تفسير سفر المكابين الاول ١٢ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني عشر

الآيات (1-18):

1 ورأى يوناتان أن له فرصة ملائمة فاختار رجالا وسيرهم إلى رومية ليقروا الموالاة بينهم ويجددوها. 2 وأرسل معهم إلى إسبرطة وأماكن أخرى كتبا في هذا المعنى. 3فانطلقوا إلى رومية ودخلوا الشورى وقالوا أنا مرسلون من قبل يوناتان الكاهن الأعظم وأمة اليهود لنجدد ما بينكم وبينهم من الموالاة والمناصرة كما كان من قبل. 4 فأعطوهم كتبا للعمال في الأقاليم حتى يبلغوهم ارض يهوذا بسلام. 5 وهذه نسخة الكتب التي كتبها يوناتان إلى أهل إسبرطة. 6 من يوناتان الكاهن الأعظم وشيوخ الأمة ومن الكهنة وسائر شعب اليهود إلى أهل إسبرطة اخوتهم سلام. 7 أن اريوس المالك فيكم كان قديما قد انفذ كتبا إلى اونيا الكاهن الأعظم يشهد أنكم اخوتنا على ما هو في نسختها. 8 فتلقى اونيا الرسول بإكرام واخذ الكتب المصرح فيها بالمناصرة والموالاة. 9 فنحن وان لم تكن بنا حاجة إلى ذلك بما لنا من التعزية في الأسفار المقدسة التي في أيدينا. 10 قد أثرنا مراسلتكم لنجدد الإخاء والموالاة لئلا نعد من الأجانب عندكم إذ قد مضى على مكاتبتكم لنا زمان مديد. 11 وأنا في كل حين في الأعياد وسائر الأيام المفروضة لا نزال نذكركم في الذبائح التي نقدمها وفي الصلوات كما ينبغي ويليق أن يذكر الاخوة. 12 ويسرنا ما انتم عليه من الاعتزاز. 13 أما نحن فقد أحاطت بنا مضايق كثيرة وحروب عديدة وقاتلنا الملوك الذين من حولنا. 14 لكنا كرهنا أن نثقل عليكم وعلى سائر مناصرينا وأوليائنا في تلك الحروب. 15 فان لنا من السماء مددا يمدنا وقد تخلصنا من أعدائنا وأذللناهم. 16والآن فقد اخترنا نومانيوس بن انطيوكس وانتيباتير بن ياسون وأرسلناهما إلى الرومانيين لنجدد ما كان بيننا قبلا من الموالاة والمناصرة. 17 وأمرناهما بان يقدما إليكم ويقرئاكم السلام ويسلما إليكم الكتب من قبلنا في تجديد إخائنا. 18 ولكم جميل الصنع أن أجبتمونا إلى ذلك.”

هنا نرى نشاط دبلوماسي ليوناثان، فهو يرسل وفود لروما ولإسبرطة لعقد وتجديد المعاهدات. فرصة ملائمة= فترة هدوء وإستقلال نسبي. ولكننا لم نرى روما ولا إسبرطة قد ساعدت اليهود في حروبهم. وقد ذهب رسل يوناثان إلى روما أولاً ثم إسبرطة. وكل ما حصل عليه الرسل أو اليهود هو مساعدة الرسل في الوصول إلى اليهودية ومن والي إسبرطة لروما بسلام في حراسة رومانية. وكل ما حصل عليه الرسل أو اليهود هو مساعدة الرسل ونجد في الآيات (5-18) نص رسالة يوناثان لإسبرطة. شيوخ الأمة= مجلس أنشأوه يرأسه الكاهن العظيم لتدبير شئون الأمة. إسبرطة= يعتقد أن مؤسسها شخص يهودي إسمه “سبرطون” وهي مدينة يونانية قديمة وأنشأت في القرن التاسع قبل الميلاد وكانت عاصمتها “ليكأونية” ولذلك يُدعى شعب ليكأونية بالإسبرطيين.

وإشتهر أهل إسبرطة بنظام حياتهم الصارم شبه العسكري، وكان لهم دوراً كبيراً في صد الغارات الفارسية ضد اليونان. وفي وقت لاحق هزموا اليونان.

وكان هناك إعتقاد بأن اليهود والإسبرطيين أقارب من نسل إبراهيم. وقد لجأ كثير من اليهود أيام حرق نبوخذ نصر أورشليم، إلى إسبرطة. ولهم عادات متشابهة في التطهير وإحترام التقاليد. وهذا ما دفع ياسون رئيس الكهنة المنبوذ لأن يلجأ لإسبرطة خوفاً من اليهود الذين طاردوه (2مك9:5) وفي آية (7) نرى أن أول معاهدة بين الطرفين كانت بين آريوس الأول ملك إسبرطة وأونيا الأول رئيس كهنة اليهود وذلك قبل قرنين من الزمان.

ويظهر من الرسالة أن إعتماد يوناثان وشعبه هو بالدرجة الأولى على الله وليس الآخرين وهذا ميراث في كتبهم المقدسة. ولكن ما يطلبونه هو العلاقات الودية. وإنما هم يفعلون معاهدة قديمة.

 

الآيات (19-23):

19 وهذه نسخة الكتب التي أرسلها إلى اونيا. 20 من اريوس ملك الإسبرطيين إلى اونيا الكاهن الأعظم سلام. 21 وبعد فقد وجد في بعض الكتب أن الإسبرطيين واليهود اخوة من نسل إبراهيم. 22 وإذ قد علمنا ذلك فلكم جميل الصنع أن راسلتمونا فيما انتم عليه من السلام. 23 والآن فان جوابنا إليكم أن مواشيكم وأملاككم هي لنا وان ما لنا هو لكم هذا ما أوصينا بان تبلغوه.”

هذا تذييل لكتاب يوناثان لأهل إسبرطة يضع فيه نسخة كتاب أهل إسبرطة القديم لأونيا الكاهن= عظيم الكهنة. ويتضح أن المعاهدة ليست عسكرية فلا ذكر لتدعيم عسكري بل تجاري. وربما كانت هذه المعاهدة تشير لدعوة اليهود أو بعضهم ليعيشوا مع الإسبرطيين في إسبرطة ويكون لهم أراضي يعملون فيها.

 

الآيات (24-34):

24 وبلغ يوناتان أن قواد ديمتريوس قد عادوا لمحاربته بجيش يزيد على جيشه الأول. 25 فخرج من أورشليم ووافاهم في ارض حماة ولم يمهلهم أن يطأوا أرضه. 26 ثم أرسل جواسيس إلى محلتهم فرجعوا واخبروه انهم مزمعون أن يهجموا عليهم في الليل. 27 فلما غربت الشمس أمر يوناتان الذين معه بان يسهروا تحت السلاح الليل كله استعدادا للقتال وفرق الحرس حول المحلة. 28 وسمع العدوبان يوناتان والذين معه متأهبون للقتال فداخل قلوبهم الرعب والرعدة فأضرموا النيران في محلتهم وهربوا. 29 إلا أن يوناتان والذين معه لم يعلموا بما كان إلا عند الصبح لأنهم كانوا يرون ضوء النيران. 30 فتعقبهم يوناتان فلم يدركهم لأنهم كانوا قد قطعوا نهر الوطارس.31 فارتد يوناتان إلى العرب المسمين بالزبديين وضربهم وسلب غنائمهم. 32ثم ارتحل واتى دمشق وجال في البلاد كلها. 33 واما سمعان فخرج وبلغ إلى اشقلون والحصون التي بالقرب منها ثم ارتد إلى يافا واستحوذ عليها. 34لأنه سمع انهم يريدون أن يسلموا الحصن إلى أحزاب ديمتريوس وأقام هناك حرسا يحافظون على المدينة.”

مازال ديمتريوس يسعى لإسترداد ملكه ولكن عن طريق إستيلائه على أرض اليهود أولاً. ولقد كان تصور ديمتريوس أن يتحارب مع يوناثان في أرضه، لكنه فوجئ به أنه يحدد هو مكان المعركة ويصعد إليه في حماة فهرب من شجاعته مذعوراً. وحماة هي مدينة سورية (جنوب غرب). وجاء ديمتريوس من الجزء الذي مازال موالياً له على الشريط الساحلي. ولا يُعرف السبب الذي جعل يوناثان يهاجم الزبديين.

 

الآيات (35-38):

35 ثم رجع يوناتان وجمع شيوخ الشعب وأتمر معهم أن يبني حصونا في اليهودية. 36ويرفع أسوار أورشليم ويشيد حائطا عاليا بين القلعة والمدينة ليفصلها عن المدينة وتبقى على حدتها حتى لا يشتروا ويبيعوا. 37 فاتفقوا على أن يبنوا المدينة وتقدم إليهم أن يبنوا سور الوادي شرقا ورمموا السور المسمى كافيناطا. 38 وابتنى سمعان حاديد في السهل وحصنها بالأبواب والمزاليج.”

عاد يوناثان ليحصن ويبني. أتمر= عقدوا مؤتمراً إتخذ قراراً بذلك. يشيد حائطاً عالياً= ليمنع الذين في القلعة من اليونانيين من أن يضايقوا من في الهيكل وليمنع من فيها من الدخول إلى أورشليم يبيعون ويشترون، هو نوع من الحصار للمضايقة فيتركوا القلعة، خصوصاً أن من في القلعة هم أتباع ديمتريوس، والآن فيوناثان ليس من أتباعه بل صار يتبع أنطيوخس الصغير. كافيناطا= ربما يعني سور الجوع الذي يمنع اليونانيين من دخول المدينة.

 

الآيات (39-54):

39 وحاول تريفون أن يملك على آسية ويلبس التاج ويلقي يده على انطيوكس الملك. 40 لكنه خشي من يوناتان أن يمنعه ويحاربه فطلب سبيلا لأن يقبض على يوناتان ويهلكه فسار واتى إلى بيت شان. 41 فخرج يوناتان لملتقاه في أربعين ألف رجل منتخبين للقتال واتى إلى بيت شان. 42 فلما رأى تريقون أن يوناتان قد اقبل في جيش كثيف لم يجسر أن يمد يده إليه. 43فتلقاه بإكرام وأوصى به جميع أصحابه وأهدى إليه هدايا وأمر جيوشه بان يطيعوه طاعتهم لنفسه. 44 وقال ليوناتان لم ثقلت على هؤلاء الشعب كلهم وليس بيننا حرب. 45 أطلقهم إلى بيوتهم وانتخب لك نفرا قليلا يكونون معك وهلم معي إلى بطلمايس فأسلمها إليك هي وسائر الحصون ومن بقي من الجيوش وجميع المقلدين على الأمور ثم انصرف راجعا فأني لهذا جئت. 46فصدقه وفعل كما قال وأطلق الجيوش فانصرفوا إلى ارض يهوذا. 47واستبقى لنفسه ثلاثة آلاف رجل ترك ألفين منهم في الجليل وصحبه ألف. 48فلما دخل يوناتان بطلمايس اغلق أهل بطلمايس الأبواب وقبضوا عليه وقتلوا جميع الذين دخلوا معه بالسيف. 49 وارسل تريفون جيشا وفرسانا إلى الجليل والصحراء الواسعة لإهلاك جميع رجال يوناتان. 50لكنهم لما علموا أن يوناتان والذين معه قد قبض عليهم وهلكوا شجعوا أنفسهم وتقدموا وهم متضامون متأهبون للقتال. 51 وإذ رأى طالبوهم انهم مستبسلون رجعوا عنهم. 52 فوفدوا جميعهم بالسلام إلى ارض يهوذا وناحوا على يوناتان والذين معه واشتد خوفهم وكانت عند جميع إسرائيل مناحة عظيمة. 53 وطلب كل الأمم الذين حولهم أن يدمروهم لأنهم قالوا. 54انهم لا رئيس لهم ولا ناصر فلنقاتلهم ولنمح ذكرهم من البشر.”

تريفون كان من خواص ديمتريوس الثاني، ولما تمردت الجيوش عليه، ذهب وأتى بأنطيوخس الصغير وأقامه ملكاً على عرش ديمتريوس، وقطعاً كان هو الحاكم أو الملك الحقيقي حيث أن عمر أنطيوخس الصغير كان خمس سنوات. ولما أراد قتل أنطيوخس خاف من حليفه يوناثان فذهب ليحاربه وكان خائفاً من إنتصارات يوناثان وسمعان أخيه. وقام تريفون بخدعة يوناثان، البطل العظيم وأسره.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى