تفسير مزمور 8 للقمص متى المسكين
دراسة:
إنه عجب اختيار الانسان من قبل الرب، ليكون رئيساً يستعلن الرب ومن يمثله على الأرض، هذا هو مقصد المزمور. فلو أن مجد الرب ظاهر ومنطبع على السموات لما جعل الأطفال يسبحونه عنه (1و2). ورغم اتساع السموات جعلت خليقة صغيرة مثل الإنسان واقعة تحت ملاحظة اختيار الله (3و4)، وقد صنعه على صورته وعينه نائباً له فوق المخلوقات (5و6) في جميع أ أشكال الحياة (7و8). فالإنسان ـ وليست الطبيعة ـ هو الذي يعتبر مركز تفكير الله وذلك في فكر صاحب المزمور.
وفي الحقيقة رغم تأملات السموات بكل غناها وأسرارها وروعتها فقد حول نظرته إلى الإنسان، فالطبيعة رائدة وعجيبة وتعكس عظمة الله، ولكن الإنسان لا يزال أكثر عجباً. ما هو؟ هو ذرة مجردة إن قورن بالأعماق وما تضيفه الأبحاث العلمية الحديثة من خوارق. فالإنسان لا يزال في نظر صاحب المزمور أكثر سراً وأكثر عجباً من هؤلاء وهؤلاء. لأنه هو بالطبيعة أقل من الله، ولكنه تعين ليكون نائباً له في العالم. فمجد الإنسان هو حقـا أعجوبة العالم.
وصاحب المزمور ينظر إلى كرامة الإنسان كما كانت في الغرض الأول الله قبل السقوط، بعيداً عن الخطية وعما أضافته على الجنس البشري من حزن، وألم يكن محقاً في ذلك؟
فصورة الله التي تمجد بها الإنسان مسخت ولكنها لم تتحطم، انظر: (1کو11: 7 ؛یع3: 7):
+ «فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله وبحده».
+ «لأن كل طبع للوحوش والطيور والزحافات والبحريات يذلل وقد تذلل للطبع البشري».
إن عظمة سيادته لم تُنسخ أبدأ . انظر: (تك9: 2):
+ «ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء. مع كل ما يدب على الأرض وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم».
ولكن بتغير الظروف عدلت. فكل الأنبياء والرسل قد رأت بثبات الإيمان أن العودة للإنسان قد تعينت في علاقته بالله والخليقة، انظر: (إش11: 6-9):
+ «فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معاً وصبي صغير يسوقها. والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معاً والأسد كالبقر يأكل تبنا. ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان. لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتليء من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر».
وأيضاً: (رو8: 18-22):
+ «فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا. لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان أبناء الله، إذ أخضعت الخليقة للبطل. ليس طوعاً بل من أجل الذي أخضعها على الرجاء. لأن الخليقة نفسها أيضاً ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله. فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معاً إلى الآن. وليس هكذا فقط بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا».
فأغراض الله لم تتوقف أو تتجمد بخطية الإنسان. والمزمور في الحقيقة هو نبوة ويجد تكميله في الخليقة الجديدة.
وكاتب الرسالة إلى العبرانيين (2: 6-8) ينقل من المزمور الآيات (4-6) ثم يعود سفر العبرانيين يقارن بين سقوط الإنسان مع هذه الرفعة المنتظرة: «على أننا الآن لسنا نرى الكل بعد مخضعاً له…» ولكن يستمر ويقول مستخدماً كلمات المزمور من جهة تراكم الخليقة: «ولكن الذي وضع قليلاً عن الملائكة يسوع نراه مكللاً بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد». ابن الإنسان ممثل الجنس البشري كله استلم كجزاء لطاعته حتى الموت المجد الذي أعدّ للإنسان. وفي تمجيده وارتفاعه نرى كما يقول العالم وستكوت الضمان إن المشورة الإلهية المحبة لن تسقط عن التكميل في المسيح كمكمل لها.
كذلك فإن القديس بولس يقتبس النصف الثاني من الآية (6) كتأكيد لغلبة المسيح النهائية، انظر :(1کو15: 27):
+ «لأنه أخضع كل شيء تحت قدميه …». وأيضاً: (أف1: 22):
+«وأخضع كل شيء ، تحت قدميه، وإياه جعل رأساً فوق كل شيء للكنيسة».
فإذا كان كل شيء قد أخضع لآدم الأول الذي سقط خلال الخطية، فكم بالحري يكون خضوعها لآدم الثاني الذي انتصر خلال طاعته وأكمل غاية ونهاية الجنس البشري.
والعنوان الذي أعطي للمزمور: مزمور لداود وهذا ربما حقيقي، على أن كاتب سفر أيوب قد سجل منه الآية (4)، انظر: (أي7: 17):
+ «ما هو الإنسان حتى تعتبره وحتى تضع عليه قلبك».
ويعتبر هذا توثيق لدقة العنوان ـ وداود ألف المزمور وهو راعي في ربوع بيت لحم، بكل عمق معانيه وهو يحتوي نضجاً وبساطة.
واستخدام هذا المزمور في الكنيسة في عيد الصعود واضح، لأن في صعود المسيح نرى الإنسان في من أكمل تمثيله وقد توج بالمجد والكرامة!!
شرح وتفسير المزمور على مستوى كل التوراة
1- أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ.
الفكر الرئيسي للمزمور ولو أنه يبتدئ بالسموات ولكنه يركز على علاقة يهوه بالإنسان ومجده في الأرض.
«أيها الرب سيدنا»:
ويقصد بها مناداة يهوه باسم الرب. وهي في العبرية تأتي “يهوه“ و ”أدوناي” وتعني بالعبرية: ”الرب حاكمنا‘‘، وجعلها جيروم: “Domine Dominator noster“.
وهكذا يُفتتح المزمور بقوة وإحكام عظيم إذ ينادي يهوه بأنه صاحب السيادة، التي بها ومنها أعطى للإنسان أن يكون وهو نائبه على الأرض صاحب السيادة على الخلائق. وهكذا ولأول مرة في سفر المزامير كله يجعل صاحب المزمور الآخرين ينضمون له في مناداة يهوه = أيها الرب ربنا! فهو هنا يتكلم بفم الناس أي كل البشرية، انظر: (نح8: 10):
+ «فقال لهم اذهبوا كلوا السمين واشربوا الحلو وابعثوا أنصبة لمن لم يعد له لأن اليوم إنما هو مقدس لسيدنا، ولا تحزنوا لأن فرح الرب هو قوتكم». وأيضاً: (نح 10: 29):
+ «… ودخلوا في قسم وحلف أن يسيروا في شريعة الله التي أعطيت عن يد موسى عبد الله وأن يحفظوا ويعملوا جميع وصايا الرب سيدنا وأحكامه وفرائضه». وأيضاً: (مز135: 5):
+«لأني أنا قد عرفت أن الرب عظيم. وربنا فوق جميع الآلهة». وأيضاً: (مز 147: 5):
+«عظيم هو ربنا، وعظيم القوة. لفهمه لا إحصاء». وأيضاً: (إش26: 13):
+ «أيها الرب إلهنا قد استولى علينا سادة سواك، بك وحدك نذكر اسمك».
«ما أمجد»:
وهي قريبة من الكرامة والعظمة، انظر: (مز104: 1):
+ «باركي يا نفسي الرب. يا رب إلهي قد عظمت جداً. مجداً وجلالاً لبست». وأيضاً: (مز76: 4)
+ «أبهى أنت. أمجد من جبال السلب». ”جبال السلب“ = جبال الأزل – بالإنجليزية. وأيضاً: (مز93: 4):
+ «من أصوات مياه كثيرة، من غمار أمواج البحر، الرب في العُلى أقدر».
«اسمك»:
وهي تعني ذاتك المتعلقة بأعمال الخليقة والعناية التي بها أدركت أخلاق الله، انظر: (مز5: 11):
+ «ويفرح جميع المتكلين عليك. إلى الأبد يهتفون وتظللهم. ويبتهج بك محبو اسمك».
«حيث جعلت»:
والقريب منها (حب3: 3):
+ «جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه».
«جلاله فوق السموات»:
كلمة: “جلاله تتضح في (عد27: 20) وذلك حينما اختار الرب يشوع بعد موسى وهكذا قدمه:
+ «واجعل من هيبتك عليه …». وأيضاً: (1أي29: 25):
«وعظم الرب سليمان جداً في أعين جميع إسرائيل. وجعل عليه جلالاً ملكياً لم يكن على ملك قبله في إسرائيل». وأيضاً: (مز21: 5):
+ «عظیم مجده بخلاصك، جلالا وبهاء تضع عليه». وأيضاً: (دا11: 21):
+ «فيقوم مكانه محتقر لم يجعلوا عليه فخر (جلال) المملكة ويأتي بغتة ويمسك المملكة بالتملقات».
2- مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ، لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ.
ويحلو للشارح أن يضم الآية (1) السابقة هذه الآية ليضع المقابلة الهائلة بين أعلى وأعظم المخلوقات وهي السموات تمجد الله، وأصغر المخلوقات وهي الأطفال والرضع تقدم تسبيحاً ومجداً. وهذا الدوبلكت (المحوز) سيأتي على أساسه آية (3) مع آية (4)!
وهذه الآية مذكورة في إنجيل ق. متى (16:21):
+ «وقالوا له أتسمع ما يقول هؤلاء؟ فقال لهم يسوع: نعم. أما قرأتم قط من أفواه الأطفال والرضع هیأت تسبيحاً».
وهكذا فهؤلاء المستضعفون جداً في بني البشر صيرهم الله أعظم من الجبابرة ليسكتوا ويخرسوا الذين يقاومون مملكته وينكرون صلاحه.
وهنا يحلو للشارح أن يقارن بين سر الإنسان المخلوق على صورة الله ليعرف الله بأنه هو أعظم من سر السموات بعظمتها واتساعها، وهكذا يكون ما هو روحاني ولا نهائي لهو أعظم من المادي والزمني.
فالإنسان، بل أصغر من في الإنسان الأطفال والرضع هم شهود ناطقون لوجود الله وجلاله. وتسبيح الله بفم الأطفال ليس بواسطة أشعار موزونة متقنة ولكن بلغلغة الطفولة غير المفهومة تأتي منهم الشهادة لخالقهم محمولة على براءة طفولتهم. هذه كلها قامت في “أوصنا“ التي حيوا بها الرب في دخوله الظافر لأورشليم بينما كان رؤساء الكهنة والكتبة العلماء مجمدين في وقفتهم الحائرة وعداوتهم المبيتة، انظر: (مت ١٥:٢١): «فلما رأى رؤساء الكهنة والكتبة العجائب التي صنع والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون أوصنا لابن داود غضبوا».
ويأتي شرح ما قدمه الأطفال والرضع كضعفاء ومستصغري المؤمنين، عندما يصفها بولس الرسولجيداً في (اكو ١: ٢٥-٢٨):
+ «لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس. فانظروا دعوتكم أيها الإخوة أن ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون أقوياء ليس كثيرون شرفاء. بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود» .
نعم وكأن القديس بولس يعلق على تسبيح الأطفال والرضع!
3- إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا،
4- فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟
التأمل في السموات وجلال قوتها وصاحب المزمور يتعجب أن يختار الله الإنسان كموضوع حفظه وعنايته.
«سماواتك»:
السموات المخلوقة بيد الله بكل عظمتها وجلالها تعلن مجد الله. انظر: (مز ۱۱:۸۹):
+ «لك السماوات، لك أيضاً الأرض. المسكونة وملؤها أنت أسستهما». وأيضاً: (أي ٣٣:٣٨):
+ «هل عرفت سنن السماوات أو جعلت تسلطها على الأرض». وأيضاً: (إش ٢٦:٤٠):
+ «ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه. من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء. لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يفقد أحد».
كل هذا جعل صاحب المزمور يتعجب أن الله بحبه هذا يختار الإنسان غير الظاهر على وجه الأرض ويجعله موضوع اهتمامه واعتباره من أن السماوات تعلن مجد الله.
«عمل أصابعك»:
هنا يتأمل صاحب المزمور في يد الله كفنان، خرجت السموات بجلالها، نجومها وقمرها وشمسها وطبقاتها وسحبها من تحت أصابعه كصنعة صانع حكيم، قدم بها نموذجاً لعمله. انظر: (مز19: 1و2):
+ «السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه. يوم إلى يوم يذيع كلاماً وليل إلى ليل يبدي علماً».
ثم في مزمور آخر يقارن مجد السموات الفاني بمجد الله الباقي. انظر: (مز ١۰۲: ٢٥-٢٧):
+ «من قدم أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى، وكلها كثوب تبلی، كرداء تغيرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهي».
«فمن هو الإنسان»:
والترجمة الحديثة جعلتها: «من هو الإنسان المستضعف». اختاره صاحب المزمور في منتهى ضعفه ليقارن به مجد السموات كما صنع أيوب (٤: ١٧-٢٠): وكان الصوت الآتي من الله هكذا:
+ «أالإنسان أبر من الله أم الرجل أطهر من خالقه. هوذا عبيده لا يأتمنهم وإلى ملائكته ينسب حماقة. فكم بالحري سكان بيوت من طين الذين أساسهم في التراب ويسحقون مثل العث. بين الصباح والمساء يحطمون. بدون منتبه إليهم إلى الأبد يبيدون».
ولكن نفس أيوب يعود فيعطي الإنسان كرامة بالله هكذا: (أي ١٢:١٠):
+ «منحتني حياة ورحمة وحفظت عنايتك روحي».
وهوذا الله فعلاً يعتني ! بالإنسان ويزوره زيارة النعم والافتقاد ويحرس روحه كما يقول أيوب. ويردد هذا مزمور آخر متعجبا. انظر: (مز 3:144):
+ «يا رب، أي شيء هو الإنسان حتى تعرفه، أو ابن الإنسان حتى تفتكر به». وأيضاً: (إر 15:15و16):
+ «أنت يا رب عرفت. اذكرني وتعهدني وانتقم لي من مضطهدي. بطول أناتك لا تأخذني. اعرف احتمالي العار لأجلك. وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي لأني دعيت باسمك يا رب إله الجنود».
فكيف يكون الإنسان بهذا الاهتمام منك يا رب.
5- وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ.
6- تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ:
يعود صاحب المزمور منذهلاً ويتفكر في خلقة الإنسان كيف منحه الله من مواهب ومركز وسلطان بين كل الخلائق. والتمييز الواضح جدا في خلقة الإنسان أن جعل له صورة الله ومثاله وهذا لم يؤته الملائكة. فالإنسان تُوج حقـا وفعلا ملكاً على الخليقة تلك الملوكية التي استردها له المسيح.
أما الآية (6) فهنا أيضاً عودة إلى الخلقة. انظر: (تك 1: 26و28):
«وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض. وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض… وباركهم الله وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض».
أما «جعلت كل شيء تحت قدميه» فهي كناية عن الحكم والسلطة، وهذه فقدها الإنسان بخطيته واستردها له المسيح أيضاً بصعوده. وليلاحظ القارئ كيف أن المسيح استردها عملياً ومظهرياً، فلما قام المسيح من الأموات ارتفع إلى أعلا السماوات بالصعود الظاهر، فكانت رجلاه فوق الخليقة كلها مكللاً بالمجد والكرامة وقد استردها كلها للإنسان. «صعد أيضاً فوق جميع السموات لكي يملأ الكل.»(أف 10:4)
7- الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ جَمِيعًا، وَبَهَائِمَ الْبَرِّ أَيْضًا،
8- وَطُيُورَ السَّمَاءِ، وَسَمَكَ الْبَحْرِ السَّالِكَ فِي سُبُلِ الْمِيَاهِ.
كل متعلقات الإنسان كما ذكر أنه كان سيداً عليها سواء الحيوانات الأليفة أو حتى الحيوانات المتوحشة التي تحوم حول الأرض، ثم طيور السماء، ثم أسماك البحار وكل ما فيها في الأعماق السرية للمحيطات. انظر: (تك ٢١:١):
+ «فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها». وأيضاً: (تك ٩: ١و٢):
+ «وبارك الله نوحاً وبنيه وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء. مع كل ما يدب على الأرض وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم».
وكل المخلوقات الحية هنا إنما ذكرت على سبيل المثال «لكل شيء» لسيادة الإنسان على الطبيعة التي كانت فعلا وبجدارة، فأخضعها الإنسان ومارس سلطانه على كل الخليقة سواء التي استؤنست أو التي اصطيدت وصارت في خدمته. وكما يقول دارون العالم المشهور: حتى وفي حالته البدائية كانت سيادة الإنسان على كل الحيوانات التي ظهرت على الأرض. وفي أيامنا هذه بعد بحوث كثيرة بحسب القوانين العليا التي للطبيعة وباستخدام القوى الطبيعية العظمى أثبت الإنسان وامتد بسيادته وسلطانه على الجميع.
۹ – «أيها الرب سيدنا، ما أمجد اسمك في كل الأرض»:
نعم وكيف يختم صاحب هذه المزامير كلامه وتأملاته البديعة إلا وبنفس عبارات الاستفهام الوقورة والعجيبة، وبنفس الكلمات التي ابتدأ بها وهي مكررة بتعظيم أكثر بعد أن مرّ على كل الحقائق التي هي بذاتها تعلن فعلا أمجاد الله الفائقة.
تفسير مزمور 7 | مزمور 8 | تفسير سفر المزامير | تفسير العهد القديم | تفسير مزمور 9 |
القمص متى المسكين | ||||
تفاسير مزمور 8 | تفاسير سفر المزامير | تفاسير العهد القديم |