تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس عمود الدين

المقالة الخامسة: 5- يعقوب يزداد غنی

 

عزل يعقوب أيضا رعيته ، ولم تختلط بخراف لابان . لأنه أي اتفاق للمقدس مع الدنس ، لأن الدنس يُدنس الطاهر. وهكذا أيضا فإن أتباع يسوع هم منعزلون ويتجنبون الاختلاط مع الذين هم من العالم ( انظر ۲ کو 14:6 – 15) . وحقا هم متحررون من أي محبة للجسد ، وهم ليسوا مجهولين من جهة حياتهم ، بل بالحري هم معروفون جداً بسبب فضائلهم . لأنه يقول : « فصارت الضعيفة للابان والقوية ليعقوب » ( تك 42:30) . أيضاً لم يظل يعقوب بعيداً عن الغني والوفرة . إذ بني لابان رأوه في هذا الغني فاغتاظوا وجُرحوا جرحاً كبيراً. لذا فكر يعقوب في الرحيل والرجوع إلى بيته الأبوي . لأنه مكتوب : «فَاتَّسَعَ الرَّجُلُ كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ لَهُ غَنَمٌ كَثِيرٌ وَجَوَارٍ وَعَبِيدٌ وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ. » ( تك 43:30) ، «فَسَمِعَ كَلاَمَ بَنِي لاَبَانَ قَائِلِينَ: «أَخَذَ يَعْقُوبُ كُلَّ مَا كَانَ لأَبِينَا، وَمِمَّا لأَبِينَا صَنَعَ كُلَّ هذَا الْمَجْدِ». وَنَظَرَ يَعْقُوبُ وَجْهَ لاَبَانَ وَإِذَا هُوَ لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِيَعْقُوبَ: «ارْجعْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ، فَأَكُونَ مَعَكَ».فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَدَعَا رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ إِلَى الْحَقْلِ إِلَى غَنَمِهِ، وَقَالَ لَهُمَا: «أَنَا أَرَى وَجْهَ أَبِيكُمَا أَنَّهُ لَيْسَ نَحْوِي كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. وَلكِنْ إِلهُ أَبِي كَانَ مَعِي. وَأَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنِّي بِكُلِّ قُوَّتِي خَدَمْتُ أَبَاكُمَا، وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. لكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرًّا.» ( تك ۱:۳۱ – ۷ ) .

وحقاً ربح ربنا يسوع المسيح غنى كثيراً، فقد جمع حشدا لا يحصى من العالم كله يعبدونه ، ويعترفون به قائلين : « لأنه هو إلهنا ونحن شعب مرعاه وغنم يده » ( مز 7:95) . لكن أولاد العالم لا يهدأون . وهم يرون أباهم ينهب وخرافة الجيدة تذهب ليد راع آخر ، وهذه الخراف الجيدة تتزين بفضائل متنوعة وكثيرة ، إذ أنهم يولدون تحت إشراف المسيح . فتذمر أولاد لابان قائلين : « أخذ يعقوب كل ما كان لأبينا . ومما لأبينا صنع كل هذا المجد » ( تك ۱:۳۱ ) . وهم لم يتكلموا بالكذب ، لأن قولهم حق . إذ أن المسيح قدم ذاته لكل الناس في العالم ، وضم لحظيرته حشدا كبيراً وهم الذين آمنوا ، وأغدق عليهم من الغني الذي يليق بالله والمجد الذي يصل إلى علو السماء. لأنه هو نفسه قال لأبية السماوي : « و كل ما هو لي فهو لك . وما هو لك فهو لي وأنا ممجد فيهم » ( یو ۱۰:۱۷).

فاصل

4- المسيح مثل عصا، ماتت وقامت، ورُفعت إلى السماء

المقالة الخامسة 

6- المسيح يقبل الكل

البابا كيرلس عمود الدين
تعليقات لامعة على سفر التكوين

 

زر الذهاب إلى الأعلى