تفسير سفر يشوع ١١ للقمص أنطونيوس فكري

 الإصحاح الحادي عشر

الآن نجد حرباً من نوع آخر فلا توقف للشمس ولا حجارة برد بل حرب عادية ولكن النصر لشعب الله بمعونة الرب. وهكذا حدث في بداية الكنيسة معجزات جبارة ولكن كل شئ هدأ وبدأ الروح القدس يعمل في الكنيسة بدون معجزات ولكن سيف الروح كان له عمل خفي في إنتشار الكرازة في كل مكان بجهاد كل كارز وكل خادم للكلمة. ولنلاحظ أن حروب عدو الخير لا تهدأ ضد الكنيسة ولكنها دائماً تنتهي بانتصارات للكنيسة وزيادة أرضها ومكاسبها. وهنا إذ سمع يابين ملك حاصور بانتصارات يشوع تحالف مع باقي الملوك بخيل ومركبات كثيرة جداً لمحاربة يشوع ورجاله.

 

الآيات (1-3): “ فلما سمع يابين ملك حاصور ارسل الى يوباب ملك مادون و الى ملك شمرون و الى ملك اكشاف. وإلى الملوك الذين إلى الشمال في الجبل وفي العربة جنوبي كنروت وفي السهل وفي مرتفعات دور غرباً. لكنعانيين في الشرق و الغرب و الاموريين و الحثيين و الفرزيين و اليبوسيين في الجبل و الحويين تحت حرمون في ارض المصفاة.”

الملوك الذين في الجبل= الجبل يشير في حالة إمتلاك الشيطان له للكبرياء أما لو ملك المسيح عليه لصار يرمز للسماويات. وهنا حيث أن هؤلاء الملوك الأشرار يملكون هذا الجبل فهو يرمز للكبرياء. وقارن مع جبل التجلي حيث تجلى المسيح عليه لتلاميذه.

وفي العربة جنوبي كنروت= العربة أي السهل، كنروت= كالمصابيح. ولاحظ فالذي يملك هنا ملوك أشرار وهم رمز لإبليس الذي يغير شكله إلى شكل ملاك ليخدعنا. وفي مرتفعات دور= دور قد تعني هداية ولكنها للأسف هداية للشر. فكل من خرجوا ضد شعب الله هم شعوب شريرة.

 

آية (4): “فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعباً غفيراً كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة بخيل ومركبات كثيرة جداً.”

لاحظ الأعداء كثيرون ويهاجمون بقوة وعنف (1بط8:5،9).

 

آية (5): “فأجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد وجاءوا ونزلوا معا على مياه ميروم لكي يحاربوا إسرائيل.”

ميروم= هي أول بركة على نهر الأردن بين الجبل (ينبوع الأردن) وبحيرة جنيسارات. وتسمى بركة ميروم بحيرة الحولة وهي على بعد 11ميل شمال طبرية ومساحتها 6ميل × 3ميل.

 

آية (6): “فقال الرب ليشوع لا تخفهم لأني غداً في مثل هذا الوقت ادفعهم جميعاً قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار.”

مع كل نصرة لشعب الله تهيج قوات الظلمة، ومع كل هياج لقوات الظلمة يؤكد الرب من جديد أنه يهب نصرة جديدة على مستوى أعظم. وسفر يشوع الذي هو سلسلة من الحروب المتوالية، هو أيضاً سلسلة من الانتصارات المتوالية رمز لما يحدث من نصرات متوالية في حياة أولاد الله فينطلقوا من مجد إلى مجد حتى يبلغوا إلى قياس قامة ملء المسيح (أف13:4). لأني غداً= إن كنا ننال نصرات متوالية وننعم بسلطان روحي على الظلمة ويتزايد نموناً الروحي، لكننا نبقي في حرب لا تنتهي حتى يـأتي اليوم الذي يلقي فيه إبليس في البحيرة المتقدة بنار (مت41:25) لذلك يقول هنا “لأني غداً” رمز لهذا اليوم الذي ننتهي فيه من إبليس فتهدأ بل تنتهي الحرب.

 

الآيات (7،8): “فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم. فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوت مايم وإلى بقعة مصفاة شرقا فضربوهم حتى لم يبق لهم شارد.”

الملوك المعادين تحت قيادة يابين. وشعب الرب تحت قيادة يشوع وهكذا حروبنا الروحية هي لحساب قائدنا يسوع المسيح ونغلب تحت قيادته. وهي حرب الكنيسة كلها تحت قيادة المسيح ضد قوات الشر. فالكنيسة في صلواتها تصلي لكل واحد. فجاء يشوع بغتة وسقطوا عليهم= الله يريدنا أن نقوم بحرب هجومية لا أن ننتظر حتى نهاجم من العدو فندافع. لا ننتظر حتى تهاجمنا الخطية فنبدأ الجهاد. طردوهم إلى صيدون العظيمة= صيدون تعني صيد “هيأوا شبكة لخطواتي” (مز6:57) فكأن العدو أعد شبكة ليصطاد فيها أولاد الله فتعثر هو هذه الشبكة. وهذا ما حدث له في الصليب، فإذ أعد الصليب للمسيح سمر هو فيه “قصة هامان ومردخاي”.

 

آية (9): “ففعل يشوع بهم كما قال له الرب عرقب خيلهم وأحرق مركباتهم بالنار.”

عرقب خيلهم= الخيل رمز للقوة (في ذلك العصر) والله يريد أن شعبه يعرف أنه هو قوتهم “لا يسر الرب بالفرس.. ” وعرقبة الخيل تعني قطع وتر رجل الفرس حتى لا يستعملها الشعب فيما بعد. وعرقبة الخيل يعطي إحساس للشعب أن لا قوة لهذه الخيول من نفسها فهم قادرون على إضعاف قوتها فلا يعظمون الخيل لقوتها كما فعل هؤلاء الوثنيون. وبنفس المفهوم أحرق مركباتهم= فلا تكون غوآية لاستعمالها ويظل اعتمادهم على الله لا الخيل ولا المركبات. (مز8:20).

 

الآيات (10-16): “ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف لأن حاصور كانت قبلاً رأس جميع تلك الممالك. و ضربوا كل نفس بها بحد السيف حرموهم و لم تبق نسمة و احرق حاصور بالنار. فاخذ يشوع كل مدن اولئك الملوك و جميع ملوكها و ضربهم بحد السيف حرمهم كما امر موسى عبد الرب. غير ان المدن القائمة على تلالها لم يحرقها اسرائيل ما عدا حاصور وحدها احرقها يشوع. و كل غنيمة تلك المدن و البهائم نهبها بنو اسرائيل لانفسهم و اما الرجال فضربوهم جميعا بحد السيف حتى ابادوهم لم يبقوا نسمة. كما امر الرب موسى عبده هكذا امر موسى يشوع و هكذا فعل يشوع لم يهمل شيئا من كل ما امر به الرب موسى. فاخذ يشوع كل تلك الارض الجبل و كل الجنوب و كل ارض جوشن و السهل و العربة و جبل اسرائيل و سهله.”

حاصور= تعني القصر حيث مركز مملكة يابين. وهذا يشير أننا بعد حروبنا نملك يسوع على قلوبنا (القصر) حيث كان إبليس يملك ويسيطر. لقد كنا تحت ملك الشهوات الردية وأعضائنا آلات إثم والآن يملك المسيح علينا وأعضائنا آلات بر.

نلاحظ في آية (11) أنهم أحرقوا حاصور بالنار وهذا يشير لعمل الروح القدس الناري الذي يحرق كل الأشواك الخانقة للنفس لتقوم مملكة يسوع عوضاً عن مملكة إبليس.

 

الآيات (17-20): “من الجبل الأقرع الصاعد إلى سعير إلى بعل جاد في بقعة لبنان تحت جبل حرمون وأخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم. فعمل يشوع حربا مع اولئك الملوك اياما كثيرة. لم تكن مدينة صالحت بني اسرائيل الا الحويين سكان جبعون بل اخذوا الجميع بالحرب. لانه كان من قبل الرب ان يشدد قلوبهم حتى يلاقوا اسرائيل للمحاربة فيحرموا فلا تكون عليهم رافة بل يبادوا كما امر الرب موسى.”

تحديد الأرض جنوباً. الجبل الأقرع= أي بلا شجر جنوب البحر الميت عند بئر سبع. بعل جاد شمالاً= وهي قيصرية فيلبس (في العهد الجديد) بانياس الآن.

ونلاحظ أن يشوع قتل الملوك كلهم رمزاً لأن المسيح يطهرنا من كل خطايانا، فلا تعود تملك علينا (رو 14:6).

 

الآيات (21،22): “وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل حرمهم يشوع مع مدنهم. فلم يتبق عناقيون في ارض بني اسرائيل لكن بقوا في غزة و جت و اشدود.”

قرض العناقيين= ذكرهم بصفة خاصة لأنهم هم الذين أرهبوا الجواسيس أيام موسى.

 

آية (23): “وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل حرمهم يشوع مع مدنهم.”

استراحت الأرض من الحرب= أي انتهت من الحروب الكبيرة وتبقت حروب صغيرة محلية تركت للأسباط كل في أرضه يطهرها من فلول الهاربين. وهذه الآية لم تذكر في أيام موسى فلا راحة سوى في المسيح. والآن ليكون لنا راحة يوجد طريق واحد أي في المسيح “نموت معه ونقوم أي نحمل في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع (2كو10:4).

فاصل

سفر يشوع – أصحاح 11 

تفاسير أخرى لسفر يشوع أصحاح 11 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى