤلاء خارج المحلة فهم عزلوا أنفسهم بأنفسهم.
وفى (11) جدف على الإسم = أى يهوة فاليهود كانوا إذا رأوا إسم يهوة مكتوباً لا ينطقونه بل يقولون أدوناى أى الرب السيد أو الرب وباليونانية كيريوس أو يقولون الله. ولذلك حين سأل رئيس الكهنة المسيح قال له “هل أنت إبن المبارك” فهم لا ينطقون إسم يهوة أبداً. لذلك فحين قال بولس الرسول عن المسيح أن الله أعطاه إسماً فوق كل إسم فى 2 : 9 فهذا كان يعنى لليهود أنه معادل ليهوة فهم لا يقولون يهوة بل يقولون الإسم. والإسم لهم تعنى يهوة.
الأيات 13 – 22 :- فكلم الرب موسى قائلا. اخرج الذي سب الى خارج المحلة فيضع جميع السامعين ايديهم على راسه و يرجمه كل الجماعة. و كلم بني اسرائيل قائلا كل من سب الهه يحمل خطيته. و من جدف على اسم الرب فانه يقتل يرجمه كل الجماعة رجما الغريب كالوطني عندما يجدف على الاسم يقتل. و اذا امات احد انسانا فانه يقتل. و من امات بهيمة يعوض عنها نفسا بنفس. و اذا احدث انسان في قريبه عيبا فكما فعل كذلك يفعل به. كسر بكسر و عين بعين و سن بسن كما احدث عيبا في الانسان كذلك يحدث فيه. من قتل بهيمة يعوض عنها و من قتل انسانا يقتل. حكم واحد يكون لكم الغريب يكون كالوطني اني انا الرب الهكم.
عجيب هو الرب. فموسى هنا يسأله عن عقوبة من جدف على إسمه ولكننا نجده يجيب على هذا ويضيف قوانين لحماية أرواح الناس بل ممتلكاتهم وكأن من يتعدى على أحد من شعبه يعتدى عليه هو فهو يغير على شعبه فإذا كان الله يهتم بنا وبما نملك فلنهتم نحن كيف نمجده.
ولنلاحظ أن التجديف والسب والقتل وإحداث العاهات كلها راجعة لمصدر واحد هو العنف وهذا العنف يفقدنا الفرح الذى يأتى من الإستنارة ومن الشركة. وحين يبدأ نزاع فلا نعرف كيف سينتهى ولا ما هى الأضرار الناجمة عنه
وفى (13) هذا يعنى دمك على رأسك. ومن (14 – 16) فالرجم عقوبة كل من يجدف
وفى (17) بعد أن تكلم الرب عن رجم المجدف يذكرهم أن الحياة ملكه هو وحده وليس من حق أحد أن يعتدى على حياة إنسان إلا بإذنه أو حسب الشريعة.
وفى (18) فالله كما يحمى حياة الإنسان يحمى أملاكه
وفى (19، 20) شريعة عين بعين وسن بسن
أ- هذا ليس إنتقام بل هو عدل دقيق، هو تشريع للقضاة. وبعد ذلك قدروا فدية لكل عضو بناء على خر 21 : 18، 19 + عد 35 : 31.
ب-هى ليست إنتقام شخص بل عدل علنى عام. وهذا حتى لا ينتقم المصاب لنفسه وحتى لا يزيد الإنسان فى الإنتقام لنفسه، فيقتل من كسر له سناً مثلاً أو فقأ عينه
ت-فى شريعة العهد الجديد ومع النمو الروحى قال المسيح “لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر. مت 5 : 38، 39.
ملحوظة :- كان إبن شلومية هو أول من يموت بحسب شريعة موسى وكان موته رجماً وتهمته كانت التجديف. وكان إسطفانوس أول شهداء المسيحية أول من مات شهيداً وبنفس التهمة أى التجديف وبنفس العقوبة !! ولكن ما أبعد الفرق. وما أعمق الهوة التى إنحدر لها الشعب اليهودى منذ طبقت الشريعة أيام موسى فهم إستغلوا الشريعة ليقتلوا من يريدوا ظلماً.