مت 3:5 طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات

 

«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (مت 3:5)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 طوبى للمساكين بالروح

ما هي “المسكنة بالروح” إلا حياة التواضع، خلالها يدرك الإنسان أنه بدون الله يكون كلا شيء، فينفتح قلبه بانسحاق لينعم ببركاته. فإن كانت خطيّة آدم الأولى هي استغناءه عن إرادة الله بتحقيق إرادته الذاتيّة، لذلك جاء كلمة الله الغني بحق مفتقرًا من أجلنا، ليس بالإخلاء عن أمجاده فحسب، وإنما بإخلائه أيضًا عن إرادته التي هي واحدة مع إرادة أبيه. كنائبٍ عنّا افتقر ليتقبّل غنى إرادة أبيه الصالح، قائلًا: “لتكن لا إرادتي بل إرادتك”.

إن كان الكبرياء هو أساس كل سقطة فينا، فإن التواضع أو مسكنة الروح هو مدخلنا للملكوت: “طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات” [3].

*     كما أن الكبرياء هو ينبوع كل الشرور هكذا التواضع هو أساس كل ضبط للنفس[154].

القدّيس يوحنا الذهبي الفم

*     بالحق ليس للتطويبات أن تبدأ بغير هذه البداية، مادامت موضوعة لأجل بلوغ الحكمة العالية رأس الحكمة مخافة الرب” (مز 111: 10)، ومن الناحية الأخرى “الكبرياء أول الخطايا (حكمة يشوع 10: 15). إذن ليبحث المتكبّر عن الممالك الأرضيّة ويحبّها، ولكن“طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات”.

القديس أغسطينوس

*     حقًا أي فقر أشد وأقدس من أن يعرف إنسان عن نفسه أنه بلا قوّة ليدافع بها عن نفسه، طالبًا العون اليومي من جود غيره، وهكذا يعلّم أن كل لحظة من لحظات حياته تعتمد على العناية الإلهيّة… فيصرخ إلى الرب يوميًا : أما أنا فمسكين وبائس، الرب يهتم بي(مز 40: 17)[155].

الأب إسحق

*     لقد وضع هذا (التواضع) كأساس يقوم عليه البناء في أمان، فإن نُزع هذا عنّا حتى وإن بلغ الإنسان السماوات ينهار تمامًا، ويبلغ إلى نهاية خطيرة، بالرغم من ممارسته الأصوام والصلوات والعطاء والعفّة وكل عمل صالح. بدون التواضع ينهار كل ما تجمعه داخلك ويهلك[156].

القديس يوحنا الذهبي الفم

*     المسكين بالروح وديع، يخاف كلمة الله، ويعترف بخطاياه، ولا يغتر باستحقاقاته وببرّه.

المسكين بالروح هو من يسبّح الله حين يأتي عملًا صالحًا، ويشكو نفسه حين يأتي سوءًا.

المسكين بالروح هو من لا يرجو سوى الله، لأن الرجاء فيه وحده لا يخيب.

المسكين بالروح يتخلّى عن كل ماله ويتبع المسيح… وإذ يتحرّر من كل حمل أرضي يطير إليه كما على أجنحة[157].

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 آية (3):- طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات.

طوبى = أى البركة والسعادة لهؤلاء. ونلاحظ أن المسيح لم يبدأ تعليمه بأن يتحدث عن الممنوعات، بل هو يبدأ بالجانب الإيجابى، والحياة الفاضلة كاشفاً عن مكافأتها ليحثهم عليها. والصفات التى طوبها المسيح فى هذه الآية والآيات التالية ليست صفات منفصلة بل متكاملة، فالمسكين بالروح هو بلا شك وديع، وصانعو السلام بلا شك هم رحماء والذين يجوعون ويعطشون للبر والملكوت يكشف جوعهم وعطشهم عن قلب نقى بلا جدال والمضطهدون من أجل البر هم باكون حتماً وبالنهاية يتعزون بالضرورة.

المساكين بالروح = ليسوا هم المعتازين مادياً ولكن هم من يشعرون بفقرهم الشديد بدون الله، ويشعرون بحاجتهم لله، وأنه كل شئ لهم لذلك فهم يطلبونه بإنسحاق شديد،وهذا هو مفهوم الإتضاع، وهؤلاء يرفعهم الله لملكوته ويسكن عندهم (أش 15:57). الكبرياء يسقطنا من الملكوت والإتضاع يرفعنا إليه. والإتضاع والمسكنة بالروح ضد مفاهيم الفريسيين.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى