رو5: 17 لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد…

 

لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!“(رو5: 17)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيرا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” (رو5: 17).

ما يقوله يعني الآتي: بماذا تسلح الموت ضد البشرية؟ تسلح بأن إنسانا واحد فقط أكل من الشجرة، فإذا كانت هذه السيادة الكبيرة بسبب خطية واحدة، قد أدت إلى الموت، فكيف يصبح من الممكن أن يكون هناك أناس تحت حكم الموت وقد حصلوا على نعمة وبر أعظم بكثير من الخطية الأولى، الأمر الذي جعله لا يقول فقط “نعمة”، بل “فيض النعمة”؟ لأننا لم نحصل على قدر بسيط من النعمة يكفي فقط لمحو الخطية، بل حصلنا على فيض النعمة. لأنه بالحقيقة قد أنقذنا من الجحيم، وابتعدنا عن الشر، وولدنا مرة أخرى من الله، بل وأقامنا، مادام أن إنساننا العتيق قد دفن، وخلصنا، وتبررنا ، وصرنا أبناء، وتقدسنا وأصبحنا اخوة للابن الوحيد الجنس، وورثة معه، واتحدنا معه في جسد واحد، وإلى هذا الجسد نحن ننتمي، وكما أن الجسد متحد بالرأس، هكذا اتحدنا نحن أيضا به (أي بالابن).

كل هذا دعاه الرسول بولس ” فيض النعمة ” مظهرا هكذا أننا لم نحصل فقط على ما يضمد الجرح، لكن حصلنا على شفاء وجمال وكرامة، وعلى رتب تفوق كثيرا طبيعتنا الفانية. وكل أمر من هذه الأمور، كان كافيا وحده أن يبطل الموت، إلا أنه عندما يتضح أن كل هذه الأمور قد ساعدت معا في إبطاله، فلن يكون له أثر بعد ذلك، ولن يكون ممكنا أن يخيم بظلاله حولنا، طالما أنه قد انتهى كلية. تماما كما لو أن شخصا قد وضع آخر في السجن لأنه مديون له بعشرة فلسات، وليس هذا فقط، بل ووضع في السجن أيضا زوجته وأولاده وخدامه، بسبب هذا الدين، ثم أتى شخص آخر ودفع ليس فقط عشرة فلسات، بل ومنح آلاف العملات الذهبية ، وقاد السجين إلى الحاشية الملكية وإلى عرش السلطة العليا، وجعله شريكاً ي الكرامة السامية وفي الأمور الأخرى المشرقة، فيصير من غير الممكن أن يتذكر بعد ذلك الفلسات التي اقترضها . هذا ما حدث لنا، لأن المسيح دفع أكثر جدا من قيمة الدين الذي كان علينا. وما دفعه كان عظيما جدا ، بقدر اتساع البحر ما قورن بنقطة ماء صغيرة . إذا ينبغي عليك أيها الإنسان ألا تشك في شيء عندما ترى كل هذا الغنى الوفير من الخيرات، ولا تفحص كيف انطفأت شرارة الموت والخطية، عندما غمر هذا البحر الكبير من الهبات الوفيرة هذه الشرارة المتقدة. وهذا ما أشار إليه القديس بولس قائلاً: “الذين ينالون فيض النعمة وعطية البرسيملكون في الحياة”.

3 . ولأنه قد برهن على هذا بكل وضوح (أي أن أولئك الذين ينالون فيض النعمة سيملكون في الحياة)، فإنه يقدم نفس الرؤية السابقة مرة أخرى مؤكدا عليها من خلال التكرار، بقوله إن كان بخطية واحد قد أدين الكثيرون، فقد تبرروا للحياة بالواحد. ولهذا يقول:

” فإذا كما بخطية واحد صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة ” (رو5: 18).

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

عاد ليؤكد مرة أخري أنه لا وجه للمقارنة بين الضرر الذي أصابنا من الخطية مهما بلغ بالنسبة للخير الذي ننعم به خلال برّ المسيح ونعمته، إذ يقول: “لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد، فبالأولي كثيرًا الذين ينالون فيض النعمة، وعطية البرّ سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” [17].

يشرح القديس يوحنا الذهبي الفم هذه العبارة موضحًا أن الرسول لم يقل هنا “النعمة” بل “فيض النعمة“، لأننا لم ننل بنعمته زوال الخطية فحسب وإنما نلنا ما هو أكثر:

أ . نلنا التحرر من العقاب.

ب . التحرر من الشر.

ج . الميلاد الجديد من فوق (يو 3: 3).

د. القيامة أو الحياة المقامة.

وهبنا الخلاص والتبني والتقديس، فصرنا إخوة للابن الوحيد الجنس، وشركاءه في الميراث، وحُسبنا جسدًا له وهو الرأس، وهكذا اتحدنا به.

هذا كله دعي الرسول بولس أن يقول: ” فيض النعمة” مظهرًا إن ما نلناه ليس مجرد دواء لتضميد الجراحات وإنما للتمتع بالصحة والسلامة والكمال والكرامة والمجد، الأمور التي تفوق طبيعتنا. كل عطية من هذه كفيلة أن تنزع عنا الموت، أما كونه يهبنا هذا كله، فهذا يعنى أنه لم يعد للموت أدنى أثر أو ظل.

يقول القديس الذهبي الفم أننا في هذا نشبه إنسانًا مدينًا بعشر وزنات وإذ لم يكن له ما يوفي الدين سجن هو وزوجته وأولاده، فجاء آخر لا ليسدد الدين فحسب، وإنما ليهبه عشرة آلاف وزنة ذهبية، ويقوده من السجن إلي العرش، ويهبه سلطانًا عظيمًا، ويجعله شريكًا معه في الأمجاد العلوية وكل عظمة، حتى لم يعد بعد يذكر موضوع الدين. هكذا يدفع لنا السيد أكثر مما علينا، نعم قدر ما يتسع محيط بلا حدود مُقارنًا بحفرة صغيرة.

لقد غطت هبات الله علي موضوع الخطية والموت، فصار يشغلنا عظم فيض نعمته الخاصة بالحياة الأبدية.

يحدثنا القديس جيروم علي بركات فيض نعمة المسيح أو عمل إنجيله الذي يهدم موت الخطية، قائلاً: [أما تحت المسيح ـ أي تحت إنجيله ـ ففُتح لنا باب الفردوس وصار الموت مصحوبًا بالفرح لا بالغم.]

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (17): “لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح.”

قدم المسيح خيراً كثيراً، أكثر بكثير مما سببه سقوط آدم والخطية:-

فيض النعمة= 

1.  نلنا التحرر من العقاب. 

2.  نلنا التحرر من الشر.

3.  الميلاد الجديد.

4.  الحياة المقامة. 

5.  صرنا إخوة للإبن وشركاء الميراث. 

6.  إتحدنا به.

7.  صرنا أبراراً.

8.  صارت لنا حياة المسيح. 

9.  غَرَسَ النعمة في حياتنا. 

10. الله لم يمنح البراءة فقط من الخطية بل التبرير (راجع المقدمة عن التبرير).

11. صرنا هياكل للروح القدس ومنزلاً للآب والإبن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى