تفسير سفر أخبار الأيام الأول أصحاح 15 للقمص تادرس يعقوب ملطي

إصعاد تابوت الرب إلى بيت داود

وَعَمِلَ دَاوُدُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،

وَأَعَدَّ مَكَانًا لِتَابُوتِ اللَّهِ وَنَصَبَ لَهُ خَيْمَةً. [1]

حِينَئِذٍ قَالَ دَاوُدُ: «لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ اللَّهِ إِلاَّ لِلاَّوِيِّينَ،

لأَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا اخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ تَابُوتِ اللَّهِ وَلِخِدْمَتِهِ إِلَى الأَبَدِ». [2]

وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ

لأَجْلِ إِصْعَادِ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لَهُ. [3]

فَجَمَعَ دَاوُدُ بَنِي هَارُونَ وَاللاَّوِيِّينَ. [4]

مِنْ بَنِي قَهَاتَ أُورِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ. [5]

مِنْ بَنِي مَرَارِي عَسَايَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. [6]

مِنْ بَنِي جَرْشُومَ يُوئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ. [7]

مِنْ بَنِي أَلِيصَافَانَ شَمَعْيَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ. [8]

مِنْ بَنِي حَبْرُونَ إِيلِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ ثَمَانِينَ. [9]

مِنْ بَنِي عُزِّيئِيلَ عَمِّينَادَابَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ. [10]

وَدَعَا دَاوُدُ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ

وَاللاَّوِيِّينَ أُورِيئِيلَ وَعَسَايَا وَيُوئِيلَ وَشَمَعْيَا وَإِيلِيئِيلَ وَعَمِّينَادَابَ [11]

وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ رُؤُوسُ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ،

فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ

وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ. [12]

لأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي الْمَرَّةِ الأُولَى،

اقْتَحَمَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا،

لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ الْمَرْسُومِ». [13]

فَتَقَدَّسَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ لِيُصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. [14]

وَحَمَلَ بَنُو اللاَّوِيِّينَ تَابُوتَ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ

بِالْعِصِيِّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. [15]

وَأَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ الْمُغَنِّينَ بِآلاَتِ غِنَاءٍ،

بِعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَصُنُوجٍ، مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِفَرَحٍ. [16]

فَأَوْقَفَ اللاَّوِيُّونَ

هَيْمَانَ بْنَ يُوئِيلَ،

وَمِنْ إِخْوَتِهِ آسَافَ بْنَ بَرَخْيَا،

وَمِنْ بَنِي مَرَارِي إِخْوَتِهِمْ إِيثَانَ بْنَ قُوشِيَّا، [17]

وَمَعَهُمْ إِخْوَتَهُمْ الثَّوَانِيَ:

زَكَرِيَّا وَبَيْنَ وَيَعْزِئِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَحِيئِيلَ وَعُنِّيَ وَأَلِيآبَ وَبَنَايَا

وَمَعْسِيَّا وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدَ أَدُومَ وَيَعِيئِيلَ الْبَوَّابِينَ. [18]

وَالْمُغَنُّونَ هَيْمَانُ وَآسَافُ وَإِيثَانُ بِصُنُوجِ نُحَاسٍ لِلتَّسْمِيعِ. [19]

وَزَكَرِيَّا وَعُزِّيئِيلُ وَشَمِيرَامُوثُ وَيَحِيئِيلُ وَعُنِّي وَأَلِيَابُو وَمَعْسِيَّا

 وَبَنَايَا بِالرَّبَابِ عَلَى الْجَوَابِ. [20]

وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَعِيئِيلُ وَعَزَزْيَا بِالْعِيدَانِ

عَلَى الْقَرَارِ لِلإِمَامَةِ. [21]

وَكَنَنْيَا رَئِيسُ اللاَّوِيِّينَ عَلَى الْحَمْلِ مُرْشِدًا فِي الْحَمْلِ لأَنَّهُ كَانَ خَبِيرًا. [22]

وَبَرَخْيَا وَأَلْقَانَةُ بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. [23]

وَشَبَنْيَا وَيُوشَافَاطُ وَنَثْنَئِيلُ وَعَمَاسَايُ وَزَكَرِيَّا وَبَنَايَا وَأَلِيعَزَرُ الْكَهَنَةُ

يَنْفُخُونَ بِالأَبْوَاقِ أَمَامَ تَابُوتِ اللَّهِ،

وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَحِيَّى بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. [24]

وَكَانَ دَاوُدُ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءُ الأُلُوفِ

هُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ،

مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ بِفَرَحٍ. [25]

وَلَمَّا أَعْلَنَ اللَّهُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ

ذَبَحُوا سَبْعَةَ عُجُولٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ. [26]

وَكَانَ دَاوُدُ لاَبِسًا جُبَّةً مِنْ كَتَّانٍ،

وَجَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِينَ التَّابُوتَ،

وَالْمُغَنُّونَ وَكَنَنْيَا رَئِيسُ الْحَمْلِ مَعَ الْمُغَنِّينَ.

وَكَانَ عَلَى دَاوُدَ أَفُودٌ مِنْ كَتَّانٍ. [27]

فَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ يُصْعِدُونَ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ بِهُتَافٍ،

وَبِصَوْتِ الأَصْوَارِ وَالأَبْوَاقِ وَالصُّنُوجِ يُصَوِّتُونَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ. [28]

وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ

أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ الْكُوَّةِ

فَرَأَتِ الْمَلِكَ دَاوُدَ يَرْقُصُ وَيَلْعَبُ،

فَاحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا. [29]

 

نجد فيه أن التابوت قد وُضع في الخيمة التي نصبها له داود، ونرى أن داود قد جّهز للعناية المستديمة به.

* “وَأَدْخَلُوا تَابُوتَ اللهِ وَأَثْبَتُوهُ فِي وَسَطِ الْخَيْمَةِ الَّتِي نَصَبَهَا لَهُ دَاوُدُ، وَقَرَّبُوا مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ أَمَامَ اللهِ. وَلَمَّا انْتَهَى دَاوُدُ مِنْ إِصْعَادِ الْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ بَارَكَ الشَّعْبَ بِاسْمِ الرَّبِّ. وَقَسَمَ عَلَى كُلِّ آلِ إِسْرَائِيلَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ، رَغِيفَ خُبْزٍ وَكَأْسَ خَمْرٍ وَقُرْصَ زَبِيبٍ. وَجَعَلَ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ مِنَ اللاَّوِيِّينَ خُدَّامًا، وَلأَجْلِ التَّذْكِيرِ وَالشُّكْرِ وَتَسْبِيحِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ:” (1 أي 16: 1-4 إلخ.).

لقد كان يومًا عظيمًا ومناسبة مبهجة عندما أُثبت تابوت الله بالسلامة في الخيمة التي جهزها داود، هذا الرجل الصالح كان قلبه على التابوت ولم يستطع أن ينام مطمئنًا إلاًّ بعد أن  وجد له مكانًا (مز 132: 4- 5).

1. أحوال التابوت أصبحت الآن:

أ. أفضل مما كانت عليه قبًلا حينما كان التابوت موضوعًا في قرية صغيرة في وسط الحقول والغابات. والآن قد نقل إلى مكان عام في مدينة الملكية حتى يراه كل أحد. لقد كان مهمًلا كإناء منبوذ والآن يُخدم بتبجيل، ويُسأل الله به. لقد كان في حجرة في بيت خاص يستمتع به عدد قليل على سبيل المجاملة ولكن الآن أصبح له مسكنًا خاصًا. وحده يحتل وسطه وليس ركنًا منزويًا في بيت. يجب أن نلاحظ أن كلمة الله ومقدساته ولو انحجبت لوقت لكن أخيرًا سوف ُتشرق من الظلمة.

ب. ومع ذلك فإن الأصول الآن أقل كثيرًا كما هو متوقع في المُلك التالي حيث بُنى الهيكل.  إن الخيمة التي نصبها داود كانت موضعًا ولكنه الخيمة والهيكل الذي طالما ترنم به في مزاميره فداود الذي نصب خيمته واستمر ثابتًا في خدمته كان أفضل بكثير من سليمان ابنه الذي بنى هيكًلا ولكنه أعطاه ظهره في النهاية. وقد صدق من قال “إن أفقر أيام الكنيسة هي أبُّرها”.

  1. لما تثبت التابوت بالقرب منه تمتع داود براحة البال، والآن نرى كيف يعتني به:

أ. لكي يتمجد الله به أعطى داود الكرامة لله في هذه المناسبة بطريقتين:

  1. بالذبائح (عدد 1)، والمحرقات تمجيدًا لكمال الله، وذبائح سلامة اعترافًا بأفضال الله.
  2. بالتسبيح، فقد عّين لاويين ليسجلوا هذه المناسبة في ترنيمة لفائدة الآخرين أو ليحتفلوا هم أنفسهم بشكر وتسبيح إله إسرائيل (عدد 4). يجب أن كل أفراحنا تعبّر عن الشكر لله الذي منه نستلم كل راحتنا.

ب. لكيما يكون للشعب الفرح والتمتع بقدسية هذا اليوم، أعطاهم داود كل ما يستحق الحضور فأعطى ليس فقط منحة ملكية (عدد 3) كانت رمزًا للتناول في سر الافخارستيا والتي أظهر داود فيها كرمه لشعبه كما وجد هو نعمة لدى الله (فهؤلاء الذين يفيض قلبهم بالفرح يجب أن يكونوا مفتوحي الأبدي)، بل أعطاهم أيضًا البركة باسم الرب كأب وبنى (عدد 2)، فقد صلى إلى الله من أجلهم، واستودعهم لنعمته، كما يقول الترجوم “باسم كلمة الرب، الكلمة الأبدي، الذي هو يهوه، ومنه تأتي لنا كل بركة”.

*    “حينئذ في ذلك اليوم أوًلا جعل داود يحمد الرب بيد آساف واخواته. احمدوا الرب. ادعوا باسمه . اخبروا في الشعوب بأعماله”(1أيام 16: 7- 8 إلخ).

نجد هنا مزمور الشكر الذي ألّفه داود بالروح وسلّمه لرئيس المغنيين لكيما يُلَحّن في المناسبة الشعبية لدخول التابوت في المكان المعد له.

وُيظن أن داود رتب هذا المزمور لكي يرتِّل يوميًا في خدمة الهيكل، فمهما رتلوا من مزامير أخرى يجب أن لا يستثنوا هذا المزمور.

فداود ألّف مزامير كثيرة قبل هذا (بعضها في وقت المتاعب التي عاناها من شاول)، أما هذا فقد ألفه وأعطاه لآساف للاستعمال في الهيكل، وأجزاء من هذا اللحن نجدها مكررة في ثلاثة أجزاء أخرى من المزامير: (أعداد 8، 22؛ في مز 105: 1، 15؛ أعداد 22- 33 في مز 96: 1، 3؛ أعداد 34، 36 في مز 106: 1، 47- 48)، هكذا فعل أيضًا آباء الكنيسة عندما ألّفوا الألحان الموجودة في الأبصلمودية المقدسة (راجع كتاب الأبصلمودية اليومية). واللحن الحالي يمكن أن نأخذه كنموذج لشكر الرب (عدد 7) فهذا واجب عظيم نحتاج أن نتنبه له ونحتاج المعونة:

  1. ليت الله يتمجد في كل تسبيحاتنا وكرامته تكون مركز أقوالنا، ليتنا نمجده بشكرنا (أحمدوا الرب)، بصلواتنا (أدعوا باسمه، عدد 8)، بترانيمنا (غنوا له)، بأحديثنا (تحادثوا بكل عجائبه، عدد 9)، دعونا نمجده كإله عظيم ومُسّبح جدًا (عدد 25)، كإله عالي (فوق جميع الآلهة)، كإله واحد (لأن كل آلهة الأمم أصنام، عدد 26). دعونا نمجده كأكثر بهاء وبركة (الجلال والبهاء أمامه عدد 27)، كخالق (الرب صنع السموات)، كحاكم لكل الخليقة (في كل الأرض أحكامه، عدد 14)، وكمن لنا وحدنا فهو الرب إلهنا.

لذلك يجب أن نهب الرب مجد اسمه (عدد 28- 29).

  1. ليت الجميع يستنيروا ويتعلموا. اخبروا في الشعوب بأعماله (عدد 8)، حدثوا الأمم بمجده (عدد 24)، ليتعرف عليه المتغربون عنه، ليقدموا له الولاء والعبادة، لذلك يجب أن نعمل لانتشار ملكوته بين الناس لترتعد أمامه جميع الأرض (عدد 30).
  2. ليتنا نتشجع لننتصر ونفتخر بالله ونثق فيه، فالذين يمجدون اسم الله يسمح لهم أن يفتخروا في اسمه (عدد 10)، ليقيّموا أنفسهم على قدر علاقتهم بالله ويتجرأوا للحصول على مواعيده لهم، لتفرح قلوب الذين يطلبون الرب وبالأكثر الذين وجدوه، اطلبوا وجهه وقوته أيّ اطلبوه في تابوت قوته حيث يظهر فيه.
  3. ليكن العهد الأبدي هو موضع فرصنا وتسبيحنا (عدد 15) وفي موضع مقابل: ذكر إلى الدهر عهده (مز 105: 8)، وحيث أن الله لا ينساه أبدًا فكذلك نحن يجب علينا أيضًا. لقد أمر الله بعهده وهو يحثنا أن نطيع وصاياه لأنه له السلطة أن يعطي الوعد والقدرة على تنفيذه. وهذا العهد كان قديمًا ولكن لن يُنسى أبدًا. لقد قطعه الله معإبراهيموإسحق ويعقوب الذين ماتوا من القديم (أعداد 16، 18)، ولكن مازال جديدًا للنسل الروحي ومواعيده نافذة.
  4. ليتنا نتذكر بالشكر والتسبيح مراحم الله قديمًا لآبائنا وأجدادنا، ونتذكر كيف حافَظ الله على البطاركة عندما كانت أحوالهم غير مستقرة وعندما جاءوا نُزلاء وغُرباء في كنعان، ولما كانوا قِلَّة ومن الممكن ابتلاعها بسهولة، لما كانوا في ترحال مستمر معرضون للخطر، ولما تحّرش بهم كثيرون وأرادوا ازعاجهم لكن لم يسمح الله لأحد أن يؤذيهم ولا حتى من الكنعانيين، والفلسطينيين، والمصريين، فملوك مثل فرعون وأبيمالك وُبخّوا وضُربوا بسببهم، فهم كانوا ممسوحين من الله، مقدسين بنعمته، مقدسين لمجد اسمه، واستلموا مسحة الروح. كانوا أنبياءه المسترشدين فيما لله لتعليم الآخرين فالأنبياء كانوا ممسوحين (1ملوك 19: 16) لذلك إذا مَسَّهم أحد فقد مسّ حدقة عين الله، وإذا ضرَّهم أحد يؤدي ذلك لهلاكه (أعداد 19، 22).
  5. ليكن الخلاص العظيم الذي لربنا هو الموضوع الخاص لتسبيحاتنا (عدد 23). “خبّروا ببشارة خلاصه يومًا فيومًا، أيّ وعد الخلاص الذي للمسيح، فلنا الحق أن نتهلل به يومًا فيومًا لأننا ننهل منه يوميًا وهو موضوع لا يمكن أن يفرغ أبدًا.

7.لنسبح الله بالعناية الدائمة لمقدساته التي عيّنها. احضروا تقدمة “آنذاك من ثمار الأرض، أما الآن فثمار شفاهنا من القلب (عب 3: 15)، واسجدوا للرب في زينة مقدسة”(عدد 29) فالقداسة هي بهاء الرب وبهاء كل النفوس المقدسة وكل الخدمات الخاصة بالأسرار.

  1. ليكن ملكوت الله سبب مهابة وفرح للشعب جميعه. ليتنا نهابه: “ارتعدي أمام الرب يا كل الأرض، وليتنا نفرح به.” لتفرح السموات وتبتهج لأن الرب يملك وقد ثبت المسكونة فلا تتزعزع (أعداد 30- 31).
  2. ليكن منظر الدينونة القادمة حاثًا لنا لسرور غامر، ولتفرح الأرض والبحر والحقول والغابات لمجيء يوم الرب العظيم ليدين الأرض (عدد 32- 33).
  3. وفي وسط تسبيحاتنا ليتنا لا ننسى أن نصلي لأجل نجاة القديسين وخدام الله الذين في شدة (عدد 35): “نجنا يا الله مخلصنا، أجمع شملنا وأنقذنا من الوثنيين، نحن المشتتين والمضطهدين” وعندما نكون في فرح بنعم الله علينا يجب أن نتذكر إخوتنا المذلولين ونصلي لأجل خلاصهم ونجاتهم كما نصلي لأجل أنفسنا، فنحن أعضاء بعضًا لبعض، ولذا عندما نغني “يا رب خلصهم” يليق بنا بالأحرى أن نقول “يا رب خلصنا” وأخيرًا فيجب أن يكون الله هو الألف والياء في تسبيحنا، فداود يبدأ (عدد 8): “احمدوا الرب”، ويختم (عدد 36): “مبارك الرب”، وحيث نجد في الموضع الذي اقتُبست منه هذه التسبحة (مز 106: 48) الإضافة: ليقل كل الشعب آمين الليلويا، نجد هنا أيضًا أنهم فعلوا هكذا: فقال كل الشعب آمين وسبحوا الرب. فقط عندما أنهى اللاويون هذا المزمور والتسبيح (وليس قبل ذلك) أبدي الشعب رضاه وموافقته بقولهم آمين، وهكذا سبحوا الرب وهم بلا شك متأثرون بهذه الطريقة الجديدة للعبادة التي كانت مستخدمة فقط في مدارس الأنبياء (1صم 10: 5)، وإن كانت هذه الطريقة للتسبيح تسر الرب أفضل من الكباش والثيران ذات القرون والأظلاف، “فيرى ذلك الودعاء فيفرحون”(مز 69: 31- 32).

* “وترك هناك أمام تابوت عهد الرب آساف وأخواته ليخدموا أمام التابوت دائمًا خدمة كل يوم بيومها (1أيام 16: 37 إلخ). إن عبادة الله ليست هي عمل يوم ما لتشريف انتصار، ولكنها يجب أن تكون يوميًا. لذلك يثبتها داود هنا للدوام، ويضع لها طريقة يتبعها الذين تعينوا كل في نطاقه. في الخيمة التي صنعها موسى وبعد ذلك في الهيكل الذي بناه سليمان كان التابوت والمذبح معًا، ولكن منذ أيام عالي الكاهن كانا قد انفصلا واستمر كذلك إلى أن بنى الهيكل، وليس واضحًا لماذا لم يُحضر داود التابوت إلى جبعون حيث كان المذبح والخيمة، أو إحضارهم إلى جبل صهيون حيث احضر التابوت. ربما أجزاء خيمة موسى كانت قد وهنت بمرور الوقت تحت تأثير الطقس ولذلك لم يكن نقلها أو لم تكن مناسبة لحماية التابوت، ومع ذلك لم يعملها من جديد مكتفيًا بخيمة للتابوت لأن الوقت كان قد دنى لبناء الهيكل. فمهما كان السبب فإنهما كانا مفترقان كل أيام داود، ولكنه حرص أن يكون أيّ منهما مهمًلا وهذا واضح من الملاحظات التالية:

  1. في أورشليم حيث كان التابوت تعين آساف وإخوته ليخدموا أمام التابوت دائمًا خدمة كل يوم بيومها (عدد 37). لم تقدّم هناك ذبائح أو بخور لأنه لم يكن هناك مذابح، ولكن صلوات داود كانت مرفوعة كبخور ورفع يديه كذبيحة مسائية (مز 141: 2).
  2. في جبعون كانت المذابح حيث يخدم الكهنة لأن عملهم كان تقديم الذبائح ورفع البخور وكانوا يقومون بها صباحًا ومساءًا حسب شريعة موسى (عدد 39- 40)، فهذه كان يجب إقامتها لأنها تشير إلى وساطة المسيح، لذلك وضع لها شرف عظيم والقيام بها له عاقبة هامة. فكان هنا صادوق ليشرف على خدمة المذبح، بينما كان أبياثار هناك في أورشليم ليشرف على خدمة التابوت، لأن معه صدرة القضاءlogionالتي يجب أن يسأل عن طريقها أمام التابوت، لذلك نقرأ أن صادوق وأبياثار “كانا الكاهنان” في أيام داود (2صم 8: 17؛ 20: 25)، فأحدهما كان يخدم المذبح والآخر يخدم التابوت. وفي جبعون حيث توجد المذابح عيّن داود مغنين ليشكروا الرب ولا بُد أن يكون موضوع تسبحتهم: “لأن إلى الأبد رحمته”(عدد 41)، وقد استخدموا آلات موسيقية مقدسة ومخصصة لمثل هذه الخدمة تختلف عما كانوا يستعملون في المناسبات الأخرى، فبين المرح العادي والفرح المقدس فرق شاسع، والحدود والمسافة بينهما يجب أن تراعي وُتنفّذ.

هنا وقد استقرت الأشياء ووضعت الأمور الدينية في نصابها نلاحظ أن:

أ. الشعب كان راضيًا وذهبوا إلى منازلهم مسرورين.

ب. عاد داود ليبارك بيته، معتزمًا أن يحافظ على عبادته العائلية والتي لا يجب أن تلغيها العبادة العامة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى