يو6: 55 لأن جسدي مأكل حق، ودمي مشرب حق

 

52فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:«كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟» 53فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. 54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. 57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. 58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 59قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ.” (يو6: 52-59)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

لأن جسدي مأكل حق،

ودمي مشرب حق“. (55)

v ماذا يقول؟ إما انه يود القول بأنه طعام حقيقي يخَّلص النفس، إذ يؤكد لهم… أنه لا يليق بهم أن يظنوا أن كلماته لغز أو مثل، بل ليعرفوا على وجه الخصوص أنه توجد حاجة لأكل الجسد.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v أشبع طعام المن حاجة الجسد زمانًا يسيرًا جدًا، أبعد ألم الجوع، لكنه صار بعدها بلا قوة، ولم يهب الذين أكلوه حياة أبدية. إذن لم يكن ذاك هو الطعام الحقيقي والخبز النازل من السماء. أما الجسد المقدس الذي للمسيح الذي يقوت إلى حياة الخلود والحياة الأبدية فهو بالحقيقة الطعام الحقيقي.

لقد شربوا ماءً من صخرة أيضًا… وما المنفعة التي عادت على الذين شربوا لأنهم قد ماتوا. لم يكن ذاك الشراب أيضًا شرابًا حقيقيًا، بل الشراب الحق في الواقع هو دم المسيح الثمين، الذي يستأصل الفساد كله من جذوره، ويزيح الموت الذي سكن في جسم الإنسان.

القديس كيرلس الكبير

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

55:6- لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ.

‏هذه هي الإضافة الجديدة التي يشرح بها المسيح حقيقة أكل جسده وشرب دمه. فهنا لا يزال المسيح يخاطب اليهود الذين اعتقدوا أن المن هو خبز سماوي كعلامة مطلوبة في الأيام الأخيرة للتحقق أن مسيرة المسيح مع شعبه في البرية ستسأنف ثانية لافتتاح عصر المجد لإسرائيل.
‏فهو يقول هنا أن جسده هو الطعام «الحقيقي», ودمه هو الشراب «الحقيقي», وليس المن أو ما يشبه المن ولا ماء الصخرة أو ما يشبهها. وهذا هو المعنى الأبسط والأضعف الذي يخاطب به عقول اليهود. ولكن المعنى الأعمق والأهم هو بالنسبة لمستوى حديث المسيح الذي يهدف به إلى استعلان الحق فيما يخص شخصه بالنسبة لعلاقته بالآب وبالإنسان.
فكلمة «الحق» التي أتت مرتين في مأكل الجسد وشرب الدم هي استعلان لجوهر الجسد ولجوهر الدم. وكلمة «الحق» جاءت في اليوناية في بعض المخطوطات ( ) «الحق»، والمخطوطات الأخرى ( ) «حقاً». فالاولى أي «الحق» تأتي بمعنى الواقع الحقيقي «ضد الظاهر» أو بالمفهوم اللاهوتي facts، والثانية أي «حقاً» تأتي بالمفهوم اللاهوتي «ضد المزيف» أي أصلي genuine وتهدف إلى معنى أنه مأكل يختص بحاجة الإنسان «الحقيقية» وليس للحاجة العارضة كالجوع. والحاجة الحقيقية للإنسان هي لروحه.
‏وهكذا يتحقق فعلا أن قول المسيح يهدف إلى إقناع اليهود أن جسده ودمه «حقاً» أي للحاجة الحقيقية بالنسبة لإسرائيل, أي الحياة الأبدية, وليس لحاجة ملء البطن أو المسرة بعمل إعجازي, لحياة المجد الدنيوي, كما تجيء كلمة «حقاً» للمعنى الأعمق كما فهمها وسجلها الإنجيل، أن الأكل من الجسد ليس كما تصوروا أنه أكل قطعة لحم جسد إنسان عادي وأن الشرب من الدم ليس هو شرب ملء الفم من الدم المادي حسب ظاهر المعنى، وظاهر اللحم والدم، بل هو أكل روحي بالحق وبالجوهر أي أكل الجسد كله بملء الكلمة فيه. «والكلمة صار جسداً» (يو14:1)، أي «أكل سر التجسد بأكمله», هذا هو جوهر الجسد، وشرب الدم هو شرب أو احتواء كل دم ذبيحة المسيح على الصليب أي «شرب سر الفداء», «بشرب كل حياة المسيح التي في دمه». هذا هو المأكل الحق للجسد والشرب الحق للدم، لأن الحق لا يتجزأ قط وهو يختص بالإلهيات.
‏ولا ننسى أن كلام المسيح دائما أبدا هو روح وحياة. ولكن لا ننسى أيضا أن كلام المسيح كان مسموعا بالأذن اللحمية ونحن الآن نقرأه بالحروف المكتوبة، وقول المسيح أن الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا، وأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له، فهنا الروح والحق في السجود لا يلغيان السجود الجسدي بل يرفعانه إلى مستوى الروح والحق. هكذا أيضا في أكل الجسد وشرب الدم فإنه يجري على المستوى الجسدي المحسوس المنظور في سر الإفخارستيا بالخبز والخمر, لأن المسيح المأكول محسوس ومنظور، ولكن المأخوذ منه للحياة الأبدية هو الروح والحق على مستوى «أنا هو الحق».
‏ولكن حتى هذه الآية لم يفصح المسيح عن إجراء سر الإفخارستيا بالخبز والخمر لأن ميعاده لم يحضر بعد. فالمسيح هنا يضع الأساس الذي سيبني عليه يوم الخميس سره الخالد، ثم يتمم هذا السر بالفعل يوم الجمعة. على أن القديس يوحنا لم يطرق جميع الأسرار على مستواها الطقسي المادي، بل استعلنها جميعا على المستوى الإلهي الروحي. فقد ذكر الميلاد الثاني من الماء والروح، ولكنه لم يذكر كلمة واحدة عن إجراء سر العماد؟ وذكر الجسد والدم والأكل والشرب منهما، ولم يذكر كلمة واحدة عن كيفية إجراء سر الافخارستيا بالخبز والخمر؛ وذكر التجسد الإلهي بعمق لا يُجارى وعن حياة الكلمة قبل التجسد، ولم يكتب كلمة واحدة عن ولادة المسيح العجيبة أو سر بتولية العذراء مريم ولا حتى اسمها مع أنها عاشت معه زمنا طويلا في بيته.
‏هذا هو القديس يوحنا وهذا هو إنجيله, فهو دائما أبدا يتكلم عما لم يتكلم عنه بقية الإنجيليين، وشغله الشاغل هو استعلان الحق الإلهي في حياة المسيح وكل أعماله وأقواله.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (55): “لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق.”

جسد المسيح هو المأكل الحق. وهذا الكلام رد على طلب اليهود أن يعطيهم مناً من السماء كعلامة على أنه المسيا. حق= أي غير مزيف بل حقيقي يختص بحاجة الإنسان الحقيقية وليس لسد حاجة الجوع، والحاجة الحقيقية تختص بالروح والحياة الأبدية وليس لمجرد عمل إعجازي دنيوي مظهري كما يطلب اليهود. ولكن في حوار المسيح الآن لم يفصح أن السر سيتم بالخبز والخمر، هذا تركه ليصنعه أمام التلاميذ ليلة الخميس المقدسة. وقوله مأكل حق ومشرب حق= فهو يشير لأكل حقيقي وليس للإيمان.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى