تفسير يشوع بن سيراخ ٨ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثامن

الآيات (1-5): “1 لا تخاصم المقتدر لئلا تقع في يديه. 2 لا تنازع الغني لئلا يجعل عليك ثقلا. 3 فان الذهب اهلك كثيرين وأزاغ قلوب الملوك. 4 لا تخاصم الفتيق اللسان ولا تجمع على ناره حطبا. 5لا تمازح الناقص الأدب لئلا يهين أسلافك.”

ليس من الحكمة أن يقف الإنسان في وجه متهور يمسك بسكين، وبنفس المنطق ليس من الحكمة أن يقف إنسان ويهاجم من له سلطان= المقتدر أو إنسان غني لئلا يجعل عليك ثقلاً= أي يفوقك ثقلاً= أي إن دفعت قرش يدفع مائة ولن تستطيع أن تواجه بمنطق المال فهو يتفوق عليك فيه، ولا تخاصم الفتيق اللسان= الثرثار. ولا تجمع على ناره حطباً= أي لا تزيد الموقف إشتعالاً بأن تثيره فينثر عليك شائعات تسئ إليك. ولا تمازح الناقص الأدب. ليس كل إنسان هو يوحنا المعمدان الذي عليه أن يواجه هيرودس. بل إن من يصطدم هكذا بالأقوياء وآخرين كما قال الحكيم يكون بدون حكمة. الموضوع يحتاج على تروي وحكمة لتغيير وضع سائد.

 

الآيات (6-8): “6 لا تعير المرتد عن الخطيئة اذكر أنا بأجمعنا نستوجب المؤاخذة. 7 لا تهن أحدا في شيخوخته فان الذين يشيخون هم منا. 8 لا تشمت بموت أحد اذكر أنا بأجمعنا نموت.”

لا تعير المرتد عن الخطيئة= بل بالعكس فالسماء تفرح بخاطئ واحد يتوب، فلنفرح بتوبة الناس ولا نذكرهم بخطاياهم لنذلهم. الله نسى خطاياهم إذ تابوا فهل نذكرها نحن لهم (مي18:7،19). بل إن عيرت أحداً قد تاب عن خطيته وذكرته بها لتهينه فهذا قد يدفعه لليأس وللعودة للخطية، وبهذا نشترك مع الشيطان. ولنذكر أننا جميعاً ضعفاء خطاة. لا تهن أحد في شيخوخته= وأذكر أنه ربما يكون لك نفس الظروف، وربما تضعف في شبابك لمرض يلم بك. بل الشيوخ يجب أن يكونوا محل إحترام. وليس من العقل أن تشمت بموت أحد= فنحن قد نموت بعد دقائق.

 

(9-12): “9 لا تستخف بكلام الحكماء بل كن لهجا بأمثالهم. 10 فانك منهم تتعلم التأديب والخدمة للعظماء. 11 لا تهمل كلام الشيوخ فانهم تعلموا من آبائهم. 12ومنهم تتعلم الحكمة وان ترد الجواب في وقت الحاجة.”

خبرات الشيوخ مهمة فهي حصيلة نجاحات عديدة وفشل كثير في الحياة، فالشيخ أصبح يعرف متى يكون النجاح ومتى يكون الفشل. والأكثر من الشيوخ هم الحكماء= من يعثر على إنسان حكيم عليه أن يسمع لكل كلمة يقولها، ومن هنا فالكنيسة تحترم جداً أقوال أبائها الخدمة لدى العظماء= هذه قالها من قبل قف في جماعة الشيوخ (35:6) والمقصود إنتهز الفرصة للجلوس مع الحكماء والشيوخ المختبرين، ولو جاء لك فرصة لخدمتهم فلتخدمهم لتتعلم منهم. يشوع كان خادم موسى العظيم (يش1:1). وكان إليشع يصب ماءً على يدي إيليا العظيم (2مل11:3). فصار يشوع وإليشع كلاهما عظيمين. وهكذا مع أباء الرهبنة العظماء كان لهم من الرهبان الشبان من يخدمونهم فصاروا عظماء.

 

(13-22): “13 لا توقد جمر الخاطئ لئلا تحترق بنار لهيبه. 14 لا تنتصب في وجه الشاتم لئلا يترصد لفمك في الكمين. 15 لا تقرض من هو أقوى منك فان أقرضته شيئا فاحسب انك قد أضعته. 16 لا تكفل ما هو فوق طاقتك فان كفلت فاهتم اهتمام من يفي. 17 لا تحاكم القاضي لأنه يحكم له بحسب رأيه. 18 لا تسر في الطريق مع المتقحم لئلا يجلب عليك وبالا فانه يسعى في هوى نفسه فتهلك أنت بجهله. 19 لا تشاجر الغضوب ولا تسر معه في الخلاء فان الدم عنده كلا شيء فيصرعك حيث لا ناصر لك. 20 لا تشاور الأحمق فانه لا يستطيع كتمان الكلام. 21 لا تباشر أمراً سريا أمام الأجنبي فانك لا تعلم ما سيبدو منه. 22 لا تكشف ما في قلبك لكل إنسان فعساه لا يجزيك شكرا.”

لا توقد جمر الخاطئ= تشجعه على الخطية. لئلا تحترق بنار لهيبه= سيجذبك معه. بل حاول أن تخيفه من عواقب الخطية فستخاف منها أنت أيضاً. لا تنتصب في وجه الشاتم= إبتعد عن هذا، فإن حاولت النزاع معه فستخطئ وتشتم وبهذا يتصيد عليك أخطائك ويكون هذا شركاً لك= لئلا يترصد لفمك في الكمين. إن أردت أن تقرض فإقرض المسكين، فإن لم تعود لك أموالك فلقد ذهبت لمن يستحقها، أما القوي الذي سيتاجر بمالك إن أقرضته وذهب مالك وماله في تجارة فاشلة فلقد ذهب مالك بلا فائدة. ولا تكفل أحد بما فوق طاقتك. والعالم الذي نحن فيه عالم ظالم، فلا داعي لأن تقيم دعوى على الأقوياء (كقاض مثلاً) فسيحكم ضدك.

 لا تسر في طريق مع المتقحم= أي المغامر، فهذا سيجذبك للهلاك. وإذا عرفت إنساناً غضوباً فلا تتشاجر معه ولا تسر معه في الخلاء فهو سيقتلك. وسرك لا تعطه للأحمق فسيذيعه. وأمام الغريب الذي لا تعرفه لا تتصرف تصرفاً يسئ الغريب فهمه فهو لا يعرفك. الخلاصة كن حريصاً في كل تصرف حتى لا تندم.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى