تفسير المزمور ٤١ للقس أنطونيوس فكري
المزمور الحادي والأربعون (الأربعون في الأجبية)
هو مزمور نبوي يتحدث فيه داود عن مقاومة الأشرار للسيد المسيح وألامه ونصرته ولقد أشار له السيد المسيح بكونه نبوة عن خيانة يهوذا له (يو18:13 + أع16:1) ولذلك تصلي الكنيسة هذا المزمور في صلوات الساعة الثالثة.
نفهم المزمور بطريقتين
- تعليمية فنرى فيه مكافأة من يهتم بأخوة الرب.
- نبوية.
الآيات (1-3): “طوبى للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب. الرب يحفظه ويحييه. يغتبط في الأرض ولا يسلمه إلى مرام أعدائه. الرب يعضده وهو على فراش الضعف. مهدت مضجعه كله في مرضه.”
المسكين هو المحتاج مادياً، المريض، الخاطئ الذي لا يعرف طريق الله.. الخ. والله يعطينا أن نهتم بكل من لا معين له بشرط أن تكون لنا هذه الرغبة أن نخدمهم، فنخدم ربنا يسوع فيهم، فهم إخوته الأصاغر (مت40:25). والمسيح في تواضع عجيب يقول أنا محتاج لخدماتكم كما قال للسامرية إعطيني لأشرب، ويقول “أنا عطشان” فهو عطشان لكل نفس لتخلص. ومن ينظر لكل محتاج ويقدم له خدمة ينقذه الله في يوم الشر. ولكن المسكين هنا إشارة ونبوة عن المسيح، الذي إفتقر ليغنينا وصُلِب في ضعف لتكون لنا نحن الضعفاء قوة، ومن ينظر إليه يستمد منه المعونة ينجيه (2كو9:8) (مت19:6،20 + لو32:12،33). ومن يقدم خدمة روحية (2كو10:6) فالله هو الذي يعطيه ليعطي لمن ليس له، ويوم الشر هو اليوم الذي يهاجمنا فيه إبليس[‡‡] (1بط8:5). وهنا يرحم الله من رحم إخوته (يع13:2 + مت7:5). ويوم الشر أيضاً يشير إلى يوم الدينونة، فيه يرحم الله من رحم إخوته، ولا يسلمه ليد أعدائه الشياطين. والرب يعضد الرحيم في هذه الحياة وفي الدهر الآتي (1تي8:4). وفي هذه الأرض يحول له الرب الأرض سماء = يجعله في الأرض مغبوطاً. ويقيم داخله ملكوته كملكوت تسبيح وتهليل وشكر على غنى نعمة الله المجانية. بل يهب الله له الصحة = يعينه على سرير وجعه وقد لا يتم الشفاء النهائي ولكن يشعر المريض بأن الله معه يقويه ويسنده وأنه ليس وحيداً كما كان المسيح مع الفتية الثلاثة في الأتون. وربما يشير السرير لفراش المرض الروحي والفتور، وهنا نجد المسيح المعين الذي ينتشلنا من هذا الفتور. ومن سرير الشهوة الزمنية ويعطينا حرية من العدو الشرير.
آية (4): “أنا قلت يا رب ارحمني اشف نفسي لأني قد أخطأت إليك.”
ما أعذب أن يعترف الخاطئ بخطيته ويرجع إلى الله فيرجع الله إليه، فكثير من أمراضنا الروحية بل والجسدية سببها الخطية. والله قد يؤدب بالأمراض (عب6:12). والمرتل ذكر سابقاً أن الله يعين من على سرير وجعه إن كان رحيماً، لذلك يعترف بتقصيره ويطلب الرحمة.
آية (5): “أعدائي يتقاولون علىّ بشر متى يموت ويبيد أسمه.”
في آية (4) سبق واعترف بخطيته وهنا يشتكي المقاومين الذي يطلبون إبادته. والشيطان يود لو أباد كل أولاد الله وكنيسته. ولكن هذه الآية هي صوت المسيح الذي إتهمه أعداؤه زوراً ورتبوا في هذه الساعة حكم الموت ضده حتى يباد إسمه (أع18:4). ولكن المسيح مات ولم يباد إسمه ولا باد اسم كنيسته.
الآيات (6-9): “وإن دخل ليراني يتكلم بالكذب. قلبه يجمع لنفسه إثماً. يخرج. في الخارج يتكلم. كل مبغضي يتناجون معاً علىّ. علىّ تفكروا بأذيتي. يقولون أمر رديء قد انسكب عليه. حيث اضطجع لا يعود يقوم. أيضاً رجل سلامتي الذي وثقت به آكل خبزي رفع عليّ عقبه.”
هذا ما حدث من أخيتوفل ضد داود الذي صار رمزاً ليهوذا. وهنا نرى مؤامرات تحاك ضد المسيح من الأشرار. ومن الشيطان ضد الكنيسة. هذه الآيات تنطق بما حدث للمسيح حين إجتمع اليهود برؤساء كهنتهم وكهنتهم والفريسيين والناموسيين بل وبيلاطس وهيرودس بل الشعب كله ضده وتشاوروا عليه ليصلبوه ظناً منهم أنه إن مات لا يعود يقوم = حيث اضطجع لا يعود يقوم. إنسان سلامتي= يهوذا الذي كان تلميذا للرب من رجاله الذين وثق بهم، وأكل معه (يو6:13)
الآيات (10-12): “أما أنت يا رب فارحمني وأقمني فأجازيهم. بهذا علمت أنك سررت بي أنه لم يهتف علىّ عدوي. أما أنا فبكمالي دعمتني وأقمتني قدامك إلى الأبد. مبارك الرب إله إسرائيل من الأزل وإلى الأبد آمين فآمين.”
المسيح مات ودفن وهنا كأنه يصرخ أقمني= وهو قام وصار له سلطاناً ليدين كل الأشرار. وفيه صرنا محل رضا الآب. سررت بي، لقد سُرَّ الآب بطاعته وفيه سُرَّ بنا إذ بدمه تبررنا. فهنا نرى نبوة عن القيامة، قيامته، وقيامة الكنيسة وتبريرها. وأن المسيح سيدين العالم (يو22:5). والكنيسة موضع سرور الآب لأن المسيح يشفع فيها للأبد أمام الآب= سررت بي… أقمتني قدامك إلى الأبد…. فهل قام داود أمام الله للأبد؟