تفسير المزمور 19 للقمص متى المسكين

مزمور 19 دراسة:

يتكون هذا المزمور من قسمين واضحين:

القسم الأول: يحيي استعلان القوة والجلال الله في الطبيعة وشهادة متواصلة من السموات نحو خالقها (1-6).

القسم الثاني: يحيي جمال الأخلاق والقوة ذات النفع لنواميس يهوه في عناصرها المتعددة ونواحيها .(7-11)

ثم نجد صاحب المزمور وهو ينظر حياته الخاصة في ضوء هذا الناموس المقدس يخرج بصلاة طلباً للسماح والحفظ والقبول (12-14).

وكون معطي الناموس لإسرائيل هو نفسه خالق العالم بأسره كان المبدأ الأساسي في العهد القديم، انظر: (عا 4: 13):
+ «فإنه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره. الذي يجعل الفجر ظلاماً
ويمشي على مشارف الأرض، يهوه إله الجنود اسمه».

وأيضاً: (عا 5: 7 و8):
+ «يا أيها الذين يحولون الحق أفسنتيناً ويلقون البر إلى الأرض الذي صنع الثريا والجبار ويحول ظل الموت صبحاً ويظلم النهار كالليل. الذي يدعو مياه البحر ويصبها على وجه الأرض يهوه اسمه».

والقصد من المزمور هو بالتأكيد يقصد أن يقيم نوعاً من المقارنة بين الاستعلان العام لجلال الله في المخلوقات لتظهر أمام كل البشر؛ انظر: (رو 1: 19 و 2)
+ «إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى إنهم بلا عذر». 

وبين الاستعلان الخاص من نحو صفاته وواجب الإنسان من نحو ناموسه الذي أعطاه لإسرائيل فقط واستخدام أسماء الله يدل على ذلك بجلاء:

ففي الجزء الأول يُسمّى الله: “إيل“ كإله القوة الخالق، وفي الجزء الثاني يسميه: “يهوه“، مكررة سبع مرات الاسم الذي به. جعل نفسه معروفاً كما هو في العهد بين الله وإسرائيل، إله النقمة والفداء. فهل الجزءان هما من عمل شاعر واحد؟ من جهة الشكل والأسلوب والنغمة فهي تقودنا إلى إجابة سلبية لا شك، لأن نفس الشاعر قد اتخذ وزناً جديداً ليتواصل مع تغيير الموضوع، والقطع في الانتقال المفاجئ من القسم الأول للقسم الثاني لا يمكن ضغطه كحجة ضدّ وحدة التأليف لأنه بحسب الروح العبرية للشعر أن توضع فكرتان جنباً إلى جنب ويُترك القارئ ليستنبط الفارق المقصود.

وهناك تواز في الجزء الأول مع مزمور (18) والجزء الثاني مع مزمور (119). ونحن نعلم أن مزمور (108) أنه لم يكن من المستبعد تجميع أجزاء مختلفة من شعر متعدد المصادر في وحدة جديدة كلية. لهذا يبدو بكل احتراس أن الجزء الثاني من المزمور كتب كإضافة إلى جزء كان موجوداً أصلاً كشعر، أو أن جزئي مزمورين قد اجتمعا بنظرة تفترض التفريق بين جزئين عمل الله في الطبيعة والأسفار.

وكل من هذين الجزءين له دروسه الخاصة، شرحت بحق لكي لا يكونا متعارضين أبداً.

ويقول العالم كانت:
[إن السماء فوقي بنجومها والناموس الأخلاقي داخلي هما شيئان يملآن النفس بإعجاب يظل متجدداً وبتوقير!].

وماذا يقصد صاحب المزمور من ناموس يهوه الذي يصفه في مناح كثيرة مختلفة كشهادة، أوامر وصايا، خوف، أحكام؟ إن القانون الأخلاقي ليس وحده محوياً في الخمسة أسفار ولكن معه كل تعاليم الكهنوت والأنبياء التي : تكلمت عن إرادة يهوه وعرفته. فكان الناموس بالنسبة لصاحب المزمور ليس ثقلاً أو مصدر تعب أو يحد من الحرية، ولكنه انعكاس النعمة لقداسة الله، وضع ليقود الإنسان في طريق الحياة والسلام. ولكن بقي أنه في الختام قدَّم لمحة لوجه القانون الحازم كوسيلة لتعليم الإنسان ليدرك مقدار خطيته انظر (رو 3: 20)
+ «لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرّر أمامه لأن بالناموس معرفة الخطية».

وليشعر الإنسان بحاجته إلى الكفارة، انظر: (رو 8: 3):
+ «لأنه ما كان الناموس عاجزاً : عنه فيما كان ضعيفاً بالجسد. فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد (بالموت على الصليب».

والمزمور التاسع عشر هو من المزامير المحبوبة ويُقال في يوم تذكار ميلاد المسيح بسبب توقير الطبيعة لله واستعلان كلمة الله في التجسد!

شرح وتفسير المزمور 19 على مستوى كل التوراة

(6-1) استعلان الله في الطبيعة:

۱ – «اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.»:

مجد الله يشير إلى:

( أ ) هذا المنظور من حضرته الذي به أراد أن يستعلن نفسه لإسرائيل كالشاكيناه كما سُميت في الأيام الأخيرة، انظر: (خر 16: 7و 10):
+ «وفي الصباح ترون مجد الرب لاستماعه تذمركم على الرب. وأما نحن فماذا حتى تتذمروا علينا … فحدث إذ كان هارون يكلم كل جماعة بني إسرائيل أنهم التفتوا نحو البرية. وإذا
مجد الرب قد ظهر في السحاب».

وأيضاً: (خر 33: 22):
+ «فقال الرب لموسى … ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدي حتى أجتاز».

وأيضاً: (رو 9: 4):
+ الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد».

 (ب) بالمعنى الواسع كما هو هنا نجد مجد الله هو انفراده في الجلالة من جهة ذاته، كما قد أعلن للإنسان هذا الاستعلان للاهوته الذي يُدركه المخلوق ويُقابله بالعبادة والتوقير. فكل الخليقة هي استعلان الله ولكن السموات باتساعها وعظمتها ونظامها وأسرارها هي الأكثر استعلاناً بانعكاس جلال الله العظيم فيها. وإن أبسط ملاحظة يمكن أن تقرأ رسالة الكون، ولكن كم بالحري بأكثر وضوح وعظمة قد صار الآن من خلال الاكتشافات الحديثة كعلم الفلك وما أعلنه بالتدقيق والحسابات.

«الفلك»:

المحيط المتسع قبة السماء المنشورة على الأرض، انظر: (تك 1: 6-8):
+ «وقال الله ليكن جلد في وسط المياه. وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك. ودعا الله الجلد سماء».

انظر أيضاً: (أي 37: 18):
+ «هل صفحت معه الجلد الممكن كالمرآة المسبوكة».

وهي تُعلن ما قد صنع ويصنع.

2 – «يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا.»:

الإعلانات مستمرة ولا تقف. فكل يوم وكل ليلة اليد على رسالة للآتي دون توقف وكان هذا تقليد الخلق. واليوم والليل ذكرت كل منهما وحدها لأن كلا منهما له رسالته الموكلة به، اليوم يُخبر عن العظمة ذات القوة والفائدة والليل يُخبر عن الاتساع والنظام والسرّ والجمال الساكن، وهما كشريكين في خورس يهتفان كل بعد الآخر بمديح الله

والعلم هو علم معرفة الله، انظر: (رو 1: 19):
+ إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم».

ويقول “أرسطو” في الفلسفة:
[يعيش الإنسان تحت الأرض ويتأمل هناك عن الفن والميكنة ويكون بعد ذلك أن يخرج خارجاً في العالم المفتوح وينظر الأمجاد الكثيرة التي للسماء والأرض، فهو لابد وأن ينطق أنها أعمال لموجود الذي نسميه نحن الله].

3 – «لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ.»:

( أ ) المعنى في الترجمة الحالية أن رسالة السماء تصل كل الأمم بكل لغة لتعبر تعبيراً واحداً وتفهم عندهم كذلك. ولكن في المعنى العبري ليس كذلك.

(ب) ليست كلاماً ولا كلمات صوتها غير مدرك وهذا هو حسب الأقدم في النسخ حسب السبعينية وسيماخوس وثيودوثيون والفولجاتا وجيروم. ولكن نجد أنها لا توفي حق التوازي وأنها غير طبيعية لأنها تجعل “صوتها” يعود إلى “كلام وكلمات” بدلاً من أن تعود إلى السموات.

(ج) ولكن الأفضل جدًّا أن تكون: لا قول ولا كلام وصوتها غير مسموع». فرسالتها ولو أنها حقيقية إلا أنها صامتة هكذا تفهم. وهذا العدد يشرح عدد (2) وهو على صلة وثيقة مع عدد (4) فالسموات لها صمت بليغ وبالرغم من صمتها إلا أن رسالتها تصل أقطار المسكونة كلها.

4 – «فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ. جَعَلَ لِلشَّمْسِ مَسْكَنًا فِيهَا،»:

هذا إعلان عام. وتشرح هذه الآية عند إرميا النبي (31: 37):
+ «هكذا قال الرب إن كانت السموات تُقاس من فوق وتفحص أساسات الأرض من أسفل فإني أنا أيضاً أرفض كل نسل إسرائيل من أجل كل ما عملوا يقول الرب».

المقصود من كل الأرض هو الكرة الأرضية وهي عليها تُقدّم السموات رسالتها، انظر: (رو10: 18)
+« ولكنني أقول ألعلهم لم يسمعوا. بلى. إلى جميع الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم».

هنا يتكلم ق بولس عن الإنجيل آخذاً من المزمور لغته بالنسبة لما فعلته السموات على الأرض. وصاحب المزمور يقدم الشمس كشاهد على مجد الله ويشخّصها كملك أو بطل وقد حدد الخالق مسكنها كخيمة في السماء.

5- «وَهِيَ مِثْلُ الْعَرُوسِ الْخَارِجِ مِنْ حَجَلَتِهِ. يَبْتَهِجُ مِثْلَ الْجَبَّارِ لِلسِّبَاقِ فِي الطَّرِيقِ.»:

وهي تخرج من صباح إلى صباح كعروس بكل جلال وجمال وكل تجديد وقوة وسيادة، انظر: (إش61: 10)
+ «فرحاً أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليها».

6 – «مِنْ أَقْصَى السَّمَاوَاتِ خُرُوجُهَا، وَمَدَارُهَا إِلَى أَقَاصِيهَا، وَلاَ شَيْءَ يَخْتَفِي مِنْ حَرِّهَا.»

تأثيرات الشمس ذات النفع العميم: حرارة وضوء تعم المسكونة كلها.

مزمور 19 [7-11]

والأعظم والأكثر فائدة من الشمس ونورها وحرارتها هو استعلان مشيئة الله التي توجه الإنسان إلى الأخلاق التي لها كل الفائدة والحياة.

7 – «نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا.»:

«ناموس الرب»:

التعليم والمعرفة والمبادئ كلها تحويها كلمة التوراة لتصير هي الناموس تماماً مثل أعمال : يهوه، انظر: (تت 32: 4)
+ «هو الصخر الكامل صنيعه. إن جميع سبله عدل إله أمانة لا جور فيه صديق وعادل هو».

وتماماً هذا طريقه، انظر: (مز 18: 30):
+ «الله طريقه كامل قول الرب نقي ترس هو لجميع المحتمين به».

إنه كامل بلا خطأ ولا شبه خطأ. هو قائد لا يضل ولا يخيب. لاحظ أن كلمة الرب“ تأخذ الآن موضع الله تماماً لأننا ندخل في منطقة الاستعلان الخاص بإسرائيل.

«يرد النفس»

أو ينقذ النفس، ينعشها ويعطيها قوة ليصير الإنسان صاحب حياة حقيقية، انظر: (مز 23: 3):
+« يرد نفسي يهديني إلى سبل البر».
كالطعام للجائع أو العزاء للحزين.

«شهادات»:

هي نفسها الناموس باعتبارها أنها تحمل شهادة ليهوه ومشيئته وواجب الإنسان. انظر: (مز 25: 16 و21)
+ «التفت إلي وارحمني لأني وحد (منفرد) ومسكين أنا … يحفظني الكمال والاستقامة لأني انتظرتك».

وهي ثابتة واثقة غير متغيرة، انظر: (مز 93: 5):
+  «شهاداتك ثابتة جدا. ببيتك تليق القداسة يا رب إلى طول الأيام».

وأيضاً: (مز 111: 7):
+ + «أعمال يديه أمانة وحق. كل وصاياه أمينة».

8 – «وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ.»:

المقولات المحتمة على الإنسان هذه تجعل القلب فرحاً مع سرور الرضا الأخلاقي.

«طاهر»:

انظر: (نش 6: 10)
+ «مَنْ هي المشرفة مثل الصباح جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألوية». 

فالناموس أو الوصايا كالنور طاهرة كالشمس التي تشع النور، انظر: (أم 6: 23):
+ «لأن الوصية مصباح والشريعة نور وتوبيخات الأدب طريق الحياة».

وأيضاً انظر: (مز 119: 105 و 129):
+ «سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي … عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي».

وأيضاً: (أف 1: 18):
+ «مستنيرة عيون أذهانكم، لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين».

9- «خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا.»:

هذا تعبير آخر للناموس كونه ذا عناية هي زرع الخوف أو المخافة الله في قلوب البشر، انظر: (تث 4: 10)
+ «في اليوم الذي وقفت فيه أمام الرب إلهك في حوريب حين قال لي الرب اجمع لي الشعب فأسمعهم كلامي لكي يتعلموا أن يخافوني كل الأيام التي هم فيها أحياء على الأرض ويعلموا أولادهم».

والناموس حق وعدل انظر: (مز 12: 6)
+ «كلام الرب كلام نقي كفضة مصفاة في بوطة في الأرض. ممحوصة سبع مرات». 

وذلك بالمقارنة مع نواميس الوثنيين الذين أخلاقهم منحلة. والناموس له طهارة الرب نفسه، انظر:(حب 1: 13)
+ «عيناك أطهر من أن تنظرا الشر، ولا تستطيع النظر إلى الجور …».

وهو مثل الله يبقى : ثابتاً إلى الدهر. انظر: (مز 102: 26 و27):
+ «هي تبيد وأنت تبقى وكلها كثوب تبلى كرداء تغيرهنَّ فتتغير وأنت هو وسنوك لن تنتهي».

«أحكام الرب»:

ما يقطع به الله في الأمور، انظر: (يو 17: 17):
+ «قدسهم في حقك. كلامك هو حق».

وهي كلها بحسب العدل المطلق، انظر: (تث 4: 8):
+ «وأي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل كل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم اليوم».

10 – «أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.»:

هذا هو الناموس في كل أجزائه هو كتر يُطمع فيه كما يُطمع في كتر الذهب، وهو مليء بالمسرات والحلاوة الصادقة للفرح حينما تُستقبل في القلب، انظر: (مز119: 72 و103و127):
+ «شريعة فمك خير لي من ألوف ذهب وفضة … ما أحلى قولك لحنكي أحلى من العسل لفمي لأجل ذلك أحببت وصاياك أكثر من الذهب والإبريز».

«قطر الشهاد»

النقط النازلة من قرص العسل وهي أنقى أنواع العسل، طبيعته من الخلية نفسها.

11 – «أَيْضًا عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ.»:

صاحب المزمور هو عبد ليهوه جعل نفسه متحذرا من الناموس، انظر: (حز 33: 4):
+ «وسمع السامع صوت البوق ولم يتحدر فجاء السيف وأخذه فدمه يكون على رأسه».

«ثواب عظيم»:

انظر: (أم 22: 4):
+ «ثواب التواضع ومخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة».

وأيضاً: (1تي 4: 8، 6: 6):
+ «لأن الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء إذ لها موعد الحياة الحاضرة
والعتيدة».
+ «وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة».

[12 -14] التأمل في هذا الناموس المقدس يقود صاحب المزمور ليوضح حاجته الشخصية للحفظ والقيادة.

12- «اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا؟ مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي.»:

نعم فمن ذا يمكن أن يكون حذراً واعياً للهفوات التي تتم عن الجهالة. صاحب المزمور يتألم ويطلب أن يصفح الله عن خطاياه المستترة، هنا يقظة الضمير لخفايا الأخطاء والخطايا.

13- «أَيْضًا مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ. حِينَئِذٍ أَكُونُ كَامِلاً وَأَتَبَرَّأُ مِنْ ذَنْبٍ عَظِيمٍ»:

فهمت في النسخة العبرية والتراجم الأخرى أن إزاء الخطايا المستترة توجد خطايا عملت بكبرياء بيد عالية بروح الكبرياء حيث يكون ليس لها كفارة، انظر: (عد 15: 30 و31):
+«وأما النفس التي تعمل بيد رفيعة من الوطنيين أو من الغرباء فهي تزدري بالرب فتقطع تلك النفس من بين شعبها لأنها احتقرت كلام الرب ونقضت وصيته قطعاً تُقطع تلك النفس. ذنبها
عليها !».

 ومثل هذه الخطايا الجسورة المتكبرة يُصلِّي أن تُحجز وتُمنع عنه وداود في مرة منع من عمل بأس للنقمة من نابال (1صم 25: 39)، مثل هذه الخطايا تصير سيداً على الإنسان وهو يكون عبداً لها، انظر: (يو 8: 34):
+ «أجابهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية».

إنها تسود عليه عوض أن يسود هو عليها، انظر: (تك 4: 7):
+«وإن لم تُحسن فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها».

وعن خطايا الغدر والبغي انظر: (خر 21: 14):
+ «وإذا بغى إنسان على صاحبه ليقتله بغدر فمن عند مذبحي تأخذه للموت».

وأيضاً: (تث 17: 12):
+ «والرجل الذي يعمل بطغيان فلا يسمع للكاهن الواقف هناك ليخدم الرب إلهك أو للقاضي يُقتل ذلك الرجل فتنزع الشر من إسرائيل».

ويكمل داود قائلاً إنه إذا أعطيتني هذه النعمة سأكون كاملاً وقلبي كامل معك. انظر: (مز 18: 23):
+ «وأكون كاملاً معه وأتحفظ من إثمي».

وحينئذ أتنقى وأتبرأ من ذنب عظيم أي من خطية العصيان والتمرد على يهوه، انظر: (إش 1: 2):
+ «اسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض. لأن الرب يتكلم. ربيت بنين ونشأتهم اما هم
فعصوا علي».

و معروف أن الخطايا الجسورة تُحسب أن الإنسان فاعلها بكبرياء وهذا معنى هذه الآية من المزمور، فصاحب المزمور يصلي لكي يُنقذ من التعدي ومن كبرياء مَنْ لا إله له لئلا يُجرَّب فينكر الله، انظر: (مز 119: 121و 122)
+ « أجريت حكماً وعدلاً. لا تسلّمني إلى ظالمي. كن ضامن عبدك للخير لكيلا يظلمني المستكبرون».

لاحظ أن كلمة الكبرياء ذكرت في هذا المزمور (119) مرات كثيرة، وكيف أن فكر صاحب المزمور ظل أميناً للناموس.

14 -« لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ، صَخْرَتِي وَوَلِيِّي.»:

قول مأخوذ من ناموس الذبائح، انظر: (لا 1: 3 و4):
+ «إن كان قربانه محرقة من البقر فذكراً صحيحاً يقربه إلى باب خيمة الاجتماع يقدمه للرضا عنه أمام الرب. ويضع يده على رأس المحرقة فيرضى عليه للتكفير عنه».

وأيضاً: (خر 28: 38):
+ «فتكون على جبهة هارون فيحمل هارون إثم الأقداس التي يقدسها بنو إسرائيل. جميع . عطايا أقداسهم. وتكون على جبهته دائماً للرّضا عنهم أمام الرب».

وأيضاً: (مز 141: 2):
+« لتستقم صلاتي كالبخور قدامك ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية».

وأيضاً: (هو 14: 2):
+ «خذوا معكم كلاماً وارجعوا إلى الرب. قولوا له : ارفع كل إثم واقبل حسناً فنقدم عجول شفاهنا».

«صخرتي ووليي»:

جاءت في النسخة العبرية: ومخلصي، أي من الأعداء ورباط الخطية كما خلص إسرائيل من عبودية مصر، انظر: (إش 63: 9):
+ «في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم بمحبته ورأفته هو فكهم ورفعهم وحملهم كل
الأيام القديمة».

تفسير مزمور 18مزمور 19تفسير سفر المزاميرتفسير العهد القديمتفسير مزمور 20
القمص متى المسكين
تفاسير مزمور 19تفاسير سفر المزاميرتفاسير العهد القديم
 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى