تفسير سفر ميخا ١ للقمص تادرس يعقوب
القسم الأول
نبوات تأديبية
مي 1-3
اَلأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
محاكمة علنية
ليس مثل الخطية في بشاعتها!
يبدأ هذا السفر بتصويرٍ مرٍّ عن الخطية، كيف لا يطيقها الله، لأنها لا تليق بشعبه إذ يريده أيقونة حية له، بكونه الله القدوس. كما يكشف عن فاعلية الخطية في حياة شعبه، إذا بطبيعتها مدمرة تمامًا. لكن قدر ما يكشف عن هذه الصورة القاتمة يبرز دور الله الغافر الخطايا، المبدد للظلمة والمشرق بنوره الإلهي على شعبه ليقيم منهم كنيسة سماوية مجيدة متهللة.
يفتتح ميخا النبي سفره بعرضٍ للدينونة القادمة لتأديب الشعب، مثله مثل بعض الأنبياء كعوبديا. وقد جعل من الأرض كلها مسرحًا للمحاكمة، وطلب من الشعب أن يستمع إلى الاتهامات الموجهة ضدهم.
يبدأ السفر بدخول الله مع شعبه سواء إسرائيل أو يهوذا في القضاء أمام شعوب الأرض كلها. وقد استدعى الأمم للحضور في دار القضاء. فمن جانب ليكشف عن موقفه كخالقٍ لكل البشرية ومخلصٍ للجميع، فهو الذي يُريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1 تي 2: 4). بهذا يفتح الباب أمام الأمم ليدركوا أنه إله الجميع، ينتظر قبولهم الإيمان، لينعموا بغنى نعمته الفائقة. ومن الجانب الآخر يكشف الله عن بشاعة الخطية التي تصدر عن الذين دُعي اسم الله عليهم، فإنها عثرة للأمم، وبسببها يُجدف على اسمه.
لا نعجب إن قدم رسالته الإلهية للشعب أولاً (مي 1-2)، وبعد ذلك للرؤساء والقضاة (مي 3-5)، وأخيرًا للبقية المقدسة أو الشعب الذي يقبل الإيمان الحيّ العملي (مي 6-7). يبدأ بالشعب لأنه إن أقام رؤساء وقضاة فمن أجل الشعب، لا الشعب لأجل القيادات. ولعله يود أن يؤكد للشعب أنه وإن أخطأت القيادات السياسية والمدنيَّة والدينيَّة، فهذا لن يبرر انحراف الشعب وسقوطه. حتمًا تُدان القيادات بطريقة مضاعفة، لأنهم معثرون للشعب، لكن يليق بالشعب ألا يبرر خطأه.
بدأ بالشعب الساقط وانتهى بالشعب المقدس بالمسيح المخلص، ليؤكد أنه جاء لأجل الخطاة لكي يقدسهم شعبًا مختارًا له.
1. خروج الرب للمحاكمة [1-4]:
قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي صَارَ إِلَى مِيخَا الْمُورَشْتِيِّ
فِي أَيَّامِ يُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا
الَّذِي رَآهُ عَلَى السَّامِرَةِ وَأُورُشَلِيمَ. [1]
“قول الرب” أو “كلمة يهوه”: يؤكد النبي أن ما ينطق به وما يكتبه ليس من عنده، إنما هو رسالة يهوه تحمل سلطانًا إلهيًًا. لقد وجه يهوه هذه الرسالة إلى نبيه ميخا ليعلنها للشعب كما للقادة.
جاء اسم النبي كغيره من الأنبياء مثل هوشع ويوئيل وعوبيديا يكشف عن رسالته. فكلمة “ميخا” كما رأينا معناها “ليس مثل يهوه” وإن كان القديس أمبروسيوس يرى أن معناها “واحد مع الله”. وكأن النبي يتحدَّى الأنبياء الكذبة والأشرار المعاندين والمقاومين أنه ليس مثل يهوه، إنه لا يُقاوم!
يرى القديس جيروم كلمة “مورشة” في العبرية تعني “ممتلكاتي”، لهذا يرى في ميخا من يملك المسيح أو الوارث معه. فإن كان سفر ميخا قد بدأ بالمحاكمة العلنية من قبل الله نفسه، ففي دعواه وإن أدٌب لا ينتقم، بل يود أن يؤهلنا للميراث الأبدي والمجد السماوي.
v “ميخا: معناها “واحد مع الله” أو كما نجد في موضعٍ آخر “واحد هو ابن المورشتي”، أي “ابن الوارث“. من هو الوارث إلاَّ ابن الله، القائل: “كل شيء قد دُفع إلىّ من أبي” (مت ١١: ٢٧). ذاك الذي هو الوارث يود لنا أن نكون شركاء في الميراث.
حسنًا تسأل: من هو ميخا؟ إنه ليس من الشعب، لكنه مختار ليقبل نعمة الله، يتكلم خلاله الروح القدس. بدأ نبوته في أيام يوثام وآحاز وحزقيا، ملوك يهوذا. لكن هذا الترتيب لتقدم الرؤيا له معناه، إذ يبدأ بعصر ملوكٍ أشرار وينتهي بملكٍ صالحٍ[8].
أما قوله “الذي رآه“، فلا يعني رؤية جسدية، إنما رؤيا روحية بالعقل، فقد فتح روح الرب عينيّ ميخا لإدراك الرسالة التي يلتزم أن يشهد بها ويعلنها للشعب.
لقد تنبأ ميخا في عصر آحاز الذي يعتبر أحد أشر ملوك يهوذا، كما تنبأ في عصر حزقيا رجل الإصلاح التقي. في عصر آحاز لم يخشَ أن يتحدث عن تأديبات الله ليهوذا، ولكنه فتح باب التعزيات للنفوس المقدسة الراجعة إلى الرب. وفي عهد التقي حزقيا تحدث عن ضرورة الإصلاح الروحي الداخلي. فمع تغير ظروف الأزمنة تبقى كلمة الله ثابتة لا تداهن الأشرار، كما لا تغلق باب الرجاء أمامهم، ولا تُسر بالإصلاحات الخارجية دون الدخول إلى الأعماق.
اِسْمَعُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ جَمِيعُكُمْ.
أَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا.
وَلْيَكُنِ السَّيِّدُ الرَّبُّ شَاهِداً عَلَيْكُمُ،
السَّيِّدُ مِنْ هَيْكَلِ قُدْسِهِ. [2]
إذ صم كثير من شعب الله آذانهم عن الاستماع لصوت الرب قدم الدعوة للأرض كي تفتح آذانها وتسمع له. وكما قال السيد المسيح: “إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السماوات” (مت 8: 11).
الله المحب لخليقته السماوية والأرضية كثيرًا ما يستدعيهم للإصغاء إلى كلمته (إش 1: 2؛ تث 32: 1)، يطالبهم أن ينصتوا إليه بآذان صاغية، حتى حينما يحاكم شعبه، فإنه يود أن يكشف أسرار معاملاته مع خليقته للجميع. ليس لدى الله محاباة، إن أخطأ شعبه يطالب الأمم لحضور محاكمتهم لعلها تكون درسًا عمليًا لقبولهم الإيمان.
إنه سيد الخليقة كلها وربها، يتكلم من هيكل قدسه، أي من السماء المكرسة له بكونه القدوس. من هناك يتكلم مشتاقًا أن تتقدس كل الخليقة، وتصير أيقونة حيَّة للقدوس. متى أدَّب أو ترفَّق فغاية القدوس قداسة خليقته.
v “لأن هذه هي إرادة الله قداستكم” (1 تس 4: 3)… لاحظ كيف أنه لا يتطلع إلى أي موضع بحماسٍ كهذا. فإنه يكتب عنه في موضع آخر: “اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب“ (عب ١٢: ١٤). لماذا نتعجب إن كان يكتب لتلاميذه عن هذا الأمر في كل موضع، ففي رسالته إلى تيموثاوس يقول: “احفظ نفسك طاهرًا” (1 تي ٥: 22)، وفي رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس يقول: “في صبر كثير، في أصوام، في طهارة” (٢ كو ٦ : ٥-٦)[9].
إذ فسد الشعب العاقل وتصرف في غير تعقلٍ ضد خالقه، أراد الخالق أن يوبخهم خلال الطبيعة غير العاقلة فكثيرًا ما استدعىٌ الأرض الجامدة والسماء بكواكبها – على لسان الأنبياء – لتشهد محاكمته لشعبه، فلا عجب إن تحركت الأرض وتزلزلت حين امتدت يد المخلوق لصلب الكلمة الإلهي المتجسد، وامتنعت الشمس عن إرسال أشعتها لتبكت الصالبين الجاحدين وتشهد عليهم بالظلمة[10].
الخليقة التي أوجدها الله لخدمة الإنسان صارت شاهدة ضده ومبَّكتة له على عصيانه وفساده.
فَإِنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَانِهِ،
وَيَنْزِلُ، وَيَمْشِي عَلَى شَوَامِخِ الأَرْضِ. [3]
اعتاد الله أن يخرج إلى شعبه فيخرج بهم إليه، ينزل إليهم بحبه لكي يرفعهم إلى أحضانه. الآن إذ أصروا على الفساد في عنادٍ خرج لكي يحاكمهم ويؤدبهم.
يصٌور النبي الله نازلاً من السماء، ماشيًا على الجبال، لكي يحطم السامرة لإصرارها على عبادة الأوثان وممارستها للرجاسات، وقد تسلل فسادها إلى يهوذا، فقد صارت دينونة يهوذا أيضًا على الأبواب.
نزول الرب ومشيه على شوامخ الأرض يُشير إلى أمرين: الأول أن كلمة الله، الخالق والمخلص يخرج كما من مكانه، إذ يقول عن تجسده وتأنُّسه: “لأني خرجت من قِبل الله وأتيت” (يو 8: 42)، والثاني أن الرب يجلس على عرش رحمته، وإذ يؤدِّب بحزمٍ يبدو كمن يخرج من مكانه ليحطم كبرياء الإنسان وتشامخه. وكما جاء في إشعياء النبي: “لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب” (إش 26: 26). إنه أب سماوي يشتاق ألا يُعاقب، ان أدّب إنما يكون كمن خرج من مكانه، أي من الرحمة المملوءة ترفقاً وحناناً. إثمنا وعصياننا يجعلانه كمن يخرج من مكانه ليعاقب… حتى في خروجه يطلب أن يضمنا إليه ليرجع بنا إلى عرش رحمته.
يرى البعض أنه يُشير هنا إلى خروج الرب كما إلى السحاب ليدين الأشرار المتشامخين، ويمجَُد مؤمنيه المتواضعين.
v لنتأمل الآن عبارة يسوع: “لأني خرجت من قِبَلْ الله وأتيت” (يو ٨: ٤٢). يبدو أنه نافع ليّ أن أضع بجانب هذه الكلمات، الكلمات التالية من ميخا: “اسمع يا شعبي كلماتي، ولتصغِ الأرض وملؤها، وليكن الرب شاهدًا في وسطكم، الرب من بيت المقدس. فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه ويطأ شوامخ الأرض، فتهتز الجبال تحته، وتذوب الوديان كالشمع أمام النار، وكالماء المنصب في منحدرٍ” (مي ١: ٢-٤). الآن تأملوا ما إذا كانت العبارة: “إني خرجت من قِبَل الله” تعادل هذه العبارة، حيث أن الابن في الآب، بكونه في شكل الآب قبل إخلائه لنفسه (في ٢: ٦-٧)، كان الله في مكانه، فإنه يبدو كما في تناقض أنه يخرج من قِبَل الآب وفي نفس الوقت لا يزال في الله[11].
v يُقال إن الله ينزل عندما يتنازل ليعطي اهتمامًا بالضعف البشري. هذا يلزم تمييزه خاصة بالنسبة لربنا ومخلصنا، هذا الذي إذ “لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه وأخذ شكل العبد” (في ٢: ٦-٧)، بهذا نزل. فإنه “ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يو ٣: ١٣) فإن الرب نزل، ليس فقط لكي يهتم بنا بل وأيضًا ليحمل ما هو لنا، إذ “أخذ شكل العبد”، ومع كونه هو نفسه غير منظور بالطبيعة، إذ هو مساوٍ للآب، إلاَّ أنه أخذ شكلاً منظورًا، إذ “وُجد في الهيئة كإنسانٍ” (في ٢: ٧)[12].
فَتَذُوبُ الْجِبَالُ تَحْتَهُ،
وَتَنْشَقُّ الْوِدْيَانُ كَالشَّمْعِ قُدَّامَ النَّارِ.
كَالْمَاءِ الْمُنْصَبِّ فِي مُنْحَدَرٍ. [4]
إذ يخرج الرب ليحاكم شعبه لا تستطيع أن تقف أمامه الجبال والمرتفعات المستخدمة لعبادة الأوثان، والتي تمثل حصونًا منيعة لحمايتهم من أي غزو خارجي، فإنه يدوس الرب عليها فتذوب وتصير ترابًا. ولا تقدر الوديان أن تسندهم، إذ تذوب أمامه كالشمع قدام النار، لا يستطيع العظماء الذين يحسبون أنفسهم جبالاً شامخة ولا أصحاب الطبقات الدنيا الذين كالوديان، الدفاع أمام الله عن شعبه الشرير.
جاء في سيرة القديس باخوميوس القبطية (البحيري): [في مناسبة أخرى إذ كان (تلميذه تادرس) جالسًا مع نفسه في موضع يقرأ سفر الأنبياء الإثني عشر، جاء إلى النبي ميخا. ظهر له ملاك الرب وسأله عن هذه الآية من ميخا: “كالماء المنصب من منحدر“. قال له: “ماذا تظن في معنى هذه؟ وإذ كان متحيرًا في أمرها، محاولاً أن يفهم، أجابه الملاك: “تادرس، لماذا لم تدرك معناها؟ أليس من الواضح أنه ماء النهر المنحدر من الفردوس؟” وإذ قال الملاك هذا لم يعد يراه[13]].
v مثل الشمع لا يحتمل الاقتراب من النار، والماء المنحدر هكذا يكون كل الأشرار عندما يأتي الرب، إذ ينحلون ويختفون[14].
القديس چيروم
الاتهامات [5-7].
كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ إِثْمِ يَعْقُوبَ،
وَمِنْ أَجْلِ خَطِيَّةِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
مَا هُوَ ذَنْبُ يَعْقُوبَ؟ أَلَيْسَ هُوَ السَّامِرَةَ!
وَمَا هِيَ مُرْتَفَعَاتُ يَهُوذَا؟ أَلَيْسَتْ هِيَ أُورُشَلِيمَ! [5]
بدأ بالسامرة عاصمة إسرائيل بكونها مركز عبادة البعل ومنها تسربت العبادة الوثنية إلى يهوذا. ثم تحدث عن مرتفعات يهوذا حيث تسللت إليها العبادة الوثنية، وقد عوقبت السامرة أولاً على يد أشور، وبعد ذلك أورشليم عاصمة يهوذا على يد بابل.
يُشير بالمرتفعات هنا إلى عبادة الأوثان التي كانت تُقام هناك وقد حرَّمها الناموس (تث 13).
للأسف بؤرة الخطية في المملكتين هما العاصمتان: السامرة وأورشليم.
فَأَجْعَلُ السَّامِرَةَ خَرِبَةً فِي الْبَرِّيَّةِ مَغَارِسَ لِلْكُرُومِ
وَأُلْقِي حِجَارَتَهَا إِلَى الْوَادِي
وَأَكْشِفُ أُسُسَهَا. [6]
يقدم هنا قضاءً مرعبًا كثمرة طبيعية لإثم السامرة. لقد تحوَّلت السامرة إلى خرابٍ بسبب الحروب المستمرة (إش 21: 1-3). يسمح الله للسامرة أن تتحطم وتُلقى حجارتها في الوادي، فتنكشف أساساتها تمامًا. ولا تزال السامرة إلى يومنا هذا أكوام من الحجارة، ليس فقط على التل، وإنما حتى في الحقول من أسفل، وقد قام علماء الآثار بالكشف عن أساسات قصور عمري وآخاب.
السامرة التي كانت تعتز بغناها وكثرة سكانها، تصير أكوام من نفايات الكروم والحقول ومن الحجارة. اجتمعت معًا لكي يُلقى بها خارجًا. ولعله بدأ بمغارس الكروم وبعد ذلك أكوام الحجارة، لأن السامرة كانت في الأصل حقول كروم قبل تعميرها كعاصمة، وكأنها تعود إلى ما كانت عليه، بل وإلى ما هو أسوأ، حيث تنهار المباني، وتتحول إلى أكوام حجارة، تفقد طبيعتها كعاصمة ملوكية لتصير خرابًا.
وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِهَا الْمَنْحُوتَةِ تُحَطَّمُ،
وَكُلُّ أَعْقَارِهَا تُحْرَقُ بِالنَّارِ،
وَجَمِيعُ أَصْنَامِهَا أَجْعَلُهَا خَرَاباً،
لأَنَّهَا مِنْ عُقْرِ الزَّانِيَةِ جَمَعَتْهَا،
وَإِلَى عُقْرِ الزَّانِيَةِ تَعُودُ! [7]
تطلع النبي إلى ما بلغته السامرة من حضارة إنما هو خلال عبادة الأوثان، كما من أجرة الزانيات، فيليق بتماثيلها المنحوتة أن تتحطم، لأنها صُنعت خلال أجرة الزواني.
كثير من الزانيات كن يقدمن من أجرة الزنا إلى الهياكل الوثنية للإنفاق عليها ولأجل زينتها، فإذ تنهار هذه الهياكل برجاساتها تكون كمن ردت ما استلمته إلى الزانيات.
رثاء مرّ على أورشليم [8-9].
يتهدد الخطر أورشليم، فالجيش الأشوري يكتسح السهل الساحلي باتجاه مصر، مقتحمًا الموضع الذي كان يقطنه ميخا، حتى يعبر من مدينة إلى أخرى، ويصل إلى أسوار أورشليم. لقد وصف إشعياء النبي ذات الموقف وهو ساكن داخل المدينة (إش 10: 28-34)، بينما وصفه ميخا وهو خارج المدينة على بعد حوالي 20 ميلاً.
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ.
أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً.
أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَي. [8]
إذ ينتحب النبي إسرائيل لا يكف عن البكاء والصراخ حتى يصير صوته كصوت بنات آوي، وكصوت صغار النعام الأنثى.
كان الأسرى ينقادون حفاة وعرايا، هكذا تمررت نفس النبي، فصار كأسير للحزن، فقد ثيابه وحذاءه، ليسير في الطريق حافيًا وعريانًا.
سبق فمشى إشعياء النبي حافيًا وعريانًا لمدة ثلاث سنين كأمر الرب آية وأعجوبة على مصر وكوش نبوة عن سبيهما على يد أشور (إش 20: 2- 4).
v مشىُ إشعياء عريانًا بدون خجل كرمزٍ للسبي القادم. إرميا أُرسل من أورشليم إلى الفرات، وترك منطقته تفسد في محلة الكلدانيين بين الآشوريين المعاديين لشعبه (إر 13: 6-7)… إنه يحث البشر على التوبة[15].
القديس جيروم
v سبي إخوتنا يجب أن يُحسب كأنه سبينا نحن. أحزان الذين في خطر هي أحزاننا. يلزمكم أن تتأكدوا بأنه يوجد جسم واحد لوحدتنا. ليست محبتنا وحدها بل وأيضًا تديننا يدفعنا ويشجعنا أن ننقذ أعضاء أسرتنا[16].
القديس كبريانوس
من يتطلع إلى ميخا النبي الباكي النائح وهو سائر عاريًا من ثوبه الخارجي، حافي القدمين يستخف به كفلاحٍ عارٍ وحافٍ. لكن السماء تتطلع إليه فترى في دموعه وصرخاته وعريه وحفيه صورة الحب الرائع الذي يرى شعبه بعد 150 سنة تقريبًا مسبيًا، فيُحسب نفسه مسبيًا معهم، ويشاركهم مرارة نفوسهم. وكما يقول القديس بولس: “اذكروا المقيدين، كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد” (عب 13: 3). وقوله: “من يضعف، وأنا لا أضعف؟ من يعثر، وأنا لا ألتهب؟” (2 كو 11 :29).
لأَنَّ جِرَاحَاتِهَا عَدِيمَةُ الشِّفَاءِ،
وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ.
لأَنَّهَا قَدْ أَتَتْ إِلَى يَهُوذَا،
وَصَلَتْ إِلَى بَابِ شَعْبِي إِلَى أُورُشَلِيمَ. [9]
فساد السامرة وعبادتها للأوثان انتشر في إسرائيل، وتسلل إلى يهوذا، حتى بلغ أبواب أورشليم، فشاركتها شرَّها.
صارت الجراحات عديمة الشفاء، على المستوى الروحي والاجتماعي والسياسي؛ هذا ما أصاب أورشليم.
كان “باب المدينة” في الشرق يُشير إلى رجال الدولة العاملين مع الملك وإلى مشيريه، كانوا يجتمعون عند باب المدينة. وقد استمر هذا حتى في أيام الأتراك، فكان السلطان التركي بحاشيته يدعى “الباب العالي”Sublime Porte .
مرارة الخطية [10-11].
يُشير ميخا النبي إلى عشرة مدن، الخمس مدن الأولى شمال أورشليم، والأخيرة جنوب غرب أورشليم أو جنوبها. وكأن الدمار سيحل لا بأورشليم وحدها، وإنما بالمدن المحيطة بها أيضًا. هذه المدن جميعها وثنية. فسيحل الدمار بالكل، ماداموا مصرِّين على شرهم.
يرى بعض الدارسين أن بعضها تحمل أسماء رمزية، تكشف عن دور الخطية وبشاعتها في حياة الجماعة كما في حياة الإنسان المصمم على شره.
- مُعثرة: يطلب النبي من سكان أورشليم حين يحل بهم السبي بعد قرن ونصف الاَّ يخبروا مدن فلسطين الوثنية مثل جت وعكاء بما حلٌ بهم [10]، وألاَّ يبكوا أمام سكانها، فقد صاروا عثرة لهم. هذا وكلمة “عكاء” مشتقة من الكلمة العبرية التي تعني بكاءً.
- عودة إلى التراب: عوض السماء المُعدة للمؤمن يتمرغ الإنسان المصمم على شره في التراب، فيسمع الصوت الإلهي: “أنت تراب، وإلى تراب تعود”، هكذا يصير عفارًا [10].
v ليس من شيءٍ يٌَثقل النفس ويضغط عليها وينزل بها إلى أسفل مثل الشعور بالخطية، وليس من شيءٍ يهبها أجنحة ويصعد بها إلى الأعالي مثل بلوغ البٌَر والفضيلة[17].
- سلب ثوب البٌر: إن كانت كلمة “شافير” تعني جمالاً، فالخطية تسلب الإنسان ثوب البُر فتصير شافير عريانًة وخجلة [11] عوض جمال النفس الداخلية.
- شدٌَة مفاجئة: كلمة “صانان” تعني “مدينة القطيع”. فإذ يُفاجأ الشعب كقطيع غنم بالكارثة التي تحل به كثمرة لخطاياه، فمن هول المفاجأة لا يخرج من المدينة، بل يسير الكل حول بعضه البعض، فيتخبط الجميع. ولعله يحدث هذا بسبب حلول الكارثة على مستوى الجماعة كلها.
- كارثة عامة: كلمة “هأيصل” معناها “مكان قريب”. فالكل يقف في مكانه، ليس من يخرج إلى جاره القريب يطلب نجدته، إذ تحل الكارثة على الجميع.
- مرارة النفس: كلمة “ماروث” معناها “مرّ”. فقد يظن الشرير أنه ينعم بالخيرات والملذات بممارسته الشر والخطية، لكن سرعان ما يفقد خيراته وتتحول حياته إلى مرارة لا تُطاق.
- هدم الحصون وفقدان الأمان: فقد كانت لاخيش من أكثر مدن يهوذا حصانة، تظن أن العدو لن يقدر أن يقتحمها. لكن ميخا النبي يرى بعين النبوة سنحاريب يحاصرها، ويرى اقتحامها (إش 36: 1-2). يحاول رجالها الهروب بمركباتهم وخيلهم، ولكن إلى أين؟ لقد سيقوا إلى السبي.
v كما أن الذين يخرجون من السجون الأرضية يُحضرون مربوطين بقيودهم إلى موضع المحاكمة، هكذا كل النفوس المقيدة بسلاسل خطاياهم المتنوعة يُقادون إلى كرسي الحكم الرهيب[18].
v عندما ترون الغني مرتبكًا بشئونه غير المحصية، لا تحسبوه غنيًا بل في هذا هو بائس. فإنه بهذه القيود تحت سلطان سجٌان قاسٍ: هو محبة الغني الشريرة. بهذا لا يُسمح له بالانطلاق من السجن، بل يرتبط بآلاف القيود والحراس والأبواب والمزلاج (أقفال)، وحينما يُلقى في السجن الداخلي تقتفي أثره ليشعر بلذة في هذه القيود، حتى لا يجد أي رجاء في الخلاص من الشرور التي تضغط عليه[19].
- ليس من خلاص بالحكمة البشرية المجردة: حتى مدينة النبي نفسه مورشة جت تعطي هدايا لتملق الفلسطينيين لمساعدتها، ولكن بلا نفع.
- أكاذيب وخداع: كلمة “أكزيب” معناها “أكذوبة” أو “خداع”، فقد انخدع الشعب بواسطة الأنبياء الكَذبة، فظنوا أنهم في سلام وأمان، لكن سنكشف خداعهم بعد فوات الأوان. تصير ميراثًا للعدو، تقترن أكزيب بمريشة لكن تكتشف عجزها عن المساعدة، إذ مريشة نفسها تصير ميراثًا للعدو.
- ضياع المجد: حيث يهرب العظماء والنبلاء إلى عدلام، المشهورة بكهوفها. يحاولون الاختفاء في الكهوف، فيصير مجد يهوذا محبوسًا فيها.
- مناحة لا تنقطع: كان من العادات القديمة قص الشعر، خاصة بالنسبة للبنات والسيدات، وذلك عند موت شخص عزيز لديهم، وعندما يحملون إلى السبي. فالقرعة هنا تُشير إلى عدم التعزية كمن فقد أعز من لديه أو سيق كمسبيٍ.
لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ لاَ تَبْكُوا فِي عَكَّاءَ.
تَمَرَّغِي فِي التُّرَابِ فِي بَيْتِ عَفْرَةَ. [10]
التمرغ في التراب يشير إلى شدة الحزن.
عفرة اسم عبري معناه “تراب”. تقع بيت عفرة في منحدر جبال يهوذا لا يُعرف موقعها بالتحديد، يرى ج. سيمونز أنها وادي العفر بين الدويمة وتل الدوار. ويرى البعض أنها هي الطيبة بين الخليل وجبرين.
اُعْبُرِي يَا سَاكِنَةَ شَافِيرَ عُرْيَانَةً وَخَجِلَةً.
السَّاكِنَةُ فِي صَانَانَ لاَ تَخْرُجُ.
نَوْحُ بَيْتِ هَأَيْصِلَ يَأْخُذُ عِنْدَكُمْ مَقَامَهُ. [11]
شافير: Shaphir, Saphir اسم عبري معناه “جميل”، وهي مدينة في يهوذا، يرى البعض أنها الآن تل السوافير التي تقع على بعد ثلاثة أميال ونصف جنوب شرقي أشدود، ويُرجح آخرون أنها “خربة الكوم” Kherbet el-Kom غربي حبرون، وهي تقع في وادي “السفار” الذي يتردد فيه صدى الاسم القديم.
يشبه هذه المدن بامرأة تفقد كل إمكانية للتستر، فتسير بين الرجال عارية وخجلة. إنها تُقاد كمسبية في عارٍ شديدٍ، ولا يستطيع رجل ما أن يتحرك ليخلصها من العدو العنيف.
v ليتنا نتخلص من قذارة الخطية، فيظهر الجمال الأول الذي للفضيلة. يقول داود النبي في المزمور: “يا رب بجمالك أعطيت جمالي قوة” (مز 29: 8). لنتطّهر حتى تظهر صورة الله فينا، وهذا هو ما يريده الله منّا، أن نكون بلا دنس ولا نقص ولا عيب[20].
القديس دوروثيؤس
صانان Zaanan : يرى البعض أنه النبي يلعب باللفظ ليعطي معنى رمزيًا.
الساكنة في صانان لا تخرج من بيتها بل تكمن في رعبٍ تنتظر مصيرها المرْ، حيث يهجم عليها الغازي ويسبيها.
مدينة بيت هأيصل Beth–ezel: اسم عبري معناه “المكان القريب” أو “بيت الانفصال”. قيل أنها “أصل”، أو دير ألأصل Deir el-Asal، جنوب غربي حبرون وتبعد حوالي ميلين شرقي تل بيت مريم. غالبًا ما كانت محصَّنة، ستقاوم الغازي، لكن شعبها يبكون على ما حلّ بإخوتهم في المدن الأخرى، فيعيون من كثرة النوح.
لأَنَّ السَّاكِنَةَ فِي مَارُوثَ اغْتَمَّتْ لأَجْلِ خَيْرَاتِهَا،
لأَنَّ شَرّاً قَدْ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلَى بَابِ أُورُشَلِيمَ. [12]
ماروث Maroth: تقع في يهوذا الغربي، وربما كانت نفس “معارة”. يرى البعض ان هذا الاسم هو لعب بلفظ “معارة” (يش 159: 59) لتعطي معنى المرارة، وأنها تُدعى حاليًا بيت عمر Beit-Ummar.
v أمور النعمة يصاحبها فرح وسلام ومحبة وحق… أما أشكال الخطية فيصاحبها اضطراب وليس محبة ولا فرح نحو الله[21].
v ماذا إن كان الإنسان غنيًا، وإن كان من الأشراف، فإنه عندما تسبيه خطية ما يصير أكثر فسادًا من كل فساد. فإن كان الإنسان ملكًا قد أسره البرابرة يصير أكثر الناس بؤسًا، هكذا بالنسبة للخطية، إذ هي بربرية، والنفس التي تصير أسيرة لا تعرف كيف تتخلص من الأسر، فتقوم الخطية بدور الطاغية لتحطم كل من يلتصق بها[22].
شُدِّي الْمَرْكَبَةَ بِالْجَوَادِ يَا سَاكِنَةَ لاَخِيشَ.
هِيَ أَوَّلُ خَطِيَّةٍ لاِبْنَةِ صِهْيَوْنَ،
لأَنَّهُ فِيكِ وُجِدَتْ ذُنُوبُ إِسْرَائِيلَ. [13]
لاخيش Lachish: مدينة محصنة تقع في سهول يهوذا (يش 15: 33، 39). كانت تُعرف بتل الحصىٌ التي تبعد حوالي 16 ميلاً شمال شرقي من غزة وأحد عشر ميلاً شمالاً شرقي من غزة و11 جنوب غربي من بيت جبرين.
طُلب من ساكنة لاخيش Lachish أن تهرب من الغزو القادم عليها، لأنها أول من دفعت صهيون على ارتكاب الخطية.
لِذَلِكَ تُعْطِينَ إِطْلاَقاً لِمُورَشَةِ جَتَّ.
تَصِيرُ بُيُوتُ أَكْزِيبَ كَاذِبَةً لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [14]
“بيت أكزيب” Achzib وتعني “بيت الخداع”، فإنها خدعت ملوك إسرائيل. دُعيت أيضًا كزيب (تك 38: 5)، وكزيبا (1 أي 4: 22). لعل المدينة أخذت هذا الاسم من نبعٍ فيها كان يجرى شتاء ويجف صيفًا. يظن البعض أنها “عين كذيبة” في وادي إيلة شمال عدلام. وآخرون أنها “تل البيضاء” Tell el- Beida جنوب غربي عدلام.
عوض أن تكون هذه المدينة عاملة ضد الغازين سيكون لا حول لها ولا قوة، وربما تتحول إلى خائنة مخادعة لحساب الغازي.
آتِي إِلَيْكِ أَيْضاً بِالْوَارِثِ يَا سَاكِنَةَ مَرِيشَةَ.
يَأْتِي إِلَى عَدُلاَّمَ مَجْدُ إِسْرَائِيلَ. [15]
عدلام Adullam: اسم عبري معناه ملجأ، وكانت تُذكر بين بلدتي يرموت وسوكوه؛ وهي كنعانية الأصل. سكنها الكنعانيون منذ أيام يعقوب (تك 38: 1-2). ضربها يشوع، ثم حصنها يربعام (2 أى 11: 7). استوطنها اليهود بعد العودة من السبي (نح 11: 30). وموقعها تل شيخ مذكور. كانت عدلام تحيط بها تضاريس وعرة وتشتهر بكهوفها التي كان يختفي فيها الرجال من وجه الحرب. فيها كانت المغارة التي اختبأ فيها داود وجعلها مركز قيادته (1 صم 33: 1؛ 2 صم 23: 13؛ 1 أي 11: 15)، ويُقال أنها مغارة وادي قريطون وتسمى أيضًا مغائر عيد الماء، على بعد نحو ثلاثة عشر ميلاً جنوب غربي بيت لحم، بين لاخيش وأورشليم.
تفقد مريشة عزها، ويقف المجد عند عدلام. يحذرهم ميخا النبي من هجوم الأعداء، فيضطر نبلاء يهوذا وعظمائها إلى الهروب إلى هذه الكهوف للاختباء، وكأن مجد إسرائيل قد دُفن في هذه الكهوف.
كُونِي قَرْعَاءَ، وَجُزِّي مِنْ أَجْلِ بَنِي تَنَعُّمِكِ.
وَسِّعِي قَرْعَتَكِ كَالنَّسْرِ، لأَنَّهُمْ قَدِ انْتَفُوا عَنْكِ. [16]
يصور النبي الأسى المروع الذي يحل بالآباء والأمهات وهم يرون أبناءهم وبناتهم يؤخذون إلى السبي. وقد حدث هذا مرارًا سواء بالنسبة لإسرائيل أو يهوذا، وبلغ أبشع صورة في الغزو النهائي لإسرائيل بواسطة أشور عام 722م، وقد عاصره ميخا النبي، والغزو النهائي ليهوذا عام 586 ق.م.
إسرائيل كأم تبكي مدنها كبنات قد متن وفقدن الحياة، فتُعلن حزنها عليهن وعلى أبنائها الذين وُلدوا في عزٍ وها هم ينقادون إلى السبي.
هنا يتحدث ميخا عما سيحل كمن يرى حدوثه أثناء نبوته عنهم.
v هذا حدث كما نعرف حيث سبق فأُخبرنا عن يهوذا بالنبي: “وسعي قرعتك كالنسر” (مي ١: ١٦) فإن القرعاء تحل بالإنسان في رأسه فقط، أما بالنسبة للنسر فتحل بكل جسمه. فإنه إذ يشيخ جدًا يسقط قوادم (ريش) جناحيه من كل جسمه. إنه (يهوذا) يفقد ريشه حين يفقد شعبه. يسقط قوادم جناحيه التي بها اعتاد أن يطير نحو الفريسة، إذ يهلك كل الرجال الأقوياء الذين بهم ينقَّض (يهوذا) على الآخرين[23].
البابا غريغوريوس (الكبير)
من وحي ميخا 1
مٌَرر الخطية في فمي!
v أعترف لك يا إلهي:
إني أشرب الخطية كالماء،
وأظن في اللهو حياة وسعادة!
لتكشف ليّ عن مرارة الخطية.
روحك الناري يفضح أعماقي،
فألتصق بك يا غافر الخطية!
v تود أن تحاكمني لا لتنتقم مني،
بل لتؤدبني برحمتك، وتؤهلني لميراثك الأبدي!
أبوتك حتى في حزمها مملوءة حنوًا!
رعايتك فائقة، تحملني على منكبيك!
v لتخرج إلىٌ فتحطم كل جبل متشامخ في أعماقي،
وينحل كل يأس في قلبي،
وتتبدد خطيتي كمياه في منحدر!
لتحطم شروري،
وتنزع كل فسادٍ في داخلي!
v كما تخرج إلىٌ بالحب هب ليّ ان أخرج إلى إخوتي!
لأنوح على نفس تائهة،
وأولول على كل إنسان ضائع،
كيف لا يلتهب قلبي من أجل كل متعثر؟
كيف لا أضعف مع كل ضعيف؟
كيف لا أحسب نفسي أسيرًا مع كل مسبيٍ للخطية؟
v أعود فتئن نفسي على خطاياي وخطايا إخوتي!
أعترف لك أننا أعثرنا كثيرين،
لتعمل نعمتك فينا فنمجدك بعملك الإلهي فينا!
v خطيتنا حولتنا إلى التراب،
نعمتك ترفعنا إلى السماء!
v خطيتنا أفقدتنا ثوب بٌَرك،
روحك الناري يرد لنا بٌَرك فينا!
v خطيتنا سلبتنا سلامنا الداخلي،
حضورك فينا يهبنا سلامك الفائق!
v خطيتنا مررت نفوسنا،
شركتنا معك هي العذوبة بعينها!
v خطيتنا حطمت أسوارنا الروحية،
حلولك هو سور نفوسنا الناري!
v خطيتنا خدعتنا بالأكاذيب والوعود الباطلة.
نزولك إلينا رفعنا إلى أمجادك الأبدية!
v خطيتنا قادتنا إلى السبي،
نعمتك تهبنا حرية مجد أولاد الله!
تفسير ميخا – مقدمة | ميخا 1 | تفسير سفر ميخا |
تفسير العهد القديم | تفسير ميخا 2 |
القمص تادرس يعقوب ملطي | ||||
تفاسير ميخا 1 | تفاسير سفر ميخا | تفاسير العهد القديم |