تفسير سفر يونان أصحاح 2 للقمص مكسيموس صموئيل
الإصحاح الثاني
صلاة يونان النبي النبوية
+ مقدمة :-
- صلاة يونان من أعمق الصلوات في الكتاب المقدس كله وهي إن فسرها لنا الآباء لكن نستطيع أن نقول أنه مهما فسرت فلن يستطيع أحد من البشر الغور إلى كل أعماقها الروحية.
- تضع الكنيسة هذه الصلاة الشعرية في نبوات الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة العظيمة بعد مراثي إرميا.
- هي صلاة نبوية لأنها تحمل نبوات قوية وواضحة عن حمل ربنا يسوع لخطايانا وعن نزوله إلى الجحيم وعن قيامته، وتضعها الكنيسة في طقس يوم الجمعة العظيمة كما ذكرنا.
(1) صلاة يونان في جوف الحوت :-
” فصلى يونان إلى الرب إلهه فى جوف الحوت” :-
- انحسر يونان في جوف الحوت كأنه في قبر مقيد لا يعرف مصيره لكنه أدرك حب الرب إذ أنقذه من موته غرقا في البحر.
- وفي جوف الحوت عانى يونان من المياه المالحة التي كانت تغرقه ثم تنحسر عنه.
- جاءت صلاة رائعة ليس في هيكل كأنه معلم لكن في جوف الحوت كأنه في قبر.
- لكن يونان ارتفع فوق المكان والزمان فقدم صلاته ليكون رمزاً لربنا يسوع في قبره.
- كان سابقاً يرجى يونان الله (إله السماء ) ولكن في الضيقة يسمى ( إلهه ) فالله إله المتضايقين حاملي الصليب لأنه ينزل إليهم ليحمل إليهم السماء داخلهم فلهذا حاملي الصليب يتعزون إذ الوجه الآخر من الآلام هو السماء !!
“دعوت فى ضيقى الرب فاستجابني صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي”:
- لم يعد ليونان وهو في بطن الحوت أي قدرة على عمل أي شئ فقد صار كمن هو مقيد بسلاسل فقد صار رجاؤه الوحيد هو ربنا يسوع المسيح.
- وقد سلك في رجائه وفي تقديم صلاته مثل داود النبي في مزاميره في ثقة في الاستجابة وجاءت فاستجابني في صيغة الماضي لتأكيد الاستجابة.
- وقد صارت حالة يونان نبوية فهو يقول صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي أي أنه يمثل ربنا يسوع الذي نزل إلى الجحيم وسمع له لأجل تقواه (عب 5: 7)، فربنا يسوع نزل إلى القبر وإلى الجحيم لكي يرفع بني الإنسان من خطاياهم.
- فقد صار يونان رمزاً للمسيح المصلوب النازل إلى الجحيم والصاعد بنا إلى الفردوس.
” لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاط بي نهر جازت فوقي جميع تياراتك ولججك” :-
هناك وجهان لشئ واحد للصليب هنا أحاط يونان بالبحر واللجج وأيضاً بالنهر !!
ما هي البحار وأمواجها واللجج التي جازت كلها فوق رأس يونان ؟
البحر وملوحته هو خطايانا التي أغرقتنا لكن لم تغرق الرب.
. ففي (حز 47) عندما أمر الله حزقيال النبي أن يجوز النهر الذي خرج من جانب البيت الأيمن من جنوب المذبح فكانت المياه للكعبين ثم للركبتين ثم للحقوين فلم يستطيع النبي العبور لأن المياه طمت فهذا هو حالنا الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله
أمواج البحر :-
هي الأمواج التي أحاطت بالمخلص لكي تهلكه من خيانة يهوذا والقبض عليه وإصدار الحكم ليلاً وعرضه ومحاكمته أمام رؤساء الكهنة المحاكمات الثلاثة والمحاكمات الثلاثة المدنية، وهياج الناس الذين سلطهم رؤساء الكهنة لكي يصلبوا ربنا يسوع، ومن إطلاق باراباس وصلب المسيح، ومن كل أمواج السياط في الجلد وحمل الصليب وجراحات الصليب ونزف الدماء والعطش !!
أما اللجج :-
فقد قال يونان النبي أنه أحاطت جميع تياراتك ولججك !! وهذا أمر نبوي لأن يونان لم تحط به كل مياه البحر لكن هذه هي نبوة عن الأحكام التي صدرت علينا وضدنا عن كل خطايانا وخطايا كل البشر إلى يوم الدينونة فحمل ربنا يسوع دينونة كل البشر وهذا ما فسره القديس كيرلس الكبير.
أحاط بی نهر :-
لكن هل كل أمواج البحار هذه من خطايا البشر التي أغرقتهم مثل مياه الطوفان أغرقت مخلصنا ؟ لا، ففي نبوة حزقيال 47 عندما لم يستطيع حزقيال العبور صار العبور هو الله وحده فلم تغرقه المياه بل المياه صارت عذبة وأثمرت أشجار على الجانبين فهذه المياه العذبة رمزاً لعمل الروح القدس وثماره في الكنيسة.
فعندما قال يونان النبي أحاط بي نهر أي لم تغرقه المياه المالحة بل الله أحاطه بنهر عنايته لهذا أدرك يونان أن الله هو الذي كان وراء كل هذا، فما هو هذا النهر ؟!
النهر :
- هو عمل الروح القدس الذي شبه بمياه النهر ( يو 37:7 ).
- هو مياه المعمودية التي صارت حلوة لكي تثمر فينا بثمار الروح القدس.
- هو قداسة ربنا يسوع التي لم تستطع خطايا كل البشر أن تنتصر عليها فحملها في جسده وأماتها وقام من الأموات.
- أيضاً هو بئر العهد الجديد بمقارنته ببئر العهد القديم الذي هو غير كامل ومياهه شحيحة لا يضبط ماء هذا الذي صلب عليه مخلصنا وقت الساعة السادسة ساعة الصلب فوهب السامرية أنهار ماء حي هو ماء العهد الجديد.
” فقلت قد طردت من عينيك لكنني أعود أنظر هيكل قدسك” :-
- لما أحاطت بيونان مياه البحر وأمواجها ولججها صار مطرودا في غضب الله، هكذا صار ربنا يسوع عندما حمل خطايانا إذ طرد خارج المحلة ليحمل عار خطايانا لكنه قام من الأموات.
- صار هنا يونان رمزاً لربنا يسوع الذي هو رئيس كهنة.
- صار كاهنا وقدم نفسه ذبيحة عن خطايانا كمطرود فقبلت في الهيكل السماوي (عب 34:9) وهذا ما لا ينطبق على يونان إذ هو ليس كاهنا لكنه نبيا فقط.
” الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم، أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك وأوفى بما نذرته الرب للخلاص” :-
الذين يراعون أباطيل كاذبة : هم اليهود والكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة أعطاهم الله الناموس والذبائح لكنهم عبدوا الأوثان فأرسل لهم ابنه النعمة العظيمة فصلبوه فتركوا نعمتهم وصاروا مرذولين.
أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك : هنا يمثل حياة المؤمنين بربنا يسوع الذين لم يتركوا نعمتهم فيكونوا مثل قيثارات يعزف عليها الروح القدس.
(2) ” وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر” :-
فقد كان الله حنوناً على يونان فإذ طرح في البحر لم تغرقه الأمواج إذ دخل في بطن الحوت ولم يفترسه الحوت، هكذا ينبغي أن يكون هو كنبي حنوناً على أخوته وأيضاً على الأمميين.
تشير إلى النصرة التي حققها ربنا يسوع على الشيطان.
وتشير إلى قيامة ربنا يسوع من الأموات.
تفسير يونان 1 | يونان 2 | تفسير سفر يونان |
تفسير العهد القديم | تفسير يونان 3 |
القمص مكسيموس صموئيل | ||||
تفاسير يونان 2 | تفاسير سفر يونان | تفاسير العهد القديم |