تفسير سفر نحميا 13 للقمص تادرس يعقوب

تقديس وتطهير

في قصة بناء سور أورشليم ما كان يحرك قلب نحميا هو الغيرة المتقدة نحو مجد الله، فلم يكن بناء سور أورشليم في ذاته يشغله، إنما لأنه سور مدينة الله التي يليق أن تكون مقدسة للرب ومحاطة بسور مدشن.

إن كان قد اهتم نحميا بالسور، فإن السور لا قيمة له بدون شعب مقدس للرب. لهذا ختم السفر بموقف القادة والشعب للعمل لحساب ملكوت الله. إنه يهتم بحركة تطهير على مستوى القادة أيا كان مركزهم والشعب دون محاباة.

يرى البعض أن نحميا بقي في البلاط الملكي لسنوات، بعدها أستأذن الملك ليعود إلى أورشليم. وإن كان البعض يرى أنه لم يبق هناك هذه المدة الطويلة، إنما كما جاء في السفر نفسه أنه قضى أيامًا كثيرة، قيل تبلغ أسابيع أو شهور.

ما يشغلنا ليس الجانب التاريخي، أو المدة التي قضاها هناك، إنما في عودته وجد أربعة تعديات خطيرة، فوضع في قلبه أن يقوم بإصلاح الموقف بغير ترددٍ.

أ. تحالف ألياشيب رئيس الكهنة مع طوبيا (العموني) [4] أحد كبار المقاومين لإعادة بناء السور، ربما خلال النسب، كما فعل هذا مع سنبلط [28].

 ب. توقف الشعب عن دفع العشور والتقدمات (مل 3: 8-12). نسي الشعب ما تعهد به، وتشتت اللاويون حيث انطلقوا للعمل في الأراضي والحقول [10-13].

ج. كسروا السبت، حيث جاءوا بالبضائع ليعدوها للبيع، وإن كانوا لم يبيعوها في السبت.

د. رجعوا إلى الزيجات المختلطة بالوثنيات (مل 2: 11-16). الأطفال نشأوا لا يعرفون التكلم بالعبرية، وبالتالي كانوا عاجزين عن قراءة الكتاب المقدس [23-24].

اضطر نحميا أن يستخدم العنف مع المتعدين، من بينهم حفيد رئيس الكهنة.

تمررت نفس نحميا، لأنه رأى الفساد الذي حلّ بشعبه، لكن ما قد فعله لم يذهب هباءً، فإن الله يذكر ما فعله نحميا بالخير [30-31].

 

1. عطاء غرفة خاصة في الهيكل لطوبيا 1-9

فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قُرِئَ فِي سِفْرِ مُوسَى فِي آذَانِ الشَّعْبِ،

وَوُجِدَ مَكْتُوبًا فِيهِ

أَنَّ عَمُّونِيًّا وَمُوآبِيًّا لاَ يَدْخُلُ فِي جَمَاعَةِ اللَّهِ إِلَى الأَبَدِ. [1]

توجد هذه العبارات في تث 23: 3-5.

لأَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْخُبْزِ وَالْمَاءِ،

بَلِ اسْتَأْجَرُوا عَلَيْهِمْ بَلْعَامَ لِيَلْعَنَهُمْ،

وَحَوَّلَ إِلَهُنَا اللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ. [2]

قراءة الكتاب المقدس في المخدع تساعد النفس على إدراكها لضعفاتها، وتلهبها بالشوق نحو الحياة المقدسة، والتمتع بخبرة الحياة السماوية. كذلك قراءته علانية وسط الشعب لها أثرها على الشعب ككلٍ. هنا نرى الشعب يتجاوب مشتاقًا إلى الطاعة لكلمة الله. لقد انكشفت خطايا شبه جماعية تُحسب شركًا أو شباكًا نصبها العدو لتحطيم الشعب ككلٍ.

وَلَمَّا سَمِعُوا الشَّرِيعَةَ فَرَزُوا كُلَّ اللَّفِيفِ مِنْ إِسْرَائِيلَ. [3]

يليق بنا أن نميز بين محبة الله لكل البشرية، إذ يدعو كل الأمم الخلاص (إش 42: 6)، وبين اعتزال المؤمنين فاعلي الشر (هو 7: 8)، المقاومين للحق، والمعثرين للمؤمنين.

غالبًا ما يقصد باللفيف أو الغرباء الموآبيين والعمونيين. نصت الشريعة صراحة ألا يُسمح لأحد من هذين الشعبين بالدخول إلى الهيكل، لأنهما كانا يحملان عداوة شديدة ضد بني إسرائيل. لا علاقة هنا بالتمييز العنصري، فقد أتاح الله للغرباء تقديم ذبائح (عد15: 15، 16).

وَقَبْلَ هَذَا كَانَ أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْمُقَامُ عَلَى مِخْدَعِ بَيْتِ إِلَهِنَا قَرَابَةُ طُوبِيَّا [4]

كان للدخول في رباطات عائلية مع وثنيين وصداقات لها خطورتها حتى على رئيس الكهنة، فاستخف بالمقدسات الإلهية ودنَّس الهيكل.

قَدْ هَيَّأَ لَهُ مِخْدَعًا عَظِيمًا،

حَيْثُ كَانُوا سَابِقًا يَضَعُونَ التَّقْدِمَاتِ وَالْبَخُورَ وَالآنِيَةَ وَعُشْرَ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ،

فَرِيضَةَ اللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ وَرَفِيعَةَ الْكَهَنَةِ. [5]

        استخدم ألياشيب الكاهن نفوذه، واستولى على حجرة في الهيكل كان اللاويون يضعون فيها التقدمات والبخور والآنية المقدسة الخ، وأعطاها لحميه طوبيا، أحد كبار المقاومين لإعادة بناء السور (نح 2، 4، 6).

وَفِي كُلِّ هَذَا لَمْ أَكُنْ فِي أُورُشَلِيمَ،

لأَنِّي فِي السَّنَةِ الاِثْنَتَيْنِ وَالثَّلاَثِينَ لأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ بَابَِلَ،

دَخَلْتُ إِلَى الْمَلِكِ وَبَعْدَ أَيَّامٍ اسْتَأْذَنْتُ مِنَ الْمَلِكِ [6]

لو كان نحميا في أورشليم لما تجاسر ألياشيب الكاهن أن يفعل هذا الأمر.

وَأَتَيْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.

وَفَهِمْتُ الشَّرَّ الَّذِي عَمِلَهُ أَلْيَاشِيبُ لأَجْلِ طُوبِيَّا،

بِعَمَلِهِ لَهُ مِخْدَعًا فِي دِيَارِ بَيْتِ اللَّهِ. [7]

كان على نحميا أن يعود إلى بابل عام 433 ق.م، أي بعد 12 عامًا من ذهابه إلى أورشليم، إما لأنه كان قد حدد هذا الموعد حين أخذ إذنًا من الملك بالسفر، أو أن الملك أرتحشستا استدعاه للتعرف على الموقف.

وَسَاءَنِي الأَمْرُ جِدًّا،

وَطَرَحْتُ جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طُوبِيَّا خَارِجَ الْمُِخْدَعِ [8]

في حزمٍ طرد نحميا طوبيا العموني من المخدع الذي أعطاه إياه ألياشيب الكاهن، وطرح كل أمتعته خارجًا. هكذا فعل السيد المسيح حين دخل الهيكل، وطرد باعة الحمام والصيارفة، لأنهم جعلوا بيت الصلاة مغارة لصوص (مت 21: 13؛ مر 11: 17؛ لو 19: 46).

يليق بنا أن نكون كنحميا حازمين مع أنفسنا، فنطرد من هيكل الرب الحي الذي في داخلنا كل الأمور التي تثير فينا الشهوات الشريرة. يليق أن ترجع الأواني المقدسة إلى بيت الرب.

وَأَمَرْتُ فَطَهَّرُوا الْمَخَادِعَ،

وَرَدَدْتُ إِلَيْهَا آنِيَةَ بَيْتِ اللَّهِ،

مَعَ التَّقْدِمَةِ وَالْبَخُورِ. [9]

يدخل يسوع كل يوم إلى هيكل أبيه ويطرد من كنيسته في كل العالم أساقفة وكهنة وشمامسة وشعبًا موجِّهًا إليهم ذات الاتهام، أنهم يبيعون ويشترون. وما أقوله عن الكنائس يطبِّقه كل واحد على نفسه، إذ يقول الرسول: “أنتم هياكل الله وروح الله ساكن فيكم”. ليخُل بيت قلبنا من كل تجارة ومقر للبائعين والمشترين ومن كل رغبة للحصول على هدايا، لئلا يدخل الرب ثائرًا ويُطهّر هيكله بلا تراخٍ بطريقة أخرى غير السوط، فيُقيم من مغارة اللصوص وبيت التجارة بيتًا للصلاة.

القديس جيروم

فاصل

2. تقديم العشور للاويين 10-14

وَعَلِمْتُ أَنَّ أَنْصِبَةَ اللاَّوِيِّينَ لَمْ تُعْطَ،

بَلْ هَرَبَ اللاَّوِيُّونَ وَالْمُغَنُّونَ عَامِلُو الْعَمَلِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى حَقْلِهِ. [10]

إن كان يليق بخدام الله أن يزهدوا أمور العالم، فإنه من واجب المؤمنين مساندة الكنيسة للإنفاق على الخدام واحتياجات الخدمة.

هنا لم يعد الشعب يقوم بإعالة اللاويين، لذلك اضطروا إلى العودة إلى مزارعهم لإعالة أسرهم، مهملين التزاماتهم من جهة خدمة الهيكل.

لعل الشعب امتنع عن الدفع للهيكل، لأنهم لاحظوا أن اللاويين والمغنين لهم حقول، بينما كانت الوصية للاويين أن نصيبهم هو الرب.

فَخَاصَمْتُ الْوُلاَةَ وَقُلْتُ:

لِمَاذَا تُرِكَ بَيْتُ اللَّهِ؟

فَجَمَعْتُهُمْ وَأَوْقَفْتُهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ. [11]

ألقى نحميا باللوم أولًا على الولاة، لأنهم أهملوا في حق بيت الرب والذين يخدمون فيه.

وَأَتَى كُلُّ يَهُوذَا بِعُشْرِ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ إِلَى الْمَخَازِنِ [12]

وَأَقَمْتُ خَزَنَةً عَلَى الْخَزَائِنِ:

شَلَمْيَا الْكَاهِنَ وَصَادُوقَ الْكَاتِبَ وَفَدَايَا مِنَ اللاَّوِيِّينَ،

وَبِجَانِبِهِمْ حَانَانَ بْنَ زَكُّورَ بْنِ مَتَّنْيَا،

لأَنَّهُمْ حُسِبُوا أُمَنَاءَ،

وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى إِخْوَتِهِمْ. [13]

إن كان قد ألقى نحميا باللوم على الولاة وسائر الشعب، فإنه أخذ موقفًا جادًا مع اللاويين، وهو أن يرجعوا إلى مواضعهم اللائقة، أي العمل في بيت الرب لا في الحقول.

كان نحميا مُصلحًا عمليًا، لا بإصدار أوامر مُلزمة، وإنما بدراسة كل مشكلة وإيجاد الحلول العملية.

اذْكُرْنِي يَا إِلَهِي مِنْ أَجْلِ هَذَا،

وَلاَ تَمْحُ حَسَنَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا نَحْوَ بَيْتِ إِلَهِي وَنَحْوَ شَعَائِرِهِ. [14]

فاصل

3. حفظ السبت 15-22

في تِلْكَ الأَيَّامِ رَأَيْتُ فِي يَهُوذَا قَوْمًا يَدُوسُونَ مَعَاصِرَ فِي السَّبْتِ،

وَيَأْتُونَ بِحُزَمٍ،

وَيُحَمِّلُونَ حَمِيرًا،

وَأَيْضًا يَدْخُلُونَ أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بِخَمْرٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ،

وَكُلِّ مَا يُحْمَلُ،

فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَيْعِهِمِ الطَّعَامَ. [15]

كان المؤمنون ملتزمين بحفظ يوم السبت من الغروب يوم الجمعة إلى الغروب يوم السبت.

قيل: “هكذا قال الرب: تحفظوا بأنفسكم، ولا تحملوا حملًا يوم السبت، ولا تدخلوه في أبواب أورشليم. ولا تخرجوا حملًا من بيوتكم يوم السبت، ولا تعملوا شغلًا، ما بل قدسوا يوم السبت كما أمرت آباءكم” (إر 17: 21-22).

وَالصُّورِيُّونَ السَّاكِنُونَ بِهَا،

كَانُوا يَأْتُونَ بِسَمَكٍ وَكُلِّ بِضَاعَةٍ وَيَبِيعُونَ فِي السَّبْتِ

لِبَنِي يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ. [16]

فَخَاصَمْتُ عُظَمَاءَ يَهُوذَا وَقُلْتُ لَهُمْ:

مَا هَذَا الأَمْرُ الْقَبِيحُ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ وَتُدَنِّسُونَ يَوْمَ السَّبْتِ؟ [17]

أَلَمْ يَفْعَلْ آبَاؤُكُمْ هَكَذَا،

فَجَلَبَ إِلَهُنَا عَلَيْنَا كُلَّ هَذَا الشَّرِّ،

وَعَلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ،

وَأَنْتُمْ تَزِيدُونَ غَضَبًا عَلَى إِسْرَائِيلَ،

إِذْ تُدَنِّسُونَ السَّبْتَ. [18]

 وَكَانَ لَمَّا أَظْلَمَتْ أَبْوَابُ أُورُشَلِيمَ قَبْلَ السَّبْتِ،

أَنِّي أَمَرْتُ بِأَنْ تُغْلَقَ الأَبْوَابُ،

وَقُلْتُ أَنْ لاَ يَفْتَحُوهَا إِلَى مَا بَعْدَ السَّبْتِ.

وَأَقَمْتُ مِنْ غِلْمَانِي عَلَى الأَبْوَابِ،

حَتَّى لاَ يَدْخُلَ حِمْلٌ فِي يَوْمِ السَّبْتِ. [19]

فَبَاتَ التُّجَّارُ وَبَائِعُو كُلِّ بِضَاعَةٍ خَارِجَ أُورُشَلِيمَ مَرَّةً وَاثْنَتَيْنِ. [20]

فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ وَقُلْتُ لَهُمْ:

لِمَاذَا أَنْتُمْ بَائِتُونَ بِجَانِبِ السُّورِ؟

إِنْ عُدْتُمْ فَإِنِّي أُلْقِي يَدًا عَلَيْكُمْ.

وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْتُوا فِي السَّبْتِ. [21]

لم ينتظر نحميا إلى وقت بيعهم البضاعة، أشهد عليهم وهم بائتون بجانب السور. هكذا أراد اقتلاع جذر الخطية قبل أن تنبت وتأتي بثمرٍ. حسن للإنسان ألا يتهاون مع الخطية في بدء انطلاقها ولو في شكل فكر خفي، حتى لا تتحول إلى عمل، وربما فيما بعد تصير عادة. لنطرد الذين يبيتون بجانب السور قبل أن يدخلوا المدينة ويدنسوا يوم الرب.

إلقاء اليد عليهم كحاكم يعني أنه يأمر بسجنهم.

وَقُلْتُ لِلاَّوِيِّينَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا،

وَيَأْتُوا وَيَحْرُسُوا الأَبْوَابَ لأَجْلِ تَقْدِيسِ يَوْمِ السَّبْتِ.

بِهَذَا أَيْضًا اذْكُرْنِي يَا إِلَهِي،

وَتَرَأَّفْ عَلَيَّ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِكَ. [22]

اعتاد نحميا أن يختم كل عمل إصلاحي بصلاة لله، حاسبًا أن ما يتحقق ليس فضلًا منه، وإنما برحمة الله الكثيرة، أو غنى نعمته الفائقة. إنه يرد كل عمل صالح لرحمة الله العامل فيه.

*     كيف إذن يمكن إتمام وصية الله ولو بصعوبة بدون عونه، حيث أنه ما لم يبنِ الرب باطلًا يتعب البنّاء [1].

*     لماذا تعتمد على ذاتك وتسقط؟ الق بنفسك على ذراعيه. لا تخف. إنه لن يتركك تنزلق. القِ بنفسك في يقين، فإنه يتلقفك ويشفيك.

القديس أغسطينوس

*     النعمة التي تبني العالم هي أم رحوم، تهتم به، كالوالدة بطفلها، ولا تقدر أن تتركه. المرأة لا تترك جنينها، والطفل بدوره يظن أنه لا توجد امرأة أخرى في العالم إلا تلك التي تُرضعه [2].

القديس مار يعقوب السروجي

*     ليس شيء من هبات الله للبشرية قُدم على سبيل إيفاء دين بل الكل هو من خلال النعمة [3].

العلامة أوريجينوس

فاصل

4. طرد الزوجات الوثنيات 23-31

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَيْضًا رَأَيْتُ الْيَهُودَ الَّذِينَ سَاكَنُوا نِسَاءً

أَشْدُودِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَمُوآبِيَّاتٍ. [23]

وَنِصْفُ كَلاَمِ بَنِيهِمْ بِاللِّسَانِ الأَشْدُودِيِّ،

وَلَمْ يَكُونُوا يُحْسِنُونَ التَّكَلُّمَ بِاللِّسَانِ الْيَهُودِيِّ

بَلْ بِلِسَانِ شَعْبٍ وَشَعْبٍ. [24]

بلا شك أن للأم دورها الرئيسي في تربية الأولاد، وقد ظهر هذا في لهجة الأبناء، إذ لم يكونوا يحسنون اللسان اليهودي بل الأشدودي. هذا بالنسبة للكلام المسموع الذي ينطقون به، كم بالأكثر يكون لسانهم الداخلي، أو أفكارهم، فقد تأثروا بالأمهات الأشدوديات والعمونيات والموآبيات والخدم والجواري الذين جاءوا مع الأمهات.

فَخَاصَمْتُهُمْ وَلَعَنْتُهُمْ،

وَضَرَبْتُ مِنْهُمْ أُنَاسًا،

وَنَتَفْتُ شُعُورَهُمْ،

وَاسْتَحْلَفْتُهُمْ بِاللَّهِ قَائِلًا:

لاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ،

وَلاَ تَأْخُذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ وَلاَ لأَنْفُسِكُمْ. [25]

نتف الشعر أي اقتلاعه من جذوره، كعلامة على شدة الحزن، أو كنوع من القسوة في اضطهاد شخصِ ما، أو كنوعٍ من العقوبة، كما جاء في هذا النص. يُقال إن الأثينيين كانوا يعاقبون الزناة بنتف الشعر من فروة الرأس وتغطية الرأس برمادٍ ساخنٍ [4].

أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ،

وَلَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الْكَثِيرَةِ مَلِكٌ مِثْلُهُ،

وَكَانَ مَحْبُوبًا إِلَى إِلَهِهِ،

فَجَعَلَهُ اللَّهُ مَلِكًا علَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. [26]

هُوَ أَيْضًا جَعَلَتْهُ النِّسَاءُ الأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ. [27]

استخدم نحميا الملك سليمان الحكيم أحد عظماء ملوك إسرائيل مثلًا خطيرًا للانحراف إلى العبادة الوثنية بسبب زواجه من أمميات وثنيات، مما جلب على المملكة كلها كارثة خطيرة.

فَهَلْ نَسْكُتُ لَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ

بِالْخِيَانَةِ ضِدَّ إِلَهِنَا

بِمُسَاكَنَةِ نِسَاءٍ أَجْنَبِيَّاتٍ؟

وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي يُويَادَاعَ بْنِ أَلْيَاشِيبَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ صِهْرًا لِسَنْبَلَّطَ الْحُورُونِيِّ،

فَطَرَدْتُهُ مِنْ عِنْدِي. [28]

اذْكُرْهُمْ يَا إِلَهِي لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا الْكَهَنُوتَ وَعَهْدَ الْكَهَنُوتِ وَاللاَّوِيِّينَ. [29]

 فَطَهَّرْتُهُمْ مِنْ كُلِّ غَرِيبٍ،

وَأَقَمْتُ حِرَاسَاتِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ. [30]

وَلأَجْلِ قُرْبَانِ الْحَطَبِ فِي أَزْمِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْبَاكُورَاتِ.

فَاذْكُرْنِي يَا إِلَهِي بِالْخَيْرِ. [31]

ختم نحميا السفر بهذه العبارة التي كثيرًا ما كررها حيث يؤكد أن عينيه مثبتتان على الله، وأن ما يعمله هو عمل الرب، وبمساندته الإلهية، وأنه لا يطلب مكافأة ولا مديحًا من إنسانٍ، بل مسرة الله ورضاه.

فاصل

من وحي نح 13

روحك القدوس يقدسني على الدوام!

*   أعترف لك يا مخلصي بخطاياي وضعفاتي.

أشتاق أن تكرس كل حياتي لك.

لقد افتديتني بدمك،

وختمتني بروحك القدوس،

وحسبتني ملكًا لك!

*   في تهاون سلَّم ألياشيب مقدساتك لطوبيا المقاوم لعملك.

من أجل الصداقة والقرابة دنَّس مقدساتك!

أعترف لك بتهاوني الشديد.

كثيرًا ما تركت فكري ملهى للشيطان،

وقلبي ملعبًا للفساد.

من يطَّهر أعماقي سواك؟!

من له سلطان أن يحفظ قلبي وفكري سواك؟

لتقدسني وتطهرني،

ها أنا بين يديك!

*   طأطأت السماوات ونزلت إليّ.

قدمت لي غنى نعمتك الفائقة.

وفي غباوة تعلق قلبي برماد العالم.

ارفعني وانتشلني من المزبلة!

هب لي جناحي حمامة،

فأطير وأكون معك كما في السماء.

لأبيع كل شيء وأقتنيك، يا أيها اللؤلؤة الكثيرة الثمن!

*   يا لغباوتي، في حنوك تود أن تقيم من حياتي سبتًا مقدسًا.

تستريح في أعماقي، وأستريح فيك.

أنت هو سبتي وعيدي وقيامتي!

أنت هو راحتي وسعادتي ومجدي!

لأعبر كل حياتي في رحلة ممتعة معك!

أتغنى بحبك، وألهج بوصاياك.

أجد لذتي وعذوبتي في حبك!

*   لأتحد بك، يا أيها العجيب في قداستك!

ألتصق بك، فلا أقبل ما هو غريب عنك!

أنت عريس نفسي!

تعال، أيها الرب يسوع،

فقد طال انتظاري لمجيئك!

فاصل

فاصل

تفسير سفر نحميا 12 تفسير سفر نحميا 
القمص تادرس يعقوب ملطي
فهرس
تفسير العهد القديم

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى