تفسير سفر الملوك الثاني ١٣ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الثالث عشر
آية 2،1:- في السنة الثالثة والعشرين ليواش بن اخزيا ملك يهوذا ملك يهواحاز بن ياهو على اسرائيل في السامرة سبع عشرة سنة. وعمل الشر في عيني الرب وسار وراء خطايا يربعام بن نباط الذي جعل اسرائيل يخطئ لم يحد عنها.
بدأ يهوأحاز حكمه فى بداية السنة الثالثة والعشرين ليوآش وحكم 17 سنة منها 14 سنة منفردا و3 سنوات مع إبنه يوآش وكانت السنة الرابعة عشرة مبتدئة لتوها.
آية 3:- فحمي غضب الرب على اسرائيل فدفعهم ليد حزائيل ملك ارام وليد بنهدد بن حزائيل كل الايام.
كل الأيام = اى أيام يهوأحاز ولم يملك بنهدد فى زمان يهوأحاز (ع 22) وربما كان قائدا فى جيش أبيه. وبعد موت يهوأحاز وحزائيل ملك بنهدد فى أرام ويوآش فى إسرائيل ويوآش ضرب بنهدد 3 مرات.
الآيات 4-9:- وتضرع يهواحاز الى وجه الرب فسمع له الرب لانه راى ضيق اسرائيل لان ملك ارام ضايقهم.و اعطى الرب اسرائيل مخلصا فخرجوا من تحت يد الاراميين واقام بنو اسرائيل في خيامهم كامس وما قبله.و لكنهم لم يحيدوا عن خطايا بيت يربعام الذي جعل اسرائيل يخطئ بل ساروا بها ووقفت السارية ايضا في السامرة.لانه لم يبق ليهواحاز شعبا الا خمسين فارسا وعشر مركبات وعشرة الاف راجل لان ملك ارام افناهم ووضعهم كالتراب للدوس.و بقية امور يهواحاز وكل ما عمل وجبروته اما هي مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك اسرائيل.ثم اضطجع يهواحاز مع ابائه فدفنوه في السامرة وملك يواش ابنه عوضا عنه.
وتضرع = الله يستجيب لكل من يدعوه حتى لو كان هذا الملك الخاطىء مخلصاً = المقصود أن المخلص هو أشور التى أضعفت سلطان أرام وهذا حدث فى أيام إبنه يوآش وحفيده يربعام الثانى ففى أيامهم أقام بنو إسرائيل فى خيامهم أى فى راحة بدون حرب. أما فى أيام يهوأحاز فإنحطوا إنحطاطا كاملا. ووقفت السارية = هذه التماثيل الخشبية كانت علامة وشهادة لخيانة إسرائيل للرب. ونتيجة الخطية أنظر لحالة الإنحطاط التى وصلت لها إسرائيل فكل الجنود الذين إستطاعوا تجنيدهم 10.000 + 50 فارسا + 10 مركبات وقارن مع أيام سليمان.
الآيات 10-13- وفي السنة السابعة والثلاثين ليواش ملك يهوذا ملك يهواش بن يهواحاز على اسرائيل في السامرة ست عشرة سنة.و عمل الشر في عيني الرب ولم يحد عن جميع خطايا يربعام بن نباط الذي جعل اسرائيل يخطئ بل سار بها.و بقية امور يواش وكل ما عمل وجبروته وكيف حارب امصيا ملك يهوذا اما هي مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك اسرائيل.ثم اضطجع يواش مع ابائه وجلس يربعام على كرسيه ودفن يواش في السامرة مع ملوك اسرائيل.
ويوآش حكم 16 سنة متضمنة المدة التى إشترك فيها مع أبيه
الأيات 14-19:- ومرض اليشع مرضه الذي مات به فنزل اليه يواش ملك اسرائيل وبكى على وجهه وقال يا ابي يا ابي يا مركبة اسرائيل وفرسانها.فقال له اليشع خذ قوسا وسهاما فاخذ لنفسه قوسا وسهاما. ثم قال لملك اسرائيل ركب يدك على القوس فركب يده ثم وضع اليشع يده على يدي الملك. وقال افتح الكوة لجهة الشرق ففتحها فقال اليشع ارم فرمى فقال سهم خلاص للرب وسهم خلاص من ارام فانك تضرب ارام في افيق الى الفناء.ثم قال خذ السهام فاخذها ثم قال لملك اسرائيل اضرب على الارض فضرب ثلاث مرات ووقف.فغضب عليه رجل الله وقال لو ضربت خمس او ست مرات حينئذ ضربت ارام الى الفناء واما الان فانك انما تضرب ارام ثلاث مرات.
يترك الوحى أخبار الملوك ليسجل لنا خبر نياحة النبى العظيم فهو رجل الله. وكان عمر إليشع 80 سنة تقريبا ونزول الملك إليه دليل إعتباره لهذا النبى العظيم. وبكى على وجهه = أى نزلت دموعه على وجه إليشع. يا مركبة إسرائيل وفرسانها = الملك بكى لأنه يعرف أن إليشع هو أقوى من كل مركبات إسرائيل بصلاته وشفاعته التى تحمى إسرائيل. فقال إليشع خذ قوساً = فى الحروب القديمة كان الجيش المهاجم يحاصر المدينة وياتى القائد المهاجم ماسكا قوسه وسهما ويرمى سهما داخل المدينة ويُصرح بسبب الحرب ويطلب إما الحرب أو الإستسلام لذلك طلب منه إليشع أن يمسك قوسه وسهامه علامة أنه سيحارب أرام. ثم وضع إليشع يده على يدى الملك. فالحرب هى للملك وهذا عمله المطلوب أن يقوم به ولكن هناك مساعدة من الرب وإليشع الآن وكيله ويكون معنى هذا أن إليشع يقول وإن كنت ساموت فالله سيسندك فحارب بقوة فما أنت إلا أداة فى يد الله (هو يُعلم يدى القتال مز 34:18، 1:144). ورمى ناحية الشرق لأن أرام عدو إسرائيل جهة الشرق. إرم = القصد بهذا العمل نبوءة بخلاص إسرائيل بمعونة الرب. أفيق = حيث تتجمع جيوش الأراميين (1 مل 26:20). لقد أصبح الآن الدرس واضحا لملك إسرائيل فعليه أن يحارب بل يعلن الحرب على أرام فى أفيق والله سيخلصه وينصره كان هذا هو الدرس الأول. وإنتقل إليشع إلى الدرس الثانى كان ان يضرب بقدر إمكانه السهام إلى الأرض وكل سهم يشير لمعركة يهزمهم فيها (حسب عادة تلك الأيام) ومن المؤكد أنه فهم المعنى ولكنه غالباً بسبب سياسى رفض أن يضرب أرام أكثر من 3 مرات وفضل أن لا يفنيهم ربما لأنه كان خائفا من أشور (وتركهم هنا هو نفس خطأ أخاب حين أطلق ملك أرام).
ولذلك غضب النبى. ولنلاحظ أن عمل الرب هو حسب إيمان الإنسان فمن يطلب كثيرا ينال كثيرا ومن يطلب قليلا ينال قليلا فكان عمل يوآش دليل ضعف إيمانه وكان غضب النبى على ضعف إيمانه وليس على عدد الضربات فهو بالتأكيد أى إليشع له من الشفافية ما جعله ما يرى ما سيحدث فى المستقبل للملك ولجيوشه وشعبه.
الآيات 20-25:- ومات اليشع فدفنوه وكان غزاة مواب تدخل على الارض عند دخول السنةو فيما كانوا يدفنون رجلا اذا بهم قد راوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر اليشع فلما نزل الرجل ومس عظام اليشع عاش وقام على رجليه.و اما حزائيل ملك ارام فضايق اسرائيل كل ايام يهواحاز.فحن الرب عليهم ورحمهم والتفت اليهم لاجل عهده مع ابراهيم واسحق ويعقوب ولم يشا ان يستاصلهم ولم يطرحهم عن وجهه حتى الان. ثم مات حزائيل ملك ارام وملك بنهدد ابنه عوضا عنه.فعاد يهواش بن يهواحاز واخذ المدن من يد بنهدد بن حزائيل التي اخذها من يد يهواحاز ابيه بالحرب ضربه يواش ثلاث مرات واسترد مدن اسرائيل.
دخول غزاة موآب دليل على إنحطاط حالة إسرائيل وقيام الميت كان غرضه أن يتذكر الناس تعاليم الله الذى كان هذا النبى العظيم يعلمها لهم وهى إكرام لمن أكرم الله بحياته وبشهادته لهُ ” انا أكرم الذين يكرموننى ” وكما كرم الله إيليا عند إنتقاله كرم الله إليشع بعد إنتقاله وما حدث كان درسا أن الموت ليس نهاية الإنسان فإليشع له قوته بعد موته وهذا دليل على شفاعة القديسين الذين نثق فى أن لصلواتهم قوة بعد موتهم. وموتهم لن يمنع قوة صلواتهم وكان إليشع رمزا للمسيح الذى بموته أعطى حياة لمن ماتوا.
ثم نجد إتماما لنبوة إليشع بأن إسرائيل تضرب أرام 3 مرات والعجيب فإن الملك الذى كان خائفا من أرام ومن أشور جاءته الضربة من موآب فالهجوم قد يأتى من اماكن ضعيفة لا نتوقعها.