تفسير سفر صموئيل الثاني أصحاح 17 للقمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (1-4):- “وَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: «دَعْنِي أَنْتَخِبُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُل وَأَقُومُ وَأَسْعَى وَرَاءَ دَاوُدَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، فَآتِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتْعَبٌ وَمُرْتَخِي الْيَدَيْنِ فَأُزْعِجُهُ، فَيَهْرُبَ كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ، وَأَضْرِبُ الْمَلِكَ وَحْدَهُ. وَأَرُدَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ إِلَيْكَ. كَرُجُوعِ الْجَمِيعِ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي تَطْلُبُهُ، فَيَكُونُ كُلُّ الشَّعْبِ فِي سَلاَمٍ». فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي عَيْنَيْ أَبْشَالُومَ وَأَعْيُنِ جَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ.”

ملك داود على حبرون 7 سنين ونصف دون أن يتعجل الحكم على كل إسرائيل مع أنه لهُ وعد من الله ولكنه بإيمان واثق في الله إنتظر أن يحقق الله وعده. أمّا هذا الشاب العاق فتعجل كل شيء حتى قتل أبيه. وكانت مشورة أخيتوفل لتحقيق هدف إبشالوم ألا وهو قتل داود هي أن يسرعوا باللحاق بداود وهو متعب هو والشعب الذين معهُ وبسبب الإرهاق الشديد والمفاجأة وقبل أن يستقر داود لينظم جيشه ويدبر أموره يضطرب الكل ويتركونه، فيبقى داود وحدهُ= فأُزعجه فيهرب كل الشعب الذي معهُ وأضرب الملك وحدهُ= أي يقتله. ويرجع باقي الشعب إلى إبشالوم أي بقية الرجال وبقية الشعب الذين كانوا مازالوا وراء داود حين يجدونه قد مات يرضوا بالأمر الواقع ويدينوا بالولاء لإبشالوم [وكان في تصوّر أخيتوفل أن الأمر لا يحتاج سوى لـ 12,000 رجل]. كرجوع الجميع هو الرجل الذي تطلبه= لأن موت الرجل الذي تطلبه معناه رجوع الجميع للالتفاف حولك. فيكون الشعب في سلام= لأن قتل داود سيتسبب في أن يتفرق رجاله ويتشتتوا ولا تصير هناك حرب طويلة كالتي كانت بين بيت شاول وبيت داود. وفي أية (14) يقول الكتاب أن هذه المشورة كانت صالحة. وصالحة ليست معناها أنها بحسب إرادة الله ولكن بمعنى أنها صائبة وكانت ستؤدي فعلًا لمقتل داود فداود كان منهك فعلًا هو ورجاله وكانوا غير قادرين على الحرب وكانت المفاجأة ستكون قاتلة لهم. ولكن صلاة داود أبطلت هذه المشورة وحمقتها أي جعلت حكمة أخيتوفل حماقة ولم يؤخذ بها. والعجيب أن يقول أخيتوفل أرد جميع الشعب= فهو اعتبر أن من وراء داود هم خارجين عن القانون ومرتدين عن الملك إبشالوم. وهناك تأمّل روحي في قول أخيتوفل أن موت داود يكون فيه سلام للشعب وداود كرمز للمسيح كان موتهُ سلامًا للعالم والله استخدم هذا الشرير أخيتوفل= أخ الحماقة ليعلن هذه النبوة كما استخدم قيافا رئيس الكهنة لإعلان نبوة مماثلة (يو11: 49-52).

 

آية (5):- “فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «ادْعُ أَيْضًا حُوشَايَ الأَرْكِيَّ فَنَسْمَعَ مَا يَقُولُ هُوَ أَيْضًا».”

هذا تدبير الله فالله له أدواته ويرسل الله مع التجربة المنفذ. وبحكمة تكلم حوشاي.

 

آية (6):- “فَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ إِلَى أَبْشَالُومَ، كَلَّمَهُ أَبْشَالُومُ قَائِلًا: «بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ تَكَلَّمَ أَخِيتُوفَلُ. أَنَعْمَلُ حَسَبَ كَلاَمِهِ أَمْ لاَ؟ تَكَلَّمْ أَنْتَ».”

 

الآيات (7-13):- “فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: «لَيْسَتْ حَسَنَةً الْمَشُورَةُ الَّتِي أَشَارَ بِهَا أَخِيتُوفَلُ هذِهِ الْمَرَّةً». ثُمَ قَالَ حُوشَاي: «أَنْتَ تَعْلَمُ أَبَاكَ وَرِجَالَهُ أَنَّهُمْ جَبَابِرَةٌ، وَأَنَّ أَنْفُسَهُمْ مُرَّةٌ كَدُبَّةٍ مُثْكِل فِي الْحَقْلِ. وَأَبُوكَ رَجُلُ قِتَال وَلاَ يَبِيتُ مَعَ الشَّعْبِ. هَا هُوَ الآنَ مُخْتَبِئٌ فِي إِحْدَى الْحُفَرِ أَوْ أَحَدِ الأَمَاكِنِ. وَيَكُونُ إِذَا سَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي الابْتِدَاءِ أَنَّ السَّامِعَ يَسْمَعُ فَيَقُولُ: قَدْ صَارَتْ كَسْرَةٌ فِي الشَّعْبِ الَّذِي وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. أَيْضًا ذُو الْبَأْسِ الَّذِي قَلْبُهُ كَقَلْبِ الأَسَدِ يَذُوبُ ذَوَبَانًا، لأَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَاكَ جَبَّارٌ، وَالَّذِينَ مَعَهُ ذَوُو بَأْسٍ. لِذلِكَ أُشِيرُ بِأَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْكَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ، وَحَضْرَتُكَ سَائِرٌ فِي الْوَسَطِ. وَنَأْتِيَ إِلَيْهِ إِلَى أَحَدِ الأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ، وَنَنْزِلَ عَلَيْهِ نُزُولَ الطَّلِّ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُ وَلاَ مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ وَاحِدٌ. وَإِذَا انْحَازَ إِلَى مَدِينَةٍ، يَحْمِلُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ إِلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ حِبَالًا، فَنَجُرُّهَا إِلَى الْوَادِي حَتَّى لاَ تَبْقَى هُنَاكَ وَلاَ حَصَاةٌ».”

 حوشاي أراد أن يعطي فرصة لداود لينظم نفسه وفرصة ليخبره فلا يفاجأ. وبحكمة أجاب حوشاي أي كان كلامهُ مقنعًا لمن سمعوه وملخص ما قاله:-

1- أن داود رجل حرب وهو بالتأكيد أعد عدته لمثل مشورة أخيتوفل ومؤكد أنه لن يبيت وسط رجالهُ بل سيختفي في شق أو مغارة في الجبل يصعب اكتشافها وستقوم حرب طاحنة بين رجال داود ورجال إبشالوم بلا فائدة لأنهم لن يجدوا داود ويبقى داود لينغص على إبشالوم فهناك جمهور مؤيد لداود.

2- أن إبشالوم يواجه داود وهو رجل حرب يخطط جيدًا فينبغي التروي حتى لا ينهزم جيش إبشالوم فيفقد الشعب الثقة فيه. وخبر أي هزيمة ينتقل بسرعة (هذا معنى آية 9).

3- أن داود الجريح ورجاله الآن ليسوا ضعفاء فهم أنفسهم مرة كدبة مثكل في الحقل والجندي الجريح نفسيًا يحارب بقوة وضراوة. فإذا كان أصلًا جبار (أية 10) فكم وكم تكون قوتهم. والهزيمة الأولى ستلقى الرعب في قلوب رجال إبشالوم (آية 10).

4- إبشالوم الآن كملك شعبه يمتد من دان إلى بئر سبع فليستخدم إمكانياتهم ويعد جيش كبيرًا جدًا ولا يكتفي بـ12,000 حتى لا يتعرضوا للهزيمة وينزل كالطل على الأرض (مثل يدل على كثرة عدد الجيش). وإن إختبأ في مدينة= وإذا انحاز إلى مدينة= أي إذا إختبأ داود داخل أسوار مدينة فليدمروا هذه المدينة ولا يتركوا حجرًا على حجر (معنى آية 12) وعجيب أن يفرح إبشالوم بهذا الحل أن يدمر مدينة بشعبها. وداود هرب من أورشليم حتى لا يضربها إبشالوم بحد السيف، هذا هو الفارق بين الراعي الحقيقي والذئب (يو10: 10-12).

5- حتى يجد الكلام صدى في نفسية هذا الشاب المتكبر الأرعن ضرب حوشاي على وتر حساس. فبعد أن تجمع يا مولاي هذا الجيش الجبار وحضرتك سائر في الوسط (أية 11) وتركه يتيه فخرًا وزهوًا بنفسه متصورًا هذا المنظر العظيم أنه في وسط جيش من مئات الألوف يقودهم ليبيدوا كل رجال داود ولا يبقى منهم واحد (أية 12) ومن السهل جدًا أن يُخدع الإنسان المتكبر، فقط بأن تقول لهُ ما يشبع كبرياءهُ أمّا المتواضع فلا يمكن خداعه بهذا.

هذه النقاط التي أثارها حوشاي أرعبت إبشالوم من التسرع وأشبعت كبرياءهُ ولم يُدرك أن كثيرين مازالوا متعلقين ببطلهم داود. ولكن لكي يتعلق الكل به فهذا يحتاج لوقت طويل. فالله الذي سمح بمشورة أخيتوفل ها هو يبطلها بمشورة حوشاي ليعطي النصرة لداود ورجاله الأمناء، هذه هي يد الله العاملة عبر الأجيال لحساب مؤمنيه.

 

آية (14):- “فَقَالَ أَبْشَالُومُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «إِنَّ مَشُورَةَ حُوشَايَ الأَرْكِيِّ أَحْسَنُ مِنْ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ». فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ، لِكَيْ يُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ.”

 

الآيات (15، 16):- “وَقَالَ حُوشَايُ لِصَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ: «كَذَا وَكَذَا أَشَارَ أَخِيتُوفَلُ عَلَى أَبْشَالُومَ وَعَلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَكَذَا وَكَذَا أَشَرْتُ أَنَا. فَالآنَ أَرْسِلُوا عَاجِلًا وَأَخْبِرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: لاَ تَبِتْ هذِهِ اللَّيْلَةَ فِي سُهُولِ الْبَرِّيَّةِ، بَلِ اعْبُرْ لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ».”

نفذ حوشاي الجزء الأول من الخطة وأبطل مشورة أخيتوفل والآن يُرسِلْ لداود خبرًا بكل ما حدث خلال الكهنة، وقد استخدم الله الشعب والكهنة الرجال والنساء، الشيوخ والشبان لتحقيق هذا الهدف، ليعلن أن الكنيسة جسد واحد. ولقد طلب حوشاي من داود أن يهرب هذه الليلة ويعبر الأردن ولا يبيت في شرق الأردن لأنه خاف أن يعود إبشالوم ويقبل خطة أخيتوفل.

ملحوظة:- الذي يبدو على الظاهر أن إبشالوم قد امتلك وهو الأقوى والذين هم لداود هم قلة هاربين منهكين ومن الذي يسانده الآن في أورشليم حوشاي والكاهنين وجارية وغلام كما سنرى ولكن ليس كل هؤلاء الذين يساندون داود بل الله هو الذي يحرك كل هؤلاء لذلك قال إليشع “الذين معنا أكثر من الذين علينا”.

 

آية (17):- “وَكَانَ يُونَاثَانُ وَأَخِيمَعَصُ وَاقِفَيْنِ عِنْدَ عَيْنِ رُوجَلَ، فَانْطَلَقَتِ الْجَارِيَةُ وَأَخْبَرَتْهُمَا، وَهُمَا ذَهَبَا وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ دَاوُدَ، لأَنَّهُمَا لَمْ يَقْدِرَا أَنْ يُرَيَا دَاخِلَيْنِ الْمَدِينَةَ.”

انطلقت جارية من قبل الكاهنين الشيخين صادوق وأبياثار إلى إبنيهما الكاهنين الشابين الذين كانا واقفين عند عين روجل. وهي تظاهرت بأنها ذاهبة لتستسقى. والكاهنين لم يقدروا أن يظهرا في أورشليم داخل المدينة حتى لا يثير خروجهما إستفسارات أو ربما منعوهما من الخروج. وكانت خطة محكمة أن يختبئ الكاهنان الشابين عند العين. وحوشاي يبلغ الكاهنين الكبيرين وهما يرسلان الجارية إلى خارج أورشليم عند العين لتستسقى وتبلغهم وهم يذهبون إلى داود. والكاهنين الشابين لم يقدروا أن يريا= لأنهما كانا معروفين أنهما من رجال داود وتابعيه.

 

آية (18):- “فَرَآهُمَا غُلاَمٌ وَأَخْبَرَ أَبْشَالُومَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا عَاجِلًا وَدَخَلاَ بَيْتَ رَجُل فِي بَحُورِيمَ وَلَهُ بِئْرٌ فِي دَارِهِ، فَنَزَلاَ إِلَيْهَا.”

 

آية (19):- “فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ وَفَرَشَتْ سَجْفًا عَلَى فَمِ الْبِئْرِ وَسَطَحَتْ عَلَيْهِ سَمِيذًا فَلَمْ يُعْلَمِ الأَمْرُ.”

ومع كل هذا فإن غلام (جاسوس غالبًا) رآهما وأخبر رجال إبشالوم فانطلقوا وراءهما ليمسكوهما، وكأن مع كل عمل نتوقع مقاومة من عدو الخير من حيث لا ندري، لذا لن تنجح أي خطة بشرية مهما أحكمت ما لم تتدخل عناية الله ونعمته. ولهُ بئر في دارِهِ= البئر هي مكان لحفظ ماء المطر وتخزينه يناظر الصهريج الآن. وهي كانت جافة.

 

آية (20):- “فَجَاءَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ إِلَى الْمَرْأَةِ إِلَى الْبَيْتِ وَقَالُوا: «أَيْنَ أَخِيمَعَصُ وَيُونَاثَانُ؟» فَقَالَتْ لَهُمُ الْمَرْأَةُ: «قَدْ عَبَرَا قَنَاةَ الْمَاءِ». وَلَمَّا فَتَّشُوا وَلَمْ يَجِدُوهُمَا رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ.”

واضح أن المرأة كذبت والكذب لا يمكن تبريره. وكان الله يمكن أن يعمل بالصدق فمثلًا كان يمكن أن تقول لا أعلم كما قال المسيح حين سألوه عن اليوم الأخير.

 

آية (21):- “وَبَعْدَ ذِهَابِهِمْ خَرَجَا مِنَ الْبِئْرِ وَذَهَبَا وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ دَاوُدَ، وَقَالاَ لِدَاوُدَ: «قُومُوا وَاعْبُرُوا سَرِيعًا الْمَاءَ، لأَنَّ هكَذَا أَشَارَ عَلَيْكُمْ أَخِيتُوفَلُ».”

 

آية (22):- “فَقَامَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَعَبَرُوا الأُرْدُنَّ. وَعِنْدَ ضَوْءِ الصَّبَاحِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَمْ يَعْبُرِ الأُرْدُنَّ.”

لم يبق أحد لم يعبر الأردن= إذا فهمنا أن داود يرمز للمسيح فهذه تشبه “الذين في يدي لم يهلك منهم أحد”. المهم أن نتبعه كما تبعه أولئك.

 

آية (23):- “وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا، شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَبِيهِ.”

أخيتوفل أي أخ الحماقة وأي حماقة أكثر من أن يموت الشخص منتحرًا. وهو انتحر من أجل كرامته الذاتية فقد قبلوا مشورة حوشاي وتركوا مشورته والأهم أنه علم أن مشورة حوشاي ستؤدي إلى هلاك إبشالوم ويعود داود ليعاقبه كخائن. وصار أخيتوفل هذا رمزًا ليهوذا الذي خان سيده وخنق نفسه وأوصى لبيته= كتب وصيته.

 

آية (24):- “وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ. وَعَبَرَ أَبْشَالُومُ الأُرْدُنَّ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ.”

عبر داود ورجاله نهر الأردن إلى محنايم وهي مدينة عند تخم جاد الشمالي ومدينة مناسبة لداود بسبب حصونها.

وَعَبَرَ أَبْشَالُومُ الأُرْدُنَّ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيل = هذه مقدمة للأحداث القادمة والحرب التي قامت بين إبشالوم وجيشه وبين داود ورجاله. عمومًا إبشالوم بدأ في تجميع الجيش ولكنه لم يفتش على داود أبيه بحسب مشورة حوشاي أيضًا.

 

 

آية (25):- “وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ عَمَاسَا بَدَلَ يُوآبَ عَلَى الْجَيْشِ. وَكَانَ عَمَاسَا ابْنَ رَجُل اسْمُهُ يِثْرَا الإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي دَخَلَ إِلَى أَبِيجَايِلَ بِنْتِ نَاحَاشَ أُخْتِ صَرُويَةَ أُمِّ يُوآبَ.”

قيل في ناحاش أنه اسم آخر ليسى أو هو اسم زوجة يسى ولكن الحل المتفق عليه من الأغلبية أنهُ بعد موت ناحاش أخذ يسى أرملته فولدت لهُ داود وإخوته فكانت أبيجايل وصروية أختيهم لأمهم وليس لأبيهم.

 

آية (26):- “وَنَزَلَ إِسْرَائِيلُ وَأَبْشَالُومُ فِي أَرْضِ جِلْعَادَ.”

 

الآيات (27-29):- “وَكَانَ لَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ أَنَّ شُوبِيَ بْنَ نَاحَاشَ مِنْ رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَمَاكِيرَ بْنُ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ، وَبَرْزَلاَّيَ الْجِلْعَادِيَّ مِنْ رُوجَلِيمَ، قَدَّمُوا فَرْشًا وَطُسُوسًا وَآنِيَةَ خَزَفٍ وَحِنْطَةً وَشَعِيرًا وَدَقِيقًا وَفَرِيكًا وَفُولًا وَعَدَسًا وَحِمِّصًا مَشْوِيًّا وَعَسَلًا وَزُبْدَةً وَضَأْنًا وَجُبْنَ بَقَرٍ، لِدَاوُدَ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ لِيَأْكُلُوا، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «الشَّعْبُ جَوْعَانُ وَمُتْعَبٌ وَعَطْشَانُ فِي الْبَرِّيَّةِ».”

قدم محبي داود لهُ مائدة فترنم بالمزمور (23) “ترتب لي مائدة تجاه مضايقيَّ”. داود أخطأ كثيرًا في قضية أوريا. والله حقًا غفر له ولكن الله يؤدب من يحبه. فالزنا دخل بيته والسيف دخل بيته وها هو شمعى يشتمه وابشالوم ابنه يقوم بثورة دموية ضده. وأخيتوفل يخونه والشعب يتخلى عنه وهو يهرب حافيًا بل ويمرض بعد ذلك (مز 41،55). وابن الخطية يموت. ولكن الله يعطي مع التجربة المنفذ فشماله تحت رأسي (التأديب) ويمينه تعانقني (التعزيات) والتعزيات هي مسكنات للنفس المتألمة وسط التجارب. فلقد أظهر حوشاي الأركي وإتاي الجتي محبتهم وكذلك صادوق وابياثار. وهنا نجد من يحبونه ويقابلونه بطعام له ولرجاله الجائعين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى