تفسير سفر اللاويين ١١ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاحات 11 – 15

دليل شرائع التطهير من النجاسة

وردت كلمة نجس ونجاسة فى هذه الإصحاحات أكثر من 100 مرة فهى إذاً الكلمة البارزة فيها. والنجاسة هى نقيض القداسة، فكل شئ مخالف لقداسة الله هو نجاسة وبعض النجاسات تكون مستمرة لفترة طويلة وبعضها ينتهى بحلول المساء أى مؤقتة (11 : 25) وفى بعض الحالات تستلزم غسل الملابس أو الشخص نفسه بالماء. وفى بعض الحالات يحتاج الأمر لتقديم ذبيحة

وأمثلة للنجاسة  1- بسبب الحيوانات                 2- بسبب الولاده

                   3 – بسبب برص الإنسان          4- بسبب برص الثياب

                   5- بسبب برص المنازل            6- بسبب السيل من إنسان

ويمكن أن نسمى سفر اللاويين دليل الكاهن فهو يحوى كل الشرائع التى يحتاجها الكهنة فى خدمتهم لجعل الشعب يقترب من الله فيتقدس. وإذا لاحظنا كمال الناموس والشريعة وأن الله وضع قانوناً لكل شئ نفهم أن فى الكتاب المقدس حل لكل مشكلاتنا.

والله يريدنا أن نكون قديسين فالقداسة بدونها لن يرى أحد الرب عب 12 : 14 والسؤال الآن كيف نكون قديسين وكيف نسلك فى القداسة وما معنى قداسة ؟ هذه الأسئلة يصعب جداً أن يشرحها الله لشعب بدائى يحيا فى الخطية ولا مانع لديه من أن يقيم عجلاً ذهبياً ليعبده فكان أن إستخدم الله هذا الأسلوب الرمزى التصويرى ليشرح هذه المعانى. ونرى فى هذه الإصحاحات بل وفى سفر اللاويين عموماً معنى القداسة. وقد سبق ورأينا فى سفر الخروج الله يحل وسط شعبه فى خيمة الإجتماع وحتى يحل الله وسط شعبه يجب أن يتقدس هذا الشعب. ونجد القداسة لها شقان يجب توافرهما حتى نتقدس :-

1- الذبائح (ص 1 – ص 7) رمزاً للمسيح ذبيحتنا. والكهنوت (8 – 10) رمز للمسيح رئيس كهنتنا الذى قدم نفسه ذبيحة. والمعنى أننا لا يمكن أن نتقدس إلا بدم المسيح والمسيح قام بعمله وأنهاه.

2- دور الشخص نفسه فى تجنب كل ما هو نجس (ص 11 – ص 15). فمثلاً نجد أن الله يمنع شعبه من أكل بعض الحيوانات، ويسميها غير طاهرة، وهكذا فى باقى الممنوعات التى يسميها نجسة أو مكروهة. وكان دور الإنسان المطلوب فيه أن يتحاشى هذه الحيوانات النجسة حتى لا يتنجس. وإذا يتحاشاها يقول الكتاب أنه يتقدس (11 : 44) + 1بط 1 : 15، 16

لماذا منع الله بعض الحيوانات ؟

1- الله يريد أن يعلم شعبه الطاعة وأن يعرف شعبه أن الله له سلطان عليه وأنه يحكم على شعبه. وهذا قد عمله الرب مع آدم من قبل.

2- كان لليهود كرامة عظيمة بسكنى الله فى وسطهم وكان عليهم التواضع وقبول وصايا الله. فالله حتى يسكن فى وسطهم له شروطه ووصاياه. (وهكذا نحن) ويجب الخضوع له. 

3- طريقة منع بعض الأشياء وإعتبارها نجسة يعلمهم أن هناك ما هم محلل وما هو نجس، فيتعلما التدقيق فى الأكل والشرب ومن ذلك التدقيق فى كل أمورهم. فإذا كان الأكل والشرب له قواعد إلهية فهم سيفهمون تلقائياً أن هناك ممنوعات فى تصرفاتهم وأخلاقياتهم وأن هناك ما ينجسهم فيتحاشوه وإلا إستحقوا اللعنة.

4-  كان كثير جداً من الممنوعات له خطورة صحية طبية عليهم ومنعه كان لحمايتهم.

5- كان الأمم الوثنيون حولهم يعطون للممنوعات على اليهود (مثل المخنوق والدم) كرامة عظيمة ويعطون لها كرامات خرافية (لذلك منعها مجمع الرسل أيضاً أع 15 : 20). وبعض الأمم قدسوا الحيوانات لبعض الآلهة. وهذا المنع يعطيهم شعوراً بإختلافهم وتميزهم عن الشعوب الوثنية

6- كان هذا الأسلوب الرمزى مدعاه للتفكير والتأمل فمثلاً الخنزير يعتبر نجس وكان اليهودى يمتنع عنه تماماً لأن الله قال هذا. ولكن مع الوقت يتأمل اليهودى فى تصرفات الخنزير ويجده يعود للطين والقاذورات. ولو أخذ هذا الخنزير حتى ينظف ويستحم يعود إلى الطين مرة أخرى. ومن هنا يفهم اليهودى أن الله يريد منه أن لا يتشبه بهذه العادة الرديئة. وأن بعد توبته وغسله وقبول الله له عليه أن لا يعود للخطية ثانية. وهذا ما فعله بطرس الرسول 2بط 20:2-22 وهكذا سيتعلم ما معنى شق الظلف والإجترار بمفهوم روحى. وحينئذ يفهم ما معنى أن يسلك الإنسان بقداسة

إصحاح 11 :- يعرض لنا موضوع الخطية وأنها موجوده حولنا فى العالم فى كل مكان فى الأرض وفى البحر وفى سماء الطيور فعلينا أن نحيا فى حذر وأحتراس.

إصحاح 12 :- يعرض لنا أن الخطية تنتقل بالولادة من الأباء للأبناء

إصحاح 13 :- يعرض لنا كم أن الخطية حقيرة ونجسة وكيف نكرهها.

إصحاح 14 :- يعطى رجاء لإى إمكانية إصلاح نتائج الخطية (رموز الفداء)

إصحاح 15 :- يعرض لنا التشويه الذى ألحقته الخطية بالإنسان الذى خلق على صورة الله ومثاله.

تعبير النجاسة حتى المساء

هذا التعبير يشير للمسيح الذى أنهى بصلبه عند المساء (مساء الجمعة) قوانين النجاسة. والمسيح قدم وقت تقديم ذبيحة المساء. بل كان صلب المسيح عند مساء هذا العالم. لاحظ أن الكتاب (تك 1) يقول وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً… لماذا يبدأ بالمساء وينتهى بالصباح ؟ لأننا فى اليوم السابع الآن وهذا اليوم بدأ بالمساء بعد سقوط آدم (الخطية = الظلمة) وبعد المسيح النور جاء للعالم فكان صباح اليوم السابع، حين أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رو 8 : 2). ولكن حيث أن مدة عمرنا على الأرض هى مساء حياتنا فنحن مازلنا فى خطايانا طيلة مساء عمرنا ولن نتطهر تماماً حتى الصباح أى فى السماء، فى يوم القيامة.

وكلم الرب موسى – وكلم الرب موسى وهرون

نجد فى بعض الإصحاحات أنها تبدأ بقوله وكلم الرب موسى. وفى إصحاحات أخرى نجده يبدأ وكلم الرب موسى وهرون. فالله من ناحية يكرم هرون كرئيس كهنة مع موسى لأن هرون الأن أصبح معلماً للناموس. وأما موسى فهو وسيط العهد. لكننا نلاحظ أن تعبير وكلم الرب موسى يأتى مع شرائع التطهير بمعنى إعلان إرادة الآب أنها كذا وكذا وهذا لا يدخل فيه هرون بل موسى وحده يعلن إرادة الله. ونجد تعبير وكلم الرب موسى وهرون فى الإصحاحات التى تحدثنا عن واجبات الكهنة ورئيس الكهنة. فهنا الله يشرح لهرون الدور الذى سيقوم به وينفذه..وإذا فهمنا أن هرون كرئيس كهنة يمثل المسيح رئيس كهنتنا نفهم أن الإصحاحات التى تعلن إرادة الآب وهى خلاصنا تبدأ بأن كلم الرب موسى والإصحاحات التى تتحدث عن التنفيذ تبدأ بأن كلم الرب موسى وهرون. فالمسيح رئيس كهنتنا هو الذى نفذ مشيئة الآب بتجسده وتقديم نفسه ذبيحة. وكان هرون يتعامل مع الخطاة من الشعب ليطهرهم وإبن الإنسان أتى من أجل الخطاة

كلمة قدوس باليونانية = آجيوس =   AGIOS (باليونانية)              

وهى تنقسم إلى                 A + GE + IOS

  GEبمعنى أرض ومنها geography  = علم خرائط الأرض ومنها أيضاً geology علم طبقات الأرض

GIOS  ومعناها أرضى،A   للنفى إذاً  AGIOS     = لا أرضى. ومن هنا نفهم معنى الآية “لاتدنسوا أنفسكم بدبيب يدب… لإنى أنا قدوس” لا 11 : 43، 44. أى لا تهتموا بالأرضيات مثل من يدب على الأرض ويلحس الطين ولتكونوا مهتمين بالسمويات فأنا سماوى لا أرضى

قصة قصيرة لتشيكوف :- كان شخص يشير ووجد شلن ومن يومها وهو ينظر للأرض.

التفسير الروحى للقصة :- كان شخص روحى إبن لله يحيا فى العالم وأغواه الشيطان يوماً بخطية لذت له ومن يومها وهو يشتهى الخطية ( الطين ) وأصبح لا ينظر للسماء وطنه!

الخلاصة :- سر قداستنا هو الله، إذ ندخل فى شركة معه بثبوتنا فى الإبن القدوس بواسطة روحه القدوس الساكن فينا نحمل سماته فينا. إذاً القداسة ليست إمتناع عن الشر إنما هى قبول لله والتمتع به. ولكن على الإنسان إعلان إرادته بالإمتناع عن الإلتصاق بالأرضيات أو التلامس معها، والإلتصاق بالسماويات ” إن كنتم قد قمتم مع المسيح فإطلبوا ما فوق….. كو 1:3    تدريب :- تأمل وإحفظ المزامير اليوم كله


 

الإصحاح الحادى عشر

الأيات 1 – 8 :- و كلم الرب موسى و هرون قائلا لهما. كلما بني اسرائيل قائلين هذه هي الحيوانات التي تاكلونها من جميع البهائم التي على الارض. كل ما شق ظلفا و قسمه ظلفين و يجتر من البهائم فاياه تاكلون. الا هذه فلا تاكلوها مما يجتر و مما يشق الظلف الجمل لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. و الوبر لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. و الارنب لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. و الخنزير لانه يشق ظلفا و يقسمه ظلفين لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. من لحمها لا تاكلوا و جثثها لا تلمسوا انها نجسة لكم.

 

الحيوانات المحللة والمحرمة

يقسم اليهود الحيوانات إلى أربعة أقسام  1- البرية    2- المائية    3- الهوائية     4- السربية الهوامية (جماعات من الهوام والحشرات)

ونجد فى التقسيمات الموجودة هنا أن الله لا يهتم بالجانب العلمى بل ما يلاحظه الناس. لأنه كما قلنا إن الله يطلب من الشعب الملاحظة والتأمل فمثلاً :-

أ‌-  يوضع الخفاش مع الطيور مع أنه حيوان لكنه يطير. فالناس تراه يطير. لكن وُضِع آخِر الطيور ربما ليشير أنه ليس بطير بل يشبه الطيور

ب‌-يوضع الوبر والأرانب مع الحيوانات التى تجتز مع أنها لا تجتر لكنها تحرك شفتيها دائماً كمنتجتر، فهذا ما يبدو للناس. وكأن الله يريد أن يقول أنا ما أهتم به هو الداخل أى القلب وليس ما تصنعه الشفتين “هذا الشعب يسبحنى بشفتيه فقط، أما قلبه فمبتعد عنى بعيداً” المعنى الله لا يقبل الرياء أش 29 : 13

والله طالب الشعب بأن يأكل الحيوانات التى هى   1) مشقوقة الظلف     2) مجترة

وهذه الحيوانات تتصف بأنها ليست من آكلات اللحوم بل تتغذى على الحشائش. إذاً

أول صفة للحيوان الطاهر أنه لا يأكل حيوان أخيه :- أى لا يظلم وغير متوحش

ثانى صفة للحيوان الطاهر أنه مشقوق الظلف :- والظلف هو جسم ميت فى الحيوان وهذا يشير إلى شق ماهو ميت فينا أى الجسد والمعنى صلب شهوات الجسد

ثالث صفة للحيوان الطاهر أنه يجتر:- وهذا يشير للهج الدائم والتأمل المستمر فى كلمة الله والإجترار هو إعادة الطعام للفك ومضغه جيداً. فالحيوان يأكل كمية ضخمة أولاً ويبلعها ثم يستعيد جزء منها ويعيد مضغه جيداً ثم يبلعه ثانية. ويقول البعض أن الإجترار فيه فائدة للحيوان فاللعاب يلاشى تأثير بعض السموم التى فى الطعام وهذا ما أشار إليه القديسون أن نحفظ كل يوم الأيات ونلهج فيها طول النهار هذا ما يعطى غذاء للروح وشبع روحى “خبأت كلامك فى قلبى لكيلا أخطئ إليك بوصايك ألهج وألاحظ سبلك مز 119 : 11، 15”. وراجع حز 2 : 8 – 3 : 3 فهنا نجد حزقيال يأكل كلام الله. وهكذا فعل يوحنا (رؤ 10 : 9) وأرميا (15 : 16) وداود (مز 119 : 103). أما عن شق الظلف (جزء ميت كالأظافر) فكان يجب أن يكون الشق كاملاً من أعلى إلى أسفل. وكون أن المشقوق هو الظلف فهذا يعنى طريقة سير المسيحى فهو صلب أهوائه مع شهواته وهذا ما يرسم له ويحدد سلوكه.

وبتأمل هذه الصفات للحيوانات الطاهرة نفهم صفات المسيحى الطاهر أمام الله فهو يتغذى على مراعى كلمة الله الخضراء وليس على لحم إخوته أى لا يظلمهم. وهو يجتر كلمة الله طول النهار ويلهج فيها ليهضم ما تناوله منها ويكون له قوة للسلوك فى طريق الله وتغيير طباعه والإقلاع عن عادته الرديئة وبذلك نجد إقتران الحياة الداخلية (اللهج أو الإجترار) بالحياة الخارجية (الظلف أو السلوك)

وكان لا يجب أكل حيوان يجتر لكنه لا يشق الظلف أو العكس فمثلاً الجمل والأرنب والوبر تجتر أو تبدو هكذا لكنها غير مشقوقة الظلف والخنزير له الظلف المشقوق ولكنه لا يجتر. فالله لا يقبل مظاهر بدون حياة داخلية فهذا رياء، ولا يوجد حياة داخلية دون أن يصاحبها سلوك.

أمثلة للحيوانات النجسة

كان الهنود والمصريين يمنعون أكل الجمل ويقولون أنه يصيب آكله بالقساوة والحقد وحب الإنتقام فهذه صفاته. ولا نقصد القول أن من يأكل لحمه تصيبه صفاته، لكن كما قلنا فعلى اليهودى التأمل فى صفات الحيوان النجس وأن يمتنع عن مثل هذه الصفات حتى لا يكون هو نجساً أيضاً. والوبر والأرنب يمثلان الرياء فهما يبدوان كحيوانين مجترين لكنهم غير ذلك. وبعض الحيوانات غير الطاهرة كانت تتعرض لأمراض تنقلها للإنسان فالخنزير يصيب الإنسان بالدود والأرنب بنوع من الجدرى وقد دلت الإحصاءات أن الشعب اليهودى كان أقل من غيره فى الأوبئة مثل الطاعون والكوليرا وكان متوسط أعمارهم أكبر من باقى الشعوب. وربما يرى اليهودى الأرنب فى جبنه ويتعلم أنه كمؤمن بالله لا يجب أن يخاف فالله يحميه. والوبر يُعرف بأنه شرس وبغضته مؤذية.

 

نجاسة الخنازير

يرمز للشره فى الأكل والدنس والنهم. والخنزير يرمز لكثرة الكلام (بسبب ضجيجه المستمر) ولنهمه الدنس وتهوره فى العلاقات الجنسية بطريقة دنسه شهوانية فاسقة كما أنه يتمرغ فى الوحل. يأخذ فى الصراخ إذا جاع ولا يهدأ إلا لو نال أكله من جديد. له نابان قويان يضرب بهما خصمه وهو شديد المكر والشراسة يتظاهر بالهروب أمام مطارديه حتى إن كان مطارده يركب حصاناً فإذا ما تعب مطارده كر عليه راجعاً وضربه بنابه ليقتله مت 7 : 6. وكأن الوحى حين يمنع أكل الخنزير يمنع اليهودى عن مثل هذه التصرفات. ونهاية الخنزير يسمن للذبح والهلاك. هذه نهاية الشهوانيون النهمون وفى أيام المسيح كان البعض يرعى الخنازير لا لأكلها بل لبيعها لليونان وللجيش الرومانى. وكان هؤلاء الرعاة يمثلون الإنسان محب المال على حساب طهارتهم ونقاوتهم، لذلك أعطى الرب درساً لرعاة خنازير كورة الجرجسيين حينما سمح للشياطين أن تخرج من المجنونين وتدخل فى القطيع فإندفع كله من على الجرف للبحر ومات فى المياه وليظهر الله نجاسة الخطية شبه مصير الإبن الضال بأنه أكل مع الخنازير.

جثثها لا تلمسوا = الموت مقترن بالخطية والعقوبة واللعنة فهو دخل بسبب الخطية وهناك حكمة صحية فالحيوان الميت يبدأ فى التحلل والتعفن ويصبح مأوى للجراثيم.

 

الأيات 9 – 12 :- و هذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف و حرشف في المياه في البحار و في الانهار فاياه تاكلون. لكن كل ما ليس له زعانف و حرشف في البحار و في الانهار من كل دبيب في المياه و من كل نفس حية في المياه فهو مكروه لكم. و مكروها يكون لكم من لحمه لا تاكلوا و جثته تكرهون. كل ما ليس له زعانف و حرشف في المياه فهو مكروه لكم.

الحيوانات المائية تعلن عن حاجة المؤمن إلى وسائط النعمة المختلفة من أسرار مقدسة وصلوات ومطانيات حتى يمارس الحياة الإيمانية العملية فى الرب. ولا نكتفى بالإيمان العقلى أو الإمتناع العقلى.

والشرط هنا لتكون السمكة طاهرة أن تكون لها زعانف تساعدها على السباحة فى الماء وحرشف أى قشور أو فلوس يحميها من البيئة التى تحيط بها. والزعانف والحرشف هذه هى وسائط النعمة التى تسند المؤمن ليسبح وسط مياه هذا العالم ووسط تياراته المختلفة بفعل روح الله الساكن فيه دون أن تجرفه التيارات المائية أما الحرشف هو عمل وسائط النعمة فى أن تحميه بالرب من كل مقاومة للشر ضده. ونجد فى مثل السيد المسيح مت 13 : 48 أن الصيادين يجلسون ليميزوا السمك الطاهر من النجس. وهذا ما كان الصيادين يفعلونه فعلاً فالشبكة تصطاد أى شئ. ومعلوم أن كل الأسماك ذات الزعانف والقشور هى أسماك صالحة للأكل ولا شك فيها، أما الأخرى فبعضها صالح للأكل وبعضها سام لا يؤكل وعليهم تجنب كل المشكوك فيه. وهكذا علينا فى الأمور التى فيها شك تجنبها كلية دون مخاطرة وهكذا قال بولس الرسول لن آكل لحماً 1كو 8 : 13

ويلاحظ أنه يقول يكون مكروه لكم وهذه تناظر كلمة نجس كأن الله يطلب أن نكره الخطية

 

الأيات 13 – 19 :- و هذه تكرهونها من الطيور لا تؤكل انها مكروهة النسر و الانوق و العقاب. و الحداة و الباشق على اجناسه. و كل غراب على اجناسه. و النعامة و الظليم و الساف و الباز على اجناسه. و البوم و الغواص و الكركي. و البجع و القوق و الرخم. و اللقلق و الببغا على اجناسه و الهدهد و الخفاش.

الطيور

إن كانت الحيوانات الطاهرة تشير لإرتباطنا بكلمة الله والإيمان الحى فينا الظاهر فى سلوكنا. والحيوانات البحرية تكشف عن الحاجة إلى وسائط النعمة. فإن الطيور تعلن عن الحاجة إلى السلوك العملى نحو إخوتنا. فالطيور التى تؤكل صفاتها

1-  لها أجنحة وتحلق فى السمويات بها.فهى لا تهتم بالأرضيات.

2-  لا تأكل الجيف والقاذورات

3-  لا تأكل اللحوم ولا تخطف تشير لمن يحيا فى سلام مع إخوته وليس بالدم يعيش.

4- لا تأكل أشياء نجسة مثل الثعابين والمعنى أن المؤمن الطاهر لا يعاشر الخطاة ولا يعيش على الخطية كما يأكل الثعبان طين الأرض.

5- أن تكون طيور طاهرة مثل الحمام واليمام وهذه تعتبر ضعيفة جداً بالنسبة للطيور القوية ولكنها طاهرة والطيور القوية نجسة

6- لا علاقة لها بالأوثان فبعض الطيور الممنوعة قدستها الشعوب للأوثان أو كان لها علاقة بالتفاؤل والتشائم كالبوم مثلاً وهذا ممنوع للمؤمن

7-  لا تعرف بأنها طيور تنقض على فريستها وتلتهمها (الهراطقة يخطفون المؤمنين)

وهذه الصفات التى يريدها الله أن تكون فى شعبه

أنواع الطيور الممنوعة

1- النسر :- يسمى ملك الطيور بسبب قوته وضخامته مع حدة بصره وإرتفاعه عالياً فى طيرانه. وعرفت النسور برعايتها الفائقة لصغارها، إذ تحوم حولها حتى تقدر النسور الصغيرة على الطيران (خر 19 : 4) لذلك يشبه الكتاب المقدس الله فى محبته ورعايته بالنسر تث 32 : 11. ويشبه المؤمن بالنسر مز 103 : 5 لأن النسر يعمر طويلاً. وأحد الكاروبين له شكل النسر. وإنجيل يوحنا الذى يحدثنا عن لاهوت المسيح يرمز له بالنسر. ولكن لأن النسر فى نفس الوقت رمز للعنف والسرعة فى الخطف إعتبر نجساً لا يأكلوه. بل شبهت الأمم المعادية لهم بالنسر لأنها ستقوم بإختطاف أولادهم فى السبى حب 1 : 8 + تث 28 : 49، 50. ونفس الشئ حدث مع الأسد. فالمسيح شبه بالأسد “هوذا الأسد الخارج من سبط يهوذا” والشيطان شبه بالأسد الزائر الذى يلتمس من يبتلعه. والنسر له عادة لطيفة فهو يأخذ صغاره على جناحيه ويطير عالياً ويهبط فجأة تاركاً صغاره ليتعلموا الطيران ولكن عينيه تكون عليهم فإذ يخوروا يأخذهم على جناحيه ثانياً. وهكذا فالله يعلمنا أن نجاهد لنحلق فى السماويات هازمين عدو الخير، لكن فى بعض الأحيان يبدو أنه قد تركنا لكن عيناه تكون علينا دائماً.

2- الأنوق :– يسمى كاسر العظام فهو يجد لذته فى كسر عظام الحيوانات التى سبق وأكلتها الجوارح من قبل بأن يحملها عالياً ويلقيها على الصخور فتنكسر ليأكل نخاعها

3-  العقاب :- من الطيور الكاسرة ويتغذى على الجيف

4-  الحدأة :– من الجوارح ولونها أسود

5-  الباسق :- تشبه الحدأة ومن الجوارح وتكثر الصياح والصراخ

6- الغراب :- يسمونه طائر الليل لشدة سواده وهذا معنى أسمه فى العبرية راجع نش 5 : 11. يأكل الجيف لذلك لم يرجع لفلك نوح. ومن شراهته يملأ الجو نعيباً إذا جاع. وهو مغرم بتقوير عين فريسته. ولذلك كان من الإعجاز الذى قصده الله أن غراباً يطعم إيليا النبى والأنبا بولا. وإذ أن فراخه يكون لونها أبيض يخاف منها ويتركها ولا يطعمها، لكن الله ( الذى يعطى طعاماً لفراخ الغربان مز 9:147) أعطى أن تفرز هذه الفراخ سائل له رائحة تجذب الحشرات فتتغذى الفراخ عليها حتى يسود لونها فيعود لها والديها.

7- النعامة :- معروفة بالرعونة والجفاء. هى تضع بيضها ثم تضعه فى صف وتحضن كل بيضة مدة وتتركها لتحضن غيرها. غير أنها وصفت بالحمق لأنها تنسى بيضها وتحضن بيض غيرها، ولأنها لا تصنع عشاً تضع فيه بيضها ولأنها تدفن رأسها فى الرمال حين ترى الصياد وصوتها كالصراخ والنحيب

8-  الظليم :- ذكر النعام

9-  السأف :- يقتات على الأسماك والحشرات والجيف

10الباز :- من الجوارح ويأكل لحم بنى جنسه حتى أن كانت زوجته أو والديه

11-البوم :– تسكن الخرائب والصخور وتختفى بالنهار وتظهر بالليل وتأكل الفئران

       والحشرات  وتهاجم الطيور فى أعشاشها وتفترسها وتأكل بيضها وأفراخها.

12-الغواص :- وهو طائر يغوص فى الماء ويصطاد السمك ليأكله. وقال أحدهم أنه رأى

        طائر غواص وقد أصطاد سمكة وخرج بها من الماء فخطفها منه غراب فغاص ثانية

       وخرج ومعه سمكة فخطفها منه الغراب وتكرر هذا لمرة ثالثة فلما أنتهى الغراب من

       الثالثة هاجمة الغوص وأمسك برجله وغاص فى الماء حتى غرق الغراب فالغواص له قدرة

       على البقاء تحت الماء فترات طويلة

13-الكركى :– له صياح كصياح البوم ويعيش فى الأماكن القذرة والكهوف والخرائب

14-البجع :- يتغذى على الأسماك والضفادع ومنه أنواع سوداء وكريهة الرائحة

15-القوق :- يسكن البرارى والخرائب

16-الرحم :- إسمه مشتق من كلمة رحمة فهو مشهور بالعطف على صغاره ولكنه يسكن

               الخرائب  ويأكل الحشرات والجيف فهو يشير للإنسان الذى يختلط فيه أعمال البر وأعمال الشر

17-اللقلق :- له جناحان لونهما أسود وقويان (زك 5 : 9) يعيش على الضفادع والحشرات وإن لم يجد ما يقتات به منهما يقتات على القاذورات

18-الببغاء :- يكرر كلام الناس دون أن يدرى معناه. ومعنى إسمه فى العبرية غضوب أوقاس

          ويأكل الهوام والفئران لذلك إعتبر نجساً.

19-الهدهد :- يدعى إسمه فى العبرية dukiphath  وهذه قد تنقسم إلى دوك (بمعنى ديك) + فت (بمعنى زبل) ويكون معنى إسمه ديك الزبل أو دو (ذو) + كيفا (الصخر) ويكون معنى إسمه ذو الصخر. فهو يبنى أعشاشه فى الصخور وفى الزبل ولذلك فهو كريه الرائحة فى أثناء فترة إحتضانه للبيض (أسبوع). ويأكل أحشاء الجيف ونفايات الطعام ومن مميزاته أنه لو ماتت زوجته يظل يصيح ويقلل أكله ولا يتزوج بغيرها إلى أن يموت

20-الخفاش :- هو حيوان ثديي لا يبصر جيداً فى النور الساطع لذلك يختفى فى النهار ويبصر جيداً فى النور الضعيف لذلك فهو يطير فى بداية الليل ليصطاد الهوام كالذباب والبعوض ليأكلها. وهو لا يبصر فى الظلام الحالك ومع ذلك لا يصطدم لأنه يرسل أصواتاً تصطدم بالأجسام التى فى طريقه وترتد له فلا يصطدم بها. ومنه أخذت فكرة الرادار. وهو يسكن الأماكن القذرة والكهوف وهو كريه الرائحة

 

الأيات 20 – 23 :- و كل دبيب الطير الماشي على اربع فهو مكروه لكم. الا هذا تاكلونه من جميع دبيب الطير الماشي على اربع ما له كراعان فوق رجليه يثب بهما على الارض. هذا منه تاكلون الجراد على اجناسه و الدبا على اجناسه و الحرجوان على اجناسه و الجندب على اجناسه. لكن سائر دبيب الطير الذي له اربع ارجل فهو مكروه لكم.

الحشرات والهوام

وأسماها دبيب الطير. فهى تطير وتزحف وقوله الماشى على أربع = أى ما يمشى على أرجلهكذوات الأربع. إذاً المقصود بدبيب الطير الحشرات التى لها أجنحة وتطير وفى نفس الوقت لها أرجل تسير بها عل الأرض. وفى هذا تختلف عن قوله دبيب فقط (آية 29) فهنا يشير لما يدب على الأرض فقط وليس له أجنحة. والحشرات بوجه عام مكروهة، أى يجب الإمتناع عنها ما عدا أربع أنواع وهى الجراد والدبا والحرجوان والجندب. وجميعها من أنواع الجراد والدبا هو الجراد عند خروجه من بيضه. والجراد له ستة أرجل. والحرجوان هو نوع كبير من الجراد ذو سنام وذنب والجندب إسمه فى العبرانية حجب لأنه يستر ويغطى الأرض ويتلف الحقول وهو ذو ذنب وبلا سنام. والحرجوان لأن جسمه كبير يثب ولا يطير.

وقد حلل أكل الحشرات الطيارة التى لها كراعان أى ساقان أو كارعان والمقصود بهما أن الرجلين الخلفيتين أطول من الأماميتين لأن بهما ساقين طويلتين. وكأن الرجل الخلفية تتكون من ثلاثة أجزاء :- جزء يقابل الفخذ فى الحيوان وجزء يقابل الساق (الكراع) وجزء يقابل القدم وهذا التركيب يساعد على القفز.

وبذلك نفهم أن الجراد ينطبق عليه هذه المواصفات فهو له أربع أرجل مقدمة + رجلان (كراعان) للقفز + أجنحة للطيران. وهذا معنى دبيب الطير الماشى على أربع وما له كراعان يثب بهما. وقوله إلا هذا لا تأكلونه أن كل الحشرات يمنع أكلها إلا ما ينطبق عليه هذه المواصفات.

 

الأيات 24 – 28 :- من هذه تتنجسون كل من مس جثثها يكون نجسا الى المساء. و كل من حمل من جثثها يغسل ثيابه و يكون نجسا الى المساء. و جميع البهائم التي لها ظلف و لكن لا تشقه شقا او لا تجتر فهي نجسة لكم كل من مسها يكون نجسا. و كل ما يمشي على كفوفه من جميع الحيوانات الماشية على اربع فهو نجس لكم كل من مس جثثها يكون نجسا الى المساء. و من حمل جثثها يغسل ثيابه و يكون نجسا الى المساء انها نجسة لكم.

لمس الحيوانات الميتة نجاسة

من هذه تتنجسون = أى أن لمس ما يأتى يسبب نجاسة. ونلاحظ أنه كمبدأ عام فالموت يعتبر نجاسة، لأنه ناشئ عن الخطية والتلامس مع ميت رمزياً يشير للتلامس مع الخطية أو معاشرة الخطاة. فإذا كان الميت حيوان نجس تأكدت النجاسة. أضف لهذا السبب الطبى وهو إحتمال نقل عدوى من الجثث.فالله أقام من نفسه طبيباً لهذا الشعب الجاهل. هو كان لهم كل شىء.

ونلاحظ هنا تدرج النجاسة فمن مس جثتها فقط يصير نجساً إلى المساء ولكن من حملها(ربما يحمل جثة إلى خارج المحلة) هذا يتنجس أكثر ويضطر لغسل ثيابه وهذا يشير إلى إحتياجه للماء للغسل والتطهير. فمن مس فقط هذا يشير لمن يلمس بدون علم ولكن من حمل فهو يعلم أنها خطية وإرتكبها، هذا يحتاج للتطهير والتوبة (غسل بالماء)

كل ما يمشى على كفوفه = الكفوف تعنى البراثن أى كل الحيوانات التى أطرافها ذوات أصابع أو براثن كالأسد والدب والقرد والذئب والهر والكلب…. الخ

والنجس حتى المساء = هو ممنوع أن يدخل بيت الرب أو يخالط الأطهار أويأكل من الذبائح أو يمس شيئاً مقدساً.

 

الأيات 29، 30 :- و هذا هو النجس لكم من الدبيب الذي يدب على الارض ابن عرس و الفار و الضب على اجناسه. و الحرذون و الورل و الوزغة و العظاية و الحرباء.

الدبيب نجد هنا الدبابات النجسة. فأكلها ينجس ومس جثثها ينجس

1- إبن عرس :- شكله كالنمس يفترس الفئران والحيوانات الصغيرة ويأكل الجيف كما يؤذى الأطفال الصغار ويخطف الأشياء اللامعة كالنقود ويخفيها فى جحره

2-  الفأر :- مخرب للغاية ويحمل الأوبئة ويهاجم الكتب ويفسدها ويفسد الطعام ويسرقه

3-  الضب :- حيوان برى يشبه التمساح يسكن البرارى ويتلون بحسب البيئة التى يوجد فيها.

4-  الوزغة :- إسمها بالعبرية لطاه من لطأ بالأرض ومعناها لصق بالأرض

5- الحرذون :- ومعنى إسمه صراخ وعويل ونواح وهو يشبه البرص وعلى ظهره بقع بيضاء كالبرص (ولذلك يسمونه أبى بريص)

6-  الورل :- قريب جداً من الحرباء ويتلون حسب البيئة ولا يبنى لنفسه بيتاً بل يغتصب بيوت الأخرين

7-  العظاية :- نوع من الوزغ شكلها يقارب الحرباء

 

الأيات 31 – 40 :- هذه هي النجسة لكم من كل الدبيب كل من مسها بعد موتها يكون نجسا الى المساء. و كل ما وقع عليه واحد منها بعد موتها يكون نجسا من كل متاع خشب او ثوب او جلد او بلاس كل متاع يعمل به عمل يلقى في الماء و يكون نجسا الى المساء ثم يطهر. و كل متاع خزف وقع فيه منها فكل ما فيه يتنجس و اما هو فتكسرونه. ما ياتي عليه ماء من كل طعام يؤكل يكون نجسا و كل شراب يشرب في كل متاع يكون نجسا. و كل ما وقع عليه واحدة من جثثها يكون نجسا التنور و الموقدة يهدمان انها نجسة و تكون نجسة لكم. الا العين و البئر مجتمعي الماء تكونان طاهرتين لكن ما مس جثثها يكون نجسا. و اذا وقعت واحدة من جثثها على شيء من بزر زرع يزرع فهو طاهر. لكن اذا جعل ماء على بزر فوقع عليه واحدة من جثثها فانه نجس لكم. و اذا مات واحد من البهائم التي هي طعام لكم فمن مس جثته يكون نجسا الى المساء. و من اكل من جثته يغسل ثيابه و يكون نجسا الى المساء و من حمل جثته يغسل ثيابه و يكون نجسا الى المساء.

مس جثث الدبيب ينجس

من مس جثث أى من هذا الدبيب يتنجس إلى المساء والسبب أن الدبيب الذى يدب على الأرض ملتصق بالطين والأرض والله يريد شعبه أن يرفع عينيه للسماء ويترجاها وتكون صفاته سماوية. أضف لهذا أن الموت نجس ويساوى الخطية. والسبب الصحى الطبى آية (32) إذا سقطت جثة أحدها على إناء يمكن غسله كإناء خشب أو ثياب من الصوف أو الكتان أو الجلد يجب أن تغسل ولا يستعمل حتى المساء حتى يطهر من أى إحتمال للعدوى والبلاس = قماش مصنوع من شعر المعزى أو غيره كمسوح آية (33) إن سقطت الجثة فى أناء خزف يكسرونه، فالميكروبات يمكن أن تتسلل إلى مسامه. والآنية الخزفية تشير للإنسان فهى من طين الأرض والإنسان من طين الأرض وهى ضعيفة والإنسان ضعيف (2كو 4: 7 + أر 18، 19). فإذا فسد الإنسان وكان لا أمل فى توبته يكسر أى يهلك. فلا يوجد سوى طريقتين

أ‌-     متاع يمكن غسله بالماء، إذاً يغسل ويتطهر (إشارة لإمكانية التوبة)

ب‌-متاع أو إناء خزفى لا يمكن غسله يكسر (إشارة لهلاكه)

فلنقدم توبة ونغتسل من خطايانا لئلا نهلك.

آية (34) إن سقط على الطعام به سائل كالماء أو الزيت لا يؤكل، واليهود فهموا أن قوله ماء هنا مقصود به إعداد الطعام بالماء أو أى سوائل كالزيت.

آية (35) تنور = تن + نور وكلمة تن = مخبز أو أتون ونور تعنى نار إذاً تنور تعنى فرن. ولو سقط على الفرن يهدم ويعاد بناؤه فهو لا يمكن غسله.

آية (36) لو سقط على عين أو بئر مجتمعى المياه = تكونان طاهرتين لأن ماءهما متجدد ويكتفى بنزح الماء منها حيث سقطت الجثة.

وقارن هذه الآية مع آية (34) ففى (34) الجثة سقطت على ماء راكد داخل إناء فيتنجس الإناء ولكن إذا سقطت على ماء جارى لا يتنجس. فالخطية إذا أصابت إنسان لا يعطى فرصة للروح أن يعمل فيه تنجسه الخطية ومن تصيبه خطية لكن يعطى فرصة للروح القدس أن يبكته فيتوب هذا لا يتنجس. الماء الجارى يشير لعمل الروح القدس المستمر فى تجديد طبيعة الإنسان

الأيات (37، 38) إن سقط على بذور جافة لا تحسب نجاسة أما إذا كانت البذور مبللة فلا تستخدم. فالزرع والنبات الحى كالماء المتجدد لأنه ينمو إذاً هو حى لا يتنجس وهو يستمد دائماً مواد جديدة من التربة والهواء لأن له جذور هكذا كل من يشرب من الماء الذى يعطيه المسيح أى يستمد قوة تطهير مستمرة من الروح القدس هذا لا يتنجس. أما لو وضع البذور فى أناء ووضع عليه ماء ثم سقط عليه جثة نجسة يتنجس فالماء هنا يساعد على تفتيح البذور فتصبح عرضة للتلوث مثل من تفتحت حواسه لخطايا العالم.

آية (39) حتى الحيوانات الطاهرة لو ماتت تصبح نجسة. هذا يعنى لو ماتت بطريق غير الذبح. فالموت يشير للخطية كما قلنا.

آية (40) ومن أكل من جثته = يعنى من أكل دون أن يعلم أنه ميت فإن من يأكل جثة حيوان مات بغير طريق الذبح تقطع تلك النفس تث 14 : 21.

 

الأيات 41 – 45 :- و كل دبيب يدب على الارض فهو مكروه لا يؤكل. كل ما يمشي على بطنه و كل ما يمشي على اربع مع كل ما كثرت ارجله من كل دبيب يدب على الارض لا تاكلوه لانه مكروه. لا تدنسوا انفسكم بدبيب يدب و لا تتنجسوا به و لا تكونوا به نجسين. اني انا الرب الهكم فتتقدسون و تكونون قديسين لاني انا قدوس و لا تنجسوا انفسكم بدبيب يدب على الارض. اني انا الرب الذي اصعدكم من ارض مصر ليكون لكم الها فتكونون قديسين لاني انا قدوس.

الزواحف هى مكروهة لأنها تدب على الأرض وتلمس التراب فهى تشبه الإنسان الذى يشتهى تراب هذا العالم فإنحط قدره ووصل للتراب. والله يسميها مكرهة ليرفع أنظارهم للسماويات

آية (42) هذا الدبيب ثلاثة أنواع وما يمشى على بطنه = كالحية ليذكرهم بعقوبة الحية وأنها ستأكل التراب تك 3 : 14 وما يمشى على أربع = كالعقارب وما كثرت أرجله مثل أم أربعة وأربعين والدود وآية (43) تشديد ثلاثى بمنع النجاسة ليؤكد المعنى

آية (45) أنا الرب الذى أصعدكم من أرض مصر = بعد أن حررتكم لا تعودوا للعبودية ثانية

 

الأيات 46، 47 :- هذه شريعة البهائم و الطيور و كل نفس حية تسعى في الماء و كل نفس تدب على الارض. للتمييز بين النجس و الطاهر و بين الحيوانات التي تؤكل و الحيوانات التي لا تؤكل

هى شريعة أبدية. وقوله الحيوانات التى تؤكل = هى أخص من قوله الحيوانات الطاهرة فقد يكون هناك حيوان طاهر ولكنه لا يؤكل، فمثلاً لأنه مات وليس بطريق الذبح

ملاحظات ختامية

1- لاحظ أن اليهودى كان عليه أن يسير حذراً فى كل لحظة يراقب الأرض لئلا يلمس ما يدب أو يلمس جثة حيوان وعليه أن يراقب الهواء (الطيور) والماء (السمك) وهكذا هو فى كل لحظة يراقب ما حوله حتى لا يتنجس، وهم تدربوا على هذا جيداً وعلى كل مسيحى أن يفعل نفس الشئ ويراقب كل ما حوله لأن خصمنا إبليس يجول يلتمس من يبتلعه.

2- رأى بطرس الرسول السماء مفتوحة وإناء نازلاً عليه مثل ملاءة عظيمة بها كل أنواع الحيوانات طاهرة ونجسة وصوت قائل إذبح وكل وتكررت ثلاث مرات وتكرر الصوت ثلاث مرات يشير إلى أن الحياة المقامة فى المسيح لم يعد فيها هذا التمييز. وتشير لقبول الأمم الذين كانوا قبلاً معتبرين نجسين لإنفصالهم عن الله وبعد المسيح صار الكل واحداً 1تى 4 : 4. إذاً فقد كانت نجاسة هذه الحيوانات فى كونها رمز والرمز إنتهى بمجئ المرموز إليه.

3- آية 42 بها كلمة بطن وكلمة بطن هنا فى العبرية بها حرف “واو” وهو يتوسط حروف الأسفار الخمسة وكان الكتبة يستخدمونه كدليل لمراجعة صحة النقل وذلك بعد الحروف حرفاً حرفاً فيما قبله وفيما بعده وهذا يبين الإهتمام الكبير الذى به صان اليهود نص العهد القديم القرون الطويلة

4-  صفات المسيحى الطاهر فى ضوء هذا الإصحاح

أ‌-  يلهج فى كلمة الله (يجترها) + يصلب الأهواء والشهوات (يشق الظلف) + يتغذى على مراعى الله الخضراء أى كلمة الله (وليس آكل لحوم البشر) = شريعة الحيوانات الطاهرة

ب‌-يستعمل وسائط النعمة (صلاة وصوم + أسرار…….) لتساعده فى أن يسلك فى وسط تيارات العالم وتحميه من الأوساط المعادية = شريعة الأسماك الطاهرة

ت‌-يحلق فى السماويات (طير) + لا يخطف ولا يعيش على الجيف = شريعة الطيور الطاهرة

ث‌- لا يشتهى الأرضيات ويلتصق بالطين = شريعة نجاسة الدبيب

ج‌-  لقد حررنا المسيح فلنضع نحن القيود على أنفسنا بحريتنا ونتقدس لأن إلهنا قدوس.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى